الفصل 99

األول لينظ ُر للمكان الخالي تما ًما، إلتفت للحارس ولم يراه، ولم يُكمل
إلفاتتهُ الثانية إثر الضربة التي أتت على رأسه وأسقطته، . . . .
،
َهك من هذه العمليَة الصعبة،
الدكتور المن
ِ
خرجت شم ُس الرياض بخ ُروج
اقترب منه منصور ومن خلفه والِده ا ساعة : ب َشر يا دكتور
لذي أتى منذُ
الدكتور : إحنا سوينا اللي علينا حاولنا أننا . . . .
،
نزلت للطابق األول بتع ٍب وإرهاق، لم تأكل شيئًا طيلة األمس، وضعت
ي َدها على بطنها إثر اإلضطرابات التي تشعُر بها، تنهَدت بعُمق بـ " يا رب
" إتجهت ناحية المطبخ لترتَد الجوهرة إلى الجدار حتى ضربت ظهرها
َوة بال تفكير، شهقت من الذي تراهُ أمامها لتـ
بق . . . . .





أنتهى نلتقي الجمعة إن شاء الله + راح أحاول بكل ما أقدر ينزل بنصف
هاألسبوع بارت عشان نتفق على موعد الختام() $:
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِّط علينا
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسِل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
السالم عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة()





رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!
الجزء )٣٢)
المدخل لفاروق جوي َدة :
َب.. جرحي من يداويه.
ال تذكري األمس إني عش ُت أخفيه ..إن يَغفر القل
قلبي وعينا ِك واأليام بينهما ..در ٌب طوي ٌل تعبنا من مآسيه..
ِق القلب كيف العمر نرجعه
إن يخف ..كل الذي مات فينا.. كيف نحييه..
الشوق درب طويل عشت أسلكه ..ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه..
جئنا إلى الدرب واألفراح تحملنا ..واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه..
مازل ُت أعرف أن الشوق معصيتي ..والعشق والله ذنب لس ُت أخفيه..
..كيف انقضى العيد.. وانقضت لياليه.. يعاتبني
قلبي الذي لم يزل طفالً
يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني ..كيف انتهى الحلم باألحزان والتيه..
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا ..عدنا إلى الحزن يدمينا.. ونُدميه..
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني ..قد يُصبح الكهل طفالً في أمانيه..
أشتاق في الليل عطرا ..ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه.. ً من ِك يبعثني
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه ..ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه..
يا فارس العشق هل في الحب مغفرة ..حطم َت صرح الهوى واآلن تبكيه..
الحب كالعمر يسري في جوانحنا ..حتى إذا ما مضى.. ال شيء يبقيه..
عاتبت قلبي كثيرا ..و ُعمُر َك الغ ِّض بين اليأس تُلقيه.. ً كيف تذكرها
في كل يوم تُعيد األمس في ملل ..قد يبرأ الجرح.. والتذكار يحييه..
إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه .. فيه
مازل ِت والله نبضا .. ً حائراً
أشتاق ذنبي ففي عيني ِك مغفرتي ..يا ذنب عمري.. ويا أنقى لياليه..
ماذا يفيد األسى أدمن ُت معصيتي ..ال الصفح يجدي.. وال الغفران أبغيه..
إني أرى العمر في عيني ِك مغفرة ..قد ضل قلبي فقولي.. كيف أهديه





بالنسبَة لمو ِعد النهايـة، إن شاء الله أن البارت األخير راح يكون بتاريخ
ِريل يوم الخميس بإذن الله الساعة ٢ بليل أبغى الكل يكون مجتمع
٨٥ أب
عشان نختمها على خير مع بعض$:
هذا يعني أننا راح نتوقف األسابيع الجايَة ألن النهاية ماراح تكون بارت
وبس؟ بتكون أكثر من بارت بإذن الله.
نقدر نقول أنه هذا البارت قبل األخير ، + قراءة ممتعة.
نزلت للطابق األول بتع ٍب وإرهاق، لم تأكل شيئًا طيلة األمس، وضعت
ي َدها على بطنها إثر اإلضطرابات التي تشعُر بها، تنهَدت بعُمق " يا رب "
َوة بال
إتجهت ناحية المطبخ لترتَد إلى الجدار حتى ضربت ظهرها بق
تفكير، شهقت من الذي تراهُ أمامها لتسقُط ي َدها من على بطنها، نظرت إلى
، في جهٍة ُمقابلة لها كانت عين يه تلم ُع
عين يه بمالمحٍ شاحبَة تفق ُد " الحياة "
ُمقابلة بوضوح.
بالرجاء، كانت عين يه أقسى من ال
تُر ِكي بهمس : الجوهرة
الجوهرة ه َزت رأسها برف ِض ما تراه/الحقيقة، أعتلت ي َداها لت ِصل ألذن يها،
هذا الصو ُت يؤذيني يالله، هذه النبرة " خطيئة " كيف أتجاوزها؟ تتك َسر
ريد دفن ما حدث بالماض
ُ
الحياة يالله وال يُرمَمها في عيني أح ًدا، أ ي ولكنني
بمن يُقابلني اآلن، الخيبات تُفقدني ذاتي،
ُ
َمة شقاء ال يُفارقني يبدأ
ال أنساه، ث
تهَز الساكن في يساري، كانت المَرة األولى ل َك يا تُركي، والمرةِ الثانية
ُموت من حرقة صدِري
فقدتني تما ًما عندما تخلَى عني سلطان، أنا أموت! أ
وبُكاءي .
تُركي دون أن يقترب منها، أبتعد للخلف أكثر، أضاءت محاجره بالدمع،
ٍر موجع : أكرهك . . . أكرهك . . . أكره
رفعت عين يها إليه لتُر َدد بتكرا
إسم العايلة اللي تجمعني فيك . .
تُركي برجاء يُقاطعها : ال تسوين ِكذا
الجوهرة بصراخ أستنزف صوتها حتى ج َف بالب َحة : الله يحرقِك بناره . .
الله يحرقك وينتقم لي منك
تُركي سقطت دمعته بضيق صوته : ال تدعين..





الجوهرة ببكاء صرخت : يبـــــــه. . .
تُركي بتو َسل : ال ُجوهرة
َوة من صرخة الـ " آه
ال ُجوهرة بإنهيار وضعت يدها على بطنها لتضغط بق
" التي ض َجت أركان البيت.
موجعة من بين شفت يها : آسف
"
" آٍه
تُركي سقط بنهِر دمعه على
ال ُجوهرة بدمِعها المالح المضطرب : وش تر َجع لي آسف؟ بتر َجع حياتي؟
بتر َجعني لنفسي؟ . . وش تهَمني آسف؟
َي شي ثاني
تُركي : آسف ألني حبيتك أكثر من أ
الجوهرة بنبرةٍ تنخفض تدريجيًا بضبا ِب رؤيتها : ما أنتظرت منك شي! ما
أنتظرتِك تعتذرلي، مين تكون عشان أنتظر إعتذاره؟
تُركي : ما أبي أأذيك والله ما أبي أض َرك
ال ُجوهرة : وش بقى ما ض َريتني فيه؟ . . يكفي! يكفي تكذب على نف ِسك
َي
وتحاول تكذب عل !!!
تُركي : بس أنا . . .
تُقاطعه : منك لله
بكاءها ليهبِط بِو َجع، غ َصت بالدمع لتتراجع ب ُخطاها
ِ
أرتفع صدرها بخشوع
" التي تسك ُن رح َمها
للخلف، تجاهلت كل أالِم بطنها، تجاهلت " الروح
لتهرول سريعًا صاعدة الدرج، دخلت غرفتها لتغلقها أكثر من مَرة وهي
ٍن يؤِذي
َف المفتاح بطريق ٍة مبعثرة، وضعت ي َدها على صدرها لتب ِكي بأني
تل
كل من يسمعها،
ال أتو َهم! عاد ليُحرق ما تبقى مني، كيف أعيش بين هذه ال ُجدران وهو
ينظ ُر إلى نفس السقف؟ أنا التي أنتقم ُت منك في الب َكاء لله، كيف أتعاي ُش
معك؟ لو تعلم كيف ُحزنِي ال يُغادرني وأنَك سببه، لو تعلَم بأن الحياة فلتت
من يِدي ألنك / عمي، لم أ ُكون عروس لسلطان كما ينب ِغي ولم أكن صبيَة
ألبي كما يفترض، دائِ ًما ما كان شعُور الفُقد يواجهني، فقد ُت قدرتي على
الثرثرة طويالً، السهر حتى الصباح بضحكا ٍت ال تنتهي، الجنُون الذي
يعرفـهُ بحر الشرقيَة وشاطئها، فقد ُت قدرتِي تما ًما على العيش كصبيَة
هواها شرقِي.





