الفصل 90

ٍق كثيرة تتأم ُل مالمحه، أبعدت
نظرت لعين يه النائمت ين بس ُكون، بق يت لدقائِ
عين يها ولكن ُسرعان ما تعود لم َّص ِب فتنتها، يُذكرني بعبدالعزيز في
، تستغر ُق
" للـسكارفات "
مالبسه، في ذوقِه الداكن، في ُحبه الواضح
الكثير من الوقت في نظراتها إل يه.





فتح عينه المتجهة نحوها بال سابق إنذار، شتت نظراتها وهي تضع يدها
على رقبتها التي اشتعلت بالرب َكة.
فارس : ماراح تخليني أنام؟
عبير بتوتر بدأت تنظ ُر لكل األشياء عداه، لم تشعُر بأنه يراقبها حتى وهو
ُمغمض العين ين، من بين دموعها الناعمة ابتسمت بمحاول ٍة جادة أن تُبعد
هذه اإلبتسامة التي ال ُمبرر لها، ع َّضت شفتِها السفليَة حتى ال تبتسم .
المكالمة األولى : على فكرة عيُونِك
فارس بنبرةٍ تسرقها في كل مَّرة منذُ
أرق.
يُتبع
،
طرقت عل يها كثي ًرا بنبرة تتصاع ُد بخوفها : ض ِّي!! أفتحي الباب . . لم يأ ِت
سوى سعالها المتكرر وتقيؤها الحاد، استغرقت وقتها حتى فتحت الباب
وهي تضغط على بطنها بكفِّ . ِها
رتيل عقدت حاجب يها بش ُحو ِب مالمحها التي اصف َّرت بالتعب، استندت
عل يها لتسي ُر ب ُخطى متعبة نحو األريكة، جلست بتأوه من بطنها الذي يهي ُج
بالو َجع : أخاف صاير شي!
رتيل بإندفاع : ال إن شاء الله . . جلست على ركبت يها أمامها . . يوجعك
كثير؟
اختنقت محاجرها بال َدمع لتلفظ : مو مرة . . أقدر أتحمله
رتيل بضيق : أكلم عبدالعزيز؟ . . يعني ممكن فيه مستشفى قريب!
ضي : ال . . خالص بنام وممكن يخف األلم
رتيل : طيب أنسدحي يمكن داخلك برد
ضي بإبتسامة : لو داخلني برد ما ر ِّجعت
رتيل بإبتسامة شاحبة: تح ِّملي دالختي بهاألمور . . بروح أجيب لك فراش
ِرها، غطت
ِّ
يدفيك . . . إتجهت نحو الغرفة المنزويـة لتجل ب لها فراش يدث





جسدها : إرتاحي . . . بخطوا ٍت خافتة نظرت للنافذة، ال ترى شيء سوى
ظهره على الكرسي المتمرجح بفع ِل الهواء، سحبت جاكيتها لترتديه،
أخذت وشاحها ال ُصوفي لتلفِّه حول رقبتها، إتجهت نحو الباب وانحنت
لتأخذ معطفه التي نامت به، ش َّدت على مقبض الباب ُدون أن تصدر
ِِّر أنفاسها لبيا ٍض
صوتًا، إلتفت عليها لتسير برجفة من البرد الذي يصي
متبخر، جلست بجانبه لتمد إل يه معطفه، ارتداه فوق جاكيته ليلفظ : كيفك
اليوم؟
رتيل ُدون أن تنظر إل يه، أعينهما كل يهما متجهة نحو المسطحات الخضراء
التي أمامهما : بخير
عبدالعزيز : و ض ي؟
رتيل : تمام . . إلتفتت عليه . . ما نمت؟
ِّطِ ع نومي
عبدالعزيز : متق
رتيل تنهَّدت لتعود إلى صمتها مرة أخرى ويُشاركها الصمت، نظراتهما
جدل ال يهدأ.
سمع صوت طرق، إلتفتت رتيل للخلف بتوجس، عبدالعزيز وقف : هذا
نايف . . . إتجه إل يه ليقترب منه : أبو سعود يبي يكلمك . .
عبدالعزيز يأخذ الهاتف ليُجيب : ألو
عبدالرحمن : هال . . شلونك يبه؟
عبدالعزيز : تمام . . أنت شلونك؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله . . أموركم تمام؟
عبدالعزيز : إيه بس نايف يقول الزم نغيِّر المكان ألنه شاك بأنهم عرفوه !
عبدالرحمن تن َّهد : بخلي نايف يدِِّور على مكان ثاني إن شاء الله
عبدالعزيز : وش قررتوا؟
عبدالرحمن : بأقرب وقت راح أجي عشان نرجع الرياض كلنا وهناك
بفهمك كل شي
عبدالعزيز : متى؟
ِط كم شغلة هنا وأسلمها لسلطان يكملها عني وأجيكم
عبدالرحمن : بس أضبِّ
عبدالعزيز : طيب





