الفصل 97


متعب بصدمة : من جدك؟ يمكن شخص يستهبل
فيه مجنون يتصل علينا ويستهبِ أحمد بإنفعال : ل!! نوديه بداهية . . . .
ا ويفتحه : طال ُعمرك
هرول سريعًا نحو مكتب سلطان ليطرقه ثالثً
ا ال صا ِحب لها، يقرأ
سلطان المنشغل باألوراق ال يُجيبه، يقرأ بتمعن أوراقً
خيبته و فشله.
أحمد بلع ريقه : فيه إتصال مهم لك
سلطان : عبدالرحمن؟
أحمد : ال ر ..





َي مكالمات
سلطان يُقاطعه : ما أبي أحد يزعجني ال تحَول لي أ
أحمد : بس . .
َي مكالمات
سلطان رفع عينه الحا َدة : قلت ال تحَول لي أ
أحمد برجاء صوته : طال ُعمرك اللي متصل . . .
سلطان بغضب ال يحتمل المناقشة : ما أبي اكرر كالمي مليون مرة عشان
تستوعبه!!! . . أطلع برا وس َكر الباب
َسة : وش
أحمد بخيبة عاد للخلف وأغلق الباب، أندفع إليه متعب بحما
صار؟
أحمد : واصلة معه! مقدرت أقوله كلمة وحدة اال أكلني
متعب : الزم تقوله! . . لحظة مافيه غير بو منصور هو اللي يعطيك الجَو
َر المضبوط!! . . . . أخرج هاتفه ليت ت لحظات طويلة أمام َصل عليه، م
ترقب أحمد المتوتر : السالم عليكم
عبدالله : وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
متعب : شلونك يا بو منصور ؟
أحمد يُشير له بيد يه أن يستعجل ويختصر بالكلمات.
عبدالله : بخير لله الفضل والمنَة . . صوتك يقول فيه شي؟ عساه خير؟
متعب : هو خير إن شاء الله . . . بس الله يسلمك بو بدر اليوم ماهو قابل
َي شي لكن حصل أمر ضروري والزم يعرف فيه وقلنا مافيه حل
النقاش بأ
غيرك خصوصا أنه بو سعود ماهو موجود بعد
عبدالله وقف ليخرج من مجلسه، عقد حاجب يه : وش اللي حصل؟
متعب بلع ريقه ليلفظ بخفوت : رائد الجوهي اتصل ويطلب تحويل مكالمته
لبو بدر
بت سيقانه بدهشة ليُردف : أتصل على مكتبه؟
عبدالله تصلَ
متعب: إيه على مكتبه . .
ي الحين وبتصل على جوال سلطان بس أهم شي ال ينقطع
عبدالله : أنا جا
اإلتصال . . .
متعب : أوكي إحنا ننتظرك
عبدالله : فمان الله . . أغلقه ليعود لمجلسه، أخذ مفاتيحه وخرج.





ي الحين وبيتصل على بوبدر
متعب : يقول أنه جا
أحمد : تهقى صاير شي؟ خوفك صاير مكروه ببوسعود وال أهله!!
متعب : فال الله وال فالك إن شاء الله مو صاير كل خير . . . الله يطمننا
عليهم ويريَح بالهم
،
يجل ُس ب ُمقابل الدكتور في المستشفى الذي احتضن جثثهم في العام
الماضي، بنبرةٍ هادئة ) يتح َدث باإلنجليزية ( : ولكن مصادرنا تثبت
الرشوة، هذا أمر ال يحتمل الشك! الذي نسأل عنه هو من سل ! َم هذه الرشوة
الدكتور : أعتذر منك ولكنك تتهمنا ُدون دليل، نح ُن في هذا المستشفى
تهَم نُتهم بأننا أخف ينا جثثهم! نا كل روح تأ ِت إل ينا فما بالك بأربعة أشخاص
عبدالرحمن : األم و اإلبنة الصغرى نح ُن واثقون من أمر جثثهم ولكن
اإلبنة الكبرى حيَة تُرزق هذا يعني أن هُناك جثَة وشهادة وفاة استخرجت
من طر ٍف نجهله! وهذا ما نبح ُث عنه
الدكتور : ا ! ُستخرجت من إبنه
عبدالرحمن : إبنه لم ي ُكن لديه علم بوجود شقيقته! دفنهم جميعًا موقنًا بأنهم
أموات
الدكتور بإبتسامة : ال معلومة أملكها تُفيدك
د َخل السلطات بالتحقيق وتتجه المسألة إلى
ُ
عبدالرحمن : ستُجبرني أن أ
أكبر من ذلك
ا بما أملكه، أتت جثثهم جميعًا وتم
الدكتور اختفت إبتسامته : أعلمتك ُمسبقً
استخراجهم أي ًضا جم من اإلبن
ٍ
يعهم بتوقيع
عبدالرحمن بح َدة يستدرجه : و اإلبنة الكبرى لم ت ُمت! كيف تُستخرج
جثتها؟
الدكتور : هذا ماال علم لنا به، نح ُن فعلنا كل ما بوسعنا إلنقاذهم ولكن األم





و اإلبنة اصغرى توفوا هنا بينما البقية أتاهم الموت قبل وصولهم
للمستشفى
عبدالرحمن : هذا األمر تُخبره أل َي رج ٍل بالشارع وسيصَدقك ولكن أمامك
َرق بين الصدق والكذب .
شخص استجوب الكثير في حياته وبإمكانه أن يُف
ُح َذرك للمرة الثانية من التالعب بالكالم فأنا ال أرضى على وقتي بأن
. أ
يضيع بمثل هذه التفاهات! من أتى للمستشفى وق َدم الرشاو ي لتزوير
التقارير الطبية المتعلقة بأفراد العائلة! أظن أن السؤال واضح
الدكتور : ال أعلم، هُناك أالف األشخاص يأتون المستشفى في اليوم الواحد
عبدالرحمن : ومن األلف ُهناك واحد يزعزع تحقيقا ٍت قد تؤثر بمنطق ٍة
كاملة! هل تُدرك ما أعنيه؟
الدكتور : يُسعدني أن أساعدك ولكن تطلب مني شيئًا اجهله
عبدالرحمن بغضب : من ق َدم الرشاوي لتزوير التقارير الطبية المتعلقة
بهم؟ لن أكرر السؤال كثي ًرا وإن كررته فال تحلم بأن ت ِجد مهنتك في اليوم
التالي
الدكتور : تهديدك هذا يجعلني أطلب أجهزة األمن، أرجوك لنُنهي هذه
المحادثة فأنا ال علم لد ي بما تقول
عبدالرحمن : سأشتكي كمواط ٍن عاِدي بمراكز األمن ُهنا وسأشتكي أي ًضا
بتدخل السلطات كمسؤول! وأنت تُدرك تما ًما خطر ما تُخفيه
الدكتور وقف : شكًرا لزيارتك
عبدالرحمن وقف هو اآلخر : تذ َكر جي ًدا أن صمتك هذا يُكلفك الكثير!!! . .
. خرج متنهًدا من هذا الدكتور الذي يُخبىء بعين يه الكثير من األحاديث،
أخرج هاتفه ليتصل على سلطان ويأ ِت الرد : مغلق.
" نايف " الذي أنار الشاشة، أجاب : هال
كان سيُعيد اإلتصال لوال إسم
نايف
نايف بحماس : تذكر يوم قلت أنه فيه رسالة وصلتني من رقم غريب لكن
ما وصلتني كاملة وكانت رموز ماهي مفهومة! اليوم وصلتني رسالة ثانية
بوجود بنتك
عبدالرحمن بدهشة : بنتي! . . الرسالة من مين؟