في جهٍة أخرى، وقفت بتوتر : إال صرخت! سمعتها يا عبدالمحسن والله
عبدالمحسن هرول سريعًا خار ًجا من غرفته، إتجه ناحية غرفتها، طرق
الباب لي ِصل إليه بكاءها : يبه الجوهرة أفتحي الباب! . . . الجوهرة. . .
والدتها : الجوهرة تكفين أفتحي ال تخوفينا . . .
وقفت لتفقد سيطرتها على ُخطاها، أضطربت حتى وقعت بش َدة على
األرض، و َصل صو ُت وقوعها إلى قلوبهم التي أرتجفت قبل أسماعهم،
عبدالمحسن صرخ : الجوهـــرة!!!!! . . . . . أبتعد للخلف ليدفع بجسِده
ناحية الباب، كرر الحركة حتى أنفتح الباب وضرب بجسِدها مرةً أخرى،
جلست والدتها سريعًا بجانبها، مسحت على وجهها : الجوهرة . . حبيبتي
عبدالمحسن بضيق يُبلل يد يه بالمياه الباردة ليمسح على مالمحها الشاحبَة،
عقد حاجب يه : يبه الجوهرة . . . بسم الله الذي ال يضر مع إسمه شيء في
األرض وال في السماء وهو السميع العليم . . . الجوهرة
تق َدم ريَان ب ُخطاه ليتج َمد أمام المنظر، وقف والِده ليُردف : بشيلها . . .
أنحنى ليتصل هره عندما وضع يِده خلف ركبت يها وتبللت بالدماء، َب ظ
والدتها بخوف إرتجفت شفت يها : تنزف ؟
عبدالمحسن إلتفت لينظر لريَان : ج َهز السيارة بسرعة . . . . ركض ريَان
نحو جناحه، خرجت ريم من الح َمام وهي تُخلخل شعرها المبلل بأصابعها،
نظرت إليه بإستغراب ُدون أن تنطق بشيء وهي تُراقب خروجه المرتبك،
سحبت مشبك الشعَر لترفع به خصالتها، خرجت لتُصادف أفنان : وش
صاير؟
أفنان بمالمحٍ متوترة : الجوهرة أغمى عليها
ريم : بسم الله عليها ما تشوف شر . . يمكن عشانها ما كلت شي !
أفنان بضيق جلست على الكرسي : الله يستر ال يصير فيها شي وال اللي
في بطنها
ريم : ال تفاولين عليها! إن شاء الله مو صاير شي! تلقينه عشان قلة األكل
. . . . تنهَدت لتنزل لألسفَل، إتجهت ناحية المطبخ لتأ ِت بكأس ماء ألفنان،
م َشت ب ُخطى ناعمة هادئة وهي تغرق بتفكيرها، فتحت الثالجة لتقف
متجمَدة في مكانها وهي تستنشق رائحة العطر الرجاليَة الصاخبة، بلعت





ِي
ريقها المرتجف لتلتفت، بصو ٍت مهتَز : آتـ . .
دخلت الخادمة إلى المطبخ بعين يها النا ِعسة : هال ماما
ريم : فيه أحد جا اليوم؟
آتي : أنا الحين فيه يصحى
ريم أخذت نفس عميق وهي تُخ َمن صاحب هذه الرائحة، ليس ريَان بالطبع
وال واِلده، سكبت نصف قارورة الماء في الكأس لتقترب من النافذة طلَت
على الفناء الخارجي للمنزل وأفكارها تتبعثَر من إغماءة الجوهرة و
صاحب هذه الرائحة.
صعدت ألفنان، مَدت لها الكأس : أشربي
أفنان : شكرا
ريم : العفو . . . أفنان بسألك وين طاحت الجوهرة؟ بالمطبخ؟
أفنان عقدت حاجب يها : ال، بغرفتها
ريم : يعني ما نزلت ؟
أفنان : ال ما أتوقع! أكيد ما كان فيها حيل تنزل
َو ش َميت عطر رجالي بالمطبخ وقلت يمكن سلطان جاء أو . .
ريم : ت
مدري
أفنان : سلطان!!! مستحيل وش يجيبه! وبالمطبخ بعد . . يمكن ريَان
َهد : عسى أحد بس يطم
ريم استسلمت من التخمينات لتتن نَا
،
الدكتور : إحنا سوينا اللي علينا حاولنا أننا نعَوض فقدانه للدم، لكن نزف
كثير
منصور بضيق : يعني؟
الدكتور : األمر بيد الله، تعَرض قلبه لمضاعفات كثيرة أثناء العملية، راح
ننقله للعناية المر َكزة و أسأل الله أن يشفيه
عبدالله : اللهم آمين . . شكرا يا دكتور
الدكتور : العفو واجبنا . . . تركهم بض َجة قلقهم و ُحزنهم.





منصور إلتفت : وش نسوي الحين؟ كيف نقولهم؟
َهد : أنا رايح لهيفا . . الله يعين أميمته كيف بنقولها
والده تن
منصور عاد للمقا ِعد، جلس ليرفع عينه لوالده : أنا بجلس عن َده أخاف
يصير شي . . على األقل يكون أحد موجود
والده يربت على كتِفه : وال تنسى تط َمني . . . فمان الله . . . خرج متنهَدا
بحزنه.
ٍق ال تهواه ساقه، رفع عينه لسماء
َوة من ُخطى ذابلة على طري
الق
يشحذُ
ُمشِرقة و الس ُكون يحفَها في ساعات الصباح األولى، يالله ال
الرياض ال
تُفجعنا به وصبَر قلب والدته، يالله ال تفجعها به.
َرد صداها، نظرت ليوسف لتتسع
في جهٍة بعيدة بدأت بالقفز وضحكاتها يُ
إبتسامتها : يُو يُو
َمد يِده و هيفاء نائمة عليه، همس : تعالي
إبتسم يوسف لها لي
ريف ركضت نحوه لتُقبَل خده : ما جيت زمان!!
يوسف : هذا أنا أشتقت لك وجيتك وكنا ننتظرك تصحين أنا وهيفا بس هي
نامت وخلتني
ريف : بروح أص َحي فيصل وأنت ص َحي هيفا
يوسف : فيصل ص َحى وراح لشغله وبيجينا . . قولي لماما أني موجود
هنا
ريف إبتسمت لتركض ب ُخطاها نحو األعلى : ماما . . . ماما . . . دخلت
عليها لتجلس بجانبها على الس َج مت ادة، تنظ ُر إليها بطريقة تأمليَة، سلَ
والدتها من صالة الضحى : صحى فيصل وهيفا ؟
ريف : ال يو يو جاء
والدتها بحرج : ريف كم مرة أقولك عيب تقولين يويو !! إسمه خالي
يوسف
ريف بضحكة عميقة أرغمت والدتها على اإلبتسامة : أنا مو عيب حتى هو
يقول
والدتها : يعني عاِدي تقولين لفيصل فوفو
ريف ضحكت لتُردف : ال فوفو حق بنات بس هو صديقي