عبدالرحمن : رتيل عنِدك؟
عبدالعزيز : إيه . . لحظة . . . إتجه للخلف بخطواته الهادئة ليمِّد إليها
الهاتف . . أبوك
بلهفة أخذته لتُجيب : هال
عبدالرحمن : هالبِك
رتيل : شلونك يبه؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله و . . كلمتني عبير اليوم
رتيل وقفت بدهشة : جد!! وينها فيه؟ يعني بيتركونها؟
عبدالرحمن بإبتسامة لم يشعُر بأنه تلذذ بها منذُ مَّدة : أمورها تمام إن شاء
الله كلها كم يوم وينتهي كل هذا
رتيل : قالت لك شي؟ تعبانة؟
عبدالرحمن : آل بس مشتاقة لنا كثيير
رتيل برجف ِة شفت يها تألألت عين يها بالدمع : واحنا مشتاقين لها . . طيب يبه
متى بتجي؟
عبدالرحمن : بس انتظر كم شغلة أنهيها وأجيكم . . أنتبهي لنفسك وال
تنسين صلواتِك وكل أمورنا إن شاء الله بتتس َّهل
رتيل : إن شاء الله
عبدالرحمن : عطيني ضي!
رتيل بتوتر : طيب . . دخلت إلى البيت الدافىء . . . شكلها نايمة
عبدالرحمن عقد حاجب يه : نايمة الحين؟ . . فيها شي؟
رتيل : آآ .. ال . . يعني شوي تعبانة بس . . يعني عادي تمام
ِي؟
عبدالرحمن بضيق : تعبانة!! رتيل وش صاير؟ فيه شي مخبينه عنِّ
رتيل بربكة : آل . . يعني وش بيكون؟ . . هذا هي ص َحت
ضي التي كانت تحاول النوم ولم تستطع من األلم، رفعت عين يها إل يها
رتيل : أبوي ..
ضي بحركة متهورة من لهفتها إل يه ضربت بطنها بطر ِف الطاولة التي
موجعة من بين شفت يها الشاحبت ين.
"
" آآه
أمامها لتخرج
عبدالرحمن بخوف : ألو .. !!





