الفصل 79

ألتفت عليها بعد أن أفرغ المياهُ في جوفه : وش تنتظرين ؟
الجوهرة شتت نظراتها لتلفظ ببرود : وال شيء بس كنت أفكر بكتاب
أقرآه
سلطان و ِّد أن يُحرجها : ووش الكتاب ؟
ِّي كتاب أقرآه
ونظراتها ُمعلقة في عينه : بصعد وبشوف أ
" اإلستلعان " يُرفرف به : وكل هالوقت تفكرين كيف
سلطان و مزاج
تصعدين فوق ؟ محتارة الدرج وال األصنصير ؟
أحمَّرت مالِمحها من طريقه تحجيره لها، بسخرية ُرغم جمود مالمحها :
تصدق! كنت أفكر كيف أصعد
سلطان ألتفت بكامل جسِده ليسند ظهره على حاف ِة الطاولة : طيب .. وش
تنتظرين ؟ ال يكون خايفة تصعدين لوحدك
َوت شفتِها ال ُسفلية لتجذب أنظار سلطان لشفت يها، بخطوا ٍت
الجوهرة ل
ُمتنرفزة صعدت لألع ألشياء،
لى، له قُدرة رهيبة في إستفزازي بأبس ِط ا
صعدت للدور الثالث الِذي تخافه، قاومت كل شيء حتى تتجه نحو مكتبته
التي شتمتها في داخلها كثي ًرا.
ِن محياه، شعَرت بخطواته ولكن تجاهلته تما ًما
صعد خلفها واإلبتسامة تُزيِّ
وهي تقف أمام ر ِّف ال ُكتب.
سلطان من خلفها : محتاجة مساعدة ؟
الجوهرة بح َّدة : ال
ُك حقيقي، يتجه نحوها ليسحب إحدى ال ُكتب وينظ ُر لعنوانها :
سلطان بتمل
أقرأي هذا





الجوهرة : ماأبغى
سلطان بصيغة األمر : قلت أقرأيه
الجوهرة نظرت إل يه : خالص ماأبغى أقرأ شي
سلطان يضع الكتاب في مكانه : يكون أحسن
الجوهرة : يعني المسألة عناد !
سلطان يجلس على األري َكة التي في الزاويـة : ُمشكلتك ما تعرفيني زين
اخرى، أن تتهمني بجهلك وأنا التي أعر ُف كل شيء عنك،
وهذه إهانةٌ
شعَرت بالدماء وهي تسي ُل من أنفها، بحثت بعين يها عن مناديل حتى أتجهت
نحوه بقُربه كانت علبة المناديل.
بصو ٍت لحواسها : ما تنزفين إال بالبكي والخوف! وأن ِت ال بكيتي ُمربِك
وال خفتِي!! وش صاير لك؟
الجوهرة ترف ُع رأسها لتوقف النزيف، مَّرت ثواني طويلة حتى تقع عيناها
عل يه : أنت اللي مشكلتك ما تعرفني
َ ؟
سلطان بهُدوء : عرفيني عليك! وش سبب هالدم
ال ُجوهرة بقهر : رفعت ضغطي ... وأتجهت نحو الدرج ليُراقبها بعينِه،
وضعت يدها لتقف طويالً، شعَرت بأن إغماءة تتسلل إل يها.
سلطان بِـ ش ك وقف وأتجه إل يها لتلتفت إل يه : دوخة بسيطة ... ونزلت ، لم
يُطيل وقوفه حتى نزل إل يها، ُسرعان ما أنزَوت في الفراش وغ َّطت وجهها
به.
أخذ نف ًسا عميقً ربها ويُبعد الفراش بعد أن نزع حذائه العسكري : ا ليجلس ب
قُ
كليتي شي ؟
الجوهرة ألتزمت صمتها
سلطان : على أكلك العصر ؟
الجوهرة : ما أشتهيت شي
سلطان : طبيعي بتدوخين وأن ِت ما أكل ِت شي .. قومي أكلي لك شي وال
تكذبين وتقولين أنك بتنامين وأن ِت تِّوك صاحية
ُظ الجوهرة أستعدت بجلس ر إل يه : من مبدأ إيش مهتم في أكلي؟ من
تها لتن
مبدأ أنك شفقان وال تحس بتأنيب الضمير وال...





يُقاطعها بح َّدة : من مبدأ ما يعنيك
الجوهرة بعناد : ومن هالمبدأ أنا ما وِِّدي آكل
سلطان بتهديد : تعاندين كثير وماهو من صالحك !
ال ُجوهرة ترف ُع كال حاجب يها بطريق ٍة ُمستفزة لسلطان، تعابي ُر وجهها هذه
المَّرة ف َزعت لصوتها الذي دائِ ًما ماي ُكون في محل ُجبن.
ًظا :
نظر إل يها بتع ُجب، ليش ِّد على أسنانه ومن بين ُهما أتى صوته حا ًدا غلي
بالله؟
الجوهرة شعَرت بالخوف ، ولكن تظاهرت بعك ِس ذلك ُمشتتة نظراتها
مس َك ضحكتِه، ألو ِل مَّرة يشعُر بأن نظراتِه تُرعبها : عنِدك شي تبين
تقولينه ؟
ال ُجوهرة ُدون أن تنظر إل يه : ممكن تتركني أنام
سلطان ُدون أن يحبس إبتسامته : قوليها وعينك في عيني وبعدها بتركك
الجوهرة لم تفهم مزاجه هذه الليلة، ألتفتت عليه لترمش أكث ُر من مرة في
الثانية
سلطان غرق بضحكته الطويلة ليُردف : تصبحين على سعادة
يضحك، كان واض ًحا ج ًدا أن مالمِحي الشاحبة ُمرتعبة،
َ
الجوهرة عرفت ِلم
ِّي، ما أش ُد
يشعر باإلنتصار لنفسه ألن أستطاع ببساطة أن يفرض قوته عل
قسوتِك يا سلطان.
يُتبع
،
تضع رأسها على صدِره الدافىء وشعرها الطويل ينسا ُب على ظهرها
جانبًا، خلخل أصابعه البيضاء في شعَرها و الصم ُت مترسب في
حناجرهم، رفعت عينها له ليبتسم : وش تفكر فيه ؟





عبدالرحمن بتنهيدة : اليوم جو ناس يخطبون عبير
أتسعت إبتسامتها لتُبعد رآسها وتتربع على السرير بجانبه: مين ؟
عبدالرحمن : ما أعرفهم واضح عايشين حياتهم برا إسمه مشعل المحمد ..
عنده دكتوراه في العلوم السياسية ومستقر في لندن
ضي : ماشاء الله ، الله يكتب لهم اللي فيه الخير .. آليكون منت موافق؟
عبدالرحمن : مدِري عايلة ما أعرفها وال أدري وش طبايعهم وال عاداتهم
ضي : تحسسني أنه دايم زواجات القبايل ناجحة! هذا ُهم يعرفون عادات
بعض ويا كثر ما يحصل الطالق، دام مؤهالته كويسة ماشاء الله ومستواه
ِس وأخالقه زينه خالص .. التوقف نصيبها .. بالنهاية أنت ماراح
كويِّ
تجلس لها العُمر كله
ِّي خلفية
عبدالرحمن : وش يعرفني عن أخالقه! أقولك الرجال ماعندي أ
عنه وال عن عايلته، تبيني أرمي عليه عبير وبكرا تجيني تشتكي منه ؟
ِّي ح ِّي ووين يشتغل!
ضي : أسأل عنه، كلم أبوه وقوله وين ساكنين وفي أ
وروح لألماكن هذي وأسأل عنه
عبدالرحمن : أنا لما شفته أرتحت له ، يعني حتى كالمه وأسلوبه جذبني
لكن ما أدري وش ممكن يصير بعدين
ضي : يا عبدالرحمن يا حبيبي! كم مرة خطبوا عبير وتر ِّدهم وأنت تعرف
قبايلهم وعوايلهم، بكرا ذنبها بيكون في رقبتك وعبير وصلت لعمر محتاجة
فيه لشخص ثاني يكملها
عبدالرحمن وكلمات ضي تُقنعه وتجعله يعيش الحرب بين قناعاته وخوفه
من المستقبل.
أكملت : وهذي رتيل تزوجت! أكيد بتتحسس أنها الكبيرة وإلى اآلن ما
شافت حياتها ، أنا يمكن ماأفهم عبير كثير زي ماأفهم رتيل ، ويمكن حتى
كالمها معي أحيانًا أحسه تتحاشى تتعمق فيه لكن واضح ج ًدا حاجتها
لشخص ثاني
عبدالرحمن تن َّهد : أمرنا لله بسأل عنه وأشوف
ضي بإبتسامة متو ِِّردة : خلنا نفرح فيها وننبسط، يكفينا اللي جانا