والدتها : طيب الكالم معاك ضايع . . . هو وينه؟
ريف : جالس تحت و هيفا نايمة
والدتها بإستغراب : نايمة تحت؟
ريف ه َزت رأسها باإليجاب لتُردف والدتها : وفيصل؟
ريف : راح
والدتها تنهَدت لتقف، نزعت جاللها لتمَده لريف التي رتبته بطريق ٍة سريعة
ووضعته فوق السجادة، إبتسمت والدتها : عفيَة على بنتي . . . خلينا ننزل
أكيد الشغالة ما ح َطت لهم شي
ريف تمَد يد يها بإتساع : بنسوي كيكة ِكذا ُكبرها
والدتها : نسَوي كيك ليه ما نسوي! تآمر بنت القايد
نزلت لألسفل لتتجه للمطبخ بخفُوت، عادت ريف إلى يوسف : ماما بتسوي
لنا كيكة كبييرة . . أنا قلت لها
ُمتعب من السهر : شكرا كبيرة
يوسف بإبتسامة تُناقض وجهه ال
َمد يدها الصغيرة على جبين هيفاء : هيَا تعبانه؟
ريف جلست بجانبه لت
يوسف بلع ريقه بتوتر : ريف . . ممكن تجيبين لي مويا
ريف وقفت : طيب. . .
ب ُمجرد أن غابت ريف عن عينه، همس : هيفا . . هيفا أصحي
فتحت عين يها على مالمحه، ثواني حتى تستوعب لتفَز وتجلس : أتصلوا؟
يوسف : ال . . . صحت ريف وأم فيصل . . مو زين تشوفك ِكذا وتنفجع
َي
َوي نفسك شو
بولدها .. ق
َمد كأس المياه بعين ين مستغربت ين من حال هيفاء المبعثر
أتت ريف لت
وعين يها التي تُحيطها هالة من السواد بسبب البكاء/الكحل .
أخذ الكأس ليمَده لهيفاء : أشربي . .
َي ريف ب َكت محاج ُرها، يوسف
شربت القليل منه ولحظة وقوع عيناها بعين
برجاء : هيفا
ريف : ننادي فيصل عشان ما تبكين ؟
أخفضت رأسها لتُغطي مالمحها بيد يها وهي تجه ُش بالبكاء من إسِمه الذي
يعب ُر لسانها ببراءة، أنقبض قلبُها بش َدة اإلسِم الذي تفق ُد صاحبه، كان سهالً





علينا يالله لوال هذه األسماء التي تُبعثرنا، التي تُطيل الو َجع في قلوبنا كلما
قِدر على ضماِده
َ
مَرت أمامنا، مقط ُع . إسِمك في هذه اللحظا ِت / ألم ال أ
كيف نمن ُع ور أمامنا بهذه الصورة المؤذية؟ كيف نُس ِكت إسمك من العب
َصل كيف يضطر ُب بنا الحال ب ُمجرد أن
الحناجر من نطقه؟ لو تعلم يا في
تغفو عيناك بمر ٍض نجهله! لو تعلم فقط أننا نشتاقُك اآلن وال نحتم ُل
غيابك، حتى ريف يا في ِصل تُريدك بطريق ٍة ما، تُناديك بطريقتها، أحتا ُجك
" عشان ما أبكي."
َهد يوسف : ال حول وال قوة اال بالله
تن . . .
ريف تجعَد جبينها الناعم بإستغراب : يويو . .
َي عشان ِكذا تبكي . . صح هيفا؟
يوسف رفع عينه إليها : هيفا تعبانة شو
ُمضب َب
فقدت قدرتها على الحديث وهي ال تنظ ُر لشيٍء سوى البكاء ال
لرؤيتها.
ريف جلست بجانبها لتدمع عين يها : قولها ال تب ِكي. . !
يوسف مَد ذراعهُ خلف كتف يها ليسحبها إل يه، حاول أن يمتَص هذا ال ُحزن
بعناقه، همس : أشششش! خالص ق َطعتي قلبي معك . .
ريف التي لم تفهم معنى الكلمة جي ًدا نطقت : توجع قلبهم صح ؟
يوسف بإبتسامة : ال الحين هيفا بتقوم وتمسح دموعها و تساعد ماما بعد .
.
وقف ليمَد يِده إلى هيفاء : قومي معي غسِلي وجهك من هالب ِكي
مسكت يِده ليش َد عليها ويوقفها، توجه معها للمغاسل التي أمامهم، أتكئ
على الجدار لينظر إليها وهي تُبلل مالمحها بالمياه الباردة : ال تسوين في
افيته!! تعَو نفسك ِكذا! هالب ِكي ماراح يعيد له صحته وال ع ذي من الشيطان
يك قوية مثل ما أعرفك . . يالله
وال تنهارين وتفجعين أمه الحين . . . خلَ
يا هيوف ال تضيَقين صدري عليك
هيفاء أخذت نفس عميق : طيب
يوسف إقترب منها ليُقبَل جبينها : الله يصبَرك ويشفيه . . . روحي ألمه
ومهَدي لها الموضوع . . وأنا بجلس مع ريف
أخذت خصلة وا ِحدة لتربط بها بقية شعرها، إتجهت ناحيَة المطبخ، رفعت





أم فيصل عينها بإبتسامة ُسرعان ما تالشت عندما رأت مالمحها الشاحبة
ومحاجرها المح َمرة، تق َدمت إليها وبردة فعل إنفعالية: بسم الله عليك . .
وش فيك؟ صاير لك شي؟ مضايقك فيصل بشي؟ ال يكون قالك كلمة من
َو ريف تقولي أنه راح لشغله! أكيد
هنا وال هناك وتحس َستي منها؟ ت
مضايقك! أسمعيني هيفا يا يمه تلقين فيصل ما يقصد، خليه يرجع وأعطيه
كلمتين بالعظم أخليه يعتذر لك! كل شي وال زعلك يا بنت عبدالله . .
هيفاء ب ُمقاطعة تسق . . ! ُط دموعها مرةً اخرى : ال يا خالتي مو ِكذا
أم فيصل : أجل؟ وش مسوي فيك؟
َي . . . جلست على ُكرسي طاولة الطعام
هيفاء : خالتي إجلسي شو
البسيطة التي تتو َسط المطبخ، ضغطت هيفاء على يداها وهي تجل ُس على
األر ِض حتى تُح َدثها، شحذت نبرتها كي تتزن : أمس ح َصل حادث وما
بغينا نخَو . . فك ألنه
أم فيصل : حادث أيش؟
َرت تما ًما
هيفاء بتوتر عميق تأتأت، فقدت زمام الكلمات و تبعث .
أم فيصل : تكلَمي! وش صار؟ . . فيصل فيه شي
هيفاء بغ َصة تُضيَق على صوتها : آآ . . إن شاء الله مافيه اال كل خير
أم فيصل بنظرا ٍت خافتة تترقب : ماني فاهمة شي . . ولدي فيه شي يا
هيفا؟
هيفاء أخذت نفس عميق : بالمستشفى . .
َي أثقلها الدمع، نظرت لمالمح هيفاء
َسها بعين
صمت ت، سكنَت حوا
الشاحبَـة/الباكيـة، ليزداد دمعُها توه ًجا في محاجرها، يتحر ُك عنقها بإنحنا ٍء
األم التي يهزمها تع ُب أحد أبناءها
بسيط تسق . ُط به دمعةً
قلبي يرتجف! ال أريد أن أفقد رائحة إبني وال صوتُه وال ضحكِة شفا ِهه،
ُك يالله قلبًا قويًا يحتم ُل هذا البكاء في صدِري، قلبًا قويًا ال يكس ُره تع ُب
أسأل
فيصل .
َي تائهة
َصل، بعين
َي أم في
هيفاء أخفضت رأسها ليُالمس جبينها ركبت
وضعت يدها على رأس هيفاء، تما ًما مثل ما وضعتهُ قبل مَدة على رأسه
والله يا يمه
"
ي
عندما تو َسل إل يها أن تُسامحه، مازال صوتُه يض َج ب





