الفصل 75
وليد هز كتف يه : محد أرحم على أحد أكثر من الله ! الله رحيم بعباده والله
يجمعك فيهم بجناته
غادة جلست لتُغطي وجهها بكفيَّها وتجهش بالبُكاء ، تسترجع ضحكاتهم
وتجهيزاتهم لحفل تخرجها ، كيف كل هذا بسهولة يتالشى لتبقى ، كيف
بغمضة عين أفق ُد َسارة ذات الهوى الجنُوبي و سلطان العاشق النجدي ،
كيف بغمضة عين أفق ُد تذُمر وطيش هديل وعنفوان الرجولة في
عبدالعزيز! كيف ! أريد أن أفهم كيف فقط .
الساعة الخامسة عص ًرا ،
يوليُو
.
عبدالعزيز دخل وهو يكاد يتج َّمد من برودة األجواء : بدت المباراة
هديل : صار لها
دقايق
عبدالعزيز جلس بقُربهم : يارب الكآس لنا
غادة الغير ُمهتمة : طيب وإذا فاز ! يخي طفشت كلكم بتجلسون تطالعون
المباراة
هديل : مافيه وطنية ! هذولي الصقور الخضر
ُمن َّشد بحماس : هذي تضيع يخرب بيت العدو
عبدالعزيز ال
هديل تنظ ُر للكورة التي بين أقدام مالك معاذ : يالله يالله ... الااااااا
غادة أخرجت هاتفهاN
Nokia ، تقرأ الرسائل التي فتحتها منذُ زمن
ولكن الملل يفع ُل بها أكث ُر من ذلك.
عبدالعزيز بصرخة : قدام المرمى وتضيع!!
هديل : ياسر مو في يومه!
ِّي القلق اللي
في الشوط الثاني التي سار برتابة ، عبدالعزيز : ماتسوى عل
سويته وأنا أركض عشان أجيها بالوقت آخر شي هالمبارة اللي تف ِّشِل طول
البطولة لعبهم وش زينه جت على األخير يخربونها
هديل بإندفاع : ماأنتهت للحين باقي أمل ! يخي أعوذ بالله من تشاؤمك
ُظر للكرة التي كانت ستأتي على رأس ياسر القحطاني : يالله
عبدالعزيز ين
يا ياسر!! لو أنقز جبتها
غادة : وروني هالمزيون ! وش ناديه
عبدالعزيز أعطاها نظرة إستحقار جعلتها تص ُمت.
ُمتابعة لدو ِري بالِدها : الهالل يا بعدي
هديل ال
غادة : لحظة وين سامي ؟
هديل : ماأستدعوه! أصال يقولون أنه بيعتزل
غادة وتحاول أن تتذكر شي : أنا أشجع النصر صح ؟
هديل : أنا أقول نامي
قطع حوارهم صرخة عبدالعزيز في الدقيقة
معلنة هدف المنتخب
العراقي : حِمير ! أجل هذا منتخب على آخر البطولة يقهرنا الله يقهر
العدو .. حذف علبة المياه على التلفاز ليخرج وهو يقول بنبرةِ الغضب :
الشرهة على اللي يتابعهم
يُتبع
،
دون! والطريق مسكر مستحيل يمشون فيه !!
ُّ
تن َّهد بإرهاق : ما ير
مقرن : طيب ننتظر لين الصبح .. إذا صفى الجو نروح لـ رَوان أكيد انهم
هناك
عبدالرحمن : أخاف صار لهم شي! وش يريحني لين الصبح
مقرن : الخبر الشين يوصل بسرعة !!! أنا متطمن إن شاء الله ما فيهم اال
العافية
عبدالرحمن يجلس وهو يحك جبينه : واليوم سلطان يقول صاير حريق!
هاألشياء اللي تصير ورى بعض تخليني أشك في شي
مقرن : في أيش ؟
عبدالرحمن : مستحيل تكون صدفة ! فيه شخص غير الجوهي قاعد
يتالعب فينا! فيه شخص يعرف وش اللي نرغبه من الجوهي ويعرف أنه
الجوهي ما يدري عن رغبتنا !
مقرن يجلس أمامه : ماني فاهم مين له مصلحة ؟
عبدالرحمن : قلت لي أنه اللي كانت مع غادة وش إسمها ؟
َّطل يتابعها وأنتهينا منها
مقرن : أمل ! بس سعد ب
عبدالرحمن : كيف خدعتنا وبيَّنت لنا أنها أمها الحقيقية ! كيف مقدرنا
نستوعب أنها تكذب !!
مقرن بلع ريقه بإرتباك : أمر وأنتهى ليه تعيد فيه
عبدالرحمن : ألني قاعد أفكر بالوضع اللي إحنا فيه !! إحنا أنخدعنا بوضع
أهل عزيز .. إذا كانت غادة حيَّة وأمها ميتة هي وهديل ألن عبدالعزيز
شافهم ! سلطان العيد .. يعني .. أستغفر الله بس
مقرن : مستحيل اللي تفكر فيه !
عبدالرحمن : أول ما جينا الرياض سألني عز عن أبوه هذا معناته أنه ما
تأكد زي غادة
مقرن : بس أنا كنت بالمستشفى ذيك الفترة ومتأكد .. كلهم ماتوا ماعدا
غادة وقلت لك أني خبيت عليك أنت وسلطان لفترة عشان أتأكد
ُظر لمقرن : تتأكد من أيش ؟
عبدالرحمن ين
مقرن ضحك ليُردف : أقنعتك بالمرة اللي فاتت أنت وسلطان ليه ترجع
تفتح الموضوع
عبدالرحمن : أقنعتني بوقت ماكان يسمح لي فيه أني أفكر ! بس ليه خبيت
علينا أنه أمل ماهي أمها وخدعتنا بسهولة
مقرن بلل شفت يه بلسانه وهو يُشتت نظراته : قلت لك أني كنت بتأكد من
الناس اللي دفنوهم
عبدالرحمن مسح على وجهه : يارب رحمتك! أنا متأكد أنه في طرف ثالث
قاعد يلعب ويانا غير الجوهي! وقاعد يلعب بعبدالعزيز بعد .. أمل
ومصدرها ؟ مين بالضبط!
مقرن : ماعندي علم
عبدالرحمن صرخ بوجهه : مقرن ال تخبي عني شي ! أنت تعرف أنه
هذي مسألة أمن ماهي مسألة حياتك وبس
مقرن بهُدوء : وأنا فعال ماعندي علم ومين تكون أمل
عبدالرحمن :
جثث ، ثنتين منهم صلى عليهم عبدالعزيز وهو يثق مين
يكونون و ثنتين وحدة ماهي غادة ! وماندري مين جاب الجثة ووحدة
ماندري هو سلطان وال بعد زي غادة
مقرن : تفكر بأشياء ماضية بوقت ما يسمح لنا نفكر بأشياء راحت وأنتهت
!
ا : الحادث ماهو من تدبير الجوهي
عبدالرحمن شعر أنه يكتشف شيئًا مرهقً
هذا اللي أنا متأكد منه الحين ألن لو الجوهي يدري ما ترك غادة وأستعملها
ضدنا ! لو يدري كان يعرف عن حياة عبدالعزيز وليه رجع الرياض!! فيه
أشياء قاعد تصير ضدنا وإحنا آخر من يعلم !!
مقرن وقف : هذي خرافات من عقلك يا عبدالرحمن!! مين مثال بيكون
الطرف الثالث ؟ ما فيه غير رائد
عبدالرحمن : رائد لو فعالً كان هو !! كان خذآ غادة عنده .. لكن ليه
يسلمها لوحدة مانعرفها وواضح انه هو من األساس مايدري وش صار بعد
الحادث! لو يدري كان عرفنا عن طريق عبدالعزيز لما كان يجيه ..
