جلس عبود في شقته المتواضعة في برلين، محاطًا بالتوتر والحيرة. كانت مشكلته واضحة؛ عليه أن يجمع 40 ألف دولار لإحضار ليلى إلى ألمانيا. كان قد حاول كل شيء، حتى طلب المساعدة من صديقه عباس، لكنه لم يتمكن من جمع المبلغ المطلوب. بدا أن الأمل الوحيد الآن هو الحصول على دفعة مقدمة من عمله في الشركة.
لكنه كان يعرف أن طلب المال من أورورا ليس بالأمر السهل. لقد كانت صارمة، حازمة، ولم يكن يريد أن يظهر أمامها وكأنه ضعيف. جلس على السرير، يفكر في الطريقة المناسبة لطرح الموضوع، وقرر أنه لا يملك خيارًا آخر.
عبود (بين نفسه): "لن أخسر شيئًا، إنها فرصتي الوحيدة. سأذهب وأتحدث معها بصدق. ربما تفهم موقفي."
المشهد الثاني: اللقاء في المكتب
في اليوم التالي، اتصل عبود بمكتب أورورا طالبًا لقاءً خاصًا. كانت أورورا مشغولة بالاجتماعات، لكن عندما سمعت أن عبود يريد لقاءً، وافقت. وصلت الرسالة إلى عبود وهو في مكتبه الصغير بالشركة، فنهض بسرعة واتجه نحو مكتبها.
عندما دخل إلى مكتبها، كانت أورورا تجلس خلف مكتبها الضخم، ترتدي نظارات القراءة وتراجع بعض الملفات. نظرت إليه باهتمام عندما دخل.
أورورا (بصوت هادئ وجاد): "عبود، ما الذي يدفعك لطلب لقاء عاجل؟ هل هناك مشكلة في العمل؟"
جلس عبود على الكرسي المقابل، يحاول أن يلتقط أنفاسه قبل أن يتحدث. شعر أن اللحظة مليئة بالتوتر، لكنه عرف أن عليه أن يتحدث بصدق.
عبود (بصوت متردد في البداية): "في الحقيقة، أحتاج إلى مساعدة... مساعدة مالية."
رفعت أورورا حاجبها قليلاً، مفاجأة بهذا الطلب. لم يكن عبود من النوع الذي يطلب شيئًا كهذا بسهولة.
أورورا (بصوت متسائل): "مساعدة مالية؟ ولماذا تحتاج إلى هذا المبلغ؟"
شعر عبود بأن هذه اللحظة قد تكون حاسمة. لم يكن يرغب في إظهار ضعفه، لكنه عرف أن عليه أن يكون صادقًا معها. أخذ نفسًا عميقًا، وبدأ في سرد قصته مع ليلى.
عبود (بصوت منخفض وحزين): "الأمر ليس سهلاً بالنسبة لي... هناك شخص مهم في حياتي، ليلى. هي الفتاة التي أحببتها منذ سنوات طويلة، قبل أن تبدأ الحرب في سوريا. كنا نحلم بحياة أفضل، وكنا نخطط للزواج. ولكن الحرب فرقت بيننا."
توقفت أورورا عن مراجعة الملفات، وبدأت تستمع بجدية أكثر. شعرت أن هناك شيئًا أكبر في حديث عبود.
عبود (بتنهيدة عميقة): "بعد كل ما مررت به... الحرب، الهروب، السجن، وعبور الحدود... كنت دائمًا أفكر في ليلى. هي السبب الذي جعلني أستمر. لكن الآن، لأتمكن من جلبها إلى ألمانيا، عليّ أن أدفع مهرها ومصاريف سفرها. والدها طلب 20 ألف دولار كمهر، بالإضافة إلى مصاريف أخرى، وهذا مبلغ لا أستطيع تحمله الآن."
صمت للحظة، ثم نظر إلى أورورا مباشرة في عينيها.
عبود (بصوت صادق): "أحتاج إلى دفعة مقدمة من راتبي. سأعمل بجد لأرد هذا المال، لكنني لا أستطيع أن أترك ليلى هناك. لقد عانت بما يكفي."
استمعت أورورا إلى عبود بصمت، ورغم أنها كانت صارمة عادة، شعرت بشيء مختلف في هذه اللحظة. كان حديثه مليئًا بالصدق، ولم يكن هناك شك في حبه الكبير لليلى. لكنها لم تكن تتيح عواطفها تظهر بسهولة.
أورورا (بصوت حازم لكن غير قاسٍ): "لماذا لم تخبرني من قبل عن هذا الأمر؟"
ترددت الكلمات في حلق عبود للحظة، لكنه قرر أن يكون صريحًا.
عبود (بصوت منخفض): "لم أكن أريد أن أبدو ضعيفًا. لقد مررت بالكثير، وكنت أعتقد أنني أستطيع تحمل كل شيء بمفردي."
أورورا نظرت إليه لبضع ثوانٍ، ثم وضعت نظاراتها جانبًا. شعرت بشيء من التعاطف، ولكنها لم تظهره بشكل واضح. كان عبود شخصًا عمل بجد في الشركة، ولم يكن من النوع الذي يطلب المساعدة بسهولة.
أورورا (بتنهيدة خفيفة): "أعلم أن الحياة لم تكن سهلة بالنسبة لك، عبود. وأنا أحترم كثيرًا أنك تحملت كل هذا دون أن تطلب المساعدة. لكن هذه ليست مسألة ضعف. الجميع يحتاج إلى المساعدة في بعض الأحيان."
بعد لحظات من التفكير، قررت أورورا أن تساعد عبود. كانت تعرف أن المبلغ الذي يطلبه ليس كبيرًا مقارنة بإمكانيات الشركة، لكنها أرادت التأكد من أنه ملتزم بالعمل.
أورورا (بصوت جاد): "سأعطيك دفعة مقدمة من راتبك. ولكن بشرط أن تلتزم بالعمل بجد كما كنت دائمًا. أنت موظف موهوب، ولا أريد أن تؤثر هذه الأمور على أدائك."
شعر عبود بالراحة الشديدة بعد سماع كلماتها، لكنه أيضًا شعر بمسؤولية كبيرة على عاتقه. وقف وشكرها بامتنان.
عبود (بصوت مليء بالامتنان): "أشكركِ، أورورا. لن أنسى هذا أبداً، وأعدك أنني سأعمل بكل جهد لأثبت لكِ أنك لم تخطئي في مساعدتي."
أومأت أورورا برأسها بهدوء.
أورورا (بابتسامة خفيفة): "حافظ على وعدك، عبود."
غادر عبود مكتبها وهو يشعر بارتياح كبير، لكنه كان يعلم أن المسؤولية الآن أصبحت أكبر عليه.