اليوم الأخير لغريغور في السجن
مرت الأيام والأسابيع، ووصل اليوم الذي طالما كان غريغور ينتظره. كان هذا يوم خروجه من السجن. بالنسبة لغريغور، كان هذا اليوم نهاية حقبة وبداية جديدة، لكنه كان يعلم أن عبود لا يزال لديه طريق طويل في السجن.
غريغور (بصوت هادئ وجاد): "اليوم هو يومي، عبود. ولكن هذا ليس وداعًا نهائيًا. ستخرج من هنا يومًا ما، وستكون أقوى مما كنت عليه من قبل."
عبود (بصوت مليء بالمشاعر المتناقضة): "أنت تتركني هنا يا غريغور، لكنني ممتن لكل ما علمتني إياه. لا أعلم كيف سأمر بهذه الأيام بدونك."
ابتسم غريغور قليلًا ونظر إلى عبود بنظرة مطمئنة.
غريغور (بنبرة هادئة لكن مليئة بالثقة): "عبود، الطريق أمامك ليس سهلًا، لكنني أعلم أنك قادر على مواجهته. لقد تعلمت الكثير خلال هذه الفترة، وأنا واثق أنك ستكون قادرًا على استخدام كل ما تعلمته لتغيير حياتك."
عبود لم يكن يستطيع إخفاء مشاعره. لقد ارتبط بغريغور بشكل وثيق خلال تلك السنوات في السجن، ورغم أن عالم الجريمة الذي كشفه له كان غريبًا وخطيرًا، إلا أن غريغور كان بمثابة معلم وأخ له.
عبود (بصوت منخفض): "وماذا عنك؟ ماذا ستفعل الآن؟"
غريغور (مبتسمًا): "لدي خطط كبيرة يا عبود. سأعود إلى ألمانيا، وسأعيد بناء حياتي. لن يكون الأمر سهلاً، لكنني دائمًا ما أجد طريقي. أما أنت، فأريدك أن تتذكر شيئًا مهمًا."
ثم توقف غريغور لوهلة، لينظر إلى عبود بعينين مليئتين بالحزم والجدية.
غريغور (بصوت منخفض وجاد): "بعد سنة من الآن، ستحصل على زيارة من شخص ما. هذا الشخص سيعطيك التعليمات التي ستحتاجها لمغادرة السجن دون أن يتم ترحيلك إلى سوريا. لدي أصدقائي وشركائي في الخارج، وسيهتمون بكل شيء. كل ما عليك فعله هو أن تكون جاهزًا."
عبود (بدهشة): "شخص؟ من هو؟ وكيف سأعرفه؟"
غريغور (بغموض): "لن أقول لك كل شيء الآن، لكنه شخص موثوق. عندما يأتي، ستعرف. فقط تأكد من أن تكون مستعدًا عندما يحين الوقت."
توقف غريغور لوهلة، ثم وضع يده على كتف عبود.
غريغور (بصوت عميق): "عبود، لقد عشت حياة مليئة بالمخاطر، وعلمتني أن العالم لا يرحم. عليك أن تكون ذكيًا، وأن تعرف كيف تتعامل مع الناس. ستحتاج إلى أن تكون قوياً جسديًا، ولكن الأهم هو أن تكون قويًا في عقلك. تذكر دائمًا أن العالم الرقمي هو مفتاحك."
كانت الكلمات الأخيرة من غريغور تعني الكثير لعبود. لقد تعلم الكثير من غريغور، ليس فقط عن البرمجة والهاكر، بل عن كيفية النجاة في عالم قاسٍ لا يرحم.
عبود (بصوت مليء بالامتنان): "شكرًا لك، غريغور. شكرًا لكل شيء."
ابتسم غريغور للمرة الأخيرة، ثم استدار وخرج من الزنزانة، تاركًا عبود خلفه في مواجهة مستقبل غير مؤكد، لكنه مليء بالفرص.
بعد رحيل غريغور، جلس عبود في زاوية الزنزانة، يفكر في كل ما مر به خلال السنوات التي قضاها مع غريغور. لم يكن لديه الكثير من الأصدقاء في السجن، وغريغور كان الشخص الوحيد الذي ساعده على رؤية الحياة من منظور مختلف.
عبود (يفكر بصمت): "لقد علمني غريغور الكثير... لكن الآن يجب أن أجد طريقي."
مرت الأيام ببطء بعد مغادرة غريغور. عبود استمر في ممارسة الرياضة للحفاظ على قوته الجسدية، وقرأ المزيد من الكتب عن البرمجة والهاكر كلما استطاع الحصول على شيء جديد. كان يعرف أن غريغور لم يكن يكذب بشأن الخطة، لكن كان عليه الانتظار، والانتظار كان أصعب جزء.
مرت الأشهر، ومع مرور الوقت، بدأ عبود يشعر بأن الساعة تدق. كان كل يوم يقترب من اليوم الذي وعده به غريغور. لكن عبود كان يعلم أن عليه أن يكون مستعدًا لكل الاحتمالات.
استمر في الحفاظ على لياقته البدنية والعقلية، وكان يشعر بأن عقله ينضج يومًا بعد يوم. علم أن فرصته في الهروب والبدء من جديد لن تأتي بسهولة، لكنه كان مستعدًا لأن يفعل كل ما يلزم ليحقق حريته.