أفهمني يا مقرن !! فيه شخص ثالث إما أحد يخوننا أو أحد يخون رائد
،
بعد محاوال ٍت بائسة ، أنتهت بطارية هاتفها : مافيه شبكة والحين مافيه
شحن بعد !! يالله وش بنسوي بهالليل
ِك
ِق : ننام وبكرا يحلها ربِّ
عبدالعزيز المرتمي على السرير الضيِّ
رتيل تنظ ُر له بقلق : يا برودك كيف بتنام !!
ِس يعني طبيعي بنام من التعب وال
عبدالعزيز : تعبان ومانمت أمس كويِّ
بجلس أحط إيدي على خدي وأنتظر أبوك يطير لنا
رتيل : طيب وأنا ؟
عبدالعزيز بسخرية : نامي على األرض وال ماهي من مقامك
رتيل تتجه عينها للغرفة التي ال شيء فيها سوى هذا السرير ، حتى أنها
خالية من أ !! ِّي ُكرسي تجلس عليه : من جدك
جلست على طرف السرير لتُردف : ماراح أقدر أنام
عبدالعزيز يُغمض عين يه ويضع ذراعه فوق رأسه : أششششش خليني أنام
دقائق طويلة مَّرت وهي تُراقب السماء من النافذة حتى فزعت من صوت
الرعد ،
عبدالعزيز يزحف قليالً : أظن منتي متينة لهدرجة! يكفيك هالمكان
رتيل تن جلس معي ُظر للمساحة الضيقة : ال والله ؟ عبدالعزيز الله يخليك أ
طيب لين يهدأ الجو ونروح لسيارتنا
عبدالعزيز يقلد صوتها : الله يخليك بنام ! يكفي أني متكفخ اليوم ورايح
فيها فيعني خليني أرتاح
رتيل ومالمح الخوف تظهر بإرتجافة شفت يها : طيب ... نزعت حذائها
لتضع الوسادة بين ُهما : هذا حِِّدك
عبدالعزيز بإبتسامة : طيب ..
ُظر للسقف ، تعرف أنها في حاالت الخوف لن
أستلقت على ظهرها وهي تن
يأتيها النوم .
عبدالعزيز ينظ ُر لعين يها التي تتأمل : ماراح تنامين ؟
رتيل بهدوء : ماراح يجيني نوم .. أكيد أبوي الحين يتصل علينا ويحسب
أنه صار لنا شي
عبدالعزيز : أبوك يثق فيني
رتيل ألتفتت والوسادة تحجب عنها مالمحه وال ترى سوى عين يه : طيب
وأنا ؟ فر ًضا أحد يدخل علينا الحين
عبدالعزيز : أوالً مستحيل ألن هذا فندق وفيه أمن ثانيًا محد يعرف أنه
عبدالعزيز هنا ! يعرفون أنه .. وش إسمه .. جاكلي مدري أيش اللي أنا
الحين منتحل هويته .. تطَّمني
رتيل : طيب جوالك فيه شحن ؟
عبدالعزيز : إيه وبكرا بنروح ونشوف وضعنا .. أرتاحي ونامي
،
ـة ، نظر
الساعة الخامسة فج ًرا ، اللي ُل بدأ ينجلي عن سماء الرياض الجافَّ
لعين يه التي تُفتَح بهُدوء : الحمدلله على السالمة
ناصر ببحة الو َجع : الله يسلمك
فيصل بإبتسامة : قلت ألبوك أنك نايم عندي عشان ماينشغل باله
ِس
ناصر بش ُحوب : كويِّ .
حزينة باكية.
"
بعد صمت لثواني طويلة تسر ُق من جوف ناصر ُكل " آآه
أردف : متأكد ؟ يمكن تشبهها!
فيصل بكذب مثل ما أخبرهُ الرجل الِذي من بعد الله أصلح له حياته :
عرفت من فترة وتأكدت من هالشي!! وخذتها وحدة بعد ماعرفت انها
وحيدة ..
ناصر بضيق : كيف ؟ إحنا متأكدين من جثتها ! حتى الدي أن إي عندنا
ويثبت جثتها أنه جثة غادة
فيصل : مزَّور يا ناصر ! وال تسألني مين زَّوره ومين له مصلحة! أنا بس
عرفت ولقيت الوقت اللي أجيك فيه قلت لك عنها .. بس عندي لك طلب!
عبدالعزيز الحين في شغله بس يرجع الرياض خبره بهُدوء ألن هالوقت
ماهو مناسب
ناصر بتشتت تحشرجت الغصات في حديثه : وش يثبت لي أنها زوجتي ؟
فيصل يخرج هاتفه ليتصل على وليد : ألو
وليد بصو ٍت ممتلىء بالتعب : هال فيصل
فيصل : وينك فيه ؟
وليد بتنهيدة : بالمستشفى
فيصل : عندك رؤى ؟
وليد بغضب : رؤى ! هذي الرؤى تعرف طلعت مين!
فيصل : بعدين أفهمك المهم عطني إياها الحين
وليد : وش تبغى فيها ؟
فيصل : لو سمحت .. !!
وليد ينظ ُر إل يها من زجاج غرفتها : نايمة
فيصل : لو سمحت يا وليد
وليد دخل لتفتح عيناها التي لم تنام بعد.
وليد يمُد هاتفه : ردي عليه
غادة : ألو
فيصل يضع الهاتف عند إذن ناصر العطشانة لصوتها المخملي ، أنفاسه
ال . ُمتعبة هي التي وصلت لغادة
غادة : ألو .. مين ؟ ... ألووو
ناصر شعر بتج ُمد كل شيء حوله ، هذا الكون بأكمله يتج َّمد في عين يه ،
نظر بشتا ٍت عظيم يشعُر بأنه حلم ويجب أن يستيقظ منه ، بأن نب يابسة
تةٌ
َرى
تقف فوق قلبه وتثقل عليه. سنة وعدةِ ش ُهور لم يسمع صوتها ، لم ي
مالمحها الثلجيـة ، لم يلم ُحها حتى على عجل! يالله كيف لهذه األيام أن
مر وهي تشطرني نصف ين بكل دقيقة تقطعها.
ت ُّ
غادة تتحدث مع وليد : هذا مين ؟
أخذ فيصل الهاتف وأغلقه .
ٌط عليه. شعَ ناصر شعر بأ َّن ر
دماغه يغلي بحمٍم من نار ، هذا ليس بسي
ببساطة أنهُ ينهار بصم ٍت . ُمهيب
فيصل : صوتها ؟
ناصر سقطت دُموعه وهو الذي اليخجل منها أب ًدا. نظر للسقف األبيض
وشعَر بأ َّن الحياة تسترد له ، ولكنها تسر ُق منه نبضات قل ٍب طبيعية ،
يختنق ويتحشر ُج بذكرياته التي تنهمر عليه بدفعٍة واحدة ، يشعُر بأ َّن
حشو ًدا أمامه وليس غادة وحدها .
فيصل وقف : بتركك ترتاح وبمِِّرك الليلة .. رقمي عندك إذا أحتجت شي
.. تركه ُدون أن يسمع له جواب.
ُمغذي الذي على يده ليسجد على ال ُرخام األبيض ، ألتصق أنفُه
نزع ال
ٌث بإذالل لله وحده. في داخله حدي ال يسمعه سوى الله. " يالله ال أعرف إن
كان األمُر طبيعيًا ! يالله ال أفهم والله ما يح ُدث ، عقلي أصغر مما
منك ال يعرفها عبا ٌد
يستوعب هذا الكُم الهائل من األقدار التي هي لحكمةٌ
ذيق لوعة
ُ
" التجعلهم يخطئون في حقي وأ
ضعاف النفوس. يالله " بس
فراقها مرت ين. يال ثقيلة
ُشفى من غيابها األول فال تجعلها مزحةٌ
له أنني لم أ
على نفسي من الذين ال أعرفهم وألتمس فراقها مرةً ثانية. يالله ال تجعلني
ُك أن تُريح قلبي الذي
أتقل ُب بجحيٍم ُحبها أكث ُر من ذلك. يالله فقط .. أسأل
يُحبها.
