الفصل 47
ناصر : ألن حركتك جدا دنيئة و أسمح لي عزوز حركتك ماتطلع من
ر َّجال
عبدالعزيز تن َّهد وهو يقف عند اإلشارة
ناصر : يعني كيف تجبره ؟ هذا هو بيقهرك وماراح تعرف مين ! وش
أستفدت بس إسم انك زوج بنته ؟ طيب أي بنت ؟ ماتعرف وال راح
تعرف
ِّي
عبدالعزيز : مايقدر يخبي عل بقراه بالعقد
ناصر : حتى هي ماراح تعرف ألن بوسعود اللي بيوقع !
عبدالعزيز : مايهمني تعرف وال ماتعرف
ناصر : وفر ًضا قدروا يخبون اسمها وش بتسوي ؟
عبدالعزيز وشعُور بالقهر من اآلن بدا يتسلل إليه : مستحيل
ناصر : انا اقولك افرض
عبدالعزيز : أستغفر الله ماهو موفقني ابد
ناصر : من فعايلك ، أركد و ال تحط في بالك سلطان وال بوسعود وال
مدري مين ! حط في بالك إسم السعودية و ديرتك واتركهم ماعليك منهم
ِذ أوامرهم لمصلحة هالوطن ال تف ِّكِر
خلهم يسوون اللي يبونه اهم شي تنفِّ
انها لمصلحتهم وكل شي يتس َّهل ، كلها فترة و ارجع باريس ما جاك من
الرياض اال الشقا
عبدالعزيز : وأنت ؟
ناصر : أرجع باريس وبطلب نقل لفرعنا هناك
عبدالعزيز : بديت أف ِّكِر أنهي هالشي واستقر بباريس زي قبل بعيد عن
هالزحمة والقلق
ناصر ويريد أن يُلطف جَّوه : ماهي شينة اثير
عبدالعزيز ضحك بوضع مزاجه المتدحرج لألسفل :
ههههههههههههههههههههههههههه أبد ماعندي مانع تكون زوجتي
ناصر : لو أنك مهِِّجد شياطينك على األقل تحبك وين تلقى بس
ِرع قصِر بوسعود : ماتعجبني حياة الفري
عبدالعزيز يستدير لشا
واختالطها و كلهم أصدقائها وماأعرف وشو هذا زميلي وهذا مثل أخوي
الً!! ناصر : أنت وش يعجبك أص
عبدالعزيز : هذا اللي ناقص بعد أتزوج وحدة تطق حنك مع اللي يسوى
واللي مايسوى
ناصر : أشوى تطمنت أنك للحين عزوز اللي أعرفه
عبدالعزيز : هههههههههههه لهدرجة !! من زمان تعرف رايي بالحريم
وش بيغيره
ناصر : مدري عنك ماعاد نعرف لتصرفاتك
عبدالعزيز : بس قناعاتي ماتتغير ! ُعمرها الرخيصة ماتكبر في عيني
،
ماذا تُريد الجوهرة من والدها ؟ هل ستُخبره ؟ كيف ستُخبره ؟ و هل
سي ُكون بحضور سلطان ؟ مستحيل أن تتجرأ ؟ هي جبانة ال تقوى على
الحديث حتى مع ذاتِها ؟ لن تصبر أكثر و ال أحد سيُصدقها ! لن يشك وا ِحد
ي بالمية عبدالمحس ، لن يستطيع حتى التفكير بطريقة الجوهرة ! هي
ن ب
ُمذنبة وليس أنا ! أما سلطان لم يُعرف أب ًدا بـ حنيَّتِه .. قاسي على الجميع
ال
كيف سـ يُصدقها او حتى يُشفق عليها لن يحاول حتى لمجرد المحاولة أن
يُصدق ما ستقوله ، أنا واثق أمامهم لن تستطع أن تواصل الحديث لو فعال
ِرهم ، جوازي بحوزة
ِرهم ، اآلن يجب أن أختفي عن أنظا
خططت بإخبا
عبدالمحسن ولو أخبرته سـ يشك باألمر ! رحلة مؤقتة ِعند مسفر لجدة قد
تُجدي نفعًا.
فتح دوالبِه ليُج ِِّهز شنطة متوسط الحجم وضع بعض المالبس الضرورية
بإستعجال ، أرتدى ثوبِه والشماغ على كتِفه ، أغلق أزارير ثوبه أمام
المرآة ، مالم ُحه بِها شبه كبير من عبير ، ُرغم هذا و ماح َصل إال أ َّن معزةُ
ُهما يكبر أي ًضا
ِره و الشوق ل
رتيل و عبير مازالت تزداد في يسا .
،
ُو
بُوسعُود ما إن رأى رسالتِها حتى أتصل وأتاهُ صوتها الناعم : ال
عبدالرحمن : مساء الخير
ضي : مساء الناس القاطعة
عبدالرحمن : أنا قا ِطع ؟
ضي : اللي مايفرحني بشوفته
شهور قاطع
عبدالرحمن : وقتي ماهو بإيدي
ضي : وشوقي بعد ماهو بإيدي
عبدالرحمن : تشتاق لك الجنة
ضي : آمين ويَّاك ، إيه قولي وش أخبارك ؟
عبدالرحمن : بخير أنتي بشريني عنك ؟ وكيف الشغل
ضي : من أول يوم واضح انه ُمتعب مرة
عبدالرحمن : أهم شي تشغلين وقتك ، كيف السكن ؟
ضي : ماشي حاله و اللي معي حبوبة
عبدالرحمن : ال تثقين بأي أحد بسرعة
ضي : تطمن من هالناحية
عبدالرحمن : مين اللي معك ؟ إسم ابوها أوعايلتها
ضي بتوتر كبير أردفت : مدري يعني ماسألتها
عبدالرحمن بإستنكار : معك وما تعرفينها ؟
ضي أرتبكت فـ ألتزمت الصم ت
عبدالرحمن : ناقصك شي ؟
ضي : حبيبي ماتق ِِّصر ... بتجي باريس هالفترة ؟
عبدالرحمن : مدري يمكن نجي ماهو أكيد عشان الشغل بس بناتي بيكونون
معاي
ضي : على هالطاري شلونها رتيل الحين ؟
عبدالرحمن : الحمدلله نفسيتها صارت احسن
ضي : الحمدلله وعبير ؟
عبدالرحمن : الحمدلله ماعليهم
بعد صم ٍت لثواني طويلة ، أردفت ضي : أحس بوحدة فظيعة يعني لو
يومين تجي هنا
عبدالرحمن بتنهيدة : مقدر يايبه حتى وقت لنفسي وبناتي ماني القي
ضي بضيق : ماني عبير وال رتيل عشان تقولي يايبه
عبدالرحمن بضحكة طويلة يعرف عقدة ضي جي ًدا ، أردف : حقك علينا
ضي : زين سمعنا هالضحكة
عبدالرحمن : ألني متضايق وطلعت لي مصيبة فمزاجي مش وال بد
ضي : سالمتك من الضيق ، وش صاير ؟
عبدالرحمن : شغل ماينتهي
ِر جو و ترتاح و سلطان م
ضي : دبِّ اراح يقصر يمسك ِر لك إجازة تغيِّ
عنك يومين
عبدالرحمن : مقدر
ِشني بوحدة مرة ثانية يكفي اللي
ضي بعد صمت لثواني طويلة : ال تعيِّ
مضى
عبدالرحمن يُثبت بكتفه الهاتف و يُشغل سيارته : إحنا وش أتفقنا ؟
ضي وتحاول أن تتزن بنبرتها التي توشك على البُكاء : أنا ماأتذَّمر وال
أقولك أضغط على نفسك لكن حسسني أني مهمة بحياتِك
ُخرى يطلقها بصم ت
عبدالرحمن يُسند ظهره و تنهيدةٍ أ
ضي مع صمتِه رمشت عينها فـ بكت ، أردفت : لو ماأرسلت لك المسج
مافكرت حتى تكلمني
عبدالرحمن يستِمع لعتابِها بهُدوء
ضي : بعد كل اللي شفته عوضتني فترة وبعدها أهملت حتى نفسك عشان
شغلك اللي مايخلص وبناتك و أشياء كثيرة تنشغل فيها وتنسى نفسك و
تنساني
عبدالرحمن : خلصتي ؟
ضي ونبرتها تُشاركها البُكاء برجفة : مالي حق اعاتبك وال اقولك شي ،
آسفة نسيت مين أنا!
