الفصل 58

مت من صالتِها وهي تنظ ُر للزاويـة الممتلئة بالورود بأنواعها ، يُغرق
َّ
سل
قلبها بغز ٍل ال ينض ِّب ، آلتُن ِكر إشتياقها لصاحب هذا الجمال ، صوتُه
يدغدغ سمعها دائِ ًما ومازال ، صخب رجولته وهي تتش َّكل بصوتِه ال
يخر ُج من ذاكرتها ، كل شيء يطرق قلبها بتفاصيله الصغيرة التي ال
تعرفها ، تُدرك انه يُحب األدب الفصيح و يُحب محمود درويش لذلك دائِ ًما
ِمنه ، شغُوف بالفنون الجميلة و الر ِسم ، يُحب
ماتكون رسائله ُمقتبسةً
الغموض والكآبة في ألوانه ، تعرف جي ًدا أنه يخا ُف الوضوح ُربما لسبب
ي ، هو يتوقع
ما ال أعرفه أو ُربما غروره يمنعه ، أشعُر بتملكه الرهيب ل
ب
ُّ
ِ منه و انا فعالً كذلك ولكن سأحاول ، ر
أنني لن أقِدر على اإلنسالخ
ِي
لم أتوقعه ، ماذا لو لم أست ِطع ؟ سيتخلى عنِّ
محاولة يائسة تخل ق ِلي حالً
بسهولة!
يا غرورك يا أن ت أجز ُم ك تُريد أن تُعميني بك و أن الأرى غيرك وأن بأن
ال أعيش إال ألجلك .. أعر ُف أنَّك تُريدني بصورةٍ إنهزامية حتى تتملكنِي
كجاريَة في ُحبِك ، كلماتِك و كل شيء يخ ُصك يُخبرني بهذا الشيء.
أذ ُكر أول هدي ٍة ِمنك ، أول ربكٍة أعتلتنِي ، أول كلمِة ُحب تغنجت بها
أسما ِعي ، كان صباح الخميس النا ِعس من شهُر أيـار الذي يُدعى بغر ِب
العالم شهر العشب الطويل وكان كذلك لقلبي الذي تشعَّب وأخ َّضر بزه ٍر ال
ِهي أكان ِمنك أن تسقيني دائِ ًما حتى تُسيطر على
يج ِّف و ال يذبل ، ياإل
جذوري المتشبعة بِك!
،
رفعت شعرها الممَّوج بكثرة تُشبه تكاثِر عزيز في قلبها ، رطبَّت وجهها و
نف ًسا طويالً
هي تأخذُ





أحاول أن أتجاهل مرورك العميق بقُر ِب قلبي ، غائِب ألكثَر من يوم . .
أيُعاقبك الله أم ماذا ؟
كل شيء يب ُدو لي اآلن أنه عقاب و جزاء ، ال شيء بينهم ينتصف ..
إهانتِي لك عوقبت عليها بجحيٍم مازال عال ٌق بقلبي و إنه
ِري كان مجاالً
يا
ِهي لك
ي ، و ُربما ُمشكلتك التي ال أعرفها مع أبِي هي عقا ٌب إل
لشماتتِك ب .
يالله يا عزيز لو تعلم فقط بأ َّن كل من حوِلي يُذكرنِي بك ، ال شيء ي ُموت
إال و ُحبك يُحييه ، كيف أتيت وأقتحمت كل أسواري ؟
ر بي و أنا ُم لم تفعل لي شيئًا يُجبرني أن أ تشبعة بخيباتِي ُحبك ، كيف تتكاثَ
منك ؟ يُحزنني أن أكون بهذه ال ُصورة اإلنهزامي ِة أمامك ؟ يُحزنني ج ًدا أن
ُحبك و لن
ُومك ألنك لن تفهم معنى أن أ
ُحبك ُرغم كل ماحدث ، أنا ال أل
أ
تفهم.
ِها وقلبُها يسترج ُع ماكتب على باطنه " أصعب الجروح تلك التي
مسكت كفِّ
يحفرها االنسان بيديه"
ي ، أن أنساك و أن أتخلى عن ُحبك وكأنه
أعر ُف ماكنت تُريد إيصاله ل
أمٌر إختياري ، ليتك تفهم يا عبدالعزيز أ َّن ال ُحب قدٌر إلهي ال يُمكن أن نِقف
أمامه ، آل يمكن.
ِّي للمرةِ الثانية أذكُر دكتُورة مهارات اإلتصال في سنتي
مر عل
هذه الجملة ت ُّ
ُم األولى بالجامعة ، حاضرة ، أرادت أن
كانت تح ِكي لنا بوق ٍت فائِض بال
تشغلنا بأد ٍب كان وقتها أنَّه مجا ٌل ال يهمني وال يعنيني بشيء و ُربما مجا ٌل
ي ،
تافه بالنسب ِة ل
تربَّعت على سريرها وهي تفتح حا ُسوبها المحمول وكتبت في ُمحرك
" قوقل " يضع لها إقتراحات
البحث " أصعب الجروح .. " لم تُكملها و
بأنَّه غسان كنفاني.
"
" تويتر
حفظت صفحةُ موقعه الشخصي و تذكرت شيئًا ، فتحت موقع
ِّي نتائج
وكتبت في خانة بحثه " أثير رَّواف " لم تلقى أ
كتبتها باإلنجليزية ووجدت هذه الملعونة بنظِر قلبها ، قرأت ما يُوجد تحت
سعُوديـة ُمتغربة ، أنا أحكي عن الحرية التي ال مقابل لها..الحرية
إسمها "
التي هي نفسها المقابل *غسان كنفاني"





أشتعل قلبِها غيرةً و حق ًدا ، يُشاركها الميول واإلهتمام وحتى ُحب الشاعر
لغ َّسان وهو كت ب على يِدي إحدى مقوالته .. يب ُدو أ َّن ُحبكم
ُ
نفسه ، هي تقرأ
اللعين يحيَا حتى ببُعِد األجساد ،
ِه نظرت لتغ مها .. تذكرت صورتها وعادت
ريداتها ونظرا ُت الغيرة تلت
لتضغط على الصورة لتكبُر بإتساع شاشتها ،
همست لنفسها " شينة .. هذي أم األخالق بدون حجاب وال شي "
خلف بُرج إيفل تِقف وبين كفوفِها قط ٍة بيضاء تُشبه بياض مالمحها و ال
يظهُر جسِدها بأكمله بل إلى منتصف بطنها تنتهي الصورة ، شعُرها أسو ٌد
ناعم ذو طو ٍل ال بأس به على كتِف يها و نظارةٌ سوداء تُغ ِطي عيناها و
ضحكٍة ترتسم بشفت يها ال – زمام – ُمكتسية بالتُوت األحمر و أنفَها يخترقهُ
عضت شفت يها وهي تُدقق بمالِمحها تُريد أن تخرج منها عي ٌب وا ِحد ، ولكن
سيئة "
ال عيُوب ُربما عيناها التي تُغطيها "
ِي ، حتى جسِدها الذي ال يظهُر
بيني وبينها ، تب ُدو أنثى أكثر منِّ
ال ُمقارنةً
بأكمله إال أنه من الوا . ِضح أنه ُمتشبع باألنوثة
"بس والله شينة .. شيننة إال شينة واضح "
عادت لتقرأ تغريداتها ، كانت البداية من " صباح األمطار و جمال باريس
هاأليام"
تمتمت : صباحك معفن يشبه وجهك
قرأت " شايفيين هالشريريين جابوا لي عصير حااار " *كانت واضعة
ُصورة لشخص ين يب ُدو أنهم عرب*
ُجنَّت وهي تتح َّدث مع نفسها : ها ها ها يا ثقل دمك يالشينة
رتيل وفعالً
أت تنزل ألو ِل تركت تغريداتها لتدخل على الصور جانبًا ، ال تعرفهم .. بد
الصور ُوضعت في الحساب ، أرتعش قلبها وهي ترى ُصورة عبدالعزيز
يُعلق على لوحة اإلقتراحات ورق ٍة بيضاء غير واضحة الخط
مكتُو ٍب بتغريدتها " يا حياتي من أمس هو و عادل يطالبُون بإجازة
هههههههههه هاردلك يا شباب على الرفض"
أغلقت حا ُسوبها و الغضب يشتعل فتحت صفحتها ؟ حتى احترق
َ
بها ، ِلم
أكثر