عاد لسريره األبيض وهو يفكر من أخذ جسِدها العاش ُق له ليُلقيه في
مستشفى آخر ؟ كيف يُلقيه أصالً ؟ وماذا عن الجثة التي رآها عبدالعزيز ؟
ذيقه عذابي وإن
ُم أن أح ًدا خلف كل هذا ألُ
أقسم بر ِب هذا ال ُحب لو أنني أعل
كان ضد مبادئي ، سأجرب أن ألعب بالقذارة مثلما يفعلون! لكن ماذا لو
َي ؟ يالله
كانت ليست ه . .
ضغ ُطه على عقله جعله يتألم وهو يدف ُن رأسه بالوسادة ، يكاد هذا الصداع
أن يُميته .
دخل الممرض المضطرب بمزاجه عندما رأى المغذي ملقى على األرض
: الله يهديك يا ناصر.
ناصر بصراخ وكأنه يُالقي جنونه اآلن : أتركننني بروحي
:طيب طيب .. أهدآ
ناصر بعصبية تح َّمُر بها محاجره : ماراح أهدأ ! ماأبغى أهدأ .. أنا كيفي
ماأبغى أهدأ
:يالله .. خرج ليستدعي الدكتور المشرف على حالته.
ناصر بغضب يرمي كل ما حوله وهو ال يُفكر سوى بأن " فيصل " اآلن
يمزح معه مزحة ثقيلة! ال يُصدق أب ًدا أنه سمع صوتها. ِلماذا أنام كل هذا
ُم بأشيا ٍء
الوقت لدرجة أنني أحل خرافية ؟ أريد أن أستيقظ اآلن.
هذا حلم .. هذا إسمهُ حلم
،
الساعة تقتر ب من العاشرة صبا ًحا.
أغلقت الهاتف بعد أن أستيقظت على خبر ملكتها من ماجد الِذي تُبغضه ،
فعلت ما برأسها بمساندة والدها ، شعرت بحاجتها للبكاء ، أخفظت رأسها
وهي تُغطيه بكفوفها ، ماأقسى عصيان األبناء لنا! ماأقساه على قلوبنا نح ُن
ُو ٍب كثيرة. أتكاثر بقل ُب أبنتي ألضيق على حزنها
األمهات الذين نتكاثر بقل
ب ُضعف ما تضيق وأفر ُح بفرحها ب ُضعف ما تفرح ، أنا التي أمل ُك قلبها في
مك
ُ
يساري خالفت أمري! قاسية ج ًدا يالعنود على قلب أ .
طل عليها : شغلتي بالي ماهو من عادتك ما تصحين بدري!
رفعت عينها المح َّمرة بالبكاء.
سلطان جلس على األرض عند ركبت يها : أفآآ وش هالدموع ؟
ح َّصة : ملك عليها ماجد
سلطان بغضب على هذه الدموع التي تنز ُل إلنسانة يراها بأنها ال تستحق
كل هذا : طيب! خليها تجِِّرب الشي اللي رفضناه عشان تفهم بعدين ليه
رفضنا!
حصة : هذي بنتي يا سلطان مو بسهولة أخليها تجِِّرب شي أنا أعرف أنه
إختيار غلط
سلطان : وتبكين عشانها !! وإذا بنتك دامها ماأحترمت راي أمها في ستين
داهية ، أنا أبي ماجد يسِِّود عيشتها عشان ثاني مرة تتحمل قرارتها
حصة بغضب : ال تدعي عليها !! هذي قطعة من روحي كيف تبيني
أشوفها كذا
سلطان بهُدوء : آسف! بس بنتك ماتستاهل كل هذا، هذا هي م َّشت رآيها
وأنتهى الموضوع! مايستاهل أنك تبكين على شي أنتهى .. خليها تجِِّرب
ومهو صاير لها شي عن
رياجيل الله يحفظها لك
حصة أبتسمت بزحمة غضبها : قل ماشاء الله
سلطان أبتسم : ماشاء الله ... مسح دموعها بكفيِّه ...
حصة : مارحت الدوام!
سلطان : إال بس خلصت شغلي وقلت أجي أجلس معاكم
حصة بقلق : ليه ؟
سلطان : وال شي بس عشان تتطمنون أكثر
حصة : الله يخليك لنا
سلطان همس : آمين ... وقف ليُردف ... أنا بسبقك للصالة.
حصة : بغ ِِّسل وجهي وأجيك
خ َرج ليبحث بعين يه عن الجوهرة ، صعد لألعلى ليفتح الباب بخفُوت
وأبتسم على منظرها ، كانت مستلقية على السرير ورأ ُسها منقلب قري ٌب
من مالمسة األرض ، تلع ُب بخصالت شعرها وهي ُمغمضة العين ين ،
َوا ِت
ِه َغ ي ُب ال َّس َما
َّ
َوِلل
تُسِِّمع لنفسها آخ ُر آية من سورة ُهود : ي ِه
لَ
ِ
ر ِض َوإ
َواألَ
ُو َن
عَمل
ُّ َك بِغَافِ ٍل َع َّما تَ
َرب
َو َما
ي ِه
َو َّك ل َعلَ
َوتَ
هُ فَا عبُ دهُ
ُّ
مُر ُكل
يُ ر َج ُع . األَ
ُوب ، بفزع كانت سترفع رأسها ولكن
ُظر لسلطان بالمقل
فتحت عينها لتن
سقطت على ظهرها.
سلطان : بسم الله عليك
بقوة : جا !! ي الجوهرة تحك رأسها الذي أصطدم بدري
سلطان : خلصت شغلي وجيت .. وين وصلتي ؟
الجوهرة : خلصت مراجعة الجزء
ِس
سلطان : كويِّ
الجوهرة أنتبهت لبلوزة بيجامتها الملتفة وظاهر منها ُجزء من بطنها ،
سحبتها لألسفل بحرج.
سلطان : خلينا ننزل لحصة تحت
الجوهرة ُدون أن تنظر إل يه : طيب
سلطان ينظ ُر بعين يها وكأنها يُخبرها بأ ِّن تتقدم وتنزل قبله .
الجوهرة سارت بإتجاه الباب ومن خلفها سلطان ، كانت بكل خطوة لها
تش ُد بلوزتها ُرغم أن بنطال بيجامتها القطني فضفاض ، ألتفتت عليه وهي
تشعُر بحرجها من أنه يسير خلفها ، سلطان أقترب حتى سار بجانبها.
حصة أبتسمت عندما رأتهم بهُدوء مالمحهم وسكينتها. جلس بجانب عمته :
فطرتُوا ؟
حصة : ال بس ماني مشتهية .. القهوة تكفي
ًال
رفع عينه للجوهرة ُمتسائِ
الجوهرة : إال فطرت
ِّي ؟
حصة بإبتسامة : صاحية بدري ومامريتي عل
الجوهرة : آل والله بس رحت أراجع القرآن وخفت تكونين نايمة ألني
ماشفتك بالصالة
حصة : الحين تراجعين وش ؟ يعني مو أن ِت حفظتيه وخلصتي
الجوهرة : إذا ما راجعت راح أنسى الزم أراجع دايم بس الحين باقي لي
جزئين وأخلص مراجعتي الثالثة بعد حفظي
لك
ٍ
حصة : الحمدلله الله يجعله شفيع
الجوهرة : اللهم آمين
حصة بسخرية ألتفتت لسلطان : وأنت ليه ما تحفظ ؟
سلطان وهو يشر ُب من قهوته ، أردف : حفظته من زمان بس ألني قطعت
المراجعة نسيته بس الحين الحمدلله حافظ أجزاء كثيرة.
ساد الصمت الثقيل على أنفسهم التي بدأت تِِّمل ، أردف سلطان وبوادر
النعاس تأتيه : شكلي راح أنام
حصة بإبتسامة األُ مان مانمت في حضني م : من ز
سلطان : وال نخليها في خاطرك .. أستلقى على الكنبة ورأسه في َحجِر
عمته ، خلخلت أصابعها الرقيقة في شعره القصير ، أغمض عين يه والتعب
على مالمحه يتضح.