عبدالرحمن : الحول وال قوة إال بالله واضح انه نفسيتك ماهي تمام وقاعدة
تفرغين
ِّي ؟
ضي ببكاء : ليه تبخل عل
عبدالرحمن : قلت لك مليون مرة أنه وقتي ماهو بإيدي
ضي بصمت و بُكاءها هو مايصل لـ بو سعود.
عبدالرحمن : ضي
ضي بنبرةٍ مقهورة : تعاملني كأني وال شي!!
عبدالرحمن : مين قال انك والشي ؟
ضي : افعالك اللي تقول ، كان ممكن تخلق لك مية طريقة بهالخمس شهور
عشان تشوفني
عبدالرحمن : متى ماهديتي كلميني
ضي : انا هادية بس
عبدالرحمن يُقاطعها بحدة : ال بس وال شي !
ضي : حرام أفضفض لك عن اللي مضايقني ؟ اذا حرام خالص كلمني
كل
شهور *أردفت كلمتها األخيرة بسخرية على حالها*
عبدالرحمن ألتزم الصمت فـ غضبه من عبدالعزيز الذي يكاد يسكن هاج
ُخرى بضغط ضي عليه و تكاثر مزاجه السيء من ضي و
مرةٍ أ
عبدالعزيز أي ًضا
ضي : متضايقة من كل شي ..*بتردد* عبدالرحمن قول لبناتك
عبدالرحمن بغضب : نعممم !!
ضي برجاء : أنا متأكدة انهم ماراح يعارضون
عبدالرحمن : وانا خايف منهم عشان يعارضون وال مايعارضون ؟ عندي
ِس
أكثر من سبب وانتي عارفته كويِّ
ضي : طيب حس فيني والله تعبت حتى من نفسي ، مافيه أحد اعرفه وال
احد اكلمه ! حط نفسك بمكاني تمر شهور ماأنطق فيها حرف مع احد !!
عبدالرحمن ببرود : صادقي اللي معك بالشقة
ِّي
ضي : الشرهة علي متصلة ابي أسمع صوتك وأرتاح وزدتها عل
عبدالرحمن بجفاء : مع السالمة
ضي أنهارت ببكائها و هي تضغط على زر إنهاء اإلتصال ، عندما تفقد
، حين يُشطب إسمها
" عائِلة "
خياراتِها من هذه الحيَاة ، عندما تُفِقد ُمسمى
، ال شيء يستحق ُهنا الحياة ! ال أب ال أم ال أخ ال إبن
من لف ِظ " عائِلة "
وال حتى زوج يُعِوض الفُقد الذي صابها ، يعِِّوض خري ُف عمرها الممتلىء
ُحب و
بالغياب ، عبدالرحمن ُرغم أفعاله إال أنَّهُ يبقى الرجل الوحيد الـ أ
الر ُجل الوحيد الذي لن أستطيع اإلنسال ُخ ِمنه ، يبقى الحبيب مهما حدث.
،
-
بِ التوتُر يعتليها ، قل ٌب يه ط بشدة على صدرها الرقيق ، نبضاتُها تخدش
د اللحظات ، ماذا يعني لو علمت بمو ِعد الوفاة ؟ يا أن ِت غ ًدا
ُّ
هدوئها ، تع
يو ُم مقتلك كيف لي أن أتصرف ؟ لن يأخذني سلطان باألحضان و لن
ُخبره عن
يبتسم أبي لي و كأنه وق ٌع من الجنون يستطي ُع تصديقه ! كيف أ
ي أخيه ؟ لو عِلم عم ! الطالق هو مايحكيه
ُظر ل
ي عبدالرحمن كيف سين
ُّض أصابعه بـ ندم كيف بسهولة أنجذبت نحو سلطان
منطقي ولكن قلبي يع
، رأيته أبي و أخي و حبيبي و أشيا ُء أخرى ال تُحكى ، كل هذا كانت
عيناي تقُوله ، كانت عيناي تتقرب منه وقلبي يُعينها ! أما أفعالي تنبذه
تحاول البُعد .. أنا أحبه.
أبو ريان : تأخر سلطان!