نايف : ماعندي علم . . أنا الحين رايح المكان قريب من غرب باريس
ي الحين
عبدالرحمن : أنا جا . . . .
،
ينتظ ُره بالمقعد الخشبي في المكان المخصص لمقابلة المساجين، بدأت قدمه
باإلهتزاز في كل دورةٍ يُنهيها عقرب الساعة، تتصاعد أنفاسه لدقيقة لتخفُت
لدقائِق طويلة، ه ُدوء األنفاس ال يعني أننا حت ًما بخير، أحيانًا ي ُكن إحتضار .
أخفض رأسه لتتجه أنظاره نحو قدِمه، كان أكث ُر ما ال أريد مواجهته
بالحياة، أن أواجه نا ِصر كطر ٍف آخر منفصل عنَي بعد أن كان ُجز ًء منَي،
نا ِصر الذي قاسمني الحياة وب َكى معي في الوقت الذي كنت ال أريد مواساةً
من أحد، ال أريد ي ًدا تمس ُح دمعي، كنت أريد أح ًدا يبكي معي ويُشاركني
َ كنت مثلهم وأنت منَي؟ احرقوا قلبي
ي؟ ِلم
فعلت هذا يا ناصر ب
َ
مآسآتي. ِلم
ِري زدتُها لهبًا/إشتعاالً،
وأنت بدل أن تُطفىء نا كيف هان عليك؟ يا عزائي!
ُخضع من أجله كل شيٍء حتى ال
يا فجيعتي! يا ُحزني الكبير فيك يا من أ
تسقط ب ُحزنِك أب ًدا، ولكنك أسقطتني! أسقطتني وأنا الذي توقع ُت أن يداك ال
تدفعني للحزن، يداك ترفعني للفرح. " ليه ؟ " هذا السؤال الذي ابحث عن
َو إجابته، لم أستغرب أن يُؤذين تي
ي أحد! أنا أدركت تما ًما مهما بلغت ق
ومهما بلغ ُعمري إال أن العائلة إن فقدتها، تفق ُد ذاتِك، وإذا فقدت ذاتِك
ضعفت، وإذا ضعفت تمرض بالحياة، وإذا مرضت بالحياة تسلَط العالم
بأكمله حتى ال يُشفيك، حتى يراك تموت ببطٍء ُدون أن يسقط دمعةً وا ِحدة
ي، ًء عليك، لذا
عزا لم أستغرب! كنت أشعر دائِ ًما بأن ُهناك أذى ُمخبأ ل
ولكن أذى الروح كيف نصطبر عليه؟ كيف نداويه؟ ولكنني اآلن أستغرب
كيف رو ًحا تؤِذي جسدها؟ كيف تؤذيني بهذه الصورة يا ناصر؟
رفع عينه ل ُخطاه التي توقفت ب ُمجرد أن رآه، فتح الحارس القيد الذي يُقيَد
يِده ليلفظ : ُدون لم ٍس وال ُمصافحة!
وقف عبدالعزيز لينظر إل يه بغ َصة تحكيها عين يه، ثب َت عيناه بإتجاهه





والكالُم فقير، بلع الشهيق الذي احتبس بفِمه ليلفظ بسخريَة على حاله وهو
يحترق بمرارة الكلمات : هال بأخو ي . . هال برفيقي . . هال بزوج أختي .
. هال باللي مقدرت أبكي اال ق َدامه ومقدرت أش ِكي اال له . . هال باللي
َصر بوجيعته
أوجعني وما ق
ناصر شتت نظراته ب ُحرقة ال تقل عن حرقة روحه أب ًدا، بنبرةٍ خافتة :
عبدالعزيز
عبدالعزيز بإنفعال : وش أعذارك؟ مو انا الحين الزم أسمع أعذار الكل
وأقول معليش يا نفسي مالك حق تزعلين وتضيقين! ُهم لهم أعذارهم وأن ِت
يا نفسي وش عذرك؟ . . أبد ما صار شي! عاِدي ج ًدا اللي يصير، أنا
بخير، أحس ضلوعي تتك َسر بس أنا بخير . . وقلبي يوجعني بس بخير . .
كل هذا عاِدي أصالً! وش صار؟ بس صار أنه أختي . .
تحشرج صوتُه بالكلمة وهو يختنق بها : حيَة! هذا بس كل اللي صار! . . .
ليه ؟
ناصر نظر إل يه لتضيق حنجرته به : آسف
و ُحب " غادة " :
" غادة "
و روح
عبدالعزيز احمَرت عيناه من " غادة "
قلت ما يوقف ضَدي! لو كل هالناس يوقفون ضَدي بس هو ما يوقف! . .
يصير ضَد نفسه؟ . . بس
مستحيل يوقف ضد جزء منه! كيف أصالً
صرت يا ناصر! ليه بس قولي سبب واحد!!
ناصر : كنت بقولك! والله العظيم ماكنت أبي يوصلك الخبر من غيري
لكن جوالك مفصول من شهر وأكثر
ي هنا؟ قلت
عبدالعزيز : وهذا عذر؟ . . تدري وش قلت في نفسي وأنا جا
راح أذبحك بإيدي وأشفي هالقهر اللي فيني منك! بس كالعادة! أنا عاجز
عن كل شي! . . عاجز عن الحياة،
جلس على مقعِده بإختناق ليُخفض رأسه حتى ال يرى دمعتِه : أتمنى الله
يرحمني ويآخذ روحي! روحي اللي محد ف َكر يسوي لها حساب . . على
َي
األقل لو قلتوا خلنا نخاف الله ومانفجعه! لكن متخذيني شخص ما يحمل أ
إحساس! نضرب مشاعره في البالط بس أهم شي نفسنا! أنا إذا عشت
بكون خراب لكل شخص بواجهه في حياتي! حتى أنت يا ناصر! . . بقهر





أرتفع صوته : أختي! . . . أختــــــي يا ناس ماهي وحدة من الشارع
عشان تبعدوني عنها! . . لمين أشكي؟ قولي بس لمين؟ أنا صرت حتى
أخاف على نفسي! أخاف من األفكار الزفت اللي تجي في بالي . . !
رفع عينه إل يه بو َجع يُسقط أثقاالً فوق ظهره : على فكرة ما أطلب منكم
الحين أنكم تتذكروني مستقبالً! ماأبيكم تتذكروني بموتي بس أنا راح
أذكركم يوم القصاص . . .
بقسوة عين يه التي تحبس دمعها يُكمل : أوجعتوني لدرجة ماني راضي إني
د الو َج أقتَص منكم بالدنيا وبس! . . . ما تخيَلت وش ق ع يوم قلت ماهو الزم
يعرف الحين! ما تخيَلت وش ممكن يصير فيني! . . . ) بعصبية ( يخي
حتى لو إني ر َجال قايم بنفسي ومخلَي عواطفي على جمب هذا ماهو
معناته أنه عادي تجرمون فيني . . . . . . . !
ناصر الذي ال يطي ُق إنكسار عبدالعزيز، الذي يكسره هذا اإلنكسار :
عبدالعزيز يكفي . . !
عبدالعزيز وقف ليقترب منه : بقولك عن شي يعلَمك كثر يأسي اللي
وصلت له، أنا رجعت سكنت بشقتنا! بأكثر مكان مكشوف لشخص يبي
َور عليه! . . أنتظر موتي، وتأكد اني بموت وأنا قلبي ما
يهرب من ناس تد
يسكنه بعد الله اال أهلي، بترك لكم الحياة اللي تح َكمتوا فيها وأنا أكثر
شخص وثق فيكم! . . و أن ت م َت في عيني من زمان! . . أطلب من الله
أنه يغفر لك حزني! . . . . . اتجه إلى الطاولة ليأخذ معطفه ومفتاحه،
وقف ناصر أمامه : جيت تقتلني بحك يك وتروح! أنت تدري أنه مستحيل
َي شي يض َرك ويضيَق عليك
أسوي أ
عبدالعزيز بقسوة : ما أنتظر منك تبرير! ما عدت تعني لي شي يا ناصر .
. . . أبتعد ليقف ناصر مرةً أخرى برجاء : أرجوك . . !بس أسمعني
وأقولك السالفة من أولها
ُدون سيطرة على نف ِسه لكمه بالقرب من شفت يه، تد َخل الحارس ليقف
بينهما، نزفت شفتِه ليُردف عبدالعزيز : اعتبر هذا آخر ما بيني وبينك . . .
. خرج ب ُخطى يبعثرها الغضب، ال يهدأ هذا الحزن في داخلي.
يالله! يالله! يالله! ارحم عب ًدا شهد لك بالوحدانية والعبوديَة، إرحم قلبًا ال





