الفصل 74

مَو يتحشرج بأيا ِت اليوم الموعود : يَ وم ا ُت َ
ٰ
ر ِض َوال َّس
َر األَ
ي





صفَاِد ،
َّرنِي َن فِي األَ
مقَ
ُم جِرِمي َن يَ و َمئِ ٍذ ُّ

َرى ال
َوتَ
ِر ،
َّها
قَ

َوا ِحِد ال

لل ِه ال

َوبَ َر ُزوا
ف ٍس َّما
ٍن َوتَ غ َشى ُو ُجو َه ُه م النَّا ُر ، ِليَ جِزي اللهُ ُك َّل نَ
ِط َرا
ُهم ِِّمن قَ
ُ
َس َرابِيل
َّن اللهَ َس
ِ
ت إ
َسبَ
َم َك ا
نَّ
َ
أ

ُموا
َوِليَ علَ
بِ ِه

لنَّا ِس َوِليُن َذ ُروا
ِّ
ِح َسا ِب ، َه َذا بَالَ ٌغ ِل

ِري ُع ال
َوِليَذَّ َّكَر . . . . تعثرت بكلمتها ، و َج ٌع عظيم أن تُخطىء في
َوا ِحٌد
ٰـهٌ
لَ
ِ
ُهَو إ
آي ٍة واحدة بعد أن حفظت الكتاب بأكمله ، وج ٌع عظيم أن تتلخبط بكلمة
وكأنك تشعُر بضياع القرآن من يد يك. ال ُحزن كل الحزن أن يتحشر ُج
صوتِي ُدون أن أتذكر الكلمة.
تأتأت وهي تُردف : أنما هو إله واحد وليذكرهم .. أنما هو إله واحد
وليذ ُكر ..

ُوا
ول
ُ
َوِليَذَّ َّكَر أ
َوا ِحٌد
ٰـهٌ
لَ
ِ
َما ُهَو إ
نَّ
َ
أتى صوتُه المب ُحوح في القرآن من خلفها : أ
بَا ِب

. ل
األَ
لم تلتفت عليه ، أخفظت نظرها بعد أن تج َّمعت دُموعها إثر ضياع كلمة
من آي ٍة حفظتها تما ًما .
جلس على الطاولة التي أمامها بجانب ُكوب قهوتِها ، أطال نظره لها بينما
ُمضيئة بالدمع : ال
هي سحبت منديالً ومسحت وجهها ، رفعت عينها ال
يكون بتشكك بعد بحفظي للقرآن ! ما أستغربها مـ
قاطعها بهُدوء : ال
ال ُجوهرة أرتبكت من ه ُدوءه لتُشتت أنظارها. تشابكت أصابعها.
سلطان وعينهُ تُركز في اآلثار التي على عنقها وبدأت تختِفي تدريجيًا ،
طال صمت ُهم لتقف الجوهرة ُمتجاهلة جسِده الجالس وبنبرةٍ جاهدت أن
ٍن أكثر : تآمر على شي ؟
تخرج بإتزا
سلطان ُملتزم الصمت تما ًما ، ج ُمود مالمحه ال يجعل للجوهرة فرصة
التخمين بماذا يُريد أو حتى يشعر. نظرت إل يه لتُعيد سؤالها بربكٍة ظاهرة :
تآمر على شي ؟
سلطان بهُدوء : بيفرق معك لو آمر على شي ؟
الجوهرة بقسوةٍ بانت في نبرتها : ال ماراح تفرق مجرد أداء واجب
سلطان تن َّهد ليقف ويتركها في وس ِط حمم القسوة التي التلي ُق بها ، نزل
لألسفل ُمجيبًا على هاتفه : هال بو ريان





يُتبع
،
تسي ُر بجانبه في منطقة الالديفانس األكث ُر أمنًا في باريس الصاخبة وأي ًضا
ريد أن
ُ
ُوس معه ولكن أ
به وبالجل
األكثر تح ُض ًرا. لم أرفض ليس رغبةً
ِّي أشار في وق ٍت ُكنت أرى الخطأ من جلوسنا
كه الحقد الذي كان يفرغه عل
مع بعض لكن هذه المَّرة ُمختلفة. هذه المَّرة أنا راضية تما ًما وراضية على
قهره ولن أب ِكي على أنني قاسية عليه أب ًدا ، يستحق أكث ُر من ذلك.
عبدالعزيز جلس على المقاعد التي على الرصيف لتجلس هي األخرى
بجانبه : كيف حفلتك أمس ؟
عبدالعزيز فاض بقهره من سؤالها ليُردف ببرود : حلوة
رتيل أبتسمت بتمثيل تقويسة البراءة : بس حلوة ؟
عبدالعزيز ُدون أن ينظر إل يها : تجنن
ِس
رتيل : هههههههههههههههههههه كويِّ
عبدالعزيز تن َّهد ، لتُردف رتيل بإستفزاز واضح : بسم الله على قلبك ما
يصير كذا عريس وهذا منظرك!
عبدالعزيز : كلمة ثانية وبف ِِّجرك هنا
رتيل أبتسمت لتقف : ماأحب أجلس، بتمشى
عبدالعزيز : أذلفي ألي مكان
رتيل ببرود : يعني بتجلس هنا ؟
، أردفت
عبدالعزيز يُخرج سيجارة لتندهش رتيل بش َّدة من أنهُ " يُدخن "
بإندفاع : تدخن ؟
عبدالعزيز الذي ال يُدخن أب ًدا ولكن في الفترة األخيرة بات يشتهيها في
إضطراب عقله : ماهو شغلك
رتيل سحبتها من فِمه بغضب : وأبوي يدري ؟
َوى إصبعها ليجعلهُ يقترب من ُمالصقة ظا ِهر كفَّها ،
عبدالعزيز بعصبية ل





من فِمها الصغير ، سحبت
"
" آآه
سقطت السيجارة على األرض لتخر ُج
يدها وهي تضغط على أصبعها من األلم : أحسن أنا ليه حارقة دمي إن
شاء الله تموت منها !!
عبدالعزيز تجاهلها وهو ي ُدوس على السيجارة ويُطفئها ويُخرج األخرى.
رتيل أتجهت للطريق اآلخر لتدخل المج َّمع التجاري Les
Temps Quatresوتفرغ غضبها بمحال ِت الع ُطور التي تستنشق بها كل
حتى يُصاب رأسها بال ُصداع وتنعس.
حشيش "
األنواع وكأنها تستنشق "
ُمبتهجة والمك ُسورة ،
َي يتأم ُل الما َّرة ، الخطوات الثقيلة والخفيفة ، ال
بق
ُم ال ُحزن الوا تراقص بها ، سيقان اإلناث الهزيلة
ضع بهذه األقدام أو الفرح ال
ُمتشعبة ، نفث ُدخانه بات يكتسب الصفات
أو الممتلئة ، أو سيقان الرجال ال
ِّي إستمتاعي
السيئة تبا ًعا. حتى وأنا أدخن أشعُر بالضمير الذي يحرق عل
بهذه السيجارة. أسقطها على األرض ليُطفئها بقدِمه. وقف ُمتج ًها ناحية
ُمجمع حتى يبح ُث عنها ، أنتبه للممر الِذي يخر ُج منه أحٌد ينظر إل يه
ال
بريبة ، ألتفت للخلف لي ِجد شخ ٌص آخر ينظر إليه ، يحاص ُروني من كل
جانب ، حك جبينه ليُكمل سيره وهو يشعُر بالنظرات التي تُراقبه ، ألتفت
ئد الجوهي أنا أعرفهم تما ًم لمن حوله يُريد أن يراها ، هؤالء ال ينت ُمون لرا ا
هؤالء ُمختلفين. دخل الصخب وضاعت نظراته من األدوار وإتساع
ٍن أكثر. ليخرج ُمتج ًها للممرا ٍت فارغة بعيدة عن
المج َّمع ، وقف يُفكر بإتزا
تج ُمع الناس. وبمهارة أدخل يد يه في جيبه ليفتح هاتفه وهو مازال في جيبه
" ضغط على جهة اليمين حي ُث سجل
، كتَ ب " ال تطلعين من المج ِّمع
المكالمات ، بأصبعه تجاوز أول رقم والثاني ليضغط على الثالث الِذي كان
الركض
ُ
ِق ويبدأ
لرتيل. أبتعد عن المنطقة تما ًما بس يره ليدخل ممٍر ضيِّ
بأقصى ما أعطاهُ الله من قَّوة ولياقة. ُمجرد وقوفه ليأخذ نفَس جعله يرى
األقدام التي أمامه ، رفسهُ بين ساق يه ليسقط ، أتى من أمامه ليُمسك رأس
عبدالعزيز ويصطدُمه بقَّوة على ال ِجدار ، سالت دما ُءه من مؤخرة رأسه
ليتضبب بصره ، رفع عينه ليلكُمه الرجل األشقَر ذو المالبس العادية التي
تُظهر أنه كعامة الناس. سقط عبدالعزيز على األرض و كانت ستأتِي رفسةٌ
ِويها ويُسقطه أر ًضا ،
من قدم اآلخر على أنفه ولكن مسكها عبدالعزيز ليل