الجوهرة : إن شاء الله يجي بدري
ابو ريان : ألن ماجبت شي معاي ماأقدر أجلس يوم ثاني
الجوهرة أبتسمت بقلق ، تشعُر بالدوار بمجرد أن تحكي له
رفعت عينها للباب الذي ينفتح ، بمجرد دخوله و إبتسامته الشاحبة ترفرف
الدم ُع على هدبها
م بحرارة على والد الجوهرة : أعذرني صارت لنا مشكلة
ِّ
سلطان يُسِل
وتأخرت
بوريان : وال يهمك
سلطان : شلونك ؟ وشلون األهل
بوريان : الحمدلله كلهم بخير أنت بشرنا عنك
سلطان بتنهيدة : الحمدلله .. جلس يُريد أن يتنفس براحة و مازال بقايا
الغض ب على مالِمحه
بوريان بإبتسامة : هذا زوجك وجاء وش اللي تبين تقولينه
سلطان وعينه على الجوهرة : من أمس ومنشغل بالي ، عساه خير
الجوهرة و كلمة " زوجك " يرددها قلبها ، نبضاتُها فوق الحد الطبيعي و
الخطير أي ًضا ، تكاد تغ ِّص في أكسجينها
واضح جدا غضب سلطان حتى لو حاول يُخفيه بإبتسامته هذه
بوريان : تكلمي يا عيني
الجوهرة ُمرتبكة ج ًدا ، دماء تنزل من أنفها حارقة من تلخبُط دقا ِت قلبها ،
أخذت منديال : اعذروني شوي
بوريان بخوف وهو ينظر لدمائِها
الجوهرة و تأخذ نف ًسا عميقا لتردف : آآآ .. أبي أقولكم موضوع صار من
زمان بس الزم تعرفونه
ُمخيف و عي ٌن أخرى
سلطان الهادئ يُراقب هبوط صدرها و إرتفاعه ال
ُمرتجفة
تراقب عينها ال
بوريان : نسمعك ياقلبي ، خايفة من وشو ؟
الجوهرة الواقفة امامهم ، بدأت فكوكها تصطدم ببعض لترتبك حروفها و
تكثُر تأتأتها : كان مفروض ينقال من زمان لكن *بدأت دموعها ُهنا
بالسقوط واإلنهمار*
بوريان وقف يُريد ان يقترب منها ولكن الجوهرة قاطعت إقترابه : يبه
أسمعني لألخير ، بكون بخير ال حكيت لكم
سلطان ومازال ُمحافظ على هدوئه ينتظرها تتح َّدث
الجوهرة و هذا األمر المهِِّول لها ينزف معه انفها و دموعها و ربكةُ
حروفها و نبضا ٍت ء ُمتعبة يبِِّح معها ُمتعالية ودوا ٌر يُهاجم دماغها .. و أشيا
صوتها فقط لتُخبرهم بما حدث بالماضي ، عيناها على والدها ، اآلن في
ُمهتمة لها
نوبة بُكاء بمجرد أن رأت تقاويس عينيه ال
سلطان و عقله متوقف ال يُفكر بشيء ، بصو ٍت هادئ : الجوهرة
ُمح َّمر من البُكاء و تجمع الدم بٍه
رفعت وجهها ال
سلطان : منتي مضطرة تقولين شي
الجوهرة أغمضت عينيها و هي تقُول : الزم تعرفون
بوريان : طيب أجلسي أرتاحي وش هالموضوع اللي ملخبطك كذا
الجوهرة مازالت واقفة : ممكن بس ما تقاطعوني أتركوني أحكي وأرتاح
ُّي جرأةٍ غبية في نظرها سلكتها ؟ ليتني كنت
و قلبها يعتصر من األلم ، أ
صامتة و ال عذاب اللقا ِء هذا
ِنة ج ًدا وال هذا اليوم
كل هذه السنين هيِّ
كيف ألفظها ؟ لساني لم يعتاد على كلمٍة مكونة من
حروف " إغتصاب"
ُع هذه الكلمة ،
سنوات اتجاهل حروفها ،
جم
ُ
سنوات ابل
سنوات أل
بهذه الحروف ،
سنوات كيف أنطقها اآلن ؟
سنوات أشه ُق بأنفا ِس حارقة تُدعى " إغتصاب " كيف أزفرها اآلن ؟
لم أعتا ُد أن أخرج السواد في زفيري ؟ لم أعتاد أب ًدا على البُوح ؟
رحمة الله
" قلبي تُلقب بـ "
قوةٌ أشعُر بها بجناح ِّي
يالجوهرة أنطقيها ، أنطقيها يا ُروحي ، أخبري ما أختبئ بقلبِك سنوات !
أخبري األعيُن المنتظرة كيف الصبر كتم أنفاسي ليال و سلب راحتي نها ًرا
، أخبريهم كيف كان لون اإلختناق وشكله.
بُكاء بل نهًرا على مالِمح ُمح َّمرة اآلن.
مازاال يحترمان رغبتها ، صامتان ال ينطقان بشيء.
يُراقبان تفاصيلها الباكية ، الوالد يخشى على إبنته من الموت في هذا
ُّش صيبة آتية هذا ما يتوقعُه َّح إبتسامتها و
بُكائِها ، ُم الموضع بعد ما رأى
قلبِه.
اما اآلخر .. أما الزوج .. أما الحبيب ...... يخشى الحقيقة و . . . نقطة
على الس ِطر.
ُخرى
تمسح الدماء التي ال تتوقف ، تمسحها من جهة لتنزف مرةَّ أ .
بنبرةٍ موجعة : كيف أقولها ؟ .... أنفاسها تتصاع ُد بخو ٍف منهما ، أنفاسها
تُشعرهم بأ َّن ال . ُمصيبة موجعة ج ًدا
بعين ين ماطرة يُحيطها هاال ٌت حمراء : أنا ... ياربي .. *أخفضت رأسها و
يديها تتشابك في طر ِف بلوزتها* أنا ... اللهم كن معي ..*ُدعائها يُربكهما*
يارب يارب ... *وعيناها الهاربتان من سلطان تسقط عليه وبسقوطها
تنها ُر بمطٍر ال يهدأ*
أكملت و الدموع تُكمل سيرها لتختلط بالدماء : ياربي .. يا ُمعين ..
*تصادمت فكوكها لتُردف* كيف أقولها ياربي
بوريان برحمٍة على حالها : يا ُروحي وش اللي كيف تقولينه
الجوهرة عضت شفتها ال ُسفلية بقوة لتنزف هي األخرى
ُّي الزوج ال حقيق ٍة تُوجع هذه ، ال ُمنت ِظر عقد حاجبيه من منظر دمائِها
، أ
نريد معرفتها مادامت تهلكها لهذا الحد
ت
الجوهرة تُقاوم ، كل هذا البُكاء و ُحمرة الدماء و إنهيا ُر ِعرقها و دقا ُّ
قلبها .. قادرة برحمٍة من الله أن تتجاوز كل هذا
بلسانها ليست قادرة على بلعها وال حتى تقيؤها ؟ كيف تنطق ؟
ُّ
غصة
ِمني
عل النطق يا خا ِطف اللو َن من قلبي ؟ ِّ
تُخبرها عينها ،
أنظا ُرها على سلطان و حكايةٌ
بنف ٍس عميق : لما رحت الرياض و تركتوني عشان دراستي بثالث ثانوي
بوريان : إيه مع ريان
بوجع : و تركي
بوريان : ايه تركي بعد
الجوهرة : في ذيك الليلة . . . آآآ . . *أغمضت عينيها ال تُريد الرؤية أب ًدا
ال تُريد أن ترى إنكسار والدها ، ُموجعة ج ًدا أن ينكسر ظهُر والدها بسببها
و آآآآه من خيبة سلطان و وجعه*
تُكمل والكلما ُت ترجف : مقدرت أتكلم كل هالسنين ، مقدرت ألني خفت ..
خفت من أشياء كثيرة ، خفت عليك يبه وخفت منك و خفت من كالم الناس
، بس الحين مقدر أسكت ألني ..............*عيناها تستدي ُر لسلطان* ألني
... ألني تزوجت و الزم أبني حياتي من جديد و ألن سلطان ما يستاهل
أني أبدى حياتي معاه بهالصورة
بوريان الجاهل عن ماذا تتكلم و سلطان العارف بتفاصيل ما تقُول.
سلطان ب ُمقاطعة حادة : ما ش ِكيت لك
الجوهرة : أتركني اكمل
سلطان وقف وبنبرة الغضب : ال مايصير تقولين ألبوك هالحكي
الجوهرة : سلطان واللي يخليك الزم يعرف
سلطان بحدة : الجوهرة
بوريان : منتي مجبورة تقولين أشياء صارت وانتهت كلنا نخطي بس نبدأ
من جديد دام لنا رب غفور
الجوهرة ببكاء ال ُضعف وصوتها يختفي شيئًا فـ شيء : بس أتركوني أكمل
سلطان بغضب لم يستطع ان يسيطر عليه : أنتهى الموضوع
الجوهرة بإنكسار تترجاه : دقيقة
سلطان والغضب يُبصر من عينه : ماكنت متوقع اني مرعبك لهدرجة!!!
ُخرى : منت مرعبني أنا .. أنا يا سلطان .. نب ُضها
الجوهرة و خيب ٍة أ
يخدش الحروف من بين شفتيها في هذه اللحظات
تراجعت عدة خطوات للخلف و بنبرةٍ قطعت بها حسرةٍ علق ت من
سنوات و هذه ثامن سنة لن أكملها أب ًدا و الغصا ُت تنتظر ما ٌء طال إنتظاره
، أرضي اليابسة لم يعُد ينفع معها ما ًء ، جاء وق ُت آخر جاء وق ٌت تموت به
األرض أو تحيا ، أختار يا قلبي إما حياةً او مو ت ، فـ ُسقيا الصدقات ال
تُجدي نفعًا : في نوفمبر
أنا . . أنا ماني..
بمنظٍر ينحني الجمي ُع ألجله شفق ٍة على حالها وهي تضع كلتا كفيَّها على
أذنيها و ُمغمضة عيناها ، تنطق بحرو ٍف سريعة : ضيَّعني تركي ...
رجعت للخلف أكثر لتتعثر بعتبات الدرج وتسقط على الدرجة السابعة.
فتحت عيناها ، تنظر لوالدها الغير فاهم ، الغير ُمصدق
ِعك بأيش ؟
بوريان بنبرةٍ خافتة : ضيِّ
مر على دمائِها الحامضة و
ٍ مالحة ت ُّ
الجوهرة و عيناها غارقتان بدموع
وكأنها ركضت
مال ُمحها المختنقة تنطق : سـ سـ .. سلط .. ماهو أول *
مسافة واإلجهاد واضح بين كلماتها التي تأتي ً طويلة حتى أن اإلرهاق
متقطعة* .. ماهو أول ... ر َّجال .... *لم تُكمل لم تتجرأ أن تكمل أب ًدا*
و مالمحها تخنقه أكثر ..
" الشرف "
والدها و غ َّص بـ ريقه و هو يستنتج
كيف لعقله أن يُصِِّدق هذا الجنون ، أخي ، أبني اآلخر ، تركي ، مستحيل !
! كيف أستوعب ! كيف تُنطق ! و انا بمجرد طيف التفكير تحشرج بها
ها
َّ
صوتي ، تُركي ! هل أنا أحلم أم ماذا ؟ إبنتي مع تُركي ؟ أم تُركي دل
ٍق فاسد
على طري !
عقلي متوقف .. متوفي , تُركي!!!
ُّي برود يخنقه ليجعله واقفًا ! كيف
ِّي جموٍد يتصف به اآلن ؟ أ
اآلخر ، أ
ِ
يقف و هو يسمع بضياع الشرف ! كيف ضاع ؟ كيف يتزَّوج بإمرأةٍ
ُّي عق ٍل يحكم عليه أن
ُّي منطق يقب ُل بهذا الزواج ! أ
أضاعت شرفها ؟ أ
ي
ُّي إستغفا ٍل لسعني ؟ أ
ا ، أ
يصدقها ، هذا السبب ، هذا ما كان يقف عائقً
ُّي كرٍه أحمله ل ِك يا خائنة
غبا ٍء أشعر به اآلن ! أ .
والدها بنبرة شك : شرفك ؟
الجوهرة و بإنهيار تام و إن كان هناك درجة فوق التام فهي تقف على
قمتها وبنبرةٍ موجعة مرتبكة : تحرش فيني .. والله مالي ذنب .. والله يبه
*تُردد الحلف بقهر المظلومين*
م في قمِة رأسه ، أنحنى ظهره و
ٍر يطع ُن بظهره ، أخيه ؟ أختنق الدُّ
إنكسا
عيناه على األرض ، جنون ما يسم ُع بِه ، جنون ... جنون يا عبدالمحسن ؟
تُركي ال يفعلها ، تركي قائِ ًما ُمصلي ال يتحرش بإبنتي ؟ و أبنتي حافظة
القرآن كيف تتحرش بِه كيف تقودها قدميها للحرام ؟ زنا أم إغتصاب أم
ماذا ؟ قُل لي زنا و أقتلني و قل لي إغتصاب و أنحرني.
سلطان و لم يتمنى اإلختفاء أب ًدا كما يتمنى اآلن الزوال من هذا الجنون ،
أغمض عينيه يُحاول التصديق ، يحاول أن يحكم غضبه يحاول أن يسقط
السالح بعي ًدا عن خصره قبل ان يُفرغه برأ ٍس هذه اإلمرأة!!
الجوهرة الساقطة على عتبات الدرج و قطرا ُت دما ٍء حولها و عيناها
المكسورة تترجى : والله
بخطوا ٍت غير مفهومة ، يقترب منها
صعدت بقل ٍة حيلة درجا ٍت أخرى لألعلى ، عينا سلطان تُرعبها اآلن
تجاهل وجود والدها تجاهل هذا العالم بأكمله ، تجاهل حتى عقله والمنطق
! ما يشعُر به اآلن لن تهدئِه كلمات وال حلفها ! مايشعُر بِه اآلن هالك و
ُّف سلطان.
هال ٌك عظيم يح
و المو ُت يُدني منها ، أبتعدت أكثر وهي تتعثر أكثر بالدرجات و دمائُها
تنزف بتكاث . ُر
وقف أمامه ، إ َّن قت َل إبنتي على يِدك لن أرضاه ، أجعل ُمهمة إلمام هذا
الشرف لي ؟ أجعل هذا الغض ب لي .. أترك أبنتي فإن قتلها على يِدك
ُمحال.