ِره، إرحم ُحزنًا ال يتركني ب َسالم، يارب إحسن خاتمتي واقبض
تخمُد نا
روحي، اقبضها يالله و اجمعني بعائلتي، وأجعل آخر قولي أشهُد أن ال إله
اال الله و آخ ُر وجه آرآه غادة، يارب يا كريم الط ف بي وبها.
،
تُغلق حقيبتها وهي تحم ُل في داخلها كلما ٌت تتدافع للخروج ولكن حنجرتها
َهدت بعُمق لتنزل لألسفل ب ُخطى خافتة ال
َي كلمة، تن
تضي ُق بها وال تفل ُت أ
تعبَر أب ًدا عن الحزن الذي يصخ ُب بها، نظرت إليه بنظرةٍ يتيمة لتلتفت
لوالدتها : خالي رجع؟
والدتها : ال
َوكم جايين والطريق طويل . . ناموا
أم منصور : تعَوذوا من الشيطان ت
الليلة وبكرا تس َهلوا
أم ُمهرة بمزاجي ٍة غير مفهومة : آل ما نقدر
يوسف وقف : ممكن شوي أبيك بموضوع
ام ُمهرة تُحرجه : قول ما به غريب أمك ومرتك
يوسف بج ُمود : دقيقتين ماراح آخذ من وقتك أكثر
أم ُمهرة تنهَدت لتضع ي ًدا فوق يد على بطنها : مابيني وبينك شي . . يالله
ُمهرة روحي البسي عباتِتس! هالحين خالتس بيوصل!!
أم منصور بتوتر من هذه األجواء المشحونة : أمشي ُمهرة . . . تركوا
يوسف لوحده معها ليُردف بح َدة : ال تحاولين تملينها ضَدي!!
أم ُمهرة : هذا اللي ناقص! بنتي وتحاسبنن!
يوسف بغضب : ُعمري ما شفت أمك تفكر بهالطريقة! تبين تخ َربين حتى
عالقتها معي!
أم ُمهرة : والله لو أنت محافظـ)ن( عليها محدن بيخ َرب عالقتها معك





يوسف يُجاري تفكيرها : طيب أن ِت ال تصيرين علينا بعد! مفروض توقفين
مع بنتك
أم مهرة ببرود : هاتس! . . انا أشوف مصلحة بنتي ماهي عنِدك، وف َضها
من سيرة حتى يوم حملت مالله كَمل حملها! وواضح انك تبيها من الله!!
ماني مجنونة أخلي بنيتي عندكم !
َهد : لو أنك تليَنين راسك شو ي وتقولين لن
يوسف تن ا اللي تعرفينه كان
أمور كثيرة أنحل !!! َت
أم ُمهرة بصو ٍت عالي : يالله يا ُمهرة .. أستعجلي
يوسف بح َدة : هي يومين وبعدها راح أجي وآخذها
أم ُمهرة : ارسل ورانا ورقة طالقها والوجه من الوجه أبيض
يوسف : صبرك يا رب! . . محد يجبرني أطلَق حطي هالمعلومة في بالك
ة بإستفزاز : بس فيه أحد يجبرك تتزَو ! أم ُمهر ج
يوسف و َد لو يقتلها من غضبه الذي بدأ يتراكم في داخله، شتت نظراته
ليُهدأ من عصبيته : ال تخليني أحلف ما تطلع من هالبيت !!!
أم مهرة وقفت : بيتن ما وراه بر َكة وش مجلسني بوه!! .. .. من خلفه :
يوسف
ي إلتفت عليها ليُميل شفتِه : راح اكون موجود بحايل وراح
الخميس الجا
ترجعين معي
أم ُمهرة : آل ح َجن البقر !
ُمحرج بالنسبة لها، لملمت طرحتها
بلعت ُمهرة ريقها من أسلوب والدتها ال
بين كفيَها بتوتر وهي تنظ ُر إل يه : إن شاء الله
أم مهرة بعصبية : وشهو اللي إن شاء الله! مالتس رجعة لهنيَا أبد! بيرسل
ورقة طالقتس والله يخلي عيال خوالتس يجيتس منهم اللي يحفظتس
ويصونتس
استفزت كل خليَة بجسِد يوسف من ِذكر أبناء خوالها وهي التي أف َشت له
ذات مَرة ب ُحبها في المراهقة إلبن خالها المتزَوج : والله ماني محترمك
َر ل ُكبر سنِك! محترمك عشان ُمهرة وال غيره كان عرفت ك د عليك
يف أ
َمد إيدك جعلهن ال َك ِسر
أم ُمهرة : وش و َدك تسوي! ال يكون بت





ُمهرة : يممه
أم مهرة : ووجعا قولي آمين . . مقطعتن قلبتس عليه وهو ما يستاهل ظفر
منتس!!
ُمهرة برجاء : يمه خالص . .
أم ُمهرة تنف ُض عباءتها : الله ال يبالنا بس . . نستر هالعالم وبعدها بشين
وقواة عين يجون يتهَمونك! . . يارب إننا نعيذك من بالءهم وفضيحتهم !
ُمهرة تق َدمت إليها لتُمسك كفَها بتو َسل كبير : خالص
أم ُمهرة تسحب ي َدها : أتركيني ورآه ما ترضين عليه؟ ال أنا بعلَمه أنه
وراتس أهل ماهو يسرح ويمرح ويحسب أنه ماوراتس سند وال ظهر !!
يوسف : وش جانب لجاب!! استغفر الله العظيم وأتوب إليه
أم ُمهرة : إيه طلَع اللي في قلبك! قل إنك انجبرت وللحين تجامل أخوك
ويوم لقيت الحجة طرت لبنيتي وقلت كلمي أميمتتس عشان تنظف الساحة
ألخوك وتقول يالله يا ُمهرة ما عاد بيننا شي . . مير بنيَتي معززة ومكَرمة
ماهو أنت اللي تجي وتطردها
يوسف بغضب يصرخ عليها ُدون سيطرة على أعصابه التالفة : ال تألفين
من م َخك!! .. نعنبا ذا المخ بس!!!
ُمهرة بل !!! وم : يوسف
َي
َمد لسانه عل
أم ُمهرة بنبرةٍ تستعطف ابنتها : شايفة! هذا وأنا ُكبر أمه ي !!!
ُمهرة بضيق : خالص أجلسي . . وخليني اتصل على خالي
أم مهرة : مانيب جالسة في بيتهم . . أمشي طلعينن انتظره بالشارع وال
أنتظره هنيَا
َهدت : يمه وين توقفين بالشارع! خالص بس أجلسي هالدقيقتين
ُمهرة تن
يوسف تمتم : ال حول وال قوة اال بالله . . بعرف وش مشكلتك؟ . . إلتفت
َصر عليك بشي
ُمهرة . . قولي لها إذا أنا مق
ل
ُمهرة يُوسف : خالص يا يوسف
أجلست والدتها لتتشَوش بينهما، اقتربت ل
ال تزيدها بعد
يوسف بهمس : على أساس أنه أمك ماهي مزَودتها وخالصة
أم مهرة : وش تساسر بنيَتي فيه؟ ُمهرة تعالي ابعدي عن هالوجه الودر





يوسف عقد حاجب يه ليقترب منها وهو يُخلخل أصابعه بكفَها : بجيك
الخميس، أتفقنا؟
ُمهرة بإبتسامة تحاول أن تُلطف بها الجَو الذي يزدا ُد توت ًرا : إن شاء الله
على خير
أم ُمهرة : أنا وش أقول من ساعة! ماعاد نبي نشوفك اال و ورقة الطالق
معك
يوسف : إذا مهرة تبي الطالق أبشري بس إذا أمها اللي تبي والله أنا ماني
متزَوج أمها
ة : و ُمهرة اللي تبي؟ . . صح يا ُم أم ُمهرة بحد هرة؟
ُمهرة بربكة شفت يها : يممه
ام مهرة : يا مال العردز إيه والله لو قلتي ماتبين الطالق
ُمهرة كانت ستتكلم لوال ي َد يوسف التي ش َدت عليها حتى تمنعها من
المجادلة ليأ ِت صوته الحا َد : تدعين عليها عشان تنفَذ أوامرك؟
أم مهرة بغضب كبير : أقول أبعد عن وجهي وأن ِت امشي معي خنطلع ال
أف َجر فيتس أن ِت وياه
يوسف تنهد : عصيبتك ذي تخليني أقتنع أنه فيه شي مخبيته علينا
أم مهرة : يا عسى ضلوعك الكسر قل آمين يوم أنك تتهمنِن أنت وأهلك
على باطل !
يوسف : استغفر الله! أنا ماأتهمتك بس قلت تساعدينا بأمور تهمهم!!!
أم ُمهرة : إيه كثَر من هالحتسي المأخوذ خيره . . أقول أمشي بس
ُمهرة سأمت من هذا الجدال الذي ال ينتهي ليتج َمع بكاءها في عين يها، لفَت
َوسط النقاب، همست : عشان خاطري ال تجادلها
طرحتها وبكفَها يت
يوسف عقد حاجب يه : طيب . .
يُتبع





،
منذُ ساعات وهي مستيقظة ولم تتح َرك من السرير، في كل مَرة تتذكُر ما
م! بأنه محض خيا ٍل
ح َصل باألمس تعود لبكاءها، تشعُر بأن ما يح ُدث حل
وسينتهي قريبًا.
ُمبرر، مسحت مالمحها الباكية لتقف وهي ترف ُع شعرها
اشتعلت بالحقد ال
الممَوج لألعلى، إتجهت نحو الحمام لتغت ِسل، وفي كل حركة تتحركها
تُذ َكرها بأن أمُر نسيانه ُمكلَف ج ًدا، خرجت لتبحث بعين يها عن
تسق ُط دمعةً
ظل أحدهما وال وجود لهما، نظرت ألسفل الباب، تحدي ًدا إلى الظرف
األبيض، اقتربت لتُخرج ورقة تابعة لمستشفى تُفيد تحلي ٍل يحم ُل إسمها
البغيض، خبأتها في جيبها لتعُود بهدوء نحو الغرفة، اقترب من الهاتف
َي غيرةٍ تجعلها تتصرف بهذا السوء،
الثابت وفي بالها تلم ُع فكَرة ال تعلم أ
بإنكليزية ال تتقن غيرها : كيف أستطيع ُمساعدتك؟
رتيل : أريد أن أستفسر عن نتيجة تحليل عملته صباح األمس
:حسنًا، إذا سمح ِت إس ُمك وكن يتك؟
رتيل : أثير رَواف
:لحظا ٍت قليلة . . . النتيجة سليمة
رتيل : المعذرة . . هذا التحليل يخص ماذا ؟
:أشتبه ِت بمرض يخص قلبك . . صحيح؟
رتيل بتوتر : آهآ . .. كيف أعرف أن النتيجة سليمة؟ الورقة أمامي ولكن
لم أفهمها
:تجدين حرف n هذا يعني أنها سليمة في حال كانت الفحوصات سلبية
وتُفيد فعالً ريضة ستجدين i أنها م
رتيل : شكًرا لك . . . أغلقته لتنظر إلى ال ُركام في المكتب الصغير، ُربما
تنتمي هذه الغرفة لشقيقته التي بالجامعة، اقتربت لتنظر للطابعة، أخرجتها
ليتناثر غبارها حتى سطعت من هذه التُربة، وضعتها لتبحث عن األلوان،
فتحتها بهدوء لتج َرب طباعة إحدى األوراق وال فائدة، أدخلتها من الجهة





األخرى بحجة أنها أدخلتها بالمكان الخطأ، ج َربت تطبع هذا التقرير لتخرج
نسخة جيَدة، سحبت ورقة بش َدة بياض التقرير، قصصت ُجزء منه لتكتب
القلم األسود " i " وضعته فوق الخانة المكتوب بها n ثبتتها جيَدها لتضغط
تام، ما
على زر التصوير، ثواني بسيطة حتى خرجت نسخة بوضوحٍ
ي ُدور في بالها أنها تثير رعبها ال أكثر، تُريدها أن تشعر بإحساسها ليلة
. لت أنها لن تهنأ للحظة معه
األمس، لتعلم جي ًدا أنني كنت أعنيها عندما قُ
ق َطعت التقرير األصلي ومعه الورقة األخرى لتضع النسخة التي طبعتها
في الظرف وتُعيده لمكانه أسفل الباب، سمعت صو ُت ُخطى قريبة من
الباب، هرولت سريعًا لتستلقي على السرير وتُغطي مالمحها بالفراش،
حاولت أن تُخفض ح َدة أنفاسها المتصاعدة حتى ال يكشف أمرها، هذه
الخطوات أعرفها جي ًدا، أعر ُف أن صاحبها شخ ٌص واحد.
دخل عبدالعزيز لتسقط عيناه على الظرف، بال ُمباالة أخذه ووضعه على
الطاولة، أغلق الباب ليتجه نحو غرفته، بحث بعين يه عنها وأدرك أنها
ا، بدأ ال ُصداع يُفتفت خالياه
خرجت كالعادة لعملها الذي كان عمله سابقً
خليةٌ خليَة، اتجه لغرفتها ليفتح الباب بهُدوء وي َطل عليها، أطال وقوفه
اآلن، تجمَدت في مكانها لم تتح َر ليُطيل توتر قلبها من أنه خلفها ك ولم تُثير
َي ضوضاء حولها، عبدالعزيز أدرك أنها مستيقظة ليقترب نحو النافذة،
أ
فتح الستائر لتتسلل شم ُس باريس نحوها، إتجه إلى السرير تحدي ًدا إلى
موضع الوسادة : قومي ال تموتين من ق َل األكل والنوم!
رجفة صدرها واضحة من خلف الفراش، أنحنى ليُبعده عنها، أبعدت
وجهها الناحية األخرى : مو مشتهية شي
عبدالعزيز بسخرية : يا ُعمري أزعلي وضيقي بس صحتك تهمك أن ِت
ماتهم أحد غيرك عشان تعاقبين نفسك!!
رتيل أستعدلت لتجلس، نظرت إل يه كثي ًرا حتى قطع نظراتها برفعِة حاجبه
: مستوعبة اللي أقوله ؟
رتيل تنهَدت بضيق وهي تُشتت نظراتها وتسحب الفراش حتى وصل
لبطنها : حتى صوتي صار يزعجني وبديت أكرهه منك!
عبدالعزيز ابتسم بش ُحوب ومالمحه تحكي مآسي وكوارث، في كل مرةٍ