وضع قدمه على صدِره ليرفعه بش َّدة من شعره األشقر ويضغ ُط عليه بقَّوة
من با ِطن رقبته حتى أغمى عليه. أخذ سالحه وأخرج من جيبه علبة
الرصاص وأتجه بعي ًدا وهو يمسح بطر ِف سه ُكمه الدماء التي تسي ُل من رأ
ِق الموحش ، أدَرك بأنهُ في خطر
، بخطوا ٍت سريعة خرج من الممر الضيِّ
م أنني
كبير وأدَرك بفداحة الخطأ الِذي فعله ، سيقتله عبدالرحمن لو عِل
ي. وضع يِده على رأسه
تركت رتيل لوحِدها ... بكل تأكيد سيفقد ثقته ب
يُريد أن يف ِكر بإتزا هره على ال ِجدار ٍن أكثر ، أتصل وال إجابة ، أسند ظ
نفَس أكثر ، كانوا أكثر من ثالثة أشخاص ، أين البقية ؟ ضغط
حتى يأخذُ
رِِّدي بسرعة
على رقمها مرةً أخرى وال ُمجيب ، أرسل إل يها رسالة "
ماعندي وقت " أنحنى جانبًا في إحدى الزاويَا ليُخرج سالحه وهو يُج ِِّهزه ،
وضع أداةٍ حادة صغيرة تُشبه المشرط بين أسنانه وهو يُدخل في جيبه علبة
الرصاص ، أهتز هاتفه ليجد رسالة منها " حاول تترجى أكثر بكال
ِِّرد
الحالتين ماراح أ " ِِّرد وال أبي أ
في داخله أراد أن يراها ويطحنها بف ُكوكه ، لم يُكمل حدي ُث النفس هذا إثر
شعُوره بفوه ِة السالح التي تلتصق برأسه ، بلكن ٍة فرنسية : أسقط السالح!
عبدالعزيز بألم أدخل األداة الصغيرة تحت لسانه وهو يشعُر بتجريحها
وطعُم الدماء التي تغرق بفمه ولكن ال حيلة له أخرى إن تج َّرد من السالح.
ِّي فوضى حتى ال تخسر نفسك ، تخرج اآلن
وقف ليُخبره اآلخر : ُدون أ
أمامي
عبدالعزيز بخضوع تام سار خار ًجا للشارع ال كتظ ومن خلفه الرجل الِذي ُم
لم يرى مالمحه بعد ، يشعُر بفهوة السالح على خصره بعي ًدا عن أعين
الناس ، لكنتُه الفرنسية ال تُشعرني بأنه فرنسي األصل ، ال من المستحيل
أن ي ُكون من أتباع رائد. شعر بإهتزاز هاتفه ، أدخل يده وهو يُجيب وال
يعرف من. كان صو ُت الما َّرة فقط من يُجيب طرف اآلخر ، ال يستطيع أن
ينطق جملة يخاف أن يبلع األداةُ الصغيرة إن تح َّدث بشيء. تمنى لو أنه
بوسعود سيعرف بالتأكيد بنباهته. نظر لرتيل وهي تخر ُج للطريق المجاور
، أراد أن يصرخ فقط لتبتعد ، بنبرةٍ خبيثة : حبيبتك
عبدالعزيز تقيأ دماءه على األرض واألداة ليلتفت ويل ُكمه أمام الناس التي





ت ُمر وتنظر بإستغراب ، كان يُدرك بأنه ال يستطيع أن يُمسك سالحه
ٍق عام وسيورط نفسه لو حاول قتِلي بمنطقة كهذه. سحب السالح
بطري
الصغر : شكًرا على غباءك
بخفة لجيبه وبلكنته الفرنسية التي تعلمها منذُ
... سحب محفظته وأخرج بطاقة هويته وتركه على األرض ، بخطوا ٍت
تسب ُق الدقائق أتجه للطريق اآلخر ، بحث بعينه ليراها تهِّم بد ُخول إحدى
الطرق ... سحبها لتنتفض ب ُرعب : خييير ؟
أتسعت محاجرها من منظِر الدماء التي حول فِمه ، عبدالعزيز بغضب :
وال أسمع نفَس ... أتج ُهوا حي ُث مكان وقوف سيارتِهم ، ركبت بصم ٍت
ُمهيب ومن المرات القليلة التي تخا ُف منه بهذه الش َّدة.
أخذ قارورة المياه وفتح باب سيارته ليتمضمض ويُط ِِّهر فمه من الدماء ،
سحب منديال ومسح وجهه بأكمله ولم يُبالي برأسه المج ُروح ، ح َّرك
."
سيارته ليُخرج هاتفه وهو يقُود ، ينظ ُر آلخر ُمكاملة وكانت " ناصر
أتصل عليه ليُجيبه بعصبية : وش صاير لك !! يخي ساعة أكلمك وال ترد
عبدالعزيز : فتحته ب ُدون ال أحس توني أنتبه ..
ناصر : طيب أنا الحين عند أبوي بعد شوي أكلمك عندي موضوع مهم
عبدالعزيز : طيب .. وأغلقه. .. ُدون أن يشعر ع ِّض طرف لسانه لتخ ُرج
منه " آآخ."
بإندهاش ، بصدمة ال تعرف كيف تتحدث بكلما ٍت . ُم ألتفتت عليه تزنة
يُكمل قيادته وهو يمس ُح الدماء التي تنهمر في منديله ، ينظ ُر للمرآة الخلفية
والسيارة الواضحة أنها تتبعهم : أتصلي على أبوك بسرعة
رتيل بربكة أخذت هاتفه وضغطت على رقم والده ووضعته على "
السبيكر " ، عبدالرحمن : ألو
عبدالعزيز بصو ٍت مختنق : قاعد يصير شي غريب ! فيه ناس يراقبوني
الحين وما ُهم من الجوهي أنا متأكد من هالشي ..
عبدالرحمن الِذي قام من مقعده : وينك فيه ؟
عبدالعزيز : الحين طالع على شارع جورج سانك
عبدالرحمن : طيب وين رتيل ؟
ي .. مقدر أجيكم
عبدالعزيز : معا .. واليوم موعدي مع رائد ! هالصدفة





ماهي كذا
عبدالرحمن بدآ يفقد إتزانه بالتفكير : طيب لحظة ..
عبدالعزيز بعد صمت لدقائِق وهو يخر ُج لطر ٍق بعيدة عن باريس ومازالت
السيارة تُراقبه ، بتوتر : ق َّربت أطلع من باريس
عبدالرحمن الِذي كان ينظ ُر للخريطة من اآليباد : قاعدة أدِِّور لك أقرب
مكان .. مو معك سالح صح ؟
عبدالعزيز : ال تهاوشت وخذيت
عبدالرحمن بدهشة : صاير شي ؟
عبدالعزيز : شوية جروح بس ! ورتيل ماجاها شي
عبدالرحمن أطمئن قليالً : طيب أنت تدل ُدوفيل صح ؟
عبدالعزيز : مقدر الحين أنا في جهة الشمال
ها عشان نتصرف
َّ
عبدالرحمن تن َّهد : عز قولي أماكن تدل
عبدالعزيز ينظ ُر للوحة التي تُشير لـ : km