ُه على بُعِد خطوا ٍت قليلة ، لو أنها مكان ح َّصة اآلن ، تُالمس شعره
تتأمل
ِك رأسها ، كم م
وتُدل ن ُجرأة تلزمني حتى أكون مكانها وأجعله ينام في ِّ
ُحضني ، يالله كم من السعادة التي سأشعُر بها وهو نائم بين يد ِّي ، يالله يا
أكب ُر أحالمي التي سقفُها لسلطان! في وق ٍت كانت أحالُم الصبايا الزهريـة
ال ت ُكون في أن ينام شخ ٌص تعشقه في ُحضنها! ألنهُ أمٌر طبيعي وعاِدي
ولكن ما بيننا يختلف تما ًما عن كل ماهو طبيعي .
قاطعت سرحانها بصو ٍت خافت حتى ال تُزعج سلطان : وش فيك تطالعيني
كذا ! سرحانة بأيش ؟
أبتسمت حتى بانت أسنانُها : تراه ما نام
أبتسم وهو مغمض عين يه. تضربُه ح َّصة على رأسه بخفَّة : صاحي وأنا
قلت الحين راح في سابع نومة
سلطان ُدون أن يفتح عين يه : جد تعبان مانمت أمس زين
حصة : خالص بنسكت
،
بإحدى مستشفيات الرياض النفسيـة ، يجل ُس بجانب أخيه النائم بسالم.
مالمحه الطفولية ال تُناسب أب ًدا دناءة مافعله بإبنته، ال تُناسبه أب ًدا، حديثه
المجهول إلحدى علماء الدين من هات ٍف عام و أن
بإسٍم ُمستعار خشيةً
يقب ُضوا على أخيه/إبنه أي ًضا. كلما ُت الشي ُخ المتفقه بأمور الدين مازالت
ن بإذنه " الله يآجركم في مصيبتكم ، أنا أقترح أنك تعالجه وتنصحه
ُّ
تر
حتى يتوب لله قبل أن يأتيه الموت ويخطفه ، في عهد الرسول صلى الله
عليه وسلم جاء ماعز بن مالك وقال للرسول عليه الصالة والسالم :
ط ِِّهرني ؟ فقال ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه ... تردد عليه كثي ًرا
حتى سأله فيم أطهرك ؟ فقال من الزنآ ؟ .. فعندما قرروا رجمه أنقسمت
فرقت ين بعضهم يقول هلك بخطيئته وبعضهم يقول أنه ما توبة أفضل من
توبة ماعز ، أتى ماعز أمام الرسول صل الله عليه وسلم وقال أقتلني
بالحجارة ، بعد يومين وثالث قال الرسول صلى الله عليه وسلم أستغفروا
لماعز بن مالك ، ومن هنا نعرف أ َّن الحدود تسقط في حال التوبة وإن
ستر الله عليه وتاب فال يكشف ستره ويعترف بخطيئته ولكن يبدأ من جديد
د له تكفير لذنوبه والله ما ش َرع الحدود
ولكن إن تاب وأنكشف ستره فالح ُّ
اال حتى يكفرون عن ذنوبهم وإن شاء الله يتقبَّل توبتهم وال ي ُكن في
صحيفتهم خطيئة بعد أن كفروا الذنب في الدنيا ، أنت تعلم يا أخي أ َّن الذي
ِر عن ذنبه بالدنيا إن شاء الله ال يعذبه في اآلخرة. على العموم بما أنه
يُكفِّ
الله رزقه الستر فأنا أسأل الله أن يتقبل توبته ويعود ليعمل آلخرته ويجزم
بأن ال يعود لذنبه وتحِِّرم عليه رؤيته إلبنة أخيه بجموع العلماء وإن سألت
غيري سيخبرك بمثل ما أخبرتك س ًدا للفتن ، ولكن إن عاود لمعصيته فهو
يسعى في األرض فسا ًدا واليجوز الصمت عليه فالواجب التبليغ عنه وأن
يُطبق عليِّه الحد الشرعي ، يقول لك الرسول صلى الله عليه وسلم بايعوني
على أن ال تشركوا بالله شيئاً وال تسرقوا وال تزنوا وال تقتلوا أوالدكم وال
تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم وال تعصوا في معروف ، فمن
وف ِمن ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا : َّى منكم : فأجره على الله ، و َمن أصاب
ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء
فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً
عفا عنه وإن شاء عاقبه، هذا دليل على أ َّن من ستره الله فليستر على نفسه
ويتوب توبة خالصة لله وحده ، يقول الله تعالى : إال من تاب وآمن وعمل
عمال صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيماً"
إما أن تتوب يا تركي وإال ستلقى عقا ُب الله الشديد لك ، يالله لو تعلم بأنني
حتى تختار طريقك في هذه
"
متى تصحى
"
ُرغم كل هذا أريد لك التوبة ،
الحياة .
،
بهُدوء الجديَّة التي تظهُر في مالمحه : أنا بس أسألك
ُمهرة بضيق مالمحها : شكرا جد أثبت لي مراعاتك لمشاعري
يُوسف تن َّهد : فهمتيني غلط! أنا بس أبيك تتأكدين لو أمك ماهي واثقة فينا
ما قالت تزوجوا بنتي! ألنها أكيد بتخاف عليك وبتخاف من أنك تلحقين
أخوك .. صح كالمي وال أل ؟ هذا يعني أنه مسألة منصور هي َوهم
وخرابيط وأمك تعرف هالشي
ُمهرة بغضب : تبي تذكريني وش كثر أرخصتني أمي وال كيف ؟ تحب
تنبش بالجروح يا يوسف
يُوسف بحدة : ماأنبش! أنا سألتك بهُدوء لكن أن ِت اللي حولتي الموضوع
لشي ثاني
ُمهرة بقهر : طيب خالص أنا آسفة أني أصال تناقشت معك .. وقفت
لتُردف ... ممكن تطلع
يوسف رفع عينه : نعم ؟
ِّي وأنا أبغى أرتاح
ُمهرة : شوفتك تن ِّكِد عل
يوسف وقف : أنا شوفتي تن ِّكِد عليك ؟
للخلف فهي مهما حاولت تبقى تخاف منه بغضبه ،
ُمهرة تراجعت قليالً
ألتزمت الصمت.
يوسف أخذ هاتفه ليخرج ويغلق الباب بش َّدة ُمعب ًرا عن غضبه.
حديث يُوسف المنطقي جعل قلبُها يتو َّرم بندبا ٍت أخرى ، ال تستوعب أن
والدتها تُخفي عنها امًرا كهذا ؟ ولكن مالذي سيجعلها تعلم بأمٍر يخ ُص
الشرطة أي ًضا ؟ كيف تعرف إن لم ي ُكن هناك شهود من األساس! كاذب يا
يوسف يحاول أن يشِِّو . ه صورة أمي أمامي
،
يطرق بأصابعه مكتبه كأنهُ يعزف على آل ٍة موسيقية ، ينظ ُر لأليام التي
ِه كثي ًرا أ َّن ناصر لم يج ِّن جنُونه ولكن يخشى عليه بعد أن
ستأتي ، ح َمد ربِّ
ِّي
يراها ُربما تكون ردة فعله عنيفة ، يالله األهم أنني فعلت ما يجب عل
فعله أما البقية فانا أدرك مهما كان الشخ ُص عاقل سيُ َّجن إن رآها وهي
فاقدة للذاكرة ، لكن من المستحيل أن يسيء إل يها مهما حدث تبقى زوجته
مِِّهد لوليد أم أجعله يصطدم مع ناصر لوحده ! من
ُ
التي يُحبها. كيف أ
المستحيل أن يتمسك بها إن عرف بأن ناصر زوجها ويح ُق له أن يقترب
ِل
ي وأخبر عبدالعزيز ؟ يالله ال يُمكنني تخيِّ
منها، ماذا لو نقض وع ُده ل
الكارثة التي ستحصل .