رتيل تضع الهاتف على الطاولة : ال تتحركين . .
ضي أخذت الهاتف بعدِم رضوخ لطلبات رتيل : ألو
عبدالرحمن : وش فيك؟
ضي تتحامل على و َجعها: وال شي بس صدمت بالطاولة . . المهم ماعلينا
. . بشرني عنك؟
عبدالرحمن بعدِم إقتناع : صاير شي؟
ض ي : وش فيك عبدالرحمن؟ مافيه شي . .الحمدلله كل أمورنا تمام . . .
أبي أسمع أخبارك؟ ليه ماجيت قبل أمس؟
عبدالرحمن : مقدرت! بس إن شاء الله هاليومين بجي
ضي : إن شاء الله
عبدالرحمن : يبه ضي فيك شي؟
ضي بضيق : صار فيني شي من قلت يبه
عبدالرحمن ضحك ليُردف : ال تدققين مرة! طلعت عفوية
ضي بإبتسامة : الله يديم هالضحكة! من زمان ما سمعتها
رتيل بضحكة تجلس على الطاولة لي ِصل صوتها إلى والدها : من قده
أبوي!
ضي بدأت ال ُحمرة ترتفع لوجهها لتُردف : كنت متأملة تجي قبل العيد !
عبدالرحمن تن َّهد : والله ماهو بإيدي . .
ضي : أهم شي سمعنا صوتك، ال تطِّول
عبدالرحمن : أبشري . . . تآمرين على شي؟
ضي : ما أبي إال سالمتِك و ضحكتِك
عبدالرحمن : الله يسلمك من كل شر . . أنتبهي لنفسك طيب يبـ . . طيب
ضي
ض ي تنهدت : طيب يبه
عبدالرحمن بضحكة عميقة أردف : بحفظ الرحمن يا ُروحي
ضي : مع السالمة . . أغلقته لتمِِّده إل يها.
وقفت رتيل بخبث : راح التعب؟
ضي بضحكة مجنونة : هههههههههههههههههههههههه مبسوطة . .





مبسووووطة ودي أطييير
رتيل : هههههههههههههههههههههه عساه دوم . . خرجت لتمِّد إل يه
الهاتف.
تسامتها لتُردف رتيل بف ! َر إبتسم إلب ح : أتصلت عبير على أبوي
عبدالعزيز : كويس الحمدلله
رتيل : الحمدلله . .
عبدالعزيز : دقيقة بوديه لنايف وأجيك . . . ثواني قليلة حتى عاد وجلس
بجانبها، إلتفت إل يها بكامل جسِده : شوفي عيونك كيف تضحك؟ لو أدِري
كان قلت له يتصل عليكم كل دقيقة .
رتيل إلتفتت نحوه بمسافة قصيرة تفصلهما، نظرت لغياهيب عين يه: محد
َرحها إال صوت أبو ي
ِِّرد للحياة ف
ي .
عبدالعزيز : الله يخليه ويطِِّول بعُمره
رتيل : آمين . . . كليت شي؟ وجهك تعبان!
عبدالعزيز : مو مشتهي
رتيل : عبدالعزيز ممكن أسألك سؤال؟
عبدالعزيز تن َّهد بعين ين تقب ُل اإلجابة.
رتيل : كيف عرفت عن هالجرح؟ . . أشارت إلى بين حاجب يها.
ِقة : كنت أصلي الفجر بالمسجد وشفت سيارتكم
عبدالعزيز بإبتسامة ضيِّ
ما َّرة، قمت أخِِّمن وش ممكن يخليكم تطلعون بهالوقت وما جاء الصبح اال
ي وعرفت
وسألت الشغالة وقالت ل .
رتيل : كنت أحسب في وقتها كنت تدري أني إسمعك عشان صدق أحقد
عليك!
عبدالعزيز : ما عرفت إال منك، بس أحب هالمكان
رتيل بإبتسامة : تحبه عشان . .
لم تُكمل من قبلته العميقة بين حاجب يها ليهمس بضحكة مبحوحة : هنا
ِل جبينها . . و ُهنا اإلحترام . . إل
موضع العشق . . أرتفع قليالً تفت ليُقبِّ
ِل خدها . . وهنا
ليُقبِّ
ِلها . . و ِهنا الو ِّد . . . مال قليالً
جانبًا نحو عين يها ليقبِّ
الحنان . .





