الفصل 88

له، هذا الشيء الوحيد يا من ُصور أشعُر بأنه شيء خاص ب
به أحد، هذه الساعة التي أهديتُك إياها وأنا في سنتي الثانية بالجامعة،
تحدي ًدا في أو ِل خطوبتنا التي أستمرت فترة طويلة حتى تنتهي بالزواج،
ملها به، رفع حاجبِه بإستفهام لتأخذ نف ًسا عميقً ألتفت عليها عندما الحظ تأ ا
وتنظر إلى طفلها مرةً أخرى.
تق ِّدم إليها ليجلس وينحني بقُبل ِة على أنف عبدالله الصغير، رفع عينه إل يها :
وش فيك؟ مو على بعضك؟
نجالء : وال شي . . بتروح الحين؟
منصور : إيه . . أقترب ليُقبِّ ينها وبضحكة : ِلها بقُبل ٍة رقيقة على جب
متهاوشة مع أحد؟
نجالء بضجر تُبعد عين يها لتتكتف : شايفني مشكلجية ما ي ِّمر يوم اال وأنا
متهاوشة مع احد!
منصور : ال ال النفسية اليوم ماش! . . كنت أمزح . . .
نجالء : طيب روح ال تتأخر على أبوك
من ُصور ينظر إل يها بنظرة تتفح ُص عين يها : عشان القضية؟ . . تطِّمني
الموضوع منتهي ماله داعي تشيلين هم
نجالء بقهر : ما أعرف ليه تفتحون القضية من جديد! وش تبون توصلون
له يا منصور! . . بتضايقون يوسف وبتضايقون عِِّمي بعد وماراح





تستفيدون شي . . المجرم وأعترف وبالسجن . . ليه تفتحون أشياء راحت
وأنتهت؟
منصور يمس ُح على شعرها المنسِدل بخفِّة على كتفها : ألن حصل شي
جديد! وإحنا في بلد لها قانون محنا بفوضى!!!!
نجالء برجا ِء عين يها وبصو ٍت خافت : طيب المجرم معترف ليه تشككون؟
منصور : ممكن يغطي على واحد . . نجول هذي األشياء يمكن ما
تفهمينها لكن مهمة وتأثر على ناس كثير! . . . وقف . . تآمرين على شي
يا عيني؟
نجالء :سالمتك
من ُصور يأخذ هاتفه ومفتاح سيارته : الله يسلمك . . وخرج ليرى أمامه
يُوسف . . . أحسبك سبقتنا!
يوسف تنهد : ال . . قلت ألبوي يسبقنا وأنا أجي معك
منصور بخفُوت : فهمتها زين وش المقصود؟
يوسف بإبتسامة ضيِّ ! ِقة : جبت العيد
منصور ينز ُل معه لألسفل : وش قلت؟
يوسف : كنت أبي أوضح لها بس خليتها تشك بأخوها الله يرحمه
منصور : يسلم لي مخك
يوسف تن ِّهد ليضغط على عين يه بأصابعه : يخي أنا أفكر بأيش وال أيش . .
ِّي له تشنج من هاللي صاير! . . الزم أشوف فيصل اليوم
مخي بروحه جا
منصور : وإحنا طالعين نمِّره
يوسف : يالله أجل خلنا نستعجل وما نتأخر عليهم
،
وضعت يِدها على فِمها لتُس ِكن شهقاتها المتتاليَة، األنين الذي يُزيد من
تجاعيدها ثقالً و يخر ُق شعيراتها بالبياض، سقطت سماعة الهاتف من يِدها
يحر ُق محاجرها و
ٍ
األخرى لترتفع ال ُحمِّرة في عين يها بدمع ال يُبقي بها





للتركيز
للتفكر، ال يُبقي بها مساحةً
ً
مساحة .
ِق والدتها : ماما
ركضت نحوها لتضع يد يها الصغيرت ين حول سا
أنخفضت لتجلس على األرض بجانبها وهي تُجاهد أن تقاوم بكاءها : يا
عيُون ماما
ريف تنظ ُر للدمع بعين ين ُمستفهمة لتُردف : تبكين؟
والدتها بإبتسامة تزي ُد تدفق الدم ُع بعين يها لتُردف : وش رايك ننتظر فيصل
. . . تحملها لتتجه بها نحو الصالَة، أجلستها بحضنها : ننتظره هنا على ما
يجي . . . . تبيني أشغلك التلفزيون؟
ريف تهز رأسها بالرفض لتُردف بنبرةٍ رقيقة تُشير لنفسها بحركٍة طفولية:
أنا ماأحبك تبكين
تعانقها وهي تستنشق رائحتها وتغر ُق بتفاصيلها البريئة : الحين لما تضيع
لعبتك مو تبكين؟ . . إحنا الكبار كذا نبكي بس مو عشان ضاعت لعبتنا . .
. . عشان شي هنا يعِّورنا . . *تُشير ليسا * ِر صدر ريف
ريف تلتف ُت نحوها وبإبتسامة مشرقَة : إذا جاااء بابا راح أقوله أنه عِّورك
والدتها تمس ُح دمعاتها الشفافة من على خدها : عِّورني؟
ريف : دايم تقولين أنه هنا بابا !
والدتها تعانقها بش َّدة لتضع ريف يدها الناعمة حول رقبة والدتها وهي
تبتسُم بأنها عرفت كيف تمسح بكاء أمها الرقيق، ش ِّدت على شفتِها حتى ال
يُ
تغرق بحزنها أمام إبنتها، ال تعرف ِلم ِبها هذا اإلبن بهذه الصورة؟ ال َ
عذِّ
يُريِّحها أب ًدا وهو يتجه نحو الجحيم لوحده، من هؤالء؟ كيف سترتاح بعد
هذا اإلتصال الغريب.
،
ع ِّضت شفتِها السفليَة حتى ال تب ِك أمام صوتُها الذي يخترق كل ال ُجدران،
صوتُها الذي تشعُر بأن ظله قري ٌب منها، بأن صداه يسك ُن روحها، بأن هذه
المسافات بأكملها ال تستطيع أن تقف حاج ًزا بينهما، ابعدت شعُرها للجانب
اآلخر من كتفها لتُردف : ما فيني شي بس أشتقت لكم





والدتها : وإحنا مشتاقين لك . . . . ما و ِّدكم تجون؟
ال ُجوهرة بضيق ب ِّحتها : ما أدري عن سلطان . . مشغول هاليومين كثير .
. . أبوي عنِدك؟
والدتها : آآيـ . . تنظ ُر إليماءة عبدالمحسن لها بأنه ال يُريد التحدث معها
حتى خرج من المجلس بهُدوء.
أردفت : مو موجود بس يجي أقوله أنك اتصلتي
ال ُجوهرة شعرت بوجوده، شعرت بربكة صوتِها التي تُوحي بأنه ال يُريد
التحدث معها، أبتلعت غصتها المترديَّة في حنجرتها لتُردف : تآمرين على
شي يمه؟
والدتها : متأكدة أنك مو تعبانة؟ صوتِك يوجعني يا يمه . . تكلمي فيه شي
صاير؟
ال ُجوهرة : تطمني كل أموري تمام
والدتها : أسألك بالله يالجوهرة ال تخبين شي!
ال ُجوهرة تستنز ُف كل طاقتها بالبكاء الذي أضناها : سلمي لي عليهم كلهم .
. تآمرين على شي يالغالية؟
والدتها : ما أبي إال أنك تكونين مرتاحة وسعيدة
ِّي . . . مع السالمة
الجوهرة : الحمدلله ال تشغلين بالك عل
والدتها : بحفظ الرحمن . . ب ُمجرد ما أغلقته حتى رمت هاتف البيت الثابت
بعي ًدا وهي تدف ُن رأسها بالوسادة وتجه ُش بالبكاء، ال شيء يُضاهي وجع
َ كل هذا يحد ُث ال معي في لحظ ٍة واحدة؟
ص ُدود، الص ُدود من أحٍد كأبي، ِلم
َ كل هذا يالله! أر ُجوك إال أبي. كيف أعيش ُدون صو ُت أبي؟ ولمسةُ
ِلم
أبي؟ وعي ُن أبي؟ وحنا ُن أبي؟ وكل أبي! البُد أن تركي اتصل به، بالتأكيد
أنه تح َّدث معه، يا مرارة الوجع التي ال تنفِّك عنِّ لما ظننتها أنها تالشت ِي، ُك
أ ُعود لنقطة الصفر، للبداية التي ترهقني، كل شيء يستثي ُر البكاء، كل
شيٍء في الحزن يأ ِت بغزارةٍ حادة، وقفت لتنظ ُر للتاريخ في شاشة الهاتف،
رفعته لألعلى، من المفترض أن تُنهي اليوم مراجعة سورة النور، أتجهت
نحو الحمام لتُبلل مالمحها الشاحبة بالماء البارد، رفعت شعرها لتشعُر
ٍن يؤلم بطنها الخاوي، جلست على األريكة لتأخذ مصحفها، فتحت
بغثيا