،
ُمزدح َم أقترب فج ُر ة
إسطنبُول وخفتت أضواء الصخب في شوارعها ال
َصة بتنغنج
الراق .
بعد أن أستغرقت بالتسوق ساعا ٍت كثيرة لم تم ِّل منها، كانت تُفرغ غضبها
و ُحزنها بالشراء، لم تستفد منه شيئًا، لم ي ُكن لها الزوج التي تطمح، ناحت
أحالمها بجانبها ومازالت واقفة على قدمها، مازلت أكابر وأحامل على
ِّي أن تُحزني هكذا
ُحزني، كثي ٌر عل .
نظرت إل يه وهو يُرتب بعض حاجياته في الحقيبة االخرى، بللت شفت يها
بلسانها وهي تأخذ نفس عميق حتى تتحدث معه، أتكأت على الجدار : ريَّان
ُدون أن يلتفت عليها : نعم
ريم تحاول أن تُمِِّهد له بتبسيط الطلب : بعد ما نرجع إن شاء الله، أبغى
اجلس كم يوم بالرياض ماابغى أروح الشرقية على طول
ألتفت عليها : كم مرة تناقشنا بهالموضوع!
بلعت ريقها بربكة : طيب أنا أناقشك الحين عشان نتفاهم
ريَّان بحدة : ال
ريم : طيب ليه؟ عطني سبب وأقنعني
ريَّان : ماني مضطر أعطيك أسباب
ريم شتت نظراتها : ما يصير كذا الزم نتناقش تعطيني أسبابك وأعطيك
أسبابي وبعدها تقرر
ريَّان : ريم ال تكثرين حكي وفلسفة على راسي قلت لك اللي عندي
ريم : وأنا ماني موافقة
ريان رفع حاجبه : نعم ؟
ريم : اللي سمعته .. ماني موافقة أرجع الشرقية على طول بدون ال أشوف
اهلي
ريان : آلحقة عليهم
ريم بقهر : طيب ليه تمنعني كذا! ليه تعاملني من األساس كذا
ريَّان : تعرفين أنك تجيبين النكد!! ... وأستلقى على السرير لينام ُدون أن





ِّي إهتمام
يعير نقاشها أ .
ريم بقوةِ شخصيتها التي تتذبذ ُب كثي ًرا أمام رج ٍل يُحييها لحظات ويُميتها
أيام، تكتفت : هالحكي ما يمشي! لك شخصيتك ولي شخصيتي ما يصير
تعاملني كأني أشتغل عندك وتفرض شخصيتك على شخصيتي ..... ريان
أنا ماأعرف وش فكرتك عن الزواج! من جينا هنا وأنت يوميًا تبكيني
وتضايقني ... والله لو أني ذابحة واحد من أهلك ما تسوي كذا! صارحني
وقولي وش مضايقك فيني .. يمكن أقدر أغيره أو يمكن أنت فاهمه غلط ..
بس هالطريقة ما تمشي أبد .. كيف بنعيش إذا إحنا نكتم على نفسنا وكل
واحد يعيش لحاله .. الزواج شراكة نكمل فيه بعضنا ونستقر .. لكن
........
بربكة شفت يها : ما أطلب منك شي كثير.. بس أبي أفهمك ! فهمني وش
يعجبك وش اللي يرضيك وأسويه
ريَّان أستعدل ليسند ظهره على السرير : خلصتي ؟
ريم بتوتر : إيه
ريَّان عاد لإلستلقاء : تصبحين على خير ..
أتسعت محاجرها وهي تنظ ُر إل يه، ُرغ ًما عنها تدافعت دموعها لتسقط على
ُمتيب َسة بحركته األخيرة، كيف تتغاضى عن هذه اإلهانة؟
مالمحها ال
،
يقرأ بعض الرسائِل التي أتت بالظرف البُني، رفع عينه لسعد الجالس أمامه
ويب ُدو النعاس يقترب منه : أحرقها
سعد بده َشة : ما تحتاجها ؟
مقرن بهُدوء : آل ماأحتاجها ... عبدالرحمن وسلطان صاروا يشكون فيني
.. أستغفر الله بس
سعد : حسبي الله على أمل هي اللي شككتهم فيك ما يدرون أنك تخاف
عليهم أكثر منهم
مقرن : وصلنا لنص الطريق مقدر أبعد وأوقف، يحسبوني خاين!! يا





كبرها عند ربي
سعد : ال تهتم! دامهم ما قالوها في وجهك أتركهم .. أكيد بيتراجعون أو ما
عندهم دليل يثبت هالشي
مقرن : كلها يومين وراح يواجهوني، لكن أنا مازلت أبغى أكمل اللي
بديته، كل شخص الزم يتعاقب بذنبه واللي سببوا حادث أهل بو عبدالعزيز
راح ينكشفون إذا مو اليوم بكرا
،
فِي يوٍم جديد، السا َعة تُشير للثالثة عص ًرا بتوقيت باريس، يجلس ب ُمقابل
والده وضحكاتهم تتواصل ُدون إنقطاع، ألتفت عليه : الله ال يشمت العدو
فينا
د َخل إحدى رجاله الِذين يبغضهم فارس : إلى اآلن جواله مغلق
رائد بحلطمة : أستغفر الله!! وش صاير له ذا قطع فجأة
فارس : مين يبه ؟
رائد : واحد نشتغل معه
فارس بهُدوء : أنا أسألك عن إسمه
رائد بسخرية : كنك بتعرفه!! صالح
فارس عرف أنه عبدالعزيز ليردف : وش فيه ؟
رائِد : عندنا شوية شغل وكنا متفقين على اليومين اللي فاتت لكن أنقطع
فجأة
فارس : يمكن سافر
رائد : أنا أظن كذا! يسويها هالنكبة
فارس بإبتسامة يُغير أجواء والده المشحونة بالعمل : تدري يبه أحس مبدئيًا
بيوافق على شخصي لكن ممكن يتردد بموضوع أنه ما سمع في العايلة
ومايعرفها
رائد : وال يهمك كل شي مرتب، بيسأل وكل علومك الزينة بتجيه
فارس بهُدوء : طيب وعبير ؟ ماراح اقولها أني فارس





رائد بإندفاع : أنحرك قدامها لو تقولها أنك فارس، أتركها مع أبوها
فارس بضيق : وافقت على طريقتك بس طبعا ماراح أكذب عليها
رائد : الحول وال قوة اال بالله .. ال تطلعني من طوري وش قلت لك أنا!!
فارس وقف بعصبية : عن إذنك .. وخرج وهو يُفكر كيف يُخبر عبير
متجاهالً سلطة والده، من المستحيل أن يبدأ حياتها معها كذبًا وبسخريَة
، يا رب قلبُها أجعل الخيرةُ بجانب
ِّي ! "
نبرته الداخلية " هذا إذا وافقت عل
قلبي .
،
يطرق الباب، مرةً ومرت ين وثالث وفي كل مَّرة تحت ُد ضرباته عليها،
تفكيره األبيض أستعمرتهُ خاليا السواد والحقد، يشعُر بأنه كبت نفسه لعُهود
طويلة، لن يُبعدها أح ًدا ولن يأخذها أح ًدا، هي تخصني وحِدي، الِذي يحب
ال يضر من يُحب ولكن الذي يُحب يسرق من يحب ُدون أن ينتبه هل
ُخبر عبدا
يضره أم ال! لو أ لعزيز لج ِّن جنُونه، لس ُت انانيًا حتى ال أخبرك يا
ي فقط
عزيز ولكن هذه الفترة أنا أحتاج غادة ، أحتاج عقلها أن يكون ل
حتى أرِِّوض نسيانها، كيف تنساني بسهولة؟ هل تكذب أم أنها تحاول أن
تُخبرني أنها تريد اإلنفصال بطريق ٍة مهذبة، كيف أستطاعت العيش كل هذه
الفترة ُدون أحٍد ؟ أنا آسف يا غادة إن كنت سأقهرك! إن كنت سأضرك فأنا
ال أعرف طريقً . ا متزنًا أكث ُر من ذلك
فتحت الباب ليدخل دون أن يترك لها فرصة اإلختيار، بكلما ٍت هادئة :
جهزي أغراضك وبتروحين معي
غادة برعشة شفت يها وأصابعها تتشابك مع بلوزة بيجامتها: وين أروح ؟
ناصر جلس ليرفع عينه التي باتت ال تُفهم : عندك

دقايق حتى تجهزين
نفسك وال بآخذك بشكلك هذا
غادة التي ال تعرف عن هذه القساوة شيئًا أردفت : كيف تآخذني! لو
سمحت يا نـ
قاطعها بغضب : قلت لك

دقايق





ِّي! شوف أوراقي
ُمتعبة تحشرجت دموعها : ال تضغط عل
غادة بأعصابها ال
الطبية وتأكد بنفسك
ناصر بمثل حدتِه ُمتجاهالً كلماتها :
دقايق
غادة بضيق : وين عبدالعزيز ؟
ناصر وقف : يعني ماتبين تآخذين معاك شيء
غادة بغضب : ليه ما تفهمني! أنا ماأعرف مين أنت وال مين......
ناصر يُقاطعها بعصبية بالغة أعتلى بها صوتُه آلخر مدى : ال تقولين
ِّي !!!
ماأعرفك! .. أخلصي عل
غادة برجاء : لو سمحت !
ناصر يُمسكها من زندها ليش َّدها نحو غرفتها :
دقايق ألبسي فيها
وأطلعي لي
غادة تتساقط دمعاتها الحا َّرة، رضخت لصوته الغاضب وهي تعود خطوةٍ
للخلف من صوت الباب الِذي أغلقه بقَّوة، نزعت بيجامتها لترتِدي على
عجل أول ما رأته أمامها في الدوالب، أخذت معطفها األسود الِذي يصل
لمنتصف ركبتها، سحبت اإليشارب لتلفه وتُغطي شعرها الداكن، و َّدت لو
أنها تهرب، لكن ال مفر وهو جالس بالصالة، خرجت له بتشتيت نظراتها،
بغضته لتصرفه معها ولحدةِ كلماتها وقساوتِه.
وقف : بإسم مين الغرفة ؟
غادة : وليد!
أمال فمه : ومن متى المعرفة معه ؟
غادة : دكتوري
ناصر بعصبية : دكتورك!! وطول هالفترة كنتي عنده
لم تُجيبه حتى صرخ عليها : كنتِي عنده؟
لم تعتاد أب ًدا على هذا الصراخ لتنطق بملوحة دمعها : ال بس .. بس كان
معاي ألن ما كان فيه أحد جمبي
شير لها بعينه الالذعة أن تخرج، أتج َه ناصر يفتح الباب ليُ ا لشقتِه وهو
يفكر بطريقة يخرج بها من باريس! يجب أن يخرج بأسرع وقت قبل أن
ينتبه عبدالعزيز. كيف يُخرج لها أوراقها الرسمية ! يجب أن يتحدث مع





والده هو الوحيد الِذي يملك الواسطة في هذا الموضوع.
ٍق حتى أوصلها لباب شق
بُضع دقائ ته، ألتفت عليها وهو يدخل : دايم
تعيِّشيني بالتناقضات! تغيريني كثير، تخليني أتصرف بأشياء ما ودي
أتصرف فيها .. لكن تح َّملي! تحملي يا غادة مسألة أنك ما تتذكريني ...
بح َّدة يكمل : تنسين الكون كله بس ماتنسيني.. لكن أن ِت اللي تبين هالشي ..
أن ِت بنفسك تمشين لهالطريق وودك فيه !! ال تحاولين تتأملين شي مني ..
ي! إذا كنت أنا بضيع راح تضيعين معاي ...
مثل ما خسرت بتخسرين معا
وأعتبري هالشي مثل ماتبين .. أعتبريه حتى تهديد ...
،
أرتدت الجاكيت بصعُوبة وهي تتذمر : أستغفر الله ليت إيدي اليسرى اللي
أنكسرت
عبير : الحمدلله بس أنها عدت على خير !
رتيل بضيق : الحمدلله على كل حال بس يختي وش ذا كيف أصبر كذا! ما
أعرف أسوي شي بإيدي اليسرى
ضي تُغلق حقيبة رتيل لتُردف : يالله مشينا ..
رتيل : ابوي وينه ؟
ضي : مشغول .. وبعدين أنا ما أكفي ؟
أبتسمت : إال تكفين ونص بس أستغربت أنه ما جا
عبير : عبدالعزيز ما جاك الصبح ؟
رتيل هزت رأسها بالرفض لتخرج من غرفتها الكئيبة وحا ِمي الرقبة بدأ
يُضايقها، أتجهتَا للخارج و بأو ِل خطوةٍ تحت السماء الغائمة كانت أمامهم
أثير.
د ِّب الشك في قلبها من وجودها في المستشفى على الرغم من خروج
عبدالعزيز، بإبتسامة تُخفي الكثير : مساء الخير
رتيل ببرود : مساء النور
أثير : الحمدلله على سالمتك





رتيل و َّدت لو تنطق " الله ال يسلمك " : الله يسلمك
أثير بإغاضة : الله ستَر وماراح فيها وجهك..
عبير شعرت بالقهر يفي ُض بها فكيف رتيل! ، كانت ستسحب رتيل
ُمستفزة : غلطتي في
وتدخالن السيارة ولكن رتيل بدأت بالحرب الكالمية ال
ِب فيك فمشكلتك مع عبدالعزيز
ِّ
المكان اللي تتشمتين فيه! إذا عبدالعزيز مزل
ماهي معي !
ضي مسكت ضحكتها وهي تشتت نظراتها للطريق، بينما عبير أتسعت
بإبتسامتها وهي تتكأ على باب السيارة.
أثير بنبرةٍ ُمتغنجة : الله أعلم مين اللي مرمي على جمب ومسحوب عليه!
عاد تصدقين كنت متوقعة أني بدخل منافسة بس لألسف نافست نفسي ألن
محد جمب عبدالعزيز غيري ومحد عايش مع عبدالعزيز غيري ! لكن أن ِت
يا قلبي وش موقعك باإلعراب! زوجة فقط وباإلسم لكن فعليًا مافيه إال
زوجة وحدة اللي هي أنا
رتيل أمالت فمها وهي تش ُد على شفتِها السفليَة، ضحكت بخفُوت لتردف :
ًوا بس مين قال أنه لك وجود عشان أنافسك! أنا لو أبي
تنافسين نفسك!! عف
عبدالعزيز يجيني قدرت أخليه يجيني وال تحاولين تشككين عشان ماتحطين
نفسك في مواقف بايخة !
عبير مسكتها من معصم يدها اليسرى : ما نبغى نتأخر
ِّي فيه فعليًا " أردفت كلمتها األخيرة وهي تقلد نبرة
رتيل بخبث : تهنِ
صوتها"
ركبُوا السيارة لتتحرك ُمبتعدين عن المستشفى، أطلقت ضي ضحكاتها :
هههههههههههههههههههههههه بدآ شغل الضراير
رتيل : شفتوها! انا ماتحرشت فيها بس هي اللي تحرشت وتتح َمل! قال
أنافس قال!! مدري وش جايبها
عبير : ما أتوقع جاية عشانك وكيف تدري بموعد خروجك أكيد جاية
عشان شي ثاني
رتيل صمتت قليالً ! لتُردف بخوف : آليكون حامل
عبير : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه





هههههههههههههههه وش هالدجاجة اللي بتحمل بهالسرعة
رتيل : تسويها الحيوانة ذي! بس ال ما أتوقع .. ال مستحيل أنا متأكدة
عبير : تراها عايشة معه يعني خالص ! إذا مو اليوم بكرا
رتيل بتوتر وهي تتذكر كلماته في الرياض " ماراح تكونين أول بنت في
حياتي " ، أخذت نفس عميق : حيوان لو يسويها
ضي : تآخذين بنصيحتي؟
ِّك
رفعت عينها لها لتُردف ضي : أنسي اللي فات، أدري جرحك!! ممكن ذِل
لكن أن ِت بعد ما قصرتي.. أقطعي هالشر وال تتركين أثير تتمكن منه، حتى
لو ما يحبها إذا عطته كل شي طبيعي بيميل لها .. رتيل فكري بالمستقبل
ُمكابرة
وش تبين تصير حياتك؟ قاعدة تضيعين عمرك بهال
رتيل بقهر : انا ما أكابر وأفكر بالمستقبل! ودام هو أختار حياته مع أثير
بكيفه .. أما أني أتنازل ال والله ماني متنازلة ! يتح َّمل كالمه معاي
عبير : في ذيك الفترة كل الظروف كانت تجبره وتجبرك بعد تتصرفون
كذا! وأصال كانت أعصابكم تعبانة .. آلتزيدينها أكثر
ضي : صادقة عبير .. رتيل ليه تبين تخسرينه ؟
رتيل تنهَّدت : هو خسرني ماهو أنا
ضي : طيب تنازلي لو شوي.. ماأقولك سلمي نفسك له بس يعني شوية
تنازل تخلينه هو بنفسه يشوف رغبتك وتتقدمون بعالقتكم
رتيل : أنتم ما تحسون فيني! أقولكم قهرني ماكان يخليني أنام ليلي من
قهري منه .. وفوق هذا كان يذلني بكالمه وعايرني بأسوأ األشياء وبعد كل
هذا أتنازل! ال والله ماني متنازلة لو يصير اللي يصير ......
ضي بضيق : بس أن ِت تحبينه ؟
رتيل بلعت غصةُ صوتها : اللي خالني أحبه يخليني أحب غيره
ضي : ببساطة كذا ؟ يا قو قلبك يا رتيل .. تخسرين سعادتك عشان..
قاطعتها : عشان عزة نفسي! مسألة أني أهين نفسي عشان قلبي هذي
مستحيلة وما هي صايرة، إن تنازلت مرة بيخليني أتنازل كثير وبيذلني
كثير ألن داري أني بالنهاية راح أتنازل لكن هالحكي ما يمشي معي !
بخليه يدفع ثمن حك يه ويعرف قدره ومن خسر بأفعاله





عبير عقدت حاجب يها : ُعمرك ما كن ِت شخصية ماهي متسامحة !
رتيل : مقهورة منه ودفاعكم عنه يقهرني زيادة
ضي : انا ماأدافع عنه بس أنا أشرح لك من وجهة نظري، إثنينتكم
غلطتُوا! صلحوا أغالطكم وعيشوا زي هالعالم والناس
رتيل تن َّهدت : ممكن نسكر الموضوع!!
،
ِل الرياض، رفعت شعرها الممَّوج جانِبًا وهي تخط الكحل
في س ُكو ِن لي
ُمنتصف الساق ويُظهر إنتفاخ
على جفنها، أرتدت فستانًا ناع ًما ي ِصل ل
بطنها الخفيف، تعطرت وهي تنظ ُر لنفسها نظرةً اخيرة، ألتفتت على
فترة طويلة، أتجهت
الطاولة التي جهَّزتها بالعشاء الذي لم تطبخه منذُ
لهاتفها حتى تُخبره كتبت له بالواتس آب " يُوسف"
د َخل للمحادثة وظهرت عالمة أنه قرأ ولكنه لم يرد، ُ
الصح المزدوج كنايةً
شعَرت بحجِم زعله لتتصل عليه ولوال أنها تخجل أن تنزل في هذه الساعة
لألسفل لكانت نزل ت وتحدثت معه فاألكيد انه بالمجلس اآلن أو ُربما مع
، كتبت له
مشغول "
هيفاء، مرةً ومرت ين وال يُجيبها حتى أعطاها "
بالواتس آب " تعبانة حيل " أبتسمت وهي تراقب شاشتها حتى الحظت
الصح المزدوج، كانت ستكتب له بعد أن أستغرق الثواني ولم يُجيبها لوال
أنه فتح الباب لترفع عينها بإتجاهه .
نظر إل يها بعد أن أنقبض قلبه خشية أن يُصيبها شيء، ضاعت نظراته في
عين يها السوداوت ين، هذه األنيقَة كم من مَّرة يجب أن نُخبرها أن اللون
ال ُكحِلي فاتِ ٌن على جسدها األبيض! أقتربت بخطواتها وأصابعها تتداخل في
بعضها البعض : آسفة
يُوسف شعَر بأن شي ٌء غريب بهذا العالم يحدث، إعتذارها الذي لم يتخيَّل
أنه سيحدث حدث! أبتسم : مين داعي لي اليوم!
أتسعت إبتسامتها حتى بانت غمازةُ خدها األيسر : يعني رضيت علينا ؟
يُوسف يقترب حتى الصقت أقدا ِمه أقدامها : أطلع حيوان إذا ما رضيت





ضحكت بخفُوت و مالِمحها البيضاء تسِري بها ال ُحمَرة خجالً، قبَّلها
بالقُرب من عينيها التي تقتله أكث ُر من مَّرة، وهي التي تح ِكي وتبكي
وتُثرثر وتعتب وتغضب وتضيق وتحزن في عين يها، هذه السوداويت ين
يملكان سح ًرا حائلي.
ِك
ُمهرة بخ َجل تُمسك معصمه لتتجه معه نحو الطاولة التي جهزتها : بذوقِّ
طبخي اليوم
يُوسف ينظ ُر لألطباق التي منظرها بحِد ذاته يُشبعه، بعد يوٍم أحتد به
مزاجه كانت الراحة في ختامه، إبتسامتها لوحِدها تُدخل الفرح لقلبه،
والغمازة التي ال تظهر كثي ًرا أمامه يشتا ُق إل يها.
،
ِرضه كنايةً عن غضبه وهو ينظ ُر
واقفًا ُمتكى ًء على مكتبِه، بدأ يحك عوا
لمتعب الِذي بلع ريقه بصعُوبة بعد أن خلى المبنى وأنتهى الدوام
الصباحي، أردف : أيوا وش أسوي ؟
متعب : يعني لقيتها .. الحمدلله
سلطان بسخرية : كذا نزلت من السماء
متعب إبتسم إبتسامة بلهاء ليُردف : سبحان الله
سلطان بهُدوء : يا سبحان الله ! كل شيء هنا صدفة وينزل من السماء....
ِع وينسى ..
متعب : تعرف يا بُو بدر احيانا الواحد من كثر الضغط يضيِّ
وال أنا والله كنت أعرف أنه الملف عنِدي بس سبحان الله ما لقيته اال اليوم
ِي
ِّ
سلطان يهز رأسه ُمستهز ًء بكلماته ليُردف : وأنا ما أقتنعت بالعذر! قل
شي ثاني يقنعني وال .. أنت تعرف وش بسوي
متعب : هالحين تؤمن أنه الله أحيانا يرسل مالئكته على هيئة بشر ، يعني
ممكن أحد لقى الملف وحطه لي
سلطان يمسح على وجهه : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه ، متعب ال
تخليني أفصل عليك! ملف فجأة يختفي بعدها يطلع ..
متعب أرتبك : طيب هالحين ف ِّكِر بالمعنى مالنا دخل بالوسيلة .. والمعنى





أنه وصل الملف
سلطان يتجه ليأخذ هاتفه ومفاتيحه بعد إنتهاء الدوام بالنسبة له : طيب يا
ولد إبراهيم .. حسابك ماهو الحين حسابك بعدين ال فضيت لك....
خرج ليسير خلفه متعب : الله يشهد أني بحثت عنه وأنت شفتني يوم كنت
أدِّوره
سلطان : كل غلطة يتحملها صاحبها
متعب بضحكة حاول يستعطفه : ترى المعاش ب ِّح
سلطان كتم ضحكته ليلتفت عليه قبل أن يدخل المصعد : عزابي ماعندك ال
شغل وال مشغلة! وين يروح ؟
متعب : قطية إستراحة
سلطان بإبتسامة : مشكلتي أحبك وال كان هفيتك الحين باللي معي *أشار
لهاتفه *
متعب تنهد براحة أن أبتسم هذا يعني أن األمور محلولة : أدفع ُعمري كله
عشان تبتسم .. يعني أتطمن على أموري
غرق بضحكتِه الطويلة ليُردف : ما أعصب اال لما تعصبني أنت وأحمد!
وال أنا هادي
متعب : ما وِِّدي أكذبك طال ُعمرك لكن قوية والله
سلطان يضغط على زر الطابق األول :
ههههههههههههههههههههههههههههههههه أنا أوريك القوية بكرا ! تجي
بلبسك العسكري بخليك تتدرب معي
ن َزل لألسفل ليتجه نحو سيارتِه السوداء، دقائِق قليلة حتى خرج من منطقة
عمِله ليدخل في شوارع الرياض الصاخبة، أضواء السيارات تُغرقه في
في
ًء من الجوهرة نهايةً
التفكير، تتشابك في داخله ألف فكرة وفكرة، إبتدا
مقرن، مسك هاتِفه ليدخل الواتس آب ينظ ُر آلخر دخول لها، قبل دقيقتين!
لم تنام بعد .
ِة تفكيره حتى ر َكن سيارته أمام بيته، خرجت أمامه
تمُر التقاطعات بخفَّ
العنود، تجاهلته تماما وهي تركب السيارة التي تبعد عن البيت عدة
، عقد حاجب يه بغضب وهو يفتح الباب
ماجد "
خطوات، ألتفت ليرى بها "





ويبحث بعينه عن ح َصة ، تق َّدم لها بالصالة ُدون أن ينتبه للجوهرة الجالسة
خلفه : كيف تطلع معاه بنتك ؟
ح َصة : قول السالم طيب
سلطان تن َّهد : وش هالمصخرة اللي قاعدة تصير
ح َصة : أنا رفعت إيدي منها! كيفها هي وأبوها
ليُردف : على يوم بتنذبح .. طيب وين الجوهرة ؟
سلطان صمت قليالً
قبل أن ترد عليه ح َصة التي أتسعت بإبتسامتها، أتى صوتُها من خلفه : أنا
هنا
الغباء ، قطعت إنظاره الموجهة للجوهرة :
ِ
ألتفت، يكَره أن يقع في فخ
تعشيت ؟
سلطان : آل
ح َصة : أجل بروح أحط لكم العشا
الجوهرة وقفت : خليك حصة أنا بروح أجهزه
ح َصة تدفعها برقة لتُجلسها وبنظرة ذات معنى : خليك أن ِت في نفسك ...
وخرجت.
سلطان جلس وهو يسند ظهره على الكنبَة بتعب، بعد أن مَّدد يد يه وفرقع
أصابعه ألتفت عليها : متى صحيتي ؟
الجوهرة : ما نمت العصر.... أبوي نهاية هاألسبوع يبغى يرجع الشرقية
... كلمته وقلت له أني برجع معه
سلطان بج ُموِد مالمحه : وش قلتِي له ؟
ال ُجوهرة تعرف أسلوبه جي ًدا، يُحب أن يسأل حتى يستفرد بغضبه، أرتعش
لسانها : قلت أبغى أرجع معه
سلطان : وقررتي من كيفك !
ال ُجوهرة : بيت أهلي ما أحتاج أستأذن فيه
سلطان بغضب : ال! ومرة ثانية ما تفكرين من كيفك وتقررين وين
بتروحين ووين بتجين
ِل البرود في مالمحها : أنا قل
ال ُجوهرة بحدةِ كلماتها وهي تُمث ت ألبوي ِّ
وأنتهى الموضوع





سلطان صمت حتى وقف والغضب يفيض به : كيف يعني أنتهى
الموضوع! أقسم بالله لو تعتبين باب البيت ماراح تلقين في وجهك اال القبر
ال ُجوهرة بربكة وهي تُشتت نظراته بعد أن أقترب منها: طيب أبغى ارجع!
صار لي فترة طويلة ما شفت أمي
سلطان بحدة كبيرة : قلت ال ! تفهمين عربي وال أل ؟
ال ُجوهرة وقفت تحاول أن تتخلص من خوفها منه : ال ما أفهم! أبغى أرجع
سلطان يحاول أن يُمسك أعصابه أمامها : ناوية على نفسك اليوم ؟
الجوهرة : ليه ما تفهم أني...
ي! ثاني مرة ما تفكر
قاطعها بعصبية : قلت ال ! أنتهى النقاش بالنسبة ل ين
من نفسك ... ألنك ما تعيشين لحالك فيه عالم حولك تستأذنين منهم
ال ُجوهرة أمالت شفتِها السفليَة، تُجاهد أن ال تب ِكي بعد توبيخه لها، أردفت
بهُدوء : طيب أنا الحين أستأذن منك!
سلطان : وأنا وش قلت ؟
ِّي مبرر! هذولي أهلي ومن حقي أشوفهم
ال ُجوهرة : بس ما عندك أ
سلطان : وتِِّوك تفكرين فيهم .. تلعبين على مين بالضبط ؟
الجوهرة رفعت عينها له بده َشة لتندفع بكلماتها : طول وقتي أفكر فيهم!
وال أنت أصال تجلس بالبيت وال تجلس معي عشان أقولك وش أفكر فيه
ِّي
ووش ما أفكر فيه .. حلوة ذي تغلط وتحط غلطك عل
سلطان يُمسكها من معصمها بغضب ليخرج بها متج ًها لألعلى
الجوهرة بخوف : راح أصرخ لح َصة. . . . .
،
لم تتوقع أن يحتال عليها بهذه الصورة ولم تتوقع أن يكذب عليها والدها
حتى تلتِقي بعبدالعزيز وقفت أمامه وهي تشت ُد غضبًا من تصرفات الجميع
بحقَّها : وش تبي ؟





عبدالعزيز : ممكن تجين معاي ماراح نطَّول ، نص ساعة وبنرجع
رتيل : آل مو ممكن
عبدالعزيز : طيب كيف نخليه ممكن ؟
اعطته ظهرها وهي تسير بإتجاه المصاعد الكهربائية، مسكها من معصم
يدها اليسرى : رتيل .. بس شو ِّي
رتيل تنهِّدت : أكيد وصلت لك األخبار من حرمك المصون!
عبدالعزيز : ما وصل لي شي
رتيل : بحاول أصدقك .. تقدر تقول اللي عندك هنا ألني بنام
عبدالعزيز : فيه أحد ينام الحين ؟
رتيل : إيه أنا
عبدالعزيز بضيق : رتيل! ال تآخذين األمور بإستخفاف .. جد عندي
موضوع معك
رتيل بسخرية: موضوع زي مواضيعك اللي فاتت
عبدالعزيز ضحك ليُردف بإغاضة : ال هالمرة الموضوع جسدي
رتيل و َّدت لو تصفعه، ضربت صدره بقبضة يده اليسرى : معفن ...
مسكها وأحكم قيده على معصمها ليخرج بها إلى خارج الفندق ويغر ُق
بضحكاته : أمزح
رتيل تشعر بأن أعصابها بأكملها مشدودة : مزحك ثقيل
عبدالعزيز : بعض مما عنِدك
رتيل تنهدت : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. يعني وين بتوديني ؟
عبدالعزيز : بما أنه ماعندي سيارة راح نمشي
رتيل : لوين . .
عبدالعزيز : شقتي
ألتفتت عليه بغضب و . .
،
ُمرتجف من ح ُضور الرجل الِذي سيقترن إسمها
تضع يدها على قلبها ال





بإسمه، تشعر بأن قلبها سيقتلع من محجره، لم تُجرب النظرة الشرعية ُرغم
أنه سبق وتق َّدم لخطبتها، هذه المرة األولى وتشعر بالضياع الفعلي : يممه
قلبي بيوقف
نجالء بضحك تستفز خوفها : حاولي تطالعينه طيب عشان تقولين لنا
األخبار
َّطلت خالص قولوا له يشوفني بالعرس
هيفاء : كيف أطلع له ؟ ال ب
نجالء : شكلك حلو والله خليك واثقة .. يالله روحي صار له ساعة ينتظر
ومعاه يوسف
هيفاء : ومنصور ؟
نجالء : أل قال يوسف أقرب لهيفا عشان ما تنحرج
هيفاء : ياربي وش أسوي! يختي جتني أم الركب
نجالء : هههههههههههههههههههههههه ال إله اال الله .. تعِّوذي من
الشيطان وأدخلي قبل ال تجي أمك وساعتها بتحسبك من شعرك
هيفاء تأخذ نفس عميق : يارب يارب ... طيب إذا سألني ما أرد عليه صح
؟
نجالء تضرب صدرها برقة : ورآه! فاهمه الحيا غلط .. ردي عليه على
قد السؤال
هيفاء تتجه نحو المجلس الجانبِي، وهي تقرأ كل آيات القرآن التي تحفظها،
حتى فتح يوسف الباب الذي تذمر من اإلنتظار وكان سيأ ِت ليُناديها ولكن
تفاجىء بوقوفها، توسلت إل يه بنظراته ألشياء ال يفهمها يوسف، أبتسم
ِي بها ُمستف ًزا كل أعصاب هيفاء : هال بالشيخة
ِّ
ليُهل ....
رفع عينه فيصل لتلتقط ح ُضورها . . .
،
ُها، يُطيل نظره بها وكأنه يستكشفها من جديد، مازال يشعُر بغرب ِة
يتأمل
جسدها عنه، يراقب تفاصيلها الصغيرة التي مازالت تحتفظ بها ولم تتغير
بعد، تُشتت نظراتها من ربكة عين يها التي تحدق بها.





ناصر بهُدوء : ماراح تقولين لي وش سويتي في غيابي ؟
غادة بمثل هدوئه : ما أتذكر
ناصر الذي ال يستطيع أن يستوعب أو يُف ِِّسر أو حتى يُجِِّمع بعقله الذي
مازال تحت تأثير الصدمة حتى لو كانت مالمحه تُوحي بغير ذلك، ال
يستطيع ان يتزن بتفكيره أو ي ِصل الخيوط ببعضها، كم يلزمني من الوقت
حتى أستوعب وأفكر بطريق ٍة ال تتحمل غبائي في هذه الدقائق، نظر إليها
بحدة حاجب يه : ليه تكذبين ؟
غادة بقهر : ما أكذب قلت لك ما أتذكر
نا ِصر يضرب بكِفِّه على الطاولة غاضبًا : تكذبين! من عيونك واضح
تكذبين .. انا أعرفك أكثر من نفسك وأعرف كيف تكذبين
غادة بنبرةٍ لم تقصد بها اإلستفزاز : ال ماتعرفني! لو تعرفني ما كان
كذبتني وخذيتني كذا
يقترب منها ليحاصر كتف يها وهو يُمسكهما بيد يه : أن ِت ما توعين لحك يك
وال تعرفين وش قاعدة تقولين!!! .. غيروك .. واضح أنهم غيروك
غادة بضيق : أتركني أروح .. ما أبغى أجلس هنا..
ناصر : لمين بتروحين! ماعندك أحد غيري
غادة : عندي وليد....
نا ِصر وقف وهو يشعُر بأن ال ُدنيا بأكملها تتج َّمد أمام عينِه . . . . . .
،
يضع شريحة هاتفه األخرى التي ال علم لوالده بها، يجل ُس بالمقهى المعتاد ُ
إلى
وبالكرسي المعتاد أي ًضا، ال ُكرسي الذي يخص العبير، كتب ر َسالةً
" أحتاج أشوفك ضروري، والليلة إذا أمكن
،
اإلسم الِذي رمزهُ بـ " عزيز "
.... فارس "
،





الكلمات الحا َّد ُمقتطف/لمحة " بحماس تتكلم غاضبَة وهي تندف ُع ب ة ومن
َصها، لم يستطع الوقوف وهو يجلس على
فُر ِط اإلندفاع تفتحت أزارير قمي
األري َكة غارقً " . . . . ا بضحكاته : كم مرة قلت
.
.
أنتهى ، نلتقي الخميس إن شاء الله.
.
.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.





السالم عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة()
المدخل لـ عبدالرزاق عبد الواحد.
أشعل ِت حبَّ ِك في دمائي
وسكن ِت في َزرعي ومائي
و َمأل ِت ك َّل مواسمي
وملَك ِت حتى كبريائي
إن كن ُت بعضاً من َرجا ِك
فأن ِت لي ك َّل ال َّرجا ِء
ِك من دمي
أنا ما خلَعتُ
ِك من سمائي
أنا ما دفعتُ
وفعل ِت أن ِت فَبعتِني
َع األوفياء
يا لي َت بي !
ياني.. وحسبُ ِك إن أقُ ل
ياني، يُغالبني بكائي!
ُء
ِدا
ويعو ُد بي هذا النِّ
ِدا ِء
ِلعِّزِ أيِّاِم النِّ
َ كان ال َّزهُو يملؤني
أيِّام
بأ َّن ل ِك انتمائي
وبأ َّن قَلبَ ِك ال يُثي ُر
ِلقائي
َرفيفَهُ إالَّ
وبأ ِّن عينَ ِك، عي َن ميدوزا
َسناها من سنائي
وبأنِّني الغالي لدي ِك
وأن ِت أغلى من َغالئي





َ ما
وثقي بأن ِك ُرغم
ِك من دمائي
ُ
َسف َح ت نصال
َوبِقَ دِر ما للتِّافهين
َك َشف ِت ياني من غطائي
ما زلت ياني أجم َل الـ
ل ! َحظا ِت حتى في شقائي
ما زل ِت ك َّل رفي ِف أجن َحتي
وك َّل َمدى فَضائي
َ
َض دمي، وأعظم
ما زل ِت نَب
ِ ُق لي بَقائي
ما يُ َحقِّ
ما زل ِت أن ِت َم َج َّرتي
و َغدي المشعش َع بالضيا ِء
َمَّرةً
ال تُطفئيها
أخرى.. فَناؤ ِك في فنائي!
رَواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
، بقلم : ِطي ش!
ال ُجزء )

)
ألتفتت عليه بغضب ال تكاد تُصِِّدق بأن والدها يوافقه ويصاِدق على أفعاله
ِّي إهتمام، عبدالعزيز أهانني بإرادة
بكل أريحية ُدون أن يُلِقي لموقِفي منه أ
ني أب ًدا. : طبعًا ال
َّ
َما ذل
والِدي و ُدون هذه اإلرادة ل
عبدالعزيز أدخل يد يه في جيوبه ليبتسم : صدقتِي؟ أصالً مستحيل نروح ..
أثير هناك ..
رتيل أخذت نفس عميق: عبدالعزيز يكفي تضايقني أكثر!!
عبدالعزيز : وأنا ماأبغى أضايقك .. تذكري الهدنة اللي قلنا عنها!!





رتيل بضيق : وأنت خليت فيها هدنة! تقهرني وتضايقني بعدها تقول هدنة
أقل صخبًا، دخال في
عبدالعزيز تن َّهد : طيب خلينا نمشي .... وأتج َها لح ِّيٍ
إحدى المقاهي المنزويَة بهُدوءها.
وضعت هاتفها على الطاولة وهي تأخذ الهواء بطريق ٍة تُوحي بأنها تختنق،
رفع عينه لها : أنا تعبت من هالموضوع! خلينا نقرر من هاللحظة
رتيل : يعوضني الله
عبدالعزيز أمال فِمه بمثل حركتها الدائِمة التي ترتبط معه بها ولم يلحظها
بعد، أطال صمته ليقطعه بج ُمود : يعني ؟
رتيل شتت أنظارها ُدون أن تُجيبه. وبدأت تسرق الغطر َسة والساديَّة من
جو ِف عزيز، بدأت تستنس ُخ قساوتِه كما يلي ُق بالحزن الذي تسبب به في
قلبها.
عبدالعزيز : وش تقصدين يا رتيل !
رتيل : اللي فهمته
عبدالعزيز : وهذا قرارك ؟
رتيل أرادت أن تلسعه بعذا ِب الضمير لتُردف بقسَوة أحت َّدت بنبرتها : ال!
القرار لك وألبوي .. من متى كان لي قرار ؟ مثل ما طبختوها ..
طلعوا لكم مخرج منها
ِوي من كل شيء ع َدا العجوز الذي
عبدالعزيز يُشتت أنظاره للمقهى الخا
يجلس خلف الطاولة التي بجانب الباب، عاد عينه إل يها : نطلع لنا مخرج!!
أن ِت شايفة انه موضوع تافه عشان..
تُقاطعه : بالنسبة لي تافه
عبدالعزيز بغضب : آل تستفزين أعصابي يا رتيل !!
رتيل ألتزمت صمتها وهي تتشابك بأصابعها مع مفرش الطاولة.
عبدالعزيز : صدقيني محد بيخسر غيرك! أحكمي عقلك وأعرفي كيف
تفكرين وتقررين
رتيل بإستفزاز صريح : قلت يعوضني الله عن خسارتك
عبدالعزيز أخذ نف ٌس عميق : ما عندك غير هالحكي ؟
رتيل بإنفعال لم تستطيع أن تُسيطر على كلماته الفاتِرة في حضرة غيرتها





ُمنتشية : ماهو على كيفك وال هو على مزاجك متى ماتبي تجي ومتى ما
ال
روقت مع أثير نسيتني
عبدالعزيز : متى نسيتك ؟
رتيل : أسأل نفسك ...
عبدالعزيز رفع حاجبه : مشكلتك ماهي معي على فكرة .. مشكلتك مع
قلبك اللي يناقضك
رتيل : أجل أترك لي مشاكلي بروحي! أنا أحلها مع نفسي
عبدالعزيز بدأت قدمه اليمنى باإلهتزاز والضرب على األرض : تفكرين
بمستقبلك كيف يكون ؟
رتيل : أحالمي مالك فيها مكان
عبدالعزيز ش ِّد على شفت يه : يعني أفهم أنه قرارك أخير !
رتيل و َّدت لو يقُول شيئًا يعاندها به، لو يرفض وينكر القرار، والله
ألتحجج بكل شيء في يِدي وأرض ُخ لك، لو كلمة! فقط كلمة تُبلل جبي ُن
القلب المتعارك بحزنه، فقط كلمة وأع ُف عنك، لكنك أقسى من أن تتنازل
عن كبريائك أمام أنثى مثلي، أقسى بكثير من أن تشعُر بأن الحياة ضئيلة
وال تستحق أن نعيشها بهذه الصورة، أقىسى بكثير يا عزيز من أن تعتذر
َّطن
ي ولو إعتذا ٌر ُمب
ل .
عبدالعزيز : كنت متوقع شي ثاني! لو أدري أنه كالمك بيكون كذا .... ما
كان جيت .. ما كان خليتك تسمعيني إياه
رتيل بضيق تقاوم رعشا ُت عين يها : وش كنت متوقع؟ أقولك راضية أنه
أثير تشاركني فيك! وال أقول أنه إهاناتك ما عادت تعني شي .. وش
ِي ؟
بالضبط منتظر منِّ
ِت نظراته في عين يها المتألألة بالدمع : شي واحد ما أفهمه
عبدالعزيز يُثبِّ
فيك! .... شي واحد يا رتيل ماني قادر أفهمه ... كيف تتلذذين بتعذيب
نفسك!
تجمَّدت مالمحها، ستكره نفسها لو تب ِكي أمامه، بلعت غصتَّها وهي تقاوم
ِب نفسي!! غلطان .. لو يصير اللي يصير
الح ُشوِد الذائبة في عين يها : أعذِّ
ما يهمني وأظن كل شي يثبت لك هالحقيقة ما يحتاج أقولك وأزيد عليك ..





ُمجرد
حتى عقب الحادث لو ال سمح الله صار فيك شي كنت بحزن عليك ل
ِّي شخص في الشارع! لك
شخص عاِدي.. ممكن أحزن على أ ن مستحيل
أندم على وقت راح بدون ال أكون معك .. ألنك ببساطة ما تعني لي شي،
أشك حتى أنه أثير تعني لي أكثر منك!!
يُطيل النظر بها، لعين يها التي تصدق وتُهينه كثي ًرا، للكلمات الحا َّدة التي
تُن ِِّصف القلب وتُسقطه، تُبادله اإلهانة ذاتها ولكن يخشى أن نبرة الصدق
ٍ هذه وليس من أوهامه، أردف بإبتسامة تُخفي قهره : تحاولين تبنين
واقع
كالمك على أشياء ماهي موجودة! تكذبين الكذبة وتصدقينها
ُمح َّمرة بالرعشة وصدرها الِذي يعتلي بالنبض :
رتيل بغضب ترفع عينها ال
ما أبني كالِمي! أنا فعالً ما عندي غير هالكالم .. ال تجرب تستخف فيني
بحك يك أو حتى تفكر تضايقني بأثير! وهالمَّرة أنا اللي بصارح أبوي عشان
يعرف قدر اللي معطيه هالثقة
عبدالعزيز : خلصتي كالمك ؟
تكاثرت الدموع في محاجرها، كيف للغيرة أن تتسرب إلى عيني، كيف
لكلماته أن تشطرني نصف ين؟ كيف إلسمها البسيط أن يقف كالغ َّصة في
ز على قلبِي
ُّ
صوتِي؟ كيف لكل هذا يجتمع في رجل! قا ٍس يا عبدالعزيز ويع
أن تكون هكذا، يا ُحزني المتواصل منك، يا ُحزني الذي لم يج ِّف بعد! لم
يتضائل بعد، مازال في قوتِه، في تماسكه، وأنت وحِدك من تُبدده وأنت
. بتماسكه على قلبي
وحِدك من تستلذُ
يهمس : مين يوجع الثاني يا رتيل؟ أن ِت اللي توجعين نفسك
أتى صوتها الباكي، تعَّرت من ُمكابرتها لتنهمر دموعها بقساوةِ الغيرة
المترسبة في محجر عينها : أنت تضايقني! تهيني كثير يا عبدالعزيز هذا
وأنا ما أجرمت في حقك أبد، كل هذا عشان أدافع عن نفسي في وقت الكل
بما فيهم أبوي أرخصني .. وش سويت لك بالضبط عشان تقهرني بكل شي
يجي في بالك؟ قولي بس وش سويت وأنا مستعدة أعتذر لك الحين وننهي
كل هذا ..
ُو بها بكائها : أنت
أنهارت لتغرق كلماتها في البكاء، بكلما ٍت ُمتقاطعة يعل
اللي بديت! وانت اللي ضايقتني! في كل شيء .. في كل شيء والله





تقهرني .... ما أطلب منك شي.. بس أحترم قلبي ...
بإنكسار أردفت : أحترمه لو شويَّـة
وقف ليت ِجه للكرسي الذي بجانبها ويجلس عليه : وأن ِت؟ يا كثر ما توجعيني
ِي
يا رتيل وتقولين ما أجرمتي في حق ! ِّ
بب َح ِة الو َجع : اللي سويته وال شي! بس أنت ما قصرت في أكثر شي يوجع
البنت سويته! رحت وتزوجت
عبدالعزيز : قضيتك ماهي أثير .. انا متأكد من هالشي
رتيل: قضيتي بأنه فيه شخص ثاني موجود في حياتك!! تقبل تهين أثير ؟
.... جاوب على سؤالي تقبل ؟
عبدالعزيز بهُدوء : مستحيل أقبل أحد يهينها
أرتفع صدرها بشهيقها المتأني ُدون زفير، ليُكمل : إن كان في بالك أني
أستغل أثير فأن ِت غلطانة وأني جايبها لمجرد أني أهينك فأن ِت في مصيبة
.. ألن أنا قادر أهينك بدون ما أستخدم أحد، لكن أنا .. أبغى أثير يا رتيل
َ
َ حظي بهذا السوء؟ ِلم
ال يُدرك بالو َجع أب ًدا، ال يُدرك بحزني ولن يُدرك، ِلم
الحزن يتربص لي في كل محاولة أبتسم بها! في كل مرة ال أرى شيئًا
يستح ُق الحياة، يُجدر بي أن أهنئك يا عزيز فأنت كسبت وأفقدتني المتعة
في الحياة .
ألتفتت عليه بكامل جسِدها لتلتصق به، تأمل دمعُها بعين يه التائهت ين، كيف
يجب أن نُخبر هذه السمراء بأن التب ِكي؟ كيف نُخبرها بأن البُكاء منها يعنِي
م ُح الجميالت يُحِِّر : إنقالب وكارثَة، بأن مال م عليهن الدمع، أنا أعترف
أنني قادر على فعل كل شيء، وأن أقاوم رغباتِي بكل ماهو سيء ولكن
أمام دموعك أنا ج ًدا سيء يا رتيل وأعني بج ًدا سيء أنني مستعد أن أنقض
العُهود كما ينقضها اليهود! أنقضها بكل عنف ُدون أن أسأل عما سبق
وعما سيأ ِت، ما بيننا أكب ُر من هدنَة، ما بيننا عمٌر ال يقبل أب ًدا أن يتعطل
ب ُهدنة.
رتيل بألم : تبغاها ؟ يعني كنت تبغى تتزوجني بس عشان تضايق أبوي ..
ي وهي الدخيلة
وتضايقني .. تعرف وش اللي موجعني؟ كنت أظن أنك ل
بيننا .. بس طلعت أنا اللي مالي مكان بينكم .. كيف تقدر يا عبدالعزيز





تسويها فيني؟
بدأت تفقد شعورها بعقلها وبإتزان تفكيرها، أنهارت تما ًما وهي تُعاتبه بألٍم
يقذ ُف نفسه بجسِدها : علمني كيف تقدر توجعني كذا ؟ يخي أنا وش سويت
في حياتي عشان تسوي فيني كذا !! ليه ما تفهم .. حرام عليك .. تدري
بشعوري .. تدري بأنه قلبي معك وتوجعني .... !
يجلس بجانبها جامًدا سوى من عينيه المحاصرة لعين يها المرتعشت ين،
بالوعي ضربت يِدها التي تُغطيها الجبيرة في الطاولة وهي تعلن جنونها
اآلن على ُحبها وإنهيارها عليها، سحب ي َدها حتى ال تكسرها أكثر لتعتلي
نبرتها وال يفص ُل بينهما سوى هوا ي أتحراك وأنت ُء عابر : أنا الغبية الل
أصالً قلبك معاها
عبدالعزيز بنبرةٍ حانية : رتيل ..... خالص ..
تُخفض رأسها : ذليتني، كرهتني بنفسي، قهرتني بكل شيء حتى بأبوي،
سويت كل شي ممكن يسيء لي .. وش بقى أكثر ؟
عبدالعزيز يسحب كرس يها أكثر حتى يلتصق تما ًما وما عاد الهواء العابر
ر بهما، أصبحت األنفاس هي من تمٌر وتطوف حولهما : كانت ر َّدة فعل
ُّ
يم
لكالمك .. ما كان هدفي أني أضايقك .. والله ماكان هدفي أني أجرحك
وأوجعك
رتيل : هذا وما هو هدفك .. كيف لو كان هدفك وش كنت بتسوي فيني!!
عبدالعزيز أبتسم بضيق : اهدي وال تبكين عشان أقدر أتناقش معك
ِّظي .. على حياتي الضايعة...
رفعت عين يها الباكية : أنا أبكي على ح ِ
اطع لذاعةُ كلماتها ليسحبها لحضنه، ش َّدها حتى و ِّد لو أنها تدخ ُل فيه : ما
يقُ
تضيع حياتك وأنا جمبك .....
يهم ُس بدفِء أنفاسه في أذنها : رتيل ... خلينا ننسى كل اللي صار ..
أمحيه من بالك
رتيل بصو ٍت مخنوق : وأثير ؟
عبدالعزيز : تجاهلي وجودها في حياتي
رتيل ببكاء الغيرة : كيف أعتبرها مهي موجودة وهي تعيش معك!!
يُبعدها بهُدوء ليمسح دمعاتها بأصابعه لتُكمل بو َجع : كيف تحب لك





شخصين ؟
عبدالعزيز يُطيل الصمت والضياع في عين يها التي يكرهها بقدر ما يُحبها،
ُ هذه ا صبح ال أعر ُف
لعين ين التي دائِ ًما ما تُجِِّرد قلبه من كل الكلمات، حتى أ
كيف أوا ِسي قلبك وال أعرف كيف أواسي نفسي !
تام، ال
ٍ
ِه األيمن، تنظ ُر له بضياع
يُمسك كفَّها األي َسر ليضغط عليه بكفِّ
أعت ُب عليك وعين يك خ َماري، وأني والله يا حبيبي أخا ُف العُر ِّي وأخا ُف
ُطرق التي تراك وال
من نظرا ِت الما َّرة وأغار!.. أغا ُر من العابرين وال
تراني فكيف باإلناث؟ كيف أقبل أن تأ ِت أنثى وتس ُكن معك؟ أن تراها وهي
تستيق ُظ أمامك؟ أن تُبصرها وهي تنام بجانبك؟ كيف أقبَل بأن تُشاركها
طعامها، أن تُشاركها أمورها الحياتية الصغيرة والكبيرة، كيف أقبل ب ُكل
ي ويُحزنني؟ كيف أقبَل بأن
هذا ُدون أن يُخد َش قلبي؟ ُدون أن يضيق ب
ترى عيناك غيري؟
ي : وال ألثير
ما توفِي يا عزيز .. ما توفي ال ل ...
أكبر
ٍ
عبدالعزيز وهو يتالع ُب بأصابعه على باط ِن كفَّها، عقد حاجب يه بو َجع
: ما كنت متخيِّ تي تشا


إعدادات القراءة


لون الخلفية