:هال بعريسنا
أبتسم لوالدته : هال بأميمتي .. وافقوا ؟
والدته : إيه وافقوا .. وش فيها عيونك ؟ مانمت ؟
فيصل : مواصل من أمس ..
ِم عمك وروحوا أخطبوها من أبوها
ِّ
والدته : طيب متى بتروح لهم ؟ كل
فيصل : يمه مو الحين خليها بعد شهر
شهقت والدته بدهشة : ال يا حبيبي األسبوع هذا تخطبها رسمي وتآخذ
الموافقة وبعدها تحللون وتملكون
َوار من ال ُسرعة التي تتحدث فيها والدته : يمه من جدك !!
فيصل شعر بالد
نملك بهالسرعة طيب بتعرف عليها
والدته : ماعندنا فترة خطبة وخرابيط! على طول زواج
ضحك ليُردف : طيب بس بين العرس والملكة راح تكون الفترة..
قاطعته والدته : بتتزوجها الحين
فيصل : يمه وراه اإلستعجال فيه أحد يتزوج بهالسرعة!!
والدته : أيه عندنا تتزوج بهالسرعة ! مو تقول أنك بتسافر خالص خذها
معك وسافر
ي وش دخل ! عادي أسافر وأرجع لها
فيصل : يممه الله يحفظك ل
ي ؟ خير البر عاجلة ِ
والدته : طيب ليه تحب تعِّكر عل
،
جاِلسـات في حديقتهم المنزليـة والعصر يقترب من سمائِهم واألجواء
ُمعتدلة تما ًما في الرياض .
هيفاء : وتبين تطلعين بس عشان كذا ؟
ِّي طرحة وإذا
نجالء : هيفا ح ِِّسي بشعوري ! يعني كل حركاتي الزم عل
أبي شي بليل من المطبخ أضطر أغيِّ عشان أنزل .. يعني ماارتاح ِر لبسي
هيفاء : إيه عارفة! طيب الدور األَّول في مساحة من ورى لو تبنون لكم
جناح ويكون كامل ومنعزل عن البيت ألنه منصور مستحيل يطلع
ِِّهدت : مدري يا هيفا جد متضايقة من هالوضع كثير وأخوك
نجالء تن
يحسبني عشان مهرة
هيفاء : تعرفين الموضوع حساس بينه وبين يوسف ومايحبون حتى
يتكلمون فيه
نجالء : طيب أنا ما قلت شي ! بكيفها هي خلها تسوي اللي تبيه لكن أنا
تهمني راحتي
هيفاء بضحكة : للحين تكرهينها ؟
نجالء تغيرت مالمحها للضيق : تكفين هيوف اللي يقول أنها سَّوت شي
حلو بحقي عشان أحبها! ماتهمني ال أحبها وال أكرهها
هيفاء : حسني عالقتك معها والله تراها طيبة وبعدين أسلوبها بعد الحمل
هاجد وحبوب
نجالء : ما ت ُمر من هنا *تُشير لعنقها*
مر يختي! يعني فر ًضا منصور عيَّا ومستحيل تطلعون
هيفاء : خليها ت ُّ
بتجلسين تقابلينها دايم فحسني عالقتك معها ..
نجالء : مين غلط بالبداية ؟ هي ! خليها هي تجي تعتذر وذيك الساعة أفكر
هيفاء : أعوذ بالله حريم ما يتصافون لو بعد
سنة .. شوفي يوسف
تهاوش ويا خالد مدري نايف وبنفس اليوم تصالحوا
نجالء : عاد الله خلقنا كذا ! ماأعرف أعتذر إذا أنا ماني غلطانة
هيفاء : نجول والله حتى كالمك معها كان غلط من بدايته يعني إثنينتكم
غلطتم
نجالء : بالله سكري الموضوع ألنه ينرفزني
،
َ سؤاله ُمفاجىء لها ، شعرت بأن
تنظر إل يه بتوتر وقلق معًا ، لم تفهم ِلم
قلبها ينقبض بلهجته : مو مسألة خايفة بس فاجئتني
ريَّان : لو واثقة من نفسك ما يضِِّرك أني أشوف جوالك
ريم تمُد هاتفها لها : شف بنفسك
ها رفضتي وكأنك ماتثقين فيني
َّ
ريَّان : آل خالص ماأبغى دام من أول
ريم : ال طبعًا! أنت اللي بطلبك حسستني أنك ماتثق فيني
ريان : طبيعي ما عندي ثقة فيك .. توني أعرفك ماصار لنا حتى شهر
أندهشت حتى أتسعت محاجرها : بس .. يعني حتى لو ما صار لنا لكن فيه
بيننا ثقة
ريَّان : ماأثق بالناس بسهولة ! بال ِعشرة ممكن أثق فيك
ريم شعرت بأنها ترتبك أكث ُر مما ينبغي ، ولكن أن تواجه هذا التصرف
ألول مرة في حياتها الزوجية يجع ُل وجهها يح َّمر من ربكتها.
ريَّان وكأنه يكتشف شيئًا : ليه أرتبك ِت ؟ لو أنك واثقة من نفسك ماترتبكين
ريم بمثل حجته ت ُرد : ألني ما صار لي معك إال كم يوم أكيد بكون متوترة
في سوالفنا
ريَّان : هذا شي وهذاك شي ثاني! ماله عالقة أنك ترتبكين كذا
ريم : قلت لك شف جوالي وتأكد من نفسك بس ال تحقق معي كذا
ريَّان بحدة مالت للصراخ : آل تكلميني بصيغة األمر ماني أصغر عيالك
ُمح َّمر بوسادتها ، أنفجرت ببكائها
ريم وقفت لتتجه لغُرفتها وتدفن وجهها ال
من غضبه عل يها ، لم تُجرب شعور أن يغضب أحٌد عل يها بهذه الصورة ،
ي هكذا ؟ شعر ُت بأن حياتنا ستبدأ باإلزدهار ولكن عاد لمثل
يش ُك ب
َ
ِلم
ُكل
َ
مزاجه في أول يوٍم من زواجنا. يالله ِلم هذا ؟ ال يش ُك احٌد إال ألن لديه
ِم وصاحب فتيات !
ِّ
عالقات سابقة! شعرت بوخٍز في يسار صدرها .. يُكل
ال يالله ! مستحيل .. مستحيل ي ُكون من هذه الفئة. ولكن ُهم الفئة الوحيدة
التي تتمتع بالشك.
،
فتحت عين يها بتثاقُل بعد أن أخذهم النوم في غر ٍق عميق ، حركت رأسها
ط ا عليه من ثقله ، وضعت يدها بجانبها
ُّ
لتي تشعُر بأن ُكتلة حديد تح
بإنغماس حقيقي بالنعاس لتشعر بأزارير صغيرة تُالمس أصابعها ، فزعت
لتستوعب أنها تنام على صدره ، رمت عليه الوسادة الواقعة عند أقدامهم
والتي كانت باألمس تفص ُل بينهما : ما ينوثق فيك
عبدالعزيز فتح عين يه وببحة النوم : انا في مكاني ان ِت اللي تحركتي يا قلق
رتيل تنظ ُر لنفسها وفعالً هي من تحركت من مكانها ، بحرج تُبرر : ألن
السرير صغير طبيعي بتحرك .. وأتجهت نحو الحمام لتجعل عبدالعزيز
يُمدد ذراع يه بإرهاق من النوم على سرير ليس وثي ًرا بما يكفي ، شعر
وكأنه ينام على قطعة خش ب.