على سورة النُور لتسقط عين يها اآلية

، وتقرأها بصو ٍت مبحوح متعب:
ِم صبَ

َها ِم صبَا ٌح ال
ُل نُو ِرِه َكِم ش َكاةٍ فِي
ر ِض َمثَ
َوا ِت َوا ألَ
هُ نُو ُر ال َّس َما
الل ا ُح فِي َّ
َر َكٍة َز يتُونِ ٍة َّال
مبَا
ي ، يُوقَ ُد ِمن َش َج َرةٍ ُّ
َها َك و َك ٌب ُدِِّر
نَّ
َ
َكأ
َجةُ
ز َجا
َج ٍة ال ُّ
ُز َجا
و ٌر َعلَى نُو ٍر
ُّ
م َس سهُ نَا ٌر ن
م تَ
و لَ
َها يُ ِضي ُء َولَ
َكا ُد َز يتُ
َوَال َغ ربِيَّ ٍة يَ
َش رقِيَّ ٍة
َمن يَ َشا ُء َو
هُ ِلنُو ِرِه
ُك ِّلِ َش ي يَ هِدي الل ٍء َّ
هُ بِ
َّ
ا َل ِللنَّا ِس َوالل
مثَ
هُ ا ألَ
َّ
يَ ضِر ُب الل
ٌم
َعِلي .
وقفت ُدون أن تتقدم لآلية األخرى، تتأم ُل اآلية وكأنها للمرةِ األولى تقرأها،
للكلمِة األولى، لصفة القلب البشري الذي يأ ِت بقل ٍب نقي صافِي كزي ٍت
صا ٍف ال يخالطه شيء، مستعد أن يتعلم التعاليم اإللهية، فإذا وصل له العلم
النافع اشتعل هذا القلب كإشتعال النار في فتيلة المصباح. أغلقت المصحف
وهي تشعُر بأن معدتها تستفرغ داخليًا ُدون أن تتقيأ، نزلت لألسفل
بخطوا ٍت سريعة، نظرت لح َصة التي تقرأ إحدى ال ُكتب، بلعت ريقها
لتُردف : سلطان ما جاء؟
ح َصة رفعت عين يها : ال . . فيك شي يمه؟
ال ُجوهرة : ال بس . . . والشي . . أتجهت نحو الدرج لتشعر بأن هذا العالم
ي ُدور حولها، مسكت مقبض الدرج تحاول أن تستنِد إل يه، تستجمع بقايا
القِّوة التي ب َّددها سلطان بمزا ِجه، ألتفتت نحو ح َصة التي أخفضت رأسها
ٍو بإتجاه الكتاب، كانت عين ي شاهق حتى
ها تستنجدها، أرتفع صدرها بعل
هبَط وبهبو ِطه سقطت على األرض مغميًا عليها.
ح َصة رفعت عين يها التي أتسعت بالصدَمة، تركت الكتاب لتهرِِّول إليها
سريعًا، رفعت رأسها لتضعه على فخِذها : يمه الجوهرة . . . يممه أصحي
. .. . . عاااااااااااااايشة . . جيبي موياا
يُتبع
،
ِل بناته : الحمدلله . . وعبير؟
يسي ُر يمينًا ويسا ًرا وهو يتحد ُث بلهفة عن حا
قدرت تشوفها؟





عبدالعزيز : تطِّمن عبير شايلها بعيونه
عبدالرحمن : ليه مقدرت تجيبها معك؟
عبدالعزيز : هي في الدور الثاني! مقدر أوصلها! . . طلعت وأنا واثق
بفارس
عبدالرحمن تن َّهد : يارب أحس بهالثقة
عبدالعزيز: قالوا بتجي اليوم؟
عبدالرحمن : مقدر أخلي هالخراب اللي صاير بهالفترة! . . جالس أحاول
والله أجيكم بس مقدر . . بين نارين
عبدالعزيز بحنق : بين نار أهلك و بين نار وطنك . .
عبدالرحمن : بالضبط
عبدالعزيز : تختار شغلك!
عبدالرحمن : مضطر . . ألني واثق فيك يا عبدالعزيز مثل ما أنت وافق
بفارس . . أرجوك بس أبعد عن عواطفك وف ِّكِر بمنطقية
عبدالعزيز تنهد : إن شاء الله . . وش صار بموضوع رائد؟ وش قررتوا
تسوون ؟
عبدالرحمن : إلى اآلن! . . نحاول نحل المواضيع اللي طلعت لنا وبعدها
نفكر
عبدالعزيز : وش المواضيع اللي طلعت؟
عبدالرحمن : أقولك بعدين
عبدالعزيز بقهر تعتلي نبرته : من حقي أعرف . . !
عبدالرحمن : أنت تعبان ريِّح هاليومين والحق
ِي . . أبي أعرف أيش قاعد يصير ؟
عبدالعزيز بغضب : ال تقرر عنِّ
عبدالرحمن: أنا عندي إجتماع الحين . . نتكلم بعدين
عبدالعزيز يصرخ بقهر : أنا ماني جدار تقررون وبعدين تبلغوني!
عبدالرحمن بح ِّدة : ال ترفع صوتك!
عبدالعزيز بضيق صوته الذي ينخفض تدريجيًا : ال تسوي فيني كذا! . . ال
تقهرني بهالصورة
عبدالرحمن يجلس على طر ِف الطاولة : بنح ِّطك في الصورة يا عبدالعزيز





بس مو الحين .. بالوقت المناسب
عبدالعزيز : الوقت المناسب! . . يضرب بعصبيَة الطاولة الخشبيَة التي
أمامه لينغرز به مسما ًرا لم ينتبه له، كتم نف ُسه من األلم .
عبدالرحمن عقد جاجب يه: عبدالعزيز؟
عبدالعزيز تحامل على وجعه ليُردف بقهر عميق : اللي تسويه فيني ما
يسويه أبو إتجاه ولده . . يا يبه
حين
عبدالرحمن بلع ريِقه من حساسيته إتجاه هذه النقطة، من " يبه "
تخر ُج من عزيز : عز . . بس عطني وقت والليلة أتصل عليك أفهمك
ِّطع ب ُحرقَة . . .
عبدالعزيز بعُقدة حاجب يه ينظ ُر للدماء التي تسيل وهو يتق
أغلقه ُدون أن يردف كلمة، أعطى الهاتف نايف وجلَس على ال ُكرسي
متمرج، بفوضويَة غضبه ق َطع طر ِف قمي ِص ال ه ليمسح دماءه، أنحنى
بظهره وهو ينظ ُر للسماء النقيَة أمامه، تراجعت عن الشباك :
رتيـــــــــــــــــــل . . . !
مت من صالتها التي تفوتها كثي ًرا بهذا المكان المعزول، بهذا التوقيت
ِّ
سل
الذي يفر ُق كثي ًرا ويتجاد ُل مع أرواحنًا كثي ًرا، بعين ين متألألتين : وش
تسوي عبير الحين ؟
ضي تجل ُس بجانبها على السجادة وهي تضع كفِّها على ك ِِّف رتيل : فيه
شي بداخلي يقول أنه حالها مو سيء
رتيل تُخفض رأسها لينساب شعُرها خلفها : ما تعِّودت تبعد عني كل
هالفترة، ما تعِّودت ي ِّمر أكثر من يوم بدون ال أشوفها . . أخاف . . أخاف
ِّطع عشان أشوفها يا ضي
صاير لها شي وإحنا ما ندري . . . بتق
ضي تمسح على شعرها الممِّوج : رتيل .. . أبوك بيجي اليوم تبينه يشوفك
كذا؟ وتزيدينها عليه؟
رتيل : أحس فيها! والله أحس فيها . . مهي مرتاحة . . أنا أعرفها عبير .
. ما تقدر تنام على سرير مو سريرها . .
ضي تُشتت نظراتها لبعيد ال تُريد أن تنجرف معها وتب ِكي، خرج أنينها
ا لعبير
المكتُوم الذي كان ناِد ًرا ما يخرج أمام أحد، خرج وهي تشتعل شوقً
: كيف لو صار مثل اللي نشوفه بالجرايد؟ كيف لو ما خلوها ترجع؟ . .