إذن هذه زوجتِك ؟ الله يآخذك أنت وياها ... أستغفر الله.
ِّطِع أظافرها والتف ِكير بهذه األثير
وضعت أصابعها بين أسنانها اللؤلؤية لتُق
يقتلها ، ُحب و عمل يربطكم و ماذا أي ًضا ؟
هذه ذات األخالق الرفيعة و الجمال !! وا ا أخالقِها ، ِضحة ج ًد
يُتبع
،
أرتفع أذان المغر ب ليلتَّم الشم ُل القليل على الطاولة ، الربكة تُثير البعض
والشك ينغم ُس في قلوب البعض اآلخر.
أكلت شيئًا يسي ًرا حتى ضاقت شه يتِها : الحمدلله
والدتها : ماكليتي شي ؟
ِر : آل بس شبعت
الجوهرة بتوتِّ
ريَّان بنبرةٍ ذات ش ٍك كبير : شبعتي ؟ الله على معدتك اللي ماعادت تتح َّمل
تآكل
والده : وش قصدك ؟
ريان : ماأقصد شي بس أقول يعني ليه سلطان مايسأل ؟
الجوهرة رجعت بخطوا ٍت قليلة للخلف وكأنَّها تتج َّهز لمعركٍة تواجه فيها
ريَّان
والده : مالك دخل
ريَّان يشر ُب من الما ِء قليالً حتى يُردف بال ُمباالة : غريب أمركم ، تركي
مختفي وتقولون مسافر و سلطان قاطع و يمكن راميها ويبي الف َّكة ..
والده يُقاطعه بحدة : أحفظ لسانك زين
ريان بغضب لم يستطع أن يتحمل أكثر : أبي أفهم وش صاير في بيتنا ؟
والدته بخوف : تعوذوا من الشيطان التخلونه يدخل بينكم
بنبرةٍ ُم ال ُجوهرة رتجفة : يعني مايصير أجلس عندكم كم يوم ؟
ريـان : إال يصير بس أنا أحس فيه إ َّن بالموضوع





ال ُجوهرة هزت رأسها بالرفض لتُردف : تبيني أتصل عليه قدامك عشان
تفهم أنه مابيننا شي
ريان بحدة : إيه
الجوهرة بلعت عبرتها ال ت ُمرتبكة لم تتوقع أن ي ُكون هذا رِِّده ، عاد
أنظارها لوالدها وكأنها تطل ُب النجاة اآلن
والده بعصبية : ريـــــــــان ال تتدخل بمشاكل أختك
ريان أبتسم بغضب : أنت بنفسك قلتها ! مشاكل أختك ؟ يعني فيه مشاكل
والده : ومالك دخل فيها
ريان ألتفت على الجوهرة : وش المصيبة اللي طايحة فيها هالمَّرة ؟
والده : الحول وال قوة اال بالله .. يعني تعاندني
ِل رأس والده وبهدوء : ماأعاندك بس أبي أعرف وش مهببة
ريان يقف ليُقبِّ
بنتك !!
الجوهرة بضيق حاولت أن تتش َّجع : مشاكلي تخصني بروحي ، مالك حق
تتدخل فيني ،
شتت نظراتها عنه لتلفظ بش ُموخٍ هزيل : أنا متزوجة يعني ماعدت صغيرة
وأعرف كيف أدبِِّر نفسي
ريَّان بغضب كبير : نععم يا روح أمك!!
وقفت والدته : ريان خالاص .. أرحمنا الله يرحمك
ريان : طالع لها لسان بنتك هالـ
قاطعه والده بغض ٍب أكبر : التنسى نفسك
ريَّان بنبرةٍ ُمتقززة : كشفك سلطان !! أكيد عرف بمصايبك اللي مانعرفها
.. أصالً صة من قبل .. من يوم طلعتي له ورى البيت .. يالله أن ِت رخي
على القرف اللي فيك وعلى أخالقك !! ومسوية فيها العفيفة
والده بصرخة أسكتته : أبلع لسانك ، أختك أشرف منك .. ماهو أنت يابابا
تشكك في تربيتي ألختك .. هالكالم ماأبغى أسمعه منك مرة ثانية والله يا
ريان لو أنذكر مَّرة ثانية ال أنت ولدي وال أنا أعرفك
ريان تن َّهد وهو يخرج ُمتمت ًما : حسبي الله ونعم الوكيل ..
والدته تنق ُل نظرات الشك و اإلمتعاض بين الجوهرة و أبيها ، تن َّهدت





لتخرج هي األخرى تاركت ُهم
الجوهرة ما إن رأت والدتها تِقف بص ِّف ريـان حتى نزلت دمعتها
والدها : ماعليك من أحد
الجوهرة تمسح دمعتِها بكفوفها : حتى أمي متضايقة مني!!
والدها : تلقينها بس متضايقة من التصرف نفسه
،
أغلق هاتفه وهو يلف ُظ كلمته األخيرة : كيف يعني ؟ ... يجيني لو من تحت
األرض ..
حصة : مين هذا اللي تبيه من تحت األرض ؟
سلطان بإبتسامة : شغل
ح َّصة : طيب تعال أجلس جمبي بقولك شي
ِّي
سلطان : تمارسين امومة متأخرة عل
حصة ضحكت لتُردف : يالله يا سلطان فرحني عاد
سلطان ينتظر آذان العشاء حتى يهر ب من تساؤالت عمتِه ،
حصة : سلطان يعني عيب إلى اآلن هي في بيت أهلها ، أتصل عليها
الحين
سلطان : أل
حصة برجاء : تكفى طلبتك
سلطان تن َّهد : حصة الله يخليك ال تزنين على راسي
حصة : طيب عطني بكلمها
سلطان : وبعدها تنسين سيرتها
حصة ب ُمسايرة : إيه ماعاد بفتح موضوعها
ُخرى : أتصلي من جوالك
سلطان أخرج هاتفه مرةً أ
حصة : وليه ماهو من جوالك ؟
سلطان بنص ِف إبتسامة : ِكذا مزاج
حصة : عمرك ماراح تتنازل .. عطني





سلطان :


.. وأكمل لها الرقم ،
ح َّصة بإبتسامة واسعة تضغط على زر اإلتصال
سلطان : كالم النص كم تتركينه
حصة : هههههههههههههه أهم شي الرقم صار عندي
ُمر ِِّحب بها
سلطان أخذ فنجانه وهو يترق ب صو ُت عمته ال
ح َّصة بمكِر جية " سبيكر " النساء تضعه على السماعة الخار
ٍر طويلة ، صو ٌت ُمهتز ُمرتبك با ِكي :
أتى صو ُت الجوهرة بعد ثوانِي إنتظا
الو
ح َّصة : السالم عليكم
الجوهرة تحاول أن تتزن بصوتها : وعليكم السالم
ح َّصة : أنا عمة سلطان
الجوهرة صمتت ثواني لتُردف : هالفيك
ح َّصة : بشريني عن أحوالك ؟
الجوهرة : بخير الحمدلله
طال صمت ُهم و أنظا ُر حصة تُراقب سلطان الغير ُمبالي لصوتِها
ح َّصة : ما وِِّدك تجينا ، يعني أنا جاية الرياض هالفترة ومشتاقة أشوف
اللي أخذت قلب ولدنا
سلطان ألتفت عليها بنظرا ٍت حادة ذات شرر
حصة بصو ٍت ُمهتز إثِر الضحكة التي تُمسكها بصعوبة : معاي ؟
بتوتِّ " الجوهرة ِر كبير : إيه ، آآ ... " آلجواب لد يها
سلطان يُأ ِشر لها بأن تُغلق الهاتف ولكن ح َّصة تُعاند : ترى سلطان أحيانًا
يقول حكي بس كذا يعني مكابرة رياجيل تعرفين عاد الرجال عندنا
سلطان عض شفته وهذه المرة خرج صوتِه ليُحرج حصة فتُغلقه ُرغ ًما
عنها : مين تكلمين ؟
الجوهرة توقف قلبها لثوانِي طويلة ، مَّرت فترة شعرت بأنها سنين وهي لم
ُمربك لحوا ِِّسها ،
تسمع صوتِه ال
ح َّصة بنظرا ٍت ُمتحديَّة : زوجتك
سلطان وأراد أن يقتلها فعالً ، : عطيني





حصة غير ُمصدقة ونظراتِها تمي ُل للش ِّك
سلطان يسحب الهاتف من كفِّ رج : ألو ِها ليقف متو ِج ًها للخا
الجوهرة أخذت نف ًسا ونسيت شيئًا يُسمى زفير ، شعرت باإلختناق من
صوتِه
سلطان : الجوهرة ؟
الجوهرة برجفة : هال
، نا ٌر
"
" تُركي
سلطان شعَر بأ َّن ُكر ًها جدي ًدا يشتعل في قلبِه وهو يتذ َّكر
في صدِره ال تنطفئ
ال ُجوهرة وربكتها جعلتها تتح َّدث ُدون وعي : كيفك ؟
ِن الجوهرة : أنتظر خبر يفرحني
ذ
ُ
سلطان بصو ٍت حاد يُشعل حمًما في أ
آخر
ٍ
ال ُجوهرة بصم ٍت من نوع
سلطان بغض ب لم يُسيطر عليه : بجيب تُركي و قدامك بذبحه وبذبحك
وراه
ال ُجوهرة ببكاء : ليه ماتصدقني ؟
سلطان بعصبية : أصدق وش ؟
ال ُجوهرة بغ َّصة : مالي ذنب
سلطان : تدرين أنك من أوقح الناس اللي شفتهم بحياتي .. وأغلقه في
وجهها ،
ب في قلبه ُدون رح َمة يشتهي أن
ُّ
وكأنه للتو يعلم بموضوعها ، الغضب يد
َ
ِّطِ ع تُركي خلفها ، كيف كانت تصحى بآخر الليلة مفزوعة ؟ ِلم
ِّطِعها ويُق
يُق
كانت شكوكي تذهب لشيٍء آخر ، كانت تراه وهي تُشاركني السرير ،
كانت ترى ر ُجالً ! آخر و هي في ُحضني
ِر شيئًا ، ماحدث بالماضي لن يُمحى
يالله على هذه الوقاحة ، بُكا ِءك لن يُغيِّ
بسهولة ، لن يُمحى وأن ِت أنثى ناقصة بنظِري وبنظر كل شخ ٍص يشهُد هذه
الق َّصة الدرامية التي تحاولين الدفاع عنها !! تحاولين أن تُخبرينا أن ِك بريئة
ُمدة . . أن ِت توسدتِي الصمت ألن ِك
، لو أن ِك بريئة لما صمتِي ُكل هذه ال
ُمذنبة.





،
في مكتبه المنز ِوي أقصى ال ُدور األَّول ، أمامه مقرن وبينه عدةِ أوراق :
تتوقع ؟
مقرن : دام محنا قادرين نوصل للي أت َّصل أنا أتوقع أنه عبير تدري
عبدالرحمن وغير ُمصدق : آل .. ماني قادر أصِِّدق أنه عبير تكون تعرف
أحد!!
مقرن : أنا ماأقول عبير في عالقة مع أحد ، يمكن ضايقها وهي ماعطته
وجه وعشان كذا
عبدالرحمن : كان راح تكلمني لو ضايقها أحد
مقرن : طيب يمكن خافت
عبدالرحمن تن َّهد : يارب رحمتك بس على هالمصايب اللي تجينا من كل
ُصوب
مقرن : هدوئها هذا ماهو لله
عبدالرحمن : كيف يعني ؟
مقرن بلع ريقه : آل يعني هي قالت لي بتسوي شي وبعدها هَّونت وشكلها
خافت
عبدالرحمن : ماني فاهم عليك ، وش كانت بتسوي ؟
مقرن بصم ٍت طال أردف : مدري يعني بناتك أحيانًا يطلعون بأفكار وكذا
ي ؟
عبدالرحمن عقد حاجب يه : انت عارف شي وماتبي تقوله ل
مقرن : معقولة أعرف شي ومااقولك ؟
ِزل عبدالعزيز ُمضاءة : عز شكله
نظر لخلف مقعد بوسعود و أنوا ُر من
رجع
عبدالرحمن ألتفت ليرى نافِذته ووقف ُمسر ًعا للخارج ، فتح بابه بهُدوء و
عبدالعزيز ُمستلقي على األريكة
عبدالرحمن تن َّهد براحة ليُردف : عز
ولم يرفع شماغه الذي يُغطي عيناه : نعـــم
ُمقابلة له : يعني
عبدالرحمن أنتبه للنبرة الغاضبة ، جلس على الطاولة ال





كذا تخِِّوفنا عليك ؟ حتى ماترد علينا ... وين كنت كل األيام اللي فاتت ؟
عبدالعزيز أزال الشماغ عن عينه ليستعِدل بجلسته و مالِمحه تتف َّج ُر بالتعب
: انا أخاف على نفسي أكثر منكم ماني محتاج هالنفاق
رن هاتِف مقرن ليخرج تاركُهم مع بعض ،
عبدالرحمن ونظراته الخائفة مح ُصورة باإلهتمام الصادق : طيب سو اللي
ِحك
يريِّ
عبدالعزيز رمى الكبك على الطاولة بجانب عبدالرحمن وهو يُف ِكك أول
أزارير ثوبِه بصم ت ُمطبق
عبدالرحمن : كليت شي ؟
عبدالعزيز ببرود : ماني مشتهي
عبدالرحمن بإبتسامة : خلنا نروح المسجد مابقى شي على األذان
عبدالعزيز وقف : بتروش وألحقك
عبدالرحمن : طيب أنتظرك
،
ٌق على من
ِ
ُمباركة ، وداعُ الشهر ضيِّ
مَّر أسبُوعين لندخل العشِر األواخر ال
يتعل ُق قلبه بروحانيـة رمضان.
ِه في ال – ي على هذه المواقف ال أعر ُف كيف ُمستشفى ، وقف ُمتصنِ ًما
يا إل
أتصرف بها –
دقائِق و محاجره ُمتسعة و الصدمة ترتسُم على مالمحه ، ال يشعُر بالفرح
وأعصابه
مبروك المدام حامل "
"
ولكن أي ًضا ال يشعر بالحزن ، منذُ سمع
و مشاعره ُمتلخبطة و ُمتشابكة.
شي ٌء في داخله يفرح و آخر يحزن ، تناقُض يشعُر بِه .. ومازال الصم ُت
ُصدق بأنها
سائِد ، صمتُها يُثير في داخله ألف عالمة شك وشك .. ال أ
ستفرح بهذا الجنين ؟ ُربما .. سبحان من يُغيِّ . ِر وال يتغيَّر
ُوا غرفتِهم التي تُعتبر ضيقة بالن
وصل سبة " ُوا للبي ِت و تبعته لألعلى ، دخل
لزوجين "





