الفصل 91

أم فيصل بصو ٍت عذب قرأت عليها للحظا ٍت طويلة حتى ض َّجت الهواتف
ُمحدقة بإستغراب لهيفاء
بإتصاالتِهم، خرجت والدته لتتبعها ريف الصامتة ال
ولهذه األجواء، بتوتر: يالله
ريم ضحكت : مستعجلة!
هيفاء أشتعلت ُحمرتها بخجلها: ال .. أقصد . . طيب ريم ممكن تآكلين تبن؟
ريم بإبتسامة : ممكن يا ستِّ . . ِي
ثانيـة، ثانيت ين، رعشـة و رعشت ين، ركض الفرح إلى عين يها الداكنت ين
لتتألأل بالدمع المتغنج بعذوبـ ِة محجرها، ابعدت أنظارها عن ريم التي
التقطت بكاءها الصامت، ريم بضيق وهي تتجه نحوها: ال تبكين!
هيفاء رفعت عين يها لألعلى حتى تُبدد الملح الذائب في عين يها، فر ٌح شاهق
يُصيبها بربكة، تأ ِت األفراح دائ ًما بربكـة عكس األحزان التي تجيء
برتابـ ٍة واضحة : طيب يا حمارة! أن ِت تبكيني
ريم بضحكـة عانقتها لتسقط دمعتها الناعمة على خِدها : ماسكة نفسي من
اليوم وأقول ماراح أبكي! . . ش َّدت على جسِدها بعُمق السعادة المتشكلة في
صوتها : الله يوفقكم يارب ويهنيكم ويسعِدكم . .
هيفاء همست: آمين
ريم ابتعدت لتنظر إل يها بفرحٍ شديد : يالله ننزل . . .
هيفاء تمتمت وهي تضع يدها على بطنها لتأخذ نف ًسا عميق : بسم الله
الرحمن الرحيم ، نزلت من على الدَرج الشاسع ب ِعرضـه، الشاس ُع بمسافا ِت
القلوب التي تُحبها و تنتظرها، رفعت عيناها لتنظ ُر لمالمحهم المبتسمـة
الطيبـة.





للمرة األولى أشعُر بأنني شخ ٌص آخر، بأنني عبارة عن أشخا ٌص كثر
يعيشون داخلي، عندما نظرت لهم رأي ُت الفرح كغيٍم ُمبارك فوق رأسي،
ولكن ُهناك شيء يُجِِّمد خطواتي ويُبطئها، أنا سعيدة! أنا لس ُت اعرف ماهي
السعادة تحدي ًدا. جديًا أنا أنسى مفاهيم الحياة و قوانينها الوضعيـة والفطرية
أي ًضا، ال أعرف إن ُكنت سعيدة، وال أعرف إن كنت حزينـة، فقط أشعُر
ِ
بأنني خفيفـة كجناح طائر، و ناعمـة كملمسه، أشعُر باإلنتماء للحياة،
ألص ِل الحياة، *إتسعت إبتسامتها حتى بانت أسنانها العلويـة في اللحظة
التي رأت بها والدتها* فخورة بأنني أتنف ُس مثل الهواء الذي يدخ ُل إلى
رئت ي ِك يا أمي .
سالت دمعـة رقيقة لتثبت أقدامها على الرخام، اقتربت من والدتها لتُقبِِّل
ِها،ب َكت بعاطفة األمومـة التي ال تقوى مهما
جبينها ورأسها وتنحني لكفِّ
ابنتها : الله يهنيك يا يمـه و يحرسك بعينه
ِ
كانت المسافات ضئيلة بوداع
اللي ماتنام
هيفاء : آمين . . .
إتجهوا نحو الصالـة المنزويـة في القاعة بقُرب الباب الرئيسي، سمعت
. . أصواتهم ربهم
الخشنـة التي تنبأ عن قُ
أغمضت عين يها بنف ٍس عميق تستجمع قوتها، لتفتحها على مالمح يوسف،
اقترب منها وقبَّل رأسها: مبرووك يالشينة
هيفاء تهم ُس بقرب إذنه: على األقل أجبر خاطري بكلمة حلوة
يوسف بضحكة : مبروووووووك يا هلي أن ِت . . يا بعد طوايفي !
هيفاء إبتسمت بعناقها الحميمي معه: الله يبارك فيك
يُوسف بضحكات السعادة التي تشاركها معها، رفعها قليالً عن مستوى
األرض ليُردف وهو يرفع عين يه إل يها : الله يهنيكم يارب ويرزقكم الذرية
الصالحة
هيفاء بدمعت ين مرتعشت ين هم َست : آمين
ابتعد يوسف ليُتيح المجال لمنصور الذي قبَّلها على جبينها بعُمق الحب
والسعادة في قلبه: مبروك يا روح أخوك، الله يهنيكم ويوفقكم
هيفاء أضاء الدمع في محجرها : الله يبارك فيك . . وين أبوي؟





يوسف : بيجي الحين مع فيصل
ِل رأسها: ورينا إبتسامتك؟ مفروض الحين
منصور اقترب من والدته ليُقبِّ
السعادة مو شايلتك
إلتفت يوسف عليهما ليُردف ب ُخطى مقتربـة : ال ما تسويها ريِّانة وتبكي!!
ضربته بخفَّة على كتِفه ليبتسم حتى بانت أسنانه، قبَّل جبينها وهو يعانقها،
بخفُوت : وش دعوى يالغالية تبكين؟ يكفيها دعواتِك وتجيها السعادة كاش!
. . بس ال تضيقين صدرك
أصوات الغنَاء تض ِّج بين الجدران، بفرح غامر للخلف ليسمع
ابتعد قليالً
" عقاله " ليُشاركه منصور ليرتفع
ِي لها، رفع
أخذ والدته ليُراقصها ويغنِّ
سقف شاهق من الفرح والسعادة، دخلت ريم لتتسع إبتسامتها عندما رأتهم،
هذه الفرحة مغريـة للتجسيد،للرسم،للكتابة،للتصوير، لكل األشياء الجميلة،
مغريـة ج ًدا بأن تكون كالوسم في صدورنا، ال شيء أعمق من عاطفـة
العائلة إن اجتمعت، ال شيء أسعُد من ضحكاتهم و جديلة الفرح المعقودة
على رأ ِس أمي، خفتت األصوات لتجلس والدتهم بسعادة ال تُق َّدر بمقدار.
ريم بنشوة الفرح: ما بعد جِّو؟
يوسف: للحين تلقينهم بالزف قلنا نجي قبلهم . . تعالي بس ِّة انا ومنصور
صورينا
َرا لتثبتها على الطاولة وهي تضع علبة
ريم: لحظة . . أخذت الكامي
" الكوشـة " انزلقت
المناديل تحتها، وضعت المؤقت لتهرول سريعًا نحو
ليمسكها يوسف وعلى صدى ضحكاته العاليَة إلتقطت الصورة.
والدتها : بسم الله عليك!
ريم بهيستريَة ضحك : رجلي ما عاد أحس فيها!
يوسف جلس بإستنزاف الضحك: عز الله أنه وجهك ينقص حظ الواحد!
ِّي هالمِّرة مسموح
ريم رفعت نف َسها لتقف بثبات: إيه طقطق عل !
يوسف رفع حاجبه بإبتزاز واضح: طبعا مسموح!
ريم شتت نظراتها بحرج لتُردف: طيب يالله بسرعة روح أنت أضغط
على الزر اللي على اليمين عشان نصِّور قبل ال يجون
منصور مسح وجهه من الضحك الذي غرق به: قسم بالله عايلة محششة! .