كيف بنعيش؟
ضي تُشاركها الدمع المالح، وبنبرةٍ ضيِّقة : تفائلي! أكيد أبوك قاعد
يتصرف الحين معهم . . بس ما يبي يخِّوفنا . . . وقفت لتمِّد يدها إليها
وتوقفها معها وبصو ٍت خافت : روحي لعبدالعزيز . . برا
رتيل تمسح عين يها بأناملها الباردة : ليه؟
ضي : روحي شوفيه . . ال تتركينه
رتيل بضيق تش ُد على جاكيتها من برِد هذه المدينة التي أصبحت أتع ُس
مدينة في عين يها : ما أبي يا ضي . . . ووقفت متجهة نحو األري َكة.
ضي تنهِّدت لتقف أمامها : متضايق . .
رتيل : كيف عرف ِت!
ضي: مدري مين كان يكلم بس كان واضح أنه متضايق
ِن ضي بمحاولة إلكتشاف خداعها لتُردف ضي بضحكة
رتيل تنظ ُر لعي
تمسح بها هذا البكاء : والله من ِت بهيِّنة تقلدين أبوك بعد!
رتيل بإبتسامة : ضي! إن طلعتي تكذبين ألخليك تولدين الحين!
ضي غرقت بضحكتها لتُردف : والله . . أستغفر الله بس
رتيل كانت ستتق ِّدم للباب الخلفي ولكن تراجعت للمرآة المعلقة لتنظر
لشكلها أمام إبتسامات ضي التي قلدت صوتها : ما أبغى أشوفه !
رتيل ترفع شعرها بأكمله كذيل حصان : صدقيني لو أبوي يدري عن
هبالك ما كان ف ِّكر يتزوجك! حسافة بس يحسبك عاقلة وأن ِت من جنبها . .
.
لم تُكمل سيل كلماتها من يِد ضي التي سحبتها بإتجاه الباب : ليتك تخافين
على نفسك بس وتفكرين فيها . . .
رتيل فتحت الباب لتتجه نحوه، تنحنحت حتى تُجذب نظره إل يها ولكن
الصمت هو من أجابها، وقفت أمامه لتشهق عندما رأت يِده، رفع عينه
إل يها ُدون أن يلفظ كلمة، مسكت يِده التي تنزف بكلتا كفيِّها : وش صار؟
وش اللي جرحها؟
عبدالعزيز يسحب كفِّ ضجر . ِه منها وهو يعق ُد حاجب يه ب
رتيل بضيق : لحظة . . . . ودخلت للداخل . . وين أمس شفتي علبة





اإلسعافات ؟
ضي التي كانت تتجه نحو المدفأة : بالغرفة اللي جمب المطبخ . . ليه؟
رتيل وهي تبح ُث باألدراج وتحذف كل شيء أمامها بفوضوية : يِده
مجروحة . . .
ضي تقدمت إليها لتمِّد لها الحقيبة البالستيكية التي كانت أمام رتيل
ال . ُمشتتة، رتيل وقفت لتأخذها وتخرج ب ُخطى مبعثرة خائفة
جلست بجانبه لتسحب يِده ُدون أن تترك له مجال أن يناقشها، عقمتهُ وهي
ه حول يِده :
ُّ
تمسح الدماء التي أنتشرت على راح ِة كفِّه، أخذت الشاش لتلف
تُوجعك؟
هز رأسه بالرفض ليُردف : أبوك ماراح يجي اليوم! ما ق َدر
رتيل تجمِّدت عين يها ُدون أن ترمش، كانت تنتظر طيلة البارحة متى يأ ِت
الصباح حتى تراه، وقفت وهي تُشتت نظراتها بعي ًدا : طيب، أنا بدخل . .
عبدالعزيز يسحبها بيِده األخرى لتجلس بجانبه، وضع رأسه في ُحجرها
ليستلِقي على الكرسي العريض المعل نظرت إل يه لثوانِي طويلة حتى ِّق،
رمشت وسقطت دمعتها بجان ِب عينِه، أنحنت لتراقبه وهو يُغمض عين يه،
قبَّلت مكان دمعتها بقُر ِب عينِه اليُمنى، نامت كفيِّها على رأسه ُدون أن
يشاركهما الصوت بكلمٍة أو حتى حر ٌف بسيط يُخمد النيران التي تشتعل
بهما .
الرجال ال يقولون شيء، الرجال عندما يضعفُون يلجأون لمرأةٍ واحدة
تمِّدهم القوة، بعد كل هذه الفترة الطويلة يا عزيز أنا أفهمك تما ًما، أفهُم
ضجرك وأفهُم تعبك وإستيطان الحزن بك، أفهُم تقاطعات الضيق بعين يـك،
ُم ذكراك و
َ كان في فِمي تنا
َ كانت حياتنا ُمَّرة؟ ِلم
أفهُم تما ًما يا حبيبي ِلم
َ كان قلبِي يتجاوزني وال يُلقي لمحاوالتِي
قلبِي يحاول لف ِظك كل ليلة؟ ِلم
باالً؟ ُر . َّد لي بعض قلبي أعش به، ُر َّد لي عق ٌل يُقنعني بحقيقة ما يجري
رمشت عين يه ليُعيد إغماضها وهو يضع كلتا يد يه بين فخذ يه، يتخذُ وضعيَة
الجنين المنكمش حول نف ِسه، مسحت على شعره كثي ًرا لتلفظ ببحة هذه
السماء في هذه اللحظة، بصو ِت الريح التي تحِِّرك الحبال المتمسكة بهذا
الكرسي، بصو ِت هذه األرض التي ال نعرفها مرا ًرا ونجهلها تكرا ًرا :