Rouen رَوان قدامنا ..
عبدالرحمن : طيب خلك فيها وإحنا بنجيك .. كم شخص ؟
ي ألن واحد أغمى عليه والثاني اللي
عبدالعزيز : أتوقع واحد اللي ورا
سحبت منه السالح
عبدالرحمن بتوتر كبير وكلماته تتسارع : طيب يمديك تتِّوهم .. ال تدخل
بمناطق ماتعرفها وتضيع ..
عبدالعزيز بقلق : طيب متى راح تجون ؟
عبدالرحمن : أنا الحين بروح أشوف بس أهم شي روحوا لمكان آمن ..
بطاقتك معك ؟
عبدالعزيز يخرج محفظته ليتأكد : إيه .. طيب خذيت بطاقة الهوية مدري
الرخصة حقت اللي مسكني .. إسمه حتى مو واضح البطاقة مكروفة
ِّي بس يصير شي .. عطني
عبدالرحمن : طيب خالص ر ِّكِز .. أتصل عل
رتيل ؟
عبدالعزيز بسخرية : تسمعك
وجعل رتيل تسمع ُكل
"
" السبيكر
عبدالرحمن بغضب من أنه وضعه على





هذا : عـــــــــز
عبدالعزيز : بنتك ماهو أنا
عبدالرحمن تن َّهد : طيب .. أنتبه و بتصل عليك بس يصير شي وأنت بعد
... أغلقه.
عبدالعزيز : بدل جلستك يالباردة جيبي المناديل وأمسحي الدِّم
رتيل بقهر وهي على وشك البكاء : أنت الحين اللي ال تكلمني
عبدالعزيز بغضب : رتيييل ال يكثر وجيبي المناديل
رتيل أخذت المناديل وألتفتت بكامل جسمها لتمس ُح ما حول فِمه وبغضب
ش َّدت على مسحتِها ، عبدالعزيز أبعد رأسه : والله لو أني يهودي
رتيل : مين هذولي ؟
عبدالعزيز : ما أعرف
،
عانقتها بإشتياق كبير لتُعانق من بعِدها ض يء ، أبتسمت : وين رتُول ؟
عبير : رايحة مع عز
أفنان عقدت جبينها : مع أنه قالت لي أمي بس يخي ماتقبلت الموضوع
للحين وأنها تزوجت
عبير بضحكة : آل رجعنا بيعلنون للعالم بعدها بتح ِِّسين
ُونك ضي ؟
أفنان أبتسمت : شل
ضي بمثل إبتسامتها : بخير الحمدلله .. طيب أمشوا نطلع أختنقت من الجو
هنا
ُظر ِر أقدامُهن الرقيقة على الرصيف
خر ُجوا من المحطة ، لتسي ، عبير تن
للغيم : شكلها بتمطر
أفنان : من كثر ما أمطرت في كان صرت ما أحب المطر
ضي : وش سويتي في َكان ؟
أفنان : أريح من باريس كله سعوديين وعرب .. يعني الشغل بس برا نادر
ماألقى عرب





ُمحاضرين ؟
ضي : و ال
أفنان بإبتسامة عريضة : فيه سعودي واحد و ثاني أردني والباقي أجانب
ِي أبوي يتصل
ِّ
عبير تُخرج هاتفها لترى ُمحادثة من رتيل قبل ساعت ين " خل
موجودة ؟ " طال إنتظا ُر عينها على الساعة لتعرف
، كتبت لها "
"
ِّي
عل
أنها بعيدة عن هاتفها. : غريبة رتيل راسلة لي أتصل على أبو ي
ضي أخرجت هاتفها : اليوم عندهم شغل أصالً ... لحظة ... دقائق حتى
ٍن أكثر بعد الربكة التي حصلت : هال ضي
أجابها بإتزا
ضي : هالبك ، مشغول ؟
عبدالرحمن : ال .. خذيتوا أفنان ؟
ضي : إيه معانا الحين .. رتيل راسلة لعبير عشان تتصل عليها
عبدالرحمن : إيه خالص كلمتها
ِس
ضي : طيب كويِّ
عبدالرحمن : وين بتروحون ؟
ضي كانت ستتحدث لوال أنه قاطعها : خلوكم في المنطقة نفسها ال تجوني
ضي رفعت حاجبها بإستغراب : يعني نجلس هنا ؟
عبدالرحمن : إيه وبجيكم بعدها
ضي : طيب .. تآمر على شي حبيبي ؟
عبدالرحمن : سالمتك وأنتبهوا على نفسكم ... بحفظ الرحمن .. أغلقه
ضي : أبوك يقول نجلس هنا ومانرجع
،
بتوتر عظيم بلعت ريقها لتُردف : موافقة
بضحكِة عين والدتها وبإبتسامة أش ُد إتسا ًعا : هذي الساعة المباركة
هيفاء أبتسمت واإلحمرار واضح على مالمحها الصبيَّة ، د َخل من ُصور
ويوسف ووالدها معًا : السالم عليكم
:وعليكم السالم والرحمة
هيفاء كانت ستخرج لوال نداء والدها : صايرين مو قد المقام





هيفاء بحرج : وش دعوى يبه بس يعني نومي متلخبط وكذا و أسهر
ُوم
يوسف بخبث : إبتسامة أمي هذي وراها عل
والدتها : دامكم أجتمعتم بفاتحكم بالموضوع
بلمح البصر أختفت هيفاء التي سارت بخطوا ٍت سريعة خارج المجلس.
والدتها بإبتسامة : ولد عبدالله القايد خاطب هيفا
ِل جهله بالموضوع : جد ؟
ِّ
يوسف يُمث
والده : والنعم فيه
منصور ين !! ُظر ليوسف بشك ويُقلد صوته : جد
يوسف ضحك وهو يس ُكب له من القهوة : عن نفسي موافق
منصور : وأنا موافق
والده : دام أخوانه موافقين أنا بعد موافق الر َّجال ما يعيبه شي
والدتها : أجل أنتظر الرجال يومين بالكثير و ُهم جايينك أهم شي خذوا
الموافقة المبدئية
يوسف : والله وبناتك يا يمه صاروا بخبر كا َن
ِر ونربي بعدين غيرنا يآخذهم منَّا
والدتها بضيق : هذي سنة الحياة نكبِّ
ُظر للخادمة التي تجلب عبدالله لوالده ، منصور ضحك : وحبي
يوسف ين
له
يوسف : على وش يا حظي ؟ شايف خشمه
والده : شف على كثر ما تتطنز على ولده الله بيبتليك ما بقى شي ما عيَّبت
عليه
يوسف بإبتسامة : أنا واثق بنسلي حتى الجيل الثالث
من ُصور يرفع إبنه : كله زين بس بعض الناس ما تشوف
يوسف : أستغفر الله الواحد يستغفر لذنوبه على هالولد
منصور يحذفه بعلبة المناديل : قل يعدد حسناته يوم الله رزقه بهالشيخ
،
في ُغرفتها المنزويـة بهذه الشقة في جهٍة بعيدة ، ُمتربعة على السرير