. أخلصوا يالله
َة تُجِِّمدها "
يوسف ضغط الزر ليقف بجانب هيفاء و اإلبتسامات الزهريـ
لقطة."
ريم تنظر لج ُمود هيفاء لتلفظ : هيوف بلعت العافية !
يوسف يُشير بيِده أمامها: بوع يك؟
تام: إيه
ٍ
هيفاء بضياع
يوسف بإبتسامة : ريالكس . .
ِّي
هيفاء تنهَّدت : أحس بيغمى عل
يوسف: أصبري بس دقيقتين وأغمي على صدره
والدته : يوسف!!! . . ال توترها
يوسف بإبتسامة: نمزح! . . هيفا طالعيني . . . نظرت إل يه ليُكمل . . الحين
الواحد كم مِّرة بيفرح مثل هالليلة؟ حرام تضيع بتوتر وضيق؟ أفرحي يا
بنت عبدالله ولو تبين ارقصي . . !
هيفاء ابتسمت لتُردف وهي تتنهد لتهدئة رعشاتها: طيب . . طيب
من ُصور : جِّو . .
ريم : لحظة بطلع . .
يوسف إبتسم لها إبتسامة ذات معنى حميمي عميق، إبتسامة تُس ِكن رعشاتها
ِِّوها شاهق.
وتُطمئنها، إبتسامـة أخويـة عل
ِل رأسها:
دخل والدها وعين يها تضي ُع باألقدام واألرض، اقترب منها ليقبِّ
مبروووك . . الله يهنيك يا يبه ويحفظك بعينه
هيفاء رمشت لتسقط دمعة جاهدت أن تحبسها في محجرها، برجفة
ٍ ال تعرف كيف تصف
صوتها: الله يبارك فيك . . قبَّلت رأسه بوضع
مشاعرها.
سقطت عينها عليه لتُشتتها بعي ًدا، مسك عبدالله يِد فيصل بحنيـ ِة الوالد
الغائب: الله يهنيكم ويرزقكم الذرية الصالح
ُمس ِكر : اللهم
بإبتسامة صاخبة تُقيم أعرا ًسا في قلب هيفاء، أتى صوتُه ال
آمين . . إلتفت نحو أم منصور ليقبِّ . ِل رأسها
أم منصور : مبروووك يا فيصل منك المال ومنها العيال





فيصل : الله يبارك فيك . .
ارتعش للحظة وهو يقترب من هيفَاء، تجمَّدت أطرافه ليُثبت أنظاره
بإتجاهه، عيناه تخذله وال تنظر إل يها، تشتت بمالمح الجميع عداها،
َة، نطق بعُمق الربكـة: مبرووك
بإبتسامة جعلت أمر الكلمات صعبـ
هيفاء بعد ثواني طويلة همست بخفُوت : الله يبارك فيـ . . فيك
لحظا ٍت طويلة كان الصخب في كل مكان عدا قلبيهَمـا، ُص َّمت أسماعهما
أمام تصاعد الفرح، صم ٌت ينام على شفاههم و كلمات المباركة تتهات ُف
عليهما، تمُر الدقيقة تلو الضح َكة، وتمُر الثانيـة تلو الرعشـة، تتكاث ُر الدقائِق
وتزداد ربكت ُهما.
توقعت أن ال ارتبك، أن ال تضيع الكلمات من حافـ ِة شفاهي! ظنن ُت أنني
درك
ُ
ِدة لحفل زفاف ال أكثر، ظنن ُت هذا حتى وقفت أمامها، أ
بمزاجيـة جيِّ
ٍن تام
أنه أسأت الظن بحجم دهشـتي والفرح المن َّصب في قلبي، أنا على يقي
أنني سعيد فوق كل الكلمات المختصرة والمنضبة على أمرها، سعيد ج ًدا
بعين يها.
بصالة الفرح الرئيسية التي يقف
خلَت الصالة المتوسطـة بحجمها مقارنـةً
عليها أحبابهم، دخلت ريف المهرولـة بعبث فستانها القصير، أنحنى إليها
َصل ليرفعها ويغرق مالمحها البي َضاء بقُبالته
في .
همست بشغب: مبروووك
ضحك بنبرةِ صوتها الناعمة التي تلفظ الكلمات بطريقة التسميع : الله
يبارك في الشيخة ويخليها
ًء جدي ًدا،
إبتسمت لتنظر لطر ِف بشته األسود بذهول عقلها الذي يكتشف ردا
من خلفها والدتها، اقتربت منه ليعانقها بقُبلة عميقة على رأسها.
:مبروووك يا يمه
فيصل: الله يبارك فيك
أبعدها حتى ينظ ُر لعين يها المكتظة بالدمع، بإبتسامة: وش قلنا؟
والدته بلعت غصتها لتُردف بإبتسامة فسيحة: الله يوفقكم يارب ويهنيكم . .
اقتربت من هيفاء التي تنصهر بحرارة جسدها المرتفعة تدريجيًا، عانقتها
لتمتص رجفة جسدها.





،
في ساعا ِت الليل األولى بأقصى بقاع األرض، ُمستلقي على السرير
بمالمح األموات الشاحبة الباردة، ينتظ ُر بصيص أمل في الحياة ولكن ال
إنتظار يكس ُب به .
جلس الدكتُور ذو الجنسيـ ِة الكويتيـة ب ُمقابله: شلونك اليوم يا تركي؟
تركي : تمام
الدكتور: عارف أنه ماهو مس ِّجلة هالليلة في مواعيدنا! بس تدري يا تركي
أنا أحس بمسؤولية إتجاهك خصو ًصا! يمكن عشانك سعودي وقريب مني!
وممكن ألني ماني راضي على حالك وال راح أرضى . . . اشرح لي
شلون تمام؟
تُركي بضيق الكرة األرضيـة المتحشرجة في صدره : ماني تمام! . . أنا
اشتقت لها ليه ماتفهموني!!! أنا ما أبي أض ِّرها . . والله ما أبي أسوي لها
شي . . أبيها سعيدة دايم
الدكتور: و الضرر في داخلك وش تفسره؟
تركي: ما أبي أبكيها
الدكتور: بس أنت بجيتها؟ صح؟ *بكيتها*
تركي: هي تفهمني غلط
الدكتور: ألنك كسرتها . . تصَّور معي لو رجعت لورى! ليوم الحادثة! . .
بتسوي نفس اللي سويته؟
تركي: ال
الدكتور: يعني أنت معترف أنك غلطت! واإلعتراف هو بداية التصحيح . .
يا تركي أفهم شي واحد المسألة ماهي غلط في دينك وفي بيئتك بس؟
هالمسألة فطرية! غلط في كل حضارات هالعالم من أنخلقت البشرية! . .
كيف تشوف واحد ينجذب ألمه؟ يشتهي أخته؟ . . غلط هالشي يا تركي وال
أل؟ حتى أكثر المجتمعات تحرر ما تقبل بهالشي! فكيف بديننا؟ . .
تركي ب ُحرقة صدره الذي يشتعل: أنا أحبها! أبيها دايم قدامي! بس أسمع





صوتها!! . . ارتاح لما أشوفها يا دكتور ياسر
ياسر: إبن تيمية رحمه الله قال كل من أحب شيئا لغير الله فال بد أن
يضره محبوبه . . محد بيساعدك بعد الله اال نفسك . . حاور نف ِسك وشوف
أنت شنو اللي تبي توصله؟ .. ُحبك ماهو لله وكل شي ماهو لله مخالف
للفطرة الصحيحة . . أنت أنخلقت وفي داخلك إنتماء للي خلقك، وكل
أعمالك هي نابعة من إنتماءك للخالق! أنت ليه تصلي؟ ليه تصوم؟ ليه
تستغفر؟ ليه وليه أشياء كثيرة؟ كلها بسبب واحد اللي هو رضا الله . .
رضا من خلقك . . تخيَّل معي أنك تعزم شخص لبيتك وتكرمه وتضيِّفه
لكن بعد فترة يجحِدك ويبدأ يسيء بأفعال كثيرة ممكن ما تنتقص منك شي
بس تضايقك ألنك قدمت له أشياء كثيرة لكن هو ما ق َّدرها! . .ولله المثل
األعلى! كيف ببساطة تجحد سنين من ُعمرك رزقك فيها الله األكل واللبس
واألمان واإلستقرار! . . كيف تجحدها يا تركي؟ انا أكلمك الحين بمبدأ
فطِري . . بعي ًدا عن تصرفاتك اللي طافت !
َرة، يا ِسر : أنا
تُركي بال جواب ينظر للنافذة التي يتساقط عليها الثل ُج بكث
ماأقولك غيِّر نفسك بيوم وليلة، ما اقولك خالص ال تحب هاإلنسانة! . . أنا
أبيك توقف وقفة صادقة مع نفسك اللي بكرا راح تحاسب عليها! . . خلني
أعطيك إياها على بالطة على قولتكم في السعودية . . أنا ممكن ما ق ِّدمت
شي في حياتي صالح! لكن مستحيل مستحييل أحد يرضى يعيش بعكس
فطرته . . طيب خالص تبي تعيش على هواك! ماعندي مشكلة ِعيش مثل
ماتبي لكن هل أنت سعيد؟ . . مو سعيد يعني شنو اللي استفدته؟ . . قاعد
تتعذَّب! لكن تصِّور لو كان هذا ُحب عفيف من إنسانة ما تحرم عليك! . .
يا تركي أبي أوصلك شي واحد . . أننا احنا كلنا نغلط . . أنا غلطت في
حياتي وأنت غلطت وكلنا غلطنا! لكن خيرنا التوابين . . . . أنت دمرت
نفسك! ودمرت عالقتك بأهلك كلهم! . . ونفسك تِّو تقول لو يعيد الوقت
نفسه مستحيل تكرر فعلتك . . يا تُركي أنت قادر! الله عطاك نعم ماعطاها
لغيرك . . ش ِّد على نفسك شو ِّي وجدد وصلك بالله . . وكل أمورك بتتس َّهل
وماراح تحتاج ال لدكتور وال غيره . .
ِ تسقط دمعة حا ه بكلمة، ِرق
ة من محجر عينِه اليسرى ُدون أن يخرج صوتـ





يتعذ ُب بحبها وبإشتياقه لها.
ياسر: خذيت لك إذن من المستشفى! . . بكرا راح آخذك لمكان تغيِّر جو
فيه ونفضفض شو ِّي . . تمام؟
تُركي بصو ٍت مخنوق : والله العظيم أني فرحت لما حفظت القرآن . .
والله العظيم ما أبي أض ِّرها
ياسر وقف ليقترب إل يه : وأنا والله العظيم مصدقك . . وراح تفرح أنا
متأكد لما تعرف أنك صححت نفسك!!
،
ٍن حاد ليرفع عين يه : حمار! ماعليك شرهة
ِّطِ ع البرتقالة بسكي
يُق
أنس: أنا وش يدريني! قلت ناصر واضح بالصور مايحتاج أكتب تلميح
عنه . . يكفي بوسعود
ُعمر: ِكذا وال ِكذا الحين بتلقى عبدالعزيز أنهبل!!! بيشك في نا ِصر
وساعتها ..
يتصنع النبرة الطفولية بخبث ليُكمل : نتصل ونقول تعالوا يا جماعة! لقينا
القاتل يدور في الشوارع
أنس بضحكة : عاد لو يجيب أحسن محامي ماراح يطلع من هالقضيَة! كل
األدلة تدينه . . بيخيس في السجن لين يقوده الشيب !
ُعمر يُلحن الكلمات : و بيتفككون . . !
دخل أسامـة لينظر إليهما بتقزز: وين سليمان؟
ُعمر: وش فيك تكلمنا من طرف خشمك؟
أسامة يجلس ب ُمقابله ليسحب جزء من البرتقال ويمضغه : احس رائد شاك
ِّي شي يخليني اشك بس كالمه معي يشككني
فيني مع أنه ما تصرف بأ
عمر : اللي على راسه بطحا يحسس عليها . . !
أسامة : مانيب ناقصك . . وين سليمان؟
أنس: فوق . . ما قلنا لك وش سوينا؟ . . أرسلنا صور يحبها قلبك
لعبدالعزيز وكتبنا له بعد





ُعمر : أنت اللي كتبت له ال تجمعني معك!
ِع وراح يشبها قريب في بوسعود
أنس تن َّهد : المهم خليناه يول وسلطان . . ِّ
عرف عن موضوع أخته
أسامة الحت إبتسامته : وش هاألخبار الحلوة؟ . . وسليمان يدري؟
ِّي أنا و ُعمر فخلنا مؤدبين هالفترة قدامه
أنس : ال بنبلغه بس هو حاط عل
أسامة : وخله يدري والله ثم والله ال يجيب أجلك أنت وياه! . . مهبِّل
تتصرفون من كيفكم!
ُعمر تأفأف ليستلقي على األريكة: أكرمنا بسكوتك وخلني أستمتع بروقاني!
ِك ماجبت معي بنته
. . أحمد ربِّ
أسامة رفع حاجبه : بنته!
أنس بحماس : بنت بوسعود الثانية كانت موجودة و زوجته بعد
أسامة : بنته اللي هي زوجة عبدالعزيز؟ أنهبلتوا!!!
ُعمر : لمحتها بس مدري هي وال زوجته . . بس زينهم والله من زين
أبوهم! وال اللي يشوف عبدالرحمن وش يقول؟ . . سبحان الله يخي فيه
ناس مهما يكبرون تبقى أشكالهم ثابتة وشباب . .
أسامة: لمحتها! وفصلتها تفصيل ماشاء لله على عيونك
ُعمر : أصالً هم ما يطلعون من البيت . . بس يوم غيِّرت مكاني ورحت
ورى شفتها وهي داخلة . . !
أسامة : وشسمها ذي اللي جابها فارس! بنته الثانية بعد تشبه أبوها !
أنس: قضت السوالف صرتوا تسولفون بأشكال الحريم بعد!
ُعمر: خلنا نتمتع يا حبك للنكد! . . كيف شكلها بنته اللي عند رائد؟
أسامة : شفتها مرة وحدة! ما ركزت بس تشبه أبوها . . نفس عيونه
ُعمر : والله شكلها بنته اللي شفتها! . . تخصص عيون . . هي وين راحت
مع فارس؟
أسامة بعصبية: مدري عنه هالكلب! . . أنا مستغل حالة حمد الحين أبيه
يخرب بينه وبين الكلبة اللي معه بعد
ُعمر بضحكة: وش فيك خربتها! تِّوك محترم صارت الحين كلبة!
ِّ أسامة : أنت ماتدري! يقولك أبو س ِم بناته على الرمي والفروسيـة
عود معل





بعد! ماتشوف مزرعته كنك داخل ساحة حرب!! . . أنا أحس بنته ذي اللي
مع فارس وراها شي! . . مستحيل فارس ِكذا يشك فيني! ألنه كان نايم وأنا
متأكد أنه نايم
ُعمر : والله عاد الحين يا ولد أبوك مستحيل تتعدل عالقتك مع فارس!
شاك فيك شاك! وال وصل شكه لرائد منت معيِّن خير
أسامة : حمار أنت! مو المشكلة صارت قدام رائد بس ما شك وال قال شي
ألن دايم فارس يتبلى علينا يعني متعِّود
ُعمر رفع حاجب يه بإستغراب: رائد مو غبي! . . والله مدري يخي حتى
بناته شقَا الله يآخذهم
أسامة : بس أنت مالحظ معي! بناته كلهم الله معذبهم! . . إثنينتهم تزوجوا
بدون رضاه!!!
ُعمر : والله ياأني ذيك الليلة مانمت من الوناسة! أنا يوم عرفت منك أنه
عبدالعزيز قال لرائد أنه زوجته وأنا قايل بتصير مصايب قومية بينهم . . !
أسامة: أصالً هذا الموقف اللي تقربت فيه لفارس وعلمته قلت كود يحبني!
بس جحدني الكلب عقبها !!
ُعمر : ألن فارس داهية! والله داهية وقلت لك إذا أنت تفكر بعقل واحد هو
ٍز مقتدر!!! . . قسم بالله مب صاحي!
يفكر بعقلين الله يآخذه أخذ عزي
تحسه يتعاون مع الجن! كل شي يعرفه . . كل شي يدري فيه قبل أبوه . .
المشكلة أنا مايخوفني اال سكوته .... ذولي اللي يجونك هاديين وكالمهم
قليل يرعبون يخي. . !
أسامة : أنا بس آمنت بشي واحد من عقبه! أنه الواحد مفروض ما يخاف
من الناس األذكياء واللي يبينون ذكاءهم مفروض يخاف من الناس اللي
يبيِّنون غباءهم! . . ماتوقعت أنه فارس بهالصورة الوحشية يا رجل!!
ُعمر : والله أني قلت لك من سنة جدي! أنه فارس شيطان مثل أبوه وألعن!
أسامة: يالله هذانا استفدنا من هالدرس! عشان ثاني مرة نفتح عيوننا على
اللي مسوين نفسهم مايدرون وين الله حاطهم!!
ُعمر : تدري وش طينته؟ نفس عبدالعزيز لكن عبدالعزيز يآكلك بلسانه أما
ذا هادي وهدوءه يخِّوف . . !