تعرف يا عبدالعزيز! . . قد ما أنقهر منك . . من تصرفاتك بس توجعني
هالنظرة منك
ال يرد عليها، مازال يتو ِّحد مع نف ِسه ومازال رأ ُسه المثقل في حضنها،
ِق على دمعها : ما يعني لك شي؟ أني أنتظرك وأنت هنا
رتيل ب ُحمرة تضيِّ
ِّي شي أنك
. . جمبي . . قريب مني وإيدي على راسك . . ما يعني لك أ
قريب و أني . . أشتاق لك . .
َمة
يستلقي على ظهره ليفتح عين يه عليها، على مالمحها النا ِع وإن شحبت
قليالً، كيف ت ُكونين أنثى بهذه الطريقة الالذعة؟ بهذا اللؤم األنثوي؟ كيف
ي ُكون دمعك نقطة ضعف بي؟ وكيف تكون ضحكتِك نقطة ُضع ٍف أخرى؟
رتيل بحاجب يها المعقود ين: ما يعني لك أني اشبهك كثير! أشبه قسوتك .
.أشبه عيونك لما تضيق . . أشبه عناِدك . .
يستعِدل بجلسته ليُبعد رأسه عن حضنها وهو ينظ ُر إل يها بعين ين تحكي
بعُمق وتُراقب تفاصيل بكاءها الذي ال يُشبه بكاء أحٍد في هذه ال ُدنى .
َمة تصرخ للحظة وتخفت للحظ ٍة
تُكمل بصو ٍت مبحوح و في األعلى غي
أخرى، في األعلى غيمة تُظللهما وتراقب األشياء الصغيرة التي تلتحم
ببعضها البعض من أجسادهما، ُهناك في األعلى غيمة تبرق السماء
ب الرعد بها، ُهناك في األعلى مطٌر تغنيه السماء.
ُّ
وتص
ِّي شي صح؟
رتيل : ما يعني لك أ
عبدالعزيز عقد حاجب يه : اللي أساسه ه ِّش وش نهايته؟
ِّي حيوان
رتيل بغضب تقف : وش بعد! .. الحياة لك يا رتيل . . شوفي أ
وأخذيه . . بس أنا ال تفكرين فيني
عبدالعزيز : أنا ما قلت كذا
ويهط ُل المطر ليُشاركها البكاء : إال قلت . . أفعالك تقول . . عيونك تقول .
. حتى كالمك معي واضح! . . بس أنت جبان ماتعرف تنكر وال تعترف!
. . أنت من أيش مخلوق؟ . .
ُط تُبلل السماء شعرها ليلتصق بمالمحها التي ي ملحها بعذ ِب المطر
ختل
ِق الله في قلبك . . حرام اللي تسويه فيني
ِق الله في نفسك! . . أت
لتُكمل : أت
وفيك . . كافي! . . من شهور وإحنا نفس السالفة .. نفس الكالم . . خالص





. . خالااص مليت . . مليت من نفسي اللي تتأمل بشي وبعدها تنصدم! . .
أنت نفسك نفسك ما تغيِّرت بس أنا اللي تغيِّرت . . أنا اللي صرت زي
المجنونة أحاول أقنعك بأنك فعال حمار . . ألنك لو بني آدم ما كان قلت
هالكالم لبنت مثلي !
عبدالعزيز بهُدوء : بنت مثلك !
رتيل بنرجسيَة : إيه بنت مثلي! يتمناها ألف واحد بس مختارتك وكل مرة
تعرف أنها تخطي بإختيارك . . . أنا أعيش مع شخص ما أحبه لكن بيننا
إحترام . . إحترام لمشاعري أشرف لي مليون مرة من واحد يهنني في كل
مرة يشوفني فيها
عبدالعزيز يقف ليُبللهما المطر، متجاهلين كل هذه الغزارة من المياه
وبقسوةٍ تعُود لصوته : أن ِت ما اخترتيني أنا اللي اخترتك
رتيل أرتجفت شفت يها لتُشتت نظراتها : رجعنا للنقطة اللي عمرها ماراح
تنتهي! . . رجعنا لمسألة أني معروضة عليك! . . هذي المسألة ما تعنيني
شي على فكرة . . ماهي مشكلتي أنك حقير بهالصورة اللي تلوي فيها
أبوي !
عبدالعزيز يُدخل يد يه بجيُوب معطفه : مكبوتة كثير! . .طلعي بعد وش
باقي ما قلتيه!
رتيل : أنا نفسيتي تعبت يا عبدالعزيز . . يرحم لي والديك ف ِّكر على األقل
فيني لمِّرة! . . ليه ِكذا ؟ بس قولي ليه تحب تعذب نفسك وتعذبني معاك ؟
عبدالعزيز سعَل من المطر والبرد الذي يتصبب على جسِده المرهق : وش
قلت لك؟ . . قل ِت مثواي الجنَة . . وقلت عيني يا رتيل . .
رتيل ببكاء : ما أفهم! أنا حمارة . . أنا غبية ماأفهم بهاألشياء . . قولي
بشكل واضح . .
عبدالعزيز يُشتت نظراته التي بدأت تصعد ال ُحمَرة إليها : مقدر
رتيل : ماتقدر! . . عشان مين؟ عشان أثير؟
ح ِّظة بالغيم، أخذ نفس عمي
ُّ
عبدالعزيز اليُجيبها وهو ينظ ُر للسماء المكت ق يب
معه صوته.
رتيل بنبرةٍ باكية : ماراح تقول شي؟





عبدالعزيز : بس ينتهي كل هذا . . نتفق
رتيل : على ؟
عبدالعزيز بضيق : عشان ما يطلع أساسنا ه ِّش !
رتيل تُدخل يد يها بجيُو ِب جاكيتها وعين يها تذر ُف الدمع بال توقف : ِكذا؟ . .
يهون عليك قلبك بسهولة؟
عبدالعزيز : ماراح نوصل لشي . . ماراح ننتهي من هالمشاكل . . مو
تقولين مليتي! خالص ننهي كل شي
رتيل تنفج ُر بوجهها : جباااااااااااااان . . جبااان . . أعطته ظهرها وهي
تتجه نحو ال ُسور الخشبي لتقف بجانبه.
عبدالعزيز بتجاهل لكلماتها : أدخلي داخل . .
ِّي
رتيل بح ِّدة : مالك شغل فيني! . . أبعد عنِ
عبدالعزيز يقف خلفها مباشرةً، يُلصق ظهرها بصدره : ما أعرف أكون
مثل ما تبين يا رتيل! . . ال تطلبين مني شي أنا مقدر عليه
رتيل بصو ٍت يتحشر ُج بالبحة : كلمة . . كلمة ياعبدالعزيز ماتقدر عليها
عبدالعزيز بب ِّحة تؤلم قل ِب رتيل : ألني ما أعرف أنهي حياتي اللي كانت
قبلك! ماأعرف كيف أتقبل أنه ماعاد فيه أحد أقوله يممه.
،
ِدة ينظ ُر إل يه ليعود لمكتبه ُدون أن يلفظ كلمة، وهذا الصمت يُثير
بتنهي
الرعب في نفوسهم، جلس ليضع أقدامه على الطاولة بإتجاههم: خذوا جثته
ون عليه مسا
ُّ
وحطوها قدام السفارة! . . خلهم يصل كيين . . *لفظ كلمته
األخيرة بإستهزاء*
ُعمر : فارس ما يطلع برا الشقة . . !
سليمان ببروِد مالمحه : طيب تبيني أروح وأطلعه لك! . . حمار أنت! . .
ِّي فكني من فارس عساه ما به فارس
أخلص عل
ُعمر بلع ريقه : نستعمل القوة مع رجاله
سليمان يقف وهو يأخذ التفاحة من صحن الفواكه ويقضمها بصو ٍت مقزز :





م الكلب أسامة وال حمد يطلعونه
ِّ
ضحكتني وأنا ماني مشتهي أضحك! . . كل
لك . . في راسك هذا مخ وال درج!
ُعمر بضيق : موت فارس بيكلفك كثير! . . ألنه صار نسيب عبدالرحمن
سليمان رفع حاجبه : نعم؟ وأنا من متى يهمني عبدالرحمن! . . ما أبغى
أعيد كالمي! . . فارس أبيه يتب ِّخر مع هالمطر مفهوم؟
ُعمر : رائد مستعد يسوي كل شي عشان ولده! . . الموت راح يخليه يفكر
بجدية ينتقم منك ويترك عبدالرحمن وسلطان
سليمان بغضب يصفعه : قلت ما أبي أشوف أثر لفارس! . . ال تناقشني
ُعمر بح ِّدة : فارس ما يهمك بشي! كذا بتخلي ألف واحد يتربص لنا
سليمان : وأنا أبيهم يتربصون لنا على قولتك! . . خ ِّل أسامة يسممه وال
ِّي شي
يسوي له أ . .
ُعمر برضوخ : مثل ما تبي! لكن راح تتذكر كالمي
سليمان : أنقلع عن وجهي .. ال أبو من جمعِّكم يالخ ِّمة! . . يجل ُس باألريكة
. . والحمار الثاني؟
ُعمر بسخرية : الحمير كثير
سليمان : تأكد أني لو أربي حمار كان تعلم وأنت ما تعلمت . . عبدالعزيز
الزفت! . . أنا إذا ما سارت خطتي زي ما أبي راح أخلي قبوركم معلَم
سياحي!
ُعمر تن ِّهد : مقدرنا نوصله . . بحثنا في الفنادق اللي جاها وبشقته وبشقة
ناصر . .مالقينا أثر له
سليمان : وش صار على ناصر؟ ما قلت لي تطورات قضيته؟
ُعمر : حطيت بصماته على السالح عشان يتأكدون أنه هددهم
سليمان : حلو حلو . . يعني القضية جاهزة لناصر! . . وقف ليتق َّدم نحو
الورقَة المعلقة وهو ينظ ُر لألسماء التي ُشطبت . . أخذ القلم ليشطب "
ِل : وش
وبنبرةٍ حزينة يُمث قد هالبلد تخسر من رجالها ! ِّ
"
نا ِصر
يُتبع