، يا فيصل أنت من يكسرني والله ويكس ُر قلبي بتعبِه، يا
تكسرني دموعك "
حبيبي أن ت.
همست : مين عنده ؟
رفعت عينها : منصور و أبو ي
َصل رفعت نظ ُرها لألعلى حتى تتمالك سيطرتها على الدمع المندفع :
أم في
، تبعتها
بروح له . . وقفت لتُردد في نف ِسها " ال حول وال قوة اال بالله "
َمه . . أنتظري
هيفاء لتُناديها بأكثر النداءا ِت حميمية : ي
توقفت عن السير، جلست على ال ُكرسي لتنحنِي وهي تش َد على شفت يها حتى
ال تب ِكي، تق َدمت إل يها هيفاء : ب ُشوف يوسف عشان يكلَمهم . . رحلت عنها
لتظهر شهقاتها المتتاليَة ببكا ٍء عميق، غرزت أصابعها على ركبت يها وهي
َسك، بصو ٍت يكس ُره الحزن : يا رب ال تُفجعنا به . . يا رب
تحاول أن تتما
رحمتِك بعباِدك الذين شهُدوا لك بالوحدانيَة واأللوهيَة . . .
َي تو مكلمني
و َصل صو ُت الجرس مداه ليقف يوسف : أكيد أبو . .
هيفاء تنهَدت لتتبع يوسف، وقفت عند الباب الداخِلي لتُراقب بعين يها يوسف
وهو يفتح الباب الخار ِجي، تق َدم إليه والده : السالم عليكم
يوسف : وعليكم السالم . . منصور جلس عنده ؟
والده : إيه . . رفع عينه ليُقابل بنظراته إبنته، أقترب ب ُخطاه إليها ليمَد يد يه
نقها وهو يقبَل رأسها : تعَو إليه، عا ذي من الشيطان وأحمِدي الله ما صار
له شي كايد! الحمدلله على كل حال . . أنتهت عمليته قبل ساعة تقريبًا و
ُوه العنايَة المر َكزة . . لكن حالته بإذن الله أنها تط َمن
دخل
يوسف من خلفه : الحمدلله . .
هيفاء بنبرةٍ مبحوحة : الحمدلله . . طيب يبه ما نقدر نشوفه؟
والِده : ما راح تستفيدين شي! بس يقوم بالسالمة تجينه
هيفاء : حتى أمه تبي تشوفه
يك معها وال تتركينها لحظة، هي
والده أبعدها ليمسح دمعها بأصابعه : خلَ
أكيد تحتاج لك وأنا أبوك . . وبس تستقر حالته أخليكم تروحون له . . هو
ما يحتاج اال دعواتكم وتط َمني يا عيني





،
ُ " ِك حتى ت ُكوني واقعًا
والل ِه ألتخيَل
/ . . .ال مفَر منه
يا فداء العُمِر! ما سبِق ِك لم ي ُكن . . من العُمر
ألجل ِك يا غادة !
ال ُحب؟
َ
ُسأل ِلم
كيف أ
المطر؟ . . فطرتُنا عينا ِك
َ
وهل تُسأل الس َماء ِلم
يا من تسألين عن القلب! عج ٌب سؤال الذا ِت عن الذا ِت"
ُطق بكل ُحب ألخته،
إبتس م بعد أن طالت عين يه النظ ُر إلى شفت يه التي تن
رفع عينِه : ما يحتاج تتخيَل هي واقعك أصالً
غادة ضحكت لتح َمر وجنت يها، ع َضت على شفتها السفليَة وبخفُوت : ليه
تقولها قدامه؟
عبدالعزيز يشر ُب من كأس العصير ليُردف ُدون أن ينظر إليها ويزي ُد من
حرجها : عقبال ما تكتب فيني
نا ِصر بضحكة : يقُوِلك نح ُن لم نصبح شعراء اال من أج ِل ما فعلتهُ بنا
النساء
عبدالعزيز : ِمي غ ( = merveilleuxِ فيَ ُو! )عجيب/مذهل
غا َدة وقفت : أنا مضطرة أروح! عندي كالس بعد نص ساعة . . فمان الله
عبدالعزيز رفع حاجبه : كالس!! . . . أسند ظهِره على الكرسي لينظر
إل يها بخبث . . . طيب
َمر بجانب النافذة التي يجل ُسون بالقرب منها، نظرت
ابتعدت لتخ ُرج وهي ت
إليهما بإزرداء/غضب . . لتختفي من أمامهم.
نا ِصر : ع َص ! بت
عبدالعزيز : خواتي فيهم طبع غريب! إذا هاوشتهم ضحكوا وإذا تغزلت





فيهم عصبَوا! . . وش ذا الجينات الغريبة!!
نا ِصر إبتسم : ما تع َصب إذا تغزلت فيها لكن قدام أحد تتوتر وتع َصب! مو
قلت ِلك خلنا بس لحالنا دقيقة
عبدالعزيز : دقيقة بعدين تصير ربع ساعة بعدين تصير ساعة بعدين
َي معليش عبدالعزيز أقابلك بكرا
تصير يوم كامل بعدين تدق عل !
نا ِصر : والله يا عبدالعزيز صاير بس تتحلطم على الرايحة والجايَة! خلنا
نزَوجك
َور لي فرنسية شقرا ويف َضل إنها
عبدالعزيز غرق بضحكتِه ليُردف : د
تكون من الريف! أحب الغين حقتهم! تعرف أبي أتمَرس الحب صح على
إيدهم
ناصر : تتطنَز ؟
عبدالعزيز : أمزح! . . خلينا ال ُحب لك
ناصر : ماش! ماعندك أفكار مستقبلية
عبدالعزيز بنبرةٍ جديَة : الزم أحب عشان أفكر بمستقبلي!! خلها تجي بنت
الحالل ويصير خير
ناصر : أحيانًا أشك إنك تح َب ! أحد وماتقولي
عبدالعزيز بضحكة صاخبة : إيه هيَن! . . لو احب ما قابلت وجهك رحت
خطبتها وتزوجتها ثاني يوم بعد!!
نا ِصر : ما تتع َطل! وأنا مخليني أنتظرها لين تتخرج بس بنات الناس عادي
تتزَوجهم متى ماتبي
عبدالعزيز بإستفزاز : إيه طلع اللي بقلبك! والله عاد هذي مو رغبتي . .
رغبتها ورغبة أبوي،
ناصر : بس أنت أخوها وتقدر تقنعها مير أنت عاجبك الوضع وجايز لك
عبدالعزيز : ليه مستعجل؟
ناصر بجديَة عقد حاجب يه : صرت أخاف ما يجي ذا اليوم من كثر ما نأجل
فيه!!
َهد : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه!! ليه أفكارك صايرة كئيبة
عبدالعزيز تن
ناصر إقترب منه وبصو ٍت خافت : ذاك اليوم جتني غادة وتبكي تقول





حلمانة وخايفة
عبدالعزيز : حلمانة بإيش؟
اصر : عيَت ال تقولي التفاصيل! بس صرت أف َكر أنه هالتأجيل يض َر ن نا،
ما تحس إنه هذي إشارة لنا عشان نع َجل بالزواج
عبدالعزيز صمت قليالً حتى نطق : بكلَم أبو ي
ناصر : على األقل في عيد الفطر
عبدالعزيز إبتسم : خالص أبشر اليوم بقنعه بدل ما تنتظر سنة ثانية نخليها
في العيد!!
ُه
أستيقظ بتعَرق جبينِه من ِذكرى تعب ُث بعقله/قلبه، نظر للسقف الذي يجهل
حتى إلتقت عيناهُ بعين يه، أستعَدل بجلستِه ليتأمل المكان الذي يحاصره،
يب ُدو و لوهلة بي ٌت مهجور ال يسكنه أح ًدا منذُ سنوات، أثاث ر َث و تلفاز
مكسور، و با ٍب من حديد مل بتعد عبدالعزيز عنه بعد أن َطخ بالكتابات، أ
َهد وهو يقف
أيقظه من هذيانِه، تن .
نا ِصر عقد حاجب يه : وين إحنا فيه ؟
عبدالعزيز بح َدة يضع يِده خلف رقبته مكان جرحه الذي يشتع ُل بحرارته :
وأنا أدري عن شي؟
َود أن يدخل ب ِجدا ٍل معه
نا ِصر أخفض نظره لألرض وهو ال ي .
َي، و أو ِل ليتني لم أقولها يا عزي عيٍد لم يلحقهُ
ز! كان أسوأ عيٍد شهدتهُ عينا
فرح، ليتني بق يت على مو ِعدنا السابق الذي ُكنَا نعَد األيام له، ولكنني
تلهف ُت إل يها، للمكان الذي سيجمعنا، ع َجل ُت بمو ِعدنا حتى تبعثر كل شيء،
ضاعت منِي، حاول ُت أن أحفظها ولكنها ضاعت! نح ُن الشعراء أي ًضا نترك
ليلة الحادث وأنا
ِشعرنا من اج ِل ما فعلتهُ بنا من تُغني عن كل النساء، منذُ
ال أعر ُف أن أكتب بجديَ ٍة توازي الكلمات، كنت أظنَها ُمزحة والله، كنت
أظ َن ليلة عرسنا حد ٌث ال يحتمل النسيان، ولكنها نسيتِه و تهَدم فوق قلبي .
عبدالعزيز جلس على كرسي الخشب المتآكل لينحني بظهره ويضع رأسه
ٍة تصل ألقصى مدى في جسِده، وقف مرةً أخرى
بين يد يه، يشعُر بحرقَ
ليركل الكرسي ويُكسره بقدِمه، ضرب رأسه بقوة على ال ِجدار وهو ال





يحتم ُل هذا الغضب الذي يتصاع ُد به، س َكن جسِده ليُالصق جبينه الج َدار و
جر ٌح ينزف من جديد ال يُبالي به.
نا ِصر وقف ليقترب منه : عبدالعزيز
َي
عبدالعزيز ُدون أن يلتفت عليه، تصادم فكيَه من ش َدة التوتر : مكتُوب عل
الشقا طول ُعمري! لحد يقولي أنت اللي ماتبي تكَمل حياتِك ُعقب أهلك!
حياتي هي اللي ماتبيني ُعقبهم!!!
نا ِصر بلع ريقه من الحال الذي و َصل إليه عزيز، ج َن جنُونِه فعليًا .
َي تبح ُر ب ُحمرةِ دماءها : بس والله ماراح أتركهم! راح
إلتفت عليه بعين
انهيهم واحد واحد . . . صرخ . . راح أقلب حياتهم جحيم!!! . . من
صغيرهم لكبيرهم !
نا ِصر نظر إل يه بعُقدة حاجب يه : ما جتِك ؟
عبدالعزيز ظهرت عروقِه من رقبته المش ُدودة بغضب، ظهر بريق عين يه
الذي يفضحها الحنين، بصو ٍت ينخفض تدريجيًا : إال! . . ما كانت حلم يا
َمة هاِدئة : شفتها ، كان في
ناصر . . جلس على األرض ليُردف بإبتسا
نفسي سوالف كثيرة بس ما قلت لها! ما عرفت كيف أسولف معها؟ . .
نا ِصر
جلس أمامه وركبت يه تالصقه، أكَمل : ضايقني إني تعَو غيابها . . دت على
ناصر ش َك بأنه يغيب عن وع يه تما ًما وال يُدرك بماذا يتح َدث وأماِم من :
عبدالعزيز
عبدالعزيز نظر إلى عين يه التي تعكسه : كثييير
ناصر : أيش؟
عبدالعزيز : أشتقت . .
نا ِصر غ َص حتى ش ِحب لونُه، نظر لهزيمِة رفيقه الدنيويَة، تأمل عين يه
ِل التي تهِذي بالحني قاسيًا ولم ن ُكن نشهُد
َوجع، ُكنَا نقول ُحزن الرجا
ن/ال
عليه! إال اآلن! أصبحنَا نشهُد عليه يا عزيز ونشهُد عليك، أصبح ُت أرى
أن تر َده العزة عن خ َدك، كيف له أن يبقى في محاجِرك فقط
ِ
كيف للدمع
ليُلهبك وال يسقُط! يهَزنا البكا ِء في كل مَر ألننا ة وال يسق ُط من غصنه دمعة
ُجبلنا على الغ َصة .





:عزيز
َهد بعمق : أنا بخير! بخير . . قاِدر
عبدالعزيز بلل شفت يه بلسانِه وهو يتن
أقاوم كل هذا
ناصر : عارف إنك قاِدر، بس
عبدالعزيز بح َدة : قولها . . !
نا ِصر : آسف
عبدالعزيز إبتسم بتضاِد الشعور الذي يواجهه : تعتذر عن حزني؟
نا ِصر : يك تكون بخير
أعتذر ألني مقدر أخل ! َ
عبدالعزيز بخفُوت يتصاع ُد اإلضطراب في صدِره، أخفض رأسه : أحاول
والله أحاول! . . أقول في نفسي خلني أنسى! خلني أب ِعد! ما عاد لي عالقة
فيهم، أقول ال أنتظر منهم إعتذار وال تبرير! أقول روح ِعيش بعيييد عن
كل هالخراب! وأقول أقدر أقاوم و أنا أقوى من تهَزني هاألشياء، لكنها . .
. . . ه َزتني! وضعفت، كنت أقول ما يذبحني ح َر القهر وأنا ولد سلطان!
لكن الحين أحس . . أحس بشعور غريب،
إرتج َف ف َكه من هذه السيرة ليُكمل : كنت أح َس دايم الموت قريب مني!
لكن هالمَر !! ة أحس قلبي يضيق فيني
رةٍ حانيَة يخ ُدشها الدمع : أنا معك، . . . ضغط على ك َف نا ِصر بنب عزيز
ليُردف : قاوم عشان غادة و عشاني !
عبدالعزيز بإبتسامة إلسم ) غادة (، تألألت عيناه بنظرا ِت لها إيماءةُ فراق
َي؟
: قول إنَك ما كذبت عل
نا ِصر : ورحمة الله ما كذبت! عرفت قبل فترة، أول ما عرفت مقدرت
أقول ألحد، والله مقدرت يا عبدالعزيز، وبعدها قمت أتصل عليك عشان
أقولك! بس ما كذبت . .
ٍن طويلة حتى بدأ يهِذي بوعيٍ يغيب تدريجيًا :
عبدالعزيز صمت لثوا
ماراح أتركهم . . من يقدر اصال! . . هم بس اللي يبونه يصير وأنا؟ أنا
بعد ابي يصير لهم اللي ما يبونه! أبي . . . أبـ . . . . أغمض عين يه وقبل
أن يقع رأ ِسه على األرض وضع نا ِصر يِده، نزع معطِفه ليضعه تحت
رأ ِس عزيز حتى ال تؤذيه األر ِض غير المستوية، أصابتهُ الرعشة من