َسارة. ترفع شعرها لتتمرد بعض الخ َصل : ما شفتها كثير
وب ُمقابلها
سارة : طيب كيف يعني شكلها أوصفي ؟
أثير : مدري ما أعرف أوصف يعني مقبولة
سارة رفعت حاجبها : هذا الكالم من الغيرة وال صدق
أثير بإبتسامة ثقة : أغار ! لو يبيها ما تزَّوج عليها
سارة : طيب .. أنا طفشت خلينا نطلع
أثير : عزوز حالف أني ماأطلع اليوم
سارة : بدينا حلف وسوالف مالها داعي
أثير : بخليه هاأليام بس بعدين مستحيل يم ِّش أحسه ِي كال
ِّي .. وأصالً
مه عل
بيطلق الحلوة اللي معه
لتُردف : تدرين يقولي بخليك تتحجبين !!
سارة : بس ترى عاد شخصيته قوية يعني بيمشي كالمه عليك
أثير : ماني حمارة أمشي وراه ! لي شخصيتي وله شخصيته ... قاعدة
أفكر بعدين ال رجع الرياض
سارة : بترجعين معه ؟
أثير : أبوه الله يرحمه كان يشتغل في الرياض وأهله هنا .. يعني عادي
عشان كذا بجلس
سارة : وبتخلينه معها ؟
أثير بسخرية : يشبع فيها
سارة : صح على طاري أبوه! قبل فترة يخرب بيت الشبه تخيلي من شفت
؟
أثير ببرود : غادة ؟ شفتها بعد
سارة بدهشة : تشبهها مررة .. الله يرحمها ويغفر لها
أثير : أول ما شفتها تعِّوذت من الشيطان بعدين تحسينها مريضة أو فيها
شي يعني وجهها مرة أبيض .. بس غادة الله يرحمها بياضها مو كذا
سارة : إيه صح بس نفس المالمح الخشم والعيون .. يممه يالعيون نسخة
،





رائِد بغضب : كيف يعني ؟ بس أرسل مسج ؟
:إيه قال أنه ما يقدر يجي اليوم
رائد تن َّهد : يعني تتعطل أشغالنا فوق ماهي متعطلة ! وش صاير معه
هالصالح!!!
دخل فارس : السالم عليكم
:وعليكم السالم
رائد الِذي جلس بالشقة بعد أن عِلم بإعتذار صالح له ، أردف : وين رحت
؟
فارس بسخرية : المالهي
رائد ببرود : طيب ..
فارس رفع عينه لوالده وبيأس : أنا قررت أتزوج
ُمتفجرة :
رائد بسخرية الذعة غرق بضحكته ليُردف بين ضحكاته ال
اليكون حاط عينك على وحدة ؟
فارس ينظ ُر لضحكات والده ، يعترف لذاته بأنه مج ُروح اآلن من هذه
الضحكة وال ُسخرية : ال
رائد : أنا أقول نام عشان تصحصح شو ي
فارس : وانا مصحصح !!! أبي أتزوج
رائد : بالله ؟ طيب قولي مين !
ِن ! أبي أتزوج أي وحدة
فارس : قلت لك ما أبي أحد ُمعيِّ
رائد : وليه ؟
فارس : كذا
رائد : آل أبي أعرف السبب ألن واضح ماهو عشان زواج
فارس : إال عشان زواج ال تخاف أنا ما ألعب بأحد عشان مصلحة
رائد أبتسم : إيه عرفت أربيك
فارس بضحكة : ما قصرت والله
رائد : طيب .. وأنا أقولك يا حبيبي .... آلآآآ *أردف الرفض بحدةٍ قطعت
برود كالمه*





فارس تن َّهد : يعني تبي تجلسني عندك إلى متى ؟
رائد يُشير إلى رأسه ليُردف : مزاج
فارس وقف : طيب يا يبه أنت تبي تخسرني ماهو أنا .. صدقني قادر أبتعد
ي
وما أسأل عن اللي ورا
رائد يُقلد نبرته : وأنا صدقني قادر أنهيك وال أسأل أنت ولدي وال غيره!!
،
بنبرةِ الضحكات تلتف ُت لها الصغيرة األنيقة : مبرووووك ، تأتِي األم األش ُد
اناقة بإبتسامتها ، تُب ِّخِ رها لتُردف : مبروووك يا بعد عيني. األب السعيد
يقرأ ا : يالله أحرسها .. تنظ ُر إل يهم بإبتساما ٍت هادئة : وين عبدالعزيز ُ عليه
؟
ِق ، خلخلت أصابعها في يِد
و كأن بُخا ًرا يتالشى حتى تسم ُع صوتها الضيِّ
ي .. يممه .. ال تخليني .. ال تموتين .. يممه
والدتها بهمس : يمه رِِّدي عل
ي .. يممممه
رِِّدي عل ...
ُملتفين حول السيارة ونبرةُ
بدأت دُموعها تسقط بإنهمار مع سماع أصوا ِت ال
الشرطة : يممه . .
تحشرج صوتها وهي تشعُر بفقدها للوع ي ... : يبــــه .. يبـــــــــــــــــــــه
رمشت عينها لتسقط دمعٍة وتفتحها على السقف األبيض واألجهزة حولها
َما حولها لتب ِكي بش َّدة : يممه
ُم .. يمـــه .. يمـــــــه لتفَّة. نظرت ل
د َخلت الممرضة لتُثبت جسدها على السرير. رؤى بإنهيار كبير تدفعها :
أبي أمي .... وين أمي ؟ .. وين هديل .. ويننننهم
الممرضة بعدم فهم ، بإنجليزية ركيكة : أرجوك أهدأي
د َخل وليد : رؤى
رؤى تنظ ُر إليه بضياع : وين أمي ؟ وينها !!
وليد تسارعت نبضاته ليُردف : رؤى ؟؟
رؤى : مين رؤى !! أبي أمي .. جيب لي أمي
ٍق فظيع وهو يُردف للممرضة : هل لك بأن تتركينا قليالً ؟
شعَر بإختنا





الممرضة بإستجابة خرجت ُم . لتزمة الصمت
وليد جلس بجانبها : وش صار ؟
رؤى ببكاء : أنا أعرفك ! صديق عزوز ؟
وليد : إيه .. طيب يا..
رؤى تمسك رأسها : أنا ! أنا .. ياربي وش صار !! وين عبدالعزيز ؟
وليد : عبدالعزيز !!
رؤى تصرخ به : أبي أخوووووووووي
وليد : طيب طيب .. أهدي بجيبهم لك
رؤى بضعف وإنكسار : و ناصر ! أبي ناصر بعد
وليد : طيب
رؤى وكأنها تذكرت أح ًدا لتُردف بجنون : وين هديل ؟ هديل وينهااااا ..
ِّي أنت تعرف بس ماتبي تعلمني .. أيه عرفتك عرفتك أنت الدكتور !
رد عل
صح قولي صح أنت أسوأ دكتور شفته بحياتي
وليد أبتسم ومحاجره تختنق بإحمرار ألنه أدَرك أنها تستعيد ذاكرتها
وتعيش التخبط بين ذكريات ما بعد الحادث وما قبله : إيه أنا أسوأ دكتور
رؤى بهذيان : وين أبوي ؟ .. وينههم كلهم !!
وليد هز كتف يه : مدري .. ماأعرف
رؤى : أنت كذااب ! أبي ناصر .. جيبي لي ناصر .. ناصر ما يخبي عني
شي
وليد عقد حاجب يه : بجيبه لك .. بس أهِدي
رؤى صمتت لثواني لتب ِكي وتتعالى ببُكائها : أبوي ما مات صح ؟
ُمتعذب بك :
و كلمة " الموت " مؤذية لقلب ُكل شخص فكي ف أنا ؟ أنا ال
صح
رؤى هدأت أنفاسها براحة : وعبدالعزيز ؟ ما جاء ويانا الحمدلله طيب
وينه ؟
وليد : بيجي
دخلت الممرضة ومعها إبرة ُمهدأة ، رؤى تنظ ُر لوليد بغرق ُحبها الذي