أسامة ضحك وهو يسترجع موقف عبدالعزيز مع رائد : الله ال يحطك في
لسان عبدالعزيز! ما شفته يوم هرب من رائد . . مسح فيه البالط ..
ُعمر بحسرة : آآآخ ليتني كنت موجود! لين يومك ذا وأنا متحسف ودي
أشوف وش سَّو ! ا فيكم
أسامة: وذا اللي هامك! قلبي كان حا ِّس أنهم ما اختاروا عبدالعزيز عبث!
لعنبو إبليسه قدر يهرب مننا كلنا !
ُعمر : ألنكم حمير مع كامل عدم إحترامي!! .. هو وفارس شياطين الله
يآخذهم بحريقة تحلل جثثهم
يُتبع
،
الساعـة تُقارب للثالثة فج ًرا بتوقيت الرياض الناعسـة، وقفت خلف الباب
كثي ًرا، ترددت بفتحه للحظات طويلة لتعود بخطواتها للخلف، نظرت
لنفسها بالمرآة، بربكـة أخذت شعرها المنسدل على كتف يها لجان ٍب واحد،
اقتربت من باب الغرفـة وهي ال تعرف كيف تخرج بثبات، مَّرت ساعة
، البُد أن إنتظاره طال وال بُد
كاملة على كلمته األخيرة " بنتظرك هنا "
أن العشاء قد تج َّمد بالبرودة أي ًضا، يارب.
ا، إلتفتت لتبحث عنه
ً
تنفست بعُمق لتفتحه، نظرت للجناح الذي يب ُدو فارغـ
بعين يه ولم تراه، ب ُخطى خافتة اقتربت للجانب اآلخر من الجناح لترآه
يُصلي .
تراجعت للخلف لتعود للصالـة، جلست على األريكة وهي تنتصب بظهرها
متظاهرة بأنها لم تراه، جمعت كفيَّها في ُحجرها لتثبت أنظارها على
الطاولـة. شعَرت بأن اللحظات تنخف ُض حرارتها.
م فيصل من صالته ليقرأ بعض األذكار التي يحفظها عن ظهر غيب،
َّ
سل
غرق بتفكيره وهو جالس على السجادة، يشغ ُل فضولـه كيف من الممكن
أن المكياج يغيِّ نة واآلن ِر لونها بهذه الصورة؟ قبل فترة كانت سمَراء فاتـ





َرن كل تساؤالته بأ َّن كل هذه أدوات المرأة الخارقة التي
بيضاء أش ُد فتنـة. ق
ال يفهم منها شيء، وقف ليط ِو السجادة ويضعها على الطاولة، تن َّهد بعُمق
ليتجه ب ُخطاه وتسقط عين يه عليها، وقف وهو يتأملها من الخلف، غاصت
نظراته بشعرها الممَّوج الذي تُحركه بأصابعه مرةً لليمين ومرةً لليسار،
تب ُدو الربكة واضحة من رعشة أصابعها التي تتالع ُب بخ َص ِل شعرها،
إذنها،
ِن لحمةُ
دقيق ج ًدا ألبس ِط التفاصيل، للقرط الذهبي الناعم الذي يُزيِّ
ِد معصمها اليمين، ألنفاسها المضطربـة التي ي ِص ُل
للسلسال الذي يُقيِّ
صداها نحوه، تنحنح ليتقدم ب ُخطاه المتوترة أكثر منها، أصطدم فكيِّها بربكة
ُدون أن ترفع عين يه نحوه.
فيصل ال يعلم ما سر الضحكة التي أقتربت من شفاه، حبسها في داخله
، توتَّر وال يعرف ماذا يقول : آ . .
خشية من أن يُقال عنه " قليل ذوق "
ح ِّك عوارضـه القصيرة المرتبـة . . آآ . . خلينا نتعشى!
هيفاء ش َّدت على شفتها السفليَة حتى ال تفل ُت منها إبتسامة بمسماها " قليلة
حياء "
فيصل وقف ليأخذ كوب الماء الذي أمامه ويشربه بدفعة وا ِحدة، إتجه نحو
الطاولة التي تتوسط المكان ليعود للخلف فهو يُدرك تما ًما من الذوق أن
تتقدم النساء أوالً، هيفاء تنحنحت هي األخرى من التوتر الكبير الذي
يُصيبها، جلست ب ُمقابله وال صوت يصدر منهما وال من األطباق التي
أمامهما.
فيصل تمتم: أستغفر الله . . مسح على وجهه ليرفع عينه إل يها . . تمنى لو
لم يعتمد على نفسه بهذا األمر، لم يتوقع وال لـ
%أنه سيحصل على كل
هذه الربكـة والتوتر، في داخله أجزم بأنه كان يحتاج أن يستمع لنصائح
يوسف حتى لو أتت " حقيرة " بمفهومه.
بعفويـة : معليش بس ماني متعَّود
هيفاء حبست ضحكتها من الربكة ليخرج صو ٌت بسيط ينبؤ عن حبس هذه
الضحكة.
فيصل إبتسم بال حول وال قوة ليُردف : أقصد . . تنحنح قليالً . . يعني . .
وش رايك نآكل ؟





هيفاء ُرغ ًما عنها أفلتت إبتسامة ناعمة على محيَّاها ُدون أن تضع عينها
بعين يه .
فيصل يشرب كأس الماء الثاني بدفعة وا ِحدة .
هيفاء أخذت كأس الماء لتشرب ُربعه تُخفي به حرارة الربكة .. مَّرت
ِّي صو ٍت يذكر سوى إصطدام المالعق باألطباق، ال
الدقائق الطويلة ُدون أ
حديث يُجرى بينهما وسط ربكـة تامة ت ِصل ألقصى مدى .
فيصل رفع عيناه إل يها ليس َرح بها، أطال النظر وغرق بتفكيره، حتى
شعرت بنظراته المصَّوبة بإتجاهها، إلتقت عيناها بعين يه و ُسرعان ما
شتتها .
ح ِّس على نفسه ليضع ذراعه على الكرسي الفارغ الذي بجانبـه: فيك
النوم؟
رفعت عين يها بدهـشة أحمَّر بها جسدها بأكمله، أخفضت نظرها باللحظة
التي أندفعت ضربا ُت قلبها إتجاه صدرها بقَّوة.
فيصل تشنجت شفت يه التي أفترقتَا بمساف ٍة قصيرة : آآ . .مو قصدي ..
أقصد قلت عشان . . نجلس بس هذا كان قصدي . . أنه يعني إذا مرهقة
وكذا
صمتَا لثواني طويلة ليُردف بخيبة أمل كبيرة في تصرفاته التي تأ ِت
بالمعنى النجدي البحت " جاب العيد " : أنا آسف . .
هيفاء بلعت ريقها بصعُوبـة، لتقف: عن إذنك . . إتجهت نحو المغاسل.
فيصل تن َّهد ليمسح على وجهه بلوٍم الذع لقلبه، سمع صوت المغسلة التي
خلفه ُدون أن يلتفت، ح ِّس بوقاحته للحظة .
أخذت نفس عميق وهي تمسح يد يها بالمناديل الورقيـة، وضعت يدها على
خِدها المشتعل بالحرارة، اقتربت ب ُخطاها نحوه لتعود لمكانها، أخذت كأس
الماء لتشرب نصِفه برعشة تامة.
فيصل بدأ يُحِِّرك الشوكة بطبقه ُدون أن يأكل لقمة واحدة، تفكيره ينحصر
بدائرة واحدة هذه اللحظة " كيف أقول جملة مفيدة؟ "، أيقنت أن ليلة
الزواج ُمربكـة ألشِد الرجال. لم يرفع عين يه منذُ جلست .
"
ِّي شيء أمامه حتى يتكلم عنه ويخترع بدايـ ٍة للدردشـة،
و ِّد لو يحد ُث أ





ليلنا طويل يا هيفاء."
ِّي حدي ٍث تندمج به أصواتهما. تن َّه
اقترب أذان الفجر ولم يفت َح د ليجذب ا أ
ٍن أكثر: سولفي لي عن إهتماماتك
ِّي هيفاء ناحيته، فيصل بإتزا
عين !
هيفاء بلعت ريقها لتُردف بشعورها القريب ج ًدا منه، تُدرك حجم ربكته
المندرجة بين شفت يه : آآ . . مدري
فيصل حك جبينه للحظة لينظر إلى عين يها المضيئت ين، استغرق تفكيره بها
ليُردف : وش تحبين؟ . . وش ميولك يعني؟
هيفاء تشعر بغبا ٍء شديد من أنها ال تميل لشيء : بصراحة . . يعني . .
مافيه شي معيِّن
فيصل : يعني أنا أحب الشعر . .تحبين الشعر؟
ِّي إجابة يجب أن تُجيب بها حتى تظهر بمظهر الئق:
هيفاء ال تعلم أ
ال ِشعر! . . عادي . . يعني . . *تنحنحت لتُكمل* . . أقرأ أحيانا
فيصل : مين تفضلين من الشعراء؟
ِّي
هيفاء شعرت بورطة حقيقية، ال تحفظ وال إسم، بدأت تسترجع ذاكرتها أ
إسم لتُردف : سعود الفيصل . . بدر عبدالمحسن
فيصل بإبتسامة: قصِدك خالد الفيصل
هيفاء تجمَّدت بمكانها من ُحمرة/حرارة اندفعت بوجهها، بلعت شفتِها
السفليَة من شِِّدها العني ُف عليها، نظرت لكل األشياء امامها عداه، مسكت
قرطها الناعم بتوتر: لخبطت باإلسم
فيصل إبتسم ليحبس ضحكة عميقة في جوفه، أردف: وش بعد؟
هيفاء بإحراج شديد : بس
فيصل : ما تسمعين فصيح؟
هيفاء أدركت فعليًا أنه له ثقافة واسعة بال ِشعر تجعلها ال تُفكر بأن تكذب
عليه بكلمة : ال
فيصل : و وش تميلين له بعد؟
هيفاء بتوتر تنطق الكلمة بثواني طويلة: ماعندي ميول معيَّن، يعني أشياء
كثيرة تجذبني
فيصل بإستدراج لمعرفـة ميولها الفكريـة : وش كانت مشاريعك بالجامعة؟





هيفاء فعليًا شعرت بأنها فاشلة مع مرتبة الشرف أمام توجها ِت عقله لتُردف
ببالهة : وال شي
فيصل صمت للحظة ليُردف : ما سويتي شي بالجامعة؟ يعني معارض
أشياء زي كذا !
هيفاء : يعني ماكان فيه مشاريع بجامعتنا وكذا . .
فيصل : و متى مفكرة بالوظيفة؟
هيفاء بلعت ريقها : آ . . يعني . . قريب إن شاء الله ببدأ أبحث ألن أكيد ما
أحب الفراغ
فيصل : حلو! أشترك معك بهالصفة أكره الفراغ بشكل فظيع
هيفاء أكتفت بإبتسامة بسيطة وهي في داخلها تعلم أنه ثالث أرباع ُعمرها
قضته فارغة والربع اآلخر قضته بتفكيرها كيف تحول أوقاتها لفراغ.
فيصل : تحبين فن الكوالج؟
هيفاء تجمدت مالمحها ليُردف حتى ال يُحرجها : الكوالج بالصور . .
يعني تلصقين أشياء مع بعضها وكذا
هيفاء بصراحة تامة حتى ال تُحرج نفسها أمامه أكثر : ما أعرفه . .
فيصل : إذا جينا بيتنا بوريك غرفة أنا مضبط جدرانها بالكوالج بصور
قديمة لي وألبوي الله يرحمه وللعايلة
هيفاء: الله يرحمه . .
فيصل : آمين . .
هيفاء استغلت شروده لتتأمله بخفُوت وهي ترفع عين يها ببطء نحوه، نظر
إليها لتضع عينيها على يِده وهي تضع يدها على رقبتها بحركا ٍت
الإرادية/غير مفهومة.
ح ِّي على الفالح ، ح ِّي على
"
تسلل صو ُت األذان الر ِطب إلى أسماعهم،
الصالة " كيميَاء النَفس التي تنجذ ُب للفالح ال بُد أن طريقها : صالة .
فيصل وقف متج ًها نحو المغاسل، إغت َسل ليتوضأ ُدون أن ينطق كلمة
ه و
أخرى، ثواني طويلة أستغرقها مثل ما استغرقتها هيفاء في النظر إليـ
تأم ُل أدق تفاصيله. تن َّهد متج ًها نحو األريكة التي وضع عليها شماغه،
ا لثواني طويلة يحاول أن يكِّو إرتداه وهو يغلق أزارير كمه، وقف خلفه ن





، وقفت لتلتفت نحوه، برجفة أسنانها: تقبَّل الله.
جملة لطيفة "
في عقله "
فيصل : منا ومنك صالح االعمال .. . خرج من الجناح ليتجه نحو
المصاعد السا ِكنة في مثل هذا الوقت.
ِّي شيء من تصرفاتها.
ٍ وال سبب، ال تفهم أ
هيفاء ضحكت بصخب بال داع
إبتسمت لتُمتم : وش أحس فيه!! . . إتجهت نحو المرآة لتنظر إلى نفسها
اخرى،
وهي تتالعب بمالمحها وترفع حواجبها لحظة وتلوي فمها لحظةً
ش َّدت على أسنانها لتُخرج أصواتًا بلسانها. – هيستريَة الفرح.-
رس َمت شخابيط ال ُمنتهية على الورقـة البيضاء، لتُردف بخيبة: وش
نسوي؟
ضي المستلقية على ظهرها تنظر للسقف الخشبي: شويِّة حظ وتضبط
عالقتكم
رتيل بتنهيدة: هالحظ شكلي بموت وال شفته! . . من دخل غرفته ما طلع!
وِِّدي أروح أشوفه بس ما أحب أبيِّن له إهتمامي
مي فن التنازالت
ِّ
ضي : تعل
رتيل بإبتسامة: بتعلم منك أن ِت وأبوي
ضي بحالمية عاشقة : يا زين الطاري . . ليت أبوك عندنا الحين.
رتيل تُكمل شخبطتها على الورق : أنا أفكر بأيش وأن ِت بأيش!! تتوقعين
نام؟
ضي: ال . . روحي له . . بعدين أثير هالفترة ماهي عنده يعني مفروض
تخلينه يتعلق فيك
رتيل: شفتي! تجيبين طاريها ويجيني غثيان! أتوقع يكلمها أكيد أتصل
عليها!! . . حيوانة
ضي بضحكة: أهم شي حيوانة!!
رتيل: والله حيوانة تقهرني! . . تذكرين يوم بالمستشفى! آآآخ يا قلبي كل
ِّطعها بأسناني
ما أتذكر السالفة أحس ودي أذبحها أق





ضي: المشكلة انك أن ِت اللي قهرتيها
رتيل: بس للحين قاهرتني! . . يعني شوفي أنا ماني حاقدة
ضي أغمضت عين يها من ش َّدة الضحك لتنجرف رتيل ُرغ ًما عنها بضحكة
خافتة.
رتيل : أستغفر الله! جد أتكلم يعني والله ماني حاقدة كثيير . . يعني حاقدة
شوي بس لما أفكر هي مالها ذنب! زوجته ولها حق فيه . . بس أنا
كارهتها! اكتشفت أني أغار لدرجة أكره بعنف
ضي بهمس سمعت صو ٌت بالخارج: تلقينه برا . . روحي له
رتيل: قلت لك ماأحب أروح بنفسي . .
ضي بسخرية: أجل انتظريه يعزمك . . والله رتيل أن ِت تضيعين نفسك
وتضيعينه معاك! . . خليك معه دايم وحسسيه بوجودك عشان ما يتجرأ
يبعد ألنه بيكون متعِّود على وجودك
رتيل تنهَّدت لتقف: شكلي كويس؟
ضي بضحكة : ُمَّزة
رتيل نظرت إليها بغضب لتُردف: كم ُعمرك و َعاِدك تتهيبلين
ضي: آخر وحدة تتكلم عن العقل أن ِت
رتيل إبتسمت لتبتر غضبها: ماشاء الله على أبوي كل الماضي الوصخ
قاله لك . . . إتجهت للخارج ولمحته جالس بعي ًدا وغارق بتفكيره : أخاف
أزعجه
ضي: أجلسي وال تتكلمين بس وجودك جمبه يكفي.
أخذت نفس عميق لتخرج ب ُخطى ثابتة، جلست بجانبه ُدون أن تتفوه بكلمة
وا ِحدة، إلتفتت عليه لتنظر لمالمحه الشاحبة والمشحونة بالوقت ذاته .
رتيل: وش فيه وجهك؟
عبدالعزيز بهُدوء: وال شي . . أدخلي ال تبردين
رتيل بعُقدة حاجب يها: تعبان؟ ..
َوجع: ال
عبدالعزيز يخرج صوته المبحوح ب
رتيل تنهدت : عبدالعزيز ال تخوفني !
عبدالعزيز وقف: تصبحين على خير . . . وب ُخطى حا َّدة إتجه للجهِة





األخرى، إلتفتت رتيل بده َشة من تصرفه، إرتعش جفنُها من كلمتِه الحادة
الباتِرة كل الكلمات العابرة على لسانها، تنهَّدت بضيق لتدخل: مدري وش
فيه؟
إلتفتت ضي بنظرا ٍت إستفهامية.
رتيل تشعُر وكأن األرض غ َّصت بحنجرتها: فيه شي!! وجهها مخطوف
وواضح تعبان بس ما خالني أتكلم معه على طول قام!!!
ضي أستعدلت بجلستها: كان زين الصبح!
رتيل: طيب شوفي جوالك لقط شبكة!! .. يمكن أبوي يعرف
،
أشرقت الشمس في صباحات الشتاء األولى، صبا ُح األجواء التي ترتفع
برودتها ساعات حتى تسقط في حٍر شديد .
فتح عين يه لتتجعد مالمحه بضيق من نو ِمه على الكرسي المكتبي، أبعد
ِب بإرهاق، بتنهيدة نظر إلى ساعته التي تُشير إلى الثامنة
ِّ
ظهره المتصل
صبا ًحا.
وقف خار ًجا من مكتبه، إلتفت لح َصة الجاِلسة بسكينة وتقرأ إحدى
المجالت. انتبهت عليه لترفع عينها بإستغراب: نايم هنا؟
سلطان بصو ٍت ناعس: ماحسيت على نفسي . . إتجه نحو الدرج كار ًها
لهذا الصعود ولهذا البيت بأكمله، فتح باب غرفتهما لتسقط عينِه عليها وهي
ِل تُسِِّرح شعرها. بربكة أنزلت المشط لترفع شعرها بأكم حصان
له كذي .
لم يُطيل بنظره كثي ًرا حتى إتجه نحو الحمام، استغرق في إستحمامه دقائِق
كثيرة وهو يفكر بأسوأ اإلحتماالت التي تُف ِكك حياته.
في جهٍة أخرى جلست على األريكـة لتغرق في تفكيرها به، مالمحه
ه لو َع ال ِلم ُمتعبة ال تعنيه وحده! هي تُرهقني أي ًضا. كانت ستبطل كل مباِدئ
ُطل إحترامي لنفسي، من أختار يا سلطان؟
بحملي ولكن َسيب
ُشفي إلتواء قلبي حول نفسه ُكلما ذكر إسمك؟
شعرت برجف ِة جفنها، كيف أ
كيف أشفيه منك؟ أنت ج َدل مهما انتحل ُت به اإلتزان، أضطربت .





خرج ليدخل للزاويـة الخاصة بمالبسهما، ارتدى لبسه العسكري لينحني
ِو بلب ِس ه من أغراضها،
ه لحذاءه الثقيل، فتح الدرج ليأخذ حزامه وأنتبه لخل
رفع عينِه للدوالب اآلخر ليجده خاليًا تما ًما، إذن ستُغادر !
تن َّهد بالالمباالة ليخرج متج ًها نحو التسريحـة، ارتدى ساعته وعيناه تغرق
بما خلفه، أخذ نظارته الشمسيَة ليخرج من الغرفـة ُدون أن يهمس بحر ٍف
واحد.
ب ُمجرد خروجـه سالت دمعة على خدها الشاحب، بق يت بثباتها ُدون أن
تصدر منها حركة أو إيماءة، بلعت غصتها العالقة لترفع عين يها لألعلى في
محاولة هزيلة إليقاف تجمع دموعها، كل شيء يرفض الغياب، حتى
الدموع تُقيم ثورتها ضدنا.
إلتفتت نحو عائشة التي طرقت الباب، بإبتسامة بشوشة: بابا كبير تحت!
الجوهرة تنهدت: طيب جاية . . أخذت منديل لتضغط على عين يها، نزلت
لألسفل لتتجه نحو المجلس الخاص بالرجال، دخلت ب ُخطى سريعة نحوه،
وقفت على أطراف أصابعها لتعانقه بش َّدة الحنين في صدرها و الحزن
أي ًضا.
مسح على رأسها: شلونك يبه؟
الجوهرة انهارت قِّواها لتب ِك على كتفه: ليه ماكلمتني؟ أوجعتني يبه
عبدالمحسن بضيق: ال تعتبين يا عيني، كنت متضايق يومها ومابغيت
أكلمك وأضايقك معي
ال ُجوهرة ابعدت جسدها عنه لتنظر إل يه بتعٍر تام من قوتها المزيفة:
والحين؟
عبدالمحسن : دام شفتِك بخير الحمدلله
الجوهرة : وش ضايقك؟
عبدالمحسن تن َّهد ليجلس بجانبها: عبير بنت عمك عبدالرحمن
الجوهرة بخوف: وش فيها؟ . . رجعوا من باريس؟
عبدالمحسن بعتب : ليه ماتسألين عن بنات عمك يالجوهرة؟ منعزلة عننا
وعن الكل! ما يصير كذا
الجوهرة شتت نظراتها بال عذر يشفع لها: مقصرة





عبدالمحسن: كثيير . . حتى ريِّان مارفعتي السماعة تكلمينه!! مهما يكون
هذا أخوك
الجوهرة ببكاء عميق : مو قصدي والله! يبه ال تفكر أني حاقدة عليه وال
زعالنة منه!!! . . الحين قدامك أكلمه
عبدالمحسن: أنا ماأقول زعالنة منه!! بس أن ِت تبعدين عنِّا يوم عن يوم!!
الجوهرة بعين يها الالمعت ين بالدمع: والله مو بيدي! صايرة أيامي من سيء
لألسوأ. .
عبدالمحسن بعُقدة حاجب يه : وش صار؟
الجوهرة بلعت ريقها لتلفظ بش ًحوب: وصلنا لطريق مسدود أنا وياه
عبدالمحسن شتت نظراته بعي ًدا ُدون أن يعلق بكلمة.
الجوهرة إلتفتت عليه: برجع معك! جهزت أغراضي وهالمرة ما أظن راح
أرجع له
عبدالمحسن نظر بعين يها بصمتِه ال . ُمربك لحوا َّسها التي تهيج بالدمع
الجوهرة بضيق: ماراح تقول شي؟
عبدالمحسن: كم مرة تهاوشتوا ؟ كم مرة قررتوا تنفصلون؟
الجوهرة تُدخل كفيِّها باكمامها وهي ترتع ُش بالبكاء، بنبرةٍ خنقت قلب
والدها: وش أسوي يبه؟
عبدالمحسن: ليه أوجعتي قلبك فيه؟
رفعت عين يها الذابلة، تجمَّدت بنظرا ِت والدها الذي أكمل: أنا خايف عليك!
ويضايقني أنك تتعلقين بأحد من ِت قادرة تتأقلمين معه
الجوهرة بحشرجة الحزن : ليه تقول كذا؟ والله حاولت . . . أنت شايف
أني غلطت؟
عبدالمحسن: كلنا نغلط !
الجوهرة : طيب قولي! و ِِّجهني .. وش أسوي؟ . .
عبدالمحسن بحز ٍن بالغ، ال شيء أشد من هذا الحزن الما ِّر في صوته : أبي
أفرح يالجوهرة . .
الجوهرة أخفضت نظرها لتغرق بكومة بكاء ال تنتهي، لم تستطع أن تحبس
صو ُت أنينها المحترق في جوفها، بين حزنها المكتظ: خيبت أملك كثيير!





ما سويت شي في حياتي يخليك تفرح وتفخر فيني! . . سحبها لصدره
ليُوقف موجة كلماتها المضطربة: ال تقولين كذا . . أنا البغيت أبتسم أتذكر
اليوم اللي ختمتي فيه القرآن! هاليوم كان أسعد يوم في حياتي! . . . . أنا
فخور فيك والله . . بس أبي أفرح لفرحك . . يوجعني أنه بنتي ماهي
قادرة تعيش لنفسها . . !
بنبرةٍ خافتة موجعة أكَمل : لك الجنة وأنا أبوك
ال ُجوهرة ببحة: كل ماحاولت وكل ما قلت هانت! جاء شي جديد وخ ِّرب
كل شي . . والله ما أبي أنفصل عنه بس أحس خالص . . . مهما طِّولنا
مهما حاولنا بالنهاية طريقنا آخره طالق . .
عبدالمحسن: كلمتيه؟
الجوهرة: أمس قالي
عبدالمحسن: ويدري أنك بترجعين معي!
صمتت لثواني طويلة حتى قطعها بصوتِه: أن ِت للحين على ذمته! ما يصير
تطلعين بدون علمه
الجوهرة: بس أمس اتفقنا على اإلنفصال يعني أكيد برجع
عبدالمحسن بلع ريقه بإستنزاف كبير لعاطفته األبويـة : ولو كلميه . . مسح
ِه ليبتسم : أنتظرك ما على تجهزين نفسك . . عشان
مالمحها الباكيَة بكفِّ
يمدينا نوصل قبل صالة الظهر الشرقية
الجوهرة: إن شاء الله . . خرجت لتتجه نحو غرفة ح َصة، طرقت الباب
لتدخل بتوتر، إبتسمت: صباح الخير
ح َصة : صباح النور . . أبوك وصل؟
. . جلست ب ُم الجوهرة : إيه من شوي قابلها . . كلمك سلطان اليوم بشي؟
حصة بلهفة الشغف : قلتي له عن حملك؟
الجوهرة تحشرجت عين يها بلهفتها لتُردف: ال . . ماراح أبلغه الحين
حصة بضيق: إلى متى؟ خلينا نفرح
الجوهرة : أمس تكلمنا . . قررنا ننفصل
حصة تجمَّدت بمكانها بده َشة ال تسبقها دهشة، صمتت و ماتت الكلمات في
جوفها.





ال ُجوهرة بربكة تُشتت نظراتها: والحين برجع مع أبوي وبآخذ أغراضي .
. بس ما قلت له وماأبيه يفهم تصرفي أنه . . يعني . . كلميه
ح َصة للحظات طويلة بقيت على حالها حتى لفظت: ليه؟ . . حرام اللي
تسوونه !
الجوهرة : تعبانة من هالموضوع والله وماوِِّدي أتكلم فيه . . هو راضي
وانا راضية
حصة بإنفعال : على مين تضحكون؟ أنتم ما شفتوا نظراتكم لبعض! . .
ماراح أقول عشان خاطر هالعشرة البسيطة اللي بينكم بس أقول عشان
خاطر الحب . . !
ِّي حب واللي يسلمك!!! . . مانصلح لبعض يا حصة حتى لو
الجوهرة : أ
حاولنا نبقى ما نصلح لبعض! مانستفيد من قربنا إال تجريح لبعض!!
حصة بضيق يرتج ُف به جفنها: كل شي وله حل! . . دايم تتهاوشون! ودايم
تجرحون بعض بس ترجعون! ألن أنتم نفسكم مؤمنين أنه مالكم اال بعض .
. ال أن ِت تستاهلين وال هو يستاهل! . . ليه دايم تفكرين بسلبية وبزواية
وحدة؟
الجوهرة: لو تكلمتي مع سلطان راح يقولك نفس الكالم وهو واثق أنه
كالمه واقع !
حصة: ال تسوين في نفسك كذا! تفكيرك ومنطق يتك في األمور ماراح
تعطيك السعادة!! . . تنازلي شوي
الجوهرة بإختناق : طيب وهو؟ ليه ما يتنازل؟ ليه دايم أنا اللي الزم
اتنازل .. !!!
حصة : وهو بيتنازل! أحلف بالله أنه سلطان معاك شخص ثاني!!! بس
فكري! ليه هاإلستعجال
الجوهرة بقهر تجهش بدموعها: وتبيني أكلمه وأقوله أنا ماأبي الطالق! . .
مو انا كرامتي منمسحة من تزوجته!! . . حطي نفسك مكاني! ترضين؟ ..
هو ثارت شياطينه على ك ِّف إنمد ِلك وأنا طيب؟ . . وال أنا لي معاملة
خاصة !
حصة تقف لتجلس بجانبها، عانقتها لتهمس: والله مو قصدي أنك تهينين





نفسك عشانه! . . بس لو قلتي له عن حملك وش بتخسرين؟ ممكن تنحل
أمور كثيرة
الجوهرة : ليه أجبره يعيش معاي! ليه أرمي نفسه عليه بحجة الحمل! . .
هو ماراح يتعلق فيني بيتعلق عشان هالطفل! وأنا مقدر اتحمل أني اكون
على الهامش دايم!!!!
حصة بضيق متو ِسل: طيب التروحين اليوم! أجلسي بس اليوم لين يرجع
وأكلمه
الجوهرة تُخفض نظرها لتسقط دمعتها الناعمة على خِدها: كلكم تقولون
أجلسي وحاولوا تلقون حل! . . بس ما فكرتوا وش كثر أعاني! وش كثر
موجوعة منه
ح َصة: ألن الطالق مو سهل! . . أنا عارفة أنكم تبون بعض بس تكابرون!
. . وش تفيدكم هالمكابرة؟
الجوهرة: تفيدني أني أكسب نفسي اللي محاها سلطان
حصة: تبالغين يالجوهرة! سلطان حتى لو قسى تلقينه يتوجع أكثر منك
الجوهرة: مو قل ِت أنه شخص ثاني معاي؟ هالشخص الثاني ل َّما يقسى ما
يرحم!
حصة: يعني مافيه أمل؟
الجوهرة تحشرجت صوتها بالبكاء: مافيه . . وقفت . . ما أبغى أتأخر على
أبوي . . أرسلي له مسج ألنه هو بعد ما ق ِّصر وكسر جوالي!
حصة : شايلة عليه كثير!
ٍق يسح ُب صوتها تدريجيًا: وكثيير شوية فيه! . . خرجت
الجوهرة إختنا
لتتجه لألعلى، أبلغت عائشة بأن تُنزل أغراضها، إتجهت نحو الدوالب
لتأخذ عباءتها، ض َّج أنفها برائحة عطره، أخذت نفس عميق لتُغمض عين يه
ُمسكرة لكل خليـة في جسِدها، و ُكل ما حاولت الغياب كان
برائحته ال
عطرك طريق العودة.
يُتبع





،
بغض ٍب مجنون يلكمه على ف ِّك ه ليقربه منه: حتى ِه حتى نزف، ش َّدهُ من ياقت
الحمير تكرم عنكم
تراجع للخلف ب ُخطى هائجة ليُشير إليه بالسبابة غاضبًا ويصل غضبه
ألقصى مدى: واحد!! شخص واحد قدر يدخل بيتي وفيه مليون كلب!! . .
قوم أنقلع عن وجهي ال أثِِّور فيك الحين . .
إلتفت لحمد: الكالب يحجزون أقرب طيارة ويجوني هنا! ويخلون كالب
ثانين مثلهم يحرسون البيت
حمد بلع ريقه : أبشر
رائد: واللي يشوف وجهك تجيه البشاير! . . عاد لمكتبه وهو يشتع ُل بداخله
من فكرة دخول سلطان لبيته، يشعُر بأن أعصابه تتفكك، عص ٌب َعصب .
بحنق مسك هاتفه ليتصل على فارس، استغرق ثواني طويلة حتى أتاه
صوته الناعس: ألو
رائد بعصبية: نايم يا روح أمك!!!
فارس بضيق أستعدل بجلسته: وش فيه بعد؟
رائد: تجيني الحين وال أقسم بالله . .
فارس يُقاطعه : بدون حلف! . . راح أجيك
رائد : وجيب الكلبة الثانية معك
فارس بعصبية : لها إسم !
رائد : شف فارس! أنا اليوم ممكن أرتكب جريمة فال تخليها عليك
فارس: عبير ماراح تجي
رائد: ال تحِِّدني أقهرك
فارس: وش تبي فيها؟ . . تبيني أخليها مع كالبِك. . !
رائد زفر أنفاسه الغاضبة: قلت جيبها ما أبي أكرر كالمي!





فارس بإصرار: ال
رائد : طيب أنا أعرف كيف أجيبك أنت وياها بنفسي!!!
فارس بقهر: كل شي عندك بالغصب!!! . . تبيني أجيك أبشر لكن أني
أجيبها معي ال وألف ال
رائد: طيب يا ولد الكلب! . . تعال الحين
فارس إبتسم بين كومة غضبه: مسافة الطريق . . . وأغلقه.
تن َّهد ليلتفت إل يها نائمة بهدوء على األريكة، اقترب منها ليأخذ الفراش
ويُغطيها جي ًدا، أغلق الشبابيك التي ينساب منها برٌد قارس في فترةٍ من
السنـة تنخف ُض بها درجة الحرارة بصورة هائلة .
إتجه نحو الحمام ليغتسل، أستغرق دقائقـه القصيرة ليخرج ويأخذ جاكيته،
سكارفـه " الرمادي حول رقبته، ليمي ُل إتجاهه نحوها، وقف للحظا ٍت
ل ِّف "
طويلة أمامها لتتسع إبتسامته على حركتها الخفيفة، مغرية للتأمل .
فتحت عين يها عليه لتأخذ شهيق ُدون زفير برهبـة، فارس: صباح الخير
عبير أخذت نفس عميق لتُردف بخفوت : صباح النور
فارس: عندي شغلة ضرورية بخلصها وأجيك . . ماراح أطِّول إن شاء
الله
ِّي كلمة
عبير استعدلت بجلستها لترفع عين يها إليه دون أن تعلق بأ .
فارس: راح أطلب لك فطور . . وبيجيك غيره ال تفتحين الباب ألحد
عبير بضيق: طيب
فارس تن َّهـد ليتجه نحو الباب، وضع يِده على مقبضه ليقف، إلتفت عليها:
إذا بتتضايقين من. .
قاطعته: تطِّمن ماراح أتضايق! . . بصفتي مين أتضايق أصالً!!
فارس شعَر بأن الهواء يتصل ن نبرته: بصفتك زوجتي!! َّب في جسِده، بإتزا
نظرت إل يه بعين ين تشتعالن بالغضب. خرج ليُغلق الباب بعصبيـة نازالً
لألسفل.
،





يشر ُب من كأس الحليب ليُكمل : عاد قمت أقول في نفسي سبحان الله كيف
الحريم يتغيرون قبل الزواج وبعد الزواج
مهرة وضعت الملعقة على الطبق لتُردف : مو بس الحريم! حتى أنتم
تتغيرون
يوسف : ال الرجال ما يتغيرون يا عيني! يعني لو مثال أنا جيتك وقلت لك
أقطعي فالنة ماأبيك تسولفين معها! بتروحين وتقطعين عشان سواد عيوني
لكن لو أن ِت قلتي لي بسوي نفس الشي؟ أطلقك وال أقطع عشرة عمر مع
واحد من ربعي
ُمهرة بإنفعال اندفعت: ومين قال أنه الحريم سطحيات لهدرجة؟ ال ياحبيبي
محد يقطع عشرة ُعمر عشان أحد ثاني !
يوسف بضحكة : عشان كلمة حبيبي بوقف برآيك
ُمهرة زفرت بغضب: والله يوسف! أنت منت طبيعي كله حريم وحريم
ِين منزهين
ِّ
وحريم! تحسسني أنه الرجال منزل
يوسف: ههههههههههههههههههههههههههه طيب كيفي هذا رآيي بعد
بتناقشيني في رايي! أنا قلت لك أنه الحريم يبيعون الدنيا إذا حبِّت لكن
الرجال عقالني مايبيع الدنيا
ُمهرة بقهر: مالت على عقولكم! تحسسني أنكم مجتمع مالئكي
يوسف يُكمل شربه للحليب ليُنزله على الطاولة ويُردف: طيب أنا ماأعمم!
يعني عادي رايي على فئة محددة! وال تقولين لي أنه الحريم عقالنيات
عشان ماأهفِّك بهالكوب . . يعني مثال لو أقول المصريين ظريفين! يخي
هم صدق ظريفيين بس مو معناته مافيه واحد بينهم سامج! يعني أتكلم عن
صفة سائدة . . أنا أشوف البنت إذا حبِّت تبيع ُعمرها عشان اللي تحبه
ُمهرة : شف بموضوع أختك ريم! أنا أشوفها عقالنية
يوسف بضحكة عميقة يشعُر باإلنتصار أنه مسك عليها شيء: شفتي!
الخبث األنثوي هذا تشجعينه! وين العقالنية في الموضوع؟
ُمهرة إبتسمت : مو خبث أنثوي! هذا ذكاء بطريقة ملتوية
يوسف: ألنكم تحبون الطرق الملتوية! أما احنا الرجال ماعندنا يمين ويسار
واضحين





ِّر منها! . . خلصت فطوري وأنت للحين تشرب بنفس
ُمهرة بسخرية : كث
الحليب !
يوسف: قاعد أتلذذ فيه . .
ُمهرة بإبتسامة: لو فكرة ريم جاية في بالي ماترددت لحظة أسويها فيك
يوسف بضحكة: تبطيييين تعرفين وش يعني تبطيين ما قدرتي تسوينها
فيني! لسبب واحد . . أنا حقير بهالمواضيع ما أتعاطف على طول
ُمهرة رفعت حاجبها: مستحيل ما تتعاطف! . . الحظت فيك شي .. قلبك
ِف وحساس ب ُمحيط أهلك بس
رهيِّ
يوسف بجديِّة: ألن بالنسبة لي عايلتي هي أنا! يعني إحترامي لها هو
إحترامي لنفسي! و ُحبي لها هو حب لنفسي، وحيات


إعدادات القراءة


لون الخلفية