يرَوض حزنه بإبتسامة وكأنه يتح َدى ثوران هذا البُكاء، يحاول أن يتجاهل
حزنه لدقيقت ين ولكن عين يه مازالت تهذي : قومي! وال الحركة صارت
تزعجك بعد؟
رتيل : و َدي أعرف بس كيف تفكر !!!
عبدالعزيز بتنهيدة مَد يِده إليها : قومي ما أبي أكسب ذنبك بعد وتموتين
َي
عل !!!
رتيل بسخرية الذعة : على أساس أنك كاسب من ورا !! ي أجر
َوة ليوقفها ، ارتبكت من إرتطام جسِدها
عبدالعزيز سحبها بق به، رفعت
عينها إل يه برجف ٍة ُمح َمرة وهي تحاول أن التقع من هذه القبضة التي من
الممكن أن تًصبح سببًا لإلغماء.
إلهي! يا عزيز كيف لك كل هذه القُدرة بتشكيلي؟ كيف لك كل هذه القدرة
بتجاهل ما يح ُدث لك بطريق ٍة ما! تُشعرني بالخيبة في كل مرةٍ أنوي بها
تجاهل امرك، أستيقظ بنيَة النسيان ألنَام وأنا أجه ُل كيف أنساك؟ ُك ونسيا ُن
ي على
أنا التي حلف ُت على تجاهلك، أن َسى حلفي وأستذكُر أنه ال قدرة ل
تجاهلك، مازلت تسيطر على عقلي، وتشغ ُل بالي.
سحبت نفسها منه وي َدها اليسرى تُالمس عنقها، تشعُر بأن حرارتها تندلع
من قُربه للحظا ٍت قليلة، من خلفها : إلبسي عشان نطلع . .
رتيل بجديَة : جد ماني مشتهية، وال أبي أطلع مكان
عبدالعزيز اقترب منها : أنا ما آخذ رايك! أنا أأمرك
رتيل بإنفعال : بتطلَعني غصب؟
عبدالعزيز وهو يسير للخارج : أنتظرك . . .
رتيل لوت شفتها بغضب، دائِ ًما ما يستثي ُر غضبها في كل مرةٍ تراه، لن
َمر يو ًما وأراه بسالم ُدون ان يُحزنني بكلمة أو بفعل، تنهَدت لتستغرق
ي
دقائق طويلة تعمَدت أن تستطيل بها حتى خرجت له.
لم يلتفت إل يها، خرج من الشقة لينزل لألسفَل ويسير بجانبها على
الرصيف، منذُ وق ٍت طويل لم تخرج! شعَرت بأنها أفتقدت تما ًما " الناس
َرا بصم ٍت لمساف ٍة طويلة أتعبت أقدامها ولكنها لم تحاول
، سا
"
وأصواتهم
أن توقفه، ابتعَدا، م َسك ي َدها دون أن يترك لها فرصة لإلختيار، عبر بها





للشارع اآلخر ليتجه نحو مطعٍم يطل على حديق ٍة شاهقة، لمطعٍم ريفي
بحث بمقاعده المصنوعة من الخشب، جلست والجو البارد يتغلغ ُل بها،
نظر إل يها : إذا بردانة ندخل داخل!
رتيل : ال عادي
أتى الجارسون ليستقبله بالتحية : بونسواغ . .
عبدالعزيز : بونسواغ . . نظر إليها . . وش تطلبين؟
رتيل بإصرار : قلت لك ماني مشتهية أطلب لحالك
عبدالعزيز بإصرا قها أن ٍر آخر يُفرض عليها حتى أبسط األشياء التي من ح
ترفضها : راح أطلب لك نفس طلبي
َي الجارسون المنتظر، أعطاها عبدالعزيز
رتيل تأفأفت لتُثير الريبة بعين
نظرةً حادة من شأنها أن تلزمها الصمت وتُشتت نظراتها.
أنتهى من الطلب ليعودا لصمتهما، بدأت أصابعه تضر ُب الطاولة بخفَة
منبهة عن تفكيره المشَوش.
علقت نظراتها بأصابعه المتحركة بموسيقية على الطاولة، غرقت هي
األخرى بالتفكير، فداحة ما نرتكبه يعني تما ًما أننا نعيش تحت وطأة ال ُحب.
رفع عينه إل يها لتُشتتها من لقاء نظراتهما : اشتق ِت ألبوك؟
رتيل تخل . َت عن الجواب ألنها تدري ماذا يقصد من سؤاله
عبدالعزيز بهدوء : على فكرة ماراح يذبحك الجواب!!
َرد
رتيل تنهَدت : تسأل سؤال أنت عارف إجابته بس عشان تر َد عليه ب
يستفزني
عبدالعزيز : يمكن ألن المصايب ج َت ورى بعض فما عدت استوعب
بركة من الله أنني للحين بعقلي ما انهبلت
صح! أنا أصالً
رتيل بسخرية : ألنك عبدالعزيز !!!
عبدالعزيز بذا ِت النبرة الساخرة : ومين عبدالعزيز؟
رتيل نظرت إلى عين يه الداكنت ين الالمعت ين : دايم كنت أقول ما يهَزك شي!
َي ظرف حولك
ما يهَزك إني أبكي وال يهَزك إني أصرخ! وال يهَزك أ
ألنك قدرت تعيش، بس هالفترة بديت تنفجر على أدنى سبب! بديت تفرغ
كبتك في كل اللي حولك لكن بالطريقة الغلط





نا وننفجر
عبدالعزيز بجديَة صوته : إحنا كذا نصبر لين الصبَر يمل . . َ
رتيل : ليه ما انفجرت من البداية وال خليت هالشي يتراكم عليك! أنت يا
عزيز اللي ذبحت نفسك بنفسك! أنت اللي خسرت الحياة من بين كفوفك
عبدالعزيز : ما كان عندي طموح أصالً عشان أخسرها!! إني أكسب الحياة
وش كن ِت منتظرة من شخص طالع من فجيعة ويحاول ينساها! من شخص
حطوه بين
جدران وقالوا له ال تسأل وال تتكلم! بس نفَذ! . . طبيعي كنت
بصبر وبكتم بنفسي لين أنفجر!!!
رتيل تنهَدت : هالموضوع يوتَرني ألنك تقهرني فيه
عبدالعزيز : أن ِت واثقة فيني يا رتيل! والدليل أنك جالسة قدامي رغم كل
اللي حصل . .
رتيل بضيق : ألني عارفة أنك مستحيل تأذيني جسديًا . . بس تأذي روحي
كثير
عبدالعزيز أسند ظهره على الكرسي والجار ُسون يو َزع األطباق على
الطاولة، وضع عصير البرتقال أمامها و عصير الليمون أمامه، إلتفت
رتيل للخلف بعد ان أنتبهت خلو المطعم من الناس : ليه مافيه أحد؟
عبدالعزيز : وقت دواماتهم محد يفطر الحين!
رتيل أخذت كأس الماء لتشرب نصفه، وضعته لتُتمتم : ال إله اال الله
عبدالعزيز بصيغة األمر : إكلي
رتيل إبتسمت إبتسامتها التي تُجبر عبدالعزيز على أن يبادلها ذات
اإلبتسامة : غريب أمرك!!!
عبدالعزيز : الشكوى لله! ناقص تقولين إني ماني سَوي . . قوليها ال
تكتمينها في داخلك
ضحكت لتُردف : تبكيني وتض َحكني وتخليني أبتسم وتخليني أضيق! مين
أيش مخلوق عزيز؟
عبدالعزيز : الله يرحمنا برحمته يمكن شياطيني ما تطلع اال بوقت معيَن
رتيل بسخرية : إيه شياطينك اللي تقهرني فيها دايم
أيام لم يضحك حتى شعر بأن
عبدالعزيز فهم قصدها ليغرق بضحكته، منذُ
نسي تما ًما صوت ضحكته وشعوره بين ضحكاته : ال تحَورين الكالم كذا!





