الفصل 78

فارس وقف ُمتج ًها للحمام : طيب هذاني صحيت .. ياليل الشقا بس
ِس
رائد أتجه نحو الصالة : هذا هو صحى، المهم عرفت شغلك كويِّ
محمد : مثل ماتبي حفظته حفظ
رائد : وكلمت ربعك! أبيهم يمدحون فيه عشان يصِدق
محمد : أبد كل أمورنا طيبة
رائِد بإبتسامة : الحمدلله
ُهم فارس بلب ِسه األنيق، يأخذُ من واِلده
م َضت الدقائِق الطويلة حتى خ َرج ل
كل شيء حتى ذوقه الرفيع في المالبس، جلس وهو يجهل من أمامه.
رائِد بضحكة ساخرة : هذا أبوك ..





فارس لم يتمالك نفسه ليضحك مع واِلده : تشرفنا
محمد بإبتسامة : الشرف لنا
رائِد بنبرة السخرية : والله هذي اللي ما حسبنا حسابها مافيه شبه بينكم ..
قله أنك طالع على أمك الله يرحمها
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههه طيب شي ثاني ؟
رائِد : أنت يا مشعل يا حبيبي دارس في لندن معك دكتوراه علوم سياسية،
واآلن دكتور في الجامعة، عنِدك أعمال ُحرة ودخل ثاني غير الجامعة،
ِ أم ت يا تقول
ك ميتة ، إذا أسألك عن أحد عندك خيارين يا تقول ميِّ
مهاجرين ماشفتهم من يومي صغير *أردف كلمته األخيرة بضحكة *
أكمل : أسست نفسك وكَّونت حالك بينما أبوك طايح حظه يشتغل في البنك
اإلسالمي بباريس ...
فارس : شي ثاني ؟
رائِد : ال ترتبك و ر ِّز ظهرك، أصابعك ال تتشابك وال تنحني بظهرك،
عيونك خلها في عيون عبدالرحمن، كلماتك خلها قصيرة وواثقة.. عشان ما
ِن له أنك صادق .. يالله خلنا نسوي
يشك وال يعرف أنك كذاب، حاول تبيِّ
بروفة وأنا عبدالرحمن .... وقف وأتجه ب ُمقابل أبنه .. تكلم .. وش تشتغل
يا مشعل ؟
فارس بصو ٍت متزن : دكتور متخرج بتخصص علوم سياسية وعندي
أعمال ُح َّرة ثانية أدريها
رائِد : كم ُعمرك ؟
فارس :


رائِد : وين ناوي تستقر ؟
فارس : إن شاء الله الرياض
رائد : آل الرياض أنساها، بتستقر في لندن الله يسلمك
فارس : صدق يبه ؟
رائد : هههههههههههههههههههه إيه والله، بعد ما تتزوجها أبيك تروح
لندن فترة لين أضبط وضعي
فارس : وش بيكون وضعك ؟





رائد : عاد هذا مو شغلك
أكمل وهو يحاول أن يتذكر شيئًا : وش بعد راح يسألك ؟ ماأتوقع بيسألك
شي ثاني ... المهم أنك حضرت نفسك ... طبعًا محمد خذا لك موعد راح
تلتقي فيه بصالة الفندق الخاصة ومعك أبوك الوسيم
محمد الِذي ال يب ُدو جميالً كثي ًرا ضحك لرائد : مخلين الوسامة لك
رائِد شار َكهُ الضحك وهو الِذي يُشبه مالمحه إبنه بش َّدة : بعد ُعمري محمد
ال يحز في خاطرك أهم شي جمال الروح
فارس : طيب متى ؟
رائِد : الحين الساعة

الصبح .. الساعة
أنت عنده . . طبعًا هو
مايدري أنك بتخطب يعني محمد ما قاله
فارس تن َّهد : طيب يا يبه أجل بطلع أتمشى
رائِد : تتمشى وين ؟
فارس وقف : ماراح أبعد، قريب من عنِدك ...
،
ُمجتمعين في الصالَة، تب ُدو أحاديثهم حميمية صاخبة بالضحك، هيفاء وهي
تشرب قهوتها : وعد أني بس أفضى بعطيكم محاضرة بالجمال
منصور : أنا قلت لك رايي! شكلك معفن بالتان!! ماهو حلو .. يعني وش
أسوي غصب أقول حلو
ُمندفعة ، أردفت بإنفعال :
ُظر لكلماته الجارحة ال
َمها وهي تن
هيفاء فتحت ف
ِّي بس أنتم والله وش يعرفكم بالزين
آل والله أنه حلو ويجيب العافية عل
والذوق ..
يوسف : أنا والله ممكن أتقبله بعد يومين كذا لما أتعَّود لكن مبدئيًا يختي
مدري أح ِِّسك وصخة
هيفاء : الله يآخذ إحساسك قل آمين .... اليوم أكلم البنات في سكايب أنهبلوا
ِّي يخي أنا يوم أشوف نفسي بالمرآية أقول ليتني أتزوج نفسي من كثر
عل
ماهو يجننن وأنتم أكلوا هوا من زينكم يوم تتكلمون عن الزين





منصور : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ههههههه عاد وش يسكتها الحين .. خالص أن ِت حلوة أن ِت مزيونة أن ِت
تجننين .. أرتاحي بس
هيفاء : ترفعون الضغط ! أنت شايف ولدك األشهب يوم تتكلم ..
يوسف : أيوا ههههههههههههههههههههههههههه هذا اللي طول الوقت
تمدحينه أطلعي على حقيقتك
منصور : والله ولِدي مزيُون بس من الغيرة تتكلمين
هيفاء : على وش أغار يا حظي ! على عينه وال خشمه
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ما تسوى عليك
يا منصور فتحت عليك باب ما يتس َكر
هيفاء بإنفعال : إيه عاد ال تحارشوني عشان ما أحارشكم
دخلت والدتهم : عندي لكم خبر شين وحلو !
ألتفتوا جميعًا ليُردف منصور : وش الحلو ؟
والدتهم : خالتكم أم أرام بتجي السعودية بس الخبر الشين أنها بتجلس بجدة
يومين وترجع
يوسف بسخرية : أجل وشهو له تقولين ؟ بس والله مشتاق ألرام كانت
مسوية جو في بيتنا أول ماجت
أرام المولودة الصغيرة التِي ق َضت معنا عدةِ شهور نهاية السنة الماضيَة
بسبب مرض إبن ِة عم أمي التي بمقام الخالة لنا حتى أعتدنا عليها وأصبحت
فر ًدا من عائلتنا التي كانت تش ِكي الوح َشة، ولكن بمجيء السنَة الجديدة
رحلت مع والدتها لميُونخ حي ُث تتعالج هُناك مع زوجها من الورِم الِذي
ينزوي في رأسها. يالله يا أرام كانت مالك لهذا البيت .
منصور : هي كيفها الحين ؟
والدته : آل الحمدلله تقول أنها أحسن وللحين من عملية لعملية الله يشافيها
يارب
منصور : آمين، والله زمان عنهم ..
جلست والدتِه لتن يفاء بحسرة : يا حسافة البياض ُظر له
هيفاء : ههههههههههههههههههههه يمه كل الشعراء في العالم يتغزلون





بالسمرا
والدته : الله يآخذهم واحد واحد يوم أنك تصبغين نفسك كذا .. بس أنا
أوريك... والله يا هيفا لو تسوين بشكلك شي بدون ال تشاوريني ال أقطع
رآسك
هيفاء تن َّهدت : طيب خالص ماني مسوية شي ..
تُكمل بحلطمة : في هالعايلة ال تخلوني أسافر مع أخوي وال تخلوني أقص
شعري وال تخلوني أروح إستراحة مع صديقاتي وال تخلوني أعيش حياتي
.. يخي الواحد تعب طفش م ِّل !!
منصور : هذا اللي ناقص نحجز لك إستراحة أن ِت وصديقاتك بعد!!
هيفاء : إيه وش فيها! كل البنات الحين يجتمعون في إستراحات وش تفرق
ِر على
يعني! اإلستراحة نفس البيوت ! هذا أنتم ماتقولون شي لو أسيِّ
صديقتي في بيتها لكن تصير كارثة لو أقول بإستراحة
يوسف : اإلستراحة غير
هيفاء : وش فيها غير! نفسها نفس البيت
اد التقولين شلون تخِِّر يوسف : آل يا حبيبتي اإلستراحة تخِِّرب ع ب ! هي
تخِِّرب وبس
هيفاء بتذُمر : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. متى أتزوج وأفتك . .
*أردفت كلمتها األخيرة بعفويَة ُدون أن تعني فيصل*
يوسف بضحكة : الحقة على فيصل
هيفاء أح َّمر وجهها لتحاول التبرير : وش دخل فيصل! أنت وِِّدك كذا
تحارشني .. ماأقول اال مالت عليك ومالت على اللي يجلس معك ....
وخرج ت.
والدته : بكرا بيجي فيصل مع أعمامه إن شاء الله
منصور : الله يكتب لهم اللي فيه الخير
والدته : آمين يارب
،





تف ُطر ُدون أن تنظر إل يه، تحاول أن تُمثل البرود والج ُمود أمامه، تتجاه ُل
ُم أصغر تفاصيله ال تأرجح بين ُحبه و ُكرهه، تكرهه يوم و ُم
ستفزة لقلبها ال
تُحبه أيام، تنجذ ُب إل يه لحظات وتنف ُر منه بلحظة، ُمتذبذبة عالقتِي معه
و ُمتذبذب قلبي إتجاهه، بعد يومي ن ستعُود ألر ِض الوطن، كانت تتأم ُل
الشيء الكبير منه وخابت كل توقعاتها، ليتنِي لم أتوقع شيء، ليتني بق يت
هكذا ُدون توقعات حتى أتفادى الخيبة التي أنغرزت بأعماقي، مخذولة من
كل شيء، أشعُر بأن حياتي تنحِدر في بدايتها، كيف أبقى بجانب عائلته
وأنا أعي ُش هذا الصراع، أحتاج أن أذهب إلى الرياض وال غيرها ولكن
كيف أقنعه؟ كيف أناقشه حتى !
وضعت الكوب على الطاولة لتن شي ٌء ُظر له
ُ
وهو غارق في هاتفه، يقرأ
ما، رفع عينه : خلصتِي ؟
ريم هزت رأ ُسها باإليجاب وهي تأخذُ منديالً وتمس ُح شفت يها الزهريت ين،
أخذت ُمعقم من شنطتها وعقمت يد يها، أخرجت هاتفها ولكن سرعان ما
أعادته، أعر ُف مقدار غضبه حين أمسك بهاتِفي بينما نح ُن نسير على
ال ا ال تعرف ماذا تفعل أو بما تُفكر حتى تحل هذه ُطرق.
أخذت نف ًسا عميقً
العقد واأللغاز التي تواجه حياتها معه. باألمس س َهرت على إحدى
" المشاكل الزوجية " شعَرت بأن ُمشكلتها بسيطة مقارنةً
المنتديات ، قسم
بما قرأت، ألتفتت عليه وهي تقط ُع الطريق معه : وين بنروح ؟
ريان بهُدوء : اللي تبين
ريم بفكرةٍ الذعة طرأت عليها بعد أن أفلست منه تما ًما : طيب بروح
أتسوق
ريَّان ُدون أن ينظر إل يها : طيب .. أوقف سيارة األجرة ودخالَ.
،
جلست على حاف ِة السرير بجان ِب بطنه لتُقبل جبينه وتُردف بصو ٍت خافت :
بعد ُعمري والله ، كل هذا يصير معك وأنا ماأدري
عبدالعزيزلم يُعلق وأكتفى بإبتسامة .





أثير : وجوالك وينه ؟
عبدالعزيز : أنكسر .. بشتري جديد بس أطلع
أثير : وال تتعب نفسك أنا بشتري لك وماأبغى إعتراض .. بس أنت أطلع
بالسالمة
عبدالعزيز : الليلة راح أطلع إن شاء الله
أثير : كويس الحمدلله .. لو تدري وش صار فيني .. بغى قلبي يوقف من
خوفي عليك
عبدالعزيز : بسم الله على قلبك ...
أثير بإبتسامة : طيب أنا بروح أح ِِّضر لك الشقة وأرتبها لك و بس تطلع
أتصل علي من تليفون الغرفة
عبدالعزيز : طيب
أثير : تآمر على شي أجيبه لك ؟
عبدالعزيز : ال ..
أثير : أجل أشوفك على خير حبيبي .... وخرجت لتلتقط عينها عبير وضي
الواقفت ين أمام ُغرفة رتيل، أشمئزت لتتجه نحوهما : صباح الخير
ضي : صباح النور
عبير تجاهلتها تماما وال كأن كائنًا يتحدث لتنشغل بهاتفها
أثير : سالمتها ماتشوف شر
ضي بإغاضة : الشر ما يجيك يا قلبي ، الحمدلله أنها جت على كذا
ماتسوى عليهم هال ُروحة لرَوان ، بغوا يتمشون ويغيرون جو لكن قدر الله
وماشاء فعل
أثير عقدت حاجب يها : رَوان ؟
ضي بإبتسامة واسعة : إيه كانوا في رَوان، زوج وزوجته وش الغريب في
الموضوع ؟
أثير تراجعت بخطواتها للخلف لتدخل بغضب لغُرفة عبدالعزيز.
عت
َّ
عبير : ههههههههههههههههههههههههههه ول
ضي بضحكة : مع أني ماأحب هاألسلوب بس هي تستاهل تحاول تقهر
رتيل وهذا هي أنقهرت .





عبير : حسيتها جايَّة تتشمت بس تغدينا فيها قبل ال تتعشى فينا
ي ؟ مستحيل تكون رحت معها رَوان كذا
على بُعِد خطوات : ليه ما قلت ل
فجأة أكيد مخطط وياها من زمان وأنا أحترق عليك باإلتصاالت وال ترد
ِّي
عل
عبدالعزيز : مين قالك هالكالم ؟
أثير بغضب : ماهو مهم مين قالي! أبغى أعرف ليه ما تكون صريح معي!
دامك رحت وياها مفروض تحط عندي خبر!! ماأظن هالشي صعب عليك
عبدالعزيز : أثير ماني فاضي لهالكالم.. لو سمح ِت
فضى إن شاء الله ؟ لين ست الحسن والدالل تشِِّر أثير : ومتى ت ف عندك
عبدالعزيز بنظرةٍ حادة : أثير!! ال تخلين النفس تشين عليك
أثير بإنفعال : بس شاطر تلحق وراها لكن أنا وال أهمك ...
عبدالعزيز : صوتِك ال يعلى عشان ما يجيك كف يعلمك كيف تحكين معي
ضربت بقدمها على أرض لتخرج بخطوا ٍت ُمشتعلة .
في ُغرف ِة رتيل، ُمجتمعات حولها .
رتيل : وش قالت ؟
ضي : ما ر َّدت وراحت لغرفة عبدالعزيز .. ماعليك منها بس
عت .. ضي عطتها بالجبهة
َّ
عبير : لو تشوفينها كيف ول
رتيل : ههههههههههههههههههههههه تستاهل هالمدلعة
عبير : قولي لنا وش صار معكم ؟
ُهم.
ُهما قبل الحادث لتح ِكيها ل
رتيل تن َّهدت وهي تسترجع اللحظات األخيرة ل
دخالَ في الطريق الرئيسي الِذي تُجرى عليه اإلصالحات، كان الشار ُع
ليس مستوي مما جعل السيارة تهتز في كل مساف ٍة نقطعُها، كانت األدوات
اإلنشائية مرمية على ُكل جانب ، شعَرت بأ َّن أنفاسها تضيق وهي تنظ ُر
لنهاية هذا الشارع بشا ِحنة خاويَة ، أغمضت عين يها بش َّدة ال تُريد أن ترى
شيئًا بينما عبدالعزيز يحاول أن يلتف بالسيارة جانبًا ولكن ال مجال أب ًدا
بالشارع الضيق ج ًدا من ُكل جانب، حين سمعت صوت تكسير عبدالعزيز
لل ُزجاج األمامي أدركت أن الموت قريب منهم ال ُم رت بضياع
حالة، شعَ
ُمرتبكة، ثوانِي
الكلمات واألدعيَة التي تُريدها حتى تحفظها بهذه اللحظات ال





فقط كانت تف ُصلها عن إرتطام رأسها الشديد بال ُجزء األمامي من السيارة
والباب الذي كان مفتو ًحا بسبب إصرار عبدالعزيز بأن تقفز منه بينما كنت
ُم
ُمص َّرة على الرفض، سقطت على ال
تُراب الخارجي بعد أن فلَت حزا
األمان وأو َجع بطنها حتى شعَرت بالغثيان ال مجال للرؤيَة والدما ُء تهطل
كالمطر، نظرت للتُراب الِذي بات طينًا بالدم، رفعت عينها التي يُغمى
عليها تدريجيًا لترى عبدالعزيز الساقط على النافِذة األخرى ورأسهُ ينزف،
هذا آخ ُر شيٍء رأته.
يُتبع
،
في ساعات العصر األولى، الرياض التي بدأت تهدأ شوارعها بعد إنتهاء
الدوام. وتصخ ُب من جهٍة إخرى .
ُمنتصف رقبتها،
نظرت إلبنتها التي ق َّصت شعرها الطويل حتى و َصل ل
ِّي
بإبتسامة : ماجد قال أنه حلو عل !
ح َصة : ماجد!! طيب .. أجل وش جاية عشانه الحين ؟
العنود : بآخذ كم لبس ألني بجلس عند أبوي وحددنا حفلة صغيرة بنسويها
األسبوع الجاي وبروح معه دبي.. ومتى ما لقينا وقت مناسب بنحتفل مع
بعض بما يليق طبعًا فيني وفيه
ح َصة تشعُر بالحسرة على إبنتها، أردفت بهُدوء : طيب ... وأتجهت نحو
الصالة.
العنود لحقتها : يممه!! وش فيك متضايقة كذا؟ تدرين أني ماأحب أشوفك
زعالنة
حصة : لو يهمك زعلي وال ضيقي كان أهتميتي برايي
العنود: رجعنا نفتح هالموضوع من جديد
ح َصة : خالص أرحميني بس وال عاد تسألين عن شي مايهمك





العنود بضيق : تدرين يا يمه أنك تهميني
حصة ألتزمت الصمت ُدون أن تنطق شيئًا.
العنُود : وين ولد أخوك ؟
حصة بغضب : تكلمي عنه زين
ِّي
العنود : أكيد يشيِّشك عل
حصة بسخرية : أكبر همه أن ِت
العنُود بقصِد إستفزاز إسمه وكأنه موجود أمامها : ماني أكبر همه بس
قدرت أتزوج غصبًا عنه
ح َصة تن َّهدت : جايَّة تعلين قلبي .. روحي عند أبوك وخليه يبسطك
العنود : أبوي كان زوجك
حصة بغضب : تعالي علميني بعد كيف أحكي عنه !! الله واألبو بس
خليني ساكتة
العنود بقهر وقفت : أبوي عمره ما جاب سيرتك بشي شين ودوم يتذكرك
بالزينة لكن أن ِت تحبين تشوهين صورته
ح َصة بسخرية : أكذبي بعد!! أقص إيدي إذا يطلع منه شي زين
اضبه أتجهت لغرفتها بينما تركت ح َص العنود بخطوا ٍت غ ة تُصارع خيباتها
بإبنتها.
في األعلى، ُمثبتة الهاتف بكتِفها وهي ُمستلقية على السرير : طيب ؟
أفنان : بس هذا اللي قالته لي !! مجنونة هالبنت مهي صاحية
ُمتعبة : محنا ناقصين نغتابها بعد! .. الله يهديها
الجوهرة ببح ِة صوتها ال
أفنان : طيب ما قل ِت لي وش فيه صوتك ؟ تشكين من شي ؟
ال ُجوهرة : األجواء عندنا متقلبة يمكن عشان كذا
أفنان الجالسة أمام مكتبها والنُعاس يقترب منها بعد أن حرمتها منيرة من
النوم جي ًدا، أردفت وهي تتثاءب : طيب بخليك .. تآمرين على شي ؟
الجوهرة : سالمتك .. بحفظ الرحمن
أفنان : فمان الكريم .. وأغلقته، وضعت رأسها على الطاولة وب ُمجرد ما
أغمضت عيناها دخلت في نوٍم عميق.
وضعت يدها على ُعنقها وهي تحاول أن تسترد صوتها المبحوح : آحم ..





أتجهت نحو دوالبها ، فتحت الدرج لتأخذ جوارب قُطنية تُدفئها، نزلت
خفف و َج لألسفَل تحاول أن تشرب شيئًا يُ ع أحبالها الصوتيَة، وقفت وهي
تسم ُع صوتها الذي يأ ِت من الصالة.
العنود ممسكة حقيبتُها الصغيرة : يمه واللي يرحم لي والِديك ال تقهريني
زيادة! حفلة بنتك وماتجين ؟
ح َصة : قلت لك اللي عنِدي، دام سويتِي اللي براسك وش يفيدك حضوري
العنود : تعرفين شي يمه ؟ بديت أشك في الخبلة الثانية اللي ورى ولد
اخوك
حصة بغضب : العنود ووجع! تكلمي عنهم بأدب
ال ُجوهرة تشعُر بأنها مازالت تحمل بعض الشحنات التي لم تُفرغ في
ا وهي التي ال تغضب ب ُسرعة ودائِ ًما ما
ترتيبها للغرفة، أخذت نف ًسا عميقً
تُمسك نفسها، أتجهت نحوها وأتى صوتُها المبحوح من خلفها : مين الخبلة
الثانية ؟
ألتفتت العنود لتتأفأف : في هالبيت الواحد ما يقدر يتكلم اال والكل عرف
ي
بالموضوع! ماهو من صغره بس من هالتنصت على الرايح والجا
الجوهرة ببرود : ما تنصت بس على األقل ما ذكرت أحد بغيابه
وبهالوصف الشين
العنود بسخرية : يا شين مثاليتك!! سبحان الله تناسبون بعض أن ِت وسلطان
كلكم منافقين وكذابين .. إذا أن ِت تكرهين شخص قولي له بوجهه ماله
داعي هالكالم الملتوي
حصة بحدة : العنووووود!!
العنود : مع السالمة يمه .. أتجهت نحو الباب لتقف الجوهرة أمامها : ماهو
معقولة الكل يشوفنا شي وأن ِت تشوفينا شي ثاني! يعني أكيد ماهو كل الناس
على خطأ وأن ِت الصح!! .. راجعي مخك وللمعلومية أنا ماأنافق عليك ..
أن ِت ماتعنيني شي ببساطة! ال أن ِت موجودة بقلبي وأحبك وال أن ِت بعقلي
وأكرهك .. ُمجرد شخص من فئة الكومبارس بهالحياة
حصة تنظ ُر للجوهرة بدهشة، هذه الكلمات القاسية ال تُصدق بأنها تخرج
منها، باتت تُشبه سلطان في قسوته أي ًضا.





دفعتها العنود لتخرج ُدون أن تلفظ كلمة، أنحرجت الجوهرة من نظرا ِت
حصة لتُردف : آسفة حصة بس هي أستفزتني
بهدوء ُرغم ضيقها من الجوهرة : حصل خير ... وخرجت ُمتجهة نحو
غرفتها.
أدركت أنها غضبت منها، كيف أراضيها اآلن؟ لم أتعود أن تزعل منِي
أب ًدا! تن َّهدت وهي تمس ُح جبينها الذي بدأ الصداع يزح ُف نحوه. رأت عائشة
وهي تصعد الدرج : عايشة ... سِِّوي لي عصير ليمون بالنعناع
عائشة : زين ... لتتراجع بخطواتها ُمتجهة للمطبخ.
أخذت هاتفها وأتصلت على الرقم الِذي ترددت كثي ًرا في اإلتصال عليه
ُرغم أنها تحتف ُظ به منذُ شهور، جلست منزويَـة في الصالة لتنطق بصو ٍت
خافت : السالم عليكم
:وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
الجوهرة بإرتباك : دكتورة سلوى ؟
:إيه معاك الدكتورة سلوى
ال ُجوهرة بلعت ريقها : ماني عارفة كيف أبدأ معك، لكن فيه كم سؤال وِدي
أسأله لك إذا مافيها إزعاج
:تفضلي حبيبتي وقتي لك
ال ُجوهرة : أنا تعرضت لتحرش وأنا صغيرة..
:قبل البلوغ ؟
الجوهرة : ال بعده .. كنت بالثانوية
:طيب وأيش صار بعدها ؟
الجوهرة : ما أتذكر بالضبط لكن متأكدة أنه حصل إغتصاب .. بس ..
حاليًا أنا متزوجة و ... يعني مدري كيف أقولك .. *أردفت كلماتها
بتقاطعات شديدة وأنفاس تعل * ُو وتهبط
:فاهمتك! يعني زوجك ما دخل عليك ؟
الجوهرة بكذب : إيه .. بس أبغى أتأكد عشان مستقبالً
:طيب أن ِت سامعة بعمليات ترقيع الغشاء ؟
الجوهرة بربكة : آل مستحيل!! أقصد يعني ماأبغى أسوي شي ح َّرمه





الشرع .. أنا راضية بس أبغى أعرف يعني .....
:طيب أن ِت صارحتِي زوجك ؟
الجوهرة : إيه لكن أنا أبغى أسألك بخصوص الغشاء يلتئم ؟ ألن هالشي
قبل
سنوات ؟
:لو كان التحرش قبل البلوغ فنسبة كبيرة يلتئم زيَّه زي أي جرح بالجسم
مع مرور السنين يلتئم ويرجع زي ماكان، لكن لو بعد البلوغ ح َصل له
تمزق وما أنف ِّض الغشاء بأكمله ممكن يلتئم ويرجع طبيعي لكن لو أنف ِّض
الغشاء كامل فهذا شي مستحيل، لو كان هالشي موجود كان لعبت البنت في
ِّي
نفسها لين قالت بس وبعدين بمرور السنين تضمن أنه يعود .. فاهمة عل
؟
الجوهرة برعش ِة شفت يها : إيه
:السنين تلعب دور في المنطقة نفسها لكن ماهو في الغشاء، يعني ممكن
تحس الزوجة أنها بكر بعد هالسنوات ألن منطقتها بتكون مثل منطقة البكر
لكن بدون غشاء ... والزوج ممكن يحس بعد بهالشي ... تماما مثل المطلقة
اللي تتزوج بعد سنين بتحس بنفس اإلحساس.
تسمع صو ُت الباب ، بع َج الجوهرة وهي ل : طيب شكرا دكتورة .. مع
السالمة وأغلقته وهي تسم ُع وقع خطواته. خرجت من الصالة لتسقُط
عين يها بعينِه. تجاهلها ُدون أن ينظر إل يها وهو يصعد لألعلى، هذه
ٌم أخذ ما يُشبعه
النظرات بحِد ذاتها إهانة، بلعت غ َّصتها، تشعُر كأنها طعا
ُ منها ثم تقي ه واآلن يشعر بتقززه من منظِر هذا الطعام. أخذت كأس
أ
العصير من عائشة، شعَرت بأنها نف َسها لم تعد تشتهيه بعد نظراتِه، حاولت
وهي تُطبق أسنانها بش َّدة ولكن لم تستطع، تركت الكأس على الطاولة
لتجلس وهي تُغطي وجهها، كتمت صوتُها وهي تنزلق ببكائها، يك ُسرني
بكل ما أعطاهُ الله، يكسرني بنظراتِه وبكلماته وبتصرفاته، يك ُسرني وأنا
الكسر وصعبة الجبر
ُ
اله َّشة السهلة .
أتجهت نحو المغا ِسل لتغسل وجهها، شعَرت بحاجتها للتقيؤ ُرغم أنها لم
الصباح، تقيأت جفافها وهي تشعُر باأللم من هذا التقيؤ
تأكل شيء منذُ
الجاف، سعلت كثي ًرا حتى ألتقطتها أنظا ُر حصة الخارجة، أتجهت إل يها





بحنانها الذي ال ينضب : وش فيك ؟
ال ُجوهرة : شكلي مخربطة باألكل
حصة بشك : بس ؟
ال ُجوهرة هزت رأسها باإليجاب وهي تنحني لتتمضمض، مَّدت لها ح َصة
المنشفة الصغيرة لتُنشف وجهها.
حصة : وجهك أصفر .. تعالي أكلي لك شي
ال ُجوهرة : منسدة نفسي ماني مشتهية
ح َصة بهُدوء : إذا فيك شي قولي ؟
ُمح َّمرة : تطمني وال شي
الجوهرة بعين يها ال
حصة تنظ ُر للساعة : شكل سلطان بيرجع اليوم المغرب
الجوهرة بهُدوء وهي تتجه نحو الصالة : رجع وصعد فوق
ح َصة جلست ب ُمقابلها : أشربي عصيرك, ما يصير كذا يالجوهرة تهملين
أكلك .. حتى صوتك رايح
الجوهرة لم ت ِجد جوابًا تُعلق به، أستجابت ألمرها وهي تشر ُب من العصير
الحامض. ت ُمر الدقائق الطويلة حتى ألتفتت ح َصة عندما سمعت خطواته.
لم ترفع عينها، تخشى أن ترى مثل النظرات التي تقتُلها، تخا ُف تلك
النظرات ج ًدا.
حصة : وينك صاير ما تنشاف ؟ كل يومك بالشغل وإن جيت حطيت
راسك ونمت
ِّي مقدر أهمله
سلطان : تعرفين بوسعود مسافر والشغل عل
حصة : الله يوفقك ويس ِِّهل عليك يارب
سلطان : آمين ... سرق النظرة إل يها وهي تشرب بهُدوء ليعُود بأنظاره
ناحية عمته ... كن ِت تبيني في شي ؟
ِِّد جت وخذت أغراضها وراحت ماعاد
حصة : آل خالص، ما قصرت عني
ينفع الحكي معها
سلطان : متى زواجها ؟
حصة : تقول األسبوع الجاي وبعدها بتسافر معه
سلطان ب ِخل عليها بدعوة التوفيق ليُردف : بتروح دبي ؟





حصة بإنزعاج : إيه
سلطان : خلها تتحمل نتايج قرارها بروحها
ح َصة تن َّهدت بضيق لتلتزم الصم ت.
سعل . َت الجوهرة بش َّدة لتجذُب أنظار سلطان إل يها، كحتُها الحا َّدة تُؤلم. وج ًدا
ح َصة وقفت ُمتجهة إل يها، سكبت لها من ُزجاجة المياه : أشربي بسم الله
عليك
الجوهرة شربت الماء دفعةً وا ِحدة لتُردف بصوت مبحوح : عن إذنكم
حصة تُمسكها من معصمها : لحظة أكلي شي
ُمشتتة تضي ُع نظراتها بكل شيء ما عداه، تشعُر بعين يه المصَّو الجو بة
هرة ال
بإتجاهها، تكاد تُخِِّمن تعابير وجهه وتصدق بها، أعر ُف كل تفاصيلك
ُمعقدة من كسرةُ حاجب يك حتى فرقعِة أصابع قدِمك اليُمنى التي
الصغيرة وال
بالرنين على االرض ُكلما كتمت غضبك
ُ
تبدأ .
:بنام وبس أصحى أكـ...
يُقاطعها بصوتِه الِذي يُزلزل قلبها : أكلي بعدين نامي .. وقف ُمتج ًها
لطاولة الطعام التي تقع في الجهة األخرى من الصالة.
ا بأنه أمر
كانت كلماته أمر وليس لها حق المشاورة، تبعته ح َصة لتشعُر حقً
ويجب الخضوع له .
تقدمت بخطواتها لتتو َّعد عائشة بداخلها بعد أن رأت كراسي الطاولة ليست
موجودة بأكملها، فقط ثالثة على عددهم.
بلعت ريقها وهي تجلس بجانب سلطان وحصة ب ُمقابلهم. لن تستطيع أن
ً واحدة وهو بهذا القُرب
تأكل لقمة .
ِّطِع حبة األرز الصغيرة لمئة قطعة وكأنها تحاول الهروب من
بدأ ُت تُق
الطعام بطريقة الصغار، ب ُمجرد ما شعرت بأنظاره سحبت الملعقة وق َّربتها
ا وال أحد يح ِكي بعينه
من فِمها، ت ُمر الدقائِق الصامتة، ال أحد يفت ُح حديثً
،
شيئًا ولكن الصمت ثرثار، حركات أيديهم لوحِدها " ثرثرة عميقة "
وقفت حصة : الحمد لله الذي أطعمنا و سقانا و جعلنا مسلمين الحمد لله
حمدا اً مباركاً فيه غير مكفي وال مودع وال مستغنى عنه ربنا .. ً كثيراً طيب
وأتجهت نحو المغاسل.





تج َّمدت الجوهرة في مكانها وهو يهمس : تشكين من شي ؟
نبرةُ الحنيَّة في صوته تش ُطرها تما ًما : ال
سلطان ألتفت بكامل جسِده عليها : ما أفطرتِي ؟
الجوهرة لم تعد تفهمه أب ًدا، نظراته قبل قليل كان توحي لشيء وكلماته اآلن
توحي بشيٍء آخر، تنظ ُر لصحنها ُدون أن تضع عينها بعينِه : ما أشتهيت
ان معًا، تحاول أن
مَّرت ح َصة من عندهم لتتجه لغرفتها بعدما رأتهما يتحدثَ
ُون بها مع بعضهم
تفتعل اإلنشغال فقط لتُح ِِّضر لهم األوقات التي يختل
البعض، سلطان يستحق والجوهرة أي ًضا تستحق، أشعُر بانه أبنِي وأشعر
أي ًضا بأن الجوهرة إبنتي، ال أحد يُسعدني غيرهما في وق ٍت هجرتني به
بطني
ُ
إبنة .
سلطان يُثبت أنظاره على إرتعا ِش شفت يها، يتأم ُل مالبسها التي تب ُدو وكأنها
ُمتجمدة ُرغم الجو الحار بنظره : ليه البسة كذا ؟
الجوهرة : بردانة
سلطان : بس ؟
الجوهرة تفهم ما يُريد أن ي ِصل إل يه : إيه
سلطان دفع ُكرسيه للخلف ليتركها، بلعت ريقها تخشى أن تنهار ببكائها،
ٍن ُمعتاد؟
ِّي ام يُشفق أم يحاول أن يسأل بـ روتي
أريد أن أفهم هو يخا ُف عل
تن َّهدت لتقف ُمتجهة للمغا ِسل ال يوف بينما ُمطلة على الصالة والخاصة للض
ا وهي
تنتهي بحماٍم في الزاويـة، نظرت إل يه وهو يتوضأ، أخذت نف ًسا عميقً
تُغسل يد يها، ُرغم أنه ليس وقت صالة ولكن تُالحظ وضوءه المتكرر في
كل مرة يدخل بها الحمام. أذكر عمي عبدالرحمن كان يتوضأ اي ًضا في كل
مرة يدخل بها الحمام أو ي ُمر ناحية المغاسل.
ُمبللة ووجهه، ينظ ُر إل يها ويُطيل
سحب بُضع مناديل ليمسح ذراع يه ال
النظر، مس َكت نفسها ولكن معدتُها تهي ُج عليها اليوم لتنحني مرةً أخرى
وتتقيأ، أقترب منها وهو يضع يِده خلف ظهرها : وش صاير لك اليوم ؟
كثي ًرا ُكلما أقترب
ُ
ال ُجوهرة بدأت تسترج ُع ذاكرتها، كانت تتقيأ تُركي منها
ولكن ال مقارنة بين تركي وسلطان .
الجوهرة التي تعر ُف سبب تقيؤها، إهمالها لتغذيتها تجع ُل معدتها تثُور في





اليوم مئة مَّرة : سوء تغذية وبس !!
سلطان يسح ُب لها المناديل ُدون أن يمده لها، هو بنفسه من قام بمسح
إبعاده ولم
مالمحها، وضعت يدها عليه محاولة تتوقع أن تتورط به، بلعت ً
ريقها الجاف بعد أن أرتجفت أصابعها بلمستِه، سحبت كفَّها لتتدافع دموعها
عند حافة محاجرها.
سلطان يرمي المناديل في الحاوية الصغيرة ليتكأ على المغسلة ب ُمقابلها :
إذا تعبانة من شي قولي
ال ُجوهرة بتشتيت نظراتها وصوتُها المبحوح يُؤلمها، وضعت يدها على
َو َجع : قلت وال شي
بطنها الذي يتقلص ويتمدد ب ..
كلمتُها األخيرة التي أتت ُمرتجفة كانت كفيلة بأن تُسقط دمعها الذي كابرت
به كثي ًرا.
سلطان تن َّهد وبصيغة حادة : ليه تبكين ؟
الجوهرة أبتعدت بخطواته لتتجه ناحية الدرج ولكن وقف أمامها بغضب :
أنا ما أسأل جدار! لو من ِت تعبانة كان علمتِك كيف تديرين ظهرك
وتروحين
هذا التوبيخ يزي ُد من بكائها، أردفت ببحة : طيب أنت قلتها! تعبانة
وأعصابي بعد تعبانة .. وال حتى بالبكي بتحاسبني
سلطان : ما حاسبتك! أنا سألتك
الجوهرة ببحتها الموجعة : وأنا جاوبتك .. قلت لك تعبانة ... ممكن أصعد
فوق ؟
سلطان أبتعد عن طريقها بهُدوء دون أن ينطق بكلمة.
،
َصة بعمله الشخصي، ينظ ُر للساعة يترق ُب
ِع على بعض األوراق الخا
يوقِّ
بشوق موعٍد مع صوته الِذي يُحب ويشتاق له، هو الحياة في كل شيء، هو
الوطن حين أحتاج لإلنتماء، ج َّهز نفسه لموضوع الملكة، يُف ِكر بطلب
رؤيتها ولكنه منحرج من اشقائِها، وص ُف والدته ال بأس به ولكن أشعُر





بمبالغتها، أحتاج أن أراها. س َمع صوت ريف ليتجه نحو الصالة العلويَة :
يسعدلي مساك
ِح عينك عشان
والدته : ومساك يارب ، فصول حبيبي وش رايك تنام وتريِّ
يكون وجهك منور بكرا
ِِّن تعبان ؟
ضحك ليُردف : ليه وجهي مبي
والدته : مررة يا بعد قلبي
أبتسم : يمه عاِدي أطلب شوفتها ؟
والدته : إيه عاِدي وش فيها من حقك
َصل : بس مستحي من يوسف ومنصور .. مدري أحس صعب
في
الموضوع
والدته : آل تستحي وال شي .. قل لهم بشوفها وال خل عمك ضاري يجيب
لك راسهم
َصل أتسعت إبتسامت
في ه لح ُضور إسم عمه الِذي دائِ ًما " يجيب العيد " :
تبيني أنفضح
والدته : ال تنفضح وال شي .. قوله وبيضبط
فيصل : طيب يمه في حال ما عجبتني وش أسوي ؟
ِت
والدته بسخرية : سو نفسك ميِّ
قبل أن يُعلق عليها أندفعت بكلماته : بتعجبك ونص .. ال تفشلنا مع أهلها ،
البنت كاملة والكامل الله
فيصل : يمه أن ِت عندك كل بنات الرياض كاملين
ِل ماشاء الله
والدته : حرام عليك ما ُعمري مدحت لك وحدة .. و هيفاء تهبِّ
تبارك الرحمن .. ثقل ورزانة وسنع وعقل .. وش تبي أكثر ؟
فيصل : خوفي أنصدم فيها
والدته : منت مصدم أقولك البنت تهبِّ ماشاء الله عيني ِل .. وعليها رقص
عليها باردة
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
وأنا أبيها ترقص!! أنا أبي وحدة تكون..
قاطعته : تكون ذكية وتهتم في شغلك وتحاول تساعدك ويكون عقلها متفتح





مَّدت
ومتعلمة .. كل هالمواصفات في إنسانة وحدة إسمها هيفـــــــــــــاء *
بإسمها حتى تضع له ح ًدا في تردده*
فيصل : يمه والله خايف يكون ذوقك شين ألني مقد جربته
والدته : يا قليل الخاتمة أقولك البنت قمر تهبل ماشاء الله! وأنت شايف
أخوانها مزايين يعني ماراح تطلع غير عنهم
فيصل : يا كثر البنات الشيون وأخوانهم مزايين .. ماهي قاعدة ذي
والدته : الحين تبي الجمال وال أل ؟
فيصل : أبي شخصية بالمقام األول وشكل يفتح النفس بالمقام الثاني
والدته : شكل يفتح النفس فهذا الشي منتهين منه والله ال تخلي نهارك ليل
وليلك نهار من تأملك فيها
فيصل أتسعت محاجره بدهشة من وصف أمه التي تُشعره بأنها مال ًكا على
األرض : هههههههههههههههههههههههههههههههههههه والله يا يمه تراك
بتؤثمين إذا كن ِت تبالغين
والدته : رجعنا لموضوعنا القديم! أقولك البنت قمر يا ولدي ليه ما تصدقني
.. قلت لك تشبه يوسف وأنت شايف يوسف ماشاء الله تبارك الرحمن زينه
محدن يختلف عليه .. وفيها شبه من منصور بعد .. البنت مزيونة
فيصل : مقياس الجمال يختلف ممكن أن ِت تشوفينها مزيونة لكن أنا ما
أشوفها شي
والدته : فيصل دبلت كبِدي أقولك كذا تقولي كذا !! تعبتني .. هيفاء تناسبك
خذها مني وتوكل على الله
،
مركز إعادة ا
"
ِع على بعض األوراق التي تدرج تحت إسم
يوق لتأهيل في ِّ
، ليجلس بالقُرب منه، يُبلغه الخبر األسوأ على
والية يوتا – أمريكا – "
اإلطالق وال طاقة له للرفض، بصو ٍت يشت ُد إتزانًا : هناك بتلقى واحد
سعودي وبيساعدك،





ليُكمل : ماراح أعتذر لك يا تركي على اللي أسويه لك الحين،
ص َمت قليالً
عشت طول عمرك حر تطلع متى ماتبي وتدخل ماتبي ، ما حاسبتك على
شي .. وال شيء حاسبتك عليه وال رفضت لك طلب، لكن الحين منت ح ِّر
.. بتجلس في المصحة هناك لين ترجع تركي اللي نعرفه ذيك الساعة أبعد
وكِِّون حياتك بعيد عنَّا ..... تعرف شي؟ أني متسامح كثير والغلط يتصلح
ونغفره لك .. لكن الخيانة يا تركي صعبة! تخوني في بنتي هذي اللي مقدر
أسامحك عليها ...... روح واجه الحياة بروحك .. ح ِّس بالنعمة اللي كنت
فيها، هذا إذا قدرت تواجه الحياة .. هذا إذا قدرت تنام وأنت مرتاح
الضمير .... يا هي قوية يا تركي كيف قدرت تنام طول هالسنين وكيف
قدرت تطالعني وتحط عينك في عيني وأنت تغدرني في اليوم مليون
مرررة ... *أردف كلماته األخيرة بضغ ِطه الشديد على أسنانه وكأنه
ِه على
سيقتله اآلن بنظراته* ...... بس لو أعرف كيف ... ضرب بكفِّ
الطاولة بغضب ليقف : الله ال يسامحك .. الله ال يسامحك ...........
وخرج بخطوا ٍت تحش ُر أصابعها ب ُحز ٍن عميق.
وضع يداه على أذنيه ومالِمحه يتدف ُق منها الحزن/البكاء، تم ال ُحكم عليه
بسجن جسِده في مص َح ٍة ال يعر ُف عنها شيء سَوى أنها ستُحاصره وتمنعه
من العيش، كان يجب أن نُفكر قبل أن نرتكب أخطائنا بعواق ِب ما نفعل.
،
تتراجع خطوت ين للخلف لينجذب سمعُها لكلماتِه الخافتة الالذعة و الساخرة،
بلعت ريقها بصعُوبَة ما تس َمع.
ِرها ألهلها
بضح َكة : أنتظرها تولد آخذ ولِدي وأطيِّ
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههه تذكرت جِِّدي الله يرحمه
َّر نسله على
.. ماشاء الله عليه ما خالِّ وحدة من القبيلة اال ما تزَّوجها .. كث
الفاضي أستغفر الله
يوسف يصخ ُب بضحكتِه : هذي حوبة حريمه كلهم ماتوا صغار ... ال
يجي الحين أبوي ويعطيك محاضرة في إحترام األموات





ِري جدي الله يرحمه ويغفر له
هيفاء : فديت طا
يوسف: آمين
ا لتدخل : السالم عليكم
أخذت نف ًسا عميقً
:وعليكم السالم
يُوسف بإبتسامة : زين نزلتي .. تعالي
َمة أو حرف،
بهُدوء جلست بجانبه ُدون أن تنطق كل
هيفاء نظرت لجِِّوها المشحون لتنسحب بهُدوء وتتركهم ، ألتفت عليها :
وش فيك ؟
ُمهرة ُدون أن تنظر إليه لفظت بغضب : تعرف تستغل الظروف لصالحك
ِّي ظروف ؟
يُوسف رفع حاجبه : أ
ُمهرة بحدة ألتفتت عليه و ال يفص ُل بينهم عابر :
ا سَوى بع ُض الهواء ال
تتفاخر عند أختك بكل شيء سخيف تسويه بحقي !!
يُوسف عقد حاجب يه : وش اللي تفاخرت فيه ؟
ِب أذني
ُمهرة بقهر تنظ ُر له : ال تحاول تستغفلني!! أنا بنفسي سمعت .. كذِّ
بعد!
يوسف : وش سمع ِت ؟ فهميني عشان أعرف وش الخرابيط اللي تقولينها
ُمهرة ها وبغضب :
َوى كفَّ
د على معصمها حتى ل
وقفت ولكن يد يوسف ش ًّ
ماني أصغر عيالك!! أنتبهي لكالمك معي
سحبت كفَّها وهي تُدافع عن الغصات الي تتراكم في جوفها : أنا بطير
ِرني
ألهلي قبل ال تطيِّ
َهم ما سِمعت : غبية!! حتى المزح تآخذينه بجد
تن َّهد بعد أن ف ..
وبعصبية أردف : الله والنفسية الزبالة يوم تآخذين المزح كذا !!
ُمهرة بمثل عصبيته : وال أنا أصغر عيالك عشان تكلمني بهالطريقة!! وش
المزح في الموضوع !!!!! وال هالكالم فيه مزح بعد
يوسف : روحي أسألي هيفا عن وش كنا نتكلم! بس أن ِت تنهبلين لو جاء
ِّي فيه ..
يوم و ما نكدتِّ . وتركها خار ًجا. ِي عل





،
ُه ال يسيطر عليه إال فكرة وا ِحدة، فِكرة "
تجاهل كلماتِهم وتوصياتِهم، عقل
غادة " فقط، يسي ُر متج ًها لشقتِه بعد أن دخل منطقتهم الصاخبة، ن َظر
ُمت ِسخ
لغُرفته الشديدة الترتيب ، وض َع حقيبته على األرض ونزع قميصه ال
بقطرا ِت الدماء، أرتدى على عجل وهو يسابق عقر ُب الثواني، أخذ معطفه
وخرج ليتصل على الرقم الِذي أعطاهُ إياه فيصل : السالم عليكم
وليد : وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
ناصر : وليد ؟
،
الساد َسة التي تمُر على سماء باريس كتوقي ٍت للعصر، تن َّهد بعُمق وهو
يشعُر بأ َّن نبضاته تقترب للنفاذ، ه ِّز قدِمه اليمنى كثي ًرا ال يستطيع أن يُخفي
. به لمجيئه
توتره وترقُ
محمد الِذي ألتقط ح ُضوره على بُعِد أمتار، همس : جا .. خلك ثقيل وال
ترتبك
وقف فارس معَه ليبتسم عبدالرحمن ُمسل . ًما علي ُهما
محمد : ب ِّشِرنا عن حالك عساه تمام ؟
عبدالرحمن : الحمدلله بخير
محمد : معك محمد إبراهيم وولدي مشعل
عبدالرحمن : والنعم والله ..
ِف ُهما بالقهوة العربيَة في صالة الفُندق
أقترب الناِدل الفرن ِسي ليُضيِّ
المخصصة لكبار الشخصيات .
محمد : ماعليك زود،
صمت قليالً حتى أكمل : مالي في المقدمات يا بو سعود ، إحنا جايينك
وطامعين بالقُرب، نبي بنتك الكبيرة لولدنا مشعل





،
وق ف بعد أن أتزن بمش يه، يشعُر ببعض األلم في قدِمه اليمنى ولكن تحامل
وهو يرتِدي لبسه الذي أتت به أثير صبا ًحا، آليعرف كيف يُراضيها اآلن!
أو كيف يشر ُح بها، ال يُحبذ أب ًدا ضيقها أو حتى زعلها، أقترب من المرآة
ا ُمغطى بالشاش وا
نظر لرأسه ال لجر ُح الِذي يعتلي حاجبه، أخذ نف ًسا عميقً
ليرتِدي جاكيته وصدره مازال يؤلمه في كل حركة. يعر ُف أنها ستخرج
غ ًدا لذلك بخطوا ٍت خافتة أتجه إل يها قبل أن ينتبه له أح ًدا.
.
.
أنتهى ، نلتِقي إن شاء الله يوم اإلثنين() .
بس أحب أقولكم شيء صغير :$، ترى القفالت ماهي للتشويق بس، أنا
أحيانًا أحتاج لقفلة عشان أمخمخ على الموقف اللي بعده صح، ألن بعض
المواقف تحتاج تكون بداية بارت لوحدها، فاهمين علي (())$:
َحة كان بيكون أطول من كذا ُرغم أنه للمعلومية
غير ِكذا هذا البارت بصرا
طويل وعدد صفحاته بالوورد

، لكن لحاجة في نف ِسي ق َّسمته.
.
.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:





التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علي
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم نا ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
السالم عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة()
المد َخل للـ األخطل الصغير.
ِى ِم ُت بَ عَد ك
ِنِّ
ن َت إ
َ
ِع ش أ
َت َصَّد ك َو
لَى َما ِشئ
ِ
ِط ل إ
َ
أ
ِم
َرا
َكانَ ت بَقَايَا ِللغَ
م ُت بَ عَد ك
بِ ُم ه َجتِى فَ َختَ
*
نقَى ِمن الفَ جِر ال َّض ُح و ِك
َ
أ
َع ر َت الفَ ج َر َخ َّد ك
َ
َوقَ د أ
ِس يِم
النَّ
ِ
َر ُق ِم ن َط بع
َ
َوأ
ي ِه بُ ر َد ك
ع َت َعلَ
َه ل َخلَ
فَ





ِد ي
ِس النَّ

ِم ن َكأ
ُّ
واَل م َذ
َس َش هَد ك

بَ ح َت ال َكأ
َ
َوقَ د أ
*
َت

و َع َدل
َما َكا َن َض َّر َك لَ
ت َع ينَا َك قَ َّد ك
َ
َرأ
َما
َ
أ
ً
َّي ُمتَّ َكأ
َت ِم ن َج فنَ

ل
َو َجعَ
َّي َم هَد ك
َو ِم ن َع ينَ
رَواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
، بقلم : ِطي ش!
ال ُجزء )

)
قلت لكم عن مفاجئة يوم اإلثنين : ) بس ماش فيه أحد داعي علينا p :على
العموم إن شاء الله الخميس أحاول اضبط الوضع وأقولكم، بالنسبة
ِِّرد على شيء، اللي
لتعليقاتكم كان وِِّدي أعلق عليها بس ما أمداني لكن ب
يقولون الجوهرة حامل : ) ليه دايم الغثيان والدوخة مرتبطة بالحمل : )
طيب والله فيه مليون شي يخلينا ندوخ *فيس متعقد* ، يعني وش هالسرعة
اللي بتحمل فيها. وأحب أقولكم يوم اإلثنين دايم البارتات تكون بليل يعني
حرام تنتظرون من العصر ألن ببساطة أنا أرجع من الدوام العصر فأكيد
بآخذ وقتي، غير كذا، أنتم تعرفون أننا دخلنا بالقسم األخير من الرواية
والله يتممها على خير إن شاء الله يعني ممكن نآخذ وقت في هالقسم
يتعدى الـ

بارت إذا ما وصلنا العشرين ، فأتمنى جد أنكم توقفون معاي
ِب
زي ماعودتوني بدعمكم في هالقسم األخير و إن شاء الله أني ماراح أخيِّ
الظن ( ) .





أخذ نف ًسا عميقً رتِدي جاكيته وصدره مازال يؤلمه في كل حركة. يعر ُف ا لي
أنها ستخرج غ ًدا لذلك بخطوا ٍت خافتة أتجه إل يها قبل أن ينتبه له أح ًدا
بوق ٍت مح ُضور من الزيارات، فتح الباب بهُدوء ليطل برأسه عليها، كانت
ِ
َّوج
مستيقظة تنظ ُر للشباك ودُموع السماء التي تتساقط عليه ، كانت في أ
ُمزخرفَة بأسماء الكثير
سرحانها وغيا ُب الوعي عن واقعها، أفكارها ال
الوحشة بها،
ِهي بعين يك الداكنت ين ولمعةُ
والكثير، وتنتهي بك يا عزيز! تنت
كانت ُمكابرتِي فخ! كان تجاهِلي لك كذبة! صدقتها ولم تخ ُطو خطوةٍ إلدانة
مللنا ُمزيَّفة، ُكنت أنتظرك، أنتظ ُر إعتذار
هذه المسافات ال ك، أن تقُول "
، تبت ُز قلبي يا عزيز بك ِل أوجاع
المكابرة تعالي نبني في هالبلد ُحبنا "
ُم أكثر أنني قادرة على
ريدك! أنت تعلم جي ًدا أنني أريدك ولكن تعل
ُ
ال ُدنيا، أ
العيش بعُزلة وال أعي ُش مع الذل حتى لو كان على حساب قلبي! ال تبتز
هذه القناعات وتجعلنِي أطل ُب ريد والله
ُ
الطالق بلذاع ٍة تخض ُع لها، ال أ
ُحبك، كم أشتا ُق لك، كم أحزن منك وكم أخا ُف عليك ، تعلم
وأنت تعلم كم أ
َّجن بعشقي لك
ُ
يا عزيز أنني أ .
أقتربت خطواته لتلتفت إل يه، كانت عين يها السمراوت ين ُمتألألة بالدمع
ِر
ال ها : تبكين ؟ ُمكابر مثل قلبها. جلس على طر ِف السرير بجوا
رتيل بقَّوة تضج ُر منها حوا َّسها : أل
عبدالعزيز : عيونك تقول شي ثاني
رتيل تن َّهدت لتمسح دمٌع لم يسقط بعد، ضغطت على عين يها لتفتحها بهُدوء
: والحين وش تقول ؟
ِيت
عبدالعزيز بإبتسامة خافتة : تقول حنِّ
رتيل توت َّرت من ُعر ي حزنها وبمثل خفوته : لمين ؟
عبدالعزيز هز كتف يه بالالمعرفة : أنا أسألك مين ؟
َوت شفتِها ال ُسفليَة وهي تُصارع جيُوش الحزن في قلبها، نظراتها
رتيل ل
تلتص ُق بعينه : بتطلع ؟
ِها، رفع عينه : ايه
عبدالعزيز صمت لثوانِي كثيفة مشتتًا نظراته على كفِّ
رتيل بلعت ريقها : بحفظ الرحمن
عبدالعزيز : بس ؟





رتيل ش َّدت على شفت يها، يُريد أن يبكيها ب ُكل الدوافع التي تعرفها وال
تعرفها أي ًضا، هزت رأسها باإليجاب ولو نطقت حرف ستغرق ببكائها
والجُو . الماطر يستنز ُف دمعها
عبدالعزيز يقف ليقترب منها، أنحنى لتُغمض عين يها بخفُوت، قبَّل ما بين
حاجب يها، هذا المكان الِذي مازال أث ُر الجرح به، الجر ُح الِذي يجهله وال
يعر ُف عنه شيء سَوى أنها سقطت عليه وال يدِري بأن خبر زواجها منه
كان سببًا للندبَة المالحة. أشعُر باإلنتماء لهذه الجهة المقدسة، تحدي ًدا ما بين
ي وحِدي وال تخ ُص غيري، عاد بخطواتِه للخلف
حاجب يك، أشعُر بأنها ل ،
نظر إل يها لثوانِي أرعشت قل ُب رتيل، خ َرج وب ُمجرد خروجه سالت دمعتها
المحبُوسة في محجرها، سحبت أقدامها لتلتوي على نف ِسها وتضع جبهتها
ريد شيئًا إال أن تسهر معي هذه الليلة
ُ
على ركبت يها، حزينَـة وغارقة وال أ
وتُجالسني، كان صعبًا أن أطلب منك .
،
خ الدم سيغيَّر مساره
ُّ
ُع من مكانه أو ُربما ض
متوتِر، يشعُر بأن قلبه سيقتل
ب ُمجرد ما ينظ ُر إل يه عبدالرحمن،

سنَـة مضت من ُعمره لم يراه بها
أحٌد من معار ِف والده طبيعي ج ًدا أن ال يعرفه وطبيعي أكثر أن يندهش
الجميع إن سمعوا أ َّن لرائِد إبن.
صمت قليالً حتى أكمل : مالي في المقدمات يا بو سعود ، إحنا جايينك
وطامعين بالقُرب، نبي بنتك الكبيرة لولدنا مشعل
عبدالرحمن بإبتسامة لم يُخفي تفاجئه : وألف نعم فيكم
محمد : الله ينعم بحالك، و مشعل الحمدلله معه دكتوراه علوم سياسية من
جامعة بريستول ومستقر في لندن وكَّون نفسه بنفسه مو ناقصه إال بنت
الحالل و ماراح نلقى أحسن من بنتك له
عبدالرحمن بإعجاب لهذا الصامت أمامه ، يب ُدو من النظرة األولى أنه
خ ُجول : ماشاء الله تبارك الرحمن، وإحنا يا بو مشعل نشتري الر َّجال
ي يبقى رآي البنت هو األول واألخير ... والله يكتب
بأخالقه .. بالنسبة ل





اللي فيه الخير
محمد : تآخذ راحتها بالتفكير لكن وِِّدي أقولك أنه مشعل ناوي يستقر في
لندن عشان شغله إن كان مافيه مانع ..
ا، هذا األمر يجعله يغرق بتفكيره كثي ًرا وليس
عبدالرحمن أخذ نفس عميقً
من السهولة أن يضع إبنته في خان ٍة تجاور شخ ٍص يجه ُل عائلته ولم يسمع
بها من قبل : مثل ما قلت لك يبقى رآيها األول واألخير ... ما سمعنا
صوتك يا مشعل ؟
فارس بلع رجفةُ حنجرته وبنبرةٍ ُمتزنة ُمبتسمة : أنا تحت أمرك
عبدالرحمن بإبتسامة صافية : الله يزيدك من فضله، كم صار لك هنا ؟
فارس : بلندن من فترة دراستي وهالفترة بباريس عشان أبوي .. الوالد
يشتغل في البنك اإلسالمي
محمد : وطبعًا جبته بس عشان نخطب له بنتك الله يحفظها
عبدالرحمن بنظرة ُمدققة لفارس : و أنت يا مشعل ماشاء الله دكتور
وتخصص مرغوب! ليه ما فكرت بالزواج من زمان ؟
فارس شعَر بالورطة الحقيقة، أردف بإتزان : كنت مشغول بدراستي
وبعدها كَّونت لي تجارتي الصغيرة بلندن فما كان عنِدي الوقت الكافِي أني
أفكر باإلستقرار، وهالفترة حسيت بحاجتي للزوجة اللي تكملني وأكِِّملها
عبدالرحمن رفع حاجبِه حتى يستش ِف شخصيته من أسئلته : و حاط في
بالك مواصفات معيَّنة ؟
فارس بثقة : أهم شيء تكون متعلمة وقايمة في نفسها وأظن عبير في
هالصفات
سيأ ِت ُمبكًرا من كلمات فارس.
محمد دع َس على قدِمه من أ َّن " عي ًدا "
عبدالرحمن أبتسم : عبير!! واضح أنك مآخذ فكرة كاملة عنها
ٍن كبير : إال الزواج ما ينبني على أراء
فارس ُدون أن يرتبك، أردف بإتزا
الغير، الزم شي محسوس ويكون عن إقتناع
عبدالرحمن : و وش الشي المحسوس اللي خذيته عن عبير ؟
فارس ص َمت لثوانِي ُمرتب َكة حتى أردف بمحاولة تخفيف حرارة جسِده
التي بدأت تفور : خذينا السي في الكامل عن بنتك طال ُعمرك





ضحك عبدالرحمن ليُردف : وأنا طمعان أقرأ السي في!
فارس بإبتسامة وديَّة : السي في الله يسلمك يقول أظفُر بذ


إعدادات القراءة


لون الخلفية