ي
تجهله : روح أتصل عليهم .. ناد ُهم ل
وليد : إن شاء الله ..
تُغرز اإلبرة في ذراعها لتهدأ أكثر ُمستعدة للدخول في نوٍم عميق ، بكلما ٍت
ُمتقطعة : عبدالعزيز .. عـ ...
وليد أغمض عين يه ليمسح دُمو ًعا لم تخرج بعَد ، خرج من ُغرفتها في
حيرةٍ شديدة ، هي أستعادت ذاكرتها بحاد ٍث مثل ما فقدته ولكن تتذكرني !
تعيش التخبط. يالله وكأنهُ ينقصنا ؟
،
ُمتذبذب ، ع َرف رغبة عبدالمحسن ولن يُمانع منها بالنهاية
أشتَّد تفكيره ال
يبقى أخيه مهما ح َدث ، ُربما النصيحة تُفيد أو ال أعرف تماما ما يُفيده
تماما ، ال يهُمني كل هذا ، األهم أنني كيف أعيش ؟
ِِّك
قاطع تفكيره د ُخول أحمد : فيه حالة حريق بحي
سلطان وقف : بيتنا ؟
أحمد : ال .. من رجال الجوهي .. حارقين الفلة اللي قدامك
سلطان يأخذ هاتفه ليخرج مع أحمد ، يت ِصل على عمته التي ال ترد وتشغ ُل
باله أكثر : األمن هناك
أحمد : مسكرين الشارع
سلطان : مين اللي مسكرينه
أحمد بتوتر : أقصد صعب يوصلون الح ِّي الطريق زحمة !
سلطان ألتفت عليه بصدمة : الحي مافيه أمن!!
أحمد بربكة أكثر : إيه
سلطان يتصل على الجوهرة : زحمة وين في أي طريق ؟
أحمد : صاير حادث مروري
سلطان بعصبية : هذي مو صدفة .. قاعدين يستفردون فينا
،





هطل المطر بش َّدة والبرق يُرعب نف َسها التي تخاف ، منظ ُر السماء في
الغُروب يُربكها أكثر : أبوي ما قال بيجي ؟
عبدالعزيز : إيه ..
رتيل بغضب : طيب الحين وش نسوي ؟
ِي أصبع
عبدالعزيز ببرود : طقِّ
رتيل : أكلمك جد!! والدنيا مطر يعني وش بنسوي
عبدالعزيز : شوفي تراني تعبان ومواصل والنفسية زبالة فأكرميني
بسكوتك
رتيل تخرج هاتفها لتندهش من ضياع الشبكة : أيوآآ هذا اللي كان ناقص !
يعني وش بنسوي ؟
عبدالعزيز : قربنا نوصل لـ رَوان
رتيل : طيب وأبوي كيف بيِِّدل ومافيه شبكة الحين
عبدالعزيز : يهدأ المطر ونوصل هناك إن شاء الله بعدها ندق عليه
رتيل بقهر : ياربي .. أنا غلطانة أني جيت معك
عبدالعزيز أبتسم : جيبي المناديل وأمسحي وأن ِت ساكتة
رتيل بح َّدة : ماأشتغل عندك
عبدالعزيز الِذي يسير ببطء بسبب األمطار القويَّة : تراك الحين تعتبرين
كأنك مسافرة ومحد عندك ..
رتيل : تهددني ؟
عبدالعزيز : أعتبريها زي ماتبين
ِِّك في
رتيل بقهر أخذت المناديل وأقتربت منه لتُردف : ما شفت مجانين زي
أحد يبلع مشرط مدري وشو ذي الحديدة
عبدالعزيز : ماهو شغلك .. توقفت السيارة
رتيل : ليه وقفت ؟
عبدالعزيز صمت لثواني طويلة : ِش !! ت هابنز
رتيل أتسعت محاجرها : ال تقول أنها تعطلت .. عشان ماأنتحر
عبدالعزيز يخرج هاتفه ليرى أ َّن ليس ُهناك شبكة ، حك جبينه ليلتفت على





رتيل : رحنا ملح
رتيل بخوف : من جدك ؟ سِّو .. أي شي
عبدالعزيز يسحب معطفه ويرتِديه : بشوف وش صاير يمكن أقدر أصلحه
.. فتح الباب ليهب الهواء الشديد البرودة عليهم ، نزل و رأى كفارات
السيارة األمامية المثقوبة ، دخل مرةً أخرى : شكله داخل مسمار في
الكفارات
رتيل : طيب ؟
عبدالعزيز يشد على معطفه وهو يشعر بالبرودة ، أغلق السيارة : ننتظر
لين يهدى المطر
رتيل بغضب كبير : أنا وش ينطرني ! طيب إذا ما طلعوا لنا مرة ثانية !
عبدالعزيز : ضيَّعناهم وال ما ضيَّعناهم ؟
رتيل : إيه بس
عبدالعزيز يقاطعها : اجل أبلعي لسانك
،
يجل ُس بجانبه ، بلع ريقه وهو يشعُر بقهقهة الحياة الساخرة ، أردف بذبذب ِة
َسِمع ، شعَر
صوته الِذي ي ُخونه ، شعَر بجنُون الحب الِذي ال يصدق ما
بشعُوره جي ًدا : آسف
ناصر أبتسم : على ؟
فيصل : أنا أعرف .. يعني بصراحة مدري كيف أقولك
ناصر : عاِدي قول
َصل أخذ نفس عميق وكانه يغوص اآلن ال يُدرك حجم الغرق الِذي
في
سيسببه لناصر : بعد حادث باريس .. يعني .. أنا أبي أقولك أنه .. أنه
يعني ...
شعر بأنه يختنق ، فتح أزارير ثوبه : والله مدري كيف أقولك
ناصر وقلبه بدآ يتصادم بش َّدة : يتعلق بمين ؟
فيصل : زوجتك





ناصر : إيه
فيصل : أنه .. يعني .. زوجتك .. صار .. يالله رحمتك .. زوجتك في
باريس
ناصر ضحك ال يستوعب تماما : إيه عارف . . قبرها في باريس
فيصل : أل .. يعني هي هناك
ناصر تج َّمدت مالمحه : مجنون ؟ كيف هي هناك!
فيصل بكلما ٍت رتبكة : يعني .. أنا عارف ماراح ُمتقطعة خافتة متوترة م
تصدقني .. يعني كيف إنسان ميت وبعدين ح َّي .. بس .. هذا اللي صار ..
يعني أنا عارف أنك مص ُدوم بس .. الله أراد هالشي وهذا قضاء وقدر ..
زوجتك حيَّة يا ناصر
.
.
أنتهى ، نلتقي الخميس إن الله أراد.
.
.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال





ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد ُمسلمين.
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
ويح قلب
خان صاحبه..
أسمعتم
بوجع عانقه فرح ؟
بعبرة خنقت
على هدب ؟
بموت
تكللته الحياة ؟
بحياة تعود
بعد الممات ؟
ضميري
يقتات على غربة
ستنال منه يوما..





عقلي
سيودي
بقلبي عن سبق اصرار
و ترصد..
مهلك يا عقل
فروحي
سئمت أحبة فقدوا
واحدا تلو اآلخر
وال أضمن
أنني سأقبل الحياة
بعد غياب أبدي ثالث..
*وردة شقى.
رواية : لمحت في شفت يها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
، بقلم : ِطي ش!
ال ُجزء )

)
فيصل بكلما ٍت ة متوترة مرتبكة : يعني .. أنا عارف ماراح ُمتقطعة خافت
تصدقني .. يعني كيف إنسان ميت وبعدين ح َّي .. بس .. هذا اللي صار ..
يعني أنا عارف أنك مص ُدوم بس .. الله أراد هالشي وهذا قضاء وقدر ..
زوجتك حيَّة يا ناصر
وقف ومالمحه ُمتجِِّمدة ال تُصدق سَوى ضربات قلبه التي ترتفع بشهقا ٍت
ِن ، تراجع للخلف ليصطدم بالطاولة وتسقط
صامتة ال يُطلقها سَوى قل ٌب يئِّ





