الفصل 83

ثبتت أنهم عائلته مين زَّورهم ؟ طيب وكلتوا موضوع غادة لمقرن!
وخليتوا مقرن هو المسؤول عنه وتطمنتوا عليها لكن مقرن ماخبركم عن
هاللي ماأعرف إسمها! وقبل فترة وبوقت إختفائها مع وليد اعترف لكم
مقرن بأنها ماهي أمها! ليه هالوقت بالذات! هذا يعني أنه مقرن قاعد ينقذ
نفسه من الشك، قبل لحد يفضحه .. لكن هذا مايعني أنه مقرن هو المسؤول
األول لكن أظن أنه مقرن تحت ضغوط ثانية وأنت فاهم قصدي زين ....
أظن يا بوسعود أنكم جالسين تدفعون ثمن أخطائكم اللي خليتوها تحت
رحمة ناس مالها حيل وال قوة مثل مقرن.
عبدالرحمن تن َّهد : كنا واثقين! كنا نقول أنها بخير دام مقرن يتابع حالتها
لكن أكتشفنا العكس
عبدالله : والحين وينها؟
عبدالرحمن : يراقبها سعد
عبدالله : وهذا بعد واثق فيه ؟
عبدالرحمن بضيق ألتزم الصمت
عبدالله : ماتدري إذا هي حية وال ميتة!! جالسين تستمرون في الغلط نفسه!
اليوم قبل بكرا الزم يدري عبدالعزيز بموضوع أخته .. وناصر بعد .....





حمايتكم لها قاعد تض ِّرها! هي ماعادت تحتاج لكم .. هي تحتاج أهلها وال
ترتكبون جريمة ثانية في حقهم! أنا أحترم انكم في البداية ماكان قصدكم
سيء وكانت نيتكم هي حمايتها بس لكن الحين نيتكم هذي صارت شي
ثاني وتحولت لضرر وأنت تعرف يا عبدالرحمن حجم الظلم والظلم
ظلمات يوم القيامة
دخل سلطان : السالم عليكم
:وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
جلس ب ُمقابل عبدالله وقبل أن ينطق كلمٍة واحد : تو أقول لعبدالرحمن أنه
الزم ناصر وعبدالعزيز يدرون عن غادة !
سلطان : بهالوقت! مستحيل .. إحنا ما نضمن تصرفات عبدالعزيز وهو
معصب من موضوع تافه كيف لو كان الموضوع يخص اخته
عبدالله : إن ما درى الحين بيدري بعدين! المصيبة هي نفسها ماراح تزيد
وال راح تنقص، ومهما أختلف الوقت يبقى الموضوع صعب عليهم مهما
حاولتوا تخففونه !
سلطان: خلنا من هالموضوع الحين، كنت أبغى أسألك إذا قد تناقشت مع
بوعبدالعزيز الله يرحمه وجاب لك سيرة شي يخص شخص ثاني غير
رائد وشلته .. حاول تتذكر إذا طرآ لك مرة أحد وبشكل غريب .. يعني
إحنا ماندري عنه
عبدالله عقد حاجبيه : ال .. كل االشياء في الملفات والمجلدات اللي
باألرشيف مافيه شي جديد
عبدالرحمن : حاولنا نوصل لسكرتيره لكن قالوا مريض وبديرته بعد!
تعرف يا عبدالله أنه في ليلة الحادث وقبلها بأيام كان جوال بوعبدالعزيز
كله تهديدات من رائد لكن صار الحادث ورائد مايدري عن توابع هذا
الحادث! والشي اللي مهبل فيني أنه لو كان سلطان شاك واحد بالمية بجدية
التهديد كان ما خذا أهله وياه .. فيه شي ماني قادر أفهمه وبنفس الوقت
أحس العلم عنده الله يرحمه
سلطان يسحب حلقا ٍت معدنية كانت تتراكم فوق بعضها على مكت ِب
عبدالرحمن وتزيِّنه، يُرتبها على الطاولة ليرمز لها : هالشخص هو نفسه





المسؤول عن الحادث لكن خالنا نشك في رائد، هو نفسه المسؤول عن
عزل غادة في البداية عشان يخليهم بعدين يتهمونا ويحسبونا إحنا اللي
أبعدناها في البداية وإحنا اللي زورنا بالتحاليل، هذا الشخص هو نفسه
المسؤول عن تعطيل سيارة عبدالعزيز عشان مايخليه يقابل رائد وعشان
يخلي رائد يشك فيه، هذا الشخص هو نفسه المسؤول عن أمل اللي كانت
مع غادة ..... هو اللي جالس يتالعب فينا وفي رائد بعد! لكن مين له
مصلحة في كل هذا ؟
عبدالله يضع حلقةٌ صغيرة تربط بين الحلقات الكبيرة : وهنا مقرن! اللي
واضح أنه تحت ضغط هالشخص نفسه! لكن ماهو خاين! وجالس يشككم
فيه مثل ما شكك رائد وشكك غيركم .. هذا الشخص جالس يمشي عليكم
واحد واحد ويذبحكم بالشك بدون ال يتدخل .. يعني بالعربي يحارشكم على
بعض بدون ال يوجه العيون عليه
عبدالرحمن مسح وجهه بتعب : والحل الحين ؟
عبدالله : الحل الحين! المشكلة أنه رائد خرج عن سيطرتكم! وشغلكم هذا
*يُشير إلى
كله طار .. صرتوا مكشوفين قدامه، و ... أظن أنه الشخص
الحلقة الواسعة* اللي جالس يتالعب فيكم ممكن يتعرض لكم! وماأستبعد لو
كان قد تعرض لكم لكن فهمتوها على أنه رائد وغيره.
عبدالرحمن يشعُر بأن عقله يضطرب بش َّدةٍ ال يستحملها : خاطرنا كثير
يوم خلينا عبدالعزيز في وجهه !
عبدالله : طيب أنا أقول دام الموضوع فيه خسارة لكم .. قللوا قوتها، يعني
بنص الطريق
طيعوه في اللي يبي بس التطيعونه بشي كامل يعني مثالً
غدروا! أظن الغدر في أشكاله شرف!
سلطان : كيف نطيعه؟ الحين رائد عرفنا كلنا! وعرف طريقتنا وخطتنا!
وعرف عبدالعزيز .. يعني موضوع باريس بالنسبة له أنتهى وأنه فلوسه
راحت خالص ألنه بسهولة ماراح يقدر يكمل بدون صالح اللي هو
عبدالعزيز ... فهو غصبًا عنه لو يبي يكمل شغله محتاج عبدالعزيز بدون
ِّي ضرر لكن .. ماينضمن الجوهي
أ
شعر بأن ضغطه ينخفض وال ُزرقَة تجتاح مالمحه، تجاهل كل أوجاعه





ليُكمل وصوتُه يبدأ بالموت في داخله وتتذبذب نبرته في العلو والخفوت
تدريجيًا : راح نبعد عبدالعزيز عنه هالفترة . . . . . . – شتت نظراته
للسقف وهو يبل – . . نشوف أول شي ُع الطعُم المِّر الذي تدفق على لسانه
ردة فعله كأفعال ماهو تهديداته اللي ماتنتهي ونقرر بعدها
عبدالرحمن : أنا أقول كذا لكن صعبة نصبر بعد
عبدالله يُراقب حركات سلطان التي بدأت تتجمُد معه مفاصله حتى سقطت
الحلقة الحديدية الصغيرة من بين أصابعه لتُصدر طنينًا في وسط الطاولة
الزجاجية.
يُثبت عينه : سلطان ؟
لم يشعُر بشيء سوى جرف الحرارة التي ترتفع من رئتيه مرو ًرا بقلبه إلى
حنجرته، تتضب ُب رؤيته وغبا ٌر يطغى على المالمح، هذا العالم يلتف بال
ِي في الوقت الذي يجب به أن أكون مستيق ًظا،
توقف، تغي ُب المالمح عنِّ
يشعُر بشيٍء يعيق عليه عملية تنفسه، سقط جانبًا بقوةٍ ُمهيبة و بجان ِب
ر ثوبه لتتسع بقعة الدماء التي يغرق بها، بخطوا ٍت سريعة
ُّ
صدره يحم
خرج عبدالرحمن ليصرخ : أطلبوا اإلسعاف!!!
،
تنز ُل دمعاتها الشفافة بصمت وهي تسم ُع الطرف اآلخر من الهاتف، تؤمن
بذلك وهي أمام هذا الغرق الكبير الذي يجتاحها، كيف تقوى؟ كيف تنطق
بإنسيابية دون أن يتعثر لسانها، يأ ِت صوتها الحنُون : يا ريم أن ِت غالك
من غال الجوهرة وأفنان .. ما يصير كذا من أول مشكلة رحتي! أتركي
لنفسك فرصة على األقل! لو كل البنات سوو مثلك كان نصهم مطلقات!
أكسبي بيتك وزوجك وكل شي له حل
ريم بضيق ال تعرف ما يجب عليها قوله وما ال يج ب، لتُكمل : ريان وأبوه
إن شاء الله جايينكم بكرا !
ريم بخفُوت : إن شاء الله على خير





أم ريان : يا يمه أنا ما أتصلت عليك إال وأنا أبي لكم الخير! ماهو عاجبني
ال حالك وال حاله ... الله يبعد عنكم كل ضيق وحزن ويجمع قلوبكم على
بعض
عقدت حاجب يها، شعَرت بأن قلبها الذي بحجِم الك ِّف يتفكك، ال تتزن في
تفكيرها وال تعرف مالصح ومالخطأ، ما ينبغي فعله وماالينبغي، يا ر ِّب
ٍر ال تب ِكي
الفرح ُخذنِي لديا .
أم ريان : تآمرين على شي؟
ريم : سالمة قلبك
أم ريان : بحفظ الرحمن يا بنتي ... وأغلقته.
وضعت رأسها على ركبت يها لتنخرط في بكا ٍء عميق، بدأ الندُم يتشكل
في جبينها الناعم، لو أنني لم أوافق؟ ال
ٍ
ِن
كصداع أريد يالله أن أفتح للشيطا
بابًا ولكن ليس ُهناك أشٌد حزنا من الندم، ليس ُهناك معنى يصف الشعور
بالندم أب ًدا لقلبِي الصبي، لم أنضج تما ًما حتى أقف بثبات أمام كل هذه
األشياء المتداخلة .
على مسافا ٍت بعيدة في شر ِق !!! المملكة : وش؟ يمه مو قلت ال تتصلين
والدته :أنا كلمت أبوك وبكرا بتروح لها
ريَّان بغضب : يمه أن ِت على عيني وعلى راسي لكن مشاكلي ماأبي أحد
يتدخل فيها! تدخلتِي بزواجي وقلت يالله معليه!! لكن تتدخلين بعد بهذي ال
وألف ال
والدته بضيق : تعال أضربني بعد !
ريَّان : أنتم بقيتوا فيني عقل .. ماعاد أفهمكم
من خلفه بصوتِه الحاد : ال تعلي صوتك على أمك!!
ألتفت لوالده : عاجبك اللي يصير! هذا اللي ناقص شوي وتترجاها وتكفين
أرجعي يا ريم !
والده : كلمة ثانية يا ريَّان بحق أمك وماتلوم اال نفسك! ... تروح الرياض
وتجيبها معك أما سالفة أنك بتخليها معلقة تحلم!! بكرا تلحقها الجوهرة
وأفنان وأنت عارف أنه الجزاء من جنس العمل ... يا تطلقها يا ترجعها
غير هذا مافيه





والدته بإندفاع : وش يطلقها! ما كملوا إال شهر وتبيهم يتطلقون!!
والده : أستح على وجهك غيرك عياله طوله وأنت من أول مشكلة أنهبلت!
اعقل وخلك ر َّجال وروح جيبها معك
ريَّان : أشوفكم واقفين بصفَّها!
والده : واقفين مع الحق! انا عارف ومتأكد أنه السبب منك أنت مو منها!
من رجعتوا وأنا ماعاد أشوفك بالبيت! طول يومك برا من عذرها يوم
تزعل وتروح بيت أهلها
تن َّهد بغضب : طيب! راح أرجعها وغير كذا ماراح تتدخلون في حياتي
وزي ماأبي بتصرف ! .... خرج بخطوا ٍت مستثارة بالح َّدة.
تراجعت للخلف وهي تأكل تفاحتها الصفراء، لن تنتهي المشاكل أب ًدا في
هذا البيت. صعدت لغرفتها لتُثبت الهاتف بكتفها وتُكمل أكلها.
أجابتها : ألو
أفنان : مساء الخير
الجوهرة : مساء النور ... تآكلين؟
أفنان بسخرية : من حرقة األعصاب اللي صايرة في بيتنا! صايرة أحط
حرتي باألكل
الجوهرة : ليه وش صاير؟
أفنان : من غيره ريَّان، تدرين أنه ريم عندكم!
الجوهرة : متهاوشين ؟
أفنان : إيه ... والحين عصب من أمي عشانها كلمتها بس يقول بكرا
بيروح يجيبها
الجوهرة بسخرية : والله إحنا عايلة بالمشاكل محد يغطي علينا
أفنان أبتسمت : قالتها قبلك عبير! كل آل متعب لو مالقوا أحد يتهاوشون
معه تهاوشوا مع نفسهم
الجوهرة : خليها على ربك .. صدق أبوي شلونه؟
أفنان : بخير على حاله..
الجوهرة : الحمدلله
أفنان : شفتي تركي غيَّر رقمه وما أرسل لنا الرقم الجديد! وأمي تقول أنه





ِّ متهاوش مع ِم مرة من
أبوي ومدري وش سالفته! ياربي بس عاد تركي مفل
هوشة يزعل ويقطع
ِّي كلمة، أردفت أفنان : ألو؟
أرتبك قلبها لتلتزم الصمت ُدون أن تعلق بأ
الجوهرة : معك
أفنان : عندك رقمه الجديد؟ تكلمينه؟
الجوهرة : ال من وين بجيبه
أفنان : يختي ليه كذا يصير فينا! يعني أخو أبوي من لحمه ودمه يقطع فينا
كل هالفترة ويغير رقمه ومايقولنا!
الجوهرة بغ ِّصة تشابكت مع حبالها الصوتية، الذي من لحمه ودمه لم
يصون عر َضه قبل كل هذا حتى يحف ُظ حقوق أهله عليه : أكيد بيرجع زي
كل مرة
أفنان : بس هالمَّرة طِّول! طِّول مررة
الجوهرة تنهدت لتُضيِّع الموضوع : أبوي بيجي معاه الرياض؟
أفنان : أمي قالته لريم لكن شكله ماراح يروح من كالمه مع ريان ......
أن ِت قولي لي وش أخبارك مع سلطان وعمته؟
الجوهرة : تمام الحمدلله
أفنان بسخرية : يعني كأني منتظرة غير هاإلجابة أن ِت حتى لو ميت عندكم
أحد قل ِت الحمدلله بخير
الجوهرة : وش تبيني أقول يعني؟ والله محنا بخير وشوي ونموت من
الضيق
أفنان : طيب طيب حقك علينا ال تآكليني
،
ِّي شدةٍ سابقة، نظرت
وضعت يدها على قلبها الذي ينبض بش َّدة تجاوز أ
لضي التي تضُم وسادة نحو بطنها الذي ال يف ُّك عن إيالمها : بيصير زي




! يالله ال
ضي : وش صار في



؟





عبير بصو ٍت خافت تشعُر بأن األمان يتالشى من قلبها : وقتها جلس أبوي

شهور ما يتحرك من سريره
ضي بحشرجة الخوف : ال إن شاء الله .. ربي ال يعيده عليهم! .......
عطيني جوالك
أن تشابكت يدي
ُم أنه منذُ
عبير تمِّده لها لتتصل على ر ُجلها الوحيد، الله يعل
بيِد أن رأيته ولد ُت من جديد، يالله
ُم منذُ
ه أبصر ُت الحياة من جديد، الله يعل
إنه ال يعجز عنك شيئًا فأبِقه بجان ِب قلبي.
على بُعِد مساف ٍة قصيرة كانت تجل ُس بمقابله وهو يستلقي على السرير
يتأم ُل السقف ويغرق بتفكيره وعلى بطنه يستقر السالح وهو يتالع ُب
بأصبعه ليجعله ي ُدور بتأنِي يُشبه تفكيره الذي يبتعُد عن الواقع بأشيا ٍء
كثيرة.
مسكت رقبتها المشتعلة بالحرارة، لتقف متجهة إلى الحمام غسلت وجهها
بالما ِء البارد لتُثبت كفيَّها على المغسلة، يالله كم يلزمنا من قوة حتى نتحمل
ي في كل مَّرة أريد
كل هذا، تعب ُت من الحزن الذي يتسلل إل بها أن أبتسم،
تعبت من أن أخفي مشاعري وأكذب بها، تعبت من أن أحزن وأكابر وأنا
ِدة، تعب ُت منك يا عزيز، تعبت من عينا ِك الغاوية،
والله لس ُت إال كاذبة جيِّ
ِّي هدنة نتحد ُث بها؟ هذا والله هراء
تعبت منَّا كالنا، أ .
تسترج ُع في األسبوع الما ِضي كيف أتفقا على الهدنة بعد ليل ٍة بكت بها
وأجهشت بالبكاء أمامه، كلماته التي أتت مؤلمة لقلبها الِذي يشي ُب على حبه
" طيب يا رتيل أنا ماعندي مانع! قلت لك قبل هالمرة خلينا ننسى كل اللي
صار على األقل هالفترة وبعدها قرري بكيفك وش تبين! تعاملي معي
ِّي شخص وأنا بعتبرك
ِّي شخص هالفترة
كعبدالعزيز بس! أعتبريني أ بعد أ
وبعدها يصير خير! .. أتفقنا ؟ "
كيف مَّرت األيام بعد اإلتفاق هادئة تصخ ُب به ضحكاتهم، ال تعرف كيف
الدنيا تفتحت وأصبحت ربيع بمجرد غياب أثير لعدةِ أيام مع والدها خارج
باريس، كيف للحياة كل هذا اإلغراء بمجرد ما أستشعرت أنه ينام لوحِده
ويستيقظ لوحِده دون أن يراها، أن يأكل أي ًضا لوحِده، هذه األنانية التي
ولكن ُسرعان ما
جنَّة "
جعلتني أفكر بهذه الصورة جعلت أيامي الماضية "





تالشت، عادت وعاد ُحزني معها و ُعدت أنت كشخصيتِك التي لن تتغيَّر
أب ًدا.
سحبت منديالً وف حتى لتخرج ولم تراه على السرير، أنقبض قلبها بخ
تنهدت براحة وهي تراه يسك ُب له من الماء. ألتفت عليها : قلت ماراح
أطلع وجالس عنِدك .. وش فيك خفتِي !
جلست على طرف السرير : وال شي
جلس بجانبها ليمِّد لها كأس الماء، تعلقت عيناها بيِده لثواني حتى أخذته،
شربت ال ُربع منه وهي تُبلل قلبها ببرودتِه، أخذه منها ليشرب من
موضعها، ألتفتت عليه لتتشب ُث عيناها بفِمه، ماذا تفعل بي يا عزيز؟ بر ِب
السماء ما أنت بفاع ٍل بقل ٍب ه ِّش ؟ تقتلني أكث ُر من مرة وتُشتتني مَّرات
ومرات، واآلن ؟ مالذي تُريد أن ت ِصل إل يه؟ إنِي أسألك بح ِق األيام التي
أن رأتك أغمى
ضاعت بيننا ماذا تريد؟ إني أسألك ب ُحز ِن عيني التي منذُ
ِل لك ولكن لمرةٍ وا ِحدة أعدنِي
عليها، حياتِي لك، قلبِي لك، وكل التفاصي
ي
إل .
وضع الكأس على الطاولة ليلتفت إل يها وبهُدوء : في كل مصيبة لي الزم
ألقاك بوجهي! ... أظن هذا له داللة قوية
رتيل تُشتت نظراتها : أصالً ماكنت راح أجيك بس قال لوال أبوي تأكد أني
ضروري عطوا الجوال لعبدالعزيز
عبدالعزيز : وأنا مصدقك
رتيل الذي فهمت من نبرته أنه يس َخر : أنت بنفسك سمعت
عبدالعزيز : والله مصدقك يا بنت الحالل .... قطع الصمت الذي ساد
دقائق .... يوم جيتيني ورا ِسك مغطيه الشاش، وش كان صاير لك ؟
ِ
لبُضع
ضحكت بسخرية : بدري سؤالك !
عبدالعزيز بمثل نبرتها : أعرف أروض نفسي وفضولها بسهولة !
رتيل : طحت
عبدالعزيز : وين ؟
رتيل : ببيتنا بعد وين! طبعا عشان تحس شوي على نفسك تراها بسببك
عبدالعزيز الذي كان يشعُر بأن خلف الجرح الذي بين حاجب يها حكاية ولم





يخيب توقعه : وش سويت هالمرة بعد ؟
رتيل : سمعتك وأنت تبشر صاحبك كيف أنه شخصيتي تصلح لفترة مؤقته
وبعدها خالص !
عبدالعزيز : وبس هذا اللي سمعتيه؟
ِطقت به شفا ِهه لتنغرز بقلبها،
رتيل بقهر وهي تتذكُر كل كلمة، كل حرف نُ
مازالت آثار حِديثه باقية في قلبي ومازال جبيني الذي يشهُد بالحزن معي
ِّي أي ًضا باقية : ما أبغى أتذكر ذاك الموضوع،
بالندبَ ِة الواضحة بين حاجب
ممكن ؟
عبدالعزيز : أكيد ممكن بس على فكرة كالمي مع ناصر ذاك اليوم كان في
وقته يعني تغيرت أشياء كثيرة بعده
رتيل تُعيد كلماته بحز ٍن يستعمر قلبها : أنا أعرف كيف أتكيف مع أثير
وأقدر أعيش معها .. متى بس أنتهي من هالحياة وهالرياض وأفتك منها
ِّي أحد من هالعايلة
وأعيش زي ماأبي بدون أ ..
عبدالعزيز : كل شي يتغير حتى قناعات الشخص
رتيل : وش تغيَّر فيك يا عبدالعزيز ؟ أنك صرت عادل ماشاء الله وماتبي
تظلم أثير
عبدالعزيز : أن ِت دايم تحطين نفسك قدام أثير ماهو قدامي .. آل تقارنين
وبترتاحين
رتيل بعصبية : ألنه عمرك ماراح تحس بشعوري وأنا أشوفك معاها!
مهما حبيتك .. ماراح أقبل والله لو أيش أني أتنازل وأرضى بأنها
تشاركني !!
عبدالعزيز تنهد : هالموضوع لو فتحناه ماراح يتسكر
رتيل : أنتم الرجال تحسبون الحريم مايقدرون يعيشون بدونكم ألنهم
ببساطة يموتون فيكم! لكن صدقني مافيه بنت تحب وتنسى عقلها! مهما
جنَّت فيك بالنهاية تقدر تنسحب بهُدوء وتعيش عذابها مع نفسها بدون ال
تشارك أحد فيه لكن أنتم تنسحبون وتظلمون بنات غيركم ألنكم تدورون
عن اللي تحبونه في الغير بس البنت عمرها ماتدِِّور أحد! إما أنه يجيها
اللي تبيه وال تب ! ِّطِل ُحب، هذا الفرق بيننا وبينكم





عبدالعزيز : وأنا ما دورت عليك عند أثير! حطي هالشي في بالك
رتيل : سِّو اللي تبيه وعيش حياتك مثل ماتبي لكن ماراح تقدر تجمعني
معها أبد! .. ماراح تقدر يا عبدالعزيز لو صار أيش ما صار !
عبدالعزيز بقسوة : وليه ضامنة أني أبيك في حياتي!
رتيل بحدة تنظ ُر إليه، هذه الحدة التي تلم ُع في عينيها كدمعة تُسجن في
َوت طر ِف
محاجرها، صمتت وعين يها التي أستلمت الدفا ُع عن كلماتها، ل
ً من البكاء
د عليها خشية .
شفتها السفلية إلى الداخل وهي تش ُّ
كان سيتحدث لوال صوتها الخافت : متناقض! عمرك ماراح تعرف تفكر
زي الناس! قلت هدنة وأنا أعرف وش غايتك منها! وقلت يالله ورجعت
بكالِمك ألنك ماتعرف تثبت على رآي !
عبدالعزيز بجديته أقترب منها : آسف
رفعت عينها بده َشة من أنه يتنازل ويعتذر، رمشت كثي ًرا حتى تستوعب ما
قاله، صع ٌب عليها أن تُصِدق هذا األسف بإنسيابية صوتِه.
:أنا ماأعرف بالهدن شي ...
ُهدن شي؟
رتيل : تعتذر عشانك ماتعرف بال
عبدالعزيز : قلبك مثل ما يبي يفهمها يفهمها
رتيل عقدت حاجب يها : تنازل لو مَّرة!
عبدالعزيز بإبتسامة يقتل بها قلبها : أعتذر لمقا ِمك السامي يا رتيل بنت
عبدالرحمن بن خالد آل متعب .. أتمنى أنه تنازلي هالمرة ما تجحدينه مثل
ما جحد ِت غيره وتعرفين أني قادر أعتذر متى ما أخطأت بدون ال ينقص
ِي
هالشي منِّ
رتيل بتلذذ في " تفشيله " : وإعتذارك مرفوض.
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههههههههه شكًرا لك
رتيل : العفُو يا ... بو سلطان
عبدالعزيز غرق بضحكتِه ليُردف بخبث : مين بيجيب لي سلطان ؟
رتيل : الله يخلي لك أم عيالك اللي تبيها في حياتك ... أردفت كلمتها
األخيرة بسخرية الذعة على كلماته األخيرة معها.
عبدالعزيز : يعني أفهم أنه حياتي ماهي مغرية لك؟





رتيل رفعت حاجبها وهي تقل ُد صوته بطريق ٍة ساخرة : أن ِت ماراح تكونين
أول بنت في حياتي! أن ِت مستحيل تكونين أول بنت! أن ِت ... وأن ِت وأن ِت
... أذكرك إذا نسيت
عبدالعزيز : أجل أنا أعتذر عن كلماتي بعد .. تقبلين إعتذاري يا حرم
عبدالعزيز العيد ؟
فهمت من كلمته األخيرة كيف يُريد أن يربط مصيرها به، أخذت نف ًسا
ا وهي تنظ ُر إلبتسامته التي تُربكها، أخشى على نفسي من هذه
عميقً
اإلبتسامة وفتنتها.
أردفت : أفكر
عبدالعزيز بضحكة وكأنه يحاول أن يهرب من واقعه بكلماته معها، يحاول
أن ينسى ما يحدث بالخارج : طيب يا أم سلطان فكري وخذي راحتك
بالتفكير
رتيل شتت نظراتها بعي ًدا عنه :
ًوا؟
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عف
عبدالعزيز : أحاول أكون لبق وذوق بس عاد الشكوى لله
رتيل : بوردون
عبدالعزيز تذكر أشهُر ما يحفظه من الشعر الفرنسي لينطق بلكنته الفرنسية
: tu peux dire à la rivière de ne plus couler .au المكتسبة
soleil de ne plus coucher et même à la terre de ne plus
tourner mais jamais à mon cœur de ne plus t'aimer "
يمكنك ان تقولي للنهر أن ال يجري أبدا، للشمس أن ال تغرب أبدا و حتى
لألرض أن ال تدور أبدا لكن التستطيعين مطلقا أن تقولي لقلبي أن ال يحبك
أبدا" .
رتيل التي لم تفهم وال كلمة مما قيل أردفت : طيب ترجم عشان أفهم!
ِر المعنى : أن الحياة ما توقف عليك وأنه رجل مثلي
عبدالعزيز بلكاعة يغيِّ
بإمكانه نسيانك في الوقت اللي يفكر فيه كيف يقضي فراغه مع أصدقائه
رتيل : شفت الوقت اللي أسِِّرح فيه شعري ؟ في هذا الوقت أنا قادرة أنهيك
مثل لما أتهَّور وأقص خصلة من شعري





عبدالعزيز : تتهورين! لهدرجة مسألة نسياني تعتبر تهور بالنسبة لك
ِهه لكلماتها : أفهم على كيفك
رتيل أنقهرت من تموي !
عبدالعزيز أبتسم : جوتيم .. أترجمها ؟
رتيل : هههههههههههههههههههههههههههههه مغازلجي فاشل !
عبدالعزيز و يح ِِّج ُر لها : أجل علميني كيف الغزل يكون؟ نتعلم من خبرتك
رتيل بضحكة تستفزه لتلتفت عليه بكامل جسِده وهي تقترب منه : يقولك
خالد الفيصل سلم المحبه ما وطا الزين ناطاه، حد الخطر لعيون خلي
وطيته ، والي يودك كل ما منك يرضاه ، حتى عذابك يا حبيبي رضيته . .
عبدالعزيز غرق بضحكة طويلة ليُردف : الله يعاقبني دام مخليني بارد
والدنيا قايمة برآ
،
يقف بإتزان بعد أن أجتاحته برودة التبلد وخاب كما يخي ُب الجميع، لم ت ُكن
هناك فرصة أن أضطرب أو أقلق فقد فقد ُت كل أم ٍل يتعلق بها، بصو ٍت
هادىء : هل بإمكاني أن أتحدث .. أمر ضروري
:بالطبع .. تفضل.
ِم السماعة ليِد فارس، أخذ
ِّ
ضغط الموظف األشقر على رقم غرفتها ليُسل
ا ليلفظ بصو ٍت حاول أن يُغلظه أكثر لتتغيَّر النبرة : عبير؟
نف ًسا عميقً
عبير بنبرةٍ يتضح بها الخوف : أيه!!
فارس : إذا ممكن تنزلين! عمك مقرن ينتظرك تحت
عبير : مين أنت ؟ ليه مو هو اللي أتصل
فارس : تبين تكلمينه؟ هو قاعد يكلم أبوك لكن إذا تبين الحين أخليه يكلمك
عبير بإقتناع : و عبدالعزيز ؟
فارس : ماهو موجود .. على العموم الزم تنزلين بسرعة
عبير : بروحي؟
فارس : إيه .. إذا تبين أتصلي على أبوك وأسأليه
عبير : آلآل خالص .. ثواني ونازلة





أغلقه ليتجه بخطوا ٍت سريعة نحو المصاعد ويتجه نحو طابقهم، ألتفتت
على ضي التي أستسلمت للنوم بتع ٍب شديد، أخذت هاتفها وخرجت بهُدوء
لتضغط على المصعد، أنتظرت وهي تتشاب ُك بأصابعها بقلق، أنفتح لتحاول
ِه،
ُم أنفاسها بقوةِ كفِّ
الدخول ولكن من خلفَّها ش َّدها وهو يكت همس وهو
يُق ! ِِّرب المشرط الحاد من مالمحها : وال كلمة
لم تستطيع أن تراه وهو يحاصرها من ظهرها، ولكن صوتها تشعر أنها
سمعته من قبِل، لم تُطيل التفكير والتخمين بمن صاحب هذا الصوت وهي
تنتف ُض وتحاول أن تُبعده ولكن بتهديٍد الذع أستسلمت : عبدالعزيز . .
رتيل . . ضي . . ؟ مين تبين بالضبط ؟
فهمت ما يقصد، لتهدأ، سحبها للمصعد ولم يجعلها تراه وهو يحاول أن
ِت كتفيها من الخلف، أنهمرت دمعاتها وهي تتوقع أسوأ السيناريوهات
يثبِّ
التي ستحدث بعد قليل، ال تعرف كيف تتخل ُص من هذا الرجل؟ وكيف
تهرب! كيف تصرخ لعبدالعزيز وتناديه! يا غبائي! ليتني جلست مثل ما
قال عبدالعزيز، كيف صدقت أن عمي مقرن يُريدني! فتح المصعد ليسحبها
بيِدها ُدون أن يلتفت عليها وهي ال ترى سوى شعره القصير من خلفه
ُم لإلغماءة
ُم أنفاسها بقوةٍ جعلتها تستل
وجسِده العريض، أركبها السيارة ليكت
المفتعلة بعد أن أتسعت محاجرها وهي تنظ ُر إليه وتتعر ُف على وجهه،
هذه آخر الحلول يا عبير! و رأيتك بأسوأ موعٍد عرفهُ الحب، ومسك ُت يِدك
بأسوأ لقا ٍء من الممكن أن ي ُكن، أنا آسف هذه المرة ألني سأجعلك تشعرين
َما تجرأت
ب ُحرقة الذنب ونظر الله إل يك، ليتني أملك هذه الخشية من الله ل
ُسمع ِك صوتي
أن أ .
،
أقتربت من الدرج وهي تتمسك بقبضته، شعرت أن قلبها يندف ُع بالعمق إلى
بطنها، تشعُر بالنبض في بطنها يؤلمها بش َّدة، تيبست ي َدها على طر ِف
ِّي إسم وعقلها ي ُدور
الدرج والضباب يغشى رؤيتها، كانت تُريد أن تنادي أ
ٍ وكأنها تحت ِضر، وضعت
َوجع
بها بال ثبا ت/إستقرار، شعرت ب يدها على





بطنها المنتفخ لتحاول أن تبتعد عن الدرج ولكن لم ت ُكن ترى شيئًا سوى
بيا ًضا بإمكانه ان يعيقها عن الحركة لتنزلق من أعلى الدرج ورأسها
يرتطم بقَّوة.
كان صو ُت سقوطها مهوالً في بي ٍت هادىء كهذا، رفع عينه : هذا أيش ؟
هيفاء : يمكن شي من المطبخ!
يوسف مسك هاتفه ليسمع صرخة الخادمة، تركه وهو يهرول سريعًا لتتسع
محاجره من منظرها! كانت الدما ُء تنز ُف من رحمها، رفع رأسها من
األرض ليضعه على فخِذه،
هيفاء المندهشة ركضت لألعلى نحو جناحهما لتجلب عباءتها، وضع يده
على رقبتها ليتحسس النبض والدما ُء بدأت تغرق كفوفِه، غطاها ليحملها
متج ًها نحو سيارتِه ومعه هيفاء، وضعت هيفاء رأسها على فخذ يها
بالمرتبة الخلفية لينطلق يوسف بسرع ٍة جنونية .
ِّي تفصي ٍل
ِّي شيء وبأ
عقله غائب عن كل شيء، ال يستطيع التفكير بأ
صغير، مشتت ضائع ال يملك أدنى فكرة عن شعوره في هذه اللحظة.
هيفاء التي كانت ترتجف وهي تحاول أن تدعي بكل شيٍء عملته في
لها غير ذلك، نظرت لنهاي ِة أقدامها والدماء التي تص ُل
حياتها، ال حيلةً
إل يها! هل هي تُسِقط الجنين اآلن أم ال ؟ يالله أحفظها وأحمها .
ِّي مرو ٍر وتعليمات، أدخلها
ٍن خاطىء ُدون أن يلتزم بأ
ركن سيارته بمكا
ٍو إلى الطوارئ وقلبهُ يرتفع وي ، مسح وجهه بكفيِّه لينتبه بأن صمته
ُط بعل
هب
هذا يجعله ينسى اللجوء إلى الله، في داخله ب ِّحت نبرةُ قلبه بالدعاء، يارب
ال تُريني بها مكرو ًها.
جلست هيفاء وأصابعها تتشابك ببعضها البعض، تشعُر بأن أمًرا سيء
سيحصل، ال تعرف كيف تتحمل هذا الشعور! ولكن ُهناك أمًرا يُخبرني أنه
سيصيبها شيء، كل هذه الدماء لن تجعلها تسلم إال .. إن رحمها ربي،
يارب أرحمها وأرحم ضعفها وال تُرينا بها مكرو ًها.
أستغرقت الدقائِق الطويلة وهو يسي ُر ذهابًا وإيابًا، كل أعصابه بدأت تفلت
منه وهو ينتظر أح ًدا يُطمئنه، بعد تضار ِب قلبه الشديد خرجت الدكتورة :
أنت زوجها؟





يوسف : إيه .. كيفها الحين ؟
الدكتورة : هي بخير الحمدلله .. لكن مقدرنا ننقذ الجنين .. يعوضك الله
... تركته وهي تجهل ماذا سببت له! تجمَّدت أقدامه على األرض ُدون أن
يفهم شعوره، يجهل نفسه، صمت رهيب يُعيق لسانه عن الكالم، قبل أيام
كنت أراه بعيني وهو في رحمها واليوم؟ في اللحظة التي شعر ُت بها
مما يُمكن، في اللحظة التي بدأ ُت أحسب
ِ
باألبَّوة غادرني هذا الشعور أسرع
كم أسبو ًعا بقي حتى أراه، ر َحل. ولكنِي أريده يالله! كنت أتوق لرؤيته
كثي ًرا !
تنهد بطريق ٍة جعلت دمعة هيفاء تنزل بهُدوء، همس : الحمدلله على كل
حال ... ألتفت عليها .. خليك بروح الحمام وراجع لك ... أتجه ليتوضأ
بخطوا ٍت خافتة ليعقب ذلك لمصلى المستشفى، ألن ال أحد يواسي خيباتنا،
ا للشكوى سوى
ال أحد يواسي أحزاننا سوى الله فأنا ال أعرف طريقً
السجود، ألني أحتاجك يالله أن تربت على كتِفي وتُجلي حزني، أحتاجك
"
أن تُخفف هذا الحزن، في المرة التي أرد ُت بها أن تكون الحياة " إبني
مات .
يُتبع
،
ِل الرياض الطويل، كانت تتوضأ في مغاس ِل الصالة لتطل عليها
في لي
ِّي صالة؟
ح َصة : أ
الجوهرة : ال مو صالة! بس كذا من كثر ما أشوف سلطان يتوضأ صرت
زيه
أبتسمت : عقبال ماأكسب هالعادة
الجوهرة وهي تُغلق صنبور المياه : حلو الواحد يكون على وضوء دايم
يعني وش بتخسرين كل مادخلتي الحمام توضي كلها دقيقة وتخلصين !





ح َصة : السالفة مو كذا بس تنسين إذا ماكان وقت صالة
الجوهرة بهُدوء : أن ِت ماتعرفين متى تقبض روحك فخليك دايم على
طهارة . . . سمعُوا صوت السيارة بالخارج . . . هذا أكيد عمي جاء . .
حصة : طمنيني وال تخليني أنتظر
الجوهرة : إن شاء الله . . . .
ِل رأسه، وبقلق : وش صار عليه ؟
دخل لتُقبِّ
عبدالرحمن : ماعليه خوف لكن أمرنا لله بيجلس في المستشفى هاأليام
الجوهرة : بس مافيه شي ! يعني واعي ال تخبي علي شي
عبدالرحمن : واعي وكلمته والحمدلله
الجوهرة برجاء : طيب طلبتك خلني أروح له
عبدالرحمن تنهد : وين تروحين له! خليك مرتاحة وهو صدقيني بخير ..
الجوهرة : الله يخليك عِِّمي! ال تردني
ب ُمجرد ما نظر لعين يها حتى رضخ، هذه العين ين مقنعة وج ًدا : طيب ...
روحي ألبسي عباتِك
ركضت الجوهرة لألعلى ليبتسم عبدالرحمن، هذه الجميلة بقُر ِب بناته
وأكثر، ح ُظك يا سلطان البائس أظنهُ يبتسم إن أتى بإتجاه جوهرتك.
نظر لعائشة : جيبي لي مويا
عائشة بغمضة عين مَّدت له الكأس، رفع حاجبه عبدالرحمن بش ٍك من
امرها ال نا ُمريب : فيك شي؟ صاير شي ه
عائشة : آل بابا .. الحين بابا سولتان شنو فيه
عبدالرحمن ضحك ليُردف : الله يرزقنا ُحبكم لهالسلطان! مافيه شيء بخير
الحمدلله
عائشة بنبرةٍ سريعة : أنا واجد خوف بابا هادا بابا سولتان واجد زين هو
مو واجد زين بس يأني*يعني* هرام*حرام*
عبدالرحمن أبتسم : ليه مو واجد زين؟ وش مسوي لك!
عائشة بإبتسامة واسعة : يأني هو زين انا ما يقول مو زين بس واجد
آنقري*عصبي*
عبدالرحمن يرفع عينه للجوهرة التي تلبس نقابها، مد لها ال ُكوب : شكرا





عائشة : أفَّوا
خرج مع الجوهرة متجهان للمستشفى، بنبرتها الخائفة : قلت له ال يروح
بس ما سمع كالمي !
عبدالرحمن : الحمدلله ع ِّدت على خير بس هالمرة مستحيل يخلونه يطلع
من المستشفى! عاد الله أعلم كم بيجلس يمكن أسبوع وأكثر.
الجوهرة : طيب وش اللي صاير في شغلكم ؟
عبدالرحمن وهو يقف عند اإلشارة الحمراء : تعرفين سلطان وش وظيفته
بالضبط؟
الجوهرة : ال
عبدالرحمن بإبتسامة : إذن ماراح تعرفين وش صاير
الجوهرة : ال يعني أبي أتطمن
عبدالرحمن الذي يشعُر بأن اليوم كان ثقيالً على قلبه أكثر مما يجب، وال
يعرف كيف سينام الليلة وعائلته ُهناك! ال تكفي إتصاالت عبدالعزيز ال
يكفي هذا اإلطمئنان من عزيز : كل شيء تمام الحمدلله .. تطمني.
تمُر الدقائِق طويلة شاقَّة في تقاطعات الرياض المزدحمة حتى ركن
سيارته في مواقف المستشفى : يمكن نايم ماراح نطِّول طيب ألنه ماهو
وقت زيارة
الجوهرة :طيب . . . . دخل معها وبمساف ٍة قصيرة فتح باب غرفته
المخصصة، ألتفت عليها : نايم!
فتح عينيه وهو الذي كان يحاول أن ينام بعد أن أستغرق يومه في النوم
تحت وضعية التخدير، أبتسم بوسعود : كويِّ ! ِس مانمت
نظرت إل يه وهي ترى ش ُحوب مالمحه و ُصفرةِ مالمحه المربكة لحوا ِِّسها،
عقد حاجبيه ليلفظ ببحة : ماكان له داعي
عبدالرحمن : أعقل هذي مرتك وتبي تتطمن عليك! .. جوهرة حبيبتي
ماعليك منه أجلسي وبجيك بعد شوي ... وخرج.
أقتربت منه : تحب تعذب نفسك وتعذبنا معاك
سلطان بضيق : عسى ما روعتي عمتي؟
الجوهرة : آل .. كيفك الحين ؟





سلطان : أن ِت وش شايفة ؟
ي
الجوهرة بو َجع والدموع ترتفع بساللٍم هشة نحو عيناها : ممكن تتكلم معا
بأسلوب أكثر لباقة
سلطان : مو قلت ماأحب أحد يجيني المستشفى !
ألتزمت الصم ت وهي تتأم ُل مالمحه التي أشت َّدت، أعر ُف أن التعب يجعل
الشخص يرضخ قليالً ولكن أنت يا سلطان شي ٌء آخر، شي ٌء ال أعرف ما
منتهاه! مرةً أقُول أنك وطن ومرةً أقول أنك منفى.
يلتفت عليها : تطمنتي؟
الجوهرة : بتطردني يعني؟
سلطان بهُدوء : أنا سألتك
الجوهرة تنزع نقابها لتستفزه وهي تحاول أن تُوصل له بأنها ستطيل
المكوث، غرق في عينيها الالمعتين لتُردف : جوابي وصل ؟
سلطان نظر للجهِة األخرى ُدون أن ينطق بكلمة أو حتى حرف.
أبتسمت، لتجلس على السرير بجان ِب بطنه مما جعله يزيح قليالً، هذه المَّرة
من يستعمرك ويعب ُث بك : أنا ولست أنت، أيقنت أن الحياة أقبح من أن
أتحداها بالقَّوة، أيقنت تماما بأن الخيبة التي تترس ُب في قلبي أخ ُف وجعًا
كابر، وضعت كفَّها على كِفه الباردة بإستحال ٍل تام لجسِده :
ُ
من أن أقسى وأ
أقدر أرجع أسألك مرة ثانية كيفك؟
كان يعرف ما خلف هذه النبرة، يشعُر بلمس ِة كِفِّها وبالكلمات التي تنتقل من
جلدها إل يه، يعرف تماما ما تقصد وما تعني بجملتها، تستفزني كثي ًرا في
وضع ال أستطيع به أن أقف وأروضها، أبتسم ليُعاكس البركان الذي يشتعل
في صدره : وأقدر أجاوبك مرة ثانية وأقولك أن ِت وش شايفة ؟
أبتسمت بطريق ٍة الذعة مستفزة لعين يه التي تعلقت في شفت يها : طيب
الحمدلله، عمي عبدالرحمن يقول أنك بتجلس أكثر من أسبوع طبعا ماراح
تخليني أنا وعمتك في البيت محروقة أعصابنا! ياليت تتحمل زيارتنا الثقيلة
يوميًا .. " ش َّدت على كلمتها األخيرة "
عض شفتِه السفلية : عنِدك دقيقة وحدة لو ماأبعدتي عن وجهي بتشوفين
شي . .





بتعذيبه :
وضعت أصابعها برقة على شفتيه لتمنعه من الكالم وهي تستلذُ
أشوف إيش؟ معليش يا سلطان أستحمل لو أنك جالس في البيت وسمعت
كالمي ماصار كل هذا! لكن أنت تحب تأذي نفسك وتأذينا معك
": أنتهت الزيارة مع
سلطان يع ِّض أصابعها لتسحبها بقوة وهي تُطلق " آآه
السالمة
الجوهرة بعناد : أنتظر عمي يجي .. وال تبيني أطلع وأدِِّور عليه
ِّي فيه
سلطان بهُدوء : والله شكلك شايلة في قلبك كثير والحين تردين عل !
ال ُجوهرة بمثل إبتسامتها المستفزة التي تتصار ُع مع مالمحها الناعمة
البريئة : ماعاش من يشيل في قلبه عليك
سلطان : الجوهرة أحفظي نفسك أحسن لك
الجوهرة : جِِّرب شوي الشعور اللي تخليني أحسه كل يوم
سلطان بحدة : جاية تتشمتين !
الجوهرة بجدية : أبوي ما رباني على الشماتة
سلطان : أتصلي على عبدالرحمن وخليه يجي وال عاد أشوفك هنا
الجوهرة بهُدوء : قلت لك تح َّمل زيارتنا الثقيلة !
سلطان بغضب : آل تعانديني قلت مافيه يعني مافيه !
الجوهرة : طلبك مرفوض
سلطان حاول يستعِدل بجلسته ليُفرغ غضبه بسهولة ولكن يِدها توجهت
لصدره لتُرغمه على اإلستلقاء وبصو ٍت خافت : يعني وش فيها لو جيناك!
حرام وال عيب!
سلطان : عندي حرام وعيب ومكروه !
دخلت الممرضة الناعمة لتطمئن على وضعه، لم تكن نظرات سلطان
تتوجه إل يها بقصدها ولكن من غضبه شتت نظراته عليها ُدون حتى أن
يُفكر بتفاصيل الوجه الذي يراه.
بحركٍة جريئة لم يتوقعها أب ًدا وضعت يدها على ذقنه لتلفهُ نحوها . . . .
،





يُطيل النظره به ُدون أن يفهم ما يقصده بكلماته : طيب؟
:وش طيب! أنا أقولك اللي عنِدي! مو تبي تطلع حرتك
ناصر : إيه كلهم بال إستثناء من سلطان إلى فيصل
:خالص أعتبر موضوعك خالص، خالل يومين بنفسك راح تنتقم لنفسك !
وش تبي أكثر من كذا ؟
ناصر بهُدوء : وال شيء! أبيهم يجربون شعوري خالل سنة كاملة وأكثر!
أبيهم يحسون وش سوو فيني
:ماراح يحسون بشعورك سنة! بخليهم يشوفون هالسنة في يوم واحد . . .
،
وضع رأسه على الباب، صدا ًعا يُف ِكك خالياه وال تركيز يُسعفه وينقذه،
ألتفت عندما سمع صوت خطواته ليش ُد على قبضة الباب : يبه أترجاك ال
تقرب لها
رائد : أبعد عني
فارس : آل ماراح أخليك تدخل!
رائد بحدة : قلت أبعد
فارس بتوسل : ماراح تدخل وال اللي معك راح يدخلون عليها !
رائد : فارس!!! التعصبني .. قلت أبعد
فارس يُغلق الباب بالمفتاح ليضعه في جيبه وهو مازال يش ُد على الباب
حتى وهو مقفل : يببه تكفى .. تكفى هذي أول مرة أطلب منك شي
يخصني
رائد بهُدوء ينظر إل يه : طيب أبي أشوفها ! أبي أتأكد
فارس بغيرة الذعة : آل .. ماتشوفها
حمد الذي كان بجان ِب رائد أردف بنبرةٍ ساخرة: على فكرة دينك يقولك
يجوز أبو الزوج يشوفها
رائد إبتسم في عِز غضبه ليصفعه فارس بحقد وهو الذي يحتبس غضبه
ِّي أحٍد يقابله
منذُ ساعا ٍت طويلة، كان ال بد أن يفرغه بوج ِه أ .





رائد : حمد أطلع. .
حمد بنبرة التهديد وهو خارج بعد أن أح َّمر خِده األيسر : طيب يا فارس
رائد : طيب .. الحين مع كامل األسف راح تتصل على عبدالعزيز! بعطيك
رقم زوجته المحترمة! وبتقول لعبدالعزيز بالحرف الوا ِحد : إما يجي
بكرامته وال عبير بتروح في خبر كان .. مفهوم وال أعيد كالمي مرة ثانية
؟
فارس بو َجع يظهر في عين يه التي تتوس ُل بكل شيٍء : يبه .. تكفى بس
هالمَّرة! الله يخليك سو فيني اللي تبيه بس أتركها
رائد بحدة : عرفت وش تقول !
فارس بضيق : يبه ما ينفع كذا !
رائد بصراخ : أجل وش اللي ينفع يا حضرة اإلستاذ!! أنك تقابل ولد الكلب
الثاني
فارس تعتلي نبرته : طيب أحبها! تبي تذبح ولدك معاها! أقولك أحبها
ماأرضى عليها ليه ماتفهم! لمرة وحدة تنازل بشي عشان ولِدك اللي من
لحمك ودمك
رائد : حبتك القرادة قل آمين .. الحين بتتصل وال قسم بالله يا فارس تحلم
تشوفها
فارس بخضوع يمُد يِده ليأخذ الهاتف الذي ير ُن على رقِم رتيل.
في جهٍة أخرى أستيقظت وهذا الحمل يجعلها تنام لساعا ٍت طويلة ُدون أن
تشعر، ألتفتت لتبحث بعين يها عن أحٍد، أتجهت نحو الحمام لتغتسل ودقائِق
طويلة حتى خرجت وهي تسمع نغمة هاتف رتيل.
تقدمت إليه وهي قلقة من عدم وجود عبير ورتيل، نظرت للسماء التي
تُشير إلى مغيب الشمس المتأخر في باريس، ر َّدت على هاتفها لي ِصل
صوتُه الرجولي : ألو
ضي بربكة : هال .. مين معاي؟
فارس : عطي الجوال عبدالعزيز
ضي : أنت مين ؟
فارس بهدوء : عطي الجوال عبدالعزيز





ضي : طيب أنت مين
فارس يُكرر عليها : عطي الجوال عبدالعزيز بسرعة
ضي : عبدالعزيز مو هنا! مين أنت ؟
فارس ينظر لوالده الذي يشير إليه بأن يقول لها : توصلين له هالكالم! لو
يبي عبير حيَّة يجي بنفسه خالل

ساعة وال يترحم عليها . . أغلقه.
على بُعِد خطوات ناما بتع ٍب وإرهاق، نامت على السرير في حين هو نعس
على األريكة، فتح عين يه وهو ينظ ُر للساعة ليشتم نفسه من غرقه بالنوم في
وق ٍت مثل هذا.
وقف لينتبه للورقة النائمة أسفل الباب، تق َّدم إليها وهو يفتح الظرف بهُدوء،
ورقة بيضاء توسطها بالخط العريض your is Where Nasser Ask"
– " ?sisterأسأل ناصر، أين أختك ؟-
.
.
أنتهى نلتقي على خير.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .





أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
+تنبيه كإبراء ذمة بخصوص أشعار نزار قباني ، جتني هالفتوى من
الجميالت
الله يغفر لنا ما جهلنا ويتُوب علينا، ()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!





الجزء )

)
المدخل لـ فاروق جويدة.
إذا كن ُت قد عش ُت حلمي ضياعاً
وبعثر ُت كالضو ِء عمري القليل
فإني ُخلق ُت بحلم كبير
وهل بالدموع سنروي الغليل ؟
وماذا تبقِّى على مقلتينا ؟
شحو ُب الليالي وضوء هزيل
تعالي لنوقد في الليل ناراً
ونصرخ في الصم ِت في المستحيل
تعالي لننسج حلماً جديداً
نسميه للناس حلم الرحيل
يقرأ بعين ين خاملت ين، ال تفهمان بأ Askِّ " ي حر ٍف يقفَان ويُركزان
" ?sister your is Where Nasserماذا يعني؟ ماذا يعرف ناصر من
ِّي عق ٍل يأ ِت كل هذا
األساس حتى أسأله! من أين تأ ِت هذه الورقة؟ من أ
"
" ناصر
الجنون، توقف عقله عن التفكير بعائلته، وأحاطت خالياه بأمِر
يجي ُء إسمه في هذا الوقت؟ في هذه اللحظة وهو في الرياض ال يعلم
َ
ِلم
ِّي أخت؟
شيئًا عني، كيف أتصل عليه اآلن وهاتِفي غارق بمياِه السين؟ أ
غادة! ، بحق الله أسأله عن ماذا ؟ عن هذا الجنون!
أهتز هاتف ضي في جي ِب رتيل النائمة بخفَّة جعلتها تستيق ُظ مع أو ِل
ٍز، عقدت حاجب يها من إسمها الذي توسط الشاشة لتُجيب : ألو
إهتزا
ِِّقة : وينكم ؟ ُط بنب
ضي بصو ٍت مرتبِك يختل رةِ البكاء الضي
رتيل : بغرفة عبدالعزيز
ضي : عبدالعزيز عنِدك؟





رتيل وقلبها ينقبض تدريجيًا، هذه النبرة الحزينة تُسقط أعوا ًدا على قل ٍب
ه ِّش : إيه
ضي أخذت نفس عميق : عبير مو هنا ..
برجف ٍة اكملت وصوتها يأ ِت متقطعًا في لحظ ٍة كان يقترب عبدالعزيز من
رتيل : أتصلوا ناس ماأعرفهم وماأدري كيف دخلوا وخذوا عبير ألن ما
حسيت في شي .. إما يجي عبدالعزيز وال ماراح نشوف عبير
رتيل تجمَّدت أصابعها التي تُحيط بالهاتف وعين يها تخترقها ال ُحمَّرة ، في
ِِّوه، عبدالعزيز :
هذا الوقت السيء يشاركني قلبي الحزن في هبو ِطه وعل
مين ؟
رتيل بنبرةٍ تهط ُل عليها الرجفات من كل جهة : ضي
عبدالعزيز لم ي ُكن ينتظر أن يسمع شيئًا، أنحنى ليرتِدي حذاءه ويأخذ
سالحه : أستعجلوا ... وعجن الورقة إلى أن د َّسها في جيبه، خرجت ُدون
أن تلفظ كلمة لتفتح باب غرفتهم، دخلت لترى ض ي جالسة وأقدامها تهتَّز
بخوف ويد يها تعتصر بطنها بو َجع.
رتيل بلعت ريقها وهي تبح ُث بعين يها وكأنها ال تصدق ما سمعت، أطالت
في وقوفها حتى تستوعب ما يحدث، أتجهت نحو الدوالب لتستخرج
معطف ضي وتمِّدهُ نحوها : عبدالعزيز ينتظرنا برا
ضي بنبرة تُوحي عن ألٍم فظيع تشعر به : عطيني جوالي
رتيل تمده لها وهي في دورها تأخذ هاتفها : ال تتصلين على أبوي أنتظري
عبدالعزيز
ضي : وين بنروح؟ ماني فاهمة شي
رتيل تُمسك يدها لتتجمع في عين يها الدموع ُدون ان تتجرأ أن تنزل وا ِحدة
تُريحها : طيب قومي الحين ... أكيد عبدالعزيز عنده مكان ثاني
وقفت بال قدرة على المناقشة أو القرار، أرتدت معطفها لتسحب حجابه
ه، خرجت مع رتيل لتلتقط عين عبدالعزيز الفرد الناقص : وين عبير
ُّ
وتلف
؟
رتيل التي لم تستطع أن تُخبره ولم يترك لها وقت للكالم، رفعت عينها
بمحاولة أن تو ِِّضح لها بنظراتها.





عبدالعزيز بدأت البراكين تشتعل في صدِر لوا ه وعقله معًا، ضي : أتص
على جوال رتيل!
رتيل تفتح هاتفها : أنا عندي أبلكيشن يسجل المكالمات، . . . . ثواني قليلة
حتى فتحت المكالمة وصو ُت فارس الواضح تعرفه إذن عبدالعزيز.
بدأ يتشابك في عقله ألف فكرة، مالذي يجعل فارس يُخطط على أخذها
وكيف خرجت له أو أنه دخل! شعَر ته وليست أخت بالغيرة وكأنها أخ
زوجته التي ُربما ال تعني له شيء بمفهوِم عقله، كل هذه األشياء تُقذف
ِّي في دقيق ٍة واحدة، نا ِصر الذي أجه ُل حاله هذه األيام و عبير التي
عل
تُسرق من جي ٍب شعر ُت أنه من المستحيل أن تتمر ُد يٍد عليه واآلن؟
مالعمل!
عبدالعزيز موج ًها سؤاله لضي : من متى ؟ وكيف ما قلتي لي ؟
ضي بربكة : صحيت ومالقيتها وبعدها دق جوال رتيل
عبدالعزيز أخذ نفس عميق وهو يشعر بأن المصائب تتواطىء عليه من كل
ناحية، كيف يتصرف ؟ ال رجل هنا حتى مقرن مختفي وال يُجيب على
إتصاالته! ال أحد من الممكن أن يثق به ليذهب لرائد فال حل آخر ولكن "
، وقفَا بالممر لوق ٍت طويل وعقل عبدالعزيز يغيب وهو
"
رتيل و ضي
ِ عبير، مسح على وجهه
يبحث عن حل، ال مجال للمساومة أب ًدا على ُروح
ا تنهيدته الموجعة، رفع عينه ليضغط على زر
بكفيِّه وهو ينحني قليالً مطلقً
من أمِر المصعد. أدخل يد يه بجيبه ليُمسك الورقة، ال يُريد لعقله أن يتشوش
ناصر، عقد حاجب يه ليخرجان من الباب الخلفي، اخذ من الفندق سيارةً
ِّي شي ..
اخرى ليخرج مبتعًدا عن إزدحام باريس : ال تقولين ألبوك أ
سامعة ؟
رتيل وهي تحاول أن تقاوم بكائها : طيب
وقف عند اإلشارة الحمراء لينظر لرتيل وهي تُجاهد أن ال تنزل دموعها،
في جهٍة أخرى كانت ضي تسند رأسها على الشباك وتغرق بتفكيرها في
الطريق.
مرر يِده بجانبها ليش ِّد على قبضته عليها، يُريد أن يبعث لها بعض الراحة
من مالمسة يدها المرتجفة ، أخذت شهيق مبحوح ُدون أن تنظر لعين يه،





ِر السيئ ِة عنك، أتى ُحبك عق
أتى ُحبك مفاجئًا، مرِِّو ابًا ًضا لكل األفكا
لعنفواني إتجاهك، أتى سقو ِطك بذرةً لل ُحب لم اكن أتخيل يو ًما أن ت ِصل
" يا ما ج َّف في صدِري حكي
لهذه الحدائِق التي زرعتها في صدِري، و
، كل
كثير ويا ما قلت أنك ظالم بإيدك ترويني و تحرمنِي منه يا عزيز "
الخالفات التي تتشعب من صدِري تجعلني أضعف بصورةٍ عميقة، تجعلنِي
أتمنى لو كنت مكان عبير وأن ال يصيبها شيء، تراودني كل القصص
التي أنتشرت في مجتمعنا بضيق شديد، تلك الفتاة التي أختطفت أمام بيتها
ولم يراها أهلها منذُ

سنة ومازالوا، تلك العائلة التي أحتجزتها إحدى
العصابات في إحدى الدول العربية وض َّجت بها القنوات، كان من النادر أن
يختطف أح ًدا ويعُود بكامل عافيته، وأخشى على عبير، أخشى أن ال أراها
بعد اآلن، جرب ُت الفقد كثي ًرا وال طاقة لي بأن أفقد أمي مرةً أخرى، هي
أمي و أختي وصديقتي و كل شيء أعرف تصنيفه وال أعرف ماهيته، هي
األشياء الجميلة الناعمة التي الأعر ُف أحيانًا كيف تُفكر وماذا تخفي، أفعلي
ي ما تُريدين، حتى تلك الصفعة كرريها لو توِِّدين ول


إعدادات القراءة


لون الخلفية