،
وقف أمام الباب كثي ًرا وهو يتردد لحظ ٍة ويعُود للحظ ٍة أخرى، يشعُر بشيٍء
يُرهق خالياه، ال يستطيع للحظة أن يفكر بإتزان وبإستقامٍة أكثر، تق ِّدم إلى
َصل بهدوء : السالم عليكم
أحمد الجالس خلف مكتبه، في
أحمد : وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
فيصل : أبي أشوف سلطان بن بدر
أحمد : تفضل إجلس . . إتجه نحو مكتبه ليطرق الباب وال يستمع صوت
يأذن له، كان جال ًسا يقرأ الخطاب الذي وصله، بغض ٍب عجن الورق
بقبض ِة يِده ليصرخ : مين!
أحمد أرتجف ليفتح الباب : ُعذ ًرا .. . آآ . . وال شي .. وخرج.
َصل، أتجه نحو مكت ِب
سلطان بقهر يرمي الورقَة ليخرج ُدون أن ينتبه لفي
َسان
عبدالرحمن ليفتحه بقَّوة حتى سقطت عيناه عليه هو وعبدالله جال
يُدققان ببعض األوراق، عبدالرحمن رفع حاجبه : خير؟
سلطان : وش اللي حاول تسويه؟ تبي تكسر ظهري ... انا ماني فاهمك! أنا
عدِّوك وال صديقك . . !
عبدالله : وش صاير لكم؟
سلطان بغضب كبير : اقسم بالله ال أجيب تقرير بأنك أنهبلت .. وبأنه
عقلك رسميًا توقف وماعاد تعرف تفكر زي الخلق !
عبدالله يقف : سلطااان! . . وش هالكالم؟
عبدالرحمن يقف هو اآلخر ليُردف : أنت تحتاج تجلس لحالك وتراجع
نفسك! راجع أخطاءك األخيرة وطريقة تفكيرك وحبكتك لخياالتك
سلطان يُشير إليه بسباب ٍة ُمهددة : راح أعتبر اللي صار ما صار! . . .
واللي محتاج يراجع نفسه هو أن ت! وفاة مقرن مأثرة بعقلك مو بس بقلبك!
. . . وخرج بغضب لألسفل متج ًها لخارج المبنى.
فيصل يقف :وش فيهم؟





أحمد يهُز كتفه بالالأدري ليُردف : ماراح تقدر تشوفه اليوم
فيصل تن َّهد ليتجه نحو مكت ِب عبدالرحمن وينظ ُر للباب المفتوح : السالم
عليكم
ألتفتوا عليه، عبدالرحمن يجلس وهو يحاول أن يهدىء من غضبه، يشعُر
بالقهر من نفسه وليس فقط من سلطان : تف َّضل فيصل . . . . كنا راح
نتصل عليك
،
هيفَاء تقف أمام رزنامة التقويم الموجودة في المطبخ، يومين بالتمام ويأ ِت
زفافها المنتظر، يومين بالتمام وتنقل ُب هذه الحياة ليُشاركها أحٌد آخر،
يومين فقط. دخلت لت ِجدها تقف مبتسمة ببالهة أمام التقويم، ألتفتت نحوها
بخوف : بسم الله . . . خرعتيني
ُمهرة : ما كنت أقصد
هيفاء بإبتسامة : رجع يوسف
ُمهرة : ال . .
هيفاء بتوتر من الحديث مع ُمهرة التي ال تجدها دائِ ًما ُمبتسمة : كنت
أجِِّرب أسوي حال . . وش رايك تذوقينه وتعطيني رايك؟
ُمهرة بإبتسامة : وريني . .
هيفاء تُبعد القصدير عن الطبق لتمِّده إل يها، أخذت حبة لتتذوقها بتلذذ :
مررة حلوة
هيفاء : جد وال تجاملين؟
ُمهرة : والله مررة لذيذة . .
هيفاء : ومكوناتها يحبها يوسف مرة متأكدة . . خليه يجي بس وأذوقه إياه
. . . . سمعت صوتُهما خار ًجا .. هذولي هم جِّو . . خرجت لت ِجد منصور
ويوسف : طولتوا مررة
منصور : مرينا فيصل وما لقيناه ورجعنا
هيفاء بللت شفت يها بلسانها بربكة : سويت حال وأبيكم تذوقونه





منصور : بصعد أغيِّر وأجيك . . . صعد لتخرج ُمهرة من المطبخ متجهة
نحوهما.
يوسف : وهذا اللي قدرتي عليه . . والله لو طابخة ذبيحة !
بإبتسامة يلتفت نحوها : وش صاير بالدنيا؟ السلطانة مهرة نازلة تحت
هيفاء : طيب وأنا قلت لك أني مستانسة أني مسوية حال! شي جديد
وجربته فيها شي؟
يوسف : طيب ال يكثر روحي جيبيه ويقيِّمه لساني
هيفاء : مرتك لو يجيها حالة نفسية ما ألومها !
ِّي ُمهرة : أنا ومرتي نتهاوش ونتكافخ بعد بس
يوسف يضع ذراعه على كتف
أن ِت أطلعي منها
هيفاء : أفآآ يعني تفشيل بدون مقدمات
ُمهرة ابتسمت : ما بعد شاف التكفيخ
يوسف : متعددة القدرات الله اليضرك
ُمهرة تضربه بكوعها على بطنه بقِّوة حتى عاد للخلف بألم : ِكذا قدراتي
تمام
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
من ِت هينة
يوسف يجلس على األريكة : أنا قايل بنات حايل يرضعون مع أبليس بس
محد صدقني !
ُمهرة تجلس أمامه : من عذرك . . مآخذين قلبك بنات حايل
يوسف بضحكة عميقة أردف : شوفي الخبث! طبعا مين بنات حايل؟ ُهم
ان ِت . . الله على غرورك بس تختصرين البنات كلهم فيك!
هيفاء جلست على الطاولة بجانب الباب لتتسع بإبتسامتها : أسمح لي
يوسف بس طلعت ُمهرة جايبة آخرتك
يوسف يحب ُس ضحكته ليُردف بغزل : تجيب آخرتي . . تجيب دنيتي . .
تجيب اللي تبيه
ُمهرة أرتفعت حرارة جسِدها لتض ِّج ال ُحمرة بوجهها، غرقت هيفاء
بضحكتها ليُشاركها يوسف بعين ين تُراقب ر ِّدة فعل ُمهرة الخجولة.





