الفصل 103

قريتي كل ال ُكتب اللي عطيتك إياها وعرفتي كل شي؟
عائشة : إيوا أنا يقرأ كله كتاب، شنو يقول الحين؟
الجوهرة بإبتسامة بدأ صوتها يرتجف : طيب قولي معاي . . أشهُد
عائشة : أشهد
الجوهرة : أ َن ال إله
عائشة : أن ال إله
الجوهرة : إال الله





عائشة : إال الله
الجوهرة ببكاء السعادة التي تق ُع في قلبها : وأشهُد
عائشة : وأشهُد
الجوهرة : أن محمًدا
عائشة : أن مهمًدا
الجوهرة : رسول الله
عائشة : رسول الله
الجوهرة بصو ٍت تُقاطعه أنفاسها المضطربة بالفرح : الحمدلله . . الحمدلله
. . . الحين روحي صلَي طيب، صلَي ركعة
عائشة بحماسة أنها تعلمت شيئًا : يقرآ فاتهة ؟ " فاتحة"
الجوهرة ببهجة : إيوا الفاتحة و تعرفين وش تقولين بعدها؟
" يصلَي
عائشة : أنا يشوف صورة كيف يسل " َي
الجوهرة : تمام أن ِت الحين توضيتي صح؟
عائشة : إيه أنا يسوي وضوء قبل شويَا
الجوهرة : فرحتيني كثييير، مدري كيف بنام اليوم من الفرحة
عائشة : شلون ينام؟
الجوهرة ضحكت : ال ما أقصِدك! أقصد أنا ألني مررة فرحانة ماراح
أقدر أنام . . فهمتي؟
عائشة : إيوا يفهم
َي وقت . . طيب؟
َي في أ
َي شيء، أتصلي عل
الجوهرة : إذا أحتجتي أ
عائشة : طيب . . أعطت الهاتف لح َصة . . الله يجعله في ميزان حسناتك
الجوهرة : آمين، يا كثر سعادتي اليوم! أحس األرض مو شايلتني
ح َصة : ما صَدقت يوم جتني، وقلت الزم أتصل عليك وأخليك بنفسك
تنطقين لها الشهادة
الجوهرة : يا بعد ُعمري والله
ح َصة إبتسمت : يالله ما نشغلك أكثر والوقت تأخر، تآمرين على شي يا
ُروحي ؟
الجوهرة : سالمة قلبك





ح َصة : الله يسلمك ، بحفظ الرحمن . . أغلقته لتخرج من غرفتها وتنزل
بخطوات سريعة لألسفل جعلت صو ُت والدتها الحاد يأتِها ب ُسرعة :
َوك طالعة من المستشفى
الجوهرة ووجع! تركضين وأن ِت ت
الجوهرة نظرت للعائلة المجتمعة في الصالة، بإبتسامة شاسعة : الليلة من
أسعد ليالي حياتي
عبدالمحسن إبتسم من أجل إبتسامتها : فرحينا معاك
أفنان بضحكة : لحظة خلينا نخ َمن
والدتها : ال قولي وش تخمينه جعلك اللي مانيب قايلة . . وشو الجوهرة
وقفتي قلبي؟
َو أسلمت شغالتنا في الرياض، عطيتها كتب قبل فترة لكن
الجوهرة : ت
يومها طَو م لت توقعت إنها ما أقتنعت باإلسالم أثاريها طول الوقت تقرأ فيه
والدتها ببهجة : ياربي لك الحمد . . تعالي خلني أخ َمك
الجوهرة بضحكة جلست على ركبتيها عند أقدام والدتها لتعانقها وهي
جاِلسة : يممه لو تدرين وش كثر فرحانة! أحس قلبي يرتجف من الفرحة
عبدالمحسن : يا عساها تشفع لك بإيمانها يوم القيامة
الجوهرة قبَلت جبين والدتها : آمين يارب . . ياليتها قدامي وأحضنها ِكذا
لين أقول بس! جاني شوق مفاجئ لشوفتها
عبدالمحسن : كلمتيها؟
الجوهرة بحماس : وخليتها تنطق الشهادة بعد . .
أفنان : الله يرزقنا هالفرحة بس! أغبطك جربتي فرحة إسالم شخص
وجربتي ختم القرآن
الجوهرة : أنا شكلي بحسد نفسي الحين على هالفرحة، يالله لك الحمد
والشكر
أفنان إبتسمت : آمين يارب . . بالله أسرقيها كم يوم وخليها تجينا
الجوهرة : ياليت والله
دخل ريَان وتبعته ريم : السالم عليكم
:وعليكم السالم والرحمة
رفع ريَان حاجبه من الضحكات التي تنتشر باألجواء : فرحونا معكم





عبدالمحسن : شغالة سلطان أسلمت على إيد أختك
ريَان إبتسم : جد؟ . . الله يرزقك أجره
الجوهرة : آمين ويرزقك
ريم بإبتسامة : الله يديم فرحتك بس
الجوهرة : آمين . . ـ وبعفوية ن َست كل حز ٍن في حياتها ـ أحس بشعور
إنها بنتي أو شي زي كذا، المهم سعادة كبيرة
أفنان ضحكت : شكل الوعي بيغيب من الفرحة !
الجوهرة بضحكة : تعرفين شعور اللي و َدك ترقصين و َدك تنقزين و َدك
تركضين و َدك تفجرين طاقة الفرحة كلها
ريَان الذي لم يشاهد الجوهرة بهذه الفرحة منذُ مدةٍ طويلة، بإبتسامة :
أنتظري ال ولدتي فج َري هالطاقات الحين الزم تنتبهين للي في بطنك
ة إلتفتت عليه وأبتسمت : برقص مع ولدي أصالً الجوهر
أفنان : يخي ياليتها أسلمت من زمان دامها بتخلينا نشوفك تضحكين ِكذا
والدتها : إيه والله، يا عساك دوم مبسوطة
الجوهرة أضاءت عيناها بالدمع، أردفت والدتها : قلنا نبي نشوفك مبسوطة
مو تبكين
الجوهرة إبتسمت : والله مبسوطة
ريم : على هالفرحة بو َدي لشغالتنا في الرياض ُكتب عن اإلسالم خلنا
نج َرب شعورك
الدعوة إلى اإلسالم واجبة، مايجوز إنه الخدم يرجعون
الجوهرة : أصالً
لبالدهم وأنتم ما بلغتوا عن اإلسالم بشي! بكرا الحجة بتكون عليك يوم
القيامة
ريم أخذت نفس عميق : ال إن شاء الله خوفتيني، بكرا أكلم أمي تعطيهم
ُكتب . .
أفنان : أنخرشتي يا بنت عبدالله؟
ريم بضحكة : تحسبيني بجلس أطالعك! عاد كل شيء اال واجبات الدين
مافيها إستهتار،
أفنان : عاد والله قبل كم سنة سوينا حملة بالجامعة، مدري العيب فيها وال