ضحك عند إذنها ليُردف : أعل ِِّمك فن القُبل؟ تراني خبرة من بعِدك
رتيل تدفعه بقوة ليض ُج كل ما حوله بصو ِت ضحكاته، وال ُحمرة ترتفع
ألعلى رأسها، كل األشياء في جسدها تغلي بالدماء.
إلتفت عليها بإبتسامة ونبرةٍ فصيحة : جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل،
فحرقنا نفوسنا في جحيــم من القبل
رتيل تُقلد صوته : أنا ماأحفظ شعر غزلي كثير!
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههه
رتيل تقف بغضب ليسحبها بيِده : له الجنة أبوك . . كان بيروح يومي
بالكآبة.
رتيل تحك جبينها بتوتر عميق لتُردف دون أن تنظر إل يه : لمين هالقصيدة؟
عبدالعزيز بخبث: عجبتك؟
رتيل : ال! بس ِكذا أسأل فضول
عبدالعزيز : لبشارة الخوري . . اللي قال يـاعاقد الـحاجبين على الجبين
اللجين . . إن كنت تقصد قتلي قـتلتني مرت ين
رتيل : ما أعرفه
تل الور ُد نفسهُ حسـداً منك وألقــى ِدَماهُ
َ
عبدالعزيز بإستغراب : اللي قال قـ
ِ ي وجنتيـــ ِك
فــ .
رتيل بإصرار :ما أعرفه
عبدالعزيز يبتعد بأنظاره للسماء : ما عنِدك ثقافة أدبية !
رتيل : ألني ما أحب الشعر! أحب المواويل
ِّي! مسموحة
عبدالعزيز بضحكة إلتفت عليها : طقطقي عل
رتيل بإبتسامة تنظ ُر إلى السماء و بصو ٍت ناعم لم يعتاد أن يسمع فصاحته
: أضنيتـنـي بالهـجـر مــا أظلـمـك . . . فارحم عسى الرحمن أن يرحمك
إلتفت عليها بده َشة جعلتها تضحك ليُردف : هذي اللي ماتعرفه!
رتيل بضحكة مح َّمرة بالخجل : أقولك شي! . . األيام اللي كنَّا جالسين فيها
في شقتك كنت أحب أشوف أغراضك وأكتشفها وأقرآها! وعلق في مخي
إسم الشاعر لما رجعنا الرياض ما قريت اال قصيدة وحدة وصرت أرددها
دايم لين حفظتها . . بس ما تذكرتها يوم قلت البيت األَّول لكن يوم قلت قتل





الورد نفسه تذكرت اللي قريته بشقتك!
عبدالعزيز بإبتسامة يراقب حركات شفت يها الرقيقة.
رتيل : مـوالي .. حكمتـك فـي مهجـتـي . . فارفـق بهـا يفديـك مــن
حكـمـك! . . آآ . . ما كان
يُكمل عنها بنبرةٍ ال تق ُل صحة مخارج الحروف عنها : ما كان أحلى قبالت
الهوى إن كنت ال تذكر . . فأسأل فِمك، تمُر بي كأنني لم أكن قلبك أو
صدرك أو معصمك.
رتيل بنظرا ِت متألألة نحو السماء : لو مِّر سي ٌف بيننا لم نكن نعلم . . هل
جرى دمي أم دُمك ؟
عبدالعزيز بإبتسامة واسعة : الله الله !
رتيل : سـل الدجـى كـم راقنـي نجـمـه ل ِّمـا حكـى .. مبسـمـه مبسـمـك
عبدالعزيز إلتفت عليها : يا بدر إذا واصلتني بالجفا . . وم ُت في شرخ
الصبا مغرمك . . قُل للدجى مات شهيد الوفا فأنثر على أكفانه أنجمك.
رتيل غرقت بضحكة مبحوحة وهي تُدفىء كفيِّها بين فخذيها : هذي
القصيدة خلتني أحب الشعر على فكرة!
عبدالعزيز : شكًرا.
رتيل إلتفتت إل يه بإبتسامة : عشاني حبيت الشعر؟
عبدالعزيز : عشانِك جميلة .
ضاعت النظرات بينهما، هذه النظرات ال تصنَّف تحت ال ُحب الناعم، هذه
ِوي بإلتواءا ِت
ِن. ح َّركت الري ُح شعرها الملت
النظرات عشق موضعها: علييِّ
ناعمة تُشبه تلعثم قلبها في هذه اللحظات، تاهت بحيرة هدب يه، ُرغم الدنيـا،
الحزن ومراسيل عين يك الحا َّدة، ُرغم الناس والعالم الذي يُباعد بمسافاته
عنَّا، ُرغم الكلمات الموِِّدعة و األشياء المخبئة في تلويحة، ُرغم إيماءات
ِبة من حناجرنا المبحوحة
الغياب نح ُن نلتقي بقصيدة شفافَـة، ب ُمباركة طيِّ .
،





