الفصل 94

ليتك تفهم معنى أن
ليتَك تفهم وتعرف أمُر الحب الذي يهرول بقلبي عبثً
ي، ماذا ستخ َسر لو تتنازل قليالً؟ ما
ٍن يستأصل جذوري وخاليا
أسقط بأني
ستخ َسر لو فقط تُشعرني بأنني أهمك كما ينبغي، مجروحة ِمنك، مجروحة
من الكلمات التي تخرج منك بصورةٍ بشعة، مجروحة من عين يك التي تُكثر
َي! مجروحة و موجوعة ِمنك
ل . ومها عل
طرقت أفنان الباب المفتوح : انزلي تحت . . مجتمعين وناقصنا أن ِت
الجوهرة بمالمحٍ شحبت بلونها : جا يتك بس أنتظر إتصال
أفنان : فيك شي؟
الجوهرة هزت رأسها بالنفي وعين يها تضي ُع بالفراغ.
أفنان بشك : تكلمي وش فيك؟
الجوهرة نظرت لهاتفها الذي يُضيء بإسم ح َصة: شوي وأجيك
أفنان بإستغراب : طيب ..
أجابتها : ألو . .
ح َصة بهمس: دقيقة خليك معي . . . دخلت إليه وهو يُعَدل نسفَة شماغه :
سلطان





إلتفت عليها : س َمي
حصة : سم الله عدوك . . آآآ . . مَدت إليه الهاتف.
سلطان بحاج ٍب مرفوع إستغرابًا : مين؟
حصة : ر َد بنفسك . . ب ُمجرد أن أعطته الهاتف حتى خرجت وأغلقت
الباب من خلفها.
سلطان بصو ٍت يظهُر عليه نتوءا ِت المرض والب َحة : ألو
أشعُر وكأن الهواء ينجلي بنبرته، أشعُر بأني أفقد تما ًما قدرتي على الحديث
لمتعب ما س َر بحضرةِ صخبه، صوتُه ا ه؟ لو أنني أقدر على مداواته،
تُتعبني يا سلطان من تَعبك.
سلطان أبعد الهاتف لينظر لإلسم، أمال فِمه من حركة عمته به ليُعيده إلى
إذنه : أتمنى إتصالك ما يكون شماتة!!
الجوهرة بخفوت : محشوم . . كيفك؟
سلطان ببرود : تمام !
الجوهرة : قالت لي عمتك أنك طلعت من المستشفى اليوم . . الحمدلله على
سالمتك
سلطان : الله يسلمك . .
ال ُجوهرة بضيق : سلطان
سلطان : مشغول مضطر أسكره . .
الجوهرة ب ُمقاطعة سريعة : لحظة! . . بس بقولك شي
سلطان بسخرية : وش الشي؟ . . حامل! مبرووك حبيبتي
ملها، شعَر الجوهرة بصدمة تجمَدت أصابعها وجسِدها بأك ت بأن هذا العالم
باكمله يحش ُر نفسه بصدرها ويقب ُض على نبضاتها، لم تتوقع وال للحظة أن
يلفظها ببرود هكذا! ولم تتوقع وال بنسبة ضئيلة أن تُخبره ح َصة، كيف
َوى
ُمهًما بهذه الصورة السيئة التي تُفقد الخبَر بريقه؟ كيف يق
يستقبل خب ًرا
أن يكون بار ًدا حتى بأمٍر مهم كهذا! يالله يا سلطان! يا قساوتِك! ما تحمله
ليس بقلب! لوهلة أشعُر بأن ما في صدرك حج ًرا ال يشعُر وال يح َس! من
ي وتش َدني إل يك! من أين أت يت
َوا
ي؟ من أين حتى تسل ُب كل ق
أين خرجت ل
ني بهَواك! لمرةٍ واحدة فقط أشعرني بأن كل جزء مني هو مهم
حتى تذلَ





بالنسبة لك، لمرةٍ واحدة فقط أجعلني أستشعُر بأنك زوجي ولست حبيبي
فقط.
برجفة : أيش!!!
َي
سلطان : هذا اللي تعلمتيه و ربَوك عليه؟ أنك تخبين عل !!!
الجوهرة : سلطان . .
سلطان بغضب : ال تقولين سلطان !
الجوهرة : فاهم غلط . . لو كنت مكاني. .
سلطان بح َدة : ماأبي أكون مكانك! ما قصرتي علمتي العالم كلها بس أنا
الن . .
الجوهرة بو َجع : لو تعرف بس أنه وقتها . .
يُقاطعها بغضب يزي ُد تعبه تعبًا : ما أبغاك تشرحين وتبررين . . !
الجوهرة بإصرار : إال بشرح لك وأبرر . . تهمني يا سلطان
سلطان : واضحة هاألهمية . . !
واساةِ صوتها الذي يزدا ُد ذبوالً الجوهرة تساقطت دموعها بم : ممكن ترتاح
الحين وماتروح الشغل وتزيد تعبك !
سلطان : شكًرا على إهتمامك . . ماأحتاجه
الجوهرة بغضب : سلطان
سلطان بح َدة . . . :
،
شعَرت بالهدوء الذي يح َف المنزل، نظرت لشاشة الحا ُسوب التي أمامها،
درك فداحة ما أفعله ولكنك
يا عزيز لم تترك لي فر َصة، هذه المَر أ ة من ُ
تهجرك أنا ولست أنت، هذه المَرة لن يكون الخيَا ُر عائِ ًدا إل يك، لمَرةِ واحدة
ريد أن
ُ
ريد أن أهزمك بطريق ٍة ملتويَة أستخدمتها معي كثي ًرا، لمرةٍ وا ِحدة أ
ُ
أ
ي، إلتفتت ع
أكون لئيمة إتجاهك، حتى تبرد حرارة القهر الذي زفرتهُ ب ليه





ب ُمجرد أن شعرت بخطواته، انده َشت لتتج َمد بمكانها، عبدالعزيز يقترب
ناحيتها بغض ٍب يعتلي مالمحه : أن ِت اللي تجبريني أتصرف بهالطريقة
رتيل بلعت ريقها وهي تعرف ماذا يُريد أن يفعل بها، وقفت لتبتعد آلخر
زاويـة في الغرفَـة وعيناه تشر ُح بطريق ٍة ما كيف ستكون اإلهانة مؤلمة
بحقَها.
رتيل . . . :
،
يأ ِت صوته واض ًحا بجانب إذنه ليلفظ : أنهينا لك موضوع فارس! أما
ناصر بالسجن عطني بس يومين وتدفنه بنفسك.
.
.
أنتهى نلتقي على خير الجمعة()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!
الجزء )٣٧)





يارب يارب يارب يقِّ + ر عيننا بن ِصر سوريَا وبالد المسلمين ويحفظ
ويحفظ أرضها
"
ماِلي
شعوبنَا العربيَة واإلسالمية من كل شر، ويحفظ "
وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ يزيد بن معاوية.
َّر بِنا
تُها الوصل قال ت :ال تَغُ

َسأل
َما
من رام ِمنا َت ِوصاالً
بِالكمِد
نا بالح ِب ما َت َجَو ًى
فَ َكم قَتِي ٍل لَ
ِم ، ولم يُ بِدئ
من الغرا
ولم يعِد
ٍل
فقل ُت : استغف ُر الرحم َن ِم ن َزلَ
إن المح َّب قليل الصبر
والجلِد
قد َخلفتني طِريحاً وهي قائلةٌ
تَأملوا كيف فِ ع ُل الظبيِ
باألسِد
قال ت:لطيف خيا ٍل زارني ومضى
ِز بالله ِد
ِصفهُ وال تنقص وال تَ





فتُهُ لو مات ِم ن ظ َمٍأ
َّ
فقال: َخل
وقل ُت :قف عن ورود الماء لم
ِرِد
ي
َت الوفا في الح ِِّب ِشيمتُهُ
َصَدق
قال ت:
يا بَر َد ذا َك الذي قال ت على
كبدي
واسترجع ت سأل ت َعني ، فقيل لها
ما فيه من رم ٍق .. و دق ت يداً
بِيَ ِد
وأمطر ت ل من نرج ٍس وسق ت ُؤلؤاً
ورداً ،
وعض ت على ال ِعنا ِب بِالبرِد
ِل قائلةً
وأنشد ت بِِلسان الحا
ِر ُك رٍه وال َم ط ٍل وال
ِم ن غي
مدِد
والل ِه ما حزن ت أخ ٌت ِلفقِد أخٍ
ٌم على ولِد
ُحزني عليه وال أ
َوا أسفي
إن يحسدوني على موتي ، فَ
حتى على المو ِت ال أخلو ِم َن الحسِد
تنبيه : هذا جزء أ ٣٧ ،لوضع خارج عن إرادتِي َول من البارت
أضطررت أني أقسمه بهذي الصورة، البارت ج ًدا مهم وأهميته تكمن في
الجزء الثاني اللي راح ينزل إن شاء الله يوم األحد، أغلب اللي كنتم





تنتظرونه من أحداث بتكون بالجزء الثاني بإذن الكريم، فأتمنى تقدَرون
هالشي وتحطونه بعين اإلعتبار أنه البارت يعتبر ناقص، لكن ماهو قصير
كثيير ألن تقريبًا ٦٣ صفحة بالوورد، المهم تمامه وإكماليته يوم األحد
تقرونه برواق إن شاء الله. ح َطوا هالشي في بالكم عشان ما يجيني تعليق
" البارت قصير و فقدنا فيه فالن وفالن " ألن قلت هالشي مسبقًا،
يقولي
َول من البارت وبيكون مشبع بالجزء الثاني
هذا جزء أ .
الجوهرة تساقطت دموعها بمواساةِ صوتها الذي يزدا ُد ذبوالً : ممكن ترتاح
الحين وماتروح الشغل وتزيد تعبك !
سلطان : شكًرا على إهتمامك . . ماأحتاجه
الجوهرة بغضب : سلطان
سلطان بح َدة : أن ِت لو . . . استغفر الله بس!
أنا وش بالنسبة لك؟ تحاسبني على
الجوهرة بضيق : أنا أيش؟ . . أصالً
أشياء بدون ال تلتفت لنفسك وتحاسبها باألول!
سلطان : ب َشرتي السعودية بكبرها واستكثرتي تقولين لي!!! وبعدها أعرف
من زلَة عمتي! . . كيف تبيني ما أحاسبك؟
الجوهرة : ما بشرت أحد! أهلي و . .
يُقاطعها : وأنا ماني أهلك؟
الجوهرة بلعت رجفتها بربكِة فكيَها من إعترافه المب َطن/الحاد لقلبها :
سلطان آآ . . ماراح تفهمني
سلطان : وال أبي أفهمك! كنت متوقعك واعية وعاقلة مهما ضغطت عليك
الظروف! بس أن ِت ما ضيَعتي أول فرصة جتك عشان تهينيني قدام الكل
بأني آخر من يعلم
الجوهرة بدأت نبرتها تمي ُل ناحية البكاء : ما أهنتك! أنا ما بغيت تصلَح
األمور معي بحجة حملي! كنت أبيك . .
يقاطعها بغض ٍب جعلها ترتبك من خلف الهاتف، بغض ٍب جعلها تتراجع
بظهرها للجدار.





َي يا سلطان حتى وأنت بعيد! يا لهيبتِك المزروعة في نبرة،
يا سطوتُك عل
من شأنها أن تُسقطني في أسف ِل قاع وترفعني ألعلى غيم.لو أنني استطيع
أن أتجاوزك بخفَة وال التفت إلى الخلف، لو أنني أستطيع أن أغمض عيني
وتسقط بدَمعة، لو أنني فقط أعر ُف كيف أقمع ذاكرتي وأنساك! أنت تتكاثر
ي، تتكاث ُر بكل دمعٍة تمَر على خدي، لس ُت صالحة بما يكفي للنس
ب يان! أنا
صالحة بما يكفي ل ُحبك .
:تستهبلين!! وش اللي ما صلحت األمور معك! جيتك وأنا مدري عن
َوري حجة ثانية عشان تقنعيني
عقليتك المريضة اللي تقرر من كيفها! . . د
فيها
الجوهرة : ليه تآخذ األمور بهالطريقة؟ أنت ماتشوف نفسك أجبرتني
أتصرف كذا!
سلطان : اقتنعت أنه الكالم معاك ضايع . .
َي بأسلوبك
َوجع : ال تضيَق عل
الجوهرة ب !
سلطان بعصبية : ربي رحمك أنك منتي قدامي وال والله كان ذبحتك من
ح َر ! تي
الجوهرة ش َدت على شفتِها لتمنعها من بكا ٍء طويل : الله رحمني عشان ما
تقهرني بتعبك
سلطان عقد حاجب يه بضيق ليجلس على األريكة : روحي اللي تعبانة منك!
اخترتي طريقك وكمليه بروحك
الجوهرة بغ َصة تُربك الكلمات العابرة فوق لسانها : قلت لي كثير ال
تتوقعين إني أفرح لما أضايقك بكلمة! . . وأنا بعد! ال تتوقع مني إني أفرح
بهالخبر وأنت تقابلني فيه بهالطريقة!!!
سلطان بغضب يعود ليقف : على أساس إنك قلتي لي إياه! انا لو ماعرفت
الله العالم متى راح تكلفين عمرك وتقولين لي!
يغزو محاجرها : ماراح نقدر نتناقش وأنت معصب
ٍ
الجوهرة تنهَدت بدمع
. . ماراح تفهمني صح!
سلطان : أسألك بالله! في نيتك نقاش و ُصلح؟
بلعت ريقها بصعوبة لتُردف : ليه تظن فيني سوء؟





سلطان بح َدة أرعشت جسدها : ال تجاوبين على سؤالي بسؤال!
الجوهرة : أكيد . . أبي نتناقش ونوصل لحل يرضينا
سلطان بضيق اتضح على نبرته التي تزدا ُد إتسا ًعا بالتعب : تبين تكسبين
كل شي بما فيهم تعاطف عمتي معك، وش راح تخسرين؟ بتكَملين حياتك
مع ولدك في وقت أكون أنا متشفق على هالولد! . . مين الغلطان؟
الجوهرة : نسيت كل اللي سويته فيني؟ ضربتني وحرقتني و أهنتني مليون
مَر ! ة بكالمك ونظراتك! . . وبس خبيت عنَك الحمل اجرمت فيني
سلطان : ألن هذا أكثر شي كنت أحلم فيه! وأن ِت ما تركتي لي فرصة حتى
أفرح!!
الجوهرة بدمعها الناعم : كنت راح تفرح؟
سلطان : مين اللي يظن في الثاني ظن السوء؟
الجوهرة : ما تركت لي مجال يا سلطان، ُعمرك ما حسستني بأني زوجتك
اللي منتظر منها تكون أم عيالك !
سلطان يعود صوته للخفوت/لإلنكسار : حرقتي قلبي! أبشع يوم شفته
بحياتي كان أمس . . كيف تبيني اتقبَل أعذارك وكالمك؟ . .
الجوهرة بضعف : أتركه للوقت
سلطان : هو باقي شي ما تركته للوقت؟
لم اتوقع وال للحظة أن يأ ِت صوته الضيَق مؤذيًا هكذا! أشعُر بأن هالة من
من الحياة التي ال تنصفني وال لمَرة،
" تعبانة "
العتمة تحوم حول قلبي،
َوة تُهينني بظنَك السيء، قُ
وحين أشعُر بأنني أسترجعت بعض من الق ل
ُسعدك وأنا لس ُت قادرة على أن ابتسم بأريحية! " فاقد الشيء ال
كيف أ
ُعطيك شيئًا ال أملكه، كل هذه الدنيَا خواء،
وأنا ال استطيع أن أ
يُعطيه "
ريد أن أكون أم أطفالك و إبنة
ُ
وأنت الشيء الوحيد الذي أح َسه ويعنيني، أ
ي قلبك، ال أنتظر تصفيق من الحياة ألنني أحاول أن أر ،
َد إل يك ما فعلته ب
وال أنتظ ُر أن يقول لي أح ًدا " قويَة تركتيه " أنا لس ُت قوية بما يكفي حتى
أتر ِكك بإستسالٍم تام، أنا مازلت معك، أجاورك تما ًما وال أقدر على نف يك
من قلبي، يا راحتي بهذه ال ُدنيَا وإن زعزعت راحتي، يا فرحتي البسيطة
َرة،
قلبي في صدِرك إني مبعث
وإن أثقلت ُحزني، يا أمني وأماني، يا وداعةُ





