بعد المواجهة العنيفة مع علي، قرر عبود أن الخطوة التالية في رحلته نحو الحرية هي الوصول إلى إزمير. كان يعلم أن إزمير هي المدينة التي يتجمع فيها العديد من اللاجئين الذين يحاولون الهرب إلى اليونان عبر البحر. سمع الكثير عن الرحلات المحفوفة بالمخاطر التي تنطلق من هناك، لكنه لم يكن لديه خيار آخر.
جلس عبود في مكانه يفكر في كيفية الوصول إلى إزمير بأمان دون أن يلفت انتباه السلطات أو المهربين الآخرين. لم يكن يثق بأي شخص بعد مواجهته مع علي، وكان عليه أن يتصرف بحذر شديد.
عبود (محدثًا نفسه): "إزمير... الخطوة الأولى نحو أوروبا. سأجد طريقي إلى هناك، ولكن هذه المرة، سأكون أكثر حذرًا."
قرر عبود أن يسافر براً مستخدمًا وسائل النقل العامة، لكن دون لفت الانتباه. اشترى تذكرة الحافلة التي ستنقله من إسطنبول إلى إزمير، وكانت الرحلة تستغرق ساعات طويلة، لكنه كان مستعدًا لتحمل العناء طالما كان ذلك سيقربه من حريته.
عندما وصل عبود إلى إزمير، كانت المدينة مليئة بالحركة. اللاجئون والمهاجرون كانوا في كل مكان، والكل يبحث عن طريقة للوصول إلى أوروبا. عرف عبود أن العثور على مهرب جديد سيكون محفوفًا بالمخاطر، لكنه لم يكن لديه خيار آخر.
تجول في الشوارع، يتحدث مع بعض اللاجئين الذين مروا بنفس التجربة. بعضهم كانوا مترددين في التحدث معه، لكن بعد قليل من الوقت، تمكن من جمع معلومات عن بعض المهربين الذين ينظمون رحلات بحرية غير قانونية إلى اليونان.
أحد اللاجئين الذين التقى بهم كان ياسر، وهو شاب فلسطيني يحاول الوصول إلى أوروبا منذ أشهر. كان ياسر يعرف العديد من المهربين في إزمير وكان مستعدًا لمساعدة عبود.
ياسر (مبتسمًا): "إذا كنت تريد الوصول إلى أوروبا، إزمير هي المكان المناسب. ولكن عليك أن تكون حذرًا، المهربون هنا لا يثقون بأحد."
عبود كان يعرف أن عليه التصرف بحذر، لكنه كان مصممًا على إتمام رحلته.
بعد أيام من البحث، حصل عبود على اسم مهرب جديد يدعى "جمال"، والذي كان معروفًا بتنظيم رحلات بحرية غير قانونية عبر قوارب صغيرة إلى الجزر اليونانية. لكن جمال لم يكن مثل علي؛ كان معروفًا بأنه قاسٍ ومستعد لفعل أي شيء لتحقيق مكاسبه المالية.
قرر عبود الاتصال بجمال وترتيب لقاء معه. عندما التقيا، كان جمال يجلس في مقهى صغير على شاطئ البحر، ينظر إلى الأمواج التي ستأخذهم إلى أوروبا.
جمال (بنبرة باردة): "سمعت أنك تبحث عن طريقة للوصول إلى اليونان. الأمر ليس سهلاً ولا رخيصًا."
عبود (بثقة): "أعرف ذلك. لكنني لست هنا للمساومة على المال. أريد أن أضمن سلامتي."
جمال (مبتسمًا): "السلامة؟ هذا شيء لا يمكنني ضمانه في هذه الرحلات. كل ما يمكنني فعله هو أن أعدك بمكان في القارب، والباقي يعتمد عليك وعلى الحظ."
عبود لم يكن يثق بجمال تمامًا، لكنه كان يعلم أن الوصول إلى أوروبا يتطلب المخاطرة. وافق على الصفقة، وبدأ جمال في شرح الخطة.
أخبر جمال عبود أن الرحلة ستنطلق في غضون يومين، وأن عليه أن يستعد للانطلاق في أي لحظة. كان القارب صغيرًا ومتهالكًا، وسيكون مليئًا باللاجئين. كان عبود يعرف أن البحر يمثل خطرًا كبيرًا، لكن لم يكن لديه خيار آخر.
بدأ عبود في التحضير للرحلة، وتوجه إلى أحد الأسواق في إزمير لشراء بعض الحاجيات البسيطة التي قد يحتاجها. في نفس الوقت، كان يفكر في طريقة لحماية نفسه في حال ساءت الأمور على متن القارب. تذكر المواجهة التي حدثت مع علي، وكيف تمكن من النجاة، وكان يعرف أن قوته البدنية وعزيمته ستكون مفتاح نجاحه مرة أخرى.
عبود (محدثًا نفسه): "إذا نجوت من البحر، سأصل إلى أوروبا. هذه فرصتي الوحيدة."
في الليلة التي سبقت الرحلة، التقى عبود مع جمال مرة أخرى، لكن هذه المرة كان اللقاء في مكان سري بعيد عن أعين السلطات. رأى عبود اللاجئين الآخرين الذين كانوا يستعدون للرحلة. كان الخوف والقلق باديين على وجوههم، لكنهم لم يكن لديهم خيار آخر سوى متابعة الرحلة.
جمال (بنبرة صارمة): "غدًا، ستنطلقون في أولى رحلاتكم. البحر ليس لعبة، لذا عليكم أن تكونوا مستعدين لكل شيء."
عبود كان هادئًا من الخارج، لكنه كان يشعر بتوتر شديد. لم يكن يخاف البحر بقدر ما كان يخاف الخيانة من جمال أو أي مهرب آخر. كان يعلم أن هؤلاء المهربين لا يهتمون إلا بالمال، وقد يتركون اللاجئين لمصيرهم في وسط البحر.
عبود (بصوت خافت لنفسه): "سأبقى يقظًا. لن أسمح لهم بخداعي أو الاستفادة مني."
في اليوم التالي، تجمع اللاجئون على الشاطئ بانتظار القارب. كان الوقت قد حان للرحيل. كان عبود يقف بجانب جمال، يتأكد من أن كل شيء يسير وفق الخطة.
لكن عبود كان يعرف أن هذه الرحلة ستكون محفوفة بالمخاطر. ليس فقط بسبب الأمواج العاتية التي تنتظرهم في البحر، ولكن أيضًا بسبب الطبيعة القاسية لجمال والمهربين الآخرين.