كان عبود جالسًا في الغرفة مع أورورا، وعيناه تركزان على الوشم الغامض على ظهره. فكرة أن هذا الوشم ليس مجرد رسمة عبثية، بل يحمل سرًا خطيرًا، بدأت تتضح ببطء. عبود لم يكن يعتقد أن غريغور كان يعبث عندما وشم ظهره في السجن، وكان يشعر أن الإجابة باتت قريبة.
عبود (بتفكير عميق): "هذه النقاط والخطوط... أظن أنها ليست مجرد وشم عادي. أعتقد أن غريغور كان يحاول إخفاء شيء هنا."
أورورا نظرت إليه بدهشة. لم تكن تعرف الكثير عن شفرات موريس، لكنها شعرت أن هناك شيئًا مألوفًا في تلك الرموز, وقالت يمكن ان تكون شفرة موريس
أورورا (بصوت قلق): "لكن ماذا قد يكون؟ لماذا يخفي والدي شيئًا كهذا على وشم؟"
عبود بدأ يتعمق في تحليل الرموز. بدأ بفك الشفرة نقطة تلو الأخرى، وكان يتحدث بصوت مرتفع أثناء محاولته ربط النقاط والخطوط.
عبود (بتركيز): "النقاط والخطوط هذه... إنها شفرة موريس. كل نقطة تمثل حرفًا، وكل خط يمثل رقمًا. دعيني أحاول فك الشفرة."
بدأ عبود يفك الشفرة ببطء. النقاط والخطوط بدأت تعطي معنى، وكان عبود يكتب الحروف والأرقام على ورقة أمامه.
عبود (مندهشًا): "أ...و...ر...و...ر...ا... إنه اسمك، أورورا."
توقفت أورورا عن التنفس لبرهة، وبدت الصدمة على وجهها. لم تتوقع أن والدها قد أخفى اسمها في الوشم الذي وُضع على جسد عبود.
أورورا (بصوت منخفض): "اسمي؟ لماذا يخفي والدي اسمي هنا؟"
عبود لم يتوقف، بل استمر في فك الشفرة حتى وصل إلى سلسلة أرقام بجانب اسم "أورورا".
عبود (مفكرًا): "وهذه الأرقام... تبدو مألوفة. إنها ليست مجرد أرقام عشوائية."
بينما كانت أورورا تحاول فهم ما يحدث، بدأت تستعيد ذكرياتها مع والدها. تذكرت التواريخ المهمة التي كان والدها دائمًا يتحدث عنها. لم تستطع تجاهل الشعور بأن الأرقام في الشفرة لها علاقة بتلك التواريخ.
أورورا (بتفكير عميق): "عبود... أعتقد أن هذه الأرقام هي تاريخ ميلادي. والدي كان دائمًا يردد هذا التاريخ وكأنه مهم بطريقة خاصة."
عبود توقف عن الكتابة ونظر إلى أورورا بدهشة.
عبود (بتعجب): "تاريخ ميلادك؟ إذا كانت هذه الأرقام تتعلق بميلادك، فربما هذا هو الرمز النهائي الذي نحتاجه للوصول إلى المحفظة."
اذا هذه هي شفرة المحفظة؟
رغم فك الشفرة، شعر الاثنان بأن الأمر لا يزال غامضًا. كان هناك جزء مفقود. فقط لأنهم يعرفون الشفرة لا يعني أنهم يمتلكون المحفظة بعد. الأوراق لم تكن في حوزتهم، وكانت المعلومات التي بحوزتهم محدودة.
أورورا (بتوتر): "حسنًا، لقد حصلنا على الشفرة، لكن أين المحفظة؟ لا فائدة من هذه المعلومات إن لم نتمكن من الوصول إليها."
عبود فكر للحظة، محاولاً تذكر أي تفاصيل إضافية قد تساعدهم. تذكر غريغور وكيف كان دائمًا يخفي الأشياء بطرق غير متوقعة.
عبود (بصوت متفكر): "غريغور لم يكن سهلًا. إذا كانت هذه الشفرة تقودنا إلى المحفظة، فلا بد أن هناك مكانًا محددًا أودعها فيه."
أثناء بحثهم عن إجابات، تذكرت أورورا أن والدها كان يحتفظ بمذكرات سرية في مكتبه القديم في بيته. كان غريغور يدون فيها أفكاره وخططه وأحيانًا يترك تلميحات حول أعماله. لم تكن أورورا متأكدة من مكان المذكرات، لكنها علمت أن عليها العودة إلى المكتب القديم للبحث عن أي خيط يقودهم إلى المحفظة.