نظر للنافذة والسماء الغائمة ولكن واضح أن المطر أنقطع. أخذ هاتفه
ليُصدم بإنتهاء بطاريته. تن َّهد بأفأفة ليتجه نحو الحمام ، خرجت رتيل وهي
تبح ُث عن هاتفه : عبدالعزيز وين حاط جوالك ؟
ثواني طويلـة حتى خرج عبدالعزيز وهو ينش ُف وجهه من البلل : جوالي
مافيه شحن
شهقت بخوف : كيف يعني ؟
عبدالعزيز : الحين بنِِّمر أي محل نشتري شاحن ونشحنه
رتيل بتوتر : ياربي .. ليه كذا
أغراضه ويُقلد صوتها الناعم : ماندري ليه كذا ! وش
عبدالعزيز يأخذُ
نسوي نضرب الطريق اللي خالنا نجي هنا
رتيل تُلملم أغراضها في حقيبتها : ها ها ها ظريف مررة .. طيب معقولة
أبوي للحين مقدر يوصلنا!
عبدالعزيز : غطي شعرك وال يكثر
رتيل تأفأفت لتخرج خلفه وهي تقلد صوته بكلما ٍت غير مفهومة ولكن
تشب ًها باللغة الفرنسية.
عبدالعزيز ألتفت عليها : لو يشوفك أحد بيتفل بوجهك على اللغة
رتيل أبتسمت وهي تُشير لرأسها : كيفي
عبدالعزيز : الحمدلله والشكر ! تعيشين طفولة متأخرة يا قلبي أن ِت
رتيل كانت ستُعلق لوال أنها عط َست ليح َّمر وجهها وتدم ُع عينها : الحمدلله
عبدالعزيز : يرحمك الله
رتيل : يهديك الله ويصلح بالك .. شكلي مرضت
عبدالعزيز : كلنا مرضنا ..
ِم مفتاح الغرفة
سل لإلستقبال ، خر َجا و ُهم يبحثُون عن محل للهواتف. ِّ
أستنشق رائحة الخبز الفرنسي وف َّز قلبه له : لحظة بنآكل
رتيل : رايق مرة ! يعني تدري اننا ضايعين
عبدالعزيز يتجاهلها ُمتج ًها للمخبز : وإذا ؟ يعني أحرم نفسي من األكل!
طيب ماتبين تآكلين أحسن
رتيل تشعُر بالجوع ولكن أنحرجت من أن تتراجع عن موقفها لذلك
ألتزمت الصم ت.
عبدالعزيز بخبث : هاا غيرتي رايك ؟
رتيل : ال ماني مشتهية
ِري لنفسه ُدونها، وأخذ قارورة عصير برتقال طازج : يالله
عبدالعزيز يشت
دوري على محل جواالت ماعلى آكل ..
رتيل : بتتركني ؟
لها : بمشي معك
عبدالعزيز بتلذذ بطعم ال ُخبز المحشِّو بالشوكالته وإغاضةً
بس ماأعرف أركز وأنا آكل
رتيل تن َّهد ت لتبتسم بعد زمن : فيه شي جميل على خشمك
عبدالعزيز يأخذ منديالً ويمسح أنفه
ِع حق أحد
رتيل : مانسيتها يوم أحرجتني وقتها سبحان الله الله ما يضيِّ
ِِّك
عبدالعزيز ضحك ليُردف : على األقل ماأنحرجت زي
رتيل : طبيعي بنحرج بس أنت وجهك مغسول بمرق
عبدالعزيز يُبعد الفطيرة عنه لألعلى لتسيل الشوكالته بداخل فمه.
رتيل بغضب : لو أبي راح أشتري بدون ال تحِِّرني وتقول أني أعيش
طفولة متأخرة وماتشوف نفسك
عبدالعزيز صخب بضحكته : لذيذة .. هذا أكثر شي فقدته بالرياض
رتيل : مافيه محالت هنا
عبدالعزيز ألتفتت ليرى اللوحات ووقعت عيناه لر ُجل يُشابه أولئك الرجال.
ثبَّت عينِه في عين يه ، شعر بأنه يتَّوعِده بنظراته.
تمتم وهو يُالمس جيوبه : نسيت سالحي !
رتيل بغير فهم : طيب ؟ خلنا نآخذ شاحن ونشحن عندهم ونرجع للسيارة
لين يجي أبوي
سحبها من يِدها وبخطوات سريعة بدأ يسير و . . .
،
س به ، تفهُم بأنه على بُعِد خطوا ٍت ي ُكون
ُّ
يُراقبها من بعيد ، يشعُر بأنها تح
ي ، ياليتك
ي من هذه اإللتفاتات التي تشعُر بمراقبتِك ل
هو ، أنا أثق ب ُحبِك ل
تفهمين يا عبير أنني أ لمة " بش َّدة " يالله كم يل ُزمني ُحبك بش َّدة ، بأكث ُر من ك
من كلمة تصف جنُوني بِك ، كم يلز ُمني يا عبير ؟
عبير : يعني بتروحين!
أفنان ببهجة : إيه نهاية هاألسبوع أستلم شهادتي ، وأصال حاجزة تذكرة
العودة من الدمام
ِس ، الله يوفقك
عبير : كويِّ
ِل رتيل : جوالها طافي
ُمنشغلة بحا
ض ي ال
عبير : أبوي راح لهم
ضي : إيه بس رجع ألن الطرق اللي بالشمال مسكَّرة .. الله يستر ال يكون
صاير لهم
عبير : آل إن شاء الله ..
بخوف بدأت تُف ِكر ، ُرغم نزاعاتهم ومشاكلهم المتكررة ولكن ال تتحمل
بأنها تفق ُد أختها وصديقتها و ُكل حياتها .
تن َّهدت وهي تجلس على ُكرسي المقهى الذي على الرصيف. وقعت عيناها
مرةً أخرى لمثل الر ُجل ، أختى بغمضة عين ليجعلها تش ُّك بداخلها ، هل
رأته أم تتوهم ؟
،
رفع عينه بتثاقل ، والغطرسة تظهُر على مالمحه : قلت لي مين ؟
بلع ريقه بخوف : بنت عبدالرحمن آل متعب الله يسلمك
رائد يزف ُر دخان سيجارته : بنته !! وفارس ؟
شعر بأن األر ُض تهتز من تحته : إيه طال ُعمرك
رائد بهُدوء : وين فارس ؟
:طلع يتمشى من ساعة
رائد : و من متى هالعالقة ؟
:من سنة ونص تقريبًا
رائد بسخرية : حلو .. من سنة ونص وأنا آخر من يعلم
:تونا نعرف طال عـ
قاطعه بعصبية وصل صوته الغاضب لكل جزء في الشقـة : جب لي
فارس الحين ال أق ِِّصر لك هالعمر
،
الساعة تقتر ب من التاسعة مسا ًء ، أتصل عل يه بحز ٍن يُالمس أطراف يِده :
أحجز لي بأسرع وقت ، لو مافيه رحالت شف لي ترانزيت .. أبي
هاليومين أكون في باريس.
،
فتح عينه على صرختها التي ض َّجت أركان البيت ، أستعدل بجلسته من
الكنبة التي كسرت ظهره : الجوهرة!!!
.
.
أنتهى ، نلتقي اإلثنين إن الله أراد.
.
.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب ُمستضعفين في ُكل مكان
ُّ
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال أن يرحمهم ر
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
-
لفقد أبي وأمي والحبيبيـــن
هل سأراهم أم أن ذلك بعيـد
أبكيت عينيــي الحزينتيــــن
ماهذا الذي تقولـه ياوليــــد؟
هذا الذي أعرفه أرجوك ال تبكين
هل تَر َى أن قلبي من حديد
أنا مثلك مصاب وألجلك حزين
ال تلمني كل يوٍم همي يزيد
عند لقائك بزوجك قد ترتاحين
وأهلي وأخي وأختي ياوليد؟
اصبري وأن الله مع الصابرين
وهل عبدالعزيز مات أم فقيد
أدعي لهم بالمغفرة وال تجزعين
*وصف المشاعر.
رواية : لمحت في شفت يها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
، بقلم : ِطي ش!