ِرد الذي يُداهمه من كل إتجاه في يوٍم باريسي عاصف بالثلوج
الب .
وضع يِده على جسِد عبدالعزيز ليُغلق أزارير معطفه حتى ال يب ُرد، و َصل
لصدِره ليُغلق آخر ازاريره، نظر إليه، لمالمحه النائمة بهُدوء، يُدرك حجم
الوجع الذي يُصيبه في هذه الفترة، ويُدرك تما ًما أنه ليس بخير.
! "
ال نقِدر على محو ما ُكتب علينا يا عزيز، إحسا ُسك بالرحيل " يوجعني
ألنني أفهم تما ًما كيف أننا نشعُر ببعض ما قد يُصيبنا، بُكاء غادة تلك الليلة
لم ي ُكن من فراغ! كانت تُدرك أنها سترحل! واليوم أنت! نح ُن الذين ُخلقنا
من طين أشعُر أن فطرتنا / ألم.
بلتِه لتسقط دمعته عليه، همس : الله ال
أنحنى عليه ليُقبَل جبينه، أطال قُ
يفجعني فيك يا عزيز
،
تجل ُس بجانبها بعد أن م َشت ذهابًا وإيابًا في الغُرفة لقُراب ِة الساعة ُدون
توقَف، بلعت غ َصتها بعد أن تصاعدت ال ُحمرة المح َملة بالدمع ناحية
محاجرها : صاير شي! قلبي يقول صاير شي
ض َي ! إرتجفت شفت يها وهي تهَز قدمها : وعدني يجي
عبِير : ما عاد في قلبي قوة عشان أنتظره ِهنا، . . وقفت لتتجه ناحية
، نزلت دمعتها ب ُمجرد أن سمعت
هاتفها، إتصلت على رقم واِلدها " ُمغلق "
الر َد اآللي : ُمغلق !!!
ض َي بمحاولة لتهدئة وضعهما : أكيد أنه بخير ال توسوين وتوسوسيني
معك !
عبير أستسلمت لبكاءها : ياربي ليه يصير معنا كل هذا؟ رتيل ماهي فيه
وأبوي ماهو فيه! . . . حتى عمي مقرن ماهو فيه!!! كلهم أختفوا . .
ض َي . توجهت إليها لتُعاقنها : أششش! إن شاء الله مو صاير اال كل خير
.
عبير بضيق نبرتها : ال تهَديني بهالكالم! لو أبوي صدق طلع له شي كان
أتصل علَمنا! لكن أبوي كان مخطط إنه ما يرجع! وين راح بس لو أعرف





وين !!
ض َي ضاق صوتُها بالبكاء : ال تقولين ِكذا! هو بخير و رتيل بخير وكلهم
بخير
عبير أبتعدت قليالً عنها لتُردف : ليه محد أتصل؟ . . لو واحد فيهم هنا
يطمنَا! مو من عادته ابوي يروح بدون ال يترك لنا على األقل عمي مقرن!
كلهم راحوا وأتركونا ننتظر
ضي ق َطعت شفت يها بأسنانها لتُكرر حتى ال تُصَدق حديث عقلها وعبير :
إن شاء الله أنهم بخير
في جهٍة بعيدة أنتهى من صالتِه ليقف : نايف ال أوصيك !
نايف : بالحفظ والصون . .
عبدالرحمن أخذ نفس عميق : أستودعتهم الله الذي ال تضيع ودائعه
نايف برجاء : لو بس تخليني أروح معك !
عبدالرحمن : ال خل نا، صبرنا كثير وحاولنا كثير لكن بالنهايَة مابقى َك ِه
كثر ما خسرنَا، إذا إتصل سلطان بلغه لكن إذا ما أتصل ال تتصل عليه وال
تقوله شي . . .
نايف : أبشر
عبدالرحمن بإنهزامية جا َدة أكث ُر مما يلزم، وضع السالح على الطاولة،
ُمج َرد من كل وسائل المقاومة ع َدا قلبه الذي يُدافع بشراهة عن حياة من
يُحب، خ َرج والثلج يتساقط من س َما ِء باريس، ش َد على معطِفه األسَود
نا، اللهم
ليُتمتم : اللهم إننا ضللنا السبيل فأرشدنا و أخطأنا الطريق فدلَ
َي يا قيوم أحفظهم
أحفظه، يا ح
ركب السيارة ليقودها بنف ِسه أمام أنظا بدر ِرهم، دخل مح َمد : الزم نبلغ بو
َهد : ماراح يفيد شي! ماراح يجي بو بدر باريس ويمسك
نايف تن
عبدالرحمن
محمد : الوضع تأزم !!
نايف : أنا بروح لشقته، الزم أطلَع بنته وأخت عبدالعزيز . . بعدها إذا
أتصل بوبدر تبلغه بالموضوع، وخلَك على إتصال معي





يُتبع
،
تنظ ُر إل يه بإزدراء وهو مستلقي على األري َكة يحاول أن يغفو لساعا ٍت قليلة
حتى يعود لعمِله، تكتَفت بثبا ِت أقدامها التي تُعاكس ربكة جسِدها الغاضب
: وبس؟
سلطان : هذا اللي صار
ح َصة بغضب تصرخ عليه : قلت لك إتصل عليها تط َمن ما قلت ِلك أتصل
طل ف َقها!!! أثبت ِلي إنك مراهق في قراراتِك! ما تعرف تتصرف تصر
واحد صح
سلطان أستعَدل بجلستِه ليلفظ بح َدةِ نظراته : ح َصة الزم تفهمين شي واحد!
إنك مهما حاولتي دام انا ما أبي هالشي مستحيل تجبريني عليه
ٍر تام : إحلف بالله إنك ما تبيها؟ . . . . ما تقدر ألنك
ح َصة بحال ِة إنفجا
متخلف تقول كالم غير اللي بقلبك، تضيَع حياتِك ومستقبلك عشان ترتاح
عزة نفسك اللي مدري من وين طالع فيها! يعني إحنا اللي تنازلنا عشان
اللي نحبهم و رجعنا لهم ما عندنا ع َزة نفس؟ وش ذا التفكير البايخ اللي
عايش فيه!!! . . يكفي اللي راح من ُعمرك ال تضيَعه مرة ثانية
سلطان بخفُوت : ما أبغى أعل تستفزيني أكثر َي صوتي عليك! بس ال
ح َصة بغضبها الذي ال يُبالي : قولي قرار واحد إتخذته كان بمصلحتك! ليه
تسوي في نفسك ِكذا!!! أحترم حياتِك وع َطها أهمية مثل ما تعطي شغلك !!
. . .
سلطان بصو ٍت حاد : ال حول وال قوة اال بالله . . . سكري هالموضوع ما
أبغى أغلط بحقَك!!
ح َصة تو َجه إليه السبابة : ما راح أسكره، لين تقنعني بأسبابك! حياتك





ماهي ملك لوحِدك! هي تهَم !!! ني يا سلطان
َهد : بريَحك من اآلخر لو تجلسين من هنا لسنة ق َدام ماراح
سلطان تن
َي شي
أجاوبك بأ
ح َصة بح َدة : ألنك غبي مع خالص عدم إحترامي لك
سلطان إتسعت محاجره بالده َشة : كل هذا عشان مين؟ عشان الجوهرة؟
مين أولى في قلبك أنا وال هي؟
ح َصة : أنت آخر شخص تتكلم عن مين أولى في قلبي! لو لي قدر عنِدك
ما سويت اللي في راسك وال كأن فيه أحد يسأل ويبي يتط َمن!!
سلطان بغضب عاد لإلستلقاء : تمسين على خير
ح َصة : نام وال عِليك من شي!! أصالً عاِدي. . ما كأنها حامل في ولِدك
وال كأنها زوجتك اللي تحبها وقول إنك ما تحبها عشان أك ِسر هالتليفون
فوق راسك
سلطان إبتسم بسخرية : هذا اللي بقى! أضربيني عشان تكمل
ح َصة أخذت جوالها وبقهٍر يجعلها بحالة من التوتر والحركة الغير منتهية
: طيب يا سلطان . . . إتصلت عليها
يك عندها أفنان وال
في الجهِة األخرى وقف واِلدها : بنجيها المغرب وخلَ
تتحركين
أفنان : إيه خالص ال تشيلون هم! أنتم أرتاحوا وأنا بكون عندها
َهد : إذا صار شي إتصلي علينا، أنا بآخذ إذن من دوامي وبرجع
ريَان تن
لها
أفنان : طيب . .
خر ُجوا جميعًا لتبقى أفنان لوحِدها معها، رفعت عينها إل يها : كيفك الحين؟
ال ُجوهرة بب َحة صوتها المتعب : تمام
أفنان جلست بجانبها : ماراح تقولين لي وش فيك؟ الدكتورة تقول أنه
حملك مهدد والسبب إهمالك!! ليه تسوين في نفسك كذا؟ هذا أول حفيد في
العايلة يعني مفروض تتحمسين أكثر مننَا وتهتمين بنف ِسك وبالروح اللي
بداخلك! ال أكلتي أمس وال غيَرتي جو معنا! حابسة نف ِسك بالغرفة وتبكين .
. وخير يا طير يا سلطان! ماهو أن ِت اول من تتطلق! الله بيعَوضك باللي





