بعد أن أنهى عبود المواجهة العنيفة، شعر بالراحة المؤقتة. تنفس بعمق وهو ينظر إلى الرجل الذي أوقعه أرضًا. لكنه حين اقترب منه أكثر لتفقده، لاحظ شيئًا مألوفًا في ملامحه. كانت هناك ندبة على وجهه، تلك الندبة التي لم يكن يتوقع رؤيتها مجددًا.
عبود (بصوت متفاجئ ومذهول): "لا... هذا غير ممكن!"
أمعن النظر في وجه الرجل الذي كان ملقى على الأرض. لقد عرفه جيدًا، هذا هو نفس الرجل الذي واجهه في مدينة إزمير، والذي كان يظن أنه قتله في تلك المواجهة قبل أن يهرب على متن القارب. عبود كان واثقًا وقتها أنه تركه خلفه ميتًا، لكن الآن، ها هو ذا، حيٌ يُرزق.
عبود (بين نفسه، محاولاً جمع أفكاره): "كيف نجا؟ وكيف وصل إلى هنا؟"
بدأت الأفكار تتدفق في عقل عبود بسرعة. كان واضحًا أن هذا الرجل ليس هنا بمحض الصدفة. ظهوره الآن يعني شيئًا أكبر بكثير. كان عبود قد ظن أن قصة المنظمة انتهت مع موت غريغور، لكنه الآن بدأ يدرك أن القصة لم تنته بعد. المنظمة لا تزال تراقبه، وتريد شيئًا منه... شيئًا يتعلق بالمحفظة الرقمية التي لم يعرف مكانها حتى الآن.
عبود (بصوت داخلي مليء بالحذر): "المنظمة لم تختفِ... لقد عادت، وهم يعرفون مكاني."
كان هذا الاكتشاف بمثابة صاعقة نزلت على عبود. هو لم يكن مجرد لاجئ يحاول الهروب والنجاة بنفسه، بل كان محور اهتمام منظمة خطيرة تسعى وراء شيء لم يفهمه تمامًا بعد.
جلس عبود للحظات ينظر إلى الرجل الذي تعرض له، وكان هناك العديد من الأسئلة تدور في رأسه. ماذا يريدون بالضبط؟ لماذا عادوا؟ ولماذا هو مستهدف بهذه الطريقة؟
عبود (بين نفسه، بحزم): "إذا كانوا يظنون أنهم سيأخذونني بسهولة، فهم مخطئون. أنا لست نفس الشخص الذي كنت عليه من قبل."
لكن في داخله، كان يعلم أن الأمور ستصبح أكثر تعقيدًا. المنظمة لن تتوقف هنا، ولن تتركه في سلام. لقد عادوا، والآن يجب عليه أن يكون أكثر حذرًا وذكاءً.
بعد المواجهة العنيفة مع الرجل الغامض، أدرك عبود أن الوقت ليس في صالحه. كان من الممكن أن تصل الشرطة في أي لحظة، وكان عليه أن يبتعد قبل أن يجد نفسه عالقًا في تحقيق لا نهاية له. بلمح البصر، قرر الابتعاد بسرعة. صعد إلى سيارته وأدار المحرك بعجلة، تاركًا مكان الحادثة خلفه.
عبود (بين نفسه، وهو يقود بسرعة): "لا يمكنني البقاء هنا. الشرطة لن تفهم ما يحدث، وسأكون المشتبه الأول."
كانت أضواء الشوارع تمر بسرعة أمامه بينما كان يقود نحو مكان آمن. كل ما كان يدور في ذهنه هو سؤال واحد: "لماذا عادوا؟".
بعد أن ابتعد مسافة كافية عن مكان الحادثة، توقف عبود جانب الطريق، وأخذ نفسًا عميقًا. كان بحاجة إلى التحدث إلى شخص يثق به. أمسك هاتفه بسرعة، وبدأ بالبحث عن رقم أورورا. كان يعلم أن الوقت قد حان لإخبارها بكل شيء.
عبود (بصوت متهدج، وهو يتصل): "أورورا... يجب أن تعلمي بما حدث."
انتظر للحظات قبل أن تسمع صوت أورورا في الطرف الآخر من الخط.
أورورا (بصوت قلق): "عبود؟ ما الأمر؟ تبدو مضطربًا."
عبود (بصوت جاد ومشحون بالتوتر): "أورورا، أنا بحاجة لأن تكوني حذرة. الأمور أصبحت أكثر خطورة مما كنا نتوقع. لقد تعرضت لهجوم الليلة."
أورورا (بدهشة وخوف): "هجوم؟ ماذا حدث؟ هل أنت بخير؟"
عبود (بصوت محمل بالحذر): "أنا بخير، ولكن الأمر ليس كما تظنين. الرجل الذي هاجمني... هو نفسه الرجل الذي كنت أظن أنني تركته ميتًا في إزمير. المنظمة عادت، وهم يبحثون عن شيء مهم، ربما عن المحفظة الرقمية."
أورورا (بصوت مضطرب): "المحفظة؟ ما الذي تقصده؟
عبود (بصوت مليء بالشكوك): "لا أعرف كل التفاصيل، ولكن يبدو أن غريغور كان يخفي شيئًا أكبر بكثير مما كنا نتخيل. هؤلاء الناس لن يتوقفوا حتى يحصلوا عليه، وأنتِ قد تكونين في خطر أيضًا."
كان بإمكان عبود سماع القلق في صوت أورورا، لكنه كان يعلم أن هذا التحذير كان ضروريًا. كانت أورورا جزءًا من هذا اللغز الآن، وكان عليه أن يضمن سلامتها.
أورورا (بصوت متردد): "ماذا يجب أن نفعل؟ هل تعرف أين هم الآن؟"
عبود (بهدوء ولكن بحزم): "لا، لكنني أعلم أنهم يراقبوننا. عليكي أن تكوني حذرة، أورورا. لا تثقي بأي شخص بسهولة، ولا تذهبي إلى أي مكان وحدك. سأحاول معرفة المزيد، لكن حتى ذلك الحين، يجب أن تكوني مستعدة لأي شيء."
أورورا (بصوت مرتبك): "هذا مخيف... لكنني أثق بك، عبود. فقط احترس أنت أيضًا."
بعد أن أغلق عبود المكالمة، جلس للحظات في سيارته، يفكر في كل ما حدث. كانت الأسئلة تتوالى في عقله. لماذا عادت المنظمة الآن؟ وما الذي يجعلهم يبحثون عن تلك المحفظة بهذه القوة؟ كان يعلم أن الوقت ينفد، وأنه يجب عليه التحرك بسرعة.
عبود (بين نفسه، بحزم): "الوقت ليس في صالحنا. يجب أن أكتشف الحقيقة قبل فوات الأوان."
أدار محرك السيارة مرة أخرى، وانطلق في الظلام، وذهنه مليء بالخطط والأسئلة.