الجوهرة وسيقانها ال تُساعدها على الوقو ف
سلطان : أب ِعد عن طريقي
بوريان : أتركها و الطالق زي ماتبي يصير
سلطان وبراكين تثور اآلن و بنبرةٍ مصممة : أبعد عن طريقي
بوريان و ُرغم هذا يخد ُع نفسه بقوله : اللي حفظت كتابه ماتهين حدوده
ج ببقايا كرامٍة
سلطان بصمت يُرعب بقايا العَّزةِ في نف ِس ال ُجوهرة و يُض ُّ
على مالمح عبدالمحسن.
بوريان : طلقها و أستر على خلقه الله يستر عليك
سلطان مازال صامت و فاجعتُه أستهلكت قوةُ لسانِه
ُخرى تُعاتبها غير مصِِّدقة ،
ٍن ُك ِسر ت و أ
ألتفت بوريان على إبنته وبعي
بنبرةٍ حادة : روحي جيبي عباتِك
سلطان يقط ُع سيرها لألعلى بصو ٍت حاد غاضب .. أي ًضا ُموجع : مالك
طلعة من هنا
بوريان وعينه التي تجهل نوايا سلطان ، بصو ٍت ُمتعب ينبأ عن غض ٍب
كبير : سلطان أرحمنا الله يرحمك ! ماعاد بي حيل أكثر
ِن حديثهم كيف أ َّن ال أحٍد يُصدقها ، و عين سلطان
ُظر أللوا
الجوهرة وتن
ذات حديث يُرعبها!
بوريان : ماعرفنا نربِّ ر ظهورنا اكثر ِي ال تكس
الجوهرة بكلمة والدها خانتها أقدامها لتسقط على ركبتيها تجه ُش بدموعها
أخيه و إبنته ، ال طاقة تستوعب مايحدث اآلن
ُّي
سلطان بغضب كبير ، بإنكسار فظيع ، بقهر و آآآه من قهر الرجال ، أ
رجول ٍة ترخص بعينه وهو ال يفعل شيئًا أمام ُمصيبته و بنبرةٍ حا َدة : ما
يخلص الحساب كذا !! أبعد واللي يرحم شيبك
تق َّدم للجوهرة ومسكها من زن َدها تكا ُد أصابع سلطان تنحِفر بجسدها من
ش َّدة مس ِكها ، ال أعصاب تملكها تتحمل كل هذا ، نفسها يِقف ! صد ُرها من
الهبُوط توقف ! كل شيء يسكن و يهدأ من الخوف وهي بين ذراع ِّي
سلطان.
ين إنك َسار ، يحمي من ؟ هل يحمي الضياع ؟ أم يحمي إبنته من ُظر لهما ب
ُّي مصيبة أتت منك يالجوهرة ؟ أي عق ٍل يُجبرني على تصديقك
سلطان ؟ أ
ُطهر قبل أن تخذلي والِدك ! لو يتقط ُع لحم جسِدك بأصابع
؟ خذلتي ال
ُّي عقاب سيرحمك ؟ . . . تُركي هو من
سلطان فهذا أقل ما تستحقيه ؟ أ
سأتأكد منه والله إ َّن كان مثلما تقُول الجوهرة والله وبالله ليذوق الجحيم في
ُغمى عليه أو ُربما شيئًا آخر
ِر المق ُهور أ
ُدنياه ، بتفكي .
ُّي رحمٍة تنزل على الجوهرة تجعل سلطان يص ُرف نظره عنها قليال ، أي
أ
ُّي مو ٍت تشعُر بِه روح
ألٍم يزلزل قلب الجوهرة و هي تنظر لوالدها ؟ أ ها ؟
ُّي قلب
ُّي قل ٍب يتحمل ؟ ا
أ !
سلطان ينحني لـ بو ريان ، يحاول أن يُسعفه بما يعرف ، نب ُضه ضعيف
ِّي عق ِل يُصدق جسٍد
هذا ما وضح له ، وبقوةٍ حمل بوريان بين ذراعيه ! وأ
َف و كأنه مات نسبيًا حتى يحمله سلطان اآلن
خ َّف وزنه ؟ المقهور ضِع .
شهقت بكلمة " يُبـه " ُك ر غصنها ، ألو ِل مرة تُبصر الحياة بعد سنوات ِس
في ُظلمِة قبر تُركي ، و هذه الحياة أوجعت ُروحها و نبضها و كل تفاصيها
أوجعت والدها.
تس َّحبت إلى أن دخلت ُغرفتها ، تُريد السجادةِ اآلن ، ارتدت جالِلها القريب
منها و لم تقوى الوقوف فـ سجدت
في س ُجوِدها تنزف دًما و بكا ًء و حياةً.
ِر العين ين الراجية ، هل ما رأتهُ للتو حقيقة ! نطقت تكلمت قالت
تبكي بإنهيا
أخبرت ... كل هذا ! لساني تح َّدث بِه ، بالحقيقة خسر ُت سلطان و بع ٌض
ُطهر بأع ين ُهم ، شي ٌء يصبِر هولي شي ٌء يقُول
من أبي غادرني ، خسر ُت ال
ي لي " ما دام الخالق راضي سيرضى خلقه ع " أو أنا أكذ ُب على نفسي ،
ل
من الله تُصبرني و ُدون الله كد ُت أن أموت و أنا الف ُظ إسمه ، يالله
رحمةٌ
ُمنكسرة ضعيفة أحتا ُج ل . ُطفك َو رحمتك
ُرغم أن ال أحد صَّدقها ، ُرغم الضياع ُرغم أ َّن ُسلطان شعرت بأنه يُريد
ًطا ، ُرغم كل ه
قتلها ! ُرغم أن والدها هَوى ساقِ ذا أنا نفض ُت يدي من حياةٍ
تجمعني مع سلطان و من رحمٍة تُقربني لوالِدي ..... أحسن خاتمتي يارب
وال تُحملني ما الطاقة لي.
،
في طِريقه بالسيارة ، قَد ب ِعد عن الشرقية ُجز ًء ال بأس بِه
مسفر : أب ِشر غرفتك جاهزة بس أنت نِِّورنا وخلنا نشوفك
تُركي : يمكن أطِِّول يعني مدري على حسب
مسفر : الشقة شقتك الله يصلحك
تُركي : ماتقصر حبيبي تسلم
مسفر : درب السالمة
تُركي : بحفظ الرحمن ... وأغلقه.
لم يتصل عبدالمحسن إلى اآلن ؟ ُربما تُريد إخبار ُهم بشيٍء آخر . . تن َّهد
ِّيِ طريق ٍة سيعُرف هل تحدثت لهم بما يخشاه أو تحدثت
بضيق وهو يف ِكر بأ
ريد حالً ألعرف ماذا يحصل في بي ِت سلطان اآلن
ُ
بأمٍر ُمختلف ؟ أ .