أحسن منه . . . عساه . .
تُقاطعها : ال تدعين
أفنان بعصبية : قهرني الله يقهر العدو . . هو ما قال والله ماراح آكل وال
راح أنام عشان الجوهرة ماهي فيه! تلقينه عايش وعاِدي عنده لكن أن ِت
ماهو عاِدي عنِدك !!
ال ُجوهرة بش ُحو ِب مالمحها البيضاء عقدت حاجب يها : متى راح أطلع؟
أفنان : شوف وين أحكي فيه ووين تحكين!! يالله عليك . . . !
َي ال ُجوهرة بضيق : وش أقول يا أفنان! من الصبح وأنتم ت نفس
عيدون عل
الكالم! والله فهمت والله يثبَت حملي . . بقى كلمة ثانية ما قلتوها؟
أفنان تنهَدت : بالطقاق طيَب !!
الجوهرة بلعت ريقها : ما جاء أحد اليوم؟
أفنان : أحد مثل مين ؟
الجوهرة : مدري! يعني ع َمي عبدالرحمن ما جاء؟
. أنتم على فكرة غريبين مَر أفنان : ع َمي عبدالرحمن! ال محد جاء . ة! ريم
تقول فيه ريحة عطر رجالي بالمطبخ وأن ِت تسألين عن ع َمي !!
ا بعد أن تك َسر هاتفها السابق على يَد
قاطعها هاتفها الذي أشترتهُ حديثً
سلطان، أفنان نظرت إل يها : لو هو ال تدرين عليه! بعدها تتوترين ويالله
نهَديك! الدكتورة تقول . .
الجوهرة تُقاطعها بغضب : الدكتورة تقول أبعدي عن التوتر . . فهمت
والله فهمت كل حرف قالته
أفنان بده َشة نظرت إليها لتقف : طيب . . بروح أجيب لي قهوة قبل ال
تفجرين راسي . . . خرجت لتتركها.
سحبت نفسها لترفع ظهرها قليالً، مَدت يدها نحو الهاتف لترى " أم العنود
" أجابت : ألو
حصة : السالم عليكم
الجوهرة : وعليكم السالم
حصة تُظهر جهلها بما حصل : قلت أسأل عنك دا ِمك ما تسألين!
ال ُجوهرة بنبرةٍ متعبة : أعذريني، بس





ح َصة تنظر لسلطان الذي يضع ذراعه على جبينه ويُغمض عين يه بهدوء
وكأنه ال يهمه األمر : باألول صوتك وش فيه تعبان؟
الجوهرة : دخلت المستشفى
حصة صمتت قليالً حتى أردفت بخوف : صار ِلك شي؟
الجوهرة : ال الحمدلله أنا بخير وإن شاء الله بيطلعوني قريب
ح َصة عقدت حاجب يها وهي تع َض لسانها بقهر من ال ُمباالة سلطان :
َي شي! طمنيني
الجوهرة ال تخبَين عل
الجوهرة : والله ما فيني اال كل خير،
َي شي
ِ سلطان : إذا أحتج ِت أ
ح َصة بصو ٍت عا ٍل يملئه القهر يض َج بمسامع
َي
إتصلي عل
الجوهرة : ما تقصرين يا أم العنود
ح َصة : بحفظ الرحمن وأنتبهي على نفسك
الجوهرة : إن شاء الله . . مع السالمة، أغلقته لتُقيم مرا ِسم من الصراخ في
َي مسؤولية
وج ِهه : ما عنِدك أ !!
سلطان وقف : أنا غلطان يوم رجعت ونمت هنا! مفروض أروح أل َي فندق
وأجلس فيه لين تنسين سالفة الجوهرة .... أنحنى ليأخذ مفاتيحه وهاتفه
ليا ِت صوتُها مقاطعًا : الجوهرة بالمستشفى.
تج َمد في إنحناءه ليرفع عينه بتو َجس : بالمستشفى!!!
حصة : إيه! والله أعلم وش صاير لها تقول إنها بخير
سلطان عقد حاجب يه : وش فيها؟
ح َصة : إتصل وتط َمن بنفسك. . وال أووه صح نسينا ينقص من رجولتك
وال هو من ش يم الر َجال إنك تتصل على مرتك تتط َمن عليها
سلطان : مفروض إنك أكثر شخص يوقف معي حاليًا لكنك صرتي أكثر
شخص واقف ضَدي
َي ح َصة : تدري لو ما أنت غالي عل كان نتفتِك بأسناني الحين من قهري
سلطان بسخرية : ال أبد ما قصرتي! كل هذا وأنا غالي عليك
حصة بح َدة : ما راح تتصل؟ . . دارية! طبعك الخايس ما تخليه . .
سلطان مسك هاتفه ليت ِصل أمامها ويكسر كلمتها وإتهامها له، في الجهِة





األخرى نظرت إلسمه لتضعه على الصامت .
ما ت ! َر : د
َرد عليك
حصة : من زين فعايلك عشان ت
سلطان بغضب : ح َص !!! ـــة
َرد عليك ليش؟
ح َصة : وأنا صادقة! ت
سلطان جلس : أمرك غريب! تقولين طبعي خايس وما أرفع السماعة
َرد
ي قلتِي من زين فعايلك عشان ت
وأتصل! ويوم أتصلت وكسرت كلمتِك ل
عليك
حصة صمتت قليالً حتى تلفظ : ر َجعها يا سلطان
سلطان : هذا أمر مو بإيدي ! لو هي نصيبي محد بير َدها
حصة بغضب : تستهبل! الله وهبنا األسباب عشان نعمل فيها مو نجلس
نقول والله اللي كاتبه ربي بيصير! . . الله يـ . . . أستغفر الله ما أبي
أدعي عليك
َهد ليت ِصل مرةً اخرى : الحظي بس إنك من
سلطان تن اليوم تتصرفين معي
بتصرفات والله العظيم لو تجي من غيرك ألدفنه بأرضه
ح َصة بته ُكم تجلس : إتصل من جوالي . . . مَدتهُ إليه
سلطان أخذه ليتصل عليها، تمَر ثواني طويلة حتى تُجيب بصوتها المتعب :
هال
ُمتعبَة أي ًضا
ِر ح َصة، وصلت لها أنفا ِسه ال
سلطان وقف ليبتعد عن أنظا
لتُدرك تما ًما من خلف الهاتف : هال بِك
الجوهرة أرتجفت شفت يها بربكة ال ُحب التي ال تستطيع التخلي عنها، أردف
: الحمدلله على السالمة . .
لم تُجيبه، أكملت صمتها حتى تستف ُز كل خلية تجري بدِمه كما أستف َزها
َهد : شلونك الحين ؟
بأمِر الطالق، تن
لس ُت بخير، مضطربة! أشعُر بأنني غير موجودة على خارطتِك وهذا
يُزعزع كبريائي الذي يُحبك، ستُكمل حياتِك يا سلطان وتترك لي بقايا حياة
أ ِعي ُشها. ظاِلم! حتى في سؤاِلك تق ُسو، أنت تعلم جي ًدا من صوتي الذي
تحفظه بأنني لس ُت على ما يُرام ولكنك تسأل لتُزيد و َجع الب َحة المترسبة