يوسف بهُدوء : ُمهرة
ِها : صار اللي تبيه ..
ُمهرة رمت نقابها جانبًا وألتفتت عليه و الدُموع تكتسي
وش أستفدت الحين ؟
يُوسف ال يُريد أن يُجادلها ويُثير أعصابها ، ألتزم الصمت
ُمهرة ببكاء عميق : ليه تبي تقهرني ؟ ليه تبي تجبرني على شي ماأبيه ؟
ِّي !!! حرااام عليكمم
قولي بس وش الحياة اللي ترتجيها منِ
ٍر تام وأعصا ٍب ُمتعبة : تبون تذبحوني مثل فهد .. تبون تقهروني
بإنهيا
وبس .. خافوا ربكم كافي اللي سويتوووه
أن يُهدئها ، و خطواته أشعلت في صدِرها
ِوالً
يُوسف يقترب منها محا
غض ٌب كبير حتى أنها ر َمت ُكل شيء بجانبها عليه وهي تصر ُخ فيه
وتب ِكي بقهٍر مخنُوق ،
يُوسف يُضُم كفوفها حتى تتوقف عن الحركة ورم ي األشياء
ب ُضعف األنثى المكسورة ، سقطت على ُركبت يها و بجانبها يُوسف
ُمهرة بنبرةٍ ُمهتزة : ليه تسوي فيني كذا ؟
يُوسف و الضي ُق يدل قلبه اآلن : قومي أرتا ِحي ،
ُمهرة بعصبية : ماأبغى .. أترك إيدي
يُوسف مازال ُممسك بكفُوفِها : أشششش .. خالص أهِدي
ُمهرة تُخفض نظرها وشعُرها ينساب من خلف الطرحة التي بدأت بالسقُوط
،
يُوسف : قومي غسلي وج ِهك و نا ِمي من أمس وأن ِت صاحية
ُمهرة وقفت ب ُضعف كادت تسقط لوال يِد يُوسف الممُدودة ، سكنت لثوانِي
حتى عادت للبُكاء
يُوسف أجلسها على السرير وهي بدو ِرها تمددت عليه لتخنق مالمحها
بالوسادة وتب ِكي بشدة
يُوسف : تعَّوذي من الشيطان ، قولي الحمدلله على كل حال
ِها تعتصر بطنِها ، يالله على ِحزنها
ُمهرة وال تر ُد عليه سوى بالبُكاء وكفِّ
ِ العميق في هذه اللحظات ، كي ر نفسها ؟ هو لن يخ ِسر شيئًا ولكن أنا
ف تُصبِّ
الخاسرة الوحيدة في ُكل هذا ، هو الِذي يحاول أن يظلمني .. ، ال أحد





مي
ُ
يشعُر بوج ِعي الأحد .. حتى أ .
كيف أعيش و أبني حياتي مع أخ من قتَل روحي وسل ب وطنِي ؟ كيف
أتعايش معُهم ؟
مق ُهورة كيف ل دَّم أخي . . يا قساوة قلوبكم. ُهم هذه القدرة على تجاهل
ِها ليسحبها بعي ًدا عن بطنها : مايجوز .. هذي
ِه على كفِّ
وضع يوسف كفِّ
روح التخنقينها
ُمهرة بصو ٍت ُمتحشرج : ماأبيه .. ماأبيـــــــــــــــــــــــــــــه
يُوسف ُدون تردد سحبها لحضنِها لتضع رأسها على صدِره بدل وسادتِها ،
حاولت أن تقاومه وتبتعد ولكن أستسلمت له وهي تغر ُز اظافرها الطويلة
ُمن َّسقة في صدره ،
ال
ُمهرة بإختناق : ليه ؟ .. بس قولي ليه
يُوسف بمثل الهمس يُريد أن يُس ِكن قلبها : أن ِت زوجتي و حياتِي .. أكيد
ماراح أف ِكر أأذيك!!
ُمهرة ُمغمضة عين يها بتعب وهي تتشب ُث بصدِر ح تطلقني!! ه كطفلة : را
يُوسف : خالص نا ِمي
ُمهرة تعُود للبكاء ُمجدًدا وهي تُبلل ثوب يُوسف : تبي تقهرني مثل
ماقهرني أخوك في فهد
يُوسف بهمس : الله يرحمه ويغفر له
ُمهرة و يب ُدو كأنها تفقد الوعي : ُعمرك ماراح تحس .. هذا أخوي تعرف
وش يعني أخوي .. مهما صار بينه وبين أخوك مايقتله مايذبحه .. يحسب
ماوراه أهل يبكونه .. هو روحي ودنيتي وكل شيء بحياتي .. ليه بس ليييه
ذبحه ؟ .. ليته ذبحني وال أشوفه مذبوح .. ليت روحي طـ
يُوسف يُقاطعها بوضع كفِّ .. ِه على فِمها : التتمنين الموت
،
في منزله ، أفكاره ُمتلخبطة ال مسار لها وال حل
أبتسم وهو ينحنِي ليضع سالحه المرمي جانبًا : شلونك ؟





عبدالعزيز وال ي ُرد عليه ، ُمتجاهله تما ًما
جلس على ال ُكرسي المقابل له : أنا آسف
ُمندهشة ، يُريد أن يُصدق .. يكاد يحلف بأن من
عبدالعزيز رفع عينه ال
أمامه ليس سلطان .. يعتذر ؟ أهذه نهاية ال ُدنيا أم ماذا ؟ سلطان يتنازل عن
هم أصدق
ُّ
كبريائه و يعتذر ؟ يالله على هذا التغيير أو النفاق ال أعرف أي
بوصف سلطان اآلن
عبدالرحمن : هذا سلطان وأعتذر لك .. ماهو من شيم الرجال يردون
اإلعتذار
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : قصدك أنسى وأرجع معاكم وال كأنه صار شي
.. على أساس أنكم متعودين تهينون الناس ويركعون لكم
سلطان بهُدوء : طبعًا ماراح تركع لنا .. ينقطع لسان من يهينك
عبدالعزيز : أهنتني مرة و ثنتين وثالث ..
سلطان : وأنا أرجع أقولك أنا آسف .. و ُعمري ماأعتذرت لشخص وهذا
ِّي شي ؟
أنا أعتذر لك مايف ِِّسر لك هاإلعتذار أ
عبدالعزيز : يف ِِّسر لي المصلحة
سلطان : يف ِِّسر كبر مكانتك عندي
عبدالعزيز تن َّهد ، مشَّوش وعقله ال يستقيم أب ًدا
عبدالرحمن : تبي تآخذ إجازة بالوقت اللي تبيه وبالمدة اللي أنت تبيها بعد
أخذ .. ماراح نمنعك عن شي
عبدالعزيز بقهر وعقله ُمتعب من التفكير : أبي أعرف وش صار بأهلي!!
سلطان : الله يرحمهم
عبدالعزيز : طيب بس سؤال وبعدها مستعد أسوي لكم اللي تبونه
عبدالرحمن : أسأل
عبدالعزيز : أختي غادة اللي كانت زوجة ناصر ؟ وش صار لها قبل
الحادث !! أبي بس أعرف إذا صار شي أنا مدري عنه ألني مقدرت
أشوفها ، ماتت قبلهم كلهم
سلطان و عبدالرحمن ُم د لديهم وال مالِمح ُهم تُنبأ لتزمين الصم ت ، آل ر
بالرد





عبدالعزيز : قلبي يقول فيه شي ماأعرفه ،
بجنُو ٍن وقهر : قولوا لي .. بس قولوا وش صار بأختي غادة ؟
عبدالرحمن : ماصار شي
عبدالعزيز وكأنه يفقد األمل من جديد ، نظراته ُموجعة لسلطان الذي يلتفت
أن ال يراه
للجهة األخرى محاوالً
أردف : و أبوي ؟
َّطع عليه اآلن
عبدالرحمن بصم ٍت . ُمطبق ، قلبه يتق
عبدالعزيز بنبرةٍ مكسورة ُمهتزة : بيخلص رمضان وبيجي العيد وكلكم
بتكونون عند اهلكم وال راح يهمكم شي .. بس أنا ؟ بكون عند مين ؟
عبدالرحمن : أنا أهلك .. أعتبرني أبوك أعتبرني أي شي
عبدالعزيز : ليه ماتحس أني بختنق من الرياض !! أنا ماني عارف وش
ِي
تستفيدون منِّ !! ِي ؟ وش تبون منِّ
عبدالرحمن : مانبي أحد يضِِّرك والله يا عز وأقسم لك بربي أنه فيه ناس
تبي تضِِّرك وأننا نبيك تكون قدام عيوننا عشان نرتاح ونتطمن أكثر
عبدالعزيز : ما تطمنتوا ! كم مرة أنرميت في المستشفى ؟ من جيت
الرياض والمصايب ما تفارقني
عبدالرحمن يُشير لسلطان بعينه حتى يتكلم ويقنعه
ِه على كتف عبدالعزيز : عز تعَّود ، يعني
سلطان ألتفت عليه وهو يضع كفِّ
كلنا نفقد ناس غاليين على قلوبنا لكن نتعَّود ،
عبدالرحمن و أراد لسلطان أن يح ِكي بأريحية أكثر ُرغم أنه ال شيء
ُمخبىء عنه ولكن مع ذلك أستأذن بالخروج وتركهم
سلطان : في أول سنة مسكت فيها منصبِي و ألقينا القبض على جماعة
تهِِّرب بالحدود جِّو ناس مجهولين وحرقُوا بيتي .. وفقدت أمي وأبوي اللي
هم بالنسبة لي حياتي كلها !! فقدت كثير بس ماوقفت .. بوسعود كم مرة
حاولوا يغتالونه ؟ ويخطفون بناته !! كم مرة أضطر أنه يحرم بناته من
الطلعة عشان محد يجيهم !! أنـا حتى زوجتي جننونها وفقدتها .. ليه
ِك ؟ ليه ماتحاول بس
ماتحاول تفهم أننا نحميك ؟ ليه دايم تأخذنا بسوء ظنِّ
تحسن الظن فينا ؟ إحنا مضطرين والله العظيم أننا مضطرين ..





مضطرين نخبي عليك أشياء كثيرة .. أنت بس عطنا وقت وراح تفهم كل
شي بوقته .. آلتستعجل علينا !! أنا ماتت أمي وأنا أحسبها تتعالج والكل
ِّي بما فيهم أبوك الله يرحمه عشان كنا في مرحلة مهمة تخص
خبَّى عل
الجوهي نفسه وكان يعرف أني لو دريت بوقتها ممكن يخرب مخطط كامل
كنا نجهزه من فترة طويلة ، أنت متصِِّور كيف أنه أحد يصلي على أمك
ِّي ؟ ألنه
ويعزيها وأنت ماتدري !! أسأل عبدالرحمن كيف أبوك خبى عل
كان يدري أنه ماهو من مصلحتي أعرف حتى لو كانت أمي ! أفهمني يا
عز أحيانًا نجبر أننا مانقولك ألنه ماينفع .. مايصير .. ما يصير تعرف
ِّخل نفسنا بكل
عبدالعزيز بلع غصتِه : ليه نرخص حياتهم ؟ طيب ليه ند ِ
هالمعمعة
سلطان بنبرةٍ ذات بحة ُموجعة : عشان أرضنا
،
تضع يِدها على قلبها : يمممه يممه قلبي يدق
ين على
ِّ
هيفاء : ههههههههههههههههههههه باقي

يوم بالتمام وتنزفِ
ريان
ريم بربكة وإبتسامة شقيَّة تعتليها : مدري كيف بنام ! أحس من الحين
بيجيني أرق من التفكير
دخل منصور : أحد منكم شاف يوسف اليوم ؟
هيفاء وريم : أل
منصور : غريبة مختفي .. جلس ليُردف : زوجته نزلت لكم ؟
ريم : أل ..
من ُصور رفع حاجبه : صدق نجال وينها ؟
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههه ياحبيبي حتى زوجته
مايدري وينها
منصور بنبرةٍ هادئة : بيجيك كف يعلمك كيف ماأعرف عنها
سمع سال ُمها من الصالة ، ألتفت ولم يعلم بانها موجودة : ان ِت هنا





له وبنبرةٍ
نجالء لم ترد عليه وهي تنزع الجالل بغض ب ، لتجلس ُمقابلةً
مقهورة : عسى قلبك تطَّمن ؟
من ُصور بضحكة : دام أشوفك أكيد متطِِّمن
ريم : عن أذنكم .. وخرجت
هيفاء تربَّعت على الكنبة وهي تترق . َّب الحرب الكالمية التي ستبدأ اآلن
َهر ،
نجالء بدأت تعض شفت يها من الق
منصور : تعالي أجلسي جمبِي وش فيك مبعَّدة مرة
نجالء : أتوحم عليك
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عاد
بحسب خبرتي المتواضعة النساة ماتجي في الشهر األخير
نجالء بحدة : وأن ِت وش دخلك ؟
منصور : خليها تح ِكي وتطلع اللي في قلبها كود تهدأ
نجالء : ومين قال في قلبي شي !! أكبر همي أنت وياها
من ُصور أبتسم : طيب
هيفاء : هِِّدي هِِّدي ال يتأثر عبود ويطلع لنا عصبي زي أبوه ، يقولون
نفسية الحامل تأثر
نجالء : ال حول وال قوة اال بالله .. قلت مالك دخل
هيفاء : ههههههههههههههههههههههه حرام عليك هذا وانا أحاول أسعِدك
نجالء : آلمشكورة ماتقصرين
ِي لي شاي بس
أسنانه : صبِّ
منصور وإبتسامة يتضح من بعِدها صفةُ
هيفاء تُحاول أن تُحِِّرك في نف ِس نجالء شيئًا : من عيوني يا أحلى أخو في
الدنيا
منصور : ههههههههههههههه أول مرة أحس نيتك صافية
هيفاء : حرام عليك أنت ومرتك ظالميني مررة
نجالء تُقلد صوتها : ظالميني مررة
منصور أنفجر بالضحك ليُردف : نجول خالص
نجالء : إيوا خالص !! الحين تقول خالص ! أشوف تفكيرك كله فيها
هاأليام وتسأل بعد





منصور يُجاريها : أتطمن
نجالء بقهر : تتطمن !! بعد تعترف
منصور : أتطمن على روحي وحياتي اللي هي ان ِت .. فيها شي
نجالء وستُق !!! ِّطِ ع شعرها : ال تستخف فيني
هيفاء : أنا بنحاش .. أشوفكم على خير ..
،
فتح عينه النائِمة على وشا ِحها ، ُصداع يُهاجمه ال يعرف كم من الوقت بقي
نائِ ًما على األرض ،
أستعَدل بجلسته و عيناه الناعسة ال تنطق سوى " غادة "
أعتصر رأسه بكفوفِه ُمتعبًا من الصداع و الذكرى و الفُقد و الوحدة و
أشيا ٌء كثيرة تُضي ُق بصدِر .ه
ِر رأسه اآلن
وقف و كاد يسق . ُط من دوا
فِي مينا ِء باريس الِذي يشهُد الغروب اآلن و الشم ُس تستِر في ُخدرها لتنام.
ِهي
ُمسافرين يجلسا ن على الصخِر الِذي ينت
ِن و المودعين و ال
بقُر ِب ال ُسف
ُمتسربة بين أصابع أقدا ِمهم ،
بالمياه ال
د شفتِها ال ُسفلى بأصبعها غير ُمصدقه : صدق ؟
ُّ
تم
ناصر بإبتسامة : لألسف
غادة : يا كذبك
ناصر : هههههههههههههههههههههههه ال والله كلمتهم وقالوا مافيه حجز
ِر
عشان ِكذا خلينا نغيِّ
غادة : أنت أصالً من زمان ماتبغى جنوب أفريقيا بس والله مشتهيتها
والبنات كله يسولفون عنها يعني مليت من هاألجواء أبغى شي جديد
ماشفته
نا ِصر : غادة يعني فكري بشاعرية شوي ، شهر عسل بأفريقيا وحيوانات
وأدغال ومدري وشو