لتمسح جبينها الذي تعَّرق : أنا بصعد
هي األخرى سحبت منديالً
يُوسف : تعالي يا بنت الحالل . .
هيفاء : بروح أجيب الحال . . دقيقة بس .. وخرجت
ُمهرة تقف متجهة نحوه بعد أن أختلت معه : مشكلة أني احب الرياض وال
صدقني كان ممكن أكرهها بسببك
يوسف بسخرية : ال مالك حق! كيف يعيشون أهل الرياض بدون حبك
ُمهرة تقترب منه وكانت ستتو ِّعده لوال أن يِده سحبتها حتى سقطت على
األريكة بجانبه، أقترب من مالمحها : تضربين بعد!
ُمهرة : محد أحسن من احد . . أتركني منصور بيجي الحين
يُوسف : يا قوتك بس! .. ماتبين تسأليني وش صار اليوم؟
ُمهرة تغيِّرت مالمحها بربكة : مو مهم
يوسف : مو مهم تعرفين أنك تظنين ظن سيء بأحد؟
ُمهرة وقفت بتوتر كبير لتخرج من الصالة متجهة لألعلى ُدون أن تلفظ
كلمة وتشعُر بأن قلبها سيخرج من مكانه، ال تُريد أن تصِِّدق بأنها ظلمت
أحد وال تُريد أن تصِِّدق بأن منصور بريء.
،
وضعت يِدها على شفت يها بمحاولة تصديق ما يح ُدث، نظرت بعين ين ال
تصِِّدق ما تقوله ح َصة امامها حتى رأت دمعتها تنزل بفرح : والله! . .
يالله وش كثر بيفرح سلطان لو عرف . . راح أتصل عليه
ال ُجوهرة بدأت دموعها تهط ُل بغزارة على مالمحها لتش ِّد على يِد ح َصة :
ال . . أقصد يعني أنا أقوله . . ال تقولين له الحين
ح َصة جلست بجانبها : الجوهرة خايفة من شي؟
الجوهرة أرتجفت بالبُكاء الذي يُصيبها في هذه اللحظة، ال تعرف هل يجب
ٍر كان من
أن تبتسم لهذا الخبر أم تحزن؟ هل يح ُق لها أن تسعَد بخب
المستحيل أن تتمناه، أيجب أن أفكر بأنه من المستحيل أن يالحظه سلطان
ُم أ له، لن يشعر به، لن يشعُر بالشعور الذي عند جميع األباء
و حتى يهت





ألنه ببساطة ال يُحب أن يشعر! ال يُحب أن تتحرك أحاسيسه إتجاه أحٍد ما،
كيف أخبرك؟ أنا حتى أخاف أن تصرخ بوجهي عندما أقول لك، ألنك ال
به أح ًدا من ُربما يشبهني! ُربما يش
تُريد مني شيء، ال تُريد أن انجب طفالً
عائلتي، ُربما يذكرك في كل مرة أن هناك جر ٌح لم يتلئم، و هُناك حزن لم
ِّي أنا . . أنت ال
يندثر ُرغم كل هذه السنوات، ُهناك أثر! ُهناك ألم و وجع ف
تعرف وال تُريد أن تعرف، قاسي ج ًدا .
ح َصة : حبيبي ُجوج وش فيك؟ . . مفروض تنبسطين .. هذا الخبر اللي
منتظرينه من زمان !
الجوهرة : بس سلطان ما ينتظره
ح َصة ب ُمقاطعة حادة : ال تقولين كذا! . . لو تبلغينه الحين بتشوفينه طاير
ِي هالحمل يقربكم
ِّ
من فرحته . . . أبعدي كل هالمشاكل اللي بينكم بعيد وخل
من بعض
ال ُجوهرة أخفضت رأسها لينساب شعرها عليها وهي تضع يدها على
بطنها، تحاول أن تصِِّدق بأن هناك رو ًحا بداخلها، أصغُر من كل هذا،
ح َصة : تتصلين عليه وال أنا أتصل؟
،
بالالإراديَة قلدت حركات شفت يه عندما أستيقظ، تأفأفت لترفع شعرها
بطريق ٍة أنيقة وتضع في أذنها قرطها الذهبي، ألتفتت إليه وهو يُغلق أزارير
ثوبه : بتطلع؟
ريان بسخرية : آل بجلس معك أتونِّس
ريم بإبتسامة : خسارة! . . جلستك مكسب
ريِّان يتق ِّدم نحو التسريَحة ليبعدها بيِده وهو يُعِِّدل نسفة شماغه متنهًدا :
خففي هالروج!
ريم تسحب منديالً وهي تستجي ُب له بال إعتراض : ِكذا زين؟
ريِّان يعرف ماذا تُريد، بلؤم الرجال الذي ال ينتهي إقترب منها ليُقبِِّلها
بهُدوء جعل سيقانها تتج َّمد، أبتعد وبنظرةٍ ذات معنى : كذا أزين . . . وأخذ





مفتاحه وهاتفه خار ًجا.
ريم تزف ُر أنفاسها التي توترت : يبغى يروضني! . . طيب يا ريَّان . . . .
لحقته لتنزل معه لألسفل.
والدته : وإحنا صايرين مانشوفك!
ريِّان : معليش هالفترة مشغول
ريم : طيب ريان ال تنسى غداء بكرا! عشان تحجز لنا بدري
ريِّان رفع حاجبه : غدا؟
ريم بإبتسامة : إيه مو قلت أنك عازم خالتي وأفنان وبنتغدى بالواجهة
ريِّان صمت قليالً حتى أتى صو ُت والدته : زين تسو ِّي صار لنا قرن ما
طلعنا
ريِّان بنظرة وعيد وهو يلف التي ش ِّدت على بعضها البعض: ُظ بين أسنانه
طيب ماراح أنسى. . . وخرج بخطوا ٍت غاضبة تشت ُد غضبًا في كل لحظة.
ريم بإبتسامة واسعة : خالتي وين أفنان ؟
،
ُء باريس
على أطرا ِف أصابعها كانت تسي ُر بإتجاه النافذة، فتحتها ليه ِّب هوا
المح َّمل بالمطر، تجمَّدت أصابعها عندما أقترب ألذنها الصوت القادم من
الشرفة الجانبيَة : مجنون أنت! . . قوله مقدر، هو أصال بينهبل من بعد
هروب عبدالعزيز! .............................. ال . . . تقريبًا يمكن الحين
نايم يا عمر مقدر أدخل عليه و بنت عبدالرحمن عنده . . . . من جدك أنت
؟ . . . . . . . أستغفر الله بس! . . . . طيب الليلة أنهي لك هالموضوع . .
. . خالص ال تح ِّن الليل بمحي لك هالفارس! . . . . طيب . . .يخي
أبثرتني . .. مع السالمة
ُمفزعة، ألتفتت لت ِجدهُ نائِ ًما على
تجمِّدت عروقها وهي تسم ُع لكلماته ال
األريكة ويتض ُح على مالمحه التعب، جلست على ركبت يها عند رأسه وهي
ال تعرف كيف توقظه : آآآآ . . آ .. ففـ .. فارس! .. وضعت يدها على
كتِفه لتُحركه قليالً، أستيقظ بفزع لتلفظ بعفويَة : بسم الله عليك . . . !





فارس يرم ُش بعين يه يحاول أن يستوعب من أيقظه؟ أم يستوعب كلمتها
األخيرة . . نظر إليها بعين ين غير مصدقة حتى قطعت كل خياالته بصوتها
: آآآ .. يعني . . . . . ممكن تصحى؟
إبتسم على ربكتها ليستعِدل بجلستها : محتاجة شي؟
عبير تقف ويد يها تتشابك ببعضها البعض : ال . . شتت نظراتها بعي ًدا عنه
لتُكمل : تو فتحت الشباك . . و .. يعني سمعت واحد يتكلم
فارس : إيه
عبير بربكة : يقولون أنهم بيمحونك . . ما فهمت كالمه بالضبط . . لكن
كان يقول إسمك
عقد حاجب يه : أنا؟
عبير : إيه . .
فارس وقف : طيب ال تتحركين وراجع لك . . . وخرج وهو يضع يد يه
في جيُوبه وينظر لرجال والده المنتشرين في كل مكان وفي كل زاويـة،
دخل عند والده ليجذب عين يه له : صح النوم!
فارس : اللي يسمعك يقول نمت نومة وال أحلى منها! كلها غفوة . . بعدين
يبه وش دراك أني كنت نايم؟
رائد : العصفورة قالت لي
فارس بإبتسامة : عصفورة! . . عصفورة وال الحمار اللي مخليه يراقبني!
لكن . . أرتاح
رائد : ما أناقشك بمسألة انه حمار ألن هو حمار فعالً
وتطمن حبيبي محد يراقبك
ٍن جعلته يرتبك من أن وصل له شي ٌء عنه
فارس ينظر ألسامة الجالس بعي
: باين يا أسامة أنك تشتغل بتركيز . . عيونك تعبانة!
أسامة وقف : تآمر على شي؟
رائد : ال تقدر تروح
فارس يقف أمامه : وين كنت اليوم؟
أسامة : هنا . . أبتعد قليالً ووقف فارس مجدًدا أمامه : بس ما كنت موجود
العصر . . !
أسامة بتوتر : كنت تحت





فارس يُبعد جسِده عن طريقه : أحالم سعيدة . . ألتفت لوالده . . واثق في
هالحمار؟
رائد تن ِّهد : ألفاظك بدت تصير زي وجهك
فارس : مليت من الكالم الحلو والذرب قلت أج ِّرب شوي ألفاظ الشوارع
رائد : بنت عبدالرحمن طلعت جنونك
فارس يقترب من والده ليلفظ : على فكرة ما تنتقص مني بشي بهالكالم!
إيه مجنون فيها
رائد : الله يخلف عليك! ما منِّك فايدة ..
فارس يحك رقبته التي تيبست من غفوته الخاطئة : إيه نسيت الزم الفايدة
تكون بأني أنهي حياة أحد . . كذا المجد لي
رائد : بالله ريِّح مخي من مثاليتك وأفكارك اللي ما كسبنا منها شي! . .
الحياة همجية . . حط هالشي في بالك
فارس تن ِّهد : مدري مين حاط في بالك هالتعاريف الواطية
رائد إبتسم ليُردف وهو ينظ ُر لألوراق : أمك أتصلت تقول ليه ما ترد
عليها ؟ قلبها تقطع المسكينة
فارس يُراقب نبرة والده الساخرة ليُردف : بس هذا اللي قالته ؟
رائد : إيه محرومة من النوم كله تفكر فيك خايفة أننا ما رضعناك
فارس : هههههههههههههههههههههههههههه
رائد يرفع عينه : من جدي أتكلم! . . أتصل عليها تراها مجنونة تروح تبلغ
عنك وتفضحنا
فارس : الله العالم مين المجنون
رائد بهُدوء :أنا أحس الله رزقني عائلة تذهلني بقدراتها دايم . . أنقلع عن
وجهي ال يجيك ذاك الكف اللي يخليك تعيش البرزخ
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ما
افتي لك بس ما يصير كذا! ال تقول البرزخ
رائد بغضب : انقلع عن وجهي! . . أنقلع ال تخليني أذبحك الحين
فارس ببرود يستفز والده : إحنا يبه من ربع اللي قالوا نح ُن قوم إذا أحبوا
ماتوا . .





رائد : الكلب اللي قالها لو يشوف أمك ينتحر مو من حبه من قهره . . . . .
ِّي
فارس بهُدوء :حقك عل
رائد : وش تبي توصله ؟
فارس : لهدرجة هالجملة تضايقك كثير؟
رائد يقف متج ًها نحوه : ما تضايقني! بس ألني عارف وش تبي توصله . .
. أنا بالنسبة لي حياتك أهم من كل شي وحط هالشي في بالك قبل ال تسوي
أ ! ِّي شي غبي
ِي ال
ِل جبينه ويهمس . . أبعد رجالك عنِّ
فارس : أمرك . . يقتر ُب منه ليقبِّ
أصدمك باللي راح أسويه . . . . وخرج متج ًها لألسفل.
نظر ألسامة وهو يعطيه ظهره ويح ِِّضر الشاي، نظر إلنفالت شيٍء من
جيبه في ُكوب الشاي، ألتفت أسامة : جيت! . . أجل خذ صحصح على
هالشاي
فارس : وش حطيت فيه؟
أسامة بإبتسامة : سكر
فارس رفع حاجبه : سكر؟ . . .أخذه منه ليقذفه بوجهه الذي أحترق
ده نحوه : مين
بحرارته، ركله في بطنه حتى سقط على األرض ليش ُّ
بيمحيني؟ . . ها ؟ . . . لكمه بش ِّدة على وجهه المبتَّل بالشاي ليجلس فوقه
وهو يُردف بغضب : وش رايك أخليك عظة للحيوانات اللي معك؟ . .
صرخ بقوة . . يبــــــــــــــــــــــــــــــــــه . . . !
ثواني حتى أتى بغضب والشتائم يطلقها بصورةٍ سريعة : قوم عنه
م
ِّ
فارس : ال أبيك تشوف رجالك وش يخططون عليه؟ . . تكل
أسامة : فارس وش فيك! فاهم غلط . .
رائد : حسبي الله بس . . قوم ال أفرمك الحين معه
فارس : قبل وش كنت تقول ؟ حياتي أهم من كل شي .. طيب هذا اللي
تشوفه كان بيسممني وال تسألني ليه؟
رائد ينظ ُر ألسامة بري ِب ليُردف فارس وهو يقف : قايلك أنك تتعامل مع
حمير بس ما صدقتني . . . ودخل لغُرفة عبير . . ش ِّد معطفها ليتق ِّدم
نحوها . . سحبها من معصمها ُدون أن يترك لها فرصة بأن تتحدث او





تقول شيئًا، خرج بخطوا ٍت سريعة من الشقَة وبنبرةٍ يستعجلها : أركبي
السيارة
عبير تفتح الباب وهي ال تعرف ماذا يُريد أن ي ِصل إليه، ركبت ليركب
معها ويقودها بسرعة، توجهت طلقات الرصاص ناحيته لتكسر الزجاج
الخلفي، فارس : دنقي. . .
،
يضع معطفه فوقها : عنيدة !
رتيل التي تجمِّدت بالبرد و البياض يتب َّخر من بين شفت يها : مزعوجة منك
يا عز وال تحاول تكلمني
يجل ُس بجانبها ليبتسم بخفُوت : عز! . . اول مرة تناديني بهاإلسم
رتيل بسخرية : واضح أني كرهتك
ِِّرب كتف يها منه وهو يحاول أن يدفئها بجسِده :
عبدالعزيز يقترب منها ليُق
على فكرة بما أنك قلتي جبان كثير الزم أثبت لك العكس
رتيل : تثبت لي بأيش؟
عبدالعزيز يقترب من إذنها ليهمس : وش منتظرة تسمعين؟
ِي النية
رتيل تحاول أن تدفعه ولكن قوته أكبر، ضحك ليُردف : صفِّ
رتيل : عبدالعزيز أنت تجرح وتجي ببساطة تمشي على جرحك! وال كأنك
مسوي شي
عبدالعزيز بهُدوء : لما أجرحك . . أجرحني
بجهٍة أخرى يُطلق تصفي ًرا خافتًا بلسانه من خلف األشجار، ليضع السماعة
في إذنه وهو يل ِِّحن الكلمات : موجودين . . موجودين يا حبيبي .
ُعمر : وين ؟ برا باريس؟
:مدري إذا موجود عبدالعزيز أو ال بس األنوار شغالة. . و إذا ساكنة
مرت أبو سعود ماظنتي يكون داخل .. أتوقع أنه مو موجود . . مافيه وال
سيارة أصالً قدام الباب
ُعمر بإبتسامة خبث : محد موجود . . غير البنات؟ .. طيب لحظة أول شي





سالفة أخته وصورها مع ناصر في لندن !
إيه ال تهتم دقيقتين وربِّ . . ِ : ك ال تشوف خبر غادة عنده
ُعمر : كفو والله . . الساعة

