الفصل الرابع والثلاثون: المواجهة الغامضة

عبود، الذي مر بالكثير من التحولات النفسية والجسدية منذ أيامه الأولى في السجن، لم يعد ذلك الشاب الخائف الذي يهرب من مواقف المواجهة. الآن، كان يعرف أن الحياة قاسية، وأن القتال أصبح جزءًا من كيانه. فجأة، بينما كان ينحني ليرتب أغراضه الأخيرة على الشاطئ، سمع صوتًا غريبًا خلفه


"عبود... تعال إلى هنا."


التفت عبود ببطء، محاولاً فهم هذا الرجل الذي ظهر فجأة في طريقه. كان الرجل طويل القامة، ملامحه قاسية، وعيناه مليئتان بالتهديد. بدا وكأنه شخص اعتاد على العنف والسيطرة، لكن عبود لم يكن على استعداد لأن يخضع له بسهولة.


عبود (بصوت ثابت ومشحون بالعزم): "من أنت؟ وماذا تريد مني؟"

تقدم الرجل ببطء نحو عبود، مشيرًا إليه بيده بطريقة آمره. كانت خطواته محسوبة وكأنه واثق تمامًا من سيطرته على الموقف.

الرجل الغامض (بنبرة قوية): "أين هو مفتاح المحفظة الإلكترونية؟"


"لا تلعب معي، عبود. أنت تعرف بالضبط عن ماذا أتحدث. أين هو المفتاح الذي أعطاك إياه غريغور؟"

عبود تجمد للحظة، لكنه أبقى وجهه هادئًا بلا تعبيرات تدل على الارتباك. لم يكن لديه أي فكرة عما يتحدث عنه هذا الرجل، لكن كان واضحًا أن الأمر خطير.


عندما سمع عبود اسم غريغور، انتابته صدمة. كيف يعرف هذا الرجل اسم غريغور؟ ولماذا يعتقد أن غريغور أعطاه مفتاحًا لمحفظة إلكترونية؟ عبود لم يكن يعلم شيئًا عن هذا المفتاح أو عن الأموال التي قد تكون فيه. كانت هذه أول مرة يسمع فيها عن الموضوع.


عبود (بصوت هادئ لكنه محمل بالتحدي): "لا أعرف عن أي مفتاح تتحدث. غريغور لم يعطني شيئًا."

الرجل اقترب بخطوة أخرى، محاولاً فرض وجوده على عبود. كانت نية الهجوم واضحة في عينيه.


الرجل الغامض (بصوت تهديدي): "لا تلعب معي. أعلم أن غريغور أعطاك المفتاح قبل اختفائه. إذا لم تسلمه لي الآن، ستواجه عواقب وخيمة."

عبود لم يكن من النوع الذي يخضع بسهولة. علم أن الأمور قد تتصاعد بسرعة، لكنه كان مستعدًا. بدلاً من التراجع أو الهرب، قام عبود بتجهيز نفسه للمواجهة.

عبود (بصوت ثابت): "إذا كنت تعتقد أنك ستأخذ شيئًا مني بالإجبار، فأنت مخطئ."

بدأ الرجل الغامض يفقد صبره. هجم بسرعة باتجاه عبود، محاولاً إمساكه. لكن عبود، الذي كان مستعدًا لهذه اللحظة، تجنب الهجوم بسرعة ودفع الرجل بعيدًا.


الرجل الغامض (بغضب): "لقد اخترت الطريق الصعب، عبود."

اندلع القتال بينهما بسرعة، وكانت الضربات تتوالى بعنف. عبود استعمل كل ما تعلمه خلال سنوات السجن والقتال للبقاء في السيطرة. الرجل الغامض كان قوياً، لكن عبود كان أذكى وأسرع في تحركاته.


في إحدى اللحظات الحاسمة، تمكن عبود من تجنب ضربة قاتلة بسكين كان الرجل الغامض يحاول غرسها فيه. استغل عبود الفرصة، وأمسك بيد الرجل الغامض ووجهها نحو صدره، مما جعل السكين تخترق جسد الرجل.


عبود (وهو ينظر إلى الرجل الذي يسقط على الأرض): "أخبرني، من أنت؟ ولماذا تطاردني؟"


الرجل الغامض، وهو يتنفس بصعوبة ويكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، تردد للحظة ثم همس بصوت ضعيف: "غريغور... المحفظة...".

وقبل أن يتمكن من قول المزيد، لفظ الرجل أنفاسه الأخيرة. عبود وقف للحظة، ينظر إلى جسد الرجل، محاولاً جمع أفكاره. لم يكن يعرف ماذا كان يقصد هذا الرجل بالمحفظة، ولماذا كان يبحث عنها. كان كل شيء غامضًا.


عبود جلس بجانب الجثة للحظة، يفكر في كل ما حدث. كان يعلم أن غريغور كان لديه سر كبير، لكنه لم يتوقع أبدًا أن يكون هذا السر متعلقًا بمحفظة إلكترونية تحتوي على ثروة. والأهم من ذلك، لم يكن لديه أي فكرة عن مكان هذه المحفظة أو كيف حصل عليها.

عبود (بصوت هادئ): "غريغور... ماذا كنت تخفي؟"

الآن وقد عرف عبود أن هناك منظمة أو أشخاصًا آخرين قد يبحثون عنه، بدأ يشعر بالضغط. لا يمكنه الاستمرار في طريق الهروب بهذه السهولة. كان عليه أن يكون أكثر حذرًا وأن يكتشف بنفسه ما الذي كان غريغور يخفيه بالضبط.

عبود نظر حوله بسرعة. لا وقت للتفكير الآن. كان عليه التحرك بسرعة قبل أن يكتشف أحدهم الجثة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية