بعد أن ترك جسد الرجل الغامض ممددًا على الأرض، كان ذهن عبود مشوشًا لكن مليئًا بالعزم. كل شيء حوله بدا وكأنه يتحرك ببطء، بينما كان عقله يعيد تشكيل الموقف. الآن ليس هناك وقت للوقوف والتفكير فيما حدث؛ لقد حصل على ما يحتاجه – البقاء على قيد الحياة.
عبود كان يدرك جيدًا أن الهروب من الشاطئ قبل وصول أي شخص آخر هو أولويته الآن. نظر حوله سريعًا، وتأكد من أن الشاطئ ما زال هادئًا إلى حد كبير. القارب الذي كان سيأخذه إلى اليونان بدأ يستعد للإبحار. الوقت ضيق، وإذا تأخر أكثر من ذلك، قد لا يحصل على فرصة أخرى.
عبود (محدثًا نفسه): "لا مجال للتراجع الآن. إذا فاتني هذا القارب، قد لا أجد مخرجًا."
أخذ نفسًا عميقًا، ثم بدأ يتحرك بسرعة نحو القارب. كان الجو مشحونًا بالتوتر، لكن عبود عرف أنه يجب أن يحافظ على هدوئه وتركيزه. كانت الرمال تحت قدميه باردة، والرطوبة في الهواء تزيد من قلقه، لكنه كان يعرف أن هذه اللحظة قد تكون بداية جديدة، أو نهاية لا يرغب فيها.
بينما كان القارب يستعد للانطلاق، عبود كان يراقب المهربين وهم يتفقدون الركاب ويستعدون للرحلة. لم يكن أحدهم يبدو عليه أنه لاحظ ما حدث مع الرجل الغامض. وبما أن المهربين كانوا مشغولين بتنظيم المجموعة، رأى عبود ثغرة صغيرة يمكن أن يستغلها.
توجه عبود نحو القارب بخطوات حذرة، وعندما اقترب، مر بجانب أحد المهربين، الذي لم ينتبه إليه بشكل كبير. عبود أدار وجهه قليلاً وتجنب الاتصال المباشر بالعيون، محاولًا أن يبدو كأنه واحد من الركاب الآخرين.
عبود (بين نفسه): "ابقَ هادئًا. لا تلفت الأنظار إليك."
عندما صعد عبود أخيرًا إلى القارب، شعر بمزيج من الارتياح والتوتر. لم يبدُ على أي أحد أنه لاحظ وجوده غير المعتاد، لكنه كان يعلم أن الهروب إلى اليونان لن يكون بهذه السهولة. جلس في الزاوية الخلفية من القارب، محاولًا الحفاظ على مسافة من الركاب الآخرين.
بينما كان القارب يبتعد عن الشاطئ، بدأ عبود يستعيد شريط الأحداث الأخيرة. من كان هذا الرجل الغامض؟ ولماذا كان يبحث عن مفتاح المحفظة الإلكترونية؟ عبود شعر بالغموض يلف حول كل شيء، لكن الأهم الآن هو الهروب.
عبود (محدثًا نفسه): "غريغور... ماذا كنت تخطط؟ ولماذا أنا عالق في هذا؟"
لم يكن لديه إجابات، لكن عبود شعر بأن هناك شيئًا كبيرًا يخفيه غريغور. ربما كان غريغور قد أعطاه المفتاح دون أن يدرك، أو ربما كان هناك سر آخر لم يعرفه بعد. المهم الآن هو البقاء على قيد الحياة والوصول إلى بر الأمان.
القارب كان يسير بسرعة عبر الأمواج، والماء يتناثر على وجوه الركاب. البعض كانوا يتحدثون بصوت منخفض، بينما آخرون جلسوا بصمت، محاولين التعامل مع الخوف والتوتر الذي يلف الجميع. عبود كان بين الحين والآخر ينظر إلى الحراس والمهربين على متن القارب، متأكدًا من أن أحدًا لم يلاحظ ما حدث مع الرجل الغامض.
لكنه لم يستطع التخلص من الشعور بأن شيئًا ما سيحدث. البحر كان هادئًا، لكن توتره الداخلي لم يهدأ. كان يعرف أن هناك منظمة خلف هذا الرجل الغامض، وإذا كانوا يبحثون عنه بهذه الجدية، فلن يتوقفوا عن مطاردته بسهولة.
مع مرور الوقت، بدأ الشاطئ اليوناني يظهر في الأفق. الأمل بدأ يتسلل إلى قلب عبود، لكنه كان يعرف أن هذا ليس سوى البداية. الوصول إلى اليونان يعني بداية جديدة، لكن أيضًا يعني مواجهة تحديات جديدة.
عبود (بصوت منخفض): "اليونان... الخطوة الأولى فقط."
في تلك اللحظة، اقترب منه أحد الركاب الجالسين بجانبه، وهو شاب سوري آخر كان قد عرفه في المخيم. بدا أن الرجل قد لاحظ بعض التوتر على عبود.
الشاب السوري (بصوت منخفض): "هل أنت بخير؟ تبدو قلقًا."
عبود (بهدوء): "نعم، فقط... أريد الوصول إلى اليونان بأسرع ما يمكن."
عندما وصل القارب أخيرًا إلى شاطئ اليونان، شعر الجميع بالارتياح. بدأ الركاب في النزول من القارب بسرعة، متجهين نحو اليابسة، لكن عبود كان لا يزال يشعر بالقلق. كان يعلم أن الهروب من مطاردة كهذه ليس أمرًا سهلًا، وأن المنظمة التي كانت تلاحقه قد تظهر في أي لحظة.
عبود (بين نفسه): "الآن بدأت المعركة الحقيقية. إذا كان هذا الرجل الغامض قد وجدني، فمن المحتمل أن يكون هناك المزيد منهم."
لكن عبود كان مستعدًا. لم يعد ذلك الشاب الضعيف الذي يخاف من المواجهة. الآن، كان مستعدًا للتعامل مع أي تهديد يأتي في طريقه.