أورورا (بتفكير): "عبود، أعتقد أن والدي قد يكون أخفى شيئًا في مذكراته. لطالما كان يكتب كل شيء مهم فيها. ربما يجب علينا العودة إلى مكتبه القديم."
عبود (موافقًا): "إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يقودنا إلى المحفظة، فربما يكون في تلك المذكرات. يجب علينا العثور عليها."
قرر عبود وأورورا الذهاب إلى المكتب القديم لغريغور، بحثًا عن أي خيط يقودهم إلى المحفظة الرقمية التي تحتوي على الشفرة المهمة. كان المكتب مغلقًا منذ وفاة غريغور، ولم يزره أحد منذ ذلك الوقت. الجو كان متوترًا وغريبًا، وكأن المكان يحمل في طياته أسرارًا قد تغير مصيرهما.
عندما دخلا المكتب، كان الظلام يسود المكان، ولم تكن هناك أي إشارة توحي بأن هناك شيئًا مخبأً. كانت الكتب القديمة تملأ الأرفف، والأوراق متناثرة على الطاولة. شعرا أنهما أمام مهمة صعبة.
عبود (بهدوء): "هذا المكان... يبدو وكأنه مخبأ لكل أسرار غريغور. علينا أن نكون حذرين ونبحث بعناية."
أورورا (وهي تتجول بعينيها): "أبي لم يكن يترك شيئًا مهمًا في العلن. إذا كان هناك شيء هنا، فسيكون مخفيًا جيدًا."
بدأ الاثنان في البحث بدقة، فتحا الأدراج، قلّبا الكتب، وحتى نظرا خلف الأثاث. كلما مر الوقت، زادت حدة التوتر. كل دليل كان يتلاشى أمامهما، وكأن غريغور لم يترك شيئًا على الإطلاق.
بينما كان عبود يقلب في أحد الأدراج، بدأت أورورا تشعر بالإحباط. جلست على الكرسي الذي كان والدها يجلس عليه في المكتب، وأخذت تنظر إلى عبود وهو مستمر في البحث بعزيمة.
أورورا (بصوت منخفض): "لا أعتقد أننا سنجد شيئًا هنا. ربما كان علينا التفكير في مكان آخر."
عبود توقف عن البحث ونظر إليها. للحظة، شعر بالحزن من أجلها. رغم كل ما حدث، كانت أورورا تتحمل ضغوطًا كبيرة، تبحث عن إجابات لم تستطع الحصول عليها.
بينما كان عبود يتقدم نحو أورورا ليجلس بجانبها، شعرا للحظة بأن كل الضغوط تتلاشى. الجو كان هادئًا في المكتب، وكان الضوء الخافت القادم من النافذة يخلق جوًا من الهدوء الغريب. جلس بجانبها، وكانت مشاعر مختلطة تملأ قلبه.
عبود (بصوت خافت): "أورورا، أنا آسف لأننا لم نجد شيئًا... لكن سنحل هذا اللغز معًا. أنتِ لستِ وحدك في هذا."
نظرت إليه أورورا بعيون مليئة بالامتنان. كانت لحظة مليئة بالصمت، لكن المشاعر بينهما كانت تتكلم بصوت أعلى من الكلمات. ببطء، اقتربت منه أكثر، وعندما تقابلت عيناهما، لم يستطع أي منهما منع نفسه.
في لحظة رقيقة مليئة بالحنين والعاطفة، اقترب عبود أكثر حتى أصبحت شفتيهما على بعد أنفاس قليلة. ثم حدث ما لم يتوقعاه كلاهما – قبلة هادئة، لكنها مليئة بالمشاعر المكبوتة التي كانا يحملانها لبعضهما.
بعد لحظات من الصمت والانغماس في العواطف، عاد الاثنان إلى الواقع. ابتعدت أورورا ببطء، وابتسمت برقة.
أورورا (بصوت خافت): "ربما... كان علينا التفكير في مكان آخر. لكن... أنا سعيدة بأنك معي في هذا."
ابتسم عبود بدوره، مدركًا أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا بينهما، لكنه لم يندم على تلك اللحظة. كانت تلك القبلة تعبيرًا عن دعم غير مشروط وعاطفة عميقة.
بعد أن فقدوا الأمل في العثور على شيء في المكتب، قرروا العودة إلى منزل أورورا. كان الجو مشحونًا بينهما، وكأن هناك تحولًا في العلاقة لم يكن مخططًا له. أثناء قيادتهما السيارة في طريق العودة، لم يتحدثا كثيرًا، لكن كانت هناك طاقة جديدة تسري بينهما.