وهذه الحياة
لت " تركتك للحياة "
لملم شتاتي لوحدي، قُ
ُ
ال تنتظر مني أن أ
يا سلطان ال تُدللني، دثَرني ب ُحبك، يكفيني أن أعيش العُمر المبتقي في كن ِف
صدِرك، لو س َمحت هذه الحياة أسا ًسا! ولكنها أحالم، و ق َد ُر األحالم أن ال
حلم/ خيال."
"
تتحقق. وأنت الحقيقة التي ُسرعان ما تتالشى وتُصبح
أردفت : سلطان
سلطان بقسوةِ نبرته : بستخير بطالقك الليلة
الجوهرة صمتت، إلتزمت الس ُكون وهي تغر ُس أسنانها في شفتِها السفلية،
يارب ساعدني، يارب إني ال أسألك أن تُخفف حزني بقدر ما أسألك قلبًا
تمل . ُ يح ه ويصبر عليه
ليسعل بب َحة شعر أن روحه تخرج من محجرها،
سلطان أبعد الهاتف قليالً
لن يستطيع مهما حاول أن يُخفي تعبه ومرضه بردا ِء الجمود و الالمباالة :
مع السالمة . . . انتظر لثوانِي يسم ُع صدى أنفاسها التي ترتطم بأذنه، ثانيَة
تلو الثانية من حقها أن تعبث بقلبه، أغلقه ليضع الهاتف على الطاولة، نظر
للنافذة التي تُقابل الضوء باإلنعكاس، اضطربت أنفاسه بصدٍر يرتفع ويهبط
ُدون سَالم/إتزان، أسند ظهره على التسريحة ليُردد بقلبه " يا رب اعطني
جز ًء من الحياة أكافح من أجل أن أعيشه "
،
رفعت عيناها الباكية لسقف غرفتها الذي يشت ُد بسواِده،ينقب ُض قلبها
بإرتطاماته الحادة، اخفظت نظرها لتنظر لباطن كفَها األيمن، عالمةُ حرقه
التي مازالت تُعلَم عليها وتُذكرها بصرخاتها تلك الليلة، بصو ٍت تُركي
الحارق لمسامعها، بكلماته الرخيصة التي يُدافع من أجل أن يثبت
مصداقيتها، بحزنها الشاسع الذي ال ين َضب، وال ينط ِوي على حاله !
"
ُكنَا نُماطل من أجل أسباب ال نتجرأ على قولها ألنفسنا، ُكنا نقرر
اإلنفصال " كثي ًرا، كانت نهايةُ كل خناقاتنا مصيرها ذا ُت الكلمة، هذه





الكلمة التي ح َملناها فوق ما تحتمل، ولكننا لم نملك الشجاعة الكافية بتنفيذ
لطان نخض ُع القرار، ُكنا يا س لقلب ينا، الذي نواجه صعوبة بتفسيره/بفهمه،
َي وعٍد نقطعه من أجل
ومازلنا نواجه هذه الصعوبة، ال نقدر! ال نلتزم بأ
الحياة، كيف سنصبر؟ كيف سيمضي العُمر؟ موجوعة، أشعُر بأنني اختنق
َي، أشعُر بأن
من هذا الهواء الذي يعب ُث بصدِري وال يحاول ان يمأل رئت
الكل حاقد اآلن بما فيهم هذا الهواء، هذه الذرات المتطايرة بشفافيَة حولي،
َوق
تخنقني، تمألني كلَي وال تذهب لمجرى تنفُسي! أشعُر تما ًما وكأني أتذ
طعُم الشحوب/اإلختناق/الضيق، الطعم الالذع الذي يسعُر بلساني ويطويه،
يط ِوي الكلمات ويقتلني! سنصِلي اليوم آخ ُر ما يربطنا، سنصِلي ُدون أن
نتنازل من أجلنا، سنصلي لله الذي أمهلنا الوقت لنمضي معًا، ولكننا نثبت
، نضي ُع
أننا من جلٍد أسمر ال يرتضي بأن ينحني قليالً من أجل " الحب "
تما ًما ونسأل الله بصالتنا أن ال نضيع، نرتكب أسوأ ما يُمكن لإلنسان أن
يفعله بحق من يُحب وندعو الله أن يحميه، كيف لنا أن نتناقض بهذه
الصورة البشعة؟ أنا سيئة! سيئة ج ًدا في الوقت الذي مال به قلبي ناحيتُك،
ألنني لم أعرف كيف أدافع عن نفسي/قلبي/ذاكرتي . . لم أعرف كيف
َي
أدافع عنك وأنت تتشع ُب ف .
ٍن يجَوف معدتها، إتجهت إلى الحمام لتتقيأ تعبها و ُحزنها،
شعرت بغثيا
توضأت وبمنتصف الوضوء ادركت أنه ليس وقتًا للصالة، هذه الصفة التي
ستحملني العُمر بأكمله تُذكرني بك أي ًضا، كل شيء بالحقيقة يُذكرني بك
مهما حاولت أن أنكر ذلك.
أكملت وضوءها لتمسح شحوب مالمحها، أخذت نفس عميق ونزلت
لألسفل، حاولت أن تبتسم بضيق شفت يها : السالم عليكم
:وعليكم السالم
الجوهرة بسؤا ٍل معتاد وإن عرفت إجابته، بع ُض األسئلة ال ننتظر منها
جواب بقدر ما نُريد أن نتأكد أنها مازالت حيَة فينا : وين أمي ؟
َوها طلعت
أفنان : ت . .
الجوهرة جلست لتُردف ريم : تعبانة؟
َوة بالحمل
أفنان بضحكة : قولي أنها محل





ريم اتسعت إبتسامتها : أكيد هالموضوع خالصين منه أصالً
الجوهرة اكتفت بإبتسامة حتى ال تفضحها نبرة صوتها، أفنان : كنت
أسولف لريم عن أيام َكان وباريس، فيه سالفة ما قلتها لك
َي سالفة؟
الجوهرة تنحنحت حتى تُعيد إتزانها : أ
أفنان : هناك كان يدربني واحد سعودي من الرياض . . إسمه نواف
الجوهرة : إيه؟
أفنان بتوتر يُخجلها : يعني هو ما صار بيننا سوالف وال شي . . بس . .
ريم بضحكة : أوصفي شكله عشان توصل المعلومة ل ُجوج صح
أفنان بنظرة غير مبالية : تفكيرك وصخ
ريم : لو انك سنعة كان خذيتي عنوانه
أفنان : أروح أخطبه يعني؟ . . الشرهة على اللي حكى لك
ريم : وش فيها عادي! خديجة رضي الله عنها تزوجت الرسول صلى الله
عليه وسلم وهي اللي عرضت عليه الزواج
الجوهرة : كل فترة وتختلف معتقداتها، أن ِت أصالً ماراح ترتاحين لو
تصرفتي كذا! ألن ممكن بأول مشكلة يهينك بتصرفك!! وبعدين هذا
َي أحد
الرسول صلى الله عليه وسلم مو أ
ريم : أكلتيني كنت أمزح
أفنان بشغف : المهم جوج طحت عليه بتويتر . . يا عليه ر َزة تقتل
ريم : ِكذا طول بعرض . . يعجبوني الرجال اللي كذا تحسينه صدق ر َجال
. .
َما تضمينه تصيريين وش صغرك في حضنه
أفنان تُكمل بحالمية : كذا ل .
.
ريم وال تتردد بأن تعيش حالمية أفنان : ِكذا يشيلك وتصيريين بيبي بين
يدينه . . تق َطعت كبدي خالص
الجوهرة تنظر إليهما بدهشة لتُردف : بديت أخاف عليك
أفنان : بالله ُجوج ما تستانسين إذا وقفتي جمب سلطان! يعني كذا تصيرين
فتنة وهو . .
الجوهرة تقاطعها برفعة حاجب يها : من ِت صاحية! ماله عالقة الطول