ال ُجزء )
)
ٍر
فتح عينه على صرختها التي ض َّجت زوايـا البيت و حفر ت بغشا ِء أذنه إب
حادة الحواف ، أستعدل بجلستِه من األريكة التي كسرت ظهره ليتمتم
َما س َمع : الجوهرة
بإستيعاب ِل !!
بخطوا ٍت سريعة صعد لألعلى وأفكاره تضيع بين أشيا ٍء كثيرة ال يستطيع
التركيز بها إال أنه يثق تماما بال ُحراس المحاصرين البيت تما ًما والح ِّي
ُمعانقة للجوهرة
بأكلمه ، ثبتت أقدامه على الدور الثالث لينظ ُر لحصـة ال
وتحاول أن تُهدئها ببع ِض الكلمات الناعمة.
هُ يلتقط شي ٌئ يفهمه ولكن ُسرعان ما أنسحبت
َّ
سلطان نظر لعائشة الواقفة عل
األخيرة بخو ٍف يتجعُد بمالِمحها ، جلس على األرض بالقُرب من عمتِه
ليهمس : وش صاير ؟
ح َصة لم تُجيبه وأكتفت برسِم عالما ٍت تُنشط بها عقل سلطان الناعس ،
بصو ٍت ثقيل : طيب .. الجوهرة
حصة وقفت لتتركها : بروح أسوي لها شي يخليها تسترخي ..
ضغطت بيد يها على ُركبت يها المتالصقت ين وشعُرها يتناثر على وجهها
ُمنجذب لألرض التي لم تبتسم لها يو ًما، أكان ثقيالً على هذه األرض أن
ال
نفسي الحزينـة وتُعطيني قطعةً منها ال تعر ُف للبؤس جًو تُز ِكي عن ا ؟ هذه
ًما
األرض مازالت تُمارس ضياعها في قلبي الذي بحجِم الك ِّف ! أكان لزا
ِعني معها
عليها أن تضيع وتُضيِّ .
سلطان عقد حاجب يه ، أبعد خصالت شعرها بأصابعه : ماراح تقولين لي
وش فيك ؟
ال ُجوهرة بإختناق : أبي أبوي
سلطان : أدق عليه ؟
الجوهرة بنبرةٍ تحشرج بها البُكاء : أبي أرجع بيتنا
سلطان بهُدوء : أن ِت في بيتك
ال ُجوهرة رفعت عينها له لتضغط على شفتِها ال ُسفليـة بأسنانها العلوية وكأن
ِل
ِّ
نُجاهد أن نُمث
َ
هذه الطريقة الطفولية ستمنعها من البُكاء، ال أعرف ِلم
نح ُن خلقنا من تُراب قابل للتطاير والص ُم الالمباالة و ود ، لسنَا من حجر
حتى نتحلى بالج ُمود على الدوام.
سلطان بح َّدة باغتت نبرته : وش صاير لك ؟
َ حوِله ، ليسترجع عقلها عائشة التي صدمتها باألعلى
ال ُجوهرة تنظر ِلم
حتى ُخيِّ الصور ِل لها أنها ُسعاد، ذاك الوجه البشوش الذي رأتهُ بإحدى
التي تجمعها مع سلطان، أتت صرختها بعنفوان الدهشـة والخوف، أتت
ِز هذا
بحدةِ ال ُحب الذي ينمو في داخلها ُدون حاجتها لحنان/إهتمام يُحفِّ
ُّف بج ِو
أن ُوِلدت لم يتغيَّر شيء، تستطيع التكي
النمو، روحها عطشى منذُ
سلطان الصحراوي الذي يشت ُد بضراوتِه، قادرة أن أتحمل ولكن هذا ال ُحب
الذي يكب ُر يوٌم عن يوم يزدا ُد بح َّدةِ أطرا ُف النبات الذي يُعشعش بأر ِضك
يا سلطان.
الجوهرة : وش صاير!! أبد سالمتِك .. وقفت ليسحبها من معصمها
بغضب حتى سقطت بجانبه. لو أن أح ًدا غيرها لن يصرخ بهذه الحدة أو
حتى لن يخاف من إصطدامه بشخ ٍص ما، لكن أنا ؟ دائ ًما أختلف عن البقية
ِي
ِّ
حتى في خوفي، أخشى أن يأ ِت يو ًما أخا ُف به من ظل .
أردف رافعًا حاجبه بح َّدة : هاألسلوب ما يمشي معي
بربكة الحواس شتت نظراتها التي ترم ُش بتناسب طرِدي مع نبضات قلبها
ال . ُمتصاعدة
سلطان بصيغٍة أمر بالجواب : وش اللي صار تو ؟
بقهٍر الجوهرة تراقص على نبرتها : دلع بنات ما يهِِّمك
سلطان بحدةٍ أكبر : وش اللي صار تو ؟
الجوهرة رفعت عينها للسقف حتى تمنع الدموع من التساقط وبخفُوت كأنها
تُحادث نفسها : كنت أشوف صور زوجتك وعلقت في بالي بعدها طلعت
لي عايشة ... و
يُقاطعها : مين زوجتي ؟
نظراتها به لتغرق في ح ُصو ِن عينه ،أصطدم قلبها بقَّو الجوهرة ثبتت ة في
صدرها الرقيق : مين عندك غيرها ؟
سلطان بهُدوء مالمحه : ما أعرف إال وحدة
َي خاويًا بعد تج ُمع
الجوهرة شعرت بوخِز اإلهانة في ُعنقها الذي بق
الضربات في صدرها، ألتزمت الصمت لتنظ ُر لعين يه.
أكمل وهو يقف : تعرفينها ما يحتاج أقولك
مِّد يِده لتُعانق كفَّها وتِقف من على ال ُرخام البارد، سحبت كفَّها لتُردف
بضيق حروفها التي التُنطق عادةً : أبغى أروح ألهلي
بخطوا ٍت با ة تُشبه برود أعصابه اآلن : طيب ِر نزل د
الجوهرة : أكلم أبوي ؟
سلطان ألتفت عليها : ال وهالموضوع ال ينفتح
بغضب أتى ناع ًما كخامة صوتها الرقيقة : بتمنعني عن أهلي ؟ أنا برتاح!!
تعبت نفسيتي من هالبيت وهالمكان
سلطان : تعاملي مع مشكلتك بنفسك
رج في الطابق الثاني، ب ُم الجوهرة تقف عند آخر عتبة من الد قابل جناحهم :
مشكلتي هي مشكلتك!! تِِّوك تقول زوجتي يعني مسؤول عني
أبتسم وهو يستفزها ببروده : مسؤول عنك؟؟
ُم بظهرها لتتضح قوتها بمثل مفهومها : إيه رضيت وال ما
الجوهرة تستقي
ًء برغبة منك
رضيت أنت مسؤول عني، إسمي زوجتك وعلى ذمتك سوا
أو ال
سلطان : شكًرا على الدرس األخالقي .. وأتجه نحو ُغرفتهما لتلحقه
ومازالت دموعها تُبلل مالمحها الدافئة.
أردفت : ليه تعاملني كذا ؟
سلطان يفتح أزارير قميصه ُمتج ًها لدوالبِه : كيف تبيني أعاملك ؟
الجوهرة : ال تتناقض وبيكفيني هالشي
سلطان رفع حاجبه : تناقضت!!!
الجوهرة بحرج بدأت تنظ ُر لكل األشياء ماعداه.
ي أصحح لك
سلطان الذي يخشى أن يتعرى بقلبه أمامها أردف : الزم ل
معلوماتك
ي ؟
الجوهرة بحدةِ موقفها : طيب صحح ل
سلطان تن َّهـد : خلينا ننهي هالنقاش عشان عيونك ال تبكي أكثر
الجوهرة نظرت إل يه بسهاٍم حادة تخترق عين يه الواثقة ، أردفت وهي تمس ُح
دموعها المترسبة على مالمحها : أبكي؟ أنا لو أبكي تأكد أنه ماهو عشانك!