،
في مسا ٍء ُمتأ ِخر.
م ؛ أمتألت األطباق بما صنع ت ، رتبت جًوا جي ًدا
تُح ِّضر طاولة الطعا
لبداي ٍة صحيحة ، دخلت للحمام لتتحمم و تُزيل رائِحة الطبخ من جسِدها ،
أنتهت بـ
دقائق لتسأل نفسها ، ماذا أرتدي ؟
ُخ ِط ُط
هذا السؤال بعثر قِّواها ، بتنهيدة فتحت الدوالب ؟ لن أتراجع عن ما أ
له . . أرتدت قمي ُص نوٍم ناعم باللون البصلي ، يب ُدو ساتِ ًرا طويالً ، وقفت
ا بلمحة مكياج أو حتى شعُرها يترنم على كتف يها
أمام المرآة ، لم يراها مطلقً
! نشفت شعرها باإلستشوار و بنعومة سقط على كتِفها ، ك َّحلت عينيها
بالسوا د ، بع ُض الماسكرا لتتراقص ر ُموشها ، و شفاهٌ بلو ٍن هادىء يمي ُل
للزه ِري ، نظرة أخيرة لشكِلها و هذه النظرة تسرب ت للباب الذي يُفتَح
ويُب ِّش . ِر بدخوِله ، وقعت عينها بعينه من المرآة ، ألتفتت عليه
يحاول ان يُصِِّدق بأنها فعال هي أمامه ، الصورة العنيفة التي في باله لن
ُم
ُّي جما ٍل تملك ؟ تقاسي
، أ
"
تُكسر بسهولة ، أول مرةٍ يراها كـ " أنثى
مالِمحها تكفي بأ ِّن أنجذب نح ِوها ، عيناها مازالت ُمصيبة والله إنها فاتنة!
ُمهرة بإبتسامة : مساء الخير
يُوسف : مساء النُور
ُمهرة و التوتر يت صدِرها وهبُو ِطه
ِ
بيَّ ُن بإرتفاع
يُوسف يتأمل الطعام : تسلم إيدك
ُمهرة وبربكة كلماتها : الله يسلمك
يُوسف وضع مفاتِيحه على الطاولة و هو ينزع كبك ُكِِّمه
ِزنة وهي
ُمهرة ولم تتوقع أن ترتبِك بهذه ال ُصورة أمامه ، أردفت بنبرة ُمت
ترقُد كفوفها على طرف الطاولة : يُوسف
يُوسف ألتفت وبعينِه يستمع إليها
ِرب منه ، يب ُدو الشياطين تُرافقها : بنسى كل اللي
ُمهرة تبتسم وهي تقت
صار وكيف صار وكل شيء وبحاول قد ما أقدر أكون واضحة وياك ،
نبدأ صفحة جديدة وكل اللي مضى تجاهله وإن شاء الله تتغيَّر أفكارك عني
يُوسف ويشعُر بأنه حقير وهو يقترب من الضحك لكن حبس ِضحكته
ا
وأبتسم دون أن ينطق حرفً
ُمهرة : إيه وش قلت ؟
ِل قدميها حتى رأسها ، هذه النظرات كفيلة
يُوسف و نظراتِه تسي ُر من أسفَ
بأن تُحرق ِجلد ُمهرة بحرارة الخجل.
أردف : وشو ؟
ُمهرة : قلت ننسى اللي صار
يُوسف : انا اصال ماأتذكر أشياء تكدرني فتطمني من هالناحية
...جلس و ُرغم أنه ليس بجائِع إال أ َّن منظر الطعام شهي ولذيذ ج ًدا لبطنه
ُمهرة تجلس بمقابله ، ستتعب فعالً في إمالته لطرفها حتى أنها ال تشعُر بأي
نظرة إعجاب في شكلها و كأنها ترتدي قُطنًا رديئًا ال يجذب حتَى أسوأ
ا ، تن َّهدت وهي تت
الرجا ختيه ِل ذوقً
ُ
ُمرتبة في األ ِكل ، يُشبه أ
أمل طريقته ال
في طريقته ، كم تُمِقته و ت ُمقت أخيه اآلخر ، حقدها يزداد في ُكل لحظة ،
اليغيب عن باِلها أب ًدا انها فقَدت وطنًا بأكمله عندما سمِعت خبر مقتل اخيها
! كان هو بمثابة الصديق واألب ، كسرها موتِه و كسر قلبها ردة فِعل
والدتها ، تشعُر بعظيم حزن أمها بأبنِها الغالي و تعي جي ًدا أنها أرادت
وطنًا آخر إلبنتها ولكن أخطأت اإلختيار.
يُوسف يرفع عينه لها وال يُحب أح ًدا يتأمله بهذه الصورة أثناء أكله : ناسية
شي بوجهي
ُمهرة ألتزمت الصمت وهي تشتت نظراتها بعي ًدا عنه
يُوسف : أول مرة أنتبه انه عندك غمازة من كثر ما تضحكين مالمحتها
*أردف كلمته األخيرة بسخرية*
ُمهرة تُدرك أن على خدها األيمن غمازة بسيطة ال تكاد تُرى حتى عندما
تبتسم ولكن تتضح كثيرا في ضحكها النادر : إن شاء الله تعِِّودني على
الضحك
يُوسف وال تعام ٌل حسن مع النا ِعمة : ال يكون تتمصلحين عشان السفرة
ُمهرة وكأن ما ًء بار ًدا أنزل عليها من طريقة تفكيره
يوسف : هههههههههههههه ُدعابة ال تنهارين بس
ُمهرة تبتسم ُمجاملة وفي داخلها " يا ثقل دمك"
يُوسف يشرب من العصير ويردف : على العموم العشاء حلو مع اني
ماأحب األشياء الثقيلة قبل النوم حاولي تسألين وش أحب عشان ماتتعبين
نفسك على الفاضي
ُمهرة : إن شاء الله
يُوسف يتجه لحمام ُغرفتِه ، دقائِق حتى تجاهلها بكلمتِه : تصبحين على
خير
ُّي تجاه ٍل منه تراه اآلن ؟ ولم يُعبرها
ُمهرة وعيناها تسير معه لدوالبِه ، أ
حتَّى !! " الشرهة على اللي متزينة عشانك ومحضرة العشا وال أنت فالفل
وتخب عليك " *قالتها في نفسها و تسخ ُر من حالها معه*
،
من الليل ُمتأ ِخرة
في مكتبه و ساعةٌ
"
" بـاريس
بُوسعود يحجز من حا ُسوبِه رحلة إلى
مقرن : وش تحجز ؟
بُوسعود : لباريس المشكلة مافيه عودة إال بعد أسبوع يعني بجلس اسبوع
هناك
مقرن : شف ترانزيت
بوسعود : شيَّكت مالقيت رحالت
مقرن : ضروري مررة ؟
بوسعود : عشان ضي
مقرن : والبنات ؟
بوسعود : معتمد عليك
مقرن : أكيد مايبي لها كالم قصدي أنك ماراح تآخذهم معك ؟
بوسعود : مجنون آخذهم معي
مقرن : قلت لبو بدر ؟
بوسعود : بكرا بقوله دام الجوهي را ِكد هاليومين
مقرن وقف : على خير إن شاء الله ، يالله تصبح على خير..