رتيل بإبتسامة تتلذذ بالتشفي منها بكلما ٍت مبطنَة : ما حَورته، الله يكفينا
شر شياطينك
عبدالعزيز : طيب إكلي ال يبرد صحنك
رتيل أخذت قطعة ال ُخبز المربَعة المحشَوة بالجبن لتأكل جزء منها حتى
أعادتها للصحن، نظرت لمالمحه التي ال تتجه نحو إتجاه معيَن، واض ٌح
َمة أمر غريب
ج ًدا الحزن بعين يه في حين أن إبتسامته تُشعرني بأنه بخير. ث
في هذا اإلنسان، أمر إستثنائي وغير عادي.
عبدالعزيز أخذ نفس عميق لينظر إليها : يكفي تحليالت لعقلك! . . جد
رتيل واصلة معي هنا يُشير لرأس أنفه* فما و َدي بعد توصل معي منَك . .
عشان كذا حاولي تكونين لطيفة معي لنص ساعة
رتيل أبعدت مالمحها للجهة األخرى وهي تُمسك ضحكتها، ايقنت تما ًما أنه
َي يغضب من هذا العا حتى وإن كان بيننا
لم باكمله ليأ ِت إل
زعل/غضب/خناق، هذا الشيء يُشبع كبريائي األنثوي.
عبدالعزيز أخذ قطعة الخبز التي تركتها ليأكل من مثل جهتها، ال يدِري
َوقها على الرغم من أنها توجد قطع أخرى على
سبب فعله فقط أراد أن يتذ
نفعلها
َ
طبقه، ُهناك أفعال ال ندِري ِلم ، هي ُمجرد أفعال بسيطة ولكنها
عظيمة بدواخلنا.
نظرت إلى شفت يه التي تأك ُل من جهتها، ضلَت تُراقبه لفترةٍ طويلة حتى
نطقت : عبدالعزيز . . كلَم أبوي! أسمعه يمكن عنده أسباب تقنعك
عبدالعزيز أخذ نفس عميق ليُردف : ك ونِك تكونين لطيفة معي هذا مايعني
أنك تناقشيني بموضوع ماابي مشورة أحد فيه
رتيل بنرفزة : شكًرا على ذوقك . . .
عبدالعزيز : العفو
،





صعدت الدرج ب ُخطى مرتبكة بعد أن قرأت الرسالة التي تُخبرها عن
وجوده ُهنا، هذه الشقة التي قضت بها طفولتها وشبابها، طرقت الباب
َرها
بخفُوت وفي كل ثانية ت ، يزي ُدها هذا الحنين َمر يزي ُد إرتباكها وتوت
، تشعُر بأن شيئًا بروحها يكب ُر كفقاع ٍة عمالقة تزي ُد من ربكة صدرها
رجفةً
وتخنق صوتها، طرقت كثي ًرا وتخاف أن تيأس، أن ال يُجيب مثل المرة
الفائتة، تُريد أن تصَدق الرسالة ومن كتبها، مَرت الدقائق وال ر َد يأتِها، من
خلفها : مثل المرة اللي طافت يا غادة!!
غادة : آل أكيد رجع
وليد بضيق : طيب ننتظر
غادة بدأ الدم ُع يضيَق عليها بحزن من فكرة أن ال تراه : مستحيل يكون
اللي كتب الرسالة كَذاب! انا عندي إحساس أنه صدق!! عندي إحساس أنه
موجود . . . إلتفتت عليه وهي تُلصق ظهرها بالباب . . . مشتاقة له كثييير
وليد : وأكيد هو مشتاق لك . .
غادة : طيب ليه محد يفتح لنا الشقة؟ . . خلنا نروح نكلَم الحارس
َي إثبات يخليه يعطينا مفتاح الشقة
وليد : مستحيل يقدر يعطينا! مافيه أ
اإلحتياطي!!
غادة : طيب أخاف أنه نايم ومايسمع أو أنه موجود لكنه طالع
وليد : لو كان موجود كان ر َد عليك
غادة بأم ٍل يموت بداخلها تدريجيًا : ان شاء الله بيكون موجود . . لو نروح
لناصر آ
يُقاطعها : غادة! . . واللي يرحم والديك ال تفكرين من زاوية وحدة! ف َكري
أنه روحتك أسا ًسا غلط وأصالً ممنوع بعد! األهم أنك ترجعين ألخوك
غادة بضيق : ياربي يا عبدالعزيز . . . ليتني ألمحه بس!!!
،
ب َكت كثي ًرا، شعرت بأن روحها تُزهق بهذا البُكاء، ال تستطيع أن تتجاوز





مازال ير َن في ذاكرتها وجسِدها، لم تأكل
صوته وهو يقول " أن ِت طالق "
الصباح ولم تتح َرك أي ًضا، هذه الحقيقة الحا َدة تُفقدني شهيتي
شيء منذُ
بالحياة، ليتَك يا سلطان لم تقُ ، ليتَني لم أتح َدث معك ولم تت ِصل، أشعُر لها
بأنني أموت! أموت فعليًا من فكرة هذا الطالق، نح ُن انتهينا! انتهينا تما ًما!
رَوع
ُ
ُحبك. لم أشعُر باألمان إال من عين يك ولم يهدأ
ُحبك! والله أ
ولكنَي أ
هذه الحياة بقلبي إال بِك، ولكننا مآسآة وقلبُك مآسآة أي ًضا، جميعهم يتح َدثون
بكوار ٍث تح َل فوق رأس هذا العالم وأبقى أنا مع كارثة قلبي بال صوت، بال
حنجرةٍ تربت علينا، أنا أنسل ُخ عنك تما ًما يا سلطان وهذا ما يُؤلمني تحدي ًدا.
دخلت والدتها لتنظر إل يها : يمه يالجوهرة وش فيك حابسة نفسك اليوم
بالغرفة! النزلتي تتغدين وال تتع َشين! . . وش فيك؟
الجوهرة رفعت ظهرها لتجلس، ب ُمجرد أن جلست والدتها ر َمت جسِدها
عليه لتعانقها بش َدة وهي تنخرط ببكا ٍء شديد، والدتها : بسم الله عليك! . . يا
قلبي ه َدي . . وش فيك؟
الجوهرة بإندالع ال ُحرقة في جوفها : أحبه يمه . . أحس روحي بتطلع
والدتها : يا روحي ه َدي تكفين ال تب َكيني عليك!!
دمعها : طلَقني! . . أنا الغبية اللي طلبت
ِ
الجوهرة وتُبلل صدر والدتها بملح
َي كلمة ثانية!
منه . . . ماكنت أنتظر أنه يطلقني كنت أقول بيقول أ
ماتوقعته يسويها! . . يممه أحس بموت . . كيف بقدر أعيش بدون ال
أشوفه؟ مقدر . . والله مقدر
والدتها تمسح على ظهرها : الحول وال قوة اال بالله . . . قلت لك اقصري
الش َر وأبعدي هاألفكار عن بالك وماسمعتي كالمي! . . توجعين نفسك
بنفسك . . . !
َي كلمة
َي شي! والله كنت أنتظره يقول أ
الجوهرة : كنت أنتظره يقول أ
ثانية غير الطالق . . بس طلقني . . أوجعني
والدتها بعُقدة حاجب يها ومالمحها تب ِكي من بكاء إبنتها : قولي ال إله اال الله
. . ق َطعتي نفسك بالبكي
َي شي في
الجوهرة : ال إله اال الله . . . . . . . . ُعمري ما نجحت بأ
حياتي! طول عمري أتصرف غلط!!!





والدتها : لكل شي حكمة وتقدير
الجوهرة ببكاءها الذي يجع ُل ريَان القريب من الغرفة يق ُف متجمًدا من هذا
َي يممه
األنين المؤذي لروحه : أقري عل
والدتها ضاق صوتُها بالبكاء : الجوهرة ال تسوين كذا في نفسك
َي . . .
الجوهرة برجاء وجس ُدها يرتجف بصورةٍ غير طبيعية : أقري عل
أحس قلبي يرتجف معي
والدتها بصوتها الباكي : الذين قالوا لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمِة من
ِرضوان الله والله ذو فض ٍل عظيم،
الله وفض ٍل لم يمسسهم سو ًء واتَبعوا
إنما َذِلكم الشيطان يخَوف أولياءه فال تخافوهم وخافو ِن إن كنتم مؤمنين . .
. . . الجوهرة . .
الجوهرة تُغمض عين يها بسكينة جوارحها الباكية وهي تهذي به، وصلت
لمرحلة تفق ُد بها الوعي تدريجيًا وأنفُها ينزف بمشاركٍة تامة مع بكاءها : ما
غلطت! هو مقدر يساعد نفسه صح! . . . ليه أحمل ذنب ماهو ذنبي؟ ليه
َي ذنب في اللي صار؟ مو أنا اللي قلت يا
أعيش وأنا مالي أ . .
والدتها تُقاطعها بهمس : أششششش! خالص نامي يا ُعمري
الجوهرة بصو ٍت متق َطع : هو يدري إني أبيه وأحبه . . . هو يدري أني ما
أعرف كيف أعيش بدونه! بس هو اللي يخليني أكابر يا يمه . . والله هو
اللي يخليني كذا
والدتها : الجوهرة يا عيني يكفي! . . كل الناس تتزَوج وتتطلق وترجع
تتزَوج! ماهي ُمشكلة أهم شي أن ِت وراحتك
الجوهرة ُدون أن تفتح عين يها تشعُر بالدماء التي تسي ُل من أنفها ولكن
تتركها حتى تُثير العزاء على مالمحها : يمه
والدتها : يا عيونها
الجوهرة : ماأبي أفقده
ِرقة لوجنت يها من صوت إبنتها الذي يضيق
والدتها تسي ُل دمعتها الحا شيئًا
فشيئًا، ال تحتمل أن ترى الجوهرة بهذا الوضع الحزين الباكي، هذا الوضع
الذي لم تشهدهُ منذُ سنة، منذُ زواجها من سلطان .