أبي يكون عند عز خبر بموضوع غادة! .
. وأسمعني زين ال يدري سليمان أننا نعرف بأنه ناصر بلندن! . . الزم
نستغل توريطة ناصر هالفترة . . ونستغل بعد توريطتهم هناااااك !
،
يدخ ُل البيت بخطوا ٍت تشتعل من أمور العمل التي ال تنتهي، ألتفت ناحية
عائشة الواقفة : ماما حصة وين؟
عائشة قبل أن تتحدث أنفتح الباب لتدخل معه الجوهرة وعمتِه، بعُقدة
حاجب يه : وين كنتم؟
ح َصة تنزع نقابها وبإبتسامة شاسعة : خل الجوهرة تقولك
سلطان : تطلعون بدون ال تقولون لي وأنا محذركم مليون مرة!
حصة تنهدت : وش فيك معصب! خالص طلعنا ورجعنا ماصار في الدنيا
شي .. أنا بدخل أطبخ شي للجوهرة ماكلت شي من الصبح . . وأبتعدت
عنهما.
سلطان أقترب منها : وين كنتم؟
الجوهرة تنزع عباءتها : كنا في المستشفى .. تعبت شوي وأص ِّرت عمتك
سلطان بنبرةٍ تُخيفها : تعبتِي شوي؟
ِوه وهبوطه : إيه . . يعني وش فيها
الجوهرة وصدرها يضطرب معها بعل
الواحد ما يتعب
سلطان بقهر : الأتعبي يا قلبي . . ألف سالمة عليك
الجوهرة تراقب عروقه المتفجرة بوجهه : صاير شي؟
سلطان يتجاهلها متج ًها لألعلى، تبعته وهي تُردف : فيه شي أبي أقوله لك
سلطان : ماأبغى أسمعه ألن مزاجي مقفل
الجوهرة : على أساس أنه مزاجك دايم مرِّوق
ألتفت عليها بنظرة . . . .





.
.
أنتهى
.
.
نلتقي إن شاء الله يوم الجمعة ()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!





الجزء )

)
-تأخرت عليكم، معليش ما كان الوضع بإيدي، على العموم كنت بقولكم
قبل ال نبدأ البارت إنه إن شاء الله نلتقي الجمعة لظروفي، وألن هذي
البارتات األخيرة الزم لها شويِّة شغل أكثر من البارتات السابقة، كلكم
تعرفون أنه دايم النهاية تكون صعب الواحد يكتبها بيومين . . فعشان كذا
ممكن على توقعي أنه النهاية بتكون البارت

إن شاء الله أو ممكن
حولها . . يعني بدآ العد التنازلي للنهايَة، كل األحداث بدت تتضح، مثل ما
ِّي بالدعم في
عودتوني ووقفتوا معي بالبدايَة، أكيد ماراخ تبخلون عل
النهايَة، المهم كم باقي مو مهم قد ماهو مهم أني أوصلكم أنه البارتات
متعبة عشان كذا بوقف هالثالثاء عشان الجمعة ينزل بارت مهم بعد بإذن
الكريم + ولو تالحظون أنه أصالً كثر ألن البارتات الحين صايرة طويلة أ
ما أبغى أقسمها، بخليها تنزل طويلة عشان تنتهي على خير بالتاريخ اللي
ِّي حدث،
حددته في بالي وشي ثاني ألن نهاية هالرواية ماتقبل اإلختصار بأ
وفيه أشياء ممكن تشوفونها بسيطة لكن برؤيتي أشوفه حدث مهم + شكًرا
كبيييرة لدعواتكم الطيبة، جد أسعدتوني وأخجلتوني بعد :""" ماأنحرم من
هالقلوب الطيِّ () ِبة
يارب يارب يارب يقِّ + ر عيننا بن ِصر سوريَا وبالد المسلمين ويحفظ
ويحفظ أرضها
"
ماِلي
شعوبنَا العربيَة واإلسالمية من كل شر، ويحفظ "
وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ الحميدي الثقفي.
آه يا قربك ويا بعد المسافة
اقرب من القرب لكنك بعيد





أنت عمر صـب في عمري جفافه
نصف نار ونصفه الثاني جليد
أنت نهر عندي استودع ضفافه
واعذابي ال افتكرت إني وحيد !
حزني ابسقف المسا يأخذ كثافه
ويتصاعد صبح دخان وحديد
وارتمي بين الحقيقة والخرافة
جوف صدري عذق وضلوعي جريد
افتح الدفتر ويصفعني غالفه
ويتساقط كل ما به من قصيد
وتختنق دمعه ويسقط حلم تافه
وارجع ارسم اكتب احلم من جديد !
آه يا قربك ويا بعـد المسافة
اقرب من القرب لكنك بعيد !
ألتفت عليها بنظرةٍ ال تدِري ما هيتها وإلى ما ت ِصل إليه، عادت بخطواتها
ِو للخلف حتى ألتصقت بالج َدار وصدرها يرتف ُع الشهي ُق ُدون الزفير،
بعل
الزفير الذي دائما ما يهزمني بقوةِ أنفاسه التي تسلب الهواء من ُمحيط
َصادم فكيِّها برجف ٍة خافتة وهي تنظ ُر إل يه برهب ٍة لم تستطع أن
فمي، ت
تُخفيها، أقترب حتى وضع ذراعه بشك ٍل أفقي على نحرها ليُردف ب ُحمرة
ِّي . . مفهوم؟
عين يه الغاضبة : لسانك طايل! . . أنتبهي على نفسك منِ
ا
عضت شفتِها السفليَة بمحاولة جا ِّدة أن ال تب ِكي أمامه، بمحاولة أكث ُر صدقً
بأنها ال تنها ُر وتضعف، بمحاول ٍة حقيقيَة ب َكت، سقطت دمعة من عين يها
الدا ِكنة، رفعت نظراتها للسقف وشفت يها ترتجفَان معًا، البر ُد يحقن نفسه
بجسِدها ُرغم دفء األجواء، في كل مِّرة، في كل لحظة أؤمن أكثر بأن
البرد ُهنا! في صدِري وليس في السماء وال في الهواء، وال الري ُح تجلب
ِّي وإن طالت الشم ُس هناك، لم يُساعدني هذا الدفء على
هذا البرد، البر ُد ف





أن أستعيد توازنِي من عين يه الغاضبة، لم يُساعدني أب ًدا بأن يُخفف ربكتي
في اللحظة التي يتسر ُب حبه في دمائي، حتى عين يه يالله! حتى عين يه
َمة، لمِّرة واحدة . . لمرةٍ واحدة يالله أجعلني صالحة بما
تهزمني شر هزي
يكفي بأن أرد عليه، بأن أغضب . . من حقي أن أغضب وأحرقه بالكلمات
َ مثلما يُحرقني، أن أفرغ هذه الشحنات السلبيَة المشبعِّة ب أحبك على
ُحبه، ِلم
م يعتاد قلبك أن
ٍر أجزم بأنه لن يُسعِدك! ل
ُخبرك أي ًضا بخب
أ
َ
ِّي حال؟ ِلم
أ
، أنت النصف يا سلطان،
يفرح ألنه لم يحزن كفايةً ولم يفرح أي ًضا كفايةً
ِّق بالسماء
نص ُف األشياء التي ال ترحل، وال تعود أي ًضا، أنت النصف المعل
ا، ستكون في متناول ل
ت في نفسي أنها ستأ ِت يو ًم التي كلما نظر ُت إليها قُ
يِدي ولكن . . دائِ ًما ما تكسر ذراعي بأشعتها.
أبعد ذراعه لتصطدم قدِمه بقدمها، يُالمس أنفاسها المضطربَة بشفت يه التي
تستنشق مثل الهواء، أطال نظره، أطال ترجمة عين يها التي تتحدث بال
توقف وتب ِكي بال توقف و تحز ُن بال توقف، متى تأ ِت النهاية؟ متى تأ ِت
النقطة التي تُوقف كل هذه األشياء؟ شعرت بطعم الدما ِء على شفت يها،
تستثير حوا ِِّسي يا سلطان، تستثيرها بشك ٍل الذع و ُمدمي، حتى أنِفي الذي
ِّي بكل عدوانيَة، وضع
أحاول أن أتخلص من التوت


إعدادات القراءة


لون الخلفية