ُمتناثرة ال ُزجاج. فتح أول أزارير ثوبه وعيناه تضي ُع في عين فيصل.
وقف اآلخر بخوف : ناصر!!
ناصر الِذي أرتفع ضغ ُط دِمه حتى نزف أنفه ، لم يُبالي بالدماء التي تُطلق
هتا ٌف خافت وتُناصر قلبه : مين ؟
َصل صمت اليعر ُف كيف يداوي جرحه اآلن ، تكاد تخونه رجولته
في
ويب ِكي من شِِّدة هذا الموقف .
ناصر وإغماءةٌ تقترب منه : زوجتي أنا !! غادة حيَّة ماهو لعب !! ترى
هالشي ماهو لعب ...
فيصل شفق على حاله ليُردف : أنا عارف...
صرخ به : وش تعرف !! وش تعرف ! تعرف كم مرررة بكيت عليها وال
ِز من نومي عليها ... غادة حيَّة ! أنتم تكذبون وال تبون تجننوني
كم مرة أفِّ
!!!! وبعدين وش يعرفك بزوجتي ؟ كيف تعرفها ؟
فيصل : بعد الحادث .. آآ يعني بعد الحادث راحت لمستشفى ثاني وهناك
تلقت عالجها
ناصر بصو ٍت يكاد يموت : زوجتي ! .. يُشير إلى صدره ... زوجتي أنا
... وقبرها ؟
فيصل عقد حاجب يه : تعَّوذ من الشيطان وأنا مستعد أخليك تسمع صوتها
وتتأكد
ناصر يضع يده فوق شفته ليوقف النزيف من مالمسه شفت يه ، رفع عينه
ُمح َّمرة وضربات قلبه تتدافع عند عنقه ، شعَر بأن روحه تخرج ، بأنها
ال
تتحشرج! هل من الطبيعي أن يرثي زوجته سنة ثم يُصطدم بوجودها وهو
ِب بها
المتعذ ! ِّ
سقط بقوة على األرض ، تالشت قَّواه الرجولية ليسقط على ظهره ، أمام
هذا الموت ال أملك قَّوة أكثر ألصِِّدق هذه السخريات ، يا ُحزني بك يا
لذي ال ينفَّك. ليلتنا تلك ، يا ُحزني ا
غادة! يا فجيعتي بك التي ال تنتهي منذُ
قبِل على الموت كما لم
ُ
يا الله أرحنِي من هذه ال ُدنيا ، ال طاقة لي أكثر. أنا أ
ي جحي ًما في المنام ، حبيبتي التي لم أنام
قبل من قبل ، حبيبتي التي أتت ل
ُ
أ
أليام بسببها ، خش ي ُت ان تتعذب ، كنت أخاف على جسِدها من النار! لم





أستوعب بعد أنني أحببتها أكثر من نفسي ، ال مجال ألحٍد أن يُشكك بأنني
ِّي ؟
ُمزاح ثقيل تلقونه عل
أحببت بش ًرا من طين أكث ُر من نفسي ، يالله! أهذا
أهذا قل ٌب يستح ُق كل هذا ؟ أنا لم أفعل شيء في هذه الحياة يجعلها تسخط
ُوا معي هكذا ؟
ِّي وتعصرني بيد يها هكذا! أعيني من حجر حتى تفعل
عل
أقلبي يُش وا بي هكذا ؟ أنا أحبها كيف
ُ
به الجدار الذي توكأ ُت عليه حتى تفعل
ُونها بي
.. من أجل الله الِذي جعلني أعي ُش حتى هذه اللحظة ، كيف تفعل
بهذه البساطة والبسالة ؟ أنا .. أنا الذي أختر ُت الميالد من عنقها وتربيَّ ُت
سنوات في مالمحها التي أتسلقُها ببطء ُكلما حاولت التذكر كم يلزمني شيء
حتى أحكي عن ُحبها ؟ أنا المي ُت بها وال أخشى الموت أكثر. ال أخشى أن
أموت وأنا الضائ ُع بهذه الحياة.
أغمض عين يه الغير ُمستوعبة ما حدث وأغمض قلبه الِذي تالشت نبضاته
بخفُوت وكأنها تُعلن إنتصار الحياة والظروف واألشياء الرديئة التي
باعدت بينه وبينها.
أخرج هاتفه ليتصل باإلسعاف وهو يُجري على ناصر ما تعلمه من
اإلسعافات األوليـة ، جمع كفيَّه ليضعه على صدره ويضغ ُط بقَّوة ليرف ُع
كفِّ . ِه بمثل القَّوة
بصو ٍت مخنوق يُبلل مالمحه الباردة بالماء ، أتى ال ُدور النفسي الذي درسهُ
من وليد ليُخبره بالقرب من إذنه : غادة تنتظرك ... غادة يا ناصر
،
ها توصل بعد إغالق الطريق العام ،
َّ
ِقة لعل
يدخ ُل بسيارته بين األحياء الضيِّ
مازال يواصل اإلتصال ومازال ال أحد يُجيب ، تجاوزت ُسرعته الـ



وهو يقترب من الح ِّي الذي تتصاع ُد غيمةٌ رمادية فوقه ، ركن سيارته
ب ُسرعة ليدخل وينظ ُر للسائق الذي يُطمئنه بكلما ٍت سريعة ال يفهمها سلطان
جي ًدا.
دخل البيت لتبحث عينه عن ُهم ، صرخ : حصـــــــــــــة !!
الصدى الذي ر ِّد عليه جعله يتأكد بان أح ًدا في بيته ، أخرج سالحه ليصعد





لألعلى بخطوا ٍت سريعة ، فتح جناحهم وعينه تبحث ، شعَر بقلبه الذي
ٍن بحجِم مك ُسور .... نظر للحمام الك ِّف يضيق
حتى تحِّول لقطعِة من طي
وخرج ليصعد للدور الثالث ، نظر لغرفة الجوهرة وهي ُمش َّرعة األبواب.
ُمته ِّشِمة ، حاول فتح باب غرفة سعاد ولم يُفيد ، بقَّوة
أنتبه للنافذة العلوية ال
رفس الباب لينفتح وينظ ُر لعمته والجوهرة في حا ٍل يُرثى له. عي ُن حصة
التي ال تب ِكي ولكن تشر ُح الرعب الذي زلزل أهدابها.
سلطان أدخل السالح على جانب حزامه وهو ير ُد على إتصال أحد ُهم
وبلهجة الوعيد : عطني ساعة وراح أجيك..
ح َّصة بغضب وإنفعال : هالبيت مانجلس فيه ! كيف يعني..
درك أنه ُم لم تُكمل من عناق سلطان لها وهو يقبِّ جرد ِل رأسها بعد أن أ
الجوهي على
َ
ُهم وأي ًضا رسالة واضحة من الجوهي، ال أفهم ِلم
تهديد ل
مدار هذه السنوات يواصل إبتزازه بأناس أبرياء ذنبهم أننا نُحبهم : بسم الله
عليك .. الحين بيجون ناس وبيكونون عند البيت محد بيدخل عليكم
ح َّصة بصوت مخنوق : وبعدين يا سلطان ! ما كفاك اللي راحوا تبي
ترِِّوحنا وراهم
سلطان بضيق ينظ ُر للجوهرة المستلقية على السرير ُدون أن تتحرك وهي
ُمح َّمرة : تهديد يا
تضُم يد يها على صدرها ، أبعد حصة ليُخبر عين يها ال
روحي والحمدلله ما صار لكم شي! وهالشي ماراح يتكرر .. ثقي فيني هذا
وعد
حصة تبح ُث عن هاتفها : فيه أحد تحت ؟
سلطان : الشرطة برا
ِها : طيب بروح أجيب جوالي بخلي العنود تجلس
حصة تمس ُح بكائها بكفِّ
عند أبوها
سلطان : والخدم وينهم ؟
حصة : بغرفهم
سلطان تن َّهد وبخروج حصة أقترب أكثر ، جلس بالقُرب منها : الجوهرة
الجوهرة ال تر ُد عل يه ، صو ُت إرتطام الزجاج في بعضه البعض على
ن في أذنها، وقوفها عندما نظرت
ُّ
األرض وهي جالسة مع ح َّصة مازال ير