عندما وصلا إلى المنزل، شعرا أن الطريق نحو حل اللغز لم ينته بعد. عبود كان يعلم أن المحفظة لا تزال مخفية، وأنهم لم يصلوا بعد إلى الحقيقة الكاملة.
عبود (بصوت حازم): "سأستمر في البحث، أورورا. غريغور كان يخفي شيئًا، وسنكتشفه، مهما تطلب الأمر."
أورورا (بثقة): "وأنا معك. لن نتوقف حتى نجد ما كان يخفيه."
كانت الليلة قد ألقت بظلالها، لكن عبود وأورورا كانا مصممين على مواجهة كل ما سيأتي معًا، الآن وقد أصبحت علاقتهما أعمق من مجرد البحث عن إجابات.
بعد أن وصلا إلى منزل أورورا بعد البحث غير المثمر في مكتب غريغور، جلس عبود وأورورا في صالة المنزل، الصمت يلف المكان. كانت اللحظة التي جرت بينهما في المكتب لا تزال عالقة في ذهن عبود، لكنه لم يستطع تجاهل الحقيقة التي كانت تثقل قلبه.
جلس عبود على الأريكة، وأخذ نفسًا عميقًا وهو ينظر إلى أورورا، التي كانت تجلس مقابله. كان يعرف أنه يجب أن يواجه ما حدث بينهما في المكتب، وأن عليه أن يكون صريحًا.
عبود (بصوت جاد، لكنه متردد): "أورورا... ما حدث بيننا في المكتب... لا يمكننا تجاهله، لكني أعتقد أنه كان خطأ. نحن... نحن الاثنين مخطوبان."
نظرت أورورا إليه بصمت للحظة، ثم أومأت برأسها. كانت تعرف أنه محق. كلاهما كان يعيش في حالة من الفوضى والضغوط، وكانت تلك اللحظة بينهما ناتجة عن المشاعر المعقدة التي مروا بها. لكنها كانت تعرف أيضًا أن عليهما مواجهة الواقع.
عبود (بصوت هادئ): "أنا أحب ليلى. لقد عانيت كثيرًا لأكون هنا، وأخطط لجلبها إلى ألمانيا. هي من أريد أن أعيش حياتي معها. لا أريد أن نخدع أنفسنا."
أورورا شعرت بجرح طفيف في قلبها، لكن لم يكن هذا شيئًا غير متوقع. كانت تعلم منذ البداية أن عبود كان لديه حب قديم، وأن علاقتهما لم تكن مبنية على مشاعر حقيقية بقدر ما كانت على الضغوط التي عاشاها.
أورورا (بتنهيدة خافتة): "نعم، معك حق، عبود. لا ينبغي أن نرتكب هذا الخطأ. نحن كلانا مرتبطان بعلاقات أخرى، ويجب أن نحترم ذلك."
كانت أورورا دائمًا حازمة وقوية، لكنها في هذه اللحظة شعرت بضعف غير معتاد. لم تكن تتوقع أن تتطور الأمور بينهما إلى هذا الحد، لكنها كانت تعلم أن عبود صادق في كلامه، وأنه يريد الوفاء بالتزاماته تجاه ليلى.
أورورا (بنبرة محايدة): "علينا أن نكون حذرين من الآن فصاعدًا. ما حدث كان نتيجة للضغوط التي نمر بها. لا أريد أن تتعقد الأمور أكثر."
نهض عبود من مكانه واقترب من أورورا، وقد وضع يده على كتفها بلطف.
عبود (بابتسامة خفيفة): "أنتِ قوية وذكية، أورورا. سنواصل العمل معًا لحل هذه المسألة. لكن يجب أن نبقى على مسافة صحيحة، من أجل أنفسنا ومن نحب."
ابتسمت أورورا رغم الألم الخفي في داخلها. كان هذا هو القرار الصحيح، رغم أن هناك جزءًا منها كان يتمنى أن تكون الأمور مختلفة.
أورورا (بهدوء): "لن يحدث هذا مجددًا. لنرتب حياتنا ونركز على المهمة التي بين أيدينا."
بعد أن تم التفاهم بينهما، شعر الاثنان بالراحة النسبية. كان هذا الحديث ضروريًا لإنهاء التوتر الذي تشكل بعد تلك اللحظة في المكتب. الآن، كان بإمكانهما المضي قدمًا دون ضغوط غير مبررة.
عاد عبود إلى زاوية أخرى من الغرفة، وأخذ هاتفه ليكتب رسالة إلى ليلى، محاولاً التأكيد على حبّه لها، بينما كانت أورورا تراقب بصمت.
كانت الليلة قد أعطت كل منهما فرصة للتفكير في حياته الخاصة، وعلاقته بالآخر.