الفصل الثاني والثلاثون: المواجهة العنيفة مع المهرب

بعد أيام من البحث والانتظار، وأخيرًا تمكن عبود من تحديد موعد للقاء مع المهرب علي. كان عبود يعرف أن هذا اللقاء سيكون مليئًا بالمخاطر، لكنه كان مصممًا على الحصول على ما يحتاجه بأي طريقة كانت. ذهب إلى الميناء ليلاً حيث يلتقي المهربون بعملائهم، وكان المكان هادئًا بطريقة مريبة. عبود كان مستعدًا لكل الاحتمالات، خاصة وأنه لم يكن لديه نية لدفع أي شيء.

علي (بنبرة متعجرفة): "أهلاً بك، عبود. جاهز للرحلة؟ أين المال؟"


عبود لم يظهر أي تردد في نظرته. كان يعلم أن علي رجل مغرور وجشع، ولن يسمح له بالاستفادة منه بهذه السهولة. لكنه أيضًا كان يعلم أن علي لم يتوقع أبدًا ما سيحدث.


عبود (بهدوء لكن بوضوح): "المال ليس معي، ولن أدفع لك شيئًا. ما سأفعله هو أنني سأرحل من هنا بأي طريقة كانت، ولن تكون هناك نقود."


فاجأت كلمات عبود المهرب علي، الذي كان يتوقع أن يحصل على المال بسهولة كما اعتاد مع الآخرين. بملامح مستفزة ومغرورة، تقدم علي نحو عبود، محاولاً إخافته وتخويفه.


علي (بتحذير): "أنت تظن أنك تستطيع اللعب معي؟ هذا لن يحدث. لا أحد يمر بدون دفع الثمن."


لكن عبود لم يتراجع، فقد كان يعرف أن حياته كلها على المحك الآن. إذا لم يكن قوياً، فلن يخرج من هذه المواجهة سالماً. كان لديه خطة واحدة فقط: القوة والسيطرة. عبود، الذي تعلم الكثير خلال سنواته القاسية في السجن، كان يعرف كيف يتعامل في مثل هذه المواقف.

عبود (بصوت بارد وجازم): "أنا لست كبقية الناس. أنت تستغل الناس وتجني المال من معاناتهم. ولكن اليوم، لن تستغلني."

علي شعر بالغضب وبدأ يرفع صوته ليجذب انتباه حراسه الموجودين على مقربة. لكن قبل أن يستطيع علي التصرف، اتخذ عبود المبادرة.


اندفع عبود بسرعة نحو علي وضربه بقوة على وجهه، مما جعله يتراجع إلى الخلف مذهولاً. لم يكن علي يتوقع هذه المفاجأة من شخص كان يبدو له ضعيفًا في البداية. وسقط المهرب على الأرض وهو يحاول استعادة توازنه.


علي (بغضب ودهشة): "أيها الوغد! كيف تجرؤ؟"

لكن عبود لم يترك له فرصة للرد. اندفع مجددًا، وأمسك بعلي من ملابسه ورفع يده، ووجه لكمة أخرى قوية إلى معدته. وقع علي على ركبتيه وهو يتلوى من الألم.


عبود (بصوت هادئ ولكن حازم): "أنت لن تستغلني ولن تستغل أي شخص آخر بهذه السهولة. إما أن تدعني أرحل الآن، أو ستكون نهاية هذا اللقاء أسوأ بالنسبة لك."


حاول علي أن يتماسك، لكنه كان يشعر بالألم الشديد والخوف. لم يكن معتادًا على مواجهة مثل هذه المواقف. ورغم وجود حراسه على مقربة، كان عبود أسرع وأكثر حزمًا. كان علي يدرك أنه إذا لم يوقف هذا الهجوم الآن، فقد تكون حياته في خطر.


عبود، الذي لم يكن لديه نية لترك الأمور تتصاعد أكثر من اللازم، وقف أمام علي الذي كان مستلقيًا على الأرض يحاول استعادة أنفاسه. كان عبود يعرف أنه لا يجب أن يتمادى في العنف، لكنه كان بحاجة إلى التأكيد على موقفه.

عبود (بصوت جاد): "أنت تعرف الآن أنني لن أكون ضحيتك. سأذهب إلى ألمانيا، سواء بمساعدتك أو بدونها. والآن، أعطني ما أحتاجه لأكمل طريقي."


لم يكن لدى علي خيار. لقد كان منهكًا ومهزومًا، ولم يكن مستعدًا للمزيد من الضرب. أشار بيده إلى إحدى الحقائب التي كانت تحتوي على الوثائق والأموال اللازمة لعبود للانتقال إلى أوروبا. كان يعرف أن عبود قد يتخذ إجراءات أخرى إذا لم يساعده.


علي (بصوت متلعثم): "خذ... خذ كل ما تحتاجه. لكن تذكر، لا تقترب مني مجددًا."


أخذ عبود الحقيبة ووقف للحظة ينظر إلى علي، الذي كان يلتف من الألم. ثم استدار وبدأ بالمغادرة. كان يعرف أن هذه المواجهة كانت حاسمة، لكنه كان مستعدًا لمواجهة المزيد في المستقبل. خطته الآن هي الوصول إلى ألمانيا بأي ثمن، والمهربون مثل علي لن يقفوا في طريقه بعد الآن.

عبود (بصوت داخلي مليء بالعزم): "لقد خطوت أول خطوة نحو الحرية. لن أسمح لأحد أن يقف في طريقي بعد الآن."

ومع الحقيبة في يده وهدفه واضح في ذهنه، انطلق عبود في رحلته نحو الحرية والمستقبل المجهول في أوروبا.
 

بعد مغادرته  وحصوله على المال، كان عبود يشعر بأن الوقت قد حان للتواصل مع ليلى بعد سنوات من الانقطاع. عبود خرج من السجن مؤخراً، ولم يكن قد أخبر حتى صديقه عباس عن رحلته المخطط لها بعد. لكنه كان يشعر أن أول شخص يجب أن يتحدث معه هو ليلى. تلك الفتاة التي لم تغب عن قلبه رغم كل المسافات والسنوات الصعبة.


بينما جلس عبود في زاوية هادئة، حمل هاتفه الجديد يتردد للحظة قبل أن يضغط على زر الاتصال. كانت خمس سنوات من الفراق طويلة جداً. لم يكن يعرف كيف سيكون رد فعل ليلى. هل ما زالت تنتظره؟ هل تغير شيء؟ لكن قلبه دفعه للاتصال، رن الهاتف مرة... مرتين...

ليلى (بصوت مليء بالدهشة):
"عبود؟ هل هذا أنت؟"

كانت نبرة صوتها مليئة بالدهشة والفرح في آن واحد. لقد مرت خمس سنوات طويلة منذ أن سمعت صوته آخر مرة.

عبود (بصوت متهدج مليء بالمشاعر):
"نعم، ليلى. أنا أخيرًا هنا... خرجت من السجن."


عبود شعر وكأن العالم توقف للحظة. استمع إلى صوت ليلى الذي كان ينتظره طويلاً، كأن نهرًا من الذكريات والمشاعر بدأ يجري في قلبه. كان يحمل في داخله الكثير من المشاعر التي لم يستطع التعبير عنها طوال هذه السنوات.


ليلى (بصوت مفعم بالمشاعر):
"يا الله، عبود، لقد كنت قلقة عليك. كل هذه السنوات وأنا لا أعلم كيف حالك. كنت أتواصل مع عباس بين الحين والآخر، لكنه لم يكن يعرف الكثير. كيف حالك؟ كيف تحملت كل هذا؟"


عبود (بصوت هادئ، لكنه مشحون بالألم):
"ليلى، مرت سنوات طويلة عليّ. كل يوم كنت أتساءل إذا ما كنتِ بخير، وإذا كنتِ لا تزالين تنتظرينني. لم أكن أستطيع التواصل معك، لكنكِ كنتِ في ذهني دائمًا."


ليلى (بصوت ممتلئ بالحزن والحنين):
"عبود، لم أفكر في شيء سوى أنني سأراك يومًا ما. كنت أخشى الأسوأ، وكنت أتمنى أن تكون بخير. ماذا حدث لك؟ لماذا لم تحاول الاتصال بي؟"


عبود (بتنهيدة ثقيلة):
"لقد كان السجن جحيمًا يا ليلى. لم أكن أستطيع حتى الاتصال بأي أحد. كل ما كنت أفعله هو التفكير فيكِ وفي يوم نلتقي مجددًا. كنتِ الأمل الذي يجعلني أتحمل كل شيء."


بينما كانت ليلى تستمع إلى عبود وتتعاطف مع معاناته، كان عبود يعلم أن هناك رحلة خطيرة قادمة. لم يكن يريد أن يزيد من قلقها، لكنه كان يعرف أنها بحاجة لمعرفة الحقيقة.


عبود (بصوت متردد، لكنه مصمم):
"ليلى، أنا خارج السجن الآن، لكن لا يزال هناك طريق طويل أمامي. سأغادر تركيا قريبًا. سأحاول العبور إلى أوروبا عبر البحر."


ليلى (بصوت مضطرب، تشعر بالخوف):
"عبود، البحر؟  الكثير من الناس فقدوا حياتهم. أرجوك، فكر مرتين قبل أن تقوم بهذا. لا أريد أن أفقدك بعد أن عدت."


عبود (مطمئنًا، لكنه لا يخفي خطورة الموقف):
"أعلم يا ليلى،  لا أستطيع البقاء هنا بعد الآن. أعدك، سأكون حذرًا، وسأعود إليكِ سالمًا. هذه الرحلة هي الخطوة الأخيرة نحو حياة جديدة لنا."


ليلى كانت تشعر بالفرح لسماع صوت عبود مجددًا، لكنها كانت ممزقة بالخوف من المخاطر التي سيواجهها. لم تستطع إخفاء دموعها وهي تسمع كلامه عن الرحلة الخطيرة.


ليلى (بصوت مليء بالدموع):
"عبود، وعدني أنك ستكون حذرًا. لا أريد أن أفقدك مرة أخرى. خمس سنوات كانت كافية من الفراق."


عبود (بصوت مطمئن):
"أعدك يا ليلى. أنا هنا الآن، وسأفعل كل ما بوسعي لأعود إليك. لم أتوقف عن التفكير بكِ طوال هذه السنوات. أنتِ السبب الوحيد الذي يدفعني للاستمرار. فقط كوني قوية، ونحن سنكون معًا قريبًا."



عبود شعر بالثقل وهو ينهي المكالمة. كانت مشاعره معقدة، مزيج من الشوق والحب والخوف من المجهول. كان يعرف أن هذه قد تكون المرة الأخيرة التي يتحدث فيها مع ليلى قبل أن يخوض المغامرة الخطيرة عبر البحر.


عبود (بصوت دافئ):
"ليلى، سأعود إليك. انتظريني... سنبدأ حياتنا معًا من جديد."

ليلى (بصوت مرتجف):
"أنا هنا، عبود. سأنتظرك. لكن أرجوك، كن حذرًا."

بعد انتهاء المكالمة، جلس عبود في صمت. قلبه كان مليئًا بالمشاعر الثقيلة. لم يكن لديه خيار سوى مواصلة الرحلة، وكانت ليلى تنتظره على الجانب الآخر.



إعدادات القراءة


لون الخلفية