غادة : بالعكس بيكون متعة ، صديقة هدول رايحة ويا زوجها تقول
َّونة و أصواتهم ويعني دنيا غير
تصبحين على عصافير مل
ناصر : مع إحترامي لها هي كذابة ألن مافيه عصافير ملونة ببيئة جافة ..
خلينا نروح مكان ثاني والله أنا نفسيًا ماأحب هاألماكن
غادة بقهر :كل شي أحبه أنت ماتحبه
ناصر : إال أحبك
غادة بضحكة : يعني والله تقهرني !! طيب ال تقولي أوربا ألن أحس كبدي
بتنفجر من لوعتها
ناصر : وش رايك بالرياض ؟
غادة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه نكتك بايخة
ناصر : آل صدق تدرين قبل أمس أشوف صور للمالديف
غادة : ماأحب الجزر
ناصر رفع حاجبه :المسألة عناد ؟
غادة بضحكة : ماأحب أجواء البحر
ناصر : هالمرة أن ِت اللي يا كذبك
غادة بإبتسامة : طيب أعلن موافقتي
عاد لواقعه ، تجهيزات الزواج مؤلمة و ُموجعة و ال حسنةٌ طيبة يقتب ُسها
من هذه الذكريات!!
يالله يا غادة لو تعلمين ما يح ُدث بي اآلن ومايفتُك بقلبي ؟ أمر ُض بك و
عج ٌز على ذاكرتِي الهزيلة أن تنساك ، لو تعلمين أن ِك تخترقين أعماقي كما
ِق
أن ِك الماء وال أستطي ُع العيش ُدونِه ، مَّرت سنَـة وأنا أع َجز عن تصدي
رحيلك و أقِف عاجز عن ُرؤيـ ِة غيرك و ال أرى أح ًدا يستح ُق ال ُحب كما
تستحقينه!!
ُطولها ُدون أن أسمع
أنا أقِف بعجز عق ٍل أن يُفكر .. كيف عشت هذه السنة ب
و ِصلك
ُ
ُشار ِكك طعامك ، أن أ
صوتِك ، أن أختار مع ِك فستانك ، أن أ
، أن تُعلميني الفرنسية
"
" أنا لحبيبي وحبيبي إلي
بسيارتي ، أن تُخبريني
كما أنَّها تتغن ُج بين شفت يك ، أن تعقدين ربطة ُعنِقي بطريق ٍة كالسيكية تُشبه





ا أن ِك ُمختلفة
الفيونكة التي تعتِلي جبينك إن شكك ِت بكالِمي ، أخبرتُك ُمسبقً
حتى في غضبك ، لم ت ُكونِي إمرأة عادية ألُحبك بل ُكن ِت ُمختلفة ألكتمل
بك.
يُتبع
،
زن ، ُربما ألن وق ُع الطال ِق تتشاب ُك كفوفها بإرتباك ، تشعُر بالضيق و ال ُح
على نفسها ُمِّر .. أو ألنه من سلطانِها ، يالله على ال ُحز ِن الذي ينها ُل عليها
ُظن ولكن لم تترك لي
بما ت
، حاول ُت أن أقسم لك يا سلطان بأنني بريئةٌ
ريد بداي ٍة معك " لو أ َّن ال وجود لهذه الكرامة
ُ
مجاالً حتى أقُول لك " أنني أ
ل ُكنت بين أياديك اآلن ولكن ُكنت قاسي ج ًدا حد أنني الأستطيع أن أقف مع
دافع
ُ
ِر َك يُمناك و مجبُورة أكثر أن ال أ
قلبي الذي يُريدك ، مجبُورة أن أت
َمك وأنت تُبصق علي بظنُونِك السيئة
أما .
واِلدها : كلمته و قال إن شاء الله
لم تستطع إخفاء دمعتها التي تنساب بهُدوء على خِدها ، " إن شاء الله "
على أمُر طالقي .. لم يتحشرج بها صوتِك وأنت تقولها ؟ لم يتحرك بك
شيئًا ؟ لم يضي ُق قلبك وأنت تلفُظها ؟ أيعني أنني سأنتظ ُر ورقة طالقِي منك
في ُكل صباح ؟ أو ُهناك أم ٌل للرجوع ؟
و سأتج
ريدك "
ُ
يالله يا سلطان ليتك فقط تعتذر عن كلماتِك و تقُول " أ اهل
كل شيء و أقع بك كما لم أستطع من قبل.
ليتك تُف ِكر قليالً .. ألهذه الدرجة ال أملك مساحة صغيرة في قلبك ؟ . . و
تلك النظرات كيف أنساها ؟ نظرا ُت ُحبك .. قُل أنك تحبني وأنني ال أتو َّهم
؟
ُحبك
ريد أن أموت مرت ين ، فقط تريَّث .. التتركني ، والله أ
ُ
أر ُجوك ال أ ..
ُحبك وأنا ضعيفة مكسورة ، ُكنت
ُحبك بكامل إنهزاميتي وخسارتي .. أ
أ
جيدة طوال األيام الماضية ولم ي ُهمنِي حديثك ولم يشغل بالي أي ًضا ، تقربت
من الله حد أنني أستغني ُت عنك لفترة ولكن اآلن أشعُر بأن الله يُمرضني





بك ، كلمة " طالق " أشعلت في قلبِي ُحبًا ال ينضب ، حبك في
ُ
لماذا أ
النهاية ؟
نح ُن ال نختار بداياتُنـا لذلك نِقف حمقى أمامها وال نُحسن التدبير بها ولكن
دائِما بالنهايا ِت مانخ َسر ، ألننا نضجنا بما يكِفي حتى نشعُر بأ َّن الرحي ُل
نا األخير
ُ
. نـا و حل
مالذُ
،
بجانِبها و غرق في نومه وهي األخرى تغر ُق أي ًضا عل
َ
ى صدِر نام ه ،
ُمنت ِظمة ،
ِن سوى على ه ُدو ِء أنفاسهم ال
مَّرت الساعات وال تشهُد ال ُجدرا
. الغُروب وهم نيَام
الساعة تقتر ب من الثانيـة فج ًرا منذُ
بدأت ُمهرة بالحركة وعينها تنفتِح بهُدوء ، رفعت رأسها ليرتطم بوج ٍه
يُرهقها اآلن و ُربما نو ِمها كل هذا الوق
ٍ
بشِري ، ُصداع ت يجعلها في
وضعية ُمت ِعبة ، فتح يُوسف عينه ب ِضيق ، ثواني صمت طويلة ليستعِدل
يُوسف ويجلس ، أخذ ساعته : الساعة ثنتين ..
مسح على رأسه وهو اآلخر يب ُدو الصداع يداهمه : مدري كيف نمت !!
يُوسف يدفن وجهه
ُمهرة وعينِها متو ِرمة من البُكاء ، أتجهت للحمام تاركةً
في الوسادة بإرهاق كبير.
تن َّهد وهو يسحب هاتفه ليرى إتصاال ٍت كثيرة ، فتح المحادثات وأو ُل
"
محادث ٍة بالواتس أب كانت لـ " علي
"يا خايس ... يا معفن ... يا زالبة .. يا كلب ... رد ياحيوان ... طيب أنا
أوريك ... ما ر ِّد الكلب إال لقصابه ... يا حمار ... يوسف صدق رد يخي
فيه موضوع ضروري .... يعني ماترد ؟ ... طيب يا ولد عبدالله" ...
أتصل عليه بصو ٍت ملي ٌء بالنوم : خير مقلقني ؟
علي : وأخي ًرا رديت يا زالبة يوم جاء دورك هربت
يُوسف ضحك ليُردف بصو ٍت ُمثقل : والله نايم وال دريت عنكم
علي : طيب قم وال عليك أمر وتعال اإلستراحة فيه سحور على كيف كيفك
يُوسف : على حسب اللي جايبه ، إذا طارق أنسى





علي : ههههههههههههههههههههههه ال وال يهمك هالمرة انا بنفسي
يُوسف ب ُسخرية : عاد الله واألكل اللي بتجيبه ، آل معليش بتس َّحر في بيتنا
عند أميمتي
علي بخبث : أميمتك !! الله يالدنيا
يُوسف وفهم قصده : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يخي
ال تضحكني وأنا توني صاحي من النوم ، أحس صوتي كنه صوت واحد
تَّوه بالغ
علي : عييب عيب هالكالم مايجوز ههههههههههههههه
يُوسف يلتفت على ُمهرة التي تقف عند المرآة ويخفض صوتِه : عندك شي
ثاني ؟ يعني هذا الموضوع الضروري ؟
علي : يخي تعال كلهم صايريين ثقيلين دم
يُوسف أنفجر بضحكته ليُردف : تَّونا قبل كم يوم تقولون أنا السامج
المهايطي
علي : بس معليه سماجتك تنرحم عندهم
يُوسف بهُدوء : ال والله مالي خلق ، توني صاحي وخمول وإرهاق برجع
أنام بعد شوي
علي : طيب أنقلع .. وأغلقه بوجهه
يُوسف وهو على السرير يُريد من يحمله إلى الحمام من شدةِ خموله :
روحي أكلي لك شي قبل ال يأذن
ُمهرة بهُدوء : ماني مشتهية
يُوسف وقف : أجل أنتظريني .. سحب منشفته و دخل الحمام.
ُمح َّمرة ،
ُمهرة لم تفهم معنى أن تنت ِظره ؟ ، جلست وهي تتحسس عيناها ال
حامل ؟ يالله ما أش ُد ضيق هذه الكلمة !! في وق ٍت تتسابق به اإلناث للفرح
بطف ٍل يتغذى بأحشائِهن إال أنا.
سي ُكو ِن عمه قاتل لخاِله الذي لم يراه ؟ وق ُع هذه الجملة كسي ٍف يُنغرز في
ُم بيننا وال تتزن ، ليتهُ
يُوسف ال يشعُر بأ َّن هذه الحياة ال تستقي
َ
قلبِي ، ِلم
يفهم فقط يفهم .. يُمارس الزواج التقليدي بحذافيره ُدون أن يلتِفت
لمشاعِري ولو قليالً.





" الفوطة " تلت ُف
دقائِق طويلة يحترق بها قل ُب ُمهرة حتى خ َرج يُوسف و
حول خصره و قطرا ُت المياه تسق ُط من شعِره على صدِره العشبِي ،
أبعدت أنظارها للنافِذة الطوليـة في لحظا ٍت أرتدى بها يُوسف مالب ِسه
ووقف أمام المرآة يُجفف شعِره ، لم ينتبه لدُموعها وكل تف ِكيره بأنها فترة
مر ، يُدرك أنها ُمنزعجة و انها تشعُر بأنها تبني حياتها في منزل قتلى
وست ُّ
و لكن ُكل هذا سيتصحح بالقريب العاجل ، أنا مؤمن بأن بع ُض األشياء
نتركها للوقت هو من سيتصرف بها ويقنعنا بها.
ألتفت عليها : خلينا ننزل تحت
لم ت ُرد عليه ، أقترب منها ليلحظ دُموعها ، جلس بقُربها و كفوفه تمسح
دُموعها : بتبكين إلى متى ؟ يعني بيتغيَّر شي ؟ بيموت اللي في بطنك إذا
بكيتي وال بيختفي كل شيء بمجرد ماتبكين !! خالص حاولي تتصالحين
مع نفسك وتتكيفين مع الموضوع!
ُمه موضوع
رة بكالِمه تزي ُد بُكائِها لتردف : بسهولة ؟ تبغاني أضحك على ال
وال أنبسط !! يالله على برودك وأنا أحترق .. ماتحس فيني ؟ ماتحس كيف
هاأللم يذبحني
يُوسف عقد حاجب يه : أحس فيك ، بس أبيك ترتاحين
ُمهرة : ماراح أرتاح ؟ كيف أرتاح وأنا ماني واثقة فيك وال أحس باألمان
معك ؟
يُوسف ُصِدم بل ُصعق ، نزلت كفوفه عن وجه ُمهرة ، تفكيره متوقِف
ُمستحيل أن تكون صادقة بكالمها ، يالله ألهذه الدرجة و َصل ُكرهك ؟
ُمهرة تمسح بقايا دُموعها على وجهها : أبي أروح حايل و اليوم قبل بكرا
يُوسف ين ة : طيب إذا تبين ُظر إليها بنظرا ٍت غير مفهومة ، بنبرةٍ ُمتزن
ترتاحين عند امك فترة ماعندي مانع
ُمهرة : فترة ؟ يعني تبغى تجبرني أجلس عندك وأنا ماأبي هالحياة معاك
يُوسف بهُدوء : ماراح أجبرك !! تبين الطالق ؟
ُمهرة بصو ٍت مخنوق : ماأبي أي شي يربطني فيك
يُوسف : يعني ؟ . .بعصبية يُردف : هذا ولدي حطي هالشي في بالك !!!
ُخرى : ماأبي .. ليه ماتفهمني .. كيف
ُمهرة ترتج ُف أهدابِها لتب ِكي مرةً أ





أعيش معاك قولي كيف ؟
يُوسف بغضب كبير : وأنا ماراح أجبرك !! بس يطلع الصبح أوديك حايل
هاللي ميتة عليها !! لكن اللي في بطنك تحافظين عليه و ال تخليني أهِددك
وأكون حقير يا ُمهرة
ِّي ر ُجل
ُمهرة ضغطت على شفت يها حتى تمنع شهقاتِها ، يُريد أبنه مثل أ
شرقي ال يشعُر بالمرأة سَوى ج َسد يتكاثَر بأطفا ٍل صغار.
ِّي شي
يُوسف بنبرةٍ هادئة : طيب قومي أكلي لك أ
ُمهرة بضيق : ماأبغى
يُوسف تغلغلت أصابعه في أصابع ُمهرة ُرغ ًما عنها ليُوقفها : أمشي
ُمهرة بكاء ،
مالِمحها تنت ِشر بها تجاعي ُد ال
يُوسف : التب ِكين
ُمهرة و سقطت دُموعها الغزيرة بإنسيابية : ضايقة و ماني مشتهية شي
يُوسف و جسِده يُالصق جسِد ُمهرة : قلتي تبين حايل وقلت لك من عيوني
، قلتِي تبين الطالق قلت لك طيب وبوقتها نتفاهم .. وش أسوي عشان
تروح هالضيقة ؟
ُمهرة تختنق بقُربِه ، تشعُر بالضياع بأ َّن ال احد ستحتِمي به ، تشعُر بالذل
إن أقترب أو حاولت هي اإلقتراب ، تشعُر باإلهانة بأ َّن ال كرامة لها إن
وافقت يُوسف بما يُريد ، تُريد أن تُدافع عن عزة نفسها و لكن أي ًضا
ستخرج من جحيِم قل ٍب إلى جحيِم عق ٍل وتخل ٍف بأوسا ِط خوالها.
يُوسف يمسح دموعها ويرفع خصال ِت شعرها عن عينِها : خالص التب ِكين
وتتعبين نفسك على شي راح وأنتهى ، أمشي نآكل الحين قبل ال يأذن و
بعدها ترتاحين و بس تطلع الشمس نمسك خط حايل
،
ُممسكة الشوكة التي تعكس مالِمحها الهاِدئة ، تحاول أن تمسح الكحل
ال سال أسفَل عينِها ، ُم
قاطعها ح ُضو ِر األنثى السعُودية : أفنان أبغى أسألك وين أرشيف





المحاضرات ؟
أفنان : والله مااعرف يمكن .. أتوقع أنه كل ُمحا ِضر يحتفظ بأرشيفه
لوحده
األخرى : آل ُمستحيل ألن رحت إلستاذة آنجي وقالت أنه ماعندها
أفنان بنظرات حيرة : طيب تعالي نروح المكاتب اللي تحت أكيد هم
يحتفظون فيها
األخرى : ال يخِِّوف الدور األول كله رجال ونظراتهم ترِِّوع
أفنان : ماتوقعتك جبانة يا سمية
سمية : هههههههههههه بسم الله على قلبك الشجاع .. أمشي يالله
ُمفرطة ، نزلوا لألسفل متوجهين للمكاتب
أفنان وقفت وتتظاهر بالشجاعة ال
المنزوية بآخر ال ُدور ،
ُمحا ِضر المصري : وين نلقى أرشيف المحاضرات ؟
أفنان تسأل ال
ُمعتاد عليها : بالداخل
ُمحاضر بلكنة الفُصحى ال
ال
ُوا والغبار يهجم عليهم
أفنان : شكرا .. دخل
سمية : وععع وش هالقرف .. وين أدِِّور الحين
أفنان : شوفيهم مرقمين .. شهر أوقست بهالممر
سميَّة : آمممم أبغى محاضرة يوم اإلثنين حقت استاذ نواف و أبغى
محاضرة إستاذة أنجي ومحاضرة الدكتورة كريستا
أفنان ألتفتت للرفوف الممتلئة بالملفات ذوات األلوان الكئيبة : أبحثي أن ِت
باليسار
ُسمية تُدندن وهي تبحث : آممممم لقيته هذا حق استاذة أنجي بس لحظة
بآخذ بس حق يوم اإلثنين
أفنان : هنا أسماء غريبة..
ُسمية شهقت لتلفت عليها أفنان و تصرخ هي األخرى
،





ِه ، وضع ذراعه األخرى خلف كتِفها : بس
يسي ُر بجانِبها والسال ُح يُعانِق كفِّ
؟
رتيل أبتسمت : إيه بس
والدها : هالمَّرة بصدقك
رتيل : وش دعوى يعني أكذب عليك ؟
والدها : ألني مشتاق لضحكتِك ، أنا أحب رتيل اللي ماتنهار بسهولة و
اللي دايم تضحك و تحييني بضحكتها
رتيل بهُدوء : كبرنا
والدها : ههههههههههههههههه كالم جديد ، كبرتوا على وش ؟ على
الضحكة ؟
رتيل بشقاوة : آل جاني الهم
والدها يلع ُب بشعرها : والله ؟ وإن شاء الله وش هالهم
رتيل بسخرية : ال ه ِّم بنات وش يعرفك فيه
والدها : أصير لك بنت
رتيل : ههههههههههههههههههههههه على طاري البنت ، عبير ماقالت لك
شي ؟
والدها رفع حاجبه : أل .. ليه ؟
رتيل : ال وال شي بس هي عندها موضوع
والدها : حتى مقرن يقول عندها شي !! وش سالفتكم ؟
رتيل وهاال ٍت سوداء حول عينِها التي تضحك اليوم : روح أسألها وش
دخلني أنا ؟ ،
والدها تن َّهد : طيب مافيه شي ثاني تبين تحكينه لي ؟
رتيل : آل تطَّمن
والدها : شي من هنا وال من هناك
َّع هاأليام
رتيل بإبتسامة : وال شي أنا صايرة أتدل
عي لين تقولين بس
َّ
والدها : يحق لك ، تدل
رتيل ضحكت لتُردف : ال والله مدري وش صاير فيني ، صايرة بكايَّة أي
كلمة تبكيني





والدها ويشعُر بأنَّها حزينـة وكأ َّن قلبها يُخبرها بأ َّن أمًرا ال تعرفه و قد
يكون سيئًا يرتبط بها ، يالله إن كانت تشعُر ؟!!
رتيل : وين رحت ؟
والدها : معك ، يالله أدخلي نامي
رتيل : آل مافيني نوم بجلس شوي هنا .. *تذكرت وجود عبدالعزيز* آلآل
خالص بدخل داخل
والدها : طيب يا روحي شيلي هالكراتين وأتركيها على جمب والخدم بكرا
يرمونها
رتيل : إن شاء الله
والدها : تصبحين على خير
رتيل تُقبِّ ا ِل جبينه : وأنت من أهل الخير والسعادة .. ب ُمجرد د ُخو ِل والده
ِق
ذهبت لتحمل الكراتين المثقوبة بطلقات النار ، تركتها جانبًا وبطري
ِه على فِمها ،
العودةِ سحبها شخ ٌص لصدِره وكفِّ
ٍن مرعوبة ،
ألتفتت بعي
،
وقفت ُمتخ ِصرة أما ِمه لتلفُظ بنبرةٍ ُمتغنِجة : أيوا ؟ وش قلت ؟
سلطان بحدة : حصة أمسكي بنت ال والله أخليك تصلين عليها الليلة
حصة بعصبية : عنوود ووجع ! أنقلعي لغرفتك
العنُود بنبرةٍ ُمهددة : شف ال تنسى موضوع سعاد !! يعني إذا ماتبغى
يوصل لزوجتك شي عن ماضيك الجميل!
سلطان وقف وبجنُو ٍن غاضب : تهدديني ؟ أنا أتهدد ؟
حصة بترجي : تكفى سلطان خالص أجلس
العنُود بضحكة خبيثة : إيوا بالضبط أنا أهددك يا عِِّمي وش تبغى تسوي ؟





.
أنتهى + أتمنى أنه يُلتمس لي

عذر إن تأخرت يعني ماله دا ِعي أدخل
صفحتي بالسايات مي وألقى كالم ممتلىء بسوء الظن.
للمَّرة األل ف أكررها إن وعدتُكم بينزل بارت بيومه فإن شاء الله ماراح
يمنعني شيء وبينزل لكن ممكن أتأخر بالوقت لكن بالنهاية ينزل بنفس
اليوم إال إذا صار شيء منعني وأكيد ببلغكم وماراح أتركم ،
+اللي يسأل عن أعراض ُمهرة ببداية األمر وأنه مستحيل حمل إال قبل
مايِِّمر عليها أسبوعين وأكثر ،
ببساطة اللي سَّواه يُوسف كان ألَّول مرة فطبيعي يجيها غثيان والخ
خصو ًصا أنه نفسيتها كانت غير قابلة لألمَر.
نلتِقي بإذن الكريم - األحد-
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى()
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
و ال ننسى أخواننا المسلمين في بُورمـا و ُسوريــا , كان الله في عونهم و
أعوانه عجائِب قُ . اللهم أرنا في بشا درت ك ٍر و
الجزء )

)





إن قصتنا التكتب ،
وسأحتقر نفسي لو حاولت ذات يوم أن أفعل ،
لقد كان شهرا الذي اليُفهم ، كالمطر، كالنار، ً كاإلعصار
كاألرض المحروثة التي أعبدها إلى حد الجنون
وكنت فخورا بك إلى حد لمت نفسي ذات ليلة
حين قلت بيني وبين ذاتي
أنك درعي في وجه الناس واألشياء وضعفي ،
وكنت أعرف في أعماقي أنني ال أستحقك
ِّي
ليس ألنني ال أستطيع أن أعطيك حبا تعين
ولكن ألنني لن أستطيع االحتفاظ بك إلى األبد
*غسان كنفاني.
،
ب في قلبها و ال ُحمَرة تكت ِسي
ُّ
َمة هي األخ َرى و الخو ف يد
وقفت ُمتصن
ُمرتجف ، أمام أشباح أم ماذا ؟ لم
وجهها وعيناها تكاد تختنق من بياضها ال
نؤمن بو ُجود األشباح يو ًما .. من هؤالء ؟
همست بصو ٍت ُمهتز : خلينا نركض
ُسمية : شوفيهم ما يشوفونا ؟
أفنان تُغمض عيناها بش َّدة : ماأبغى أشوف تكفييين خلينا نروح .. نادي أحد
ُسمية رجعت للخلف وأرتطمت بِر ٍف لتسقط عدة ملفات على األرض ،
ُمكتسين بالسَواد من رؤوسهم إلى أقدا ِمهم و ال يظهُر
ألتفتُوا األربعة ال
، سا ُروا بخطوا ٍت موسيقية ُم البياض إال من أسنانِهم ال رعبـة ُمنقطة بالدَماء





، بلعت ريقها أفنان و ال صو ُت لها ، و ُسمية فكوكها ترتطم في بعضها
وترتجف لتصرخ ،
بصرختها رك ُضوا بإتجاههم ليرك ُضوا بال م َسار بين األرفُف و الممرات
الضيِّ . ِقة
ُمغطاة ببعض األتربـة ، ألتفتت
ُج َّرت قدم أفنان لتسقط على األرض ال
عليها ُسميـة وكادت تعُود إليها لوال آخ ًرا ش َّدها من فِمها و كِفِّه ذات رائِحة
َّطخ شفت يها بسائِ ٍل لزج ،
مع ُجون الطماطم ، ل
أنطفأ النُور لينت ِشر الظالم و ال مجال للنُور إال من نافذةٍ علويـة قريبة من
السقف ، أفنان الواقعة على األرض رفعت عينها لبصيص النُور ال عث ُمنب
لتتالقى عيناها مع عينا ه َّرةٍ حمراء كـ مش ُروب التُو ت القاني ،
أفنان برجفة : سميــة ..
و الصو ٌت سوى صداها ، قتلوها ؟ ال بُد أن يقتلوها ؟ ُربما عصاب


إعدادات القراءة


لون الخلفية