فوق صوتي، لتُحزني أكثر بعدم قدرتي على التخلي عنك.
الجوهرة بنبرةٍ هاِدئة ُمتعبة : بصفتِك أيش تسألني؟
َي صفة
سلطان : ح َط !! يني بأ
الجوهرة بسخرية : إيه معليش أعذرنا، لو ما كنت حامل ما أتصلت بس
عشان تتطمن على ولِدك! أبد حبيبي هو بخير . . . نطقت كلماتها بسخري ٍة
" التي تطفُو على السطح
حبيبي
َمة "
الِذعة تؤلمها قبل أن تؤلمه، وكل
ُمبكية ج ًدا.
سلطان بخفُوت : خذيتي أسوأ ما فيني وتطبَعتي عليه !
. . !!
َ
ال ُجوهرة : طبعًا! ما يعجبك اال الرضوخ، تبيني بس أقولك تآمر وسم
َي سؤال ثاني؟ صوتِك يوتَرني ويمرضني والدكتورة موصية إني أبتعد
أ
عن األشياء اللي توترني!
سلطان : صرت الحين أمر ِضك؟
الجوهرة بلعت ريقها : تآمر على شي ؟
سلطان يحاصرها من الزاوية الضيَقة : تسأليني بصفتي أيش؟
ال ُجوهرة أضطربت أنفا ُسها من السؤال الحاد الذي ال هرب منه، طالت
الثوانِي بينهما في حدي ٍث تتبادلهُ األنفاس، نطقت : بصفتِك أبو اللي ببطني
ال أكثر
َهد بعُمق ليُثير البكاء في صدرها : وش صار ِلك؟ ليه تعبتي؟
سلطان تن
َي
ال ُجوهرة : ضربت ظهري بالج َدار وبعدها أغمى عل
سلطان بتش ِكيك : ضربتيه ِكذا؟
ال ُجوهرة : مو الزم تصدقني!
سلطان بغضب صرخ بعد أن تمالك نف ِسه آلخر لحظة : الجـــــوهرة!!!
ٍر أرت محبوس ال يفل ُت من بين شفت يها
جف قلبها بزفي .
أنا عالقة بِك! إن ضاع قلبِي كيف أسأ ُل عنه و كيف أطل ُب من صا ِحب
ِر مسؤولية؟ أب ِكي وكيف ال أب ِكي!! هل أنساك
السطَوة التي حللَها قلبِي بغي
َرة وأنا التي
بالبكاء؟ أم أب ِكي ألن ال شيء يُنسيني إيَاك! تُفزعني هذه النب
ملك ُت ك ونِي بسواِد عين يك، حتى أدرك ُت بأن أوجا ِعي أوطانِي و مماِليكي
ُمقبل من أيامنَا وزنًا وأنت ال
قيم لل
ُ
َمة الحياة وإتزانها كيف أ
من َدمع، يا قي





تُشاركني بها؟ أأدر َكت فداحة ما فعلتهُ بي؟ ُمجرم! قتلتني ولم تُحيي ما قتلتهُ
في نَفسي.
سلطان بتوت خله، لم ي ُكن ينقصه مآسآةً أخرى تنفج ُر في قلبه ٍر يضطر ُب بدا
: أن ِت اللي تبين تتعبين نف ِسك! وتضيَقين على روحك!!
ِن : ما أحتاج وصايا ِمنك،
الجوهرة أخذت نفس عميق بعد إضطرا ٍب لثوا
أنتهى كالمك وال باقي؟
سل َطان بسخرية : صاير محد ينافسك بالقساوة!! برافو والله
ال ُجوهرة بهدوء : تستهزأ فيني؟ كالعادة ما تسمح ِلك نف ِسك إنك تحترمني
َي!! أظنَك تحتاج إستشاري أسِري يعلَمك كيف تحترم اللي حولك
شو !!
سلطان بهدوء يُناقض البراكين التي تُقيم في صدره : أعرف أحترم اللي
حوِلي وما أحتاج احد يعل ! َمني
ال ُجوهرة تُقلَد نبرتِه بلذاعة : برافو والله
سل ن صمت قليالً وهو يضغ ُط على الهاتف بإتجاه إذنه، تُفسِدين صوتِك َطا
بح َدة الكلمات وأنا لم أع َهد ِك بهذه الصورة؟ كيف أف َسر مآسآتي؟ مرر ُت
ُجربَها إال هذه
بصعا ٍب في حياتي ال تُعَد وال تحصى ولكن مآسآةٍ كهذه لم أ
الفترة، فشل ُت بإنهاء جريمٍة عبثت بنا لسنوات، و عطفًا عن ذِلك أفش ُل اآلن
باإلطمئنان على أشخا ٍص يُهمني أمرهم، وأفش ُل مع ِك أي ًضا. من يشر ُح
خد ُش صوتِي؟ و مصيبتي؟ ال أطل ُب من أحد أن يتح َمل غضبي و ُحزني،
في هذا الوقت أه ُجو الجميع وأصرخ على الجميع، يشتع ُل صوتي بغض ٍب
حبستهُ ألياٍم طويلة، ولكنهُ خ َرج! هذا ال ُحزن خرج كـ / صراخ.
لو إنَك قدا ِمي كان علَ : متك يا بنت عبدالمحسن كيف تقلدين صوتي؟
الجوهرة ضحكت بب َحة صوتها المتعبة، ُرغم و َجعها من كلماتها التي
تُصيبه إال أنها ال تتخلى عن ق ولها
سلطان ق َطع شفتِه السفلية بأسنانه على صدى ضحكتها المبحوحة، أر َدف :
َمك كيف تقولين هالحكي قدا ِمي!! َص شغلي و أعل
خليني أخل
ال ُجوهرة : على فِكرة أهلي صار عندهم خبر . .
سلطان : أتوقع إنك ما تجهلين في الدين كثير وتعرفين إنِك مازل ِت في
ذمتي! ال خلَصت العدة ذيك الساعة تكلَمي! مفهوم؟





ال ُجوهرة بإنفعال تنهَدت : مع السالمة
سلطان بهدوء : جربَي تسكرينه في وجهي!
َوة، مازل ُت متهكًما يا سلطان
الجوهرة أمالت شفت يها بال حو ٍل وال ق !!
َردها إل يها بصوتِه الذي يزدا ُد تعبًا مع السهر : شاطرة . .
سلطان بضحكة ي
مع السالمة . . . أغلقه
َوك تسكرينه من
دخلت أفنان على إغالقها للهاتف : ال تقولين لي إنَك ت
عمته!! ماشاء الله عليك كل ذا سوالف!!
الجوهرة نظرت إل يها بتج َمد مالمحها، أفنان مَدت يدها أمامها بضحكة :
بتي؟
وش فيك تصلَ
الجوهرة بقهر أخذت كأس المياه الذي بجانبها لتشربه بإندفاع حتى تبللت
رقبتها، أفنان : بسم الله عليك! وش فيك؟
سحبت منديالً ؟ لتمسح رقبتها، نظرت إل يها : ليه تأخرتِي
َي قلت لين تهدين بس شكلك اليوم
أفنان : لقيت صديقتي وسولفت معها شو
مزاجك ماراح يهدأ
ال ُجوهرة : أبغى أنام
أفنان : طيب نامي
الجوهرة بإنفعال ال تدِري إلى أين يُوصلها : لو أقدر أنام كان نمت بدون ال
َوم
َي أحد يعطيني من
أسألك! نادي أ !!
أفنان تنهَدت : طيب . .
في جهٍة اخرى وضع الهاتف بجيبه لتعتليه إبتسامة، همس : مجنونة!!!
َي أوامر ثانية يا أم العنود؟
إلتفت ليرى عمتِه : أ
بعين يه :
حصة تنظ ُر لمالمحه بتف َحص لتبتسم بعد أن لمحت امًرا جميالً
بتر َجعها؟
ُمرهق : ترى عاِدي تكون عالقة
سلطان بب َحة بدأت ت


إعدادات القراءة


لون الخلفية