بُوسعود يؤكد حجزه ويغلق الال ب تُوب الخاص بِه ، أغلق د ُروجه جي ًدا ،
وخرج ُمتبِعًا مقرن.
،
يُتبع + المنتدى يعلق بشكل رهيب
،
بضحكٍة طفولية أو بمعنى أصح فرح ٍة عظيمة ، شعُور تنحني بِه الكلما ُت
أسنانها
عا ِجزة عن وصِفه ، كفوفها البيضاء تُعانق بطنها المنتِفخ ، صفةُ
العُليا تُرى بإبتسامتِها نو ًرا ال ينطفأ ، تكاد تبكي من هذا الشعور الجميل ،
بنبرةٍ تتراقص : منصور تعال
ٍق جلبها من الشركة ليُكملها هنا ، لم يرفع عينه : هممممم
غارق في أورا
نجالء : تعال بسرعة
ألتفت عليها : وشو ؟
ِف حركة
نجالء بعفوية : أخاف ال وقفت يوقِّ
منصور أبتسم وهو يضع القلم على المكتب ، تق َّدم إليها ليجلس بجانبها
ِه اليُمنى ووضعتها على بطنِها : حبيب أمه يرفس
مسكت كفِّ
من ُصور: وش ذا ماأحس بشي
نجالء : لحظة الحين يتحرك
من ُصور وبعد ثواني طويلة شعَر بِه ، ضحك من فرحتِه ، نشوة من السعادة
تُرفرف بِه ، شعُور غريب ينتابه ! شعُور ال وصف له ولكن يتذيله شيء
ُخرى ألن يرى ِطفله ، يُف ِّكِر كيف
، الشوق هاج مرةٌ أ
" أبَّوة "
يُدعى
ُّي
سيحمله ؟ كيف سيربيه ؟ من سيُشبه ؟ كيف سيكون بالمستقبل ؟ أ
ُّي شخصية ستُرى
تخصص سيميل إليه ؟ إ بِه ؟ .. أسئلة عفوية كثيرة
تداعب عقله.
،
تكَّورت حول نف ِسها على السرير ، تنتظر خب ًرا يُطمئِنها بقل ِة حيلة ، تُغمض
ي تُركي اآلن ، أنقبض قلبها و
عينيها ثواني فـ تفتحها ُمرتعبة ، تنظر لـ عين
كأنها تسقط من أعالي الجحيم و هي تراه . . في قلبها تُوهم نفسها بأنه
ُخرى لتفتحها ب ُرعب
خيال ، وهم ال تريد تصديقه ، أغمضت عينيها مرةٌ أ
من رؤية تُركي أمامها وقري ٌب ج ًدا ج ًدا ، جسِدها ُمقيَّد ال تستطيع الفرار أو
حتى الحركة ، قلبها يتسار ُع نب ِضه ، أتى ليقتلها ؟ فـ كما هانت عليه حدود
الله في المرةٍ األولى قاِدر على التهاون بـ حِد القتل !! شرقت بأنفاسها ،
د ذراعها ! "
ُّ
، يبدو ثابتًا جامًدا ولكن عيناه ترمش حق ًدا ، تم
تبكي ُحرقةً
، بتصا ُعد أنفاسها يضي ُق
ريد النهاية ، سئم ُت الوقوف في المنتصف "
ُ
أ
ُخرى . . يجلس على السرير بجانب رأسها
قلبها أكثر ، يقترب بخطوةٍ و أ
" لفظتها الجوهرة فهي كسيرةٌ اآلن
" آآآآآآآآه
، ترمش عيناهُ اآلن بكا ًء ،
غير قادرة على الحركة أو حتى الكالم ، عظامها تذوب ال تحميها أب ًدا.
تُركي ينحني برأسه لـ رأسها.
هي و كأ َّن أح ًدا يُعذبها بالسيا ٍط ، تحاول نطق حرف واحد ولكن ال حول
َوة
لها وال ق .
يُقبلها خرى َو الدماء من أنفه تسي ُل
ُ
ِمنه ، لطخها بدمائِه الفا ِسدة ، هي مرةٌ أ
ِومه ، تحاول صِِّده و بأس ٍف
تتحر ُك يُمنةً ويسره وهذا ماتستطي ُع فِعله لتقا
غير قادرة.
ِهمها بجحيمه ، ال ُروح و الحياة تِقف في منتصف
و كأنهُ يُحرق شفتيها و يلت
عنقها ؟ ستلفظها موتًا أمام إقترابِه هذا.
ُظ فتحت عينها عل هر ، برجف ٍة بكت بأنهُ حلم و وهم
ى ُغرفتِها المظلمة من ال
ا ُمنذ سنين ماضية كانت تبكي بصم ت أما اآلن تبكي و صو ُت
. . سابِقً
و أنهارت هكذا كيف
"
ِن بح َّدتِه ، هذا و فقط " كابوس
أنينها يخترق الجدرا
ُّي عذا ٍب ُجِلدت به في
؟ أ
كان شعُورها عندما يتقرب منها حقيقة السنوات ً
الماضية ! غ َّطت نفسها بالفراش وهي تدفن رأسها بالمخ َدة وشعُرها مبعثر
د على بلوزتِها من جهِة
حولها ، تكتم اآلهات و لكن صوتها ينُوح ، تش ُّ
صدرها بخوف ! أورثها هذا التُركي ش ًكا و عقدةً ال تنفَّك بسهولة ، ترف ُع
رأسها بعد أن س َكن ضجي ُج قلبها. بكا ِءه ، ال ترى شيئًا سوى الظالم.
واِلدها ؛ هذا ما طعن في رأسها ُمسببًا لها صداع ، كيف حاله اآلن ؟
عادت للبُكاء و يوٌم دون أن تبكي يُصبح غير طبيعي ، أخذت نف ًسا عميقا
وبب َّح ٍة مقتولة : يالله يارحمن .. رفعت الفراش لتتق َّدم على الرخام البارد
بأقداٍم عارية ، فتحت النُور وكادت روحها تخرج من جسٍد واقف امامها ،
شهقت ب ُرعب ، بكت بضعف ، أنهارت بإنكسار ، سقطت على ركبتيها
وهي تضع كفوفها على أذنيها ، ال تُريد أن تسمع ِضحكاته الصاخبة ،
ٍن ممتلئة بالدماء ، صرخت
تخترقها بوجع هذه الضحكة ، يلتف ُت إليها بـ عي
ٍو بالنبرة
بكل ما أؤتيت من عل ، ال أحد يسمعها ، تبكي وال قوة لديها ،
ُخرى "
أنهكها البُكاء و بهذا اإلجهاد ضربت رأسها بالجدار ، لتنظر مرةً أ
، وضعت كلتا يديها على رأسها المتو ِِّجع ، أطلقت آهآآت
ال أحد أمامها "
ُمتتابِعة ، تبكي وصو ُت بكائِها يُشبه األطفال ! تُنادي من ؟ ال أحد ! وال
ح ُم أحد أر من الله على خلِقه ، شفتيها ترتج ف بخوف و عيناها ترم ُش
ب ُرعب ، نظرت ل ُحضنها فـ إذا هو ممتلئ بالدماء ، ن َزف أنفُها كثي ًرا ،
" ب ُضع ٍف
وضعت أصابعها على انفها ومن ثم أبعدتها لترى " ال أثر للدماء
ُخرى " هي ال تنزف من أنفها " أرتعبت ج ًد
شديد نظرت ل ُحضنها مرةً أ ا و
لم تُف ِّك . ِر كثي ًرا حتى سقط رأسها على األرض الباردة
،
ِه
جاِلس على مقا ِعد اإلنتظار ، منحني ظهره وعيناه تُراقب تشابك كفيِّ
ببعض ُهما البعض ، أنتهى األمر لن تستعيد الجوهرة شرفِها بضربي لها أو
ُّلي لألمر ! ُمنذ
حتى بتوبيخي أو حتى بطالقي ، ولن تس ُكن عصبيتي بتقب
ساعا ٍت ماضية ولم يهدأ الغضب والبراكين الثائرة أعلى رأسي ، أن
تستغفلني هذه مصيبة و لكن المصيبة العُظمى أن ت ُكن حافظة للقرآن
ا مثل هذا ، أشعُر برغبة بأن أدفن الجوهرة بيدي ! ال أتح َّمل
وتسلك طريقً
أن ت ُكون زوجتي ! ال أتحمل أب ًدا أن أراها ُمجددا وال أتحمل أي ًضا أن أرى
خيبتي بهذه الصورة ، أهانت الكثير بفعلتِها و أنا لم أتعَّود على اإلهانة
ُت من عقابها ! على إستعداٍد كامل أن أستُر عليها
وألنني لم أتعَّود لن تفل
ُمجرمين ستُعاقب على انتهاك الحدود
ولكن ليس عن طريقي مثلما يُعاقب ال
! حِِّد الزنا سيُطبق عليها وانا بنفسي من سيُبلغ عنها وعن الخائِن اآلخر ،
ِِّرد ُجز ًء صغيرا من براكيني ، وبعدها
ِي عذابًا يُب
أنت يا تُركي ستُذيق منِّ
إلى الجحيم أنت و إبنة أخيك.
رفع عينه ليُقاطع زحمِة تفكيره
الدكتور : الحمدلله أموره سليمة
سلطان : تعَّدى مرحلة الخطر ؟
الدكتور : ولله الحمد تعدت األزمة على خير هو الحين تحت تأثير المخدر
يعني راح يبقى معانا كم يوم على حسب الفحوصات
سلطان : يعطيك العافية ماتق ِِّصر
رحل الدكتور ليخبر سلطان ذاته " لك الله يا عبدالمحسن بنتك ماتستاهل
تحمل إسمك"
خرج من المستشفى بعد ما أطمأن عليه ، يتوجه إليها ، يجزم في داخله لو
أتحق ُق من
َ
رآها ست ُكون آخر ليل ٍة لها ، ُربما أستجوبها بنفسي ... ِلم
ِب نفسي بمعرفة أدق ماحصل .. لكن ما أنا ُمتأ ِكد منه
ُعذِّ
أ
َ
التفاصيل ؟ ِلم
ملك الشرف بأن ت ُكون زوجتي أو أم أبنائي
ُ
بأن زواجنا سينتهي قريبًا ، ال أ
" قالها في داخله بنبرةٍ
َرح
، ينتهي حسابي لك و بعُدها " الله ال يذوقك الف
ِرجة من ُعمق خيبتِه ، لم
مكسورة ، دعى عليها من باطن قلبه ، دعوةٌ خا
يد ُعو على أحٍد بقسوة كما لفظها للتِّو.
،
ُظر لـ الالشيء ، يه ُجم على عقِلها منظ ُر ذاك الذي
بيأ ِس فقير ال ُحب ، تن
كان ينظر إليها نظرا ٍت كريهة قبل أن يموت ، تعَّوذت من هذه الذكرى
البائِسة ، أسوأ يوٍم في حياتها كان ذاك اليوم !! سيء لعدم تصديقها بأن من
الممكن أن يهجم عليها احد ُهم و زاد السوء خيبتها بعبدالعزيز ، تن َّهد ت
ُمبعدة الفراش عن جسِدها ، تق َّدم ت ل ُشبا ِكها تنظر لبيتِه ! مازال يضيء
بنُوره ، يب ُدو أنَّهُ لم ينم بعد.
ِر " الزمان لو أ َّن ما حدث لم ي ُكن ، لو أ َّن الظروف تختلف
لو أننا في غي
لكان ال ُحب يتغن ُج بين قلب ينـا ، أف َسد ال ُحب إلتفاتةُ كبريائِه و أفسدني ال ُحب
حتَى بات كل ما أتمنى مح ُض طي ٍش ، باتت أمنياتي تنتهي بِك و ال و ُجود
لـ األنا في قائمتي ، أنت و أنت فقط"
هَو أمام الطاولة ، معه علبة الكبريت و ُعود الثقاب ، س َّمى عود الثقاب
رتيل و العلبةُ عبير
رتيل وال عبير ؟ " يتالع ُب بأماكن العُود والعلبة بين أصبعيه ،
بنف ِسه "
يختار في داخله إسم و يختا ُر المنطق إسٌم آخر ، أتعب عقلهُ من كثرة
إرهاقه بين رتيل و عبير و من سيختار بو سعود ؟ نظر لهاتِفه ، لم يتبقى
ِّي يوٍم
سوى القليل ويأتي رمضان ، في الشهر اآلخير حاول يتجاهل بأ
سيأتي شهُر الخير ! سي ُكون صعبًا على ُروحه أن يتبعهُ العيد لوحده ، كيف
ي ُصوم ُدونهم ؟ كيف يتناسى أ َّن المغي ُب كان يجمعُهم على ُسفرةٍ واحدة ؟
لرمضانية التي كانت تُع َّط األجوا ر بالمسك من والدتِه أو تجويد واِلده ُء ا