الفصل 104

في األسفَل كان عبدالرحمن يوقَع على أمٍر أمنِي مخت
بحث بعين يه عن عبدالعزيز ليسير إلى الداخل بإنشغال عبدالرحمن الذي
كان يحس ُب ان عبدالعزيز خ َرج.
دخل ألول مَمر ليُنادي وهو يضع الكمام على وجهه : عبدالــــعزيــــــز . .
.
ُمندلعة في الطابق ال ُسفلي :
نادى مرا ًرا وتكرا ًرا وهو يتق َدم أكثر للنار ال
عــــــز!!!
بحث بعين يه ليأخذ قطعةً خشبية مرمية على األرض ويحاول أن يقترب بها
من النار حتى ال تُصيب وجهه.
َوة أكبر : عــــ
صرخ بق ـــز!
أقترب منه إحدى رجال اإلطفاء ودون أن يلفظ كلمٍة واحد أشار له بيِده إلى
مكان على يمينه، إتجه إل يه سلطان لينظر لعبدالعزيز الذي يبح ُث بكل
غرفة تواجهه ُرغم النار التي تُحرق المكان : عبدالعزيز . . . مسكه من
ذراعه
عبدالعزيز إلتفت عليه بإضطرا ِب أنفاسه المختنقة : وين ناصر؟ . . .





سلطان : يدورونه . . أطلع . .
عبدالعزيز يسحب ذراعه من بين يد يه ليصرخ : نـــــــــاصر !!
سلطان بخضوع لفع ٍل عبدالعزيز بدأ يبحث معه، وبكل لحظ ٍة تمَر يتضاءل
األم ُل بداخِله.
إال أنت يا ناصر! ال تُخفيني بأمِرك هكذا، ال تقتلني أكثر و ُروحي د
لم تعَ
تتح َمل مو ٌت آخر، ال تفعلها أر ُجوك! ال تفعلها برفِيق ُعمرك الذي أساء
إل يك ولكنه عاد، عاد من أجل العُمر الذي مضى بيننا، أنت تعلم أنني ال
أقدر على الع يش ُدونك! أنت الذي تُشاركني الحزن بقدر ما تُشاركني
الفرح، ُكنت دائِ ًما معي! وكنت تستنط ُق صمتِي بعين م عيني
يك، يا من علَ
" ال تفعلها من أجل الله،
ي! إبكي معي
الدمع و أخبرتني دائِ ًما " ال تش ِكي ل
وتقتلني.
سلطان أنتبه لقطعة الزجاج القريبة من رقبة عبدالعزيز وسحبها لتدخل
ليُخرج
بكفَه، قاوم و َجعه وهو يشعُر بفتات الزجاج بباطن يِده، وقف قليالً
قطعة الزجاج الصغيرة، دخل غرف ٍة اخرى : ماهو موجود !!
عبدالعزيز : ما دوروه . .!
َي!! وبيدخلون اإلطفائيين الحين
سلطان : والله دوروه الرجال قبل شو
يدورونه!
عبدالعزيز : ُمستحيل وين أختفى؟ . . . صرخ بأعلى ما يمل ُك من نبرة . .
. ناااااااااصر
وأين ناصر؟ أينَك يا شاع ُرنا الذي كان يروينـا بكلماته كلما ج َف المزاج
وف َسد، أينَك يا ُروحنـا التي تُشاركنا وتحبسنا بداخلها دائِ ًما؟ أينَك يا و ُجوِدنا
في حضرة وجوِدك، يا من تُمثلنَا بقلبِك وتشهُد لنا؟ أينَك يا ب َحة صوتي
الحزينَـة حين تضيق الكلمات في ُحنجرتي؟ كل شيء فاتُنا حتى الضح َكة،
عل لصَدى الحديث إن كان النداء / مب ُحوح، وعلَم هذه النار بجسِدك َم هذا ا
َرد لنا الكلمات! ناديتُك بأقصى ُحمرة في دمائِي ولم
إن كان الجس ُد ال ي
َي من ضياعي و حشر َجة الجفاف في جلدي
تُجيبني؟ أينَـك؟ أخا ُف عل .
سعَل عبدالعزيز كثي ًرا إثر اإلختناق، وبدأ تركيزه يضطرب، بح َدة من
َي مجال، ألصقه بالجدار ونزع كمامه ليضعه
سلطان لم تترك لعبدالعزيز أ





عليه : يمكن طلع . . . . . َسار عبدالعزيز أمامه وهو من خلفه للخروج
ٍن قليلة حتى أصابتهم أشعة شمس باريس، بحث
بخيب ِة أم ٍل كبيرة، ثوا
بنظراتِه عنه في ال ن؟ ُطرق الطويلة المقابلة له! أأيجب أن أخاف اآل
نزع الكمام ليأخذ قارورة المياه التي امت َدت له، أفرغها بج وفِه، ليلتفت على
سلطان : كيف يطلع؟
سلطان ابتعد قليالً وهو يسعَل بب َحة موجعة، أخذ منديل ليُالحظ الدماء التي
تندف ُع من بين شفت يه، أدرك أن جرح لثتِه، اقترب منه عبدالعزيز ليمَد له
الماء، تمضمض سلطان به وبدأ اإلصفرار يتضح على مالمحه، مسح
َما صعدوا رجال
وجهه بالمياه البار َدة، نظر إلى عبدالعزيز : يمكن طلع ل
َي شخص بالدور األَول
رائد لفوق، ألن مافيه أ
عبدالعزيز رفع عينه لل ُدخان المتصاعد من المنزل بعد أن أنفجرت النار
به، وهو يدعو أن ال يكون ناصر بداخله.
اقترب عبدالرحمن منهم : راح عبدالمجيد مع فارس، . . أنتبه لوجه
سلطان ويِده . . . وش فيك؟
سلطان : دخلت فيني قطعة قزاز،
ُمسعفين ليقترب منهم بنظرة فهمها، فتح شنطتِه
إلتفت عبدالرحمن إلحدى ال
َي يض َج في هذه األثناء
ومازال إزدحام األمن في الح .
عقَم جرحه ولفَه كفَه بالشاش، ونظر إلى عبدالعزيز إن كان يحتاج شيء،
دون أن يترك مجال لعبدالعزيز بالمناقشة أخذ كفَه ليُط َهر جرحها الذي
. األمس، ولفَها ـ بالشاش ـ أي ًضا
طال منذُ
عبدالرحمن : شكًرا . .
عبدالعزيز : وين الفندق؟
عبدالرحمن : بخليهم يوصلونك
َهد : طيب
عبدالعزيز ضغط على جفن يه بش َدة إثر ال ُصداع الذي هاجمه، تن
سلطان : أنا بروح لعبدالمجيد
َمر المستشفى وأتطمن
عبدالرحمن : بجيكم، بس ب
عبدالعزيز الذي أغمض عين يه فتحها من لفظ ـ المستشفى ـ وأمال شفتِه
السفليَة بأسنانِه.





أبس ُط الحركات وأدقَها كانت دلي ٌل واضح على العراك الذي يجري في
قلبه، م َشط بأصابعه شعره من مق َدمة رأ ِسه وهو يُريد أن يفكر بإتجاٍه
َي إتجاه آخر ولكن هذا ما ال يرضاهُ قلبه
واحد، ال يُخالطه أ .
:بروح معاك المستشفى
عبدالرحمن إتسعت محاجره بالده َشة ولكنه لم يبيَن له : طيب . . خلنا
نمشي
في الرياض، إتسعت إبتسامته بعد سهٍر منذُ لة الفائتة حتى وصل الخبر اللي
أخي ًرا، القبض على سليمان و م وت رائد إثر طلق ٍة اتت من إحدى رجاله،
عبدالله و أول ردةِ فع ٍل كانت سج َدة شكٍر في منتصف المَمر.
اللهم لك الحمُد والشكر كما ينبغي لجالل وج ِهك وعظيم سلطانك، اللهم لك
الحمُد حمًدا كثي ًرا طيبًا ُمبار ًكا فيه.
ٍر أنتظرناه لسنين، يالله على
يالله! على كرِمك وأنت تُثلج صدورنا بخب
السعادة التي تأ ِت من هذا الخبر، والجمي ُع بخير أي ًضا! ياربي لك الحمد . .
ياربي لك الحمد.
تهللت وجوههم جميعًا وهم يكررون الح َمد والشهادة، ل َذة النجاح بعد تع ِب
ٍن م َضت ال تُضاهيها ل َذة، كان
سني كالحلم! وأصبح حقيقة، كان بمقدرتنا أن
اول لحظة ولكن كنَا نعلم أنه سيخرج من بعدهم واح ًدا
نقبض عليهم منذُ
وإثنين وثالثة، لكننا عملنا على مبدأ واحد، أن نًضعفهم ونستأصلهم، يالله!
سيطير قلبي من فرحه، سيُ َجن تما ًما.
كانت اإلبتسامات ُمبكيَة من ش َدة فرحها، هذا الفرح الذي طال إنتظاره، لم
يكن فر ًحا لفرٍد واحد بل إلدارة كاملة تعبت ونالت حصاد تعبه.
في باريس، اقترب سلطان من حديق ٍة صغيرة بين البيُوت وال أحد بها من
ٍن كان، سجد على األر ِض
َي مكا
الثلج، دخلها وهو يحتاج أن يس ُجد بأ
الباردة، لتسق نت رسالة ضيَقة ِلـ / ُط من عينه اليسرى دمعةٌ وحيدة كا
سلطان العيد .
َي جاِل ًسا على األرض، همس :
َهد تنهيدةً طويلة، بق
رفع من السجود ليتن
الحمدلله
أدخل كفَه التي يلفَها الشاش األبيض في جيب معطفه ليستشعر هاتفه،





أخرجه وفتحه ليجد كَما من اإلتصاالت من ـ عمته و عبدالمحسن و عبدالله
و أشخا ًصا آخرين ـ، ضغط على عينِه التي شعر وكأن نا ًرا تُحرقها،
إتصل على ـ الجوهرة ـ.
كانت واقفة أمام المرآة الطويلَة وهي ترتِدي بلوزتها، انتبهت إلهتزاز
الهاتف على السرير، شعرت بغثيَان بأو ِل خطوة أقتربت فيها من هاتفها،
عادت للخلف لتتجه نحَو التي تستثير الحمام، تقيأت إثر معدتها الفارغة
الغثيان، اغتسلت وتمضمضت، إلتفتت لوالدتها التي دخلت الغرفة : إنزلي
إكلي لك شي
َمه تكفين أبي زنجبيل أحس معدتي
الجوهرة وضعت يدها على بطنها : ي
تقلب
والدتها : الحين أسويه لك، بس أنزلي عشان تآكلين شي
الجوهرة : بجيك . . إتجهت نحو سريرها، جلست وأخذت هاتفها، كانت
في طو ر أن تزفر شهيقها ولكن تجمَدت عندما رأت إسمه ـ مكالمة فائتة ـ،
ُك بصوتِك؟
يُربكني إسمك فما بال
رفعت َشعرها بيد يها وربطته بخصلة، مسحت على وجهها لتأخذ نفس
ٍن قصيرة حتى أجابها : ألو
عميق وضغطت على إسمه، ثوا
الجوهرة بللت شفت يها بلسانِها إثر ربكتها : مساء الخير
سلطان : مساء النور
طال الصمت بعد تحيَ ٍة روتينية لتقطعه ال ُجوهرة : ما كنت عند الجَوال قبل
َي
شو
ريد
ُ
ريد منها؟ وعن ماذا أسألها؟ كنت أ
ُ
اتصلت يا أنا؟ ماذا أ
َ
برب السماء ِلم
َي أر ٍض
فقط أن أسمع صوتِك دون أن أخطو خطوةً وا ِحدة لألمام، من أ
َي نبرةٍ
ٍن أثر ِت حممه في داخلي؟ ته َشم غص ُن الكالم، وأ
َي بُركا
جئ ِت؟ وبأ
َمه؟ أوقع ِت في ظر ِف أيام على قلبي / ُخضرته و في ُجزء من
تُجمع ُحطا
َي شيٍء ُخلق ِت
هذه األيام أي ًضا بددتي الربيع الذي أعش َب صدري، من أ
ُموتِك. و
حتى تقُيمين بصوت ِك إحتالًال كامالً ال مفَر منه، أنا ال أفتق ُد ِك! أنا أ
أنا ال أكابر أنا ُرغ ًما عني أصَد عن ِك، لو أ َن الطري ُق ممهٌد أمامي لقو ِل
َما
شيء يجعلني أتمسك ب ِك أكثر! لو أنه فقط يُتيح لي فرصة هذا الق ول ل





" أشِقي ُعمري دايم."
تردَد ُت لحظة ولكنني أعر ُف نفسي
الجوهرة زا َدها هذا الصم ُت ربكة وسارت الرع بإتجاه قلبها الذي
شةُ
انتفض بصو ِت أنفاسه المبعثرة التي تصله.
بج ُموِد حاولت أن تحبس بداخله الفيضان الذي يُقيمه صوتِه : تآمرني
بشي؟
ين الخفاء؟
أأمُر ِك بال ُحب و بممار َسة ال ُحب جهًرا، أما زل ِت تُفضلَ
سلطان : أتصلت أتط َمن
الجوهرة بلعت ريقها بصعُوبَة : أمورنا تمام . . أنا وولدك
سلطان : الحمدلله،
أع َزني
من أجل الله ماذا تفعل يا سلطان؟ ماذا تُريد أن ت ِصل إل يه؟ يا رجالً
يخض ُع
ني، و ب َدد العالمين بمالِمحه وسكنني! يا ر ُجالً
بالهَوى بقدر ما أذلَ
له القلب عمًدا ُرغم قسوتِك، وعجب ُت من قلبِي الذي يهفُو إلى ظالٍم! عجب ُت
من عيني التي مازالت ترتبك ويرتج ُف رمشها من ح َدة صوتِك، عجب ُت
أبقاني على
من ـ أحبك ـ التي مازالت تتكاث ُر وتُع َشب في صدري، يا ر ُجالً
حافة اإلنهيار وهو إتزاني! كيف أطي ُق البُعَد عن َك وأنت مركُز توازني؟ يا
ح َدة ال ُسمرة في مالِمحك و يا شقائي بها، يا شقائي بمقط ُع إسمك الذي
ُالم على
يبعثرني ُرغم صالتِي وسكينتي، كيف أتجاوزك؟ وأن َت قَدٌر ال أ
ُمعنَى
ُالم؟ و أعظم مصيبة عينا َك سببها، يا قلبي ال
مصائبه، وكيف أ
بأسبابِك إنني ال أد َل طريقً . ا ال تُقاطعني بها ظالِلك
سلطان ح َك جبينه وهو يُردف : محتاجة شي؟
أحتا ُج عيناك، وأمَر جة شديدة لبريقها . بحا
الجوهرة : ال . . مع السالمة
سلطان : بحفظ الرحمن . . . أغلقه دون أن يقدر على ق ول كلمٍة واحدة من
الكلمات المتزاحمة في صدِر .ه
،





أرتدت ُمهرة عباءتها بعد أن عِلمت بوجوِده، أخذت نقابها لتنظر لوالدتها :
ال تخافين ماني قايلة شي
والدتها : دارية إنتس ماراح تقولين شي بس تذكري إنه أهلتس ِهنيَا
ويوسف ماراح يبقى لك طول العُمر
ُمهرة بضيق لبست نقابها ونزلت لألسفل، دخلت للمجلس وبطرفه جلست
في حين أن منصور كان يجل ُس بعي ًدا عنها : السالم عليكم
ُمهرة : وعليكم السالم
منصور : شلونِك؟
ُمهرة : بخير الحمدلله
منصور بتوتر : أنا جايَك اليوم وأبي أقولك اللي عندي وأبيك تسمعيني لين
اآلخر . . . . صمت قليالً حتى أردف . . يوسف ما يدري بجيَتي ِلك وال
أبيه يدري، أنا عارف إنه مشكلتك األساسية معي ماهي مع يوسف، بس
بقولك أنه ما أل َحد حق أنه يوقَف حياتِك، إحنا مانشوفك أخت فهد اللي
صارت لنا قضية بإسمه، إحنا نشوفك زوجة يوسف وبس! إذا أن ِت تعتبرين
ُمشكلة وبمجرد ما أنحلَت فخالص ماله
إنه اساس زواجك من يوسف هال
داعي هالزواج فان ِت غلطانة، ألن من أول يوم كنا ندري بأنه فهد قضيته
َي يد في اللي ص
مو مثل ماهي مذكورة وكان الكل يعرف بأنه مالي أ ار،
لكن ُرغم هذا كنَا نعاملك على أساس زوجة يوسف ال أكثر وال أقل، وأمي
أعتبرتك وحدة من بناتها! وإن كان أحد ضايقك بكلمة أنا بنفسي الحين
َي ذنب بوصول الخبر لك الحين! ألنه كان يعرف
أعتذر لك، يوسف ماله أ
بأنه مالي عالقة وأخوك الله يرحمه تو َرط معهم لكن ماكان يربط مصيره
بمصير أهله، وأن ِت ال تربطين مصيرك بمصير أهلك!! هذا شي فات
وأنتهى من سنَة، والحكي بالماضي ال راح يق َدم وال يزيد، أبدأي صفحة
جديدة وأنسي اللي فات، وصدقيني محد بيتذكره! إال أن ِت! إذا حاولتي
تنبشين فيه كل مَر مثاليين! ة، مافيه عايلة بهالوجود كاملة! وأفرادها كلهم
لكن مافيه عايلة بعد تصير ضحية فرد وا ِحد، وأن ِت ال تصيرين ضحية
َي عالقة وذنب باللي صار، ذنبك
اخوك بعد!! أقتنعي بمسألة إنه مالك أ
الحين إنك تربطين مصيرك بمصير غيرك، يا ُمهرة أن ِت مالك دخل في





أحد! وال ِلك د َخل باللي صار قبل، أنا أعرف أنه أخوك ومن حقك تعرفين
كل صغيرة وكبيرة عنه لكن شي صار وأنتهى، تشوفين إنه يوسف يستحق
منك كل هذا؟ هو يبيك أن ِت بحاضرك ما يبيك بماضيَيك!! ال تدمرين نفسك
وتدمرينه معك! ال أن ِت تستاهلين التعاسة عشان أهلك وال هو يستاهل
الحزن عشان رغبتك !!
ُمهرة بضيق صوتها المتحشرج : أنا ما أقبل إني أحس وكأني مفروضة
عليكم
منصور بإنفعال : من ِت مفروضة والله من ِت مفروضة! يوسف يبيك وأبوي
وأمي وخواتي متقبلين وجودك وفرحانين فيك!! وحتى يوسف صرت أحس
بسعادته معاك ُرغم كل شي!! ال تهدمين حياتك بهالطريقة! اللي تسوينه
أكبر غلط بحق نفسك قبل ال يكون بحق يوسف
ُم ى باطل فهو باطل
هرة : ما بُني عل
منصور : و ر َب ضارة حسنَة بعد!! بس فكري وخذي وقتك بالتفكير أكثر
قبل ال تندمين وإذا فكرتي بجهة أهلي تأكدي إننا كلنا نبيك ومن ِت مفروضة
على أحد !
،
يجل ُس بمقابله دون أن يرفع عينِه وينظ ُر إل يه، تشابكت يِده ببعضها وال
كلمات تحض ُر في صوتِه، أقشعَر جسِده من هذا الصمت الذي يُربك قلبه.
ال أنتظر مغفرة عبدالمحسن، أعر ُف جي ًدا أنه من المستحيل أن يُسامحني
بسهولة، أحتا ُج عمًرا يوازي الثمانية سنوات التي مَرت حتى يتجاهل ما
حدث إلبنته، ولكن لن ينسى! لن يقدر على مح ِو شيٍء وضعتهُ نصب عين يه
َي ع ، أن يعطيني فرصة واحدة حتى
لى الدوام، ولكن أسأ ُل الله أن يليَنه عل
ُص َحح ما حدث، لو أن األمر بيدي لكرهتُها، لنفر ُت منها، ولكنها تم َكنت
أ
مني، كان ُحبها أقوى من أن أواجهه لوحِدي، كنت أراها بمواصفات
شريكة حياتي حتى لعن ُت أنها ـ إبنة أخي ـ وهذا التصنيف الذي يجعل من





أمر إجتماعنا مستحيالً، حاولت أن أنساها ولكنني ُجننت بها حتى تج َردت
من كل المسميات وأردتُها زوجتي، عشقتُها ومازلت، أنا ال قُدرة لي على
محو الجوهرة بهذه السهولة. ولكن سأحاول! سأحاول أن أ ُعود لنفسي التي
كانت حيَة قبل
سنوات.
عبدالمحسن : وش أخبارك؟
تُركي بإقتضاب : بخير
عبدالمحسن : كلَمت ياسر وقالي أخبارك بس أبي أسمعها منك
َي أخبار؟
تُركي بضيق : أ
عبدالمحسن : ماراح تقولي ليه رجعت؟
تُركي نظر إليه و ُسرعان ما شت َت نظراتِه : آسف
عبدالمحسن أشتَد ضيقه : على ؟
تُركي تألألت عيناه بالدمع : خنت ثقتك، بس والله ماكانت غايتي أضايق
أحد، كنت بس . . .
تحشرج صوتِه ولم يقدر على مواصلة الحديث، عبدالمحسن : تُركي
تُركي يُكمل بصو ٍت يُضعفه ـ قبضة الدمع ـ عليه : أنجنَيت والله فيها! وما
َرب لها كنت أبي
كنت أبي أض َرها بشي، بس الحين حالف ما عاد أق
َر أشوفها قبل كم يوم لكن ما خلتني أق ب
ولها كلمة وحدة، بس والله ماعاد بق
لها، وأصالً قلت راح أنقل أل َي منطقة ثانية بعيد عنكم
قامت صالة الع َصر و تسلل إلى مسامعهما ـ الله أكبر ـ، وقف عبدالمحسن
وبأمر : أمش معي نصلي . .
تُركي كان ينتظر منه ر َدة فع ٍل على حديثه ولم يجد شيئًا، وقف وتبعه حتى
دخال إلى المسجد المجاور للفندق.
صلَى بجانب أخيه بعد عهٍد طويل لم يُصلي به مع عبدالمحسن، أخذ نفس
عميق وهو يُغمض عينه حتى كبَر بعد اإلمام.
أنتهت الركعة األولى وبعدها الثانية إلى أن أتى التشهُد األخير والسالم،
" يارب ليَن قلبهُ
َي وبإيما ، يارب ليَنه و ٍن تام بمعجزة الدعاء لفظ تُركي
عل
أنزع ُحبها من صدري."
إلتفت لعبدالمحسن بعد أن بدأ الرجال يخرجون من المسجد، بتردد كبير





أقترب وأنحنى ليُقبَل رأسه، قبَله حتى أجهشت عيناه، حاول أن يمسك نفسه
ولكن البُكاء على المعا ِصي أش َد حرقة على النَفس .
عبدالمحسن تج َمد بمكانه دون أن يلتفت أو يحاول أن يرفع عينه عليه،
صو ُت بكائِه كان يشط ُره بإستمرار، أخذ نفَس عميق، وهو يحاول ب َجد أن
ال يفقد توازنه، أخف َض تُركي رأسه وهو يُكرر ـ األسف ـ في كل دمعٍة
يذرفها.
إلتفت عليه عبدالمحسن بكامل جسِده، أحاط رأس أخيه بيد يه ورفعه لينظر
إليه : اجبرتني يا تُركي!!
تركي بلع غ َصاتِه و ُرغم أن ي َدا عبدالمحسن ترفع رأسه إلى أنه ال يضع
عينه بعين أخيه : الله يغفر لي حزنك . .
َوة ليُعانقه ودمعة أتعبها الزمن نزلت بقهٍر شديد : الله
عبدالمحسن سحبه بق
يغفر لك حزنها . . الله يغفر لك حزنها . . .
َي
بكى تُركي كالطفل بين ذراع عبدالمحسن وهو يذوق مرارة الذنب و
وجعه في صدِره، لم يكن سعي ًدا أب ًدا بمعصيته لله لكن كان يشعُر بلذةٍ وقتية
لم يستطع أن يمنع نفسهُ منها، كانت أهواءهُ أكبر من أن تواجه وتُقمع،
ا بأن لي القُدرة أن أعيش بعي ًدا عن هذه الحياة كنت أكذ ُب
لت سابقً
وحين قُ
على نفسي، ال أستطيع أن أحيَا دون عبدالمحسن و عبدالرحمن، ال أستطيع
وال أقِدر على الحياة بعي ًدا عنهم ولكنني آذيت ُهم! ُربما عبدالرحمن لم يشعر
َما بما حدث سيُصاب بخيبة ُموجعة،
بعد بهذا األذى ولكن إن عرف يو ًما
وأنا ال أقدر على وجع عبدالرحمن أي ًضا.
َرب لمكان هي تكون فيه .
عبدالمحسن : توعدني ماعاد تشوفها! وال عاد تق
. أوعدني يا تركي تذبح الجوهرة في قلبك و حياتِك وتنسى إنها بنت
أخوك، ماعنِدك بنات من أخوانك اال أفنان و رتيل و عبير وبس!!
َرب لها
تُركي بب َحة موجعة : والله، ماراح أق
َما بديت تحفظ
عبدالمحسن : وإذا تبيني أسامحك، ترجع لقبل
سنين ل
قرآن وقطعته، إذا ختمت القرآن بتجاهل كل اللي صار، أوعدني تختم
القرآن، وأوعِدك بنسى إنك تُركي اللي دَمرت بنتي!!
تُركي يُغطي عين يه بكت ِف عبدالمحسن : راح أحاول بكل ما أقدر إني أختمه





عبدالمحسن : أرجع تُركي أخوي اللي أعرفه
يُتبع
،
مَرر كفه على جبينها الدافئ ليلتفت إلى الدكتور، ينتظ ُر شيئًا يُطمئنه
ويُساعده على التفاؤل بأمِرها، ضاقت عيناه عندما رآها بهذه ال ُصورة، هي
األسوأ ح َظا دائِ ًما والتي تواجه الموت بكثرة تقتلني، تمَر المرةِ األولى
وتُجبر الثانيَة وتخ ُطو الثالثة وأخشى أن تواجه هذا الخطر مرةً رابعة
وخامسة ولن يُفيدنا تمسكها بالحياة شيئًا، جميلتِي! التي مازالت تشعُر بنا
ُشبع ش وقي لها
وتقاوم من أجلنا، لو أنظ ُر لعين يـك و أ .
الدكتور : لألسف واجهت إنهيا ًرا نفسيًا جعلنا نُخدرها ولكنها ستستيقظ بعد
وق ٍت قصير أو في الليل ُربما.
عبدالرحمن أنحنى ليقبَل جبينها، مسح على شعرها وهو يُخلخل خصالتِها
بأصابعه.
مازل ِت جميلتي! وإبنتي التي يُعجبني فيها كل شيء حتى تمَردها، مازل ِت
ان ِت ب ُسمرتِك الناعمة تُنعشين الحياة في صدري، يارب عساهُ يُشفيك ويُبدد
العتمة في قلبي علي ِك، يارب عساهُ يُصلحك ويُسعد قلب والِدك، يارب
عساهُ ال يصل ُحز ٍن إلى محاجِرك اللؤلؤيـة والتي أحبها كثي ًرا، أنتهت فترةٌ
َوتِك
ريد أن أبدأ فترةٍ أخرى بضحكتِك. أث ُق بق
ُ
تعي َسة من حياتي وأ
وب ُمقاومتِك من أجل الحياة، أث ُق جي ًدا أن إبنتي مهما واجهت ستقف على
أقدامها، ـ حنَيت ـ و هذا كل ما أعنيه بكالمي السابق.
خرج ليقترب من عبدالعزيز الذي كان ينتظ ُره، بهدوء : صاحيَة؟
َي أو في الليل . . خلنا نروح
عبدالرحمن : ال، قال يمكن تصحى بعد شو
الفندق؟
صمت طويالً حتى نطق بشتا ِت نظراته : بشوفها
عبدالرحمن دون أن ينظر إليه : بنتظرك تحت بالسيارة . . .





عبدالعزيز أخذ نفس عميق ليفتح باب ُغرفتها، أغلقهُ من خلفه وبكل خطوةٍ
يخطوها وعيناه ال ترمش، عقد حاجب يه عندما نظر إل يها، وقف بالقُرب
منها عند رأسها، وضع يِده على شعرها البُندقي وأصابعه تُخلخله ببطء ال
يُضايقها.
ِك تزيدنهُ، وإني ألعيذك من ُحبي، وأظنَ ِك
إني ألُعيذ ِك من ضياعي، وأظنُ
َم ترتكبي ة عينا ِك وليست
نه. ال ذنب ل ِك بما قتل ِت، إن كان ُمرتكب الجري
يدا ِك، ال ذنب ل ِك يا رتيل! سوى أ َن النور حين ينعك ُس على السمَراء ـ
اللحظة التي كنت أسي ُر بها وألتف َت من
يذبح ـ، وأنا وقع ُت بهذا الضيَاء، منذُ
أن لمحت عينا ِك
أجل ظل وأستهزأ ُت بها، َك الذي ينعك ُس من النافذة، ومنذُ
ِن تُشبه عينا ِك
ِرجال حين تلفت ُهم عينا
لم أكن أقصد اإلستهزاء، ولكن ال
يحاولون أن يخفُون ـ ش َدة اإلعجاب ـ بتصرفا ٍت ُمقللة من شأنها، هذا كل
درك فداحة خطأي، ولكن من
ُ
َ وصلنا إلى هذه النُقطة؟ أ
ما في األمر، ِلم
فرط الشقاء أصحب ُت أخا ُف الفرح، أخا ُف أن اقترب منه.
سحب ال ُكرسي من خلفه بقدِمه ليجلس بجانبها، وضع يِده فوق كفَها الباردة،
َربها من شفت يه ليُقبَلها
ق .
الظن الذي يجيئني في هذه اللحظة، أنه ب ُمجرد أن تُغادرين باريس
ستُغادريني، كنت دائِ ًما أخبرك أنني أعر ُف النهاية، أعر ُف ما سيحد ُث
بنهاية المطاف، ستتكاث ُر اخطاءنا حتى يُصبح من فرط الجنون أن نتجاهلها
ونعفُو عنها، ال أن ِت القادرة على الغُفران وال أنا القادر على النسيان .
ترك يدها على بطنها، لينظ ُر إلى مالمحها مرةً أخرى، همس : رتيل !
ريد أن أرى عينا ِك وهي تُخبرني بحقيق ٍة ال
ُ
أجيبيني ولو لمرةٍ أخيرة، أ
يعك ُسها لسانِك، أشتقت لل ُحب الذي تشي به نظراتِك.
عبدالعزيز إبتسم من الفكرة التي جاءتهُ، وقف لينحني عليها، قبَل جفنها
النائم وهو يهم ُس بصو ٍت خافت : هنا الو َد . . ـ نزل إلى خ َدها ـ و ِهنا
الحنان . . ـ اقترب من جبينها ليُقبَله ـ . . و ِهنا موضع اإلحترام . . .
في الوقت الذي كان يُالمس ُجزء من صدره المنحني جسدها، همس :
رتِيل، على فكرة إذا طلعت الحين ماعاد بجيك، يعني ماراح تصحين؟ . .
.





دخلت الممرضة من خلفه ليرفع نفسه ب ُسرعة، إلتفت عليها، الممرضة
بإبتسامة : توقعت أنها مستيقظة، البُد أن تستيقظ ألن التخدير الذي أخذتهُ
كان خفيفًا.
عبدالعزيز تمتم : أنا أعرف كيف أص َحيك . .
ًوا؟
الممرضة : عف
عبدالعزيز : شكًرا ل ِك
خرجت الممرضة ليعود عبدالعزيز بإنحناءه عليها، بخفُوت : أبوك تحت،
يعني أطلع؟ . . أطلع؟ . . . . اقترب بش َدة حتى الصق أنفُها أنفه، همس :
تبين تج َر ناه . . . ـ قبَلها وأطال بقُبلته حتى بدأت بين موضع العشق؟ نسي
تتحرك بتضايَق ـ
إبتعد عنها وهو يُعطيها ظهره حتى يحبس ضحكته التي قفزت نحو شفت يه،
بلل شفتِه بلسانِه وعاد إل يها : الحمدلله على السالمة
رتيل بق يت لدقيقت ين تنظ ُر إليه حتى أستوعبت، أضطربت أنفاسها
بإضطراب التركيز بنظراتها.
عبدالعزيز : أبوك تحت
رتيل : وينه؟
َول
عبدالعزيز : أقولك تحت، بيرجع لك بس بيروح للفندق أ
ِردة، لترفع حاجبها : وش
رتيل بضيق وضعت يدها على مالمحها البا
سَويت؟
عبدالعزيز إبتسم : كنت أعلَمك فن القُبل
رتيل بغضب : بالله؟
عبدالعزيز ضحك ومن بين ضحكاته نطق : ما يصير تعصبَين بعدين
تتعبين أكثر . . !
رتيل إلتفتت للجهة األخرى حتى ال تراه، شعرت بأن نا ًرا تحر ُق حنجرتها.
عبدالعزيز : أفهم من ِكذا إنك تطرديني؟
ي أبوي
رتيل: ناد ل
عبدالعزيز بجديَة : رتيل
رتيل ن َظرت إل يه، رفعت حاجبها بح َدة : وش تبي؟ ترى أبد طيحتي





بالمستشفى ما ن َستني شي
َهد : وال أنا أبيك تنسين شي، أنتهى كل شي هنا أصالً
عبدالعزيز تن
لو كلمة تجبر خاطري فيها يا عزيز " كلمةٌ وا ِحدة قُ " ل فقط أنَك أشتقت،
َ
إجعلني أشعُر ولو لمَرة أنني شي ٌء ُمهم في حياتِك وأن مر ِضي يعنيك، ِلم
وعتِي و وجعي، ِجئت حتى تُ
جئت؟ لتزيد ل صيبني بخيب ٍة أكبر، أن َت أسوأ
َمل، وهي
َي، هذه الرجولة التي أقوى مما أحت
ر ُج ٍل يُمارس رجولته عل
تجيئني ب ُح ٍب ال أستطي ُع أن أتجاهله، المعادلة الصعبة أن أجم ُل األشياء
تأ ِت منك و أوجعُها تُصيبني منك أي ًضا، ال أدري مالحل؟ وماهي حيلتي
لت بين حشٍد
وقلبي ُمكبَل بهواك؟ في ذلك اليوم، عندما أغرقتني بقُبالتِك وقُ
لت لَك مقطعًا يجيئني دائِ ًما
من ضحكاتِك " عندي خبرة بف َن القُبل " قُ
ِن على الجبين اللج ين، إن كنت تقصد
كذكرى لعين يك. " يا عاقد الحاجب ي
قتلي قتلتني مرت ين " قتلتني يا عبدالعزيز ب ُسمرتِك و ح َدتها.
عبدالعزيز : ماراح تقولين شي؟
رتيل بعصبية وأعصابها تشتَ ُد أكثر : مين الزم يقول؟ أنا وال أنت؟ تحب
َواها وهي تب ِكي وتحاول أن تُغطي
تقهرني وتضايقني . . . ضعفت ق
مالمحها بالوسادة حتى ال يرى دمعُها الذي يسق ُط بوضوح ـ أحبك ـ في
عين يها.
عبدالعزيز حاول أن يقترب ولكن وقف بمكانِه، بهدوء : ماجيت أقهرك وال
أضايقك، جيت أتط َمن عليك
رتيل : كَذاب !!
َول عشان غادة
عبدالعزيز : والله، كنت بروح الفندق أ . .
رتيل نظرت إل يه بمحاجٍر ممتلئة بضياء الدمع، بإنفعال : وتط َمنت؟ أنا
بخير الحمدلله، لكن بعد ما شفتِك ماني بخير!!
عبدالعزيز فهم تما ًما أنها متوترة و يتض ُح ذلك من كلماتها المتق َطعة
وإنفعالها، أردفت ببكاء عميق وهي ترتج ُف بأنفاسها : ُعمرك ماراح
تح َس، لين أموت ذيك الساعة بتتذكر وتقول والله فيه بني آدم ينتظرني
عبدالعزيز بضيق : بسم الله عليك
َي منك . . أنت اللي تذبحني وأنت ا
رتيل بصراخ : بسم الله عل للي





تمرضني!!
عبدالعزيز بخفُوت : طيب إهدي خالص، ال يرتفع ضغطك
رتيل بقهر وعيناها ال تج َف : شف أنا وين أحكي وهو وين يحكي!! وتقول
َي تتط َمن بعد؟ . . يارب بس أرحمني
جا
عبدالعزيز بح َدة يقترب منها : رتيل خالص!! بتخلين الممر كله يسمعك
الحين
َهد وهو يضع
َمر، تن
رتيل أخفضت عين يها لتدخل بدوامٍة من البكاء المست
يِده على َشعرها : ليه أنفعلتي؟ ماحاولت أستفزك وال أقهرك . . صايرة ما
تتحملين كلمة مني
ِر نبرتها : ليه تسوي فيني ِكذا؟
رتيل بإنكسا
عبدالعزيز : ما سويت شي، لو أدري إنه جيَتي لك بتسوي ِكذا ما جيتك،
يهمني بعد إنك تكونين بخير
رتيل تُشتت نظراتها : يارب ساعدني بس
عبدالعزيز وهذه الدموع تكس ُره، وتُليَنه ُرغ ًما عنه، مسح مالمحها بأطراف
َو ما مَر عليك يومين
كفَه : ال تبكين، ت
ُه عنها سوى بُضع
رتيل نظرت إلى عين يه القريبة منها وال تفصل
سنتيمترات، طال صمتهما.
م مالعمل؟ م
ِر أأ ي يا عزيز ُموت أ
ا كان بالبُعد خي ًرا حتى أرضى به، خ ي
معك وأنت شحي ٌح بالهَوى! وأنا ال أتنازل! مثل بقية نساء بلِدي الالتي لم
يعتادون التنازل اب ًدا إن كان هذا يخ َل بكبرياءهم، كيف أتنازل؟ وأنا كنت
صاحبة الرغبة والخطوة األولى في كل أمورنا الفائتة؟ تذ ُكر؟ سألتني في
و وقتها ضحكت
"
جهنَم
وين بتروحين " أجبتُك "
"
أول زيارة لباريس
" أظنُك كنت صادق حينها، نح ُن في الجحيم و أنت
لت " كويَس بطريقي
وقُ
َي أب ًدا. لم يكن سيض َرك شيئًا لو تقدمت خطوةٍ لألمام وتم َسكت
ال تعط ُف عل
تف
َ
بي مثل ما أتم َسك بك في كل مَر عل بي كل هذا ة وأتجاه ُل أمر عقلي، ِلم
يا عزيز؟ والله ال أستحق أن تُحزني بهذه الطريقة الموجعة.
عبدالعزيز بلع ريقه من نظراتِها التي تُزيده ُحزنًا، أردف : بترجعون
الرياض بس تقومين بالسالمة، ش َدي حيلك





ليه أسأل، ُعمرك
رتيل بقهر : بنرجع؟ طبعًا أنت من َت منَا! طبيعي أصالً
ماراح تكون منَا ألن ُعمرك ماراح تفكر بأحد غير نفسك، كل مرة أقتنع
أكثر إنك أناني وتحب نفسك أكثر من شي ثاني، وطريق بيوجعك تبعد عنه
حتى لو أحد ينتظرك فيه وطريق فيه لذتَك حتى لو مافيه أحد ينتظرك
مشيت فيه!!
عبدالعزيز : وأن ِت ظالمة! ألن ُعمري ما ف َكرت أمشي ورى رغبتي!
شوفي حالتي اللي وصلت لها وعقب كل هذا تقولين أناني؟ بدآ حقدك
يعميك فعالً!!
رتيل بغضب : أطلع برا
عبدالعزيز نظر إليها طويال حتى صرخت مرةً أخرى : أطلللع
عبدالعزيز ابتعد عنها، وبهُدوء : طيَب
رتيل من بين إندالعات ال ُحرقة في صدرها وتصاعد البُكا ِء في عين يها
نطقت : ما أبي أشوفك . .
إتجه عبدالعزيز ناحية الباب وب ُمجرد أن وضع يده على مقبض الباب حتى
َمه "
َمه ـ، للمرةِ األولى يسمع لفظ " ي
توقَف وهو يسمعها تب ِكي وتُنادي ـ يُ
من بين شفت يها، كان يُدرك خسارتها لوالدتها ولكن لم يُدرك أن حزنها
يتفاقم في كل لحظة تحتاج أن تبكي على صدِر أحد.
دفنت وجهها بالوسادة وهي تستلقي على جمبها ُمتجاهلة أمر إصابتها،
أختنق صوتها بكلما ٍت كثيرة ال مجال لفهِمها : يارب . . ليه ِكذا؟ ياربي . .
َمه
. يا ي . . .
لم يقدر أن يفتح الباب ويخرج وهو يسمعها تب ِكي بهذه الصورة، تنهد:
يارب . .
عاد ب ُخطاه ليُبرهن لها أنه ـ يتمسك بها ـ ُرغم أنها تُهينه، جلس على
فارغة، سحبها
السرير بجانبها بعد أن أستلقت على جمبها وتركت مساحةً
برفق ُرغم محاوالتها بأن تُبعده : أتركني
عبدالعزيز ش َدها إلى صدره : أششش! خالص
ٍر تام ال فُرصة للسيطرة عليه، حاولت أن تضرب صدره
رتيل بإنهيا
وتُبعده ولكن ذراع يه جمَدت حركاتها : ليييه!





عبدالعزيز وبدأ صوتِه يختن ُق معها : رتيل . . خالص
رتيل وهي تحب ُس وجهها في صدره : تحبَها؟ طيب وأنا؟ ليه تزوجتني؟ ليه
تسوون فيني ِكذا؟ ماني حجر عشان ما أحس! ليه تلعبون في قلبي
بمزاجكم؟ أنت وأبوي كلكم تعاملوني كأني عديمة إحساس . . تعببببت
م يحاول أن يُحرك وجهه بعي ًدا عنها، ضلَت شفتاه
عبدالعزيز قبَل رأسها ول
تُالمس رأسها .
رتيل ببكاء : ليه يا عزيز؟ أنت تدري وش في قلبي لك؟ كيف تقوى تسوي
فيني ِكذا؟
ٍو ويسق ُط بذا ِت العلو، قلبهُ ينتفض من مكانه
عبدالعزيز وصد ُره يرتفع بعل
مع كل حرف تنطقه شفا ِهها : إرتاحي، ال تفكرين بأشياء راحت
ُمتعب : ال تقول ال تفكرين! هذي نفسي كيف ما أفكر
ِو صوتها ال
رتيل بعل
فيها!! ياربي . . ليه لييييه
عبدالعزيز أبعدها عن صدِره حتى يُحيط رأسه وينظ ُر إلى عين يها التي
تُقابله : ما أحب أشوفِك ِكذا، تذبحيني والله
رتيل : ما تعرف شعوري وال راح تفهمه، بموت يا عبدالعزيز لما أف َكر
إنك معاها، أحس بنار تحرقني! أنا ما أستاهل تسوي فيني ِكذا، من البداية
كنت تهيني مع كل كلمة، وبعدها أهنتني بأفعالك! وش جريمتي عشان
تسوي كل هذا؟ عشاني بنت عبدالرحمن؟
عبدالعزيز : ماعاش من يهينك
َي كلمة! أنت تهيني . . تهيني يا
رتيل بغضب : ال تحاول تقنعني بأ
عبدالعزيز، حتى الحين تهين شعوري لما أبيَن لك كل شي وتجلس
تجاوبني بأشياء ثانية
عبدالعزيز : كيف أجاوبك؟
َف وجهها للجهة األخرى : وش أبي ب ُحب أنا طلبته؟ إما تجي منك
رتيل تل
وال ما أبيه . .
عبدالعزيز الذي مازال يحاوط وجهه أرغمها على النظر إل يه : الحين
َما قالي ال تكَون عالقات وصداقات مع أحد، فهمت
فهمت كالم ابوك لي، ل
وش كان يقصد





رتيل بح َدة نظراتها : الله يسلم أبوي كانه داري إنك إنسان بارد تجرح
الواحد وتجي تداويه !!
عبدالعزيز عقد حاجب يه وبح َدة نبرته : تدرين وش الفكرة اللي في بالي
الحين؟ إنك جاحدة وظالمة
رتيل بغضبها الذي ال يهدأ دفعته بكفيَها الرقيقت ين، لم يتح َرك من مكانِه ولم
تهَزه ضربتها الناعمة : ليه رجعت؟ . . ما أبغى أشوفك
عبدالعزيز ُرغما عنه إبتسم : ومتناقضة
رتيل : وأنت أناني وحقير وبارد و نذل و قاسي و متسلط وو . .
َي
ُمفاجئة التي أعادت رأسها إلى الوسادة، ويد يه تُقيَد كف
بلته ال
لم تُكمل من قُ
رتيل، همس وهو يبتعد مقدار ـ
سم ـ عن شفت يها : وعاشق
فتحت عين يها وصد ُرها ال يتنف ُس بسالم إثر اإلضطراب الذي يعيشه
ويجعله يرتفع بعل ت إل يه وشحوب ِو الشهيق ويزف ُر بهبو ٍط شديد، نظر
مالمحها يتحَول لل ُحمرة، رفع عبدالعزيز نفسه عنها حتى ال يضغط على
مكان اإلصابة، ترك كفيَها ليقف بعد أن سمع صو ُت الباب، عبدالرحمن
قبل أن ينظ ُر إلى رتيل : وينـ . . صمت عندما رأى إبنته، أقترب منها : يا
بعد ُعمري، الحمدلله على السالمة . . ق ي َرت عيون
َي عبدالعزيز، أرادت أن
عانقتهُ بش َدة وهي تنظ ُر من على كت ِف والدها عين
تمتص الهدوء من جسِد أبيها : الله يسلمك
عبدالرحمن أنتبه لتنفسها غير المنتظم، أبعدها لينظر إلى وجهها الباكي :
وش مب ِكيك؟ . . إلتفت لعبدالعزيز . . .
عبدالعزيز ح َك رقبته بتوتر وحرارة جسِده ترتف ُع إلى أو َجها : كانت تبيك
عبدالرحمن عاد بأنظاره إل يها وهو يمسح وجهها ويُبعد خصالت شعرها
َسة بألم؟
الملتوية من على وجهها : شلونك الحين؟ حا
َي والدها من أنفاسها التي
رتيل ه َزت رأسها بالنفي و زادت ُعقدة حاجب
تُشعره وكأنها ركضت للتو : فيك شي؟
رتيل بإبتسامة أرادت أن تُطمئنه : ال، . . أشتقت لك
عبدالرحمن يُقبَل جبينها : تشتاق لك الجنَة، وأنا أشتقت لكم والله بس
الحمدلله ع َدت على خير . .تنذكر وال تنعاد يارب





رتيل : آمين . .
َي؟ بروح أنا وعبدالعزيز للفندق
عبدالرحمن : تجلسين بروحك بس شو
وبرجع لك بعدها
رتيل فقدت اإلدراك بكل الكلمات التي يقولها والدها، وبق يت صامتة.
عبدالرحمن بإستغراب : رتيييل
رتيل : ها
عبدالرحمن : وش فيك؟ شكلك مو طبيعي . . إلتفت لعبدالعزيز . . قايلها
شي؟
َوها صحت وبكت على طول . .
ت
عبدالعزيز : وش بقولها يعني؟ أصالً
صح؟
عبدالرحمن أنتظر تأكيد رتيل الذي طال وأربك عبدالعزيز، نطقت وهي
ُع ريقها بصعوبة : إيه
تبل
عبدالرحمن : طيب بتر ِكك وماني مطَول عليك بس عشان ما ينشغل بالي
على عبير وض َي
رتيل : طيب
عبدالرحمن : إذا بتخافين بجلس عنِدك
رتيل : ال عادي بنتظرك
وقف : يالله عبدالعزيز . . خرج وتبعه عبدالعزيز الذي إلتفت عليها بنظرةٍ
أخيرة ـ تبتسم ـ.
رتيل وضعت يدها على قلبها لتستشعر الزالزل التي صابته، إلتفتت
للشاشة التي تُبيَن صورة نبضا ِت قلبها، تأملتها لعلَها تفهم شيء ولكن لم
َي معلومة منه
تستنتج أ .
وضعت رأسها على الوسادة لتُتمتم : مجنون!
،
بدأت تدور حول نفسها بطريقة ـ غريبة ـ وهي تُفكر كيف تبدأ كلماتها





معه، كيف تُخبره دون أن يغضب؟ كيف تجعلهُ يبتسم على كل قول ستنطق
به؟
إن أخبرته أنني أكذب لن يصدقني بعد ذلك و ُربما يُعايرني ويقول لي أن ِت
كذبتِي قبل هذه المَرة لن استغرب أن تكذبين مرةً اخرى، وإن لم أخبره
سأشعُر بالذنب دائِ ًما و ُربما يقول لعائلته عنَي ويبدأون بالسؤال ويصل
األمر ألبي، إن وصل ألبي سيفضحني بالتأكيد أمامهم ويُهزأني! ماهي
الطريقة الناعمة التي لن تُضايقني مستقبالً ولن تضايقه أي ًضا؟ يارب
ساعدني بفكرة أستطي ُع بها أن أقنعه.
أوقف دورانها بيد يه : أنهبلتي؟
ٍن طويلة :
ريم شعرت بالدوار من طريقتها بالتفكير، نظرت إليه بعد ثوا
أحب أفكر ِكذا
ريَان إبتسم : كل شي عنِدك غريب
ريم تشابكت أصابعها : ريَان بقولك شي
ريَان جلس على األري َكة ورفع عين يه : قولي
ريم أخذت نفس عميق وهي تُغمض عين يه، أردف : وهذا بعد من طقوس
تفكيرك
ريم جلست ب ُمقابله : ال تتمصخر! بس أحاول اقولك بطريقة لطيفة ما
تزعجك؟
ريَان : يعني الموضوع يزعجني؟
ريم : أسألك سؤال
ريَان : أسألي
ريم : لو عرفت شي أنقهرت منه وش تسوي؟
ريَان بكِذب أراد أن يستدرجها بالق ول : عاِدي، أنقهر ساعة وأرضى
ريم : يعني منت من النوع اللي يع َصب ويجلس أيام وهو مع َصب
ريَان : أنا؟؟؟ أب ًدا ماني من هالنوع
ريم : طيب . . . يعني هو موضوع صغير بس صار كبير . . تذكر لما
خليتك تكلَم يوسف عشان تتأكد من المرض و ِكذا؟
ريَان : إيه؟





ريم تنحنحت : أنا أكذب . . . ـ بنبرةٍ طفولية وهي تحلف ـ بس والله
العظيم والله يا ريَان إنه قصدي مو الكذب، بس كنت أبيك تعطيني وجه
َي
شو
ريَان كان من الممكن أن يغضب ولكن أمام نبرتها وهي تشرح جعلته
ينظ ُر إليها بج ُمود.
ريم : يعني كانت حياتنا باردة مررة فقلت وش أسوي؟ مافيه إال شي يخليك
تفكر فيني! وماجاء في بالي غير هالفكرة وصديقتي ج َر ني . . بتها يع
جربتها مع زوجها وتقولي إنه مرة تغيَر وحمستني . . وبس ج َربتها . .
بس والله العظيم إنه الهدف كان هو الخير .. وال أنا ما أكذب! وماني
راعية كذب . . يعني هو اإلنسان طبيعي ماراح يصدق في كل حياته،
الزم يكذب أحيانًا كذبة بيضا عشان يم َشي حياته . . وهذي تعتبر كذبة
بيضا ما ضرتَك وال ضرتني . . بالعكس خلتك دايم تدلعني
ريَان : أدلَعك؟
َي
ريم بربكة : يعني مو تدلعني بالصيغة المتعارف عليه، أقصد صرت شو
حنون، حتى أهلك الحظوه وقاموا يسألوني . . والله العظيم إنه امك
سألتني
ريَان مسك نفسه عن اإلبتسامة أمام حلفها المتكرر، ريم بضيق : وحتى
صديقتي نفسها قالت التقولين له وتفضحين نفسك، خليها تمشي عليه عشان
مايظن فيك ظن سوء، بس أنا قلت ال! ريَان عاقل ويعرف إنه أحيانًا
نتصرف حسب النوايا
ريَان بح َدة : تتبلين على نفسك؟ مجنونة أن ِت وال صاحية؟ بكرا تمرضين
وساعتها ماينفعك كالم صديقتك !!
ريم : والله العظيم يا ريـ
ريان يُقاطعها : خالااص ال تحلفين
ريم : أدري إني غلطت وأنا آسفة وأدري إني . .
ريان يُقاطعها مرةً اخرى : سكري الموضوع
ريم وقفت لتجلس على الطاولة القريبة منه : زعالن؟ . . والله العظيم يا
ريَان إني أحلم نعيش بسالم و ِكذا حياة وردية وحلوة . .





ريان قفزت على شفت يه ضحكة قصيرة، جعلت ريم تبتسم .
بتنهيدة : وإحنا مو عايشين بسالم وحياة وردية على قولتك؟
ريم : يعني الحمدلله محنا سيئين لكن ما بيننا توافق ال في اإلهتمام وال
األفكار وال شي . . يعني بتكون الحياة حلوة لو أهتميت بإهتماماتي وأنا
َم أ ا أسألك وش األكلة اللي تحبها تقولي مافيه
هتميت بإهتماماتك، أنا حتى ل
شي محدد! يعني ماتخليني أعرف عنك شي بس أنزل المطبخ تقولي أفنان
ريَان يحب سلطة الزبادي . . طيب قولي أحب سلطة الزبادي خلني أسويها
لك
َي ؟
ريان بإبتسامة : وش دخل ذي في ذ
ريم : إال لها دخل، يعني أنت حاط حواجز بيننا، تحسسني إني زميلك
َي إهتمام
بالشغل ماتشاركني أ
ريَان : ألن فعال ماعندي إهتمامات معيَنة
ريم بقهر : بس أفنان تعرف إهتماماتك من الس َما
ريَان : طيب وش تبين تعرفين ؟
ريم النت مالمحها بإبتسامة : قولي كل شي عشان ال قالوا ريَان ِكذا و ِكذا،
ما أجلس مفهية مدري وش السالفة وأطلع آخر من يعلم بمعلومة عنك كأني
ماني زوجتك
،
َ
عبدالمجيد يمَد له كأس الماء : سم
ٍن تذب ُل شيئًا فشيئًا، وضع رأسه على
فارس يأخذه ويشر ُب ربعه بعي
ُغمي عليه من التعب،
األري َكة وأغمض عيناه، لينام بسكينة ال ِطفل إن أ
وقف عبدالمجيد وجلب له ـ فِراش ـ غطاه جي ًدا وأغلق األنوار حتى ال
ينزعج من شيء .
َصة : بترجع للرياض الليلة وال بكرا؟
خرج لسلطان الجالس بسيكنته الخا
َي بروح المطار
سلطان : بعد شو





عبدالمجيد : توصل بالسالمة
َهد : الله يسلمك، شلونه؟
سلطان : تن
َو
عبدالمجيد : ماهو بخير أبد بس ت نام . . .
سلطان بضيق : ما كان الزم يموت قدام ولده! بس ق َدر الله وماشاء فعل،
مهما كان مجرم بس الجريمة فعالً !! إنه يموت بهالصورة
عبدالمجيد : إن شاء ربي رحمه وإن شاء غفر له، أمره بإيد الله مانقدر
نقول شي ثاني
سلطان : جيبه معك الرياض ال تتركه هنا، أصالً ماعاد له بيت هناك بعد!
لو ينفع نخليه يشتغل بأي وظيفة أتو َسط له فيها . . أنت وش رايك؟
عبدالمجيد : يبي له فترة طويلة عشان يتقبل موت أبوه
َي شي يبيه أنا مستعد أسويه له، ترى الفراغ مو
سلطان : طيب أنت قوله أ
زين له! بي وسوس فيه وبيخليه ينهبل من التفكير!
عبدالمجيد : بستشيرك بشي، خلنا نكلم عبدالرحمن يخلي بنته تجي له
سلطان رفع حاجب يه بإستغراب : نعم! ليه؟
عبدالمجيد : يعني . .
سلطان يُقاطعه : تراه زواج على ورق ومحد راضي فيه
عبدالمجيد : ال غلطان! فارس راضي فيها وهي راضية بعد
سلطان بدهشة : متى أمداه يرضى هي وياه؟ . . وش ذا ال ُحب الرخيص
اللي من يومين حبوا بعض!!
َهد : سلطان ماهو وقت تمصخرك!! جد يحبون بعض وال
عبدالمجيد تن
تسألني كيف . . يمكن هي الوحيدة اللي بتقدر تطلعه من جو هالكآبة
سلطان : مستحيل يوافق عبدالرحمن عقب اللي صار! بيحفظ بناته بعيونه
َرب لهم
وال راح يخلي أحد يق
عبدالمجيد : سلطان! أنا وياك ال أتفقنا بنقدر نقنعه ونبيَن له! وبعدين فارس
ماهو سيء! بالعكس ر َجال والنعم فيه وماله عالقة بإسم أبوه
َي زوجين
سلطان : يعني وش قصِدك؟ تبيهم يكملون حياتهم مثل ا !
عبدالمجيد : إيه
َ؟
سلطان ضحك من أفكار عبدالمجيد : أنت عارف كيف الزواج تم مستحيل





يكملون مع بعض
َي شي؟
َوك تقول مستعد أس ِوي له أ
عبدالمجيد : مو ت
سلطان : بس عاد ماهو على حساب بنات بو سعود
َي؟
عبدالمجيد : يعني بتترك مهمة اإلقناع عل
َهد : وش أقوله؟ أقوله معليش يا عبدالرحمن خ َل بنتك تروح له؟
سلطان تن
كيف بيثق أصالً ؟
َما ن
عبدالمجيد : ل رجع الرياض على خير إن شاء الله بيكون فارس قدام
عيونه وبيثق فيه وبيتطمن على بنته
سلطان مسح وجهه بكفيَه : طيب، بس يرجعون الرياض راح أكلمه ولو
إني عارف وش بتكون ردة فعله
عبدالمجيد : كالمي مع كالمك بيفيد، أنت ج َرب وش بتخسر؟
سلطان وقف : طيب اللي تشوفه . . أنا ماشي تآمرني على شي
عبدالمجيد : توصل بالسالمة
سلطان : ألله يسلمك . . . . وهو يسي ُر بإتجاه الباب إلتفت عليه . . ما
سألتك كيف جتِك فكرة آسلي؟
عبدالمجيد بإبتسامة : أفكار سلطان العيد الله يرحمه
سلطان رفع حاجب يه بإندهاش : صار لنا سنتين مدري
سنوات نقول فيه
واحد إسمه آسلي وراح يجي يوم يقابله رائد وحالتنا حالة آخر شي يطلع
واحد منَا !!
عبدالمجيد : لو بتفكر بكل األشياء اللي صارت بتكتشف إنك ماتدري عن
تفاصيلها
َهد : خل يجي سعد ويجيب أمل معه عشان أفرغ اللي بقى في
سلطان تن
داخلي
َي وأمل بتُحاكم
عبدالمجيد : ال سعد خل حالها من حالهم َه عل
سلطان : و وليد؟
َي شي خارج
عبدالمجيد : ال عاد ِهنا ال يلعب فيك الشيطان، وليد ما سَوا أ
القانون
سلطان : أجل خلني أبشرك الشيطان على قولتك وش يقولي، و َدي أشوفه





بعد وأطلع الح َرة الخاصة فيه
َي
عبدالمجيد بجدية : سلطان! جد أترك وليد عنك، ألنه هو تصرف مثل أ
شخص راح يكون بمكانه . . ال تدخل المشاكل العائلية بموضوعه
سلطان نظر إلى ساعته التي تُشير إلى ـ هبوط المغرب على سماء الرياض
ـ : وأنت مصَدق إني بروح له ميونخ، بس في خاطري طبعًا . . . يالله
( "
جنتِي
سالم . . . خرج ونزل بالساللم وهو يكتب في الواتس آب لـ "
الساعة
طيارتي يعني بوصل تقريبًا
الفجر (
َمر دقيقة إال وأضاء هاتفه بإتصالها، أجابها بصو ٍت مبتهج : يا هال
لم ت
ح َصة : هالبِك، بشرني عنك؟
سلطان يُشير إلى التاكسي بالوقوف : بخير الحمدلله وأموري تمام، أن ِت
شلونِك؟
ح َصة : الحمدلله بصحة وعافية، خلصت شغلك كله؟
سلطان : إيه الحمدلله، بلغي السَواق عشان يجيني المطار
ح َصة : أبشر . . ما قلت لك ؟
سلطان : وشو ؟
ح َصة : عايشة أسلمت
سلطان : ماشاء الله، متى ؟
حصة : أمس وأحزر من اللي أنطقها الشهادة؟
سلطان : أن ِت؟ وال العنود جايتك
ح َصة : الجوهرة، هي اللي معطتها الكتب أصالً . . لو تشوف فرحتها
سلطان بإستغراب : الجوهرة بالرياض؟؟؟
ح َصة : ال، كلمناها بالجوال . . ـ بنبرةٍ تستدرجه ـ . . إذا و َدك مرة تقدر
تجيبها للرياض
سلطان : هذي اللي قالت يا سلطان ماعاد بفتح الموضوع معك
ح َصة : يخي وش أسوي، بس أسمع صوتك أحس لساني يركض يبي يقول
َي سالفة حتى لو أنه مافيه سالفة
الجوهرة بأ
سلطان غرق بضحكتِه : ماِلك حل
ح َصة إبتسمت : بس آخر سؤال، كلمتها من جيت باريس وال أل ؟ يالله





جبت لك سالفة إتصل عليها وقولها عن عايشة! ومنها تتطمن عليها بدون
ما تجرح كبرياء سمَوك!!
سلطان بلع ريقه متنهًدا : كلمتها، وتطمنت عليها
ح َصة : جد؟
سلطان : إيه والله اليوم الظهر كلمتها
حصة : وشلونها؟
سلطان بضحكة : يعني ماتدرين؟
حصة : الزم أعرف الحال من ناح يتك
سلطان : أبد الله يسلمك تقول إنها بخير الحمدلله
ح َصة : وش رايك تروح لمطار الملك فهد؟
سلطان : الطيارة بمزاجي، أقولهم نزلوني بالدمام ؟
ح َصة بخبث : يعني أنت تبي الدمام؟ وعذرك الطيارة؟
سلطان : ال أنا أجاوبك على سؤالك . .
ح َصة : طيب تعال خلني أشوفك وترتاح وأقرأ عليك كود الشياطين تهجد
وتقولي . . ـ تقلد نبرته ـ . . والله يا حصة عندي مشوار للشرقية
سلطان : ال حول وال قوة اال بالله . . ال تخافين بجي الشرقية
ح َصة غرقت بضحكتِها : والله إني دارية
سلطان : طبيعي بجي . . بشوف أبوها بعد
ح َصة : رجعها يا سلطان
سلطان ب


إعدادات القراءة


لون الخلفية