َّظة ب ُحرقة الشمس، يتدَّرب على ثالث ساعات
في ساحة العمل المكت
متواصلة. أتى إليه ليُناديه بصو ٍت عالي : سلطاااان
ُط المبنى بمبنى آخر،
سلطان الذي كان يتشب ُث بالحبل المتين الذي يرب
إلتفت عليه ليُشير إليه باإلنتظار للحظات، رمى نف ِسه وخاصرته تلت ُف
بحب ٍل آخر، نزل ليقترب منه.
عبدالرحمن : بيته من داخل فيه شخصين عند الباب، وعند الباب
بس .
. بتروح الحين؟
سلطان يفتح الحزام الغليظ ليرتفع الحبل المصنوع من المطاط إلى األعلى
: إيه . . بس خلني أغ ِِّسل وأجيك
عبدالرحمن : طيب موضوع زياد وصلهم؟
سلطان : ماراح أطلع من بيته إال وأنا عارف مين الكالب اللي عندنا!
عبدالرحمن : المهم نفسك ال تجهدها وال تدخل بخناقات معهم! تِّوك طالع
من العملية
سلطان : بتجلس سنة كاملة وأنت تقول تِّوك طالع من العملية!
عبدالرحمن : الشرهة على اللي خايف عليك!
سلطان بإبتسامة : أبشر من عيوني . . طيب أسمعني فكرت وأنا أتدرب
بهالشي وحسيته بيساعدنا كثير . . إذا دخلت أبيك تجي وتضربني! خلنا
نو ِِّصل لهم أننا على إختالف وبعدها بروح بيت رائد وبيتأكد رائد أننا على
خالف وبيوصل للحمار الثاني سليمان . . . وبعدها نطبخهم إثنينتهم على
نار هادية
عبدالرحمن إتسعت إبتسامته : طيب أستعجل وأنا بنتظرك فوق
ِِّن إنك
سلطان يشعُر بالنوافذ التي تكش ُف هذه الساحة كثي ًرا : طيب حاول تبي
معصب
ِّي شي
عبدالرحمن بج ُموِد مالمحه : كلمني وبتركك الحين وحاول تحذف أ
عشان تضبط السالفة
سلطان أعطى النوافذ ظهره ليتسع بضحكته : واثق أنهم أغبياء لو يشوفنا
نضحك بعد يشكون
عبدالرحمن بعُقدة حاجب يه : طيب يالله ال تطِِّول . . بنتظرك فوق وبنتظر






دقايق وبطلع من مكتبي
سلطان : تمام . . أخذ نفس عميق ليعقد حاجب يه . . .
عبدالرحمن تركه ب ُخطى سريعة إلى الداخل، سلطان بحركة غاضبة رمى
المنشفة على األرض وإتجه نحو دورات المياه.
أستمر دقائِق حتى أغتسل وأرتدى لبسه العسكري، مسح وجهه ليتن َّهد
ويعُود بخطواته نحو المبنى، وضع السالح على خاصرتِه والقبعة بجانبها،
صعد للطابق الثاني لينظر لعبدالرحمن المتجه إليه بغض ٍب يتضح بمالمحه،
شعر لوهلة بأنه صادق في غضبه، كل األنظار بدأت تتبع ُخطاه الحادة .
لكمه بش َّدة جعلت أنفه ينزف دما ًء، بتعابي األلم ٍر من سلطان صادقة بسبب
الذي بدأ يشعُر به بأنفه، تخ َّدر تما ًما كما تخ َّدرت عيناه، أشار إليه بالسبابة
وهو يقترب منه بخفُوت، همس وأشعَر كل من حوله بأنه يهدد، بخبث
يعرفه سلطان جي ًدا : سالمات
سلطان بمثل همسه وهو ينحني بظهره بمحاولة أن يوقف النزيف الذي
أندفع في أنفه : الله يسلمك ما سويت شي بس طيِّرت لي خشمي! . . إبتعد
ِر ًكا سلطان واقف أمام أنظار الجميع
عبدالرحمن عائِ ًدا لمكتبه تا
المندهشة/المصدومة.
وقف بربكة أقدامه : وش صاير؟
أحمد بإستغرا ٍب شديد : شكلهم مختلفين في شي!
سلطان بخطوا ٍت غاضبة عاد للدَرج لينزل لألسفل، ركب سيارته ومن
خلفه تتبعه السيارة األخرى بإتجاه قصر رائد الجوهي.
سحب المنديل وهو يقود بك ٍِّف واحدة، يمسح الدماء التي بدأت تسقط على
قميصه، تن َّهـد وهو يراقب السيارة من خلفه، أستغرق دقائق كثيرة حتى
وصل للمنطقة. ركن السيارة بعي ًدا، إلتفت إليهما : واحد منكم يجلس هنا
ي
وواحد معا
:إن شاء الله
سلطان و ُمعاذ إتجها نحو الباب الخلفي، نظر لكاميرات المراقبة ليثبت
ظهره بالجدار : انتظر . . تسلق الجدار ليضع أمامها حجرة صغيرة
تحجب الرؤيـا .





ِت السماعة في إذنه المتصلة
قفز ليُردف : خلنا ندخل من هنا . . دخال ليثبِّ
بعبدالرحمن.
عبدالرحمن الذي يراقب الوضع بنفسه بعد أن فقد الثقة بموظفيه : فيه
شخصين عند الباب األمامي
سلطان : معاذ خلك هنا . . دخل من باب المطبخ ليرى الخادمة، أشار إل يها
بالصمت وهو يضع يِده على السالح. الخادمة برهبة إبتعدت ليصعد
لألعلى بخطوا ٍت سريعة، عبدالرحمن : مكتبه على يمينك
سلطان تراجع عندما سمع ُخطى أحدهم، مِّد قدِمه لتتلعثم ُخطى اآلتي
ِه على فِمه حتى ال يصدر
ويسقط على وجهه، جلس عليه وهو يضع كفِّ
ُغمى عليه، تركه وإتجه نحو المكتب،
صوتًا، ضغط بقَّوة خلف رقبته حتى أ
حاول فتحه ولكنه مقفل، بقَّوة دفع نفسه بإتجاه الباب حتى أنفتح، دخل
وأغلقه عليه.
أخذ نف ٌس عميق ليتجه نحو مكتبه، فتح الدروج لينظر إلى األوراق، يقرأها
بعجالة ليرميها بفوضوية على المكتب، إتجه نحو الملفات المصطفة
بترتيب في رفوف مكتبته، إبتدأ من الملفات التي على الجانب األيمن، قرأ
بعض المعامالت والعقود التي تربطه مع شخصيا ٍت معروفة، تركها وهو
يقف على ركبت يه لينظر للر ِِّف األول، بدأت األوراق تتو َّزع على األرض،
ليُردف : كلها أشياء نعرفها!
عبدالرحمن : شوف أبحث! يمكن يحفظها بمكان ثاني
سلطان يقف ليأخذ نظرةٍ شمولية لمكتبه الواسع : مافيه شي يُذكر! . . إتجه
نحو الجهة األخرى من الغرفة لينظر إلى الباب الذي يتوسطها، حاول
فتحه ولم يستطع، دفع نفسه بقوة بإتجاهه ولم ينكسر، حمل ال ُكرسي ليدفعه
بقوة نحو الباب حتى إنكسر وفُتح .
نظر للمكان الشبه خاوي سوى جهٍة واحدة مكتظة باألوراق والملفات
الورقيـة.
سلطان بنظرةٍ مندهشة : هنا أسماء الموظفين . . . وضع األورق بجيبه
ُدون أن يقرأها، أستغرق وق ٌت كبير وهو يفتش بكل جهة تسقط عينه عليها،
تراجع ليُغلق الباب بهُدوء ويضع الكرسي جانبًا، اخذ منديال ليمسح كل





المواضع التي لمسها، مسح بصماته ورتَّب المكان، نظر نظرةً أخيرة ليطل
من النافذة على الرجال الذين يقفُون عند الباب.
فتح الباب بهُدوء ليُغلقه بذات الهدوء، نظر للرجال الساقط أمامه وب ُكرٍه
أبعدهُ بقدمه لينزل لألسفل، شعر بفوهة السالح على رأسه من الخلف،
تجمدت قدماه ليأ ِت صوت عبدالرحمن : سلطان؟
سلطان بن بدر بجاللة قدره مشِِّر ! : ف عندنا
سلطان : أبيك تب ِّشِر اللي فوقك
بضحكة ُمستفزة : الزم نب ِّشره! بيجيك من باريس طاير!! . . دفعه حتى
يسي ُر لألسفل، سحب سالحه من خاصرته ليرميه بعي ًدا : وش خذيت؟
ِِّرب أقولك
سلطان : ق
:قديمة الحركة
سلطان بخداع ق َّدم قدِمه اليمنى بخطوة وترك قدمه اليسرى لي ِّشِد بها ساق
من خلفه حتى سقط من أعلى الدرج، هرول إل يه سريعًا ليسحب السالح
منه، أخذ سالحه المرمي جانبًا ووضعه في حزامه، رفعه من َشعِره بحدة
الغضب : بلغه يا روح ماما . . . وخرج بخطوا ٍت سريعة بجانب معاذ.
،
تنقضي ساعات الظهيرة، تجيء ساعات الليل الطويلة، تنقضي هي
ُّل لي ٌل آخر و عيٌد يفتق ُد نفسه تحت أسقف
األخرى بتفاصي ٍل مرتبكة، يح
ِن ناعمة في بيو ٍت أخرى.الساعة التاسعة
ماِلحة و يتغن ُج فر ًحا بين ُجدرا
مسا ًء.
وقفت أمام المرآة التي تعك ُس البياض الذي يلفَّها كقطعٍة سماويـة، كنجمٍة
سقطت من كنف القمر، وشعُرها مرفُوع بأناقة مخمليَة، و بشرتها التي
تعُود لبياضها المعُهود يغرزها السواد بعين يها التي تط ُّل على أحالٍم
زهريـة، أخذت نفس عميق ولسانها بحركة مستمرة على شفت يها حتى
تالشى الروج .
نجالء : هيوف مو من جِدك! . . بطلي تلحسين الروج! تقل بزر





هيفاء تأخذ المنديل لتمسح شفت يها : ما أحس على نفسي! . . تعالي حطيه
ي أحس قلبي وقَّف
ل
ِر ن جة : ِكذا شكلك تمام . .
جالء تضع لها ال ُروج وهي تمسح األطراف الخا
. ماشاء الله تبارك الرحمن ربي يهنيكم ويسعدكم ويرزقكم الذرية الصالحة
هيفاء بإبتسامة : آمين
نجالء : أستحي شوي مو على طول آمين
هيفاء تنهدت : نستحي مايعجبكم! ما نستحي بعد ما يعجبكم . . !
بضحكة : وج ِِّه ! نجالء ك ال يح ِّمر بس
دخلت ريم بتأفأف : إنكسر كعبي! هذي حوبة ريَّان والله...
نجالء إلتفتت عليها : أشوف!
ريم جلست على طر ِف األريكة وهي تنزع حذاءها : يالله . .
نجالء : جيبيه أنا أعرف كيف ألصقه بس ال رقصتي أنزعيه عشان ما
تطيحين على وجهك
ريم : وش بتسوين فيه؟
نجالء : جايبة معي صمغ !
ريم بإبتسامة : من ِت هيِّنة كل شي عنِدك اليوم!
نجالء : جايبته عشان أختك الهبلة! ماتعرف تمشي بالكعب وخفت ينكسر
ريم بضحكة : هيفاء أمشي خلني أشوف
هيفاء : جايين عشان تمصخروني؟
ريم : ال والله بس بشوