الفصل 95

وماراح تشتغل مثل الكاميرا الرئيسية
فيصل رفع عينه للسور الشاهق ليراقب الكاميرات الموضوعة على
جوانبه، أنتظر لدقيق ٍة وأكثر ولم تتحرك : ما تـ . . إال .. أدخل؟





:الطريق قدامك محد بيقدر يشوفك
َي فيصل : بسم الله . . . دخل ليلتفت للمساحة الواسعة الخالية م ظل،
ن أ
نظر للنوافذ الزجاجيَة المغلقة، وال عي ٌن تنفذ منها.
َي صوت، نظر
إتجه نحو الباب الخلفي ليدخل بخفَة دون أن يصدر أ
َي أحٍد يعبر المجالس الفارغة، إتجه
للزجاج العاكس الذي أمامه ولم يلحظ أ
نحو الدرج ليصعد بخطوا ٍت سريعة، نظر للغرف نظرةٍ عميقة قبل أن
يدخل أو ُل غرفة على يساره، خرج منها ليتبعه دخوله للغرف ِة األخرى،
أغلق الباب خلفه : وين أقدر ألقى األوراق؟
:بتلقاهم بين الكتب اللي في غرفته
فيصل : مستحيل يحطهم هنا!
:مو مستحيل! دايم يحفظهم بمكان محد يتوقعه أنه يحط أوراق مهمة فيه! .
. يعني مجرد تمويه
فيصل تن يبحث بين كت ٍب أدبية ذات أسما ٍء مشهورة تمي ُل لألدب َهد ل
الغربي، أخرج كتابًا كتابًا وهو يبح ُث بين أوراقه، حتى وصل إلى
المنتصف وسقطت األوراق المطوية على األرض، اعاد الكتاب لمكانه
ليجلس على األرض وهو يفتح األوراق ويتأكد منها، أتسعت إبتسامته
ي به أصبح بيدي !!
عندما قرأ إسمه، هذا الدليل الذين يستمَرون بتهديدهم ل
:وش صار؟
فيصل بنبرةٍ تتسع لفرحٍ عميق : لقيتهم
:الحمدلله . . يالله فيصل أخذ منديل النظارات وأمسح كل مكان مسكته . .
فيصل : طيب . . . أخرج المنديل الذي جاء به من جيبه، ليمسح الجهة
َو بأكملها ويُزيل بصماته من عليه ر على أشياء ممكن تفيد بوسعود و
ا : أد
سلطان؟
َي : . . ال تخاطر بنفسك
خ َل هاألمور عل
َور؟
فيصل : البيت شكله فاضي . . خلني أد
َي : دليل لشغله في بيته
مستحيل يحط أ
فيصل : طيب . . وضع األوراق بأكملها في جيبه دون أن يقرأها جميعها.
إتجه نحو الباب حتى سمع صوت خطوا ٍت تسي ُر بإتجاهه، وقف خلِفه وهو





يلصق ظهره بالجدار، انفتح الباب ليُغطي نصف جسِده بالباب.
َسار الشخص المجهول بإتجاه الطاولة ليُردف وهو يتحد ُث بالهاتف : أبد
هذا كل اللي صار! . . . . . . . إيه طبعًا . . . . يمكن للحين بالمستشفى! .
. . سمعت من واحد يقول أنه حالته خطيرة . . . إيه وش أقولك من اليوم!
نفسه الحبل خنقه عاد الله أعلم مين نكبه! . . . ههههههههههههههه كل
األمور تمشي تمام . . .
على بُعِد خطوات كانت النظارة الشمسية التي تعتلي رأسه تنزلق ببطء وال
يستطيع أن يرفع يِده ويُح َرك الباب، تسارع نبضه وهو يدعو أن ال تسقط
النظارة وتصدر صوتًا .
إلتفت جس ُد الشخص اآلخر بجهٍة معاكسة لفيصل : كلها يومين وماعاد
تسمع بإسمه . . . . . على كالمهم أنه ما لحقت اإلسعاف عليه . . الكلب
َرد وال كان عرفت وش صار بالضبط . . . . إيه وال يهمك . . . .
فهد ما ي
. دبرتوا موضوع فارس؟ . . . . . ههههههههههههه كفو والله . . . . .
بأقل من اسبوع إن شاء الله ونطوي صفحتهم . . . . . كلمني قالي عيَا ال
يقبل الرشوة! . . والله طلعوا الفرنسيين راعيين أخالق!! . . . . . وش
قررتوا تسوون فيه؟ . . . أنا والله فكرت وقلت ليه ما تطلعون ناصر من
القضية وتعلقونه بعبدالعزيز . . . . ماراح يسكت له خذها مني! . . .
عبدالعزيز بعد ما عرف بيمسك ناصر ويذبحه بنفسه . . . . . . كيف بتقدر
تذبحونه وهو بالسجن؟ . . . مستحيل حتى يتسمم إذا هم رفضوا الرشوات!
. . . أنا أقولك هي طريقة وحدة، طلعوه وأنهوها براحتكم! ساعتها الكل
راح يلتفت لهالموضوع وممكن حتى نلبَس التهمة عبدالعزيز ونقول أنه
اخته هي السبب وأنه يبي ينتقم ومافيه غيره متهم . . . . أضربوا
عصفورين بحجر! . . . . . . ههههههههههه كلَم سليمان وقوله والله
بظرف يومين وبتشوف وش بيصير . . . . . . بس يبيلك تجيب بصمات
عبدالعزيز وتح َطها عند جثة ناصر ساعتها لو يموت ماراح يطلع منها
خصو ًصا بهالفترة أنه عبدالعزيز ما هو خاضع ألوامر بوسعود . . . . . .
. . خالص شف سليمان وأكيد ماراح يعارض . . اهم شي جيبوا دليل
يبرىء ناصر عشان يطلع . . . .. . يخي اندبلت كبدي والله أبي أخلص





من هالموضوع عشان أطلع من هالخياس اللي عايش فيه
َمع بقطرا ِت عرقه من التوتر والنظارة مازالت تُهدده
تعَرق جبينه ول
بالسقوط.
اشت َدت أنفاسه التي يحاول أن يكتمها، وهو يعلم أنه بمجرد أن يلتفت إليه
سينتبه لظلَه الواضح،
من خلف الهاتف فهم صم ُت فيصل ووصله الصوت البغيض الذي يُخطط
َرب م
على القتل : ق ن عنده وأكتم فمه، ال تخليه يشوفك! أخنقه لين يغمى
عليه وأطلع
فيصل وضع قدِمه اليسرى خلف اليمنى ليدوس على حذاءه وينزعه وكرر
َي صوت ب ُخطاه، وقف
الحركة بقدِمه اليسرى، أقترب حتى ال يصدر أ
خلفه تما ًما وبحركٍة سريعة وضع ذراعه حوله، كتم على فِمه أمام
صرخاته التي يحاول أن يستنج ُد بها، دقيقتين تما ًما حتى ارتخى جسِده
وسقط مغميًا عليه، بهرولة ارتدى حذاءه ونزل لألسفل، خرج للشارع
المقابل للمنزل ليقف متنهًدا براحة : طلعت . . .
،
مسحت على وجهها مرا ًرا، حتى فقد جل َدها الحياة/اللون، تصبَغت
بالش ُحوب، ومازالت الرجفة تسك ُن أطرافها وتسعًر بدماءها التي تنتشي
بالغضب لحظة وتب ِكي لحظا ٍت كثيرة .
َي وأنت مضطر أنك تمشي
رفعت عين يها إل يه : محد راضي من أهلك عل
مع كالمهم!!
يوسف بح َدة : طبعًا ال! ال تفسرين من مخك . . أنا الحين أكلمك بموضوع
أمك ال تفتحين مواضيع ثانية
ُمهرة بعين يها المح َمرة بالدمع : صح كالمك . . أمي عرضتني عليك ألنها
دارية أنه أخوك بريء





َي!!! ال
يوسف بغضب يقف ليُشير إليها بالسبابة : ما قلت عرضتك عل
َوليني كالم ما قلته!! . . أنا قلت أمك تخبي شي أو خايفة أنها تقول شي
تق
يخص أخوك الله يرحمه
ُمهرة بضيق : ليه تشَو ما تحس وش ممكن تسوي فيني ه صورته قدامي؟
َما تتكلم عن فهد بهالطريقة؟ . . ترضى أحد يتكلم عن خواتك أو عن
ل
َو
منصور بنفس طريقتك ت !!!
يوسف : ُمهرة ما تكلمت عنه بتأكيد مني، أنا بس أقولك اللي صار بالضبط
واللي يبون يعرفونه من أمك! .. ال تخلينا كلنا ننحرج ونحط نفسنا بموقف
بايخ بسبب أمك . . . بس دقي عليها وفهميها الموضوع وأنها الزم تتكلم!
على األقل تقولي ساعتها أقدر أتفاهم معهم بأنها ماتجي أو يحققون معها!!
ُمهرة عقدت حاجب يها لتقف : طيب مثل ماتبي . . . أخذت هاتفها لتتصل
على والدتها أمام أنظار يوسف المترقبة.
:هال يمه. .
والدتها : هالبتس . .
مهرة : يمه أبي أكلمك بموضوع يخص فهد الله يرحمه
والدتها : الله يرحمه . . وش به ؟
ُمهرة : تعرفين مين كلَم أو مين قابل قبل وفاته؟
والدتها : وش هالسؤال !!
ُمهرة : يمه جاوبيني !
والدتها بعصبية : اجاوبتس وانا مااعرف ليه تسألين هالسؤال!
ُمهرة : ألن الحين فتحوا تحقيق وتأكدوا أنه منصور بريء لكن قالوا أنه
أمه مخبية شي
والدتها : أنا!! مهبَ ِل)ن( ما يدرون وين الله حاطهم!!
ُمهرة : يمه راح يجيبونك من حايل للرياض عشان يحققون معك! إذا فيه
شي قولي لي عشان نحط يوسف وأخوه بالصورة
والدتها : وش صورته وش خرابيطه! توفى أخوتس والله يرحمه واللي
ذبحه أخو رجلتس ال يلعبون بمختس!
ُمهرة برجاء يُذيب دموعها على خِدها : يمه تكفين





والدتها : وش تبيني أقول!! هالتسالب لعبوا بمختس صح؟
ُمهرة : راح ينادونك وبيجبرونك تجين هنا عشان التحقيق!!
والدتها : ما يجي من وراهم خير! لو رجلتس به خير ما يقول بجيب أم
مرتي وأعنَيها للرياض
ُمهرة : أنا وين وأن ِت وين يا يمه! . . بس أبي أعرف وش صار قبل وفاته
والدتها : ما صار شي! انفجعنا عسى الله يفجع العدو
َما تروحين ويمسكونك بحجة أنه
ُمهرة بخفُوت : يممه مو حلو منظرنا ل
تكذبين!!
َي والدتها : الله يسلَط أبليس ع
ُون عل
ليهم كانهم يبون يتبل
ُمهرة : محد يبي يتبلى عليك بس هم مستغربين كيف أم ترضى تزَوج بنتها
لواحد أخوه قاتل ولدها!
والدتها : ما خلصنا من هالسالفة! انا كنت أبي أحرق قلب أهله عليه مثل ما
حرقوا قلبي وأزَوجك إياه بس أخوه طق الصدر وفزع له
ُمهرة بضيق : طبعًا أنا وال أهمك بشي
والدتها : أكيد تهمينن! وانا اعرف أبوهم ما يرضى بالظليمة من جينا
الرياض وال جابوا سيرة أمنها انذكر اسمه
ُمهرة : يعني هذا سبب مقنع لطريقة زواجي عشان تقنعين الشرطة فيه
والدتها : إيه سبب مقنع عاجبهم يا هال ماهو عاجبهم يضربون راسهم
بالجدار وش عالقتي بعد
ُمهرة : فهد الله يرحمه قابل أحد؟ يمه تكفين جاوبيني
والدتها : ما قابل أحد . . طلع من البيت ومن بعدها صار اللي صار . .
وش بيدرينن عن الغيب
يوسف يقترب منها : عطيني أكلمها . . مَدت له الهاتف ليأخذه : ألو
والدتها : هال بالصوت اللي ما وراه شيِ)ن( زين
يوسف : هذي شرطة ماهي لعبة عشان تخدعينهم!! خالل أسبوع راح
يوصلك خبر إستدعاءك وإن ماجيتي برضاك بيجيبونك بالغصب وساعتها
استقبلي الفضايح
أم مهرة : وش تبينن أسوي! أتعنَى للرياض عشان أقابلهم





يوسف : بس جاوبينا على أسئلتنا! . . تعرفين شي وماقلتيه؟ إذا خايفة
قولي لي أنا وماراح يجيك شي
أم مهرة : وش خايفتن منه! صاحي أنت!!! . . هذا ولِدي ياألغبر تبينن
أض َره حتى وهو في قبره! كل اللي عندي قلته ليلة الحادثة الله ال يعيدها
من ليلة
يوسف بتو َسل : أنا آسف . . حقك علي بس تكفين قولي وش اللي تخبينه
علينا؟
أم مهرة : ال حول وال قوة اال بالله أحتسي صيني ما تفهم !
يوسف : ال تفضحينا أكثر ما أحنا مفضوحين! . . وش اللي تعرفينه عن
فهد الله يرحمه؟ إذا غلط قولي لنا وصدقيني موب صاير شي شين!
أم مهرة : اللي يغلط أشكالك ماهو ولدي اللي يغلط
يوسف بغضب ال يسيطر عليه : هالكالم روحي قوليه للشرطة! يسجنونك
ويجلدونك على النصب والكذب!!
أم مهرة : هذا اللي ناقص!! لو بك خير ما قلت أج َر أم مرتي! بس مقيولة
وش نرتجي من واحد أخوه قاتل!!
يوسف : هذي شرطة ! تعرفين وش يعني شرطة مافيها حب خشوم!!
َمر بعد
َمر هالشرطة اللي تحتسي عنه وب
أم مهرة : إن جيت الرياض ب
َر بنيتي وب مخك
آخذها معي وخلَك قابل أخوك اللي ف
يوسف بح َدة يحاول أن ال تفلت أعصابه منه ويتلفظ بأبشع األلفاظ لمرأةٍ
بمقام والدته : األدلة ثبتت أنه منصور ماله عالقة! لكن ثبتت بعد أنه لك
عالقة بتغيير مجرى القضية . .
أم مهرة : الله يشلع قلب العدو قل آمين! وش اللي غيَرته! أنتم صاحيين
على تالي ُعمري تحاسبونن
يوسف مسح على وجهه : ساعديني عشان أساعدك! وش اللي تعرفينه عن
فهد الله يرحمه وماقلتيه للشرطة أول مرة
ام مهرة بغضب : أعرف أنكم ناس تدورون الخراب! وتتبلون
ُمهرة : تفاهمي مع أمك
يوسف يمَد الهاتف ل
ُمهرة : ألو





ال : ماتجلسين مع هالتسلب! بكلَ أم مهرة بإنفع م خالتس ونجيتس الرياض
ي
وخلَه يعض أصابعه ندم يوم أنه يبي يج َرني للشرطة ويفضح ب
ُمهرة : يمه. .
تقاطعها : وص َمة تصم العدو . . جهزي شنطتس مالتس جلسة عندهم! يوم
أنهم يقولون إني بايعتتس وماأبيتس! أنا أعلمهم مين اللي بايع الثاني
ُمهرة : هذا كالم الشرطة ومن حقها تسأل لما شافت أنه الموضوع غريب!
كيف أم تخلي بنتها تتزوج من واحد أخوه قاتل ولدها!
أم مهرة : خالص أجل يبشرون بخليه يطلقتس عساس يقتنعون أنه ما
يصير أم تزَوج بن يتها الخو قاتل
َي ُمهرة ببكاء ب َح صوتها : فوق انه نفسيتي تعبانة تزيدينه ! بس
ا عل
جاوبيني وريَحيني
والدتها بصراخ : وش اجاوبتس عليه! يتسذبون وتصدقينهم
ُمهرة : يعني ماتعرفين شي
والدتها : وش رايتس بعد أحلف لتس على كتاب الله!! حسبي الله ونعم
َي ! والله ثم والله
الوكيل هذا اللي أقوله بس أنا أوريه رجلتس يوم ينافخ عل
ُمهرة تقاطعها : ال تحلفين
والدتها : والله ما تجلسين عنده . .
ُمهرة بضيق : يمممه
والدتها : ال تناقشينن! يومين وأنا جايتتس مع خالتس . . الابوه من زواج
ماجاب لنا اال وجع الراس! فوق ما احنا عافين عن ولدهم وبعد يتهمونن!
جعلهم اللي مانيب قايلة . . وراتس بس . . وأغلقته دون أن تنتظر من
َي تعليق
إبنتها أ .
َي العظيم
يوسف تنهد: استغفر الله العل
ُمهرة : أمي صادقة لو فيه شي مخبيته كان ارتبكت! أنا اعرف أمي ما
تقدر تكذب زي الناس وتغطي كذبتها
يوسف : ُمهرة ال تجننيني! كل شي يقول أنه أمك تكذب
ُمهرة بغضب : ال تتهم أمي على باطل! قلت لك مستحيل تكذب، كلمتها
قدامك وتأكدت أنه مستحيل تكون كذبت بالموضوع





يوسف : أنا ما عاد أقدر أتو َسط لها وال حتى أقدر امنع الشرطة عنها!
بيمسكونها تحقيق يخليها تكره الساعة اللي كذبت فيها
ُمهرة بح َدة : ماألوم أمي يوم تدعي عليكم! كذبتوا الكذبة وصدقتوها
يوسف اقترب منها : وش قصِدك ؟
ُمهرة : اللي فهمته! أمي ما كذبت . . إذا ما كان أخوك القاتل، فأكيد أمي
ماراح يهون عليها ولدها وتتبلى على أحد بالقتل! أنت متصَور أنه قتل مو
شي عادي عشان أمي تكذب فيه! . . امي تخاف الله ماهي كذابة عشان
تتهمونها
يوسف : محد معصوم عن الخطأ، إذا أمك غلطت خل تواجه غلطها
مهرة انفجرت لتصرخ : لو أمك مكانها! ترضى أحد يتكلم عنها كذا ويقول
عنها كذابة وغلطانة . . وال عشان أمي ماوراها أحد قمت أنت وأخوك
تحذفَون عليها اإلتهامات !!
يوسف بدهشة من صوتها الذي اعتلى بنبرته، بغض ٍب شديد : صوتِك ال
يعلى ال أدفنك أنت وياه!!
ُم مي تبي تبيَن
هرة تكتفت لتُعطيه ظهرها وهي تغرق ببكاءها : ابشرك أنه ا
لكم أنه نظرتكم الغريبة للموضوع غلط وتبي تآخذني معها عشان تثبت لك
أنت وأخوك أنه مافيه أم ترمي بنتها على قاتل ولدها
يوسف : العصمة مو بإيد أمك . . حطيها في بالك . . . خرج ليغلق الباب
َوة، ف
بق تح أول أزارير ثوبه بإختناق من هذا النقاش الذي أثار دماءه بح َدته.
،
نظرت للهاتف وهي تنزوي بالغرفة الضيَقة، في كل رنَ ٍة ال تستطيع أن
ت ِصل بها إلى صو ٍت يُطمئنها تسق ُط دمعة مالحة تمت ُص الحياة من
" عبدالعزيز " كثي ًرا وال إجابة تصلها، كل ما
مالمحها، نظرت إلسم
، ونا ِصر أي ًضا أشتقته، يوم واحد يمَر بدونه بعد
"
ي ِصلها " الرقم خاطىء





هذه الفترة الكئيبة تجعلني أشعر أنني فقدت جز ًء مني، ال قدرة لد ي حتى
احتمل كل هذا الضغط النفسي الذي يُربك ذاكرتي المشَوشة، لو أنني أتذكر
أماكن ألصدقا ٍء أعرفهم، لو أنني فقط أعر ُف أين أنا من حياة أصدقائي
القدامى، أين أنا من " عبدالعزيز "، يارب ساعدني. يارب !
ر َن جرس الشقة ليقع الهاتف من بين يد يها، إرتجفت بخوف من وحدتها
، يارب
هذه اللحظة، ال أحد بجانبها، ال شيء يُطمئنها سوى لفظ " الله "
أحفظني.
وقفت لتج َر خطوة خلف خطوة ببطٍء يُسقطها ببحٍر مالح من البكاء، نظرت
من العين السحريَة لترى مالمحه التي فقدتها طوال الفتنة الماضية، سحبت
حجابها لتلفَه حول رأسها وأنتبهت بأن بلوزتها قصيرة، تراجعت لتأخذ
معطفها الذي يُغطي جسِدها، فتحت الباب.
وليد بإبتسامة وهو يرتعش من البرد والثلج المستاقط على لندن : السالم
عليكم
غادة ببحة : وعليكم السالم!
َو وصلت لندن كنت عند ناصر
وليد : ت . .
غادة بلهفة : وش صار؟
وليد : كل األدلة ضَده! ما و َدي أضايقك بس واضح أنه بيجلس هناك كثير
. . وجلستك هنا بروحك أكيد غلط
غادة بضيق : يعني ماراح يطلع ؟
وليد : ال
غادة : طيب هو ما ذبحه بإرادته . . كان يدافع عن نفسه
وليد : هاألشياء ما تهمهم قد ما يهمهم الشي المحسوس! والشي المحسوس
يقول أنه ناصر قتله بكامل إرادته
غادة : طيب وش أسوي الحين؟
وليد : أنسب حل أننا نتواصل مع السفارة ويجيبون عنوان أخوك . .
وممكن حتى يطلقونك من ناصر
غادة عقدت حاجب يها : كيف يطلقوني؟!!!
وليد : يسوي توكيل ويتم الطالق عادي . . أن ِت ماتبين الطالق؟





غادة ارتبكت لتُردف : أبي أشوف عبدالعزيز الحين
وليد : طيب . . إذا جاهزة خلينا نروح المترو ونرجع باريس . .
غادة بعُمق عاطفتها التي تجهلها تعود لنفس السؤال : طيب وناصر؟
وليد بهدوء : وش نسوي! مافيه حل يا غادة . . لو فيه طريقة أساعده فيها
كان ساعدته
غادة بإرهاق : طيب . . بس دقيقة أجيب أغراضي
وليد : أنتظرك
يتبع
،
َي مجال بأن تتصل على أحٍد، تركها وحيدة ُدون أن يُخبرها
لم يترك لها أ
أل َي . مالٍذ تلجأ
ف أبيض، ارتعش جسدها لتتج َم نظرت ألسفل الباب الذي ينزلق منه ظر د
بمكانها، تمُر اللحظة تلو اللحظة حتى يس ُكن الهواء بأكمله الذي يُحيط بها،
اقتربت من الباب لتأخذ الظرف، فتحته لتبلع ريقها بصعوبة، أش ُد ما
وأصع ُب ما أستطيع أن أتجاوزه هي الخيبة
" الخيبة "
اواجهه في حياتي
ذاتها .
تُقلب األوراق لتقرأ صور محادثا ٍت بينه وبين فتاة ال تعر ُف مصدرها،
كلما ٌت مبتذلة تش ُك بمصداقية أن فارس يكتب مثل هذه العبارات، نظرت
للصورة التي يقف بها بإنحنا ٍء بسيط وبيِده كأس . . ال يالله . . يارب ال
تشَوهه بعيني هكذا.
في اللحظة التي تغلبت بها على الصوت الذي يُذكرني دائِ ًما بأن هناك
" لم
ُصاب بعقوب ٍة لم أتخيَلها وال للحظة،
عقوبة تنتظرني، باللحظة ذاتها أ
تحتمل قدماها الوقوف لتجلس على األرض وعيناها تنهمُر ببكا ٍء طويل





يُشبه صبرها الذي عانت منه"
ًما ال أريد أن أفوق منه، كان شيئًا طيبًا في حياتي، ولكن تالشى كما
كان حل
تتالشى اللحظات السعيدة التي ال تستطيل أب ًدا من أجل ضحكاتنا، ُكنت
أراك كامالً حتى طمس الله عيني عن عيوبك، ولك ِن أسوأ الصفات التي
يُمكن أن يواجهها المرء بحياته تتكَور بك وتتكاثر أي ًضا، كنت مثلهم! وأنا
التي صدقتك على الرغم من كل شيء، تشرب وتتحدث مع نسا ٍء ُكثر من
بينهم أنا، أنا التي أصبحت بمثل رداءتهم ودناءتهم، أنا التي أحببت شخص
ال ينتمي لألخالق بشيء. أستحق كل هذا! ألنني كنت ساذجة بما يكفي
يا فارس؟ يا من غيَرت
َ
حتى أتصَورك بطهارة هذا الكون وبيا ِضه، ِلم
إنتمائِي فداء قلبك، يا من جعلتني أمِحي السنين التي مضت وأعيش العُمر
من أجل الذي ينمو بيننا كشجرةٍ شاهقة لن يقدر أح ًدا على قطعها سوى من
ق َدر لنا هذا ال ُحب، من ق َدر لنا أن نعيش يو ًما يوازي العُمر بأكمله، من ق َدر
لنا أن نلتقي بـ " أحبك."
وضعت رأسها على ركبت يها لتنخرط ببكا ٍء ال يهدأ، تشعُر بأن روحها
تنزلق من جوفها، بأنها تختنق حد الموت.
ُصدم بعين يك التي أحبها
ُصدم بِك، أ
ف َضل أن أموت وال أن أ
ُ
أ .
باألسفل قريب من الفندق، حمد : حطيت الصور . . بشوف فارس الكلب
وش بيسوي!
و َر : ط نفسك برائد بعدها . . محد بيخسر غيرك
َهد : أنا مالي دخل . . فيه أحد يعرف أني وديتها ؟
حمد تن
بتوتر : ال
حمد : اجل أبلع لسانك وال تتكلم بالموضوع!
،
يمَد له كوب الماء بعد أن أستيقظت عيناه ببطٍء وآثا ُر الدماء باقية على
يا ابوي
َ
مالمحه ومالبسه : سم





فارس ينظ ُر إليه بإستغراب، تأمل المكان الذي يحويه، الذوق الشرقي
يطغى على المكان ذو األلوان العتيقة، أعاد نظره للرجل الواقف أمامه .
:تف َضل . .
فارس : مين أنت ؟
بإبتسامة حانية : خذ يا أبوك وبعدين نتكلم
فارس يأخذ كأس الماء ويشرب ُربعه ليضعه على الطاولة، بعُقدة حاجب يه
وكل حركة بسيطة يتحركها يشعُر بأن ضلعًا من ضلوعة ينفصل عنه : انا
وين؟
:بالحفظ والصون، لكن أبي أطلبك منك طلب وإن شاء الله ما تر َدني
فارس بعين يه المتعبة والهاالت تنتشر حولها : تطلبني بأيش؟
:أبيك تقعد عندي هاليومين . . عشان نفسك
فارس وقفت بتعب حتى سقط على األريكة مرةً أخرى : مشكور على اللي
سويته معاي ماأبي منك شي ثاني
:ما تعرفني؟
فارس : ال . .
ت ارتاح الحين وبخليهم يحض َر تن ون لك شي دافي يريَحك َهد : طيب . . أن
فارس : مين أنت؟
:تعرف بعدين . .
فارس عقد حاجب يه : كيف أقعد عند واحد ماأعرفه؟ . . لو سمحت أتركني
أشوف طريقي
:فارس يبه ارتاح! والله إني خايف عليك
َي من أيش؟
فارس : خايف عل
:أشياء كثيرة . . أنت بس ريَح نفسك وال تشغل بالك
فارس : طيب أبي جوال أتصل فيه
:ال . . كذا بيعرفون مكانك . . صدقني مسألة يومين وراح أشرح لك
الموضوع . .
رن هاتفه ليُردف : خذ راحتك البيت بيتك . . . وقف ليُجيب : هال فيصل .





.
.
.
يُتبع - يوم األحد إن شاء الله
)الجزء الثاني من

+ البارت

)
"اللهم أصلح أحوالنا و احفظنا من الفتن "
المدخل لـ المتنبي """:
َر ُق
لي يَأ

َر ٍق َو ِمث
َر ٌق َعلى أ
أ
َر ُق
َرق
َرةٌ تَتَ
َو َع ب
َو َجًوى يَزي ُد
َرى
ُ
ُج هُد ال ِّصبابَ ِة أ ن تكو َن كما أ
خِف ُق
ٌب يَ

َعي ٌن ُم َس َّهَدةٌ وقَل
َر
و تَ
َم ٌر ا ال َح بَ ر ٌق أ
َ طائِ
نِّم





ا نثَنَ ي ُت َولي فُؤا ٌد َشيِّ ُق
إالِّ
َهَوى ما تَن َطفي
ِر ال
َج ِّر ب ُت ِم ن نَا
ِك ُّل َع ِّما يُ حِر ُق
َوتَ
َضا
نَا ُر الغَ
تُهُ
ق
ُت أ ه َل ال ِع ش ِق حتى ذُ

َو َع َذل
َف يَمو ُت َمن ال يَع َش ُق
فعجب ُت كي
ُت َذ نبي أنِّني
ُه م و َع َرف
َو َع َذ رتُ
ُه م فَ
َعيِّ رتُ
لَقي ُت من ُه م ما لَقُوا
رن هاتفه ليُردف : خذ راحتك البيت بيتك . . . وقف ليُجيب : هال فيصل .
.
عقد حاجب يه فارس لينظر للمغسلة التي أمامه، إتجه نحوها ليُبلل مالمحه
بالمياه الباردة وعقله يتشَوش بفكرة وحيدة محلَها عبير، نظر للمرآة التي
تعكس الصورة بإستقامة واضحة ال تشبه إعوجاج ضلعه، نظر للساعة
ُمعلَقة على الجدار الخشبي وتعتليها كلمة " الله " هذا الرجل يُشبه أح ًدا
ال
أعرفه، رأيتهُ بجريدةٍ أو على غال ٍف ما، أجزم أنه ذو مكان ٍة رفيعة وله من
السمعة الكثير، ولكن من؟
َي تغيب بمه ٍل عن ال ُد
قبل ساعا ٍت كنت مرميًا وعين نيا، آخ ُر ما أتذكر
َ حش َدها حولي لتضربني
السالح المصَوب بإتجاهي واألقدام التي تلم .
أو َدعت قلبي بفكرةٍ أن ِك حبيبتي و ِعند الله ال تضيع الودائع، أن ِت اآلن
َي طريقة
فكر بأ
ُ
معهم هذا ما يهم، مع واِلدك بالطبع، ما يح ُدث أنني اآلن أ
ُسِميك َي هيئة
َود بش َدة أن أ
سترحلين بها عن باريس، بأ ستغادريني! كنت أ
، لن يفهم أح ًدا الوجع بِأن تطمح لقو ٍل/للف ٍظ ُربما لن
"
ب ُدعاءي " زوجتي
يغيَر شيء ولكنه يعنيني بالكثير، يعنيني بأنه إرتباط وثيق ال يف َض قيده
درك ذلك، أتخذت الشجاعة بأن أتركك ولكنني
ُ
ي بعد الله، جبان! أ
أحٌد سوا
من هذا الغياب، أشعُر بأن روحي تنف ِص اآلن تائب ل عنَي، وحرارة الندم





َي ضلعًا صال ًحا للحياة من
َي وال تُبقي أ
تغرز المرض بصدِري، تنتشر ف
بعِدك، مري ٌض بِك! إني ما ٍض على كل شيء، ال فائدة لهذا الندم بعد كل
ًء لقُبلة/حياة
هذا، من حِقك الحياة كما تُريدين ومن حقي أن أذهب فدا
ُ تج طاردك
معنا، مازال صوتُك الناعم يا عبير ير َن في إذني، سنَة ونصف أ
كخيال، أنا الكاف ُر بالحب من قبِلك، العاب ُث بالحياة والسائر بها بال هدف، و
نظرةٌ وا ِحدة لصورة نائمة على الر َف أشغلت عقلي لساعا ٍت طويلة، و
أتخذت من قلبي مكانًا أليا ًما عديدة، ال أنكر أنني بحثت عنك في البداية
َي
ألشبع فضولي من بعِد رؤيتِك، ُكنت أريد أن أتسلى وأسمع صوتُك مثل أ
" ال غير، ولكن قلبي
" لمجرد كونها " أنثى
" يبح ُث عن " أنثى
" ناقص
َي فساِدي و أصلح ِت قلبًا
كفَر بهذه األفعال، انجذب ناحيتُك حتى أفسد ِت عل
فطرتهُ أن يُحبك، أنا المؤمن بقلبِك و أن ِت الحلم و الهدف و الغاية و
الوسيلة و السبب و الدا ِعي و كل ما ينتمي للعيش و الحياة .
وكنت أعرف إستحالة ما أفعل نح ُن نرتبط بال ُحب ولم نستطع أن نرتبط
بعائلت ين متوافقت ين، كنت أعرف ولكنني واصل ُت اإلحتراق بِك، حتى
اندلعتِي في دماءي و عقلي وبين خاليا صوتي وأعلى حنجرتِي، ي و في
كن ِت تعبريني كق ِصيدة يستحيل على ذاكرتي أن تنساها، أحسن ِت األبيات
المكسورة وأصلح ِت أوزانًا لم تكن لوال ِك أن تتزن، كيف أغنَيك اآلن؟ يا
من لي على هواها م َشقة، إني على العنا ِء را ٍض .
من خلفه : ص َل ركعتين ترتاح فيها
لم يلتفت، أخفض نظره، يُصلي فترة ثم ينتكس، ي ِعش ُعمًرا ال يُصلي به
ركعة، كيف تواجه الله هذه الروح؟
يؤذيني أنني ُمسلم بالوراثة، أنني منقطع تما ًما عن العبادات وال أت ِصل بالله
سوى الدعاء، ألنني أعر ُف يالله أن ال أحد معي سواك، ألنني أعر ُف مهما
تمادي ُت بعصياني سأعود إليك ألن هذه فطرتي، أنت، ر َدني
ألن المالذُ
يالله إل يك، ر َدني إليك ر ًدا جميالً، لم أكسب من هذه الدنيا شيء حتى
ريد أن أخسر اآلخرة، ر َدني يالله إل يك وأرحمني
ُ
ال ُحب، وال أ .
ريد الحياة التي تكون خلف سج َدة،
ُ
أنت تعلم ما في نَفسي، تعلم يالله أنني أ
َي ولكن أهوائي أقسى من أن تُفارقني، طاعتك
أصلحني يا كريم و حبب إل





كما أحببتها لقلبي .
:فارس
فارس بضيق : وين لقيتني ؟
:ما لقيتك، كنت معك
فارس : راقبتني؟
:ال . . يهمني تكون بخير
فارس إلتفت عليه بش ُحوب مالمحه وعين يه التي تُضيء بال ُحمرة : مين
تكون؟
عقد حاجب يه و بيا ُض شعره يزيده وقا ًرا : فيه أشياء ما يصلح تعرفها
الحين، بعدين بتفهم كل شي
فارس خرج ليجلس على األريكة وهو ينحني بظهره ليثبَت أكواعه على
فخذ يه ويد يه على رأسه، جلس أمامه : أسمع وأنا أبوك يا فارس . . مافيه
أحد يجبرك تسوي شي ما تبيه . . أنت منت عبد ألحد . . أنت ُحر وأمرك
بإيدك
فارس دون أن يرفع رأسه : تعرف عني كثير!!
:أكثر من الكثير نفسه . . هذي زوجتك محد يقدر يطلقَك منها
فارس بسخريَة يؤذي روحه بها : وين يجتمع رائد الجوهي مع عبدالرحمن
آل متعب ؟
:عبدالرحمن ممكن يكون حازم بهالمواضيع وما يقبل أنصاف الحلول لكن
مستحيل يظلمك أو يظلمها
فارس : تعرف أبوها زين؟
بنظرةٍ تألألت بها عيناه حنينًا : ابوها! . . ماراح تلقى بحياتك شخص نفس
حكمته و رجاحة عقله
فارس رفع عينه لينظر للرجل الذي يبلغ من العُمر الكثير و الشيب يمأل
ِرضه الخفيفة : أشغلت فضولي! . . تعرفني
رأسه ويُزاحم السواد في عوا
وتعرف بوسعود!!
:كل شي بوقته، قريب إن شاء الله . . . أبيك ترتاح وتريَح روحك وال
تثقل على نفسك بالهم!! صدقني محد عايش مرتاح! ال تحاول تصحح كل





هالعالم اللي حولك . . صحح بس نف ِسك وإذا صححتها كل من حولك راح
يتغيَر . . . على األقل يتغيَر بقلبك
فارس بتوتَر إبتسم : تخَو . . أح َسك تقرأ أفكاري فني!
َوقع كيف تفكر! . . الله يهنيك ويسعِدك
ربت على كتِفه بإبتسامة : ألني مت
ويرزقك الذرية الصالحة
فارس صمت، تجمَدت مالمحه، لم يسمع وال لمَرة هذا اللفظ، هذا الدعاء
ا على عبير، كيف لكلما ٍت بسيطة أن
تحدي ًدا، إرتجف قلبه المنقبض خوفً
ي تستثير الحز بهذه الحنيَة و ال ُحب،
ن بصدريِ، ألول مَرة أح ًدا يقولها ل
ُسبحان من جعلنا ال نهتَز لمواق ٍف هائلة ونهت ُز لكلما ٍت خافتة، ُسبحان من
جعل ُدعاء من شخ ٍص ال أعرفه يُثير كل خليَة حسيَة، اختلفت ديانات العالم
المن َزلة و المستحِدثة ولكنها اجتمعت بـ " آمين " خلف كل صالة، أجتمعت
، آمين على حياةٍ طيبة
بنا والتي تعني بحسب فهِمي الضيَق " أحبك "
ستجمعنا، آمين على سما ٌء سخيَة ستربطنا، آمين على قل ٍب جعل الله به
نو ًرا من أجلك، آمين على الو ِصل/اللقاء، على األطفال الذين يحب ُسون
مالِمحك و يُغطيهم جفنك، آمين على الهدايَة و الصالح، آمين على قلبِك
وآمين على أحبك .
:عساه آمين
فارس همس : آمين
،
يجل ُس بجانبها والهم يزيده حزنًا على ما وصل به الحال، أن تكون أبًا ليس
سهالً، ان ت ِعيش من اجل أحد أي ًضا ليس سهالً، أن تحمل على كتفك
مسؤوليَة و َطن يزي ُد من األمر صعوبة، الوالء لهذه األرض التي ُخلقنا
منها، للصحراء التي تح َن إلينا كلما أمتألت سماء الرياض بالتراب، للقُرى
ُمدننا الشاهقة، الوالء وكل الوالء للشهادة
الصغيرة والمحافظات التابعة ل
التي تتو َسط البساط األخ َضر. يارب ساعدنا، إنا نحتا ُجك، نحتاج أن تربت
على قلوبنا وتُطمئنها من كل حز ٍن و كمد و قهر و ضيق، إنا نُنيب إل يك





فأرحم عب ًدا شهد لك بالوحدانيَة والعبوديَة .
ض ي تنحنحت لتُردف بإتزان جاهدت أن ت ِصل إليه : عبدالرحمن
إلتفت عليها بإبتسامة خافتة يحاول أن يُطمئنها بها، يُح َمل نفسه فوق طاقته
ليرى اإلبتسامة لمن حوله في وق ٍت يفقد كل أسباب الراحة واإلستقرار و
أي ًضا يفقد سببًا لإلبتسامة : س َمي
َوك . . أبي أكلمك بموضوع بس . . يعني
الله عد
َ
ضي : سم
عبدالرحمن يلتف ُت بكامل جسِده عليها ليضع يِده على شعَرها الطويل :
وشو ؟ قولي
ضي أخذت نفس عميق لترتفع الدموع ناحية عين يها، كل اإلعترافات حتى
أبسطها دائِ ًما تجيء صريحة حادة و أحيانًا قاتلة.
عبدالرحمن يمسح دمعتها قبل أن تسقط : متضايقة؟ . . تط َمني إن شاء الله
كلها يومين وراح نرجع للرياض
ضي إبتسمت حتى تغلب بكاءها ولكن هذا الدمع من غلبها حين تساقط
كمطٍر باريس هذه األيام
عبدالرحمن تن ه؟ َهد بعُقدة حاجب يه : ضي؟ . . وش فيك يب
ضي اخفظت رأسها، جبَنت في آخر لحظة بأن تقول له.
ش َدها ليعانقها، حاول بكل قدرته أن يمتص حزنها بهذا العناق، يُحزنه أن
تعاني ضي أي ًضا .
غ َطت مالمحها بكتِفه ودمعُها يُبلله وبصو ٍت مختنق : ما أبيك تزعل مني .
. والله أموت يا عبدالرحمن لو تضايقت مني
عبدالرحمن : بسم الله عليك . . ليه أزعل؟
ض ي ببكاء : مقدرت أقولك . . بس والله مو بإيدي . . خفت . . خفت كثير
. .
ليُقابل مالمحها الناعمة، رفع حاجبه : وش صاير؟
عبدالرحمن أبعدها قليالً
وش اللي ماأعرفه ؟
ضي شتت نظراتها : آسفة . .
عبدالرحمن : وش الموضوع ال تخوفيني
ُم كفيَها في حضنها : أأ . . قبل يعني فترة عرفت . .
ضي بربكة وهي تل





بس ما كنت . .
يُقاطعها : عن ؟
ضي بشك ٍل سريع أبتعدت بجسِدها للخلف قليالً وهي تنطقها : حامل
تجمَد هذا العالم بأكمله في عين يه، نظر إل يها بده َشة ُدون أن يساعده
الصوت بأن ينطق كلمٍة واحدة، انتفض قلبه من هذه الكلمة، انتفض من
الفرحة التي تجيء بشك ٍل ُمفاجئًا، أدرك ُت تما ًما بعد هذا العُمر أنني أخاف
" عقد حاجب يه بر َدة فع ٍل ال يفهمها
من لحظا ِت الفرح التي ال تطول أب ًدا،
ٍر يجيء بصورةٍ ُمفاجئة،
َي خب
ُجاهد بأن ال يهتَز بي ضلعًا من أ
جي ًدا " أ
َي أحاول بكل ما أ شيء من أجل هذه األوضاع
ملك أن ال ينحني ظهري بأ
التي تقتل القلب ببطء لتُج َمد اإلحساس به، ولكنِك يا ض َي عينِي أن ِت
إستثناء من هذا بأكمله.
ضي ع َضت شفتِها السفليَة لترفع عين يها بتردد حتى تراه، ُسرعان ما شتتها
ب ُحمرةِ مالمحها الباكية، خافت أن تقع بشبا ِك نظراته لت ِعيش ُحزنًا يص َب
من عين يه.
عبدالرحمن بلع ريقه بصعوبَة أنفاسه التي تخمُد برئت يه: متى؟
ضي بخفوت مهتَز : هذا الشهر الثانِي
عبدالرحمن همس ُمشتتًا نظراته : الحمدلله
ضي رفعت عين يها لتنظ ُر إل يه بعين ين باكيت ين : مو متضايق؟
عبدالرحمن اقترب منها ليُقبَل جبينها بقُبل ٍة عميقة، أستطال بالثواني وهو
يُالمس جبينها المرتفع بدرجة حرارته، أبتعد ليُردف : أؤمن بأن كل اللي
َرة
يصير خي
ضي ُدون إرادتها أجهشت عيناها مرةً أخرى : يعني ما و َدك بهالطفل ؟
:مو قصِدي . . سحب ي َدها ليضغط عليها بدعٍم معنوي يُق َدره جي ًدا.
َر أكم د شي ف َضله الله وأختاره له، صحيح إني طلبت منك تآكلين
ل : محد ي
حبوب المنع وقطعتيها بدون علمي . . لكن من حقَك! مقدر أحاسبك على
شي أن ِت تبينه
ض ي : إذا أنت ماتبيه أنا ماأبيه
عبدالرحمن يمسح على شعرها بإبتسامة تكسره كثي ًرا : واللي تبينه أنا أبيه





ض ي خليك تشيل هم فوق ه َمك وال تـ : ماأبي أ
َي به : استحي على وجهك! فيه أحد
يُقاطعها بضحكة تتمايل بقلب ض َي الغن
َ ؟
يقول عن ولده هم
ضي ابتسمت بين بكاءها : كنت خايفة، خفت تع َصب من . . . مدري بس
أشياء كثيرة خلتني أخاف !
عبدالرحمن يمسح دموعها بكفَه الحانية : ليه أحمل اقتك؟ وأخليك َك فوق ط
َ
تشيلين ه َمي بعد! أعرف شعورك يا ض َي . . أعرف وشلون تشيلين هم
كيف توصلين خبر ألحد . . وماأبيك تجربين شعوري ، هذا الشعور اللي
ما يخليك تنامين براحة ويقتلك كل يوم وكل لحظة تفكرين فيه
ض ي باطن كفَه تضع يد يها على كفَه التي تعانق خ َدها لتسحبها قليالً وتُقبَل
ي
: الله يخليك ل
عبدالرحمن وقف ليُمسكها من يِدها ويوقفها بإبتسامته الهادئة: تو َضي
وخلينا نصلي الشفع و الوتر . .
ضي : أنا على وضوء. .
عبدالرحمن : طيب . . تق َدم ناحية القبلة، أخذت حجابها لتُصِلي خلفه، س َكن
المكان بصالتهم وصو ُت المطر الذي يضطرب بالخارج يعب ُر مسامعهم
ًء لسنَة
كطمأنينة، س َجد وفي أو ِل سجدة أبته َل قلبه بالصالة على النبي إقتدا
ٍ عظيم حتى تصاعدت روحه بالكلمات
بخشوع
الدعاء، ليصمت قليالً
َي وأحفظهم
الراكعة لله " اللهم يا كريم يا رح َمن يا منَان ر َد بناتي إل
بحف ِظك، اللهم إني أستودعتُك فلذات كبدي فأحفظهم وأحِمهم، يارب ال
تُريني بهم مكرو ًها وأصلح أمَرهم وس َهل ما ُصعَب عليهم، يارب أرزقهم
الدرجات العليا في الدنيا واآلخرة و أجمعهم بمن يحبُون، يارب أحفظ
قلوبهم من الو َجع و ال ُحزن . .
، من شأن الكلمات أي ًضا أن تقف
أطال بس ُجوِده وصمت بعد " الحزن "
كغ َصة وتمنع الصوت عنَا،) بناتِي ( الصوت المبتهج في داخِلي أما اآلن
أحتا ُج حنجرة أخرى ألواصل السير على نبرةٍ أتعبها الوقوف " الغ َصة ".
مهما بلغنا من القوة اال أننا فُقراء ضعفاء أمام الله، سقطت دمعته على
الس َج . ادة





َوة والصبر حتى
ليُكمل " يارب يا كريم أرزقني الق احتمل وجعهم، يارب
أرزقني النفس الصبورة التي تحمُدك في أش َد المصائب وأصعبها، اللهم
احفظ زوجتي و اكرمها بما تشتهي نفسها وال تُصعَب عليها أمًرا إنه ال
يعجز عنك شيء، اللهم ارزقها السعادة و الراحة. . . . . اللهم أحفظهم . .
أحفظهم يا رحيم .
،
في ساعات الفجر األولى د َخل لعُتمة المنزل الذي يزداد إضطرابًا بس ُكونِه،
إلتفت ليندهش من وجودها : ع َمة؟
إلتفتت ح َصة التي غفت قليالً وهي تنتظره : جيت!
إقترب منها ليُقبَل رأسها ويجلس على ركبت يه أمامها : وش فيك نايمة هنا؟
كنتِي تنتظريني؟
حصة صمتت قليالً حتى تتغلب على نوبة البكاء التي أصابتها طوال اليوم
: متضايقة من اللي قاعد يصير فيك ومو قادرة أرتاح دقيقة وحدة
سلطان : تط َمني . . ما فيني اال العافية . . يا ما شفت ولقيت بتجي على
هذي!
حصة تمسح على رأسه القريب من حضنها : طلبتك يا سلطان ال تطلقها!
سلطان بضيق : قومي نامي ارتاحي شكلك مانمتي طول اليوم . .
حصة : تكفى يا سلطان والله قلبي بيتقطع من هالموضوع
سلطان : بسم الله على قلبك عساه فيني وال فيك
حصة ببكاءها الذي ال يهدأ : ال توجعني فيك . . بس ع َط نفسك فُرصة
والله ما تستاهل كل هذا
سلطان سعَل قليالً من المرض الذي يتفاقم عليه في كل لحظة، وقف ليجلس
بجانبها : الحين تبكين كأن احد ميَت ِلك؟ والله أنا اللي بتقطعين لي قلبي!!
يا ُعمري ماتدرين وين الخيرة . . الله يس َهل من عنده ويرزقنا
حصة : ليه ما تفهمني يا سلطان! موجوعة والله العظيم . . ماراح تلقى





وحدة تناسبك غيرها! أنتم مكتوبين لبعض ال تضيَعها من إيدك
سلطان بضيق يمسح دموعها بكفَه وبنبرتِه الخافتة يش ُع قلبه لها : طيب ال
تبكين! . . ال تبكين
ح َصة : لو أبوك الله يرحمه موجود وشافك كذا والله ال يحلف عليك أنك
ترجعها !
سلطان : الله يرحمه ويغفر له ويغفر ألمواتنا جميعًا . .
حصة : كلكم بإيدكم الحل . . وش بتسوي بعدها؟ بتصحى عشان تشتغل
وتنام عشان تريَح من هالشغل وما بينهم أنت مشغول . . وإلى متى؟ بعد
ُعمر طويل تتقاعد ومين بتلقى عنِدك؟ . . بس ف َكر بطريقة منطقية أنه اللي
تسوونه أكبر غلط! والله أكبر غلط
سلطان بإبتسامة يُخفف وطأة هذا البكاء : يا ويل قلبي بس! مين اللي
بيتطلق أن ِت وال الجوهرة ؟
حصة تضربه على كتفه : أنا اللي بتطلق وش رايك؟
سلطان : بنتك وهي بنتك مابكيتي عليها كذا
حصة : ألني عارفة عواقب تصرفاتها لكن أنت يا سلطان عارفة وش
بيصير بحياتك بعد الجوهرة!! تكفى يا سلطان أبي أفرح فيك وبعيالك
سلطان بلع ريقه بصعوبة ليُردف : يا أميمتي أن ِت . . ماعاش من يرد لك
طلب بس خلَي هالموضوع وطلعيه من بالك . . أنا ما أنفع للزواج
وأريَحك من اآلخر . . عفت الحريم
حصة صَدت عنه بضيق : ما تعرف مصلحتك! والله ماتعرفها
سلطان : مشاكلنا ما تنتهي، بنوجع بعض كثيير
حصة : بتنتهي لو بس تقدمت خطوة وحدة
سلطان ابتسم : مالحظة أنك ما تفقدين األمل كل مرة نفس الكالم تقولينه
حصة : وبجلس طول عمري أ َزن عليك لين تتعَدل! . . فيه شي إسمه
تفاهم وتنازل وتضحية عشان حياة زوجية زي الخلق . . . المشكلة أنكم
إثنينتكم تبون بعض وأكِذب وقول ال .. والله ال اذبحك لو تكذب!!
سلطان بضحكة يُريد أن يُبعدها عن هذا الموضوع : ولِدك جلف ما يفهم
بهاألمور





حصة بسخرية : ناجح بحياتك العملية وفاشل مع مرتبة الشرف بحياتك
الخاصة
سلطان : الشكوى لله . .
حصة : فرحة وحدة مستكثرها على نفسك!! وش فيها لو قلت للجوهرة
أبيك . . وش بينقص منك؟ هذا وأنت راعي دين وتعرف بالدين وتدري أنه
أبغض الحالل عند الله الطالق
سلطان بضحكة مبحوحة صادقة : عشاني راعي دين على قولتك أدري أنه
ماهو أبغض الحالل عند الله الطالق . . وهذا حديث مغلوط عن الرسول
صلى الله عليه وسلم . . كيف شي حالل ش َرعه الله يكرهه الرحمن؟ يعني
بالعقل ما يدخل هالحديث . . ألن في الطالق فوائد! وأكيد لحكمة منه
ش َرعه
حصة نظرت إليه بجمود ليبتسم سلطان : ح َجرت لك ؟
حصة : الشرهة على اللي مقابلك!!
سلطان غرق بضحكته ليُردف : جعلني ماأبكيك . . قومي نامي وريَحي
نفسك
ح َصة : إيه أضحك! ماشاء الله على روحك اللي لها كل هالقدرة على
التجاهل
سلطان : ال حول وال قوة اال بالله وش تبيني أسوي؟ أجلس لك وأبكي
وألطم حظي! عندي أمور أهم تخص شغلي! . . . وعلى فكرة معَدي سالفة
َي طريقة
الصبح وال عاد تحاولين تجمعينا بأ
حصة من غضبها لم تعد تعرف ماهية ق و صورها لها : هذا إذا ما حطيت
في البيت كله عشان تحترق كبدك شوي وتروح لها
سلطان : تبين المالئكة ما تدخل البيت؟
حصة : أشوف غرفة سعاد ما قلت والله المالئكة ما تدخل بيتي! لو ماجيت
وسنَعت غرفتها كان الله يعلم كم بقيت تح َر . . الجوهرة فيها
َهد : الله يصلحك بس
سلطان تن
حصة : أنا أعرف كيف أطيَح اللي براسك . . بيجي يوم وتعض أصابعك
ندم على اللي قاعد تضيَعه منك، يخي شفت الجوهرة بس قلت لها أنك





تعبان ف َزت لك ونست كل شي عشان تكلمك . . يعني لو بس ترفع سماعة
التليفون عليها وبكلمتين حلوة تتسنَع فيها وتعقل مثل كل الرجال بترضى
وبتجيك
سلطان سعَل بمرارة ُدون توقف لتربت ح َصة خلف ظهره : يا لكاعتك!!
بس تبي تضيَع السالفة
سلطان بضيق ب َح صوته من السعال : ذبحتني الك َحة والله
َول .
حصة : لو قاعد في البيت اليوم مو أحسن! رحت ورجعت أسوأ من أ
. المهم ش َد حيلك شوي بس وكلَمها
َمر بمرحلة مه
سلطان : بقولك شي . . الحين أ مة بشغلي ومضطر إني
أعطيها كل وقتي حتى لو على حساب نفسي وحياتي
ح َصة : إلى متى؟ بس قولي متى تنتهي هالمرحلة المهمة اللي من فتحت
َمر فيها
عينك على هالدنيا وأنت ت
َي غلط صغير يضيَعنا وببساطة
سلطان : كل شي يخص شغلي مهم، وأ
ينهينا
ح َصة برجاء : سلطان
سلطان : يا عيونه طلَعي هالموضوع من بالك ونامي وأرتاحي . .
وأعتبري ما صار اال كل خير
حصة : اتصل عليها . . بس على األقل حس َسها أنك مهتم . . تط َمن عليها
وأسأل عنها
سلطان : وش بستفيد؟
ح َصة : صاير تفكيرك إستغاللي الزم مقابل لكل فعل تسويه! ما ينفع تكون
أخالقك حلوة شوي مع البنت؟
سلطان ابتسم : أفآآ! صرت إستغاللي الحين؟
حصة بضيق انفعلت : منت إستغاللي! والدليل أنك حمار وماتفكر بنفسك !
سلطان مازالت اإلبتسامة المتعبة تتسع حتى أظهرت أسنانه : مقبولة منك
يا أم العنود
حصة : وش أسوي فيك يا سلطان ؟ بموت من ح َرتي عليك!!! وش بيصير
في هالدنيا لو قلت لها وش أخبارك يالجوهرة ؟





سلطان : الحين غيَرتي توجهاتك! قبل شوي تقولين ر َجعها والحين تبيني
بس أكلمها
حصة بسخرية : عاد حكم القوي على الضعيف! كل ماجيتك من جهة
عنَدت
سلطان : طيب خالص
حصة : تكلمها ؟
سلطان : إيه
حصة : إحلف
سلطان غرق بضحكته ليُردف بتعب وهو يسند ظهره على األريكة : ما
عاد فيه ثقة؟
َي وإحلف عشان أعرف كيف أواجهك بالح َجة؟
حصة : إخلص عل
سلطان : والله العظيم بكرا بكلَمها
حصة إبتسمت : خ َل أسلوبك حلو
سلطان بسخرية : س َجلي وش الكالم اللي تبيني أقوله ؟
حصة : ال طبعا ماراح أتدخل بينكم
سلطان لم يتمالك نفسه من الضحك ليُردف بين ضحكاته : بسم الله على
قلبك اللي ما تد َخل
حصة إبتسمت بإحمرار وجنت يها : اللي سويته مو تدخل . . إسمه إصالح .
. الله يصلح قلوبكم ويجمعكم
سلطان مسح على وجهه بإرهاق ُدون أن ينطق شيئًا لتدفعه حصة من كتفه
: قل آمين عساك اللي مانيب قايلة
سلطان بتع ٍب واضح : آمين . . آمييييين . . . آميييييييييين
حصة ضحكت لتُردف : يممه منك حتى آمين مستخسر تقولها!!
سلطان : قلتها في قلبي
َما أقولك سَو كذا
حصة : أنت ماشاء الله عليك كل شي تقوله في قلبك ول
وال ال تسوي كذا قلت أنا أمشي ورى عقلي . .
سلطان سعل بش َدة حتى أردف وهو يغمض عين يه ويضغط عليها بأصابعه
: اللهم ص ِل وسلم على محمد . . شكل حرارتي بترتفع من نقاشك!!





حصة بخبث تُلقي عليه من أعظم أبيات الشعر الفصيح في العصر العباسي
: جرب ُت من نار الهوى ما تنطفي نار الغضا و ت َك ُل عما يُحرق. .
سلطان إلتفت عليها بنظرة حا َدة لتكتم حصة بضحكتها وهي تُردف واقفة :
أمزح وش فيك ؟ . . تصبح على خير . . . أختفت من عينيه سريعًا بل َذة
إقناعه بمحادثة الجوهرة.
ض َل يُراقبها حتى تالشت، تمتم بتنهيدة : سبحانك ال اله اال أنت وأتوب
إليك . . . صعد لألعلى و ُدون أ ذي بدآ يُكمل َي سيطرة منه على عقله ال
و عذل ُت أهل العشق حتى ذقته فعجبت كيف يموت من ال يعشق؟
األبيات "
وعذرتهم وعرف ُت ذنبي أنني عيَرت ُهم فلقي ُت منهم ما لقوا " دخل لياخذ نفس
عميق حتى يطرد كلمات المتنبي من عقله الغارق بقصيدته التي تُضرب
بها األمثال حتى هذا اليوم، نزع حذاءه ليرمي نفسه على السرير بإرهاق
ُدون أن يغيَر مالبسه، سحب وسادة الجوهرة ليضعها فوق وسادته وت ِصل
رائحة عطرها أنفه متجهة لعقله الذي مازال يستذكُر صوت القصيدة،
َر " ق " في كل ُجزء منَي وعلى كل جز ٍء و فوق
أر ٌق على أر ٍق ومثلي يأ
الحال وبين كل حال تضعين ُمسببًا لأل َرق، للغرق، لالوجود، للغياب،
م أس ُكر ولم يُذهب عقلي شيء ع َدا عين يك، لم يكذب من
عفيف يالجوهرة ل
لعن الفتنة، الفتنة التي تسرق مني نو ًما في هذه الساعات .
أستلقى على ظهره متقلبًا، يحاول جذب النوم بالِذكر : استغفر الله . . .
كاد أن ينفجر عقله من القصائد التي يقرأها عليه في وق ٍت يحاول أن يقرأ
به األذكار، في كل لحظة يلفظ ذكٍر من أجل أن ينام مرتا ًحا يُقاطعه مقطع
قصيدة، لم يبقى شيئًا حفظه منذُ زم ٍن بعيد لم يُعاد عليه في هذا الليل، بدأ
ٍر تجلب ُحزنًا . . لم
يُكرر اإلستغفار في داخله : أستغفرك ربي من ديا
يُكمل ب ُمقاطعة قلبه الذي نسيمها من دياركم، كأن أنفاسهُ من
واستلذُ
يحفظ "
نشركم قُ " ب ٌل
َهد بمحاولة قمع كل محاوالت عقله وقلبه في ترديد الشعر في وق ٍت يُريد
تن
فقط السكون والهدوء، وال فائِدة مع كل كلمة تستنطق لسانه بخفُوت يُجيب
عقله بطريقة ُمستفزة وهو ال يخضع أل َي سيطرة منه، التفكير يخرج عن
إرادتنا مهما حاولنا أن ال نُفكر، نستطيع أن نمنع أنفسنا من الكالم و أعيُننا





من النظر و لكننا ال نستطيع أن أنمنع أنفسنا من التفكير وهذه الحقيقة في
وق ٍت مثل هذا تش َد أعصابه وتستفزه.
ـ بإسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فأن أمسكت نفسي فارحمها وإن
ولو
أحفظها بما تحفظ به عباِدك الصالحين. ب ُم أرسلتها ف قاطعة قلبية : "
َي ذنوب
أنني أستغفر الله كلما ذكرتك لم تكتب عل "
ـ اللهم قني عذابك يوم تبعث عباِدك، اللهم قني عذابك يوم تبعث عباِدك،
اللهم قني عذابك يوم تبعث عباِدك.
ب ُمقاطعة أخرى : " هجرتُك حتى قيل ال يعرف الهوى و زرتُك حتى قيل
ليس له صب ًرا "
دفن رأسه بالوسادة ليشتعل عطرها بكل خليَ ٍة في جسده، أغمض عين يه
ليُردد بصو ٍت منخفض حتى ال يُفكر بأيِ شيٍء آخر : أستغفر الله . .
أستغفر الله . . أستغفر الله . . .
ٍ
أندهش من نفسه التي تحفظ أبياتًا لم يُرددها يو ًما، دخل في صراع مع
" شطٌر واحد يا ح َصة أشعلتي به ذاكرتي النائمة."
الوسادة حتى ينام
على بُعٍد طويل في شرق المملكة كانت ُمستلقيَة على السرير وكفيَها على
بطنها وعيناها للسقف.
لم يجيئها النوم ُرغم أنها لم


إعدادات القراءة


لون الخلفية