كان يقاسمني نفسي، كان يح ُل مح َل روحي، وفقدتهُ يالله! وفقد ُت معه
نفسي، تعبت من هذا الكبت الذي يجعلني أغ َص بالكلمات دون أن أقولها
وأنا والله لس ُت بخير، قلبي يرتجف
"
ألحد، تعبت من قول " أنا بخير
ٍر ما، ومعدتي
ي تؤلمانني! لس ُت بخير أب ًدا أشعُر وكأني أمَر بإحتضا
وعينا
أم طفلي هو من يُثير الغثيان بداخلي؟ كل شيء يب ِكي معَي حتى وظائفي
الطبيعية في جسدي تفق ُد مرونتها، أمَر تى في أسوأ مرحلة من حياتي، ح
تُركي لم يفعل بي كل هذا الو َجع، ولكنهُ السبب! أكرهك، أكرهك بصورةٍ
ريد أن تر َدني
ُ
تجعلني أشمئز من إسمك إن مَرني، أريد أن أفرح يالله، أ
.
إليك ألفرح بقُربك وأكتفي بك. ر َدني يالله إليك ر ًدا جميالً
في جهٍة أخرى تراجع ريَان ليدخل لجناحه وعقله مشَوش ببكاء الجوهرة
وكلماتها المهتَزة وغير المفهومة، يخشى أن أمًرا حدث بسلطان ولكن لو
حدث شيئًا لعِلم أبي أوالً، هُناك أمٌر ما تُخبئه خلف بكاءها، كنت أدرك أن
أن بكت أمامي عندما سالتها
َمة أمٍر يجري منذُ
ث .
ريم : رجعت؟؟؟
َهد : إيه كنسلت الروحة
ريَان تن
ريم عقدت حاجب يها : ليه؟
ريَان : ِكذا غيَرت رايي
ريم تجل ُس بجانبه : عيونك تقول شي ثاني
ريَان بضيق : ريم!! قلت غيَرت رايي
ريم : طيب خالص ال تع َصب !!!!
،
يُتبع
،





تدندن بصوتها الناعم وهي تقضُم أظافر كفَها من اإلنتظار، في كل لحظ ٍة
يتأخر بها يزداد توترها وهي التي ج َهزت العشاء من أجله، وتخشى من
جو الرياض الذي يب ُدو أنه سيخ َرب السفرة التي صنعتها ووضعتها في
الحديقة، من خلفَها أمت َدت باقة الورد البيضاء لتحجب عنها الرؤية تما ًما
سوى من النظر إلى هذا الورد : آسفين على التأخير
هيفاء إلتفتت عليه بإبتسامة وهي تتأمل الباقة، أخذتها من بين كفيَه :
نطرتني! بس معليش
فيصل يتأملها من فوق لتحت بنظرا ٍت تزي ُد من ُحمرة جسِدها الذي ينب ُض
بالربكة : . . عشان ما يبرد األكل أكثر خلنا نجلس
فيصل بعفوية كلماته المندفعة بشغف : يسلم لي قلبك وش هاألكل اللي يفتح
النفس
هيفاء : الله يسلمك . . جعله عافية
فيصل بإبتسامة : بديت أحب حديقتنا وأحس إني عايش برا الرياض
هيفاء بمثل إبتسامته : أصالً حديقتكم حلوة وجو الرياض هاليومين حلو بعد
. .
فيصل : ألنِك فيه
هيفاء شتت نظراتها لتأخذ نفس عميق يستوعب هذا الغزل الصريح، بلعت
ريقها لتشرب من كأس العصير البارد الذي يأ ِت بوقته، كل ما فيها ينب ُض
بالحرارة .
فيصل : إيه وش سويتي اليوم ؟
هيفاء : أبد جلست مع خالتي وريف وبعدها ح َضرت العشا
فيصل : بس؟
هيفاء بضحكة : وال قرأت كتب وال شي
القراءة
َ
فيصل : أصالً كان واضح من عيونك أنك مو يم
َي وبقرأ ر
َي شو
هيفاء : بس والله إني أحاول! يعني انتظر عل واية البؤساء
حقتك اللي من ٢٠٠ صفحة
فيصل بإبتسامة : ال تجربين نفسك على شي ماتحبينه





هيفاء : يعني هو ماهو موهبة عشان أجبر نفسي عليها! بالنهاية القراءة
أساس ومنهج حياة الزم كلنا نقرأ
فيصل ضحك ليُردف : الله! يخي عنِدك حكم بس مافيه تطبيق
َي هيفاء بخجل : قلت لك أنت شوي وبيجيك التطبيق
ظر عل . .
فيصل : خالص أنا بإنتظار هالتطبيق
َي
ر َن جرس البيت في وق ٍت يُثير اإلستغراب، هيفاء إلتفتت : مين جا
هالوقت؟
فيصل وقف : أنا رايح أشوف . . . إتجه للداخل ليخرج من جهة مجلس
الرجال، فتح الباب وقبل أن يُكمل فتح الباب أنغرز السكي ُن ببطنه، حاول
أن يرفع عينه ليرى من الذي طرق الباب ولكن ال قُدرة له، سقط على
ركبت يه وهو يضع يِده فوق مكان الجرح، شعَر بأن روحه تغ َص في حلقه،
َوهجة، لم
يشعُر بطعم الدماء تجري على لسانِه، تبلَل بأكمله بالدماء المت
وا ِحدة يستد ُل بها أح ًدا عليه، صدمتُه جعلت صوتِه يقف
"
" آه
تخ ُرج
متجمًدا هو اآلخر، حاول أن يُنادي أح ًدا ولكن ال مجال أب ًدا، األلم يتم َك ُن
منه وال ُحمرةِ تصعُد لعيناه، تصعُد لمجرى أنفا ِسه، سقط على رأسه بقوة
حين فقد إتزانه على جسِده الذي يفق ُد دما ًء بكثرة، حاول أن يهمس بالشهادة
ولم يُكملها : أشهُد أن ال إلـه إال الله و . . . .
،
ٍن
إتجهت إليه مهرولة بسرعة لتعانقه بش َدة وهي تستنش ُق رائحته بحني
َي؟ كيف أقف بال هويَة ب ُمجرد أن تغيب
كبير، لو تدِري كيف يفع ُل غيابك ف
عنَي يا أبي! أشعُر تما ًما باني أنصهر في كل لحظ ٍة ال تأ ِت عيناك بها،
رَو أشتق ُت إل يك! أشتق ُت بصورة م عة تُخيفني والله، وكل حياةٍ ال تأ ِت بك ال
أريدها، كل أر ٍض من بعِدك منفى، أود لو أنني ال أنفَك عن عناقك أب ًدا،
يالله لو تعلم أنني نادمة على كل لحظة أزعجتُك بها على أمٍر تافه، نادمة