أبكي على ُعمري اللي ضاع معاك
سلطان بتجاهل : كان الله في عونك
،
الساعة تقتر ب من التاسعة مسا ًء ، أتصل عل يه بحز ٍن يُالمس أطراف يِده :
أحجز لي بأسرع وقت ، لو مافيه رحالت شف لي ترانزيت .. أبي
هاليومين أكون في باريس.
فيصل : أبشر الحين أدِِّور لك حجز
نا ِصر بضيق : أنتظر منك رد .. وأغلقه ُدون أن يسمع جوا ٍب ، ينظ ُر
للسواد الذي يُحيطه بعد أن شعَر بأن الحياة تتذبذب بلزوجة أسفل قدم يه، ال
يستطيع أن يتزن أب ًدا أو يُصدق أن قلبُها مازال ينبض إال حينما يُالمس
َّـة
قلبُها بيِده ويتحسس نبضاتِها بعناقها، أحتاج أن أرا َها بصورةٍ حسيـ
ِي
تُحِِّرك ذاكرة القلب كيفما تشاء، أحتاج ان أستسلم لهذا العالم حتى يُبعد عنِّ
ِن غادة
ُمالزمة له في تشتيت ُطرقنـا. أحتاج أن أحيـا على عي
" بياخته " ال
وقل ِب غادة ورائح ِة غادة و ُكل غادة.
،
ُمغلق حتى يعكس بشاشته
َران بخطوا ٍت سريعة طويلة ، يُخرج هاتفه ال
يسي
صورة الرجل البعيد ج ًدا ولكن مازال يُالحقهم، أخذ نف ًسا عميق ليُردف
بصو ٍت خافت : لو صار شي ترجعين لنفس الفندق وتخترعين أي كذبة
عشان تدخلين الغرفة قولي أنك نسيتي جوالك أو أي شي.. وأتصلي على
فندقكم بباريس من تليفون الغرفة وكلمي أبوك... أخرج من محفظته بطاقة
فندقهم .. هذا رقمكم ...
رتيل بتشتُت : وأنت ؟
عبدالعزيز : معاك بس لو صار شي تعرفين كيف تتصرفين !
رتيل بربكة : طيب ...
عبدالعزيز ينظ ُر لمحل الهواتف : أدخلي وأشحني الجوال بس
دقايق
يكفينا
رتيل بهُدوء دخلت بينما عبدالعزيز واقف ينتظرها بالخارج ويُراقب
أفكارها التي بدأت تخيط بحيل ٍة حتى يهُرب.
ُمتشققة بفض ِل أسنانها
إلتفاتاتها الكثيرة تفض ُح خوفها الذي يُداعب شفت يها ال
ال
دقائق ، أنهالت عليها ُمرتبكة : شكًرا .. بعد أن مَّرت أقل من
اإلتصاالت الفائتة : بتصل على أبوي
ا فرعيًا ُمقارب من نهر
عبدالعزيز مسكها من معصمها ليدخالن طريقً
السين الِذي تُعتبر هي عاصمتُه .
رتيل بخوف : ما ي !! ِِّرد
عبدالعزيز : على مقرن ؟
رتيل بدأت أنفا ُسها الخائفة تتصاعد : ماعندي رقمه الفرنسي .. نسيت ال
أحفظه ألنه غيَّره أول ما وصلنا
عبدالعزيز : عبير .. مرت أبوك .. اي أحد!!
رتيل أصابعها المرتجفة تخطأ في كل مرة ، باغتها إتصال والدها لت ُرد
بصو ٍت متلهف : يبـــه
عبدالرحمن : وينكم ؟
رتيل : في رَوان
عبدالرحمن : طيب الطريق مسكرينه أنتظروا بالسيارة للغروب وبعدها
راح نجي
رتيل بربكة كانت ستتحدث لوال يِد عبدالعزيز التي سحبت الهاتف : ُهم في
رَو !! ان
عبدالرحمن تن َّهد : مافيه طريق ثاني يوصلني لـ رَوان طيب! عز حاول قد
ما تقدر تروح آلي مكان آمن بس لين الغروب وساعتها إن شاء الله بنكون
عندك
عبدالعزيز بغضب : سالحي بالسيارة اللي تعطلت ومعاي رتيل وفيه واحد
يالحقني! وش أسوي ؟ فر ًضا كان مسلح بجلس أدافع عن نفسي بأيش ؟
عبدالرحمن بمثل غضبه : طيب أنا وش أسوي ؟ رحت مرتين والشمال
كله مسكرينه ..
عبدالعزيز تن َّهد بعد صم ٍت لثواني : وش صار مع رائد ؟
عبدالرحمن : ماعندنا خبر عنه لكن أكيد الحين شاك فيك ألنك خلفت
بالموعد بدون ال تبلغه .. بس تجي نشوف لنا عذر له
عبدالعزيز : طيب ..
عبدالرحمن : الله يحفظكم بعينه اللي ما تنام .. أنتبه لنفسك وال تروح
لمناطق فاضية .. خلك بمركز المدينة
عبدالعزيز : إن شاء الله .. وأغلقه ليُردف : أغلقيه عشان ماينتهي شحنه
رتيل : بننتظر لين الغروب ؟
عبدالعزيز : أيه .. نظر للسماء التي تُنبأ عن مطٍر سيزور األرض قريبًا،
تبللت فرنسـا بأكملها هذه األيام، واألكيد أنها ت ُزور قبر أحبابي، ماذا لو
كان ُهناك شيئًا يجعلني أتحسس ما بهم وهُم نائمين بسالم منذُ عام وأكثر؟
ُهم اآلن؟ أنا في أ َّشد أحزان هذا السماء
ُط يال رق تقودني ل
له لو أن ال
أتذكر ُكم. يالله لو يأتيني حلم سعيد يجمعني بكم ، أن يأتيني عيٌد أبيض
ي من الحنين ح ُد
" أنا مشتاق وب
وش كثر
يجعلني أبتسم فقط. إلهي! "
الهذيان.
،
د
ِه بعد أن د، ش ُّ
دفعه بقوة حتى أسقطه على ُكرسي من جلٍد أسَو هُ من ياقتـ
ش َطر ظهرهُ نصف ين إثر ضربته له ، صرخ به : تبي تجنني !!
فارس الِذي ن َزف من أسف ِل شفت يه ألتزم الصمت ال يُجيد التجادل مع والٍد
ُع ُكل من مِّرت به
. تقتل
غضبه يُشبه ريحٍ
رائِد بغضب ترك ياقته ليعُود لمكتبه ويُخرج سيجارةٍ يُدرك أنها لن تُطفىء
ُمح َّرمة تُطفىء شيئًا غير
النار التي تو ِّهجت بصدِره ، منذُ متى واألشياء ال
طريق الطاعة ؟ أدرك تما ًما أن ما بي ن أصبع ِّي نا ٌر يتحرك وأنا أزيدهُ
إشتعاالً : من متى تعرفها ؟
فارس بهُدوء ُمشتتًا نظراته : سنة و
شهور
رائد : والخيبة والله
فارس : ما ضريتك وال ضريتها !
رائد بصراخ : تآكل تراب !! هذا اللي ناقص بعد قل أنك تحبها ومهتويها
عشان أهفِّ * ِك بـ ذي *أشار لطفايـة السجائر
فارس جلس على األريكة الوثيرة ُدون أن ينطق شيئًا وهو يسحب منديالً
يمسح به دماءه.
ا ُج ِّل وقته ليُردف : كيف عرفتها ؟
رائد ينظ ُر إل يه ُمستغرقً
فارس : لما أرسلتني للي يستأجر مزرعة بوسعود
رائد وهو ينفث دخانه : كنت حاس ..
فارس : قدرت أفتح الغرفة وكانت غرفتها
رائد بسخرية : خروف !!! حبيتها من صور
فارس نظر لوالده بح َّ