فيهم محد أسلم منها . . مع إنه األسلوب كان لطيف
ريَان : أن ِت مو مكلوفة تخلينهم يؤمنون، أن ِت مطلوب منك إنك تبلغين
اإلسالم بحسب قُدرتك وصالحياتِك يعني ماهو واجب عليك تروحين
ُوجد
وتسافرين وتنشرين اإلسالم لكن واجب عليك ب ُمحيطك إذا
أفنان : شكًرا على النغزة المبطنة، تط َمن ما عاد بسافر بدونكم
ريان بضح َكة صاخبة : والله ما كنت أقصدك بس أن ِت ينطبق عليك
يحسبون كل صيحة عليهم
عبدالمحسن بإبتسامة : بالله؟ كأننا ما نعرف أسلوبك
أفنان : شفت حتى أبوي كشفك! واضحة أساليبك
ريَان إبتسم : أستغفر الله، والله ما كنت قاصدك كنت أقصد المضمون أنه
واجبات اإلسالم حسب القُدرة والشخص نفسه يعني أكيد واجبات الر َجال
غير البنت
َمة
أم ريان : يا زين هالل
أفنان : يمه أن ِت اليوم تحسسينا إننا عايلة ما نشوف بعض اال بالسنة مَرة،
أم ريان ضربتها على كتفها : إيه والله كلكم في غرفكم ال تطلعون وال
نشوفكم!! هذا وإحنا في بيت واحد
أفنان قبَلت كت ُف والدتها الذي يجاورها : نومي متلخبط وال كان جلست
عندك العصر
عبدالمحسن : الجوهرة تعشيتي؟
الجوهرة : مآكلة المغرب ونفسي منس َدة، . . وقفت . . بروح أنام
الجوهرة مشت ب ُخطى ال تتحكم ب ُسرعتها، والدتها : أمشي بشويش مو ِكذا
الجوهرة بضحكة تسي ُر على أطراف أصابعها : ِكذا يعني؟
والدتها : يا مل َكعة
الجوهرة إلتفتت عليها : امزح طيب . . تصبحون على خير
:وأن ِت من أهل الخير
صعدت لألعلى وهي تشعُر بنشوة الفرح في قلبها، دخلت الحمام لتتوضأ،
صل . َت ركعة ُشكر لله على هذه الفرحة التي تأتِها دون سابق إنذار
ال أحد سيفهم معنى الفرح إن جاء من شخ ٍص ليس بالقريب، يكون فر ًحا





ِوه أح ًدا غير الذي أوجده، لم أفرح كهذه الفرحة منذُ مَدة
ا ال يُثبَط عل
شا ِهقً
انسى طعم الفرح ولكن أي ًضا ال قُدرةً
طويلة حتى شعرت أنني فعالً
تُضاهي قوة الله وال كر ًما يُضاهيه عندما يُرزق عبده، ممتنة لك يالله على
هذه الليلة وعلى هذا العُمر بأكمله، ُممتنة للدين الذي يخل ُق من أبسط
األشياء، سعادة. ممتنـة للحياة التي بقدر ما تُحزني بأسبا ٍب عديدة إال أنها
وش كثر السعادة جميلة " !
تُفرحني بسب ٍب واحد، يالله! "
في جهٍة اخرى كانت تتح َدث مع إبنتها : و اليوم أسلمت
العنود ببرود : طيب الحمدلله. .
ح َصة : الشرهة بس على اللي يكلمك ومبسوط
العنود : وش أقول يمه بعد، يعني ما تعني لي شي عشان أفرح لها . .
ح َصة : المهم قولي لي وش أخبارك؟
العنود : بخير الحمدلله
ح َصة : وماجد؟
العنود بحماس : عال العال، بيجيه نقل إن شاء الله لفرع الوكالة بلندن،
متحمسة كثير أعيش هناك وأستقَر بعد، ماعرفت أتكيَف هنا أبد، على األقل
هناك عندي صداقات
ح َصة : الله يس َهل عليكم، ولو أنه و َدي تتكرمين علينا وتجينا الرياض
العنود : والله يمه مشتاقة لك بس هرمون الكره للرياض مرتفع عندي !
ح َصة بسخرية : مررة مرتفع ماشاء الله بس لو حفلة لصديقة من
صديقاتك ن !! َطيتي
َي
العنُود : وال تزعلين بقول لماجد يحجز لنا على األسبوع الجا
ح َصة : وش أبي في زيارة مو جاية من طيب خاطر؟
العنُود بضيق : يعني يمه وش أسوي؟ أقولك ماني طايقة الرياض وجيَتها
ما يرضيك أقولك بجيك ومايرضيك بعد !!
ح َصة : الله يصلحك بس،
العنود : آمين ويصلحنا كلنا . .
ح َصة : طيب ماو َدك تصيرين أم وتفرحيني؟ و َدي يجيني منك خبر يثلج
الصدر





َي
العنود بإندفاع : ال بسم الله عل
حصة بإستغراب : وش بسم الله عليك! هذولي نعمة من ربي وزينة حياتِك
العنود : معليش يمه بس أنا في الوقت الحالي ماني فاضية وال أنا مستعدة
لفكرة األم والقرف ذا !
حصة : يارب ال تسخط علينا! أن ِت تتكلمين بوع يك؟
العنود : أصالً ماجد بعد ما و َده، إحنا اإلثنين ما يصلح نجيب عيال على
األقل في الثالث سنوات الجاية بعدها إن ربي كتب ندرس مشروع العيال
حصة : تدرسون؟ . . خلف الله عليكم بس
العنُود : يمه الزم تحطين في بالك إني ماراح أجيب عيال بس عشان أجيب
وبكرا الله يبالني فيهم، أنا ال بغيت أجيب عيال أبي أجيبهم وأربيهم تربية
سنعة وأدَرسهم صح، وبعدين يمكن أنا وماجد نتطلق! يعني الزم بعد أنا
وياه نكون على وفاق
حصة : كل هالفترة وأن ِت من ِت معه على وفاق؟
العنود : إال بس يعني مدري وش بيصير بعدين! ما أبي أحمل وبعدها
الطفل يتشتت
ي ؟
ح َصة : هذا الكالم ل
العنود : ال طبعًا حاشاك، أنا بس أقصد فكرة تربية الطفل صعبة ومحتاجة
دراسة قبلها عشان نقررها أنا وماجد
ح َصة تنهدت : أنا أقول تصبحين على خير قبل ال يرتفع ضغطي
،
وضعت عبدالله الصغير في سريره الناعم، إلتفتت عليه : ليه ما تروحون
الصبح؟ مو زين سفر الليل!
منصور : عشان نوصل الصبح ونلقاهم، ألن بعد مو معقولة نطق بابهم
بليل ونقول نبي نشوف بنتكم!!
نجالء : طيب برا ِحتك،





منصور إبتسم : يا زينك وأن ِت عاقلة
نجالء رفعت حاجبها : ليه وش كنت طول الفترة اللي فاتت ؟
منصور : أبد هادية وما تتهاوشين مع مرت يوسف وال تقولين لها شي
نجالء : تتطنَز؟ لعلمك إلى اآلن ما أطيقها بس متقبلتها بصدر رحب
عشانِك أوالً وعشان يوسف
منصور : البنت ما تستاهل كل هالكره منك! لو كن ِت مكانها كان ذبحتينا!
يعني فقدت أخوها وأمها ما وقفت بصفَها وش تبينها تتصرف معك؟ أكيد
بتكون عدوانية!!
نجالء : إيوا كَمل دفاع عنها وكأنها هي صاحبة الحق في الموضوع !!
منصور : أنا أدافع عن الحق، هي فعالً ما تستاهل كل هذا
نجالء : إذا رحت هناك خ َل بينكم ثالث
منصور تن كبيرة فيني َهد : شكًرا على ثقتك ال
نجالء : شفت زعلت من كلمة وأنت تقولي معلَقات وتبيني أقول ماشاء الله
على حبيبي اللي يدافع عن الحق
َصر معي
منصور : نجال يا روحي أفهمي! هذي زوجة أخوي اللي ما ق
ي! وش تبيني أسوي؟ أشوفه مقهور وأسكت!
بشي ويوم أستفزعته فزع ل
طبيعي بروح لها وبفهمها
نجالء : ويوسف يستاهل من يفزع له ما قلت شي، بس تقهرني لما تحكي
عنها يخي ال تدافع وأنت ما شفتها وال سمعت كالمها معنا
منصور : قلت لك البنت مقهورة طبيعي بتتكلم معكم ِكذا! أجل تبينها
تآخذكم باألحضان؟
نجالء أخذت نفس عميق : طيب طيب . . خالص س َكر الموضوع وال
تتأخر على علي . . رفعت الفراش ودخلت به لتُغطي جسدها، نظرت إليه
مازال واقفًا يتأملها : ماتضايقت تط َمن.
منصور إبتسم ليجلس على السرير، أنحنى بظهره ليُقبَل خ َدها : تصبحين
على خير
نجالء إبتسمت ُرغ ًما عنها : وأنت من أهله ، أتصل علي بس توصل
منصور : إن شاء الله . . وقف وأخذ هاتِفه : فمان الله