للنافذة العلوية وهي تتك َّسر مازال ينه ُش بجسدها الضعيف، ي ُد ح َّصة التي
سحبتها ألقرب الغرف وهي ُغرفة سعاد مازالت تشعُر به وبعروق يِدها
التي تنب ُض بخوف، األصوات التي لم تفهم لغتها ولكن كانت قريبة من
الباب جعلتها تفهُم أن هذه الحياة بسهولة تُسلب منهم ! بسهولة ُربما
يختطفني الموت وبغمضة عين أي ًضا.
ِه على كفَّها ولكن ُسرعان ما سحبتها لتُردف بح َّدة : بدري
سلطان وضع كفِّ
عليك تجنني مثلها
سلطان شد على شفت يه ليقف : طيب أنزلي معاي
ُم الجوهرة تس كابرة ولكن تنز ُف
تعدل بجلستها على السرير ، تحاول ال
ِي يفي ُض بالشعُور. كلي يا
ِّ
دموعها بو َجع، األلم أن أظ ُهر الالمباالة وكل
ي ل ُكل هذه الح ُشود التي تأتيني ب ُمجرد
سلطان يفي ُض بال ُحزن وال مقاومة ل
أن أراك. من اإلجحاف أن تكون أمامي كالقبيلة وأكون أمامك كفرٍد ينتمي
لهذه القبيلة ، من اإلجحاف أن يأتيني ُحبك قبائل أمام أنثى ال تعر ُف كيف
د القبيلة.
ُّ
ر
أطال نظ ُره به حتى خرج وتركها باألعلى لوحدها ، وقف أمام الدرج
يعر ُف أنها ستجبَن وتخاف، لن تتحمل الجلوس لوحدها باألعلى.
تضارب قلبُها بقوة في صدرها ، لو أن أح ًدا يستطيع أن يدخ ُل من هذه
النوافذ التي تمتلىء بالبيت، خرجت بخطوا ٍت سريعة لتصطدم بصدره
القا ِسي وهي تب ِكي، بالالشعور ضربت صدره لتنف ِجر ببكائها وتهِذي
بكلما ٍت ال تُفهم سَوى " ليه تسوي كذا."
" كل هذا
َ
، أنا المجروحة أسفل الجناح الِذي يُحاصرك ِلم
ليه يا سلطان ؟ "
َ
؟ ِلم عاتبك على ُكل حال ! وأنت لن تسمع من األساس كل ما تفي ُض به
ُ
أ
تُحزنني هكذا
َ
رعشة عيني ! يالله ِلم !
مسك كفيِّها ليُثبتهما ويسحبها إلى صدِره ، مسح على شعرها لتغرز
أظافرها بظهره الذي أعلنت التشبث به ، أغرقت قميصه العسكري
بدُموعها ، قرأ عل يها بصو ٍت أمتلىء بالب َّح ِذي
َّ
ة الخاطفة لألرواح : ُهَو ال
ِه ُجنُو ُد
َّ
َوِلل
ِه م
َمانِ
ِي
َمانًا َّم َع إ
ِي
ز َدا ُدوا إ
ُم ؤ ِمنِي َن ِليَ

ُو ِب ال
ل
ن َز َل ال َّس ِكينَةَ فِي قُ
َ
أ
ُم ؤ ِمنَا ِت

ُم ؤ ِمنِي َن َوال

َح ِكي ًما ليُ د ِخ َل ال
َعِلي ًما
هُ
َّ
ر ِض َو َكا َن الل
َوا ِت َواألَ
ال َّس َما





َو َكا َن َذِل َك َجنَّا ٍت تَ
ِه م
ِئَاتِ
َر َع ن ُه م َسيِّ
ِ
َويُ َكفِّ
َها
َها ُر َخاِلِدي َن فِي
ن
َها األَ
جِري ِمن تَ حتِ
ُم شِر َكا ِت

ُم شِر ِكي َن َوال

ُمنَافِقَا ِت َوال

ُمنَافِِقي َن َوال

َب ال
ِ
َويُعَذِّ
َع ِظي ًما
و ًزا
ِه فَ
َّ
ِعن َد الل
ي
ِه َظ َّن ال َّس و ِء َعلَ
َّ
ِي َن بالل
َّظانِّ
ُه م ال
َولَعَنَ
ِه م
ي
َعلَ
هُ
َّ
َرةُ ال َّس و ِء َو َغ ِض َب الل
ِه م َدائِ
هُ
َّ
ر ِض َو َكا َن الل
َوا ِت َواألَ
ِه ُجنُو ُد ال َّس َما
َّ
َوِلل
َء ت َم ِصي ًرا
َ َو َسا
ُه م َج َهنَّم
َع َّد لَ
َ
َوأ
َح ِكي ًما
َعِز . ي ًزا
ُمرت
رفع وجهها األبيض له ، مسح دمعاتُها الشفافة ليُقبِّ بك ِل جبينها ال
ُمرتعشت ين ليهمس : خليك في غرفتنا
بتعرجاته ، أغمضت عين يها ال
بيدخلون عشان يصلحون هاألشياء ..
،
ُمتكتفة ال تنطق بشيء بعد أن ألتزمت الصمت ، تنظ ُر لألمطار التي ته ِط ُل
بغزارة على ال ُزجاج األمامي ، ال شيء واضح سَوى أضواء السيارات
مر بخفُوت ، كل ثواني طويلة بطيئة تقطعها سيارةٍ واحدة ُدون أن
التي ت ُّ
ينتبه أحٌد بهذه الظلمة إل ينا. هذه األضواء التي تظهُر قليالً وتختفي كثي ًرا
تُشبه وعودي الزائفة، أشهُد أ َّن ال رج ٍل يتالع ُب بتوازن هذه األرض
غيرك، يُحِِّرك مظاه ِر مزاجي الكوني بين أصبع يه كأنت ، أشهُد أن ال ُحب
يأتِي بملء دموع السماء ك ُحبي. وأشهُد ان ال عقل أقوى من هذا ال ُحب
ُط عقلي وسطوته ؟ كل
كعقلي الِذي يرف ُض كل محاوال ِت قلبي، أرأيت تسل
األشياء التي نظرت إل يها بثقة يُدافع عنها عقلي اآلن يا عزيز.
ألتفت عل يها : تدعين ؟
رتيل بهُدوء : اللهم باعد بيني وبين أسوأ عباِدك كما باعدت بين المشرق
والمغرب.
بمثل هدوئها : آمين
ِِّربني إلى الصالح من عبادك
رتيل بعقدة حاجب يها : و ق .
عبدالعزيز : ماهو آمين يا رتيل
رتيل أبتسمت : ما تؤمن أنك صالح أبد!
ُمعَّراة أمامه بهذا
عبدالعزيز ألتفت عل يها بكامل جسِده لينظ ُر إلى جروحها ال





المطر ، هذا المطر الِذي يجعل النساء يخجلن بإلتصاق ثيابهن هو ذاته
الذي يجعلنا نخجل ُعر ِّي ندبا ِت قلوبنا : أؤمن لكن فيه األفضل
رتيل بنبرتها الحادة : أكثر بكثير
عبدالعزيز : وأنا ؟ أقل
رتيل ألتفتت عل يه بكامل جسِدها أي ًضا : طيب أنا غلطت أعترف أني
غلطت وتجاوزت حدود الله ! أعترف بكل هذا وتعلمت من أغالطي لكن
أنت !!
عبدالعزيز بنبرةٍ خافتة تُخالف صخب هذا الجو : كنت ردة فعل ألغالطك
رتيل أبتسمت بش ُحوب : كلنا غلطنا ال تحاول تبرأ نفسك وترمي غلطك
ِّي
عل
عبدالعزيز : ما أرمي غلطي عليك! أنا ممكن غلطت
رتيل تقاطعه بحدة : أنت غلطت ماهو مسألة ممكن وإحتماالت
عبدالعزيز : غلطت يا رتيل بس أن ِت اللي بديتي هاألغالط كلها ! لما
ِي
غلطت مرة شفت نفسي أغرق بأغالطي .. كانت البداية سهلة منك ومنِّ
بس الحين ال أن ِت قادرة تتخلين عن أخطائك وال أنا
رتيل بقسوةِ صدقها : قادرة أتخلى وبالوقت اللي أبي! وجودي معك ماهو
يعني أني أبيك!! أنا بس آخذ حقي من هاللي صار زي ما كنت تتسلى أنا
بعد من حقي أتسلى
عبدالعزيز : تتسلين بأيش بالضبط ؟
رتيل : تعرف لما يقولك دكتور هذا اإلنسان باقي له أسبوع ويتوفى ألن
المرض ماله حل .. تعرف شعور شخص بالشفقة حتى لو مايحبه بيجلس
معه طوال هاألسبوع .. بدافع اإلنسانية
عبدالعزيز ثار بغضبه : مين المريض بالضبط ؟ أنا وال أن ِت ؟
رتيل بقسوة صوتها الطاغي على صو ُت السماء تش ُد عين عبدالعزيز
لشفت يها التي تنط ُق بكل ما هو جحيم : أنا أعرف أني مريضة فيك! أعرف
ي لكن أعرف أختار نهايتي زي
وال محتاجة أحد يشرح ل ما أبي ..
أعتبرني ما أقبل موتك بحياتي كذا بسهولة هالمرة .. بِدافع ال ُحب اللي كان
ماهو اإلنسانية





عبدالعزيز يسند ظهره على ال ُكرسي : الحب اللي كان !! كذابة
ُمتصادمة ، ثبتت عينها بعينِه لتلفُظ
رتيل تنظ ُر له بضياع ضربا ِت قلبها ال
ما هو أقسى على قل ِب عبدالعزيز : ور ِّب العزة أني عنك قادرة أستغني
وأنه ُحبك اللي خسرته لو تدِِّوره العمر كله ماراح تلقاه فيني
َ
طال نظ ُره بها ، أربكها بعين يه ، الكون الذي يتزن في ُحجرةِ شفت يك ِلم
" عذاب ُمقبل
النظرة األولى
ِط الجحيم عند بابه ؟ كنت أدرك بأن ِك منذُ
ِّ
يُسل
لمحتِك أنني لمح ُت الموت وأ َّن ال ُحب في
، ُكنت أدرك تما ًما منذُ
عل يه "
ر منَّا
الزمان الذي جمعنا هو السي ُر بخطوا ٍت مستقيمة للمقبرة التي لم تف ُّ
ي وأنا المؤمن أش ُد إيمانًا
ِر ِك ب
يو ًما وها هي حاضرة اآلن لتشهد على ُكف
بقلبك.
ُم أبعدت عيناها لتن جرد أنك ُظر للشباك : ما أصدق أنك تتالعب في غير
ي ل
تحاول تسد الفراغ اللي فيك
عبدالعزيز بحدة : ما تالعبت! أثير ُعمرها ما كانت لعبة وأتالعب معها !!!
ثمني كالمك يا رتيل ماني ناقص رجولة عشان أتالعب بإحساس غيري
رتيل أرتجفت شفت يها من الغيرة التي تفضحها ، ُكنت أعرف! والله كنت
أعرف ولكن أردت أن أتأكد وليتني لم أتأكد : تحبها ؟
عبدالعزيز صمت لين . ُظر للسماء من الزجاج األمامي
ُمتجمدت ين بين
رتيل أخفضت نظرها وبنبرةٍ خافتة وهي تالصق كفيَّها ال
فخذ يها : ما كانت أول خيار لك إال ألنها تعني لك الكثير
ألتفت عليها بحدةِ حاجب يه : تؤمنين بالحب قبل الزواج ؟
رتيل ُرغم دهشتها من السؤال إال أنها أردفت بهُدوء : ال ، عرفت متأخر
أنه مخالفتي للدين يعني أني أخالف نفسي ، يعني أني أضايق نفسي ،
عشان كذا ممكن أؤمن باإلعجاب قبل الزواج! ممكن أؤمن بأشياء كثيرة
لكن الحب ما يجي بسهولة! صح ؟
عبدالعزيز : صح! مافيه شي إسمه حب من أول نظرة أو حب من أول لقاء
! فيه شي إسمه إعجاب بعدين إنجذاب بعدين حب ! وهاألشياء ماتجي اال
بالممارسة والممارسة حرام! عشان كذا...
رتيل تُكمل عنه وكأنها تقرأه تماما : ال ُحب ماله عالقة بمجتمعنا اللي شَّوهه





بالممارسة! ال ُحب أسمى من كذا وبالنهاية هو أمر فطري ماله عالقة
بممارستنا له! لكن ممارستنا نفسها هي الحرام
عبدالعزيز : يعني تؤمنين أنك سويتي الحرام
رتيل تحشرجت محاجرها ، هزت رأسها باإليجاب : غلطت! غلطت بحق
نفسي كثير.. لكن..
عبدالعزيز : لكن تحسين أنك كفَّرتي عن هالغلط
رتيل بإندفاع : كلنا نغلط لكن فيه ناس يبقون في غلطهم وفيه ناس يدفعون
ثمن غلطهم طول عمرهم! أنا أدفعه الحين! أدفع ... أدري أنك ماهو أكبر
آمالك أنه تسمعها مني وأنا وعدت نفسي أصال أني ماأقولها لك لكن بكون
صريحة معك أني أنا أدفع الحين ثمن ُحبي ..
عبدالعزيز بهمس : وبعدها ؟
رتيل : ماأؤمن بشي إسمه مقدر أنسى ! شي ماهو بإرادتي! قلت لك وبنفس
صراحتي لك يا عز .. أنا قادرة أني أنساك وبنتظر الزواج التقليدي اللي
بينسيني إياك
عبدالعزيز بنظراته الخاطفة : يعني قررتي ؟ قرار غير قابل للنقاش
رتيل هزت رأسها باإليجاب لتُردف بعد ثواني صمت : قلت أنك ماراح
تجرح أثير! وأنا ماراح أجرح نفسي بنفسي
عبدالعزيز : ليه تربطين الشيئين في بعض ؟
رتيل ألتفتت عليه لتنفجر بغضبها : تظهر رجولتك فيها! وأنك منت ناقص
رجولة عشان تجرح بنت وتتالعب فيها! أنت فعال تبيها ! وبعدها تسألني
ليه أربط ؟ طيب رجولتك هذي وقناعاتك ومبادئك اللي تربيت عليها ليه
تغيَّرت معاي ؟
عبدالعزيز بهُدوء وسط صراخها : ألنك كن ِت إستثناء
رتيل تفت ُح أزارير معطفها وتنزع وشاحها الذي يل ُف حول رقبتها ، شعرت
بأنها تختنق : طيب أنا قرر ت! لي طريق ولك طريقك
عبدالعزيز بإبتسامة ُمختلفة عن ما أعتادته،إبتسامٍة غرقت بها وهو يُظهر
ُشرفَة بسيطة على أسنانه : وإذا حصل ولقينا تقاطع ؟
رتيل ضحكت بين ربكة دموعها التي أختنقت في عينها.





عبدالعزيز : ممكن أجِِّرب شي ؟
رتيل : ال
عبدالعزيز بمثل إبتسامته : مافيه شكرا على الضحكة
رتيل ألتفتت عليه بكامل جسدها مرةً أخرى : وش تجِِّرب
بلة رقيقة تُشبه
عبدالعزيز أقترب حتى المست شفت يه ما بين حاجب يها ، قُ
قبالت الوداع : واضح أننا ماراح نلقى تقاطع!
رتيل فتحت عين يها المغمضة بعد هذه القبلة التي ج َّمدت الشعُور بها :
ماراح أتنازل وال أنت بتتنازل! مافيه أي تقاطع
عبدالعزيز تن َّهد ليبتسم مرة أخرى : طيب ، خلي األيام األخيرة لنا هنا
تكون ذكرى ! ماأبغاها تكون حلوة بس إذا تسمحين التكون شنيعة
رتيل : هدنة ؟
عبدالعزيز : نقدر نقول قبل اإلنفصال !
ألتزما الصمت بعد صو ُت الرعد ، سكنت حوا ِسه وعقله يضيق عليه ، لم
ي ُكن ينقصه أن تواجهه بكل هذه القسوة األنثوية ، هذه القسوة التي تعص ُف
بقل ِب الرجل البائس! ليس من السهولة أن تحرقين قلبي! أب ًدا ليس من
السهولة أن تق ِعي ب ُحب غيري! مهما كابر ِت أن ِت لن تجدين أح ًدا تُحبينه إال
" عبدالعزيز " ، أنا يا رتيل.
رتيل : وش بنسوي ؟ أنا ماراح اتحرك من هنا
عبدالعزيز يأخذ الوشاح الِذي وضعته


إعدادات القراءة


لون الخلفية