على كل لحظة فاتت منَي ُدون أن أرى إبتسامتك، يا أغلى ما أملك في هذه
الدنيا.
َهل :
عبدالرحمن يُقبَل رأسها كثي ًرا وهو يُكرر حمِده بصو ٍت واضح مبت
الحمدلله ياربي لك الحمد
عبير همست بصوتها المبحوح بالبكاء : اشتقت لك كثييير واشتقت لرتيل
وض َي
عبدالرحمن : كلنا اشتقنا لك . . أبعدها قليال لينظر لمالمحها الشاحبة، مسح
دموعها بكفيَه ليبتسم إب فقدها منذُ مَدة : أحس إني ملكت هالدنيا
تسامةً
بشوفتك
عبير نزلت دمعتها الناعمة لتُعانقه مرةً أخرى بش َدة، رفعها عن مستوى
األرض بضحكة : نزل وزنك كثير
عبير أغرقتهُ بقبالتها، قبَلت رأسه وجبينه كثي ًرا لتُردف بفرحة : يا عساني
ما أبكيك
عيني، تلقين ض َي عبدالرحمن : وال أبكيك يا بعد تنتظرنا الحين . . . غلغل
أصابعها بكفَه ليسير متج ًها نحو البيت الخشبي، فتح الباب لتلتفت ضي
الواقفة بتوتر، أتسعت إبتسامتها برؤية عبير، تق َدمت إليها لتعانقها بش َدة
توازي ش َدة الشوق إل يها ولوجوِدها بينهم.
عبدالرحمن أخذ نفس عميق من الراحة، بإبتسامة إلتفتت : وين رتيل؟
عبدالرحمن بهدوء : مع عبدالعزيز! بتشوفينه قريب إن شاء الله . . اهم
شي الحين ترتاحين يا أبوي أن ِت . . أنا عندي شغل ضروري وماراح
أتأخر
،
جلس بده َشة وهو يسم ُع صوتِه الذي يأ ِت بشكل لطيف أكث ُر مما يجب :
والله؟
رائد : إذا تقدر هاألسبوع





سلطان بضحكة مستفزة : طلبك مرفوض
رائد بهدوء : أظن التفاهم بيفيدك أكثر من أنه بيفيدني!!!
سلطان : غلطان!! ألن الحين أنتم كلكم مكشوفين ومسألة نهايتكم مسألة
وقتية ال أكثر! يعني التفاهم ماراح يفيدني شي
رائد بإستفزاز : أجل شكلي بحَول على عبدالرحمن
سلطان : واضح أنه المفاهيم مختلطة عنِدك! اللي ارفضه انا يعني
عبدالرحمن رافضه! كلنا واحد
رائد : أجل أنت الخسران يا سلطان! وأنت فاهم قصدي زين
سلطان بضحكٍة تُثير الغضب في نفس رائد : يا سالم! تهددني بطريقة
واضحة بعد!!
رائد : قبل كان عنِدي شخص أخاف أخسره لكن الحين ماعاد عندي شي
أخاف أخسره لذلك تح َمل وش بيجيك
سلطان توقف عندما نظر لورقة الفاكس التي تجيء إليه بطريق ٍة جذبت
عين يه، قرأ بده َشة/صدمة/رهبة/إستغراب
َو ِعدة : أظن المصلحة صارت متبادلة! وال انا مستعد أحرق
رائد بنبرةٍ مت
كل اللي ورا !!! ي وقدامي وأحرقكم معي
سلطان يقف وعيناه تكاد تسقُط من النظر بطريق ٍة تغرز الصدَمة فيه : ال
تقولي إنك . . . . .
،
يسي ُر على الرصيف بجان ِب رتيل متج ًها لشقته في وق ٍت كانت غادة واقفة
أمام الباب تنتظره : خلنا ننزل شكله ماهو موجود !!
في كل خطوةٍ تخطوها لألسفل كانت ُهناك خطوة أخرى يخطوها
عبدالعزيز للعمارة المنزويَـة . . .





.
.
أنتهى نلتقي الجمعة إن شاء الله .
السالم عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!
)الجزء

)
"اللهم أصلح أحوالنا و احفظنا من الفتن "
المدخل لـ ُعمر أبو ريشة"":
قــفي ، ال تــخـجـلي مـــنـي فما أشقاك أشقاني





َع ِب الواني
ُمت
كـــــالنا مــــ َّر بالـنــعـمــــــى مــرور ال
ِن
وغـــادرها .. كومض الشوق في أحـــــداق سكرا
قــــفــي ، لن تسمعي مني عتاب ال العاني ُم دنَ ِف
فـــبــــعـــد الـيوم ، لن أسأل عـن كأسي وندماني
ِن
خــــذي مـــا ســطـــر ت كفا ِك من وجــــٍد وأشجا
صــحـــائــ ُف ... طالما هز ت بـــوحيٍ مـــنك ألحاني
خـــلـــعـــ ُت بــهـا على قدميك ُحـلم العالم الفاني!
َس ، ولنسـد ل ع
ٍو األمـــ
ِن لـــنـــطــــ
ــليه ذيل نسيا
ِن
فإن أبـــصـــرتـــنـــي ابــتـسمــــي وحييني بتحنا
وســـــيـــــري ، ســــيـــر حــــالـمــــ ٍة وقــولي....
"كان يهواني"
رائد : قبل كان عنِدي شخص أخاف أخسره لكن الحين ماعاد عندي شي





أخاف أخسره لذلك تح َمل وش بيجيك
سلطان توقف عندما نظر لورقة الفاكس التي تجيء إليه بطريق ٍة جذبت
عين يه، قرأ بده َشة/صدمة/رهبة/إستغراب
َو ِعدة : أظن المصلحة صارت متبادلة! وال انا مستعد أحرق
رائد بنبرةٍ مت
كل اللي ورا !!! ي وقدامي وأحرقكم معي
سلطان يقف وعيناه تكاد تسقُط من النظر بطريق ٍة تغرز الصدَمة فيه : ال
تقولي إنك تدري وتتصرف بغباء عشان سليمان!!!
رائد بتنهيدة مستفزة : شي يقهر صح؟ واحد من أعظم األشخاص اللي
غيَروا المجال األمني لألحسن يشتغل بعيد عن عيونكم؟ وأكون انا داري !!
سلطان بلع ريقه، يفق ُد كل خياراته بهذه الحياة، مصدوم! وهذه الكلمة
وحدها من تشرح نظراته في هذه اللحظات.
رائد : آخر قرار ِلك يا سلطان؟
سلطان بنبرةٍ متزنة ترتفع للغضب : تعاون لو مَرة! مو عشاني عشان
أر ِضك!!!
ِرك؟
رائد : قرا
سلطان بح َدة : رائد! عشان ِولدك . . أنت عارف إني مهما عطيتك
َي ماراح أخليك ترتاح بشغ
الفرصة راح أالحقك! والله طول ما أنا ح لك
وخرابيطك!!
رائد بإستفزاز : أبي أسمع قرارك؟ . . الليلة راح أقلب دنيتكم كلها وقلت
لك ماعندي شي أخسره !
َرد عليك
َهد بضيق : عطني ُمهلة وأ
تن
رائد بإبتسامة تتسع إلنتصاره الذي يأ ِت مدويًا : بإنتظارك . . . أغلقه
سلطان يضر ُب الطاولة بقدِمه، تشتَد عروقِه الغاضبة من فكرة أن شخ ًصا
بمثابة الوالد لهم جميعًا يعمل ُدون علمهم.
هذا الشخص الذي علَمنا التعاون غادر ليتصرف مثل ما يُريد، هذا
َي الشخص الذي ُكنا أكثر الناس ُحزانى على تق
اعده لم يُق َدر وجودنا! أ
َي ُحزنًا ي ِصل لمسامعي وأقرأه؟ أقسى ما تعلم ُت في
خيب ٍة أستقبلها اآلن؟ أ
حياتِي كان بعهٍد راقبني به، وأقسى ما صفعتني به الحياة تأ ِت منه اآلن،



إعدادات القراءة


لون الخلفية