افنان : الله يرزقني يارب واحد ِكذا طول بعرض . . وعضالت بطنه
بارزة أهم شي . . وأسمر وله عوارض . . ويهتم بشكله . . يعني ِكذا و َدك
تآكلينه من زينه
ريم : ال يسمعك ريَان والله ال يخليك تع َضين األرض!
أفنان : أستغفر الله . . أهم شي الدين واألخالق
ريم : خليتي آخر صفة الدين واألخالق!! ماش من رجعتي وعقلك مو
مضبوط
أفنان بإبتسامة تعيش حلمها الورِدي كما ينبغي لفتاة عازبة : عقلي للحين
معي الحمدلله! بس يعني خليني أحلم براحتي األحالم ببالش . . و َدي
يجيني فارس أحالمي اللي رسمته في بالي
ريم : كلنا كنَا كذا نقول و َدنا وودنَا بعدين يجيك واحد عادي تشوفين كل
مزايا الكون فيه ألن ببساطة أن ِت تصيرين قنوعة وتنبسطين معه وال يجيك
واحد حلو وآخر شي يعيَشك بنكد
أفنان : هذا رتيل صدق زواجها كان بطريقة خايسة لكن تزوجت واحد
وش زينه يق َطع القلب ومبسوطة والحين في باريس فالَة أمها . . وهذي
تزَو الجوهرة جت . . ماأبغى أمدح وتآكليني بس يعني تزوجتي واحد يعتبر
وال حلمت فيه . . أما أن ِت ريوم الصبر زين إنما توفى أجورهم بما
صبروا!
ريم ترمي عليها علبة الكلينكس : طايح من عينك ريَان! بالعكس أنا
مرتاحة معه ومبسوطة
الجوهرة : وش يدريك أنه رتيل مبسوطة وال أنا مبسوطة؟
أفنان بضحكة : يعني تبين تفهمينَا أنك من ِت مرتاحة مع سلطان! أشهد أنك
طايرة في السما عشانه
الجوهرة أكتفت بإبتسامة لتُردف : مررا! . . الحمدلله بس
أفنان : يارب ترزقني بس
ر َن الجرس مرت ين، ليأ ِت صوت أفنان الساخر : شكل دعوتي يا بنات
استجابت
ريم : تخيلي لو نواف عند الباب





أفنان : لو هو بآخذ وضعية الموت !!
َوم الدنيا عليك
الجوهرة : ال تجيبين سيرة نواف قدام ريَان ويق
أفنان : من جِدك! يا زيني وأنا أقوله . . بيعلقني مروحة في البيت
دخل ريَان بنظرا ِت اإلستغراب من تجمعهم : سالم
:وعليكم السالم
ريم : غريبة . . مفتاحك وينه؟
ريَان : ال كنت أبي الشغالة تطلع تجيب األغراض . . أمي وينها؟
أفنان : طالعة
ُمح َمرة، وضع با ِطن كفَه
َي الجوهرة ال
جلس بجانب الجوهرة لينظر لعين
على خِدها لترتعش من لمسته : تبعانة؟
الجوهرة ارتبكت من قُربه لتلتفت إليه : ال
ريَان عقد حاجب يه بخفوت : كن ِت تبكين؟
ٍق مرتجف، ريَان : صاير
الجوهرة توتَرت من أسئلته وصد ُرها يرتفع بشهي
شي؟
لم تعتاد على إهتمامه وسؤاله، شعَرت بأن شيئًا غريبًا يح ُدث اآلن، أفنان
التي تُدرك التوتر الذي بينهما حاولت أن تُضيع ح َدته على قلب الجوهرة :
تلقاه تعب حمل عادي
َهد ليُردف : طي
ريَان تن ب عطيني دلة القهوة
أفنان وقفت لتمَد له الفنجان وتضع الدلة على الطاولة أمامه.
ريَان نظر لشاشة اآليباد المفتوحة على صورة " نواف " الذي يجهله :
مين هذا ؟
أفنان أنتبهت لتخرج من حسابه : واحد بتويتر
ريَان رفع حاجبه : ومين يكون الواحد؟
َو أفنان بلعت ريقها : آ آ . . ه طالع وجالسة أوريه
ممثل . . إيه ممثل ت
البنات
ريَان : وش إسمه؟
أفنان تظاهرت بالسعال لتُردف : إسمه . .
ريم بإبتسامة تُكمل عنها : نايف





أفنان بربكة : إيه نايف محمد
ريَان نظر لعين يها بتف َحص، يشعُر بخداعهما ولكنه تجاهله : طيب. .
إلتفت للجوهرة التي تُشتت نظراتها بعي ًدا : إذا تعبانة أوديك المستشفى!!
بس ال تجلسين كذا
َصر!! قلت لك
الجوهرة بضيق تجاهد أن تبتسم وتُخفف ربكتها : وش فيك ت
تعب عاِدي
ريَان بهمس : صاير لك شي اليوم؟
"ال ُجوهرة إرتجف هدبها، ال تُريد أن تب ِكي أمامه، آخر من تريد أن يراها
باكية هو ريَان".
ُعاني؟ كيف لو
َوتي كيف لو كنت أ
السؤال وحده من يبعثرني في تماِم ق
كنت أتقلَب ب ُحزني؟ ليس ألن الجواب صعب يالله وال أقِدر بأن أغلقه
" أصبحت تُتعبني، تمتَص الحياة من جلِدي
برسمي ٍة اعتدتها، ولكن " بخير
وتُسقطني في شحوبي! حزينة! حزينة فوق ما تتصَور يا ريَان.
سقطت دمعة على خ َدها ُسرعان ما قطعت مجراها أصابعها، بضيق :
الجوهرة
ٍ ال يترك لها مجاالً
الجوهرة رفعت نظراتها لألعلى خشيَةً من دمع
ِ صوتها الذي ينها ُر شيئًا فشيئًا
للمقاومة، إلتزمت الصمت حتى ال تقع بفخ .
ريَان ترك الفنجان على الطاولة ليلتفت بكامل جسِده عليها : تشكين من
شي؟ متضايقة من أحد؟
الجوهرة وقفت لتُردف بصو ٍت ال يكاد أن يُسمع : عن إذنك . . صعدت
لألعلى
ريَان إلتفت عليهما : وش فيها؟
ريم : قبل شوي كنَا نسولف ومافيها شي
أفنان : يمكن تعبانة نفسيتها . . ال تنسى هي بشهورها األولى فأكيد بتتعب
ريَان : شكًرا على المعلومة
أفنان ضحكت لتُردف : وأنا صادقة! أكيد الوحدة زين ما تكره نفسها وهي
حامل!!
ريَان : مجربة؟





أفنان أشتدت ُحمرة مالمحها : يعني هذي أمور فطرية كلنا نعرفها . .
خرجت قبل أن يُكثر بأسئلته ال . ُمربكة
اتجهت أنظاره ناحية ريم، ليُردف : مرَو ! قة
ريم : أكيد برَوق نسيت كالمك لي قبل كم ساعة!!
َي كالم
ريَان تجمَدت مالمحه : أ !!
ريم تتظاهر بالغضب : تراني ما انجنيت عشان تسوي نفسك ما قلت لي
شي! أنا صدق أعاني أحيانا وأتخيَل أشياء مهي موجودة لكن تراني بعقلي
وأعرف وش قلت لي
أنا من الصبح مارجعت البيت
ريَان بصدمة : أصالً
ريم صمتت لثواني وهي تحاول بكل جهدها أن تُضيء عين يها بالدمع : إال
كلمتني! يوم . . طيب خالص ما قلت لي شي
ريَان : وش قلت يا ريم ؟
َي أنا أتبلى
ريم بضيق : حقَك عل
ريَان تنهد : ما قلت تتبلين! يمكن ناسي قولي لي!
ريم بعد ُجهٍد كبير تج َمع الدم ُع في عين يها حتى تكسب تعاطفه : قلت أنك ما
ي
توافقت مع منى وطلقتها ألن ما بينكم تفاهم! و . . اعتذرت ل
ريَان : أنا!!!!
ريم : إيه وحتى كنَا بالصالة اللي فوق
ريَان : ريم وش رايك أحجز لك موعد عند دكتورة تشوف حالتك ؟
ريم نزلت دمعتها المالحة و الكاذبة أي ًضا : دكتورة! طبعًا ال . . خالص
قلت لك ال عاد تسألني وأنا ما عاد بتكلم بشي
ريَان وقفت ليتجه إليها ويجلس بجانبها، بخفوت : مو قصِدي كذا !
َي
ريم : خالص ريَان س َكر الموضوع ما أبغى أتكلم فيه وتضيَق عل
َربها منه ويقبَل رأسها : أنا خايف عليك ال
ريَان مَد ذراعه خلف كتف يها ليُق
تتطَور هالمشكلة معك
ريم : ماهي متطَورة تط َمن
ريَان : براحتك مثل ما تبين . .





،
شعَرت بالهدوء الذي يح َف المنزل، نظرت لشاشة الحا ُسوب التي أمامها،
درك فداحة ما أفعله ولكنك يا عزيز لم تترك لي فر َصة، هذه المَرة من
ُ
أ
لمَر تهجرك أنا ولست أنت، هذه المَر ةِ واحدة ة لن يكون الخيَا ُر عائِ ًدا إل يك،
ريد أن
ُ
ريد أن أهزمك بطريق ٍة ملتويَة أستخدمتها معي كثي ًرا، لمرةٍ وا ِحدة أ
ُ
أ
ي، إلتفتت عليه
أكون لئيمة إتجاهك، حتى تبرد حرارة القهر الذي زفرتهُ ب
ب ُمجرد أن شعرت بخطواته، انده َشت لتتج َمد بمكانها، عبدالعزيز يقترب
ناحيتها بغض ٍب يعتلي مالمحه : أن ِت اللي تجبريني أتصرف بهالطريقة
رتيل بلعت ريقها وهي تعرف ماذا يُريد أن يفعل بها، وقفت لتبتعد آلخر
زاويـة في الغرفَـة وعيناه تشر ُح بطريق ٍة ما كيف ستكون اإلهانة مؤلمة
بحقَها.
فتحت عين يها الغافية لتنظر للجهة التي خلفها وال ِظل لعزيز، ارتفع
صدرها بشهي خليَة منزلقة في جوفها، ماذا يحصل يالله! ال ٍق مؤذي لكل
أريد أن أفكر وال لثانية واحدة أن هذا الحلم تنبيه من الله حتى أكبح طريقي
الملتوي ناحيتُك، أقسم لك أن " أثيرك " لن تهنأ للحظة معك، أقسم لك يا
عزيز أنني سأخرج لوعة ُحبي منك بها، لن يقف أمامي أحد! لن ترتاح
معها وهذا ما سأ ِصل إل يه، لتعلم أنك أحببت مجنُونة ال ترضى بأن يُقاسمها
أحد، أحببت متمَردة ال تُهذَبها سوى عيناك! أحببت يا عزيز إمرأة أخفت
ٍن سليط، لم أكرهك وال لمَرة حتى أو ُل
إعجابها بك من أو ِل مرة خلف لسا
ُحب، أن ال أحيَا بقل ِب احد،
ما جئت، كانت ُمجرد محاوالت أن الأ ولكنك
ٍر إل يك، لن يعود الزمن حتى أسيطر على نف ِسي، لن
نفذت وشرد ُت كطي
يعود وقتًا أتصن ُع كرهك حتى أنفذ من هذه الورطة، ورطة ُحبك.
ولكن اآلن! هذه اإلمرأة اختلفت، عدوانيَة شر َسة لكل من حولك، طيبَة
ناعمة لقلبك، حاقِدة ناقمة للظروف المحيطة بك، مسا ِمحة وأستغف ُر لقلبك
ُع النساء! لن تفهم أب ًدا كيف إلمرأة أن
كثي ًرا. لن تفهم أب ًدا كيف يصل ول





تصبح بهذه الصورة الشيطانية الغانية من أجل رجل، لن تفهم يا عزيز
أنني أحبك بهذه الهيئة المؤذيَة لنفسي أوالً ولك ثانيًا، ولكنني لن أسمح ألحٍد
أن يحتَل جز ًء من قلبك، أنت ل ُهنا من أجلي حتى لو ي و منِي، أنت
انفصلنَا، حتى لو ابتعدنا، حتى لو افترقنا .
َي، لن أسمح أل َي
ي، متغلغالً ف
سأجعلك تعيش هذا العُمر بأكمله متوح ًدا ب
أنثى مهما كانت أن تكون معك في غيابي، لت ِعش يا عزيز ولع هذا ال ُحب،
لتتألم منه لبقية ُعمرك ولتتركني بسالم أكافح من أجل نسيانِك، لس ُت أول
ا بك، جميعهم يُكملون حياتهم
من يحب ويفترق! لس ُت اول من أموت عشقً
بحماس ٍة أقل ولكنهم يُكملونها! وأنا مثلهم وسيأ ِت الوقت الذي تعي به أنك
َي قلبك وال تؤلمني عيناك
خسرتني وأنني أصبحت ُحرةً ال يسيطر عل
بنظراتها.
تبللت مالمحها من ُزرقَ وقفت لتنظر للنافذة الزجاجيَة ٍة مألت محاجرها،
ٍ من باريس خاف ٌت في هذا الليل، تعبرهُ الضحكات كما
التي تط َل على شارع
يعبره المطر المنساب من سماءها .
أخذت المنديل لتمسح مالمحها الشاحبة، رفعت شعرها البندقي كذيل
ح َصان، إبتسمت بمحاولة أن تُعيد لنفسها بعض الحياة، أخذت نفس عميق
لتقترب من الباب، بق يت لثوانِي طويلة تحاول أن تتلصص للصوت، فتحته
بهًدوء لتسير على أطرا ِف أصابعها ناحية المطبخ، أخذت الكوب الزجاجي
لتمأله بمياٍه باردة تروي عطشها الذي استنزفه قلبها.
من خلفها : أشوفك طلعتي!
مسكت أعصابها قبل أن ترمي كوب الزجاج وتكسره بوجهها، تنهَدت
لتلتفت إل يها بإبتسامة : خير آنسة أثير ؟
أثير اقتربت منها وهي تتكتفت ببيجامتها التي تكش ُف منها أكثر ما تستر :
ُسبحان مغيَر األحوال كيف كنتيِ وكيف صرتي! قبل كم شهر في باريس
كان وجهك فيه حياة والحين؟
ٍن حاد : طبيعي أتغيَر!
رتيل تنحنحت لتقترب أكثر وبلسا واضح أنك
ماتعرفين األخبار ما ألومك يمكن ماجلستي مع عبدالعزيز جلسة محترمة
وقالك وش صاير !





أثير ش َدت على شفتها السفليَة : البركة في أبوك اللي مو تاركه يشوف
حياته
رتيل ضحكت بتشفَي لتُردف problem my not s'it : مو ذنبي إذا
عبدالعزيز ما يشوفك حياته
أثير : حركاتك وكالمك صدقيني ما يهَز فيني شعرة! أنا مق َدرة شعور
القهر اللي مخليك تتكلمين بهالطريقة
رتيل بإبتسامة لئيمة : أكيد مق َدرة ألنك سبق وجربتيه، بس خلني أقولك
األخبار عشان أح َطك في الصورة وتعرفين قهري من أيش! . . حاليًا أبوي
يتعرض لمشاكل كثيرة بشغله وأضطر يترك باريس! و أختي مختفية من
شخص طمننا عليها لكن إلى اآلن مختفيَة . . ح َطي في بالك أنه عندي
أسباب كثيرة تخليني بهالحزن، وطبعًا مستحيل تكونين سبب يشغلني!
أثير بإبتسامة : عنِدك قدرة عجيبة بأنك تحَورين الكالم وتقلبينه على
مزاجك!
رتيل بخفُوت : و عندي قدرة عجيبة بأني اقلبك على رآسك الحين!!
َصل جسد
أثير تغيَرت مالمحها لج ُمود أمام ح َدتها، لتُردف بنظراتِها التي تًف
رتيل من أقدامها حتى عين يها : لو كن ِت شي له القيمة ما تزَوج عليك
عبدالعزيز! إذا و َدك تفهمين شي! أفهمي إنه عبدالعزيز لو يبي يقهرك كان
قهرك بأشياء كثيرة وما يحتاج أنه يستخدمني عشان يقهرك! ولو يبي
يستخدم أحد ماراح يهون عليه أنه يستخدم صديقة أخته وزميلتها
وبضحكة أكملت وهي تتصن ُع problem my not s'it : النبرة الطفولية
إنه عبدالعزيز إختارني عليك
رتيل نظرت إليها ببروِد مالمحها : برافو! أقنعتيني، تصبحين على خير
ماما وال تنسين تقرين األذكار على قلبك أخاف أحد يسرق عبدالعزيز منك
أنه الناس يشاركونك
. . . . وال أووه سوري نسيت أنه أنتِي متعَودة أصالً
بكل شي حتى قلبك!! . . أقري األذكار على عقلك أخاف ال أشار ِكك فيه .
. . *لفظت كلمتها االخيرة بتهديد واضح*
نظرت إليها أثير بج ُمود وهي تغلي من الداخل، شعرت بأن دماءها تفُور،
تصنَعت اإلبتسامة : مريضة! الله يعينك على نفسك





رتيل بإبتسامة صاِدقة أظهرت ص َف أسنانها العلوي: آمين
اشتعلت البراكين في صدرها من إبتسامتها لتُكمل مقتربة من أثير : طبعًا
ماراح تفهمين وش يعني " نفسك " ؟ أسألي عبدالعزيز وش معنى نفسك
بقاموسه! . . . أبتعدت وهي تشعُر بلذة اإلنتصار، دخلت الغرفة لتغلق
الباب جي ًدا .
في جهٍة أخرى نظرت لكوب الماء الذي على الطاولة، م َشت بخطوا ٍت
حادة سريعة ناحية الغرفة الجانبية ليرفع عبدالعزيز عينه من األوراق التي
ينشغ ُل بها لساعا ٍت متأخرة من الليل، عقد حاجب يه بإستغراب!
أثير بأنفاسها المتصاعدة غضبًا : إن شاء الله إني ما أكَمل أيامي الجاية
معها!!
عبدالعزيز بهدوء يُعيد أنظاره لألوراق متجاهل كلماتها، إقتربت أثير بح َدة
: هذي المجنونة ما تجمعني معها يا عبدالعزيز!!!
َهد ليضع القلم على الورقة الغارقة بحب
رها : إن أنفتح الموضوع هذا مَر تن ة
ثانية أقسم لك بالله إنك ما تبقين دقيقة على ذمتي!
بت مالمحها بدهشة : تطلقني عشانها؟
أثير تصلَ
عبدالعزيز يقف ليضع يد يه بجيوب بنطاله، وبح َدة اقترب منها حتى
تالصقت أقدامه بأقدامها : ما أطلقك عشان أحد!! مالك عالقة برتيل وال لك
حق تناقشيني بشي يتعلق فيها . . أتفقنا؟
أثير أمالت فِمها بضيق : كيف تجمعني فيها؟ كيف تمسح كرامتي بالبالط
عشانها!
عبدالعزيز : محد يمسح كرامتك! وكرامتك من كرامتي!! ال تصيرين أنانية
وتفكرين بنفسك، تقبَليها إذا كان لي خاطر عنِدك وال عاد تخلقين مشاكل
خصو ًصا بهالوقت اللي ماني فاضي لمثل هالسواليف
أثير شتت نظراتها لثواني طويلة: ممكن أسألك سؤال!
عبدالعزيز نظر إل يها بنظرة تنتظر السؤال، أردفت : وش مفهوم كلمة
نفسك بالنسبة لك ؟
ًوا ؟
عبدالعزيز بدهشة رفع حاجبه : عف
أثير : لهدرجة السؤال صعب؟





عبدالعزيز : طبعًا أل .. بس مستغرب
أثير : ُمجرد فضول إني أعرف اإلجابة
عبدالعزيز فهم تما ًما أنه لرتيل عالقة باألمر : نفسي أنا، محد يقاسمني فيها
حتى لو قاسمني شخص حياتي
أثير تنهَدت براحة لترسم إبتسامة ناعمة على ثغرها :كويَس! . . . ماراح
تنام ؟
عبدالعزيز : عندي شغل . . نامي وارتاحي
أثير نظرت إل يه بنظرا ٍت غاوية : شغل إلى متى حبيبي؟ صار لك ساعات
وأنت تناظر هالورق وتكتب!
عبدالعزيز بإبتسامة إقترب منها ليُقبَل جبينها : تصبحين على خير . .
أثير بادلته اإلبتسامة : طيب براحتك . . وأنت من أهل الخير والطاعة . .
. خرجت متجهة لغرفتها وهي تشتم رتيل بداخلها من حيلتها الكاذبة
بإستفزازها.
َي لثواني
راقبها حتى دخلت الغرفة ليعود ب ُخطاه ناحية الطاولة، لم يجلس بق
ا بالتفكير، تراجع للخلف متج ًها إلى غرفة رتيل، ش َد على
طويلة واقفًا/غارقً
ًء نقيًا
مقبض الباب لتلتفت عيناها ناحيته، وقفت أمام الباب، تسح ُب هوا
لرئت يها حتى تستعيد توازنها، اقتربت لتفتح الباب، دخل بنبرةٍ ساخرة :
ماشاء الله! من وين جايَك هالهدوء ؟
رتيل بإبتسامة تعود لتجلس على طرف السرير، رفعت عيناها إل يه : ليه
فيه سبب يخليني ماني هادية؟
عبدالعزيز : وش سويتي؟
رتيل : ما فهمت
عبدالعزيز بح َدة : فاهمة قصدي زين !
ٌم مصغَر في قلب عبدالعزيز : والله عاد
رتيل بضحكة أشعلت جحي
الحمدلله اللي خالني أتصالح مع نفسي وأتقبَل موضوع أثير
عبدالعزيز : تتقبلين موضوع أثير!!! فاهمة غلط يا قلبي . . أن ِت بتتقبلينها
ًء رضيتي أو ما رضيتي
سوا
رتيل مازالت بإبتسامتها : طيب وأنا أشرح لك سبب رواقي في هالوقت!





ي
إني تقبلتها برضا
عبدالعزيز أمال شفتِه السفليَة بمثل طريقتها عندما تغضب : سبحان من
خَال الكذب مكشوف بعيونك
رتيل بضحكة : ُسبحانه
عبدالعزيز لم يسيطر على أعصابه، إقترب منها ليُش َدها من ذراعها
ويجبرها على الوقوف : وش سويتي؟ فيه شي صار خَالك كذا ؟
رتيل ببرود مستفز : تبيني أقولك؟ مايهمني إنك تعرف!
عبدالعزيز بغضب: ال تخلين جنوني يطلع عليك بهالليل!!!
رتيل بهدوء أخذت نفس عميق : طيب يا روحي ممكن تترك يدي
َربها إلى عين يه المشتعلة بالغضب : وش تبين
عبدالعزيز يش َد عليها أكثر ليُق
توصلين له؟
رتيل : معك ما ابغى أوصل لشي
نظر إل يها بنظرا ٍت تجه ُل ماهيتها، اندلعت الربكة في أطرافها لتُردف :
تصبح على خير
عبدالعزيز بنظرةٍ عميقة : أحفظك وأعرف كيف تفكرين! بس صدقيني لو
تجربين تضايقيني بشي ما تلومين اال نفسك
رتيل تنهَدت بضيق : يزعجني إنك إلى اآلن تفكر بأني ممكن أأذيك وكأنك
وال شي عنِدي! لو راح يجيك الوجع مني ماراح يكون اال وجع ُحبي لك !
َي طريقة توجعني يا أثـ . . يا رتيل
عبدالعزيز : ال تتصرفين بأ
َي طريقة من شأنها أن
تج َمع الدمع في عين يها، حاول أن تتصرف بأ
تؤذيني، ولكن ال تتخيَل بأن وجع مناداتِك لي بإسٍم آخر أمٌر عادي، ال
تتخيَل وال للحظة أن قلبي ال يُبالي يا عزيز، أنا اموت في اليوم ألف مَرة
كلما ف َكرت بأنها معك، تُشاركك الوسا َدة وجسِدها، تُشار ِكك الهواء الداخل
إلى رئت يك، تُشار ِكك الحياة بالنظر إل يك، تُشار ِكك كل شيء وهذا يقتلني!
كيف تُناديني بإسمها؟ كيف " يقوى" قلبك ؟ ال أريد أن أصَدق أنها تمكنت
من قلبك، وأنا تُسيطر على لسانِك وعقلك، ال أريد وال للحظة أن أفكر بأنها
تُشاركني قلبك، ما أرغب به أن يضيق قلبك ويؤلمك! هذا تما ًما ما أريده.
سحبت ذراعها بح َدة لتُعطيه ظهرها وهي تنظ ُر للنافذة، أرتفع صدرها





ببكا ٍء محبوس، وعيناها تتألأل بالدمع.
عبدالعزيز من خلفها : تصبحين على خير . . اتجه نحو الباب ليسحب
المفتاح ويضعه في جيبه.
يتيمة على خ َدها األي َسر
ٌ
ب ُمجرد أن اخرج انسكبت دمعة .
ستعلم يا عبدالعزيز ما معنى أن ت ُكون موجعًا بنبرة، و ما معنى أن تؤذي
إمرأة بكلمة.
-
قبل عدةِ ساعات، واق ٌف بجهٍة مقاربة لمكان اللقاء المنتظر، ينظ ُر لرسال ٍة
مجهولة المصدر تُثير في داخله


إستفهام، تجمَدت أصابعه على
الورقة البيضاء، حتى تجعَدت أطرافها بضيق صبره الذي لم يعد يحتمل
َي مماطلة
أ .
عبدالرحمن : كيف ج َت هالرسالة الى هنا ؟
:هذا اللي ما نعرفه! وش رايك؟ كيف نتصرف؟
َهد : مستحيل يكون فيصل أخفى عننَا شي ثاني
عبدالرحمن تن !!
:وممكن أخفى!
عبدالرحمن يخرج من السيارة ليستنشق من هواء باريس النقي، أخرج
هاتفه ليتصل على سلطان، يرن مَر . ة ومرتين وال إجابة
ٍن آخر كان ينظ ُر إلى مالمحهم بريبة، اقترب من أحدهم
في مكا ليقف
َ طال ُعمرك
بتوتر : سم
سلطان يقرأ اإلسم على البطاقة ليُردف وصوته المتعب يشتَد ببحته : متى
توظفت ؟
:آآ . . قبل
شهور تقريبًا
َي أساس
سلطان :
شهور!!! على أ





:كانوا طالبين إداريين
سلطان : مين طالب؟
هز كتفيه بالالمعرفة : أنا قدمت أوراقي إلدارة شؤون الموظفين وبعد كم
يوم اتصلوا واقبلوني
سلطان يسند ذراعه على الطاولة : مافيه شي مستقل إسمه إدارة شؤون
الموظفين! اإلدارة هذي مسؤولة عن الموظفين اللي متعينيين رسميًا ماهي
مسؤولة عن التوظيف
َي : اإلسم
آآآآ أتوقع إدارة التوظيف أختلط عل
سلطان : ومين هذي إدارة التوظيف اللي ما اعرفها
أحمد من خلفه خشية من تعب سلطان أن ال يتفاقم : طال ُعمرك أنت ارتاح
وأنا . .
يُقاطعه سلطان : أول نتعرف على األخ الكريم اللي قدامي! مين إدارة
الموظفين؟
:أنا قدمت أوراقي و . .
َي موظف؟
يُقاطعه سلطان : لمين؟ أ
:ما أدري عن إسمه . . ما أعرفهم
سلطان بسخرية : ماتعرفهم! صار لك
شهور هنا وتقول ما أعرفهم! ال
يكون بعد ما تعرفني
بإبتسامة مرتبكة : ال أكيد الله يسلمك . . أنا أقصد ناسي مين استقبلني في
التوظيف؟
سلطان : وش سألوك في المقابلة الشخصية للوظيفة ؟
:آآ . . سألوني عن . . تخصصي و . .
سلطان بح َدة : وش سألوك بعيد عن التخصص؟
:عن توقعي لطبيعة العمل هنا و . .
سلطان يُقاطعه بغضب لم يسيطر عليه : ما فيه حمار يسأل واحد متقدم
لوظيفة وش تتوقع طبيعة العمل هنا؟ وش رايك بعد يسألك ويقول متوقع
أنك بتنبسط وال بتتضايق؟ . . تستهبل على مخي!!!
:آل طال عمرك ماعاش من يستهبل عليك . . أنا بس توترت من سؤالك





ومو قادر أتذكر التفاصيل
َي
سلطان يقترب ب ُخطاه أكثر : كيف مو قادر تتذكر التفاصيل! رحت أ
دور؟
:األول
سلطان بإبتسامة يكاد أن يحترق من خلفها : الدور األول مافيه غير الحجز
وبعض األرشيفات !!!
:إال
َي مكتب؟
ني وين أ
سلطان : يعني تعرف أكثر مني! دلَ
شتت نظراته المرتبكة : أنا بس ما تعَودت أتكلم معاك وما أشوفك اال
بالجرايد و .. يعني عشان كذا شوي متوتر أكيد مو قصدي أخدعك
بمعلومة
سلطان : س َمعني وش السي في حقك؟
:تخصصي محاسبة
سلطان : محاسبة!! فيه أحد متو َسط لك هنا . . . !!
بعصبية يُكمل : يعني الزم أوقف عند راس كل واحد وأقيَم شغله مافيه
إدارة صاحية تمسك مهامها صح!
أحمد : الحين أرسلك ملف تعيينه
ي مسؤول التوظيف! بشوف وش هالوظايف اللي نزلت
سلطان : ناد ل
بدون علمي !!!
أحمد : أبشر . . إتجه للطابق العلوي ُمرتب ًكا من غضب سلطان الذي
يجتمع مع تعبه ومرضه، سلطان بنظرةٍ تفحصية : وش قاعد تشتغل عليه
الحين؟
:و .. وال شي اليوم ماعطوني أشياء أراجعها وابحث فيها
سلطان : تبحث وتراجع فيها؟ قلت أنك محاسبة وداخل على أساس أنك
إداري! والحين تقول أبحث وأراجع!!! وش وظيفتك بالضبط؟ يمكن أنا
غبي وماأفهم بعد كل هالسنين
:محشوم! أنا أقصد اليوم شغلنا خفيف ما كان فيه شي
سلطان : عطوك ملفات تبحث فيها وتدقق؟





:آ . . لـ . . أقصد إيه
سلطان : ملفات أيش؟
:إستجوابات سابـ
َي أحد! بعطيك دقيقة وحدة إذا
سلطان بغضب : هذي الملفات ما يمسكها أ
ما تكلمت بدون لف ودوران ساعتها بو َر نجوم الليل في عز الظهر !!! يك
خرجت عروق وجهه الضيَقة باإلرتباك : أتكلم عن أيش؟
سلطان : وظيفتك كإداري هنا يعني بتمسك ملفات الموظفين وتتابع
إجازاتهم و معاشاتهم و كل ما يتعلق فيهم! ألنك أنت هنا بمكتب شؤون
الموظفين يا ذكي!!
تجمَدت مالمحه ُدون أن تفلت منه كلمة واضحة.
سلطان : ما تشوف اللوحة اللي قدامك !!
بسخرية يُكمل : هنا يجون طال ُعمرك و يق َدمون على إجازاتهم وأعذارهم
شهور ما علَ الطبية و يقدمون للدورات السنوية والشهرية . .
متك
هاألشياء؟ . .
دخل أحمد ويرافقه المسؤول عن التوظيف المبدئي قبل المقابلة الشخصية،
سلطان : أألخ الكريم هذا مين موظفه؟ مَر إلتفت عليك ملفه ؟
المسؤول : إيه الله يسلمك وظفناه يوم ترقوا الدفعة السابقة
سلطان إلتفت على الموظف اآلخر : هذا اللي وظفك؟ مَريت من عنده
توتَر من ضيق تنفسه الذي ال تسعه حنجرته، سلطان : واضح من نظراتك
أنه هذي أول مرة تشوفه
َي ال كثير حتى أنا شخصيًا ما اتذكره لكن اللي قبل
مسؤول : اللي مَروا عل
َي
قبل المقابلة الشخصية
شهور مَروا عل
سلطان : عبدالرحمن شافهم؟
المسؤول : أتوقع . .
سلطان بحدة : ماأبيك تتوقع! أبي عبدالرحمن وش قال؟
المسؤول : ما شافهم
سلطان ينظ ُر للطاولة وعليها هاتفه : عطني جوالك
عف !! ًو : ا





سلطان : قلت عطني جوالك!!!
مَد له هاتفه بربكة تُشتت نظراته.
اتصل على آخر رقم وهو يضعه على السماعة الخارجية " سبيكر " : هال
فهد . .
وليد " أغلقه ليرمي الهاتف على
"
سلطان ينظ ُر لبطاقته التي يعلقها بإسم
وجهه : يا سالم على الحمير اللي عندي !!!
لم يتردد سلطان وال للحظة بأن يلكمه أمام الجميع على عينِه، بغض ٍب كبير
َوسط لك
: حسابك أقسم لك بالله بيكون عسير! . . وخ َل زياد ينفعك يوم ت
هنا!!
إلتفت ألحمد :أفتح لي تحقيق بطريقة توظيفه! . . بتهديِد عيناه للمسؤول
الذي أمامه . . لو عرفت بأنه لك عالقة وال أحد ثاني هنا له عالقة أقسم
بالله ماراح أرحمكم!!! . . وأحجز هالكلب . . حتى الكلب أشرف من
هاألشكال . .
أقترب من فهد مرةً أخرى ليُردف : أضيف للسي في حقك يا محاسب تهم
تزوير وتالعب و .. والباقي تعرفه إن شاء الله ال أحكموا عليك . .
خرج وهو يفتح ياقة ثوبه بعد ان اختنق بغضبه، دخل مكتبه بشعو ٍر فظيع،
كل مصيبة يتداركها تجعله يقف بحيرة مما يُخفى عليه، جلس ليطَوق رأسه
بكفيَه : يارب رحمتك
رفع عينه لهاتفه الذي يهتَز، أجاب : هال بوسعود
عبدالرحمن : صار لي ساعة أدق عليك!!
سلطان : ما كنت بالمكتب! . . أكتشفت مصيبة جديدة
عبدالرحمن : واضح أنه اليوم يوم مصايب!!
سلطان : ليه وش صار؟
َول بعدين بتفاهم معك على اللي صاير هنا
عبدالرحمن : قولي مصيبتك أ
سلطان : وأنا داخل اليوم شفت واحد بمكتب شؤون الموظفين . . وشكله
غريب أول مرة أشوفه! المهم كلمته وبدآ يرتبك ويلف ويدور! . . بالنهاية
طلع حيوان زيَه زي غيره . . وشكله هو اللي يو َصل األخبار بعد زياد
َهد براحة : الحمدلله على األقل قطعنا جذورهم من عندنا
عبدالرحمن تن





سلطان : إيه هذا أهم شي . . لله الفضل والمنَة
عبدالرحمن : جتني رسالة مدري مين حا َطها! وبقولك بس أبيك تشيل فكرة
سلطان العيد من بالك
سلطان بسخرية : قول أصالً مخي متشنَج من سالفة سلطان الله يرحمه
عبدالرحمن : مكتوب أنه رائد ما راح يجي وأنه مقابلتنا مع سليمان راح
تكشفنا بطريقة خاطئة وبتخلينا نفقد سيطرتنا على الموضوع!!
سلطان : مين هذا ؟
عبدالرحمن : أنا نفسي ماني عارف! مكتوب بخط اليد
سلطان : تعرف خط سلطان العيد؟
عبدالرحمن تنهد : أستغفر الله!! سلطان وش قلنا ؟ الر َجال ميت والله
يرحمه ال تشَوش أفكارنا بشي مستحيل
سلطان : طيب ليه مانقول هذي لعبة منهم عشان يبعدونا !
عبدالرحمن : أنا فكرت بهالطريقة بس رائد إلى اآلن ما وصل
سلطان : صار له شي؟
عبدالرحمن : ماأتوقع! لو صار له كان وصلنا خبر . .
سلطان : وين عبدالعزيز ؟
عبدالرحمن بغض ٍب ساخر : ما ب َشرتك؟
سلطان تنهد : وش بعد؟
عبدالرحمن : عبدالعزيز عرف عن غادة والحين ما أدري وين مكانه
سلطان تجمَدت مالمحه/نظراته ليُردف : شلون عرف؟
َوم الدنيا والله
عبدالرحمن : وصلت له صورها مع ناصر!! وأكيد الحين مق
يستر وش قاعد يخطط له
سلطان : كل شي انقلب على راسنا بوقت واحد!
عبدالرحمن : سلطان . . وش رايك تجي باريس؟ خلنا ننهي الموضوع
بسرعة ماعاد يتح َمل خسارات فوق كل هذا!
سلطان : وهنا؟
عبدالرحمن : منت وحدك! فيه مسؤولين وفيه موظفين! . . نحتاج تجي ،
بالنهاية مافي غير هالحل! الزم نتنازل ونقابلهم!! بكال الحالتين إحنا





مستعينيين بالسلطات الفرنسية بأنها تقبض عليهم لكن مستحيل يتم بدون ال
نحطهم كلهم قدام بعض ونخليهم يطيحون في شر أعمالهم
َهد : هالطريقة سَوهاا سلطان العيد قبلنا وطاح فيه
سلطان تن ا
عبدالرحمن : وش نسوي؟ نجلس نحط إيدنا تحت خدنا ونراقب كيف واحد
ورى الثاني يضيع! والله يعلم الحين كيف حال ناصر وال حال
عبدالعزيز!!!
سلطان : ما قلت نحط إيدنا على خدنا! لكن فيه حلول منطقية أكثر!! أخاف
نخسرهم مثل ما خسرنا قبلهم
عبدالرحمن : وش الحل المنطقي برآيك ؟
بينه وبين سليمان عداوة، ممكن نمحي
سلطان : نفاوض رائد، هو أصالً
َي
سليمان عن طريقه . . وبعدها نفكر بطريقة نقبض فيها على رائد بدون أ
مشاكل وبأدلة واضحة بدون ال نلقى له دعم من الجوازات اللي يحملها !!
عبدالرحمن : مستحيل رائد بيتعاطى معك
سلطان : نج َرب ونحاول
عبدالرحمن بح َدة : ماهو وقت تجربة يا سلطان!!! وإحساسي ي


إعدادات القراءة


لون الخلفية