خرج ليلقى يوسف بوج ِهه، عقد حاجب يه : وين رايح بهالليل؟
منصور بتوتر : آآ . . مشوار
يوسف : مشوار؟ الحين؟
منصور : بتحقق معي؟
َهد بتعب : حقَك علينا . . صعد الدرج ليتجه ناحية ُغرفته، دخل
يوسف تن
وهو يضع قدمه اليمنى خلف اليسرى وينزع حذاءه ويُكرر الحركة مع
ٍق واضح دون أن يغيَر
قدِمه اليمنى، رمى نفسه على السرير بإرها
ٍن حتى اهتز هاتفه بجيبه، أخرجه دون أن يفتح
مالبسه، نامت عيناه لثوا
عينه، أنزلق الهاتف منه بحركة يده التي دفعته ليصل لقدمه وببطء شديد
كان يسحبُه بساقِه دون أن يُكلف نفسه بأن يجلس ويأخذه بيِده، بعد دقيقت ين
وصل الهات ُف إلى أصابعه، نظر إلى المكالمة الفائتة ـ علي ـ، دخل ـ
وش تبي ؟ صوتي ماله خلق ي " َرد
الواتس آب ـ وكتب له "
علي " كنت بسألك عن منصور بس خالص أذلف "
يوسف " وش مشواركم ؟ "
علي " مشوار خاص "
يوسف " مالي خلق أضحك والله "
أنت لك خلق لشي؟"
علي " أصالً
يوسف " أقول علمني بس ماني نايم لين أعرف وش عندكم ؟ "
علي " هههههههههههههههه أذبح نفسك من الفضول "
َي يا حيوان
يوسف " أخلص عل "
علي " تأدب معي وقول لو سمحت يا علي ممكن تعلمني وبعدها أفكر "
يوسف " يا حيوان ممكن تعلمنن ؟ "
علي " ذبحتك الحايلية حتى كالمك تغيَر " !
" شايف؟ بس
حتى أستوعب كلمته، إبتسم
"
متنَح
ٍن "
يوسف بقي لثوا
لعلمك تراها ما تحكي حايلي . . يالله خذ وجهك معك "
علي " طيب يا ولد عبدالله "
يوسف أغلق هاتفه ووضعه جانبًا، نظر إلى الباب الذي يُفتح، إبتسم لوالدته





َمه
: هال ي
والدته : جيت أتطمن عليك، اكلت شي؟
يوسف : والله يا يمه ماني مشتهي شي، بنام عشان بكرا أصحى بدري و
َودي أهل فيصل للمستشفى
أ
والدته : شوف عيونك كيف ذبالنة؟ من قلة األكل والنوم، قوم أكل ِلك شي
يوسف برجاء : تكفين يمه خليني أنام والله ماني مشتهي! لو أشتهيت
تعرفين ولِدك يهجم على األكل
والدته أقتربت منه : حتى تعيجزت تغيَر مالب ِسك؟
يوسف بإبتسامة : ألني ميَت أبي النوم
والدته ترفع الفراش لتُغطيه : نوم العوافي يا قلبي . . .
،
تكتفت وهي تنظ ُر للفراغ الذي أمامها ولظ َل سارة فقط : أكيد رجعوا
للرياض! وما كل ي تراني رايح!! الله يلعنه هو وياها َف ُعمره يقول
َي كلمة معفنة بس ال تلعنين
سارة إلتفتت بح َدة : أثييير! قولي أ
أثير : أستغفر الله، يا عسى حوبتي ما تتعَداها!! بموت من القهر ماراح
أرتاح لين أشوفها!
سارة عقدت حاجب يها : يمكن ما راحوا! يعني يمكن رجعت ألبوها وجلس
معاها بفندق أو بأي مكان ثاني
أثير : متهاوش مع أبوها مستحيل يرضى يجلس عنده! أكيد رجع الرياض
. . الله يقهرها مثل ما قهرتني
َسارة : أمشي نطلع وأوصلَك البيت
أثير ضربت بقدمها األرض : يارب أرحمني بس . . .
في جهٍة أخرى مازالت نائمة على السرير والسكينة تنتش ُر من حولها،
ٍن يدخ ُل وآخر ممرض يطمئن عليها ويخرج دون أن يصدر
عليها بين حي
ضجي ًجا يوقضها، ومازالت األجهزة تتص ُل بيِدها ومالمحها السمراء





َوم كان أثرهُ
الناعمة يُغطيها الجهاز الذي يبع ُث األكسجين بأسالِكه. المن
. الصباح
قويًا لدرجة أنها بقيت نائمة إلى اآلن منذُ
وعلى بُعد مسافا ٍت طويلة، وتحت سق ٍف مختلف يضُم ألوانًا من المتفجرات
الغازيـة، وقف رائد وأنسحب من الغرفة مع إبنه وهو يُغلقها جي ًدا و رجاِله
اإلثنين في الداخل يُراقبان الوضع عن ُكثب، لفظ قبل خروجه : موعدنا
َي بضاعة ُمشتركة
الصبح راح أوقَع عقدي مع آسلي، وما راح تتدخلون بأ
بيننا. وهذا اللي أتفقنا عليه
عبدالرحمن إلتفت لعبدالمجيد : وش صار لها؟
عبدالمجيد : تط َمن هي بخير، تعرف أفالم رائد إصابتها مو كبيرة لكنه
يبالغ عشان يستفزك
رفع عبدالعزيز عينه إليهما، ليقف ويتجه ناحية النافذة، أعطاهم ظهره
وأدخل كفه المجروحة من الزجاج في جيب بنطاله وعيناه تتأمل سماء
باريس ال . ُمضيئة بالنجوم
سلطان أنحنى بظهره وهو يطَوق رأسه بكلتا يد يه، هجم عليه ال ُصداع ولم
للتفكير
ً صالحةً
يُبقي به خلية .
عبدالمجيد : سلطان . .
سلطان : مستحيل يصير فينا كل هذا! كيف نسمح له؟
عبدالرحمن : ماعاد بإيدنا حيلة !!
سلطان : إال، الزم نتصرف ونوقَف هالفوضى!! هو عرف كيف يلوي
ذراعنا لكن إحنا قادرين نلوي له ذراعه بعد!! ليتك ما جبت فارس! لو
هددناه فيه مثل ما يستعمل أسلوبه الوصخ معنا!! كان ممكن نح َل
هالموضوع
عبدالمجيد : قلت لك ال تهتَم
سلطان بغضب صرخ : ال تقولي ال تهتَم، هذا شغلي اللي مكلَف فيه ماني
جالس ألعب
عبدالرحمن بحدة : صوتِك!! . . ال يعلى
سلطان وقف وهو يتنهد : أستغفر الله بس!!!
إلتفت عبدالعزيز عليهم بنظرةٍ ال تد ُل على معنى ثابت إال أنها تحم ُل كر ًها





شدي ًدا، عاد بأنظاره للنافِذة دون أن يشاركهم الحديث بكلمة.
عبدالرحمن نظر إليه وهذه الفرصة الوحيدة التي يستطيع أن يشرح له دون
تدخل رائد بالمنتصف، وقف وأقترب إليه : عبدالعزيز . .
عبدالعزيز ال يُجيبه بشيء، أردف : أسمعني لآلخر وبعدها أحكم على
كيفك . . والله إني شايل ه َمك فوق ه َمي
وال يُبادله بغير الصمت، واصل بحديثه : أنت تعرف نية رائد وتدري وش
مقصده بكل هذا! يبي يشتتا ويضعفنا بضعف ثقتنا في بعض، حتى أستخدم
سليمان اللي ضَده معاه! كل هذا عشان يزعزعنا، ما كان عندنا علم
َي شخص وقلت لك كثير إننا ما ندري،
بتفاصيل الحادث، عرفناها مثل أ
َما عرفنا ما قدرنا نقوِلك، أنت متخيَل إنه لو عرفت بموضوع إختك بع
ول د
الحادث، راح تجذب العيون كلها ِلك وبهالوقت أبوك ماهو فيه عشان
يحميكم ويشرح لكم! كان واجبنا إننا نبعدك عن هاألشياء ونحاول نوصل
لوقت مناسب نشرح لك فيه كل شي، أنت ف َكر لو عرفت وأنت بوسط
معمعتك مع رائد و إنتحالك لصالح؟ وش كان بيصير؟ أنت عشان كلمة
بسيطة مننَا رحت عند رائد وقلت له إنك زوج بنتي! أفهم يا عبدالعزيز إنك
إنسان عصبي لو كنت إنسان هادي كان ممكن أشياء كثيرة تغيَرت، لكن
كنَا ندري إننا ما وصلنا لل ُحب في قلبك عشان تتقبَل موضوع إخفاءنا لخبر
أختك، كنا ندري إنك بتثور في وجهنا وتتصرف بأشياء الله أعلم وش
كانت بتكون!! كل الظروف في ذيك الفترة خلتنا نقول معليش بنأجل
هالخبر لفترة ثانية يكون عبدالعزيز جاهز لها، ما حاولنا نض َرك بشي! وال
َي عالقة
خططنا للحظة إننا نض َرك! حتى في البداية يوم قلت لك إبعد عن أ
وصداقة كان قصدي ما أوجعك! ماكنت أبيك تضيق وتحزن على أحد،
كنت أبيك تشغل نفسك وتشغل يومك كله من صبحه لين ليله بالشغل، والله
كنت أبيك مكان أبُوك الله يرحمه وكنت عارف إنه ثقتي بقدرتك على
الشغل في محلها، ساعدتنا بأشياء كثيرة، ال تجي بالنهاية تبعثر كل شي . .
ال تسامحنا لكن ال توقف ضَدنا! ال تش َمت أحد فينا !!
عبدالعزيز : خلصت؟
عبدالرحمن : أقسم لك بالعلي العظيم اللي خلق فيني هالروح وأنطق لساني





إني أخاف عليك وكأنك ولِدي وإنه سلطان نفسه يغليك من غال أبوك وال
حاول وال حتى ف َكر إنه يض َرك بشي بالعكس حتى ح َدته معك كان يحاول
فيها إنه يكسبك ويمحي كل الحواجز اللي بينكم! وال واحد فينا حاول
يض َرك أو يسيء لك . . أحلف لك بالله يا عبدالعزيز، و من حلف لكم بالله
فصدقوه . .
عبدالعزيز إلتفت عليه بكامل جسِده : أعرف شي واحد بهالحياة، إنه
الجزاء من جنس العمل، اللي صار فيكم هالفترة أثق إنه جزاءكم وهذا أقل
من اللي تستحقونه فعالً
عبدالرحمن : عبدالعزيز اللي تسويه يكسرك قبل ما يكسرنا!!
عبدالعزيز : ما بقى فيني ضلع ما كسرتوه! وش باقي عشان أكسره؟
عبدالرحمن : حط عقلك في راسك وف َكر بمنطقية ليه سوينا ِكذا؟ وبتعرف
إنه كل شي وكل تصرف سويناه كان عشانِك وكل خطأ صار ماكانت
بدايته منَا، لكن أشتركنا فيه ل بعد مو بإيدنا! أحيانًا نتصرف َما عرفناه لكن
َما
بأشياء خارج إرادتنا ورغبتنا، أب ًدا ماكانت رغبتنا إننا نبعدها عنَك، ل
جيت باريس كنت أقول لمقرن أشياء ماني مقتنع فيها لكن ماكنت أقدر
أقوله الله يرحمه غير إني أشوفك مناسب وإنك أنسب شخص ممكن يخدمنا
وإنه ما وراك احد! لكن هذا ما يعني إني بغيت مض َرتك وإنه حياتك ما
تهمني، بعدها عرفت بموضوع غادة وماكان بإيدنا ح َل ثاني! ماكنا ندِري
عن سليمان وكنَا نتوقع إنه قوة رائد متشعبة وإنه في كل جهة راح يواجهنا
هالرائد!! كان الزم نبعد إختك عشان ما يض َرها أحد، صحيح اعتمدنا على
مقرن في هالموضوع لكن ما كنَا ندري بعد إنه مقرن مجبور وخاضع
لتهديد من طرفهم . . !
عبدالمجيد وقف : أبوك يا عبدالعزيز ما تقاعد ِكذا بدون سبب منطقي!
تقاعد عشان يبعد األنظار عنه ويشتغل براحته لكن مع ذلك قدر يتسرب
خبر معرفته بأدلة قوية وشغله فيها لرائد اللي ظ َل يهددها فترة طويلة حتى
يوم الحادث اللي دخل فيه سليمان على الخط، كل التفاصيل عن الحادث
عرفتها لكن أعرف شي واحد، إنه أبوك الله يرحمه بعد تقاعده أشتغل و
سلَمني كل شي، كنت معاه لحظة بلحظة وإحنا نكتشف أمر سليمان





ونحاول نحاصره، لكن ما كَمل أبوك وأخذ الله أمانته، وكَملت اللي بداه مع
مقرن وكنت عارف إننا نرتكب أخطاء كثيرة بحقَك يا عبدالعزيز وبحق
حتى سلطان وبوسعود، لكن كنَا مجبورين عشان نكمل بحثنا ونتصرف
معهم، سليمان اللي أكتشفناه أنا وأبوك قبل أكثر من سنة، قبل َكم يوم
َوهم
عرفوه بوسعود وسلطان! يعني حتى خبر يهم شغلهم ويحدد مصيرهم ت
يعرفونه!! يعني فيه أشياء ما نقدر نقولها ماهو رغبة منَا لكن غصبًا عنَا،
ولو أبوك عايش كان بيقولك نفس الكالم! بيقولك إننا أحيانًا نضطر نخبي
ُجزء من الحقيقة عشان ننجح بشغلنا! فيه أشياء كثيرة شافوها سلطان و
عبدالرحمن وأنخدعوا فيها مننَا ألن كانت المصلحة وقتها إنهم ما يعرفون!
وأنت بعد المصلحة وقتها كانت تقولنا إنه ماهو الزم تعرف الحين! و كنَا
بنقولك بوقت مناسب، لكن سليمان أستغل الفرصة وطلَعنا بعيونك ناس
حقيرة ما تف َكر فيك والحين رائد بعد كَم . . لها
سلطان من مساف ٍة طويلة بعي ًدا عنهم : أكرهنا ماراح نجبرك تحبنا، وال
راح نجبرك تسامحنا، نبيك بس تفكر بأسبابنا وتفهمنا
عبدالعزيز نظر إلى سلطان، أكمل بنبرةٍ صادقة : ماهو بإيدنا، ماهو كل
شي نبيه يتحقق لنا عشان ُسلطتنا، ال يا ِعز! أحيانًا تتحقق أشياء كثيرة
رافضينها لكن مضطرين نتعامل معها وتعاملنا معها ماهو يعني موافقتنا
عليها ونفس هالشي ينطبق على غادة
يت ما تعرف بالموضوع؟ . . يوم . .
َما ماتوا أهلك كم ضلَ
عبدالعزيز : ل
يومين . . ثالث . . أسبوع؟
سلطان : شهر ونص
عبدالعزيز : وأنا أكثر من سنة يا سلطان، حرقتوني! وتقولون معليش ماهو
بإيدنا، تذبحوني وتقولون بعد معليش ما قصدنا نآخذ من ُعمرك حياته، وأنا
معليش بعد! ال تطلبون مني فوق طاقتي! ال تحاولون تقهروني اكثر
بأسبابكم اللي ما تشفع لكم !!
يك ترفع سالحك على واحد فينا؟
سلطان : وهاألسباب اللي ما تشفع لنا تخلَ
عبدالعزيز : أسألك بالله لو أنت مكاني كان تقبَلت الموضوع بصدر رحب؟
أنا لو بإيدي الحين أنهيكم من على هاألرض





سلطان : ماراح أتقبَل لكن ماراح أوقف ضدهم
عبدالعزيز : همشتَوني بما فيه الكفاية
سلطان بغضب والضي ُق يغزو محاجره : ال صار على كتفك أمن وأمان
شخص واحد بتعرف شعورنا الحين فما بالك بأرض و َخلق!! ال عرفت
قيمة إنك ما تقدر تنام من التفكير بتفهم ليه سوينا ِكذا؟ بتعرف إننا أحيانًا
نمشي ونكَمل وإحنا مقتولين من الداخل!! تحسب أبوك مايعني لي شي؟
أبوك كان كل حياتي، لو أقولك ربَاني ما كذبت! وأنا ر َجال طول بعرض
أعاد كل أفكاري وربَاني عمليًا، بعد الله هو صاحب الفضل باللي وصلت
له اآلن، وتحسبنا جدران مالنا إحساس؟ بعد وفاة أهلك كنا أكثر ناس
منهارين من داخلنا! وأنا فقدت أبو ي! أبوي اللي ما ح َمل دَمي لكن حملت
قلبه معي وين ما رحت!! لو كان لي القدرة بأني أعرف أنه كل هذا راح
يصير كان حبسته بعيُوني وما خليته يروح مكان! لو كنت أدري بموضوع
سليمان كان حاولت أوقفه حتى لو على حساب منصبي!! مو وحِدك اللي
واجهت الموت والفقد يا عبدالعزيز! كلنا فقدنا ناس نحبَها وكلنا ج َربنا
الموت، أنا أسوأ شخص ممكن تقابله في الحياة العاديَة وأتمنى إني ماني
سيء كثير بالحياة العملية! وش تبي؟ وش تطلب؟ تبينا نعتذر؟ أنا أقولها ِلك
ف، أنا آسف يا ولد أبُو ي قدامهم الحين أنا آس ! تبينا نبرر لك؟ بررنا ِلك؟
وش تبي منَا بالضبط؟ تبينا نبعد عنك وال عاد تشوفنا؟ أبشر، كَمل حياتك
بالمكان اللي تبيه، ماعاد راح نتدخل فيك وال راح نجبرك تشتغل أو حتى
تجي الرياض، بس نبي منك شي واحد! ال تضيَقها في وجهنا! ماندري إحنا
نحيا بكرا وال نموت، ال تضيَقها علينا وأنت تدري إنه نيتنا إتجاهك سليمة
من كل هذا.
" آسف يا ولد أبُوي " ُمتعبة
عبدالعزيز وهذه النبرة الصاِدقة تًضعفه و
بإتكاءها على قلبِه الهزيل.
ي! وأنا الذي سمع ُت من الجميع أن ـ آسف ـ ال يعتر ُف
للمرةِ الثانية يعتذ ُر ل
ي بها سلطان و ؟ ماذا يعني أن
ال تخر ُج من شفت يه، ماذا يعني أن يقولها ل
ريد أن أصَدقك ولكن كل شيء بما فيهم قلبي يُقيم حاج ًزا
ُ
يخ َصني بها؟ أ
بيني وبينكم، أشعُر بمرارةٍ أكبر من كل شيء، وأشعُر أن الدمع يحتب ُس





بقلبي ويملئه ُحزنًا في هذه الليلة، أشعُر بأنني أحتا ُج بش َدة ألبي، محتاج أن
أضع رأسي في ُحجره وأشرح له ُحزني، ـ يُبه ـ أشتقت أن أقولها! يا
َجة،
لت أعتد ُت الفُقد تصفعني الحا
مآساتي الكبيرة و يا ُحزني! مهما قُ
الحاجة لكلماتهم الخافتة و سكينة حضورهم، لو أنني ظفر ُت بدقائق أخيرة
مع أبي قبل أن ير َحل، قبل أن يُغادرني ويتركني على غص ٍن جاف، يُحييه
بكاءي في كل مَر . ة، أشتقتُك هذا كل ما في اآلمر
يُتبع
-
النهايـة | ال ُجزء

.
تَعي ُش أ ن َت َوتَبقَى
اً
ت َحقِّ
ُّ
أنَا الذي ُم
حاشا َك يا نو َر عيني
قَى

قَى الذي أنَا أل

تَل
قد كا َن ما كا َن مني
واللهُ خي ٌر وأبقى
ولم أج د بي َن موتي
وبي َن هجر َك فرقا
النا ِس باالً
َ
يا أنعم
إلى متى في َك أشقى
َسِم ع ُت َعن َك َحديثاً
َر ِِّب ال كا َن ِص دقَا
يا





حاشا َك تنق ُض عهدي
وعروتي في َك وثقى
َك إالِّ
وما َع ِه دتُ
قَا

من أكَرِم النِّا ِس ُخل
َف َم وال َي َم هالً

يا أل
قَا
َف َم وال َي ِرف

يا أل
ل َك الحياةُ فإني
ُمو ُت ال َش ِّك ِع شقَا
أ
لم يب َق مني إالِّ
َس تَ بقَى
ي
بَِقيِّةٌ لَ
ـ بهاء الدين زهير .
،
ش َحب لونُها من األرق والبُكاء، إلتفتت لتنظر إلى غادة الغارقة بالتفكير،
أخذت نفس عميق لتقف وتجل ُس بمقابلها : ليه ما نمتي؟
غادة : مافيني نوم
ض َي ك، قالت أنهم بخير الحمدلله بس هالمَرة شكله : سمعتي عبير بنفس
شغلهم مطَول،
ٍن تدَمع وبكلمٍة مكسورة تعب ُر صوتها بعكازة الب َحة : بتط َمن
غادة بعي
بشوفتهم، مشتهية أفرح، كل مافرحت صارت مصيبة لين بديت أخاف
حتى من إحساسي بالسعادة، و َدي بس لو مَرة تتم اموري بدون ال يطلع لنا
َ جديد
هم
ض َي وضعت كفَها فوق ك َف غادة الدافئـة كعين يها بهذه اللحظة، ُسبحان من





َي عبدالعزيز بذا ِت الدقَة، إن
خلق هذه العين ين ودقَتها، وأقتب َسها من عين
َوجع، وأنا أشعُر برعشة حزنهم، أن تقف بالمنتصف
عينا ُهم ـ قتَالة ـ بال
م تُخفف وطأة الحياة عل
َب يقرأ على ُ
دون أن يجاو ِرك أحد، ال أ ى قلبِك وال أ
ِوحدة أن تكون الشم ُس فوقنا
َما تزعزع أمنك، ال
رأ ِسك ـ آيات السكينة ـ كل
ِردة / مرتجفة. من يُدثَر الروح؟ ال شيء
تحر ُق أجسادنَـا وتُبقي الروح با
كقُرب الحبيب، أشعُر بِك يا غادة وبهذا ال ُحزن المص َطف في رم ِشك.
غادة بصو ٍت مخنوق : يا رب رحمتِك
َمة ناعمة مسحت دم ُع غا َدة بأطرا ِف كفَها : نا ِمي وارتاحي،
ض َي بإبتسا
ُو، أدري إنك تحسين بالوحدة هنا لكن
وإن شاء الله الصباح يجينا خبر حل
كلنا جمبك، وعبدالعزيز يهَمنا والله
غادة بلعت ريقها بصعُوبة ومحاجرها تكت . . َظ بالدمع : بحاول أنام
ض َي نامت أخي ًرا وشعُرها المبعثر يُغطي نصف نظرت لعبير التي
مالمحها، اقتربت منها لتُغطيها جي ًدا بالفراش، وضعت يدها على بطنها،
تجمَدت ُخطاها اول ما شعرت بإهتزازته وحركته الخافتة في ِرحمها،
قفزت اإلبتسامة إلى شفت يها ودمعة رقيقة تعب ُر خ َدها األيمن.
هذه األمومة تأتيني بفرح أكث ُر مما أستحق، ال أدري كيف أجازي هذه
السعادة ب ُشكٍر يليق بالله! أنا ممتنة حتى لأليام السينة التي جعلتني أشعُر
بحركة أبني، ممتنـة للحياة الناعمة التي تجيئني كلما تذ َكرت أنني / أحم ُل
طفالً في أحشائي، لو انَك معي يا عبدالرحمن اآلن؟ لو أنَك تشعُر بزوجتك
وحبيبتك و إبنتك أي ًضا! لو أرى عيناك وهي تبتسُم لحركاتِه في بطني،
ليتني أراها اآلن وأشر ُح لك مقدار الحزن في بُعِدك ومقدار م وتِي في
غيابك، يالله يا عبدالرحمن! تم َكنت من قلبي ح ُد الال حد.
،
الباكر، على بُعِد بُضع كيلومترات من حائل، إلتفت لمنصور :
ِ
في الصبَاح
نريَح شوي وال جاء الظهر رحنا لهم





َي فندق على الطريق ننام َكم ساعة
منصور : إيه شف لك أ
علي وضع يده على فمه وهو يتثاءب : جاني النوم، تعال سوق بدالي لين
نلقى لنا فندق
منصور : ال تكفى واللي يرحم والِديك ميَت أبي النوم
علي : الله ال يبارك في العُدو، كله بيوت ماهنا فندق !!
َي ظالل وأوقف عندها، ننام بالسيارة ألن
منصور : إذا مالقيت شف لك أ
طاقتي طفَت
علي : شف الجو غيم! شكلها بتمطر . . الله يرزق الرياض المسكينة
منصور : قبل كم يوم مطرت الرياض
علي : قصِدك ر َش . . !! ووقف بعدها
َهد : يالله عاد الحين نستلم تحليل مناخ
منصور تن السعودية منك وبنجلس
طول الصبح ِكذا
لك المناخ صح . . . . لحظة
علي إبتسم : والله ناقصنا يوسف كان حلَ
لحظة . . فتح ُشباك منصور ليقف عند إحدى الرجال : السالم عليكم
أخوي
:وعليكم السالم
علي : وين نلقى فندق قريب؟
َف : فيك الشارع يمين ثم بتَل سي
َف من َك سيدا لين يل
َوار ل
خل دا بتلقى د
عنده يسار وبيوضح لك فندق بنهاية الشارع
علي : مشكور ما تقصر . . .
في الرياض بمثل هذا الوقت كان يوسف جالس بسيارته ينتظرهم وعيناه
ُمتعبة تُغطيها النظارة الشمسية، ومع ُطو ِل إنتظاره بدأت أفكاره تنشغل
ال
َي لم ترى فيني إال زو ًج
قلبه. ه
ِ
بلسع ا مؤقتا من السهل عليها أن تنف ِصل
َي أن أدفنُها، وإذا دفن ُت
عنه، وأنا لم أرى بها إال حياةً من الصعب عل
َ
أرضها كيف أهدُم سماءها؟ كيف أتجاهل آثا ُرها الباقيَة في قلبي؟ وكيف ألم
ال ُحطام الذي خلفتهُ وأنساها؟ تُمارسين يا ُمهرة معي أش ُد انواع العذاب، ال
ِر أدِري كيف ا ك من أجل الدفاع عن أفكار
ستطع ِت أن تحملين ذنب غي
والدتِك وأنا؟ من يُدافع عن قلبي؟ أنا الذي رضيتُك قناعتي بهذه ال ُدنيـا،





َما حا ولنا أن نُعتمك،
وأن ِت البسيطة النا ِعمة التي كان النُور يق ُف بعين يها كل
ولكن ِك اآلن ترتضين بهذه العُتمة؟ وأنا الذي عهدتُ تقم ُع الظالم ِك قويَة
بيد يها؟ أين العهُد؟ وأين ميثاقه؟
دخلت أم فيصل : السالم عليكم
يوسف : وعليكم السالم ورحمة الله وبركاته
ريف بشقاوة قفزت لتجلس بين الكرس ييَن األماميَان وتنظ ُر ليوسف، إبتسم
لها وهو يقبَلها ويستنشق رائحتها الجميلة : كيف ريف ؟
ريف تُقلد نبرة الكبار : الحمدلله
أم فيصل بهدوء : ريف . .
يوسف : خليها عندي . . شلونك يا أم فيصل ؟
أم فيصل : بخير الحمدلله
ركبت هيفاء . . السالم عليكم
يوسف : وعليكم السالم . . . أجلس ريف بجانب هيفاء في األمام : ال
تتحركين
ريف التي تحتضن عروستها الصغيرة: طيَب
حرك سيارته ُمتج ًها إلى المستشفى، وبظر ِف زم ٍن قصير ركنها في
األماكن المخصصة. ن َزل ويِده تُمسك بيَ ِد ريف ومن خلِفه هيفاء و أم
فيصل، صعَدا للطابق الذي يحتوي على جناحه .
صادفه الدكتور الذي أصبح صديق يوسف من أحاديثهم المكررة : يوسف
..
إلتفت عليه : صباح الخير
ُ الدكتور : صباح ا و
لنور . . عندي لك خبر حل
يوسف : ب َشر
َونا خلصنا من
الدكتور : فيصل فتح عيونه وصحى، حتى تكلم معانا . . ت
فحصه وتأكدنا من وع يه التام بكل األمور اللي حوله. .
لت
أبتهلت عي ُن والدتِه المتلهفة له، يا رحمة الله التي ال تتركنا أب ًدا، وحين قُ
ـ يالله ال أقدر على رؤيته مري ًضا ـ كان الجواب إستيقاظه، يا ـ روح أمك ـ
التي تشتاقُك كلما باعدت بجسِدك الطرق الطويلة وأبق يت قلبك حاض ٌر





معنا، يا ـ ريحة الغالي ـ و يا السعادة التي تحتضر إذا تعبت، أمُر مرضك
ليس عاديًا، هذا المَرض تنز ُف له أرواحنا و ربَك يشهُد على بكاءنا و
َصل إن ح َملت الو َجع بجسِدك و أوجعتنا به نح ُن
غرقنا، يالله عليك يا في
الذين نسك ُن صدرك ونرى الحياة بعين يك من الطبيعي أن نفق ُد توازن الحياة
بعُتمة حضورك.
يوسف رفع نظارته ليضعها فوق رأ ِسه : ياربي لك الحمد والشكر كما
ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك . . . سار بإتجاه غرفته ليفتحها
ليتبعها يوسف بإبتسامٍة شاسعة : الحمدلله على
بهدوء، ركضت ريف أوالً
َي هالوجه
َي بو عبدالله وح
السالمة . . ح
فيصل الذي يشعُر بثقل لسانِه، حاول أن يلفظها بإتزان ولكن خانه إتزانه
َمة
واكتفى بإبتسا .
ا، ً
ريف تتأمل األجهزة بإندهاش كبير وهي التي لم تدخل ُغرفة كهذه ُمسبقً
دارت حول نفسها فوق الكرسي الذي وقفت عليه : يعَورك؟
فيصل هز رأسه بالرفض دون أن ينطق شيئًا. ريف بحركة سريعة جلست
على السرير المرتفع بجان ِب رأسه بسبب قُرب الكرسي منه، أنحنت عليه
لتُقبَله أسفل عينه اليُمنى، فيصل بتعَب واضح بحركاته الثقيلة، وضع
ذراعه خلف ظهرها ليُقبَل خدها بإبتسامة ضيَقة .
اقتربت منه والدتِه وهي تُخلخل ي َدها بيِده الباردة : الحمدلله على السالمة
يا أبُوي
يوسف اقترب هو اآلخر ليحمل ريف حتى ال تُضايقه بحركتها . . قفزت
على يد يه لتُمسك بيده وتخرج معه : ه و مريض حيل وال نص ونص وال
شويَة؟
يوسف يسير معها في الممر : شويَة، بس هو كان يبي يشوفكم الحين
بنرجع له وتجلسين معه، بس قولي دايم الله يشفيه ويخليه وبيصير طيَب
ريف بشقاوة نبرتها : الله يشفيه ويخليه . . الله يشفيه ويخليه . . الله يشفيه
ويخليه . . الله يشفيه ويخليه . .
يوسف لم يتح َمل فتنة ها بين يد يه ليغرقها بقبالته :
صوتها الطفولي، حملَ
بآكلك مالي شغل





صخبت ضحكات ريف، يوسف أبعدها بإبتسامة : إذا جتني بنت بس َميها
ريف
ريف رفعت حاجب يها : ال أنت بتس َميها تهاني
يوسف بضحكة : ماشاء الله تبارك الرحمن، تتذكرين؟
ريف : إيوا قلت لي مَرة إنك تحب تهاني
وسف إبتسم : بنتي الثانية بس َم ي يها ريف، أنا بكثَر نسل األمة إن شاء الله
ريف لم تفهم كلماته : وشو نسل؟
يوسف : يعني بجيب بنات كثير وعيال كثيير . . بتصير عايلتنا كبيرة
ريف : الاااا مو حلو، بس بنت وحدة و ولد واحد
يوسف : ليه مو حلو؟ ماتبين عايلتنا تصير كبيرة؟ وفيصل يجيب عيال
كثيير بعد
ريف بغيرة : الاااااا أنت تجيب كيفك بس فيصل ال
يوسف بضحكة : ليه فيصل ال ؟
ي بروحي أنا وهيفا وأمي
ريف : فيصل ل
عندهُ، أجهشت عيناها الحانية بالدمع، فيصل عقد حاجب يه وتزداد صعوبة
َمه
حديثه : ي
والدته : يا عيونها . . ال تتعب نفسك بالكالم . . أنحنت وقبَلت جبينه حتى
سقطت دمعة عليه . . الله ال يفجعني بس وال أبكيك
هيفاء نزعت نقابها وهي تق ُف بنهاية السرير، كانت تنظ ُر إل يهما دون أن
تتح َدث بكلمة.
والدته : البيت بدونك ما يسوى، فقدناك كثيير
فيصل أكتفى بإبتسامة أمام مشقَة الكالم، ومالمحه تزدا ُد إصفرا ًرا
ٍن
بالش ُحوب، كان هذا أقسى ما واجههُ طوال ُعمره، أن يواجه الموت بعي
مفتوحة، وهو يُدرك أن ال رجالً من بعِده عند والدته، خاف كثي ًرا من
َصب في قلبه، أدرك معنى درويش في قوله
وح َدة تُصيب امه ومن ُحزنًا يُ
، أول ما أستيقظ في
"
وأعشق ُعمري ألني إذا م َت أخج ُل من دمع أمي
"
ٍن ودقائق يتأمل المكان دون أن يصدر
ساعات الفجر األخيرة ض َل لثوا
ٍ
َمه ـ التي بحثت عيناه لموضع
حركة ما، أسترجع األحداث األخيرة و ـ ي





يطمئن به عليها، إلى أن دخل الممرض وتفاجئ من إستيقاظه، اقترب منه
وهو يضع يده على عين يه ليتأكد من وع يه، لم يكن يُدرك ماذا يفعل
َمه . . ليأتِه
الممرض ولكن أراد أن يرى والدتِه، همس بب َحة قاتلة : ي
صوت الممرض : الحمدلله . . خرج ليُنادي الدكتور.
أعادتهُ والدته بصوتِها ونظراتها التي تملؤوها اللهفة، أعادتهُ لواق ِعه وبترت
أفكاره : طول الليل وأنا أدعي إني ما أشوفك بحالة سيئة، الحمدلله إنك
ص َحيت وم َن الله عليك بالعافية، كل شي يهون دامك تحس فينا وباللي
حولك . .
ٍ مخنُوق، نظرات والدته تكس ُره ج ًدا وتكس ُر حتى
فيصل أحمَرت عيناه بدمع
حصون هيفاء وتُبكيها.
والدته تمس ُح مالمحه ودمعته قبل أن تسقط، إبتسمت : الحمدلله إنك بخير .
.
ٍن فيصل أغمض طويلة حتى تتز ُن محاجره وتُب َخر دمعه، فتحها
عينه لثوا
واإلبتسامة تُحيي شحوبه : الحمدلله . . . نظر إلى هيفاء الواقفة بعي ًدا
عنهما .
والدته إلتفتت عليها : تعالي أجلسي أنا بروح أشوف ريف . . خرجت
وتركتهما حتى ال تُضايقهما وبالحقيقة كانت تُريد أن ترتاح من حشد
َود أن يراها فيصل بهذه الحالة
الدموع المحتبسة بداخلها ولم ت .
اقتربت هيفاء منه وجلست بجانبِه ويد يها تتشابك بنقابها المتو َسط حضنها،
دون أن ترفع عينها الباكية له.
فيصل مَد يِده إليها.
ِمنك تُعيد هذا اإلتزان و التوازن في
ُخبرك يا فيصل بأن نظرةٌ
كيف أ
رب ال تجعلني أراه حزينًا أو تعي ًسا أب ًدا، ال قُدرة لي على تح َم الحياة، يا ل
دموع الر َجال التي تُفقد قلبي وع يه، كيف لو كان الر ُجل / أنت! أشتقتُك
كثي ًرا، لو تدري أنني ملك ُت الك ون هذا الصباح برؤيتك، لم أفقد أملي
بشفا ِءك أب ًدا، ولكنني كنت أنتظر بلهفة أن أراك تُبادلني النظر .
َرب كفَها من شفت يه التي قبَلتها بعُمق جعل عيناها
وضعت يدها في يِده، ق
تص َب . انها ًرا من الدموع





فيصل : ال تبكين
ٍ مالح يضي ُق بحنجرتها نطقت : غصبًا عني، كنت راح
هيفاء بين دمع
أموت لو صار لك شي، كل ليلة أحلم فيك وأشوف نفس الصورة اللي
شفتها ذيك الليلة يوم كنت على األرض ودَمك يغرق فيك، خفت! . . من
إني أفقدك! وخفت على أمك بعد . . .
فيصل ش َد على ي َدها وكأنه يُريد أن يُخبرها بأنه ـ بجانبها ـ دائِ ًما، أراد أن
يتحدث بكلما ٍت كثيرة ولكنه صوتَه الضعيف ين َدس بصدره.
هيفاء : الحمدلله إنك بخير . . الحمدلله، أمس كنت أب ِكي ألنك ما تحس في
وجودي واليوم تكلمني! وش كثر سعادتي فيك يا فيصل
فيصل بلع ريقه بصعُوبه وهو يُغمض عين يه من ح َدة حنجرته الجافَة، هيفاء
شعرت به : ال تقولي شي، يكفيني أشوفك ويارب تقوم لنا بالسالَمة
،
تقلب كثي ًرا وهو يحاول العودة إلى النوم ولم يست ِطع، وقف وأخذ هاتفه
ليخرج من الغرفة، اتصل على ياسر الذي تح َدث معه في بداية عالج
تُركي : السالم عليكم
ياسر : وعليكم السالم . . مين معاي؟
عبدالمحسن : عبدالمحسن خالد آل متعب
ياسر : يا هال والله . . بش َرنا عنك ؟
عبدالمحسن : بخير الحمدلله . . أتصلت عشان أتطمن على حالة تُركي
ياسر : تُركي من أسبوع هو بالسعودية
ًوا؟
عبدالمحسن لم يتوقع وال للحظة أن ما رأته الجوهرة حقيقة : عف
ياسر : تُركي عندكم
عبدالمحسن : كيف يطلع بدون إذن مني؟
ياسر : با بو ريَان ماعاد له حاجة بالجلوس أكثر، أنا بنفسي حجزت له
تذكرته وعلى مسؤوليتي





عبدالمحسن بغضب : فيه قوانين بالمستشفى صح كالمي وال غلطان؟
ياسر : تُركي عرف غلطته ومحتاج وقفتك ويَاه الحين
عبدالمحسن : بس ماكان الزم يطلع بدون علمي
ياسر بهدوء : أعتذر منك لكن أنا سويت اللي شفته صح، راح أرسلك
رقمه الجديد الحين وأتمنى أنك تكلمه
عبدالمحسن بعصبية أغلق الهاتف دون أن يُجيب عليه بكلمة، إتجه ناحية
ُغرفة الجوهرة ليفتح الباب بهدوء ويط َل عليها، كانت نائمة بهدوء وسكينة
ال يُزعزعها شيء، اقترب منها لينحني بقُبلة رقيقة على رأسها، أبعد
شعرها المبعثر من وجهها وض َل يتأملها لوق ٍت طويل حتى خ َرج .
نظر إلى شاشة هاتفه التي تُضيء برسال ٍة جديدة، نزل لألسفل متج ًها إلى
المجلس الخارجي.
ٍن طويلة يتأمل الرقم دون أن يضغط عليه، ثانية تلو الثانية حتى
جلس لثوا
اتصل، أتى صوتُه الضيَق : ألو
عبدالمحسن لم يظ َن أب ًدا أن صوته العائد يُقيم الحنين في قلبه : السالم
عليكم
طال صم ُت تركي بعد أن سمع صوته، حتى نطق : وعليكم السالم
عبدالمحسن : الحمدلله على السالمة
في نبرته : الله
كانت إجابات تُركي ال تجيء سريعًا، كانت الربكة واضحةٌ
يسلمك
عبدالمحسن : وينك فيه؟
تُركي بلع ريقه بصعوبة : بفُندق
َي فندق؟
عبدالمحسن : أ
َرب لكم بشي
تُركي : ليه؟ . . والله ماني مق وبطلع من حياتك كلها
عبدالمحسن : أبي أشوفك
َرب لكم! وإذا
تُركي برجاء : عارف وش بتسوي! لكن والله ما عاد راح أق
تبيني أطلع من الشرقية بكبرها راح أطلع وأروح أل َي . . مكان ثاني
عبدالمحسن : تُركي! قلت أبي أشوفك . . أرسلي العنوان بسرعة، بنتظرك
دقيقتين وأشوف العنوان عنِدي . . أغلقه وضاق قلبُه بصوتِه المتو َسل الذي





يظن بأنه سوف يتعَر ُض له.
،يُتبع
ٍر لذيذ ل ُروحه
ِن أمامهم، إبتسم بإنتصا
دخل رائِد ومعه آسلي ليتو َسط المكا
َس أمامهم : طبعًا عشان أضمن
وهذه الضربة التي ستق ُصُم ظهورهم، جل
حقي بعد، راح أوقَعكم ولو حاولتوا تغدرون فيني بطلَع هالورقة وأقول
شوفوا! حتى ُهم شركاء معي . .
عبدالرحمن عقد حاجب يه : وين ناصر؟
رائد إبتسم بإستفزاز : بالحفظ والصون ط َمن قلبك . . بس نخلص
إجراءات عقدنا باألَول
آسلي ذو المالمح العربيَة ُرغم بيا ِضه الذي يمي ُل للشقَار، دون أن ينطق
كلمٍة واحدة فتح الملفات ووز َع األوراق على الطاولة، نظر سلطان إل يه
بنظرا ٍت متفح َصة ُمدققَة.
دخل فارس،و نظر إلى والِده بنظرةٍ أراد أن يُنفذ بها رجاءه بأن ال يضرهم
و جلس على ال ُكرسي الذي خلف مكت ِب رائد.
رائد يُمسك القلم ويوقَع على الورقة تلو الورقة، واإلبتسامة ال تُفارق
محيَاه، رفع عينه لعبدالمجيد : ُدورك
عبدالمجيد بإستجابة ألمره، إتجه إليه وأخذ األوراق ليوقَعها، وضعها على
َي هم يُشغل تفكيره
الطاولة ليأ ِت الدور على عبدالرحمن الذي ال يدري بأ
ومن كل جهة يهجم على جسِده هم جديد، أنحنى ليوقَع ويشترك بعملي ٍة
ُمحرمة قانونيًا.
ُم أخذ س همة، رمى القلم
لطان القلم منه و وقَع هو اآلخر كشري ٍك في هذه ال
على الطاولة ليُلقي بنظرةٍ متو َعدة في وجه رائد.
رائد بإبتسامة : شرفتوني يا ُشركائي، مدري من دونكم وش كان راح
يصير !!
عبدالعزيز ُدون أن يُبالي بما يحدث : وين ناصر؟





رائد : نا ِصر؟ . . بيجيك ال تخاف
عبدالمجيد بح َدة : رائد! طلَع ناصر
رائد بضحكة : قلت لكم بيطلع! ه َدوا . . بعدنا ما تناقشنا ببنود إتفاقنا
عبدالرحمن : ما عاد باقي بيننا كالم! طلَع ناصر بسرعة
عبدالمجيد نظر إلى آسلي بنظرةٍ أثارت الريبة في نفس رائد، آسلي وقف
وهو يُلملم أوراقِه، اقترب من رائد أكثر وهو يُسقط ورقة بجانب قدِمه،
ِره، بحركٍة ُمخاِدعة كان يُريد أن يدخل هاتفه
أنحنى ليأخذها ويقف بجوا
بجيبه ولكن سحب السالح من حزامه و وضعه على رأس رائد.
فارس وقف بصدَمة، تبعتها نظرات سلطان وعبدالرحمن وعبدالعزيز أما
عبدالمجيد فكان ينتظ ُر هذه اللحظة.
ُملتصقة برأسه، كل رجاله الذين
رائد تجمَدت مالمحه أمام فوهة السالح ال
حوله أخر ُجوا أسلحتهم المو َجهة إلى ـ آسلي ـ
رائد بح َدة مو َجهة لرجاله : وش تنتظرون؟
َرب
قاسية : لو ق
آسلي ش َده من رقبته أكثر وبلكن ٍة نجديَة صدمتهُ صدمةً
واحد منهم ماراح يحصلك خير
تجمَدت نظرات الجميع عندما ض َجت مسامعهم بنبرته العربيَة، لم يتوقعوا
وال في الخيال أن ـ آسلي ـ خدعـة.
فارس اقترب غير ُمباليًا لتأ ِت صرخة والده : أبـــعـــد
فارس بعُقدة حاجب يه : ماراح أبعد . .
عبدالمجيد : فارس
فارس بصراخ إلتفت عليه : ما قلت لي إنه بيصير ِكذا!!!
عبدالمجيد : وأنا عند كلمتي . . فارس أب ِعد
فارس : ماراح أبعد . . اقترب ب ُخطاه إلى والِده، بنظرا ٍت حادة من ـ آسلي
ـ : إذا تبي سالمة أبوك أب ِعد
َي والِده بنظرا ٍت أراد أن يسح ُب بها
َوة، نظر إلى عين
وقف بال حو ٍل وال ق
روح والِده ويحبسها بداخِله، أراد أن يقتب ُس هذه النظرات من عين يه
ويضعها في جيب قلبه .
عبدالمجيد : سنين وسنين وإحنا نحاول نوقِفك، كان الزم تعرف إنه العدالة





راح تُقام في يوم وإنه لذتِك ماراح ت ُدوم
رائد : شايف كم شخص حولي؟ بغمضة عين راح تنتهون بدون ال تثيرون
شفقتي
عبدالمجيد : وبغمضة عين راح تنتهي بعد . . عبدالملك . .
َي تعرض أو حركة من
عبدالملك ) آسلي ( : بهدوء راح تمشي قدامي وأ
أحد رجاِلك راح يعَرضك للموت ماهو للخطر بس!! مفهوم كالمي؟
ض َج صو ُت سيارا ِت الشرطة المحا


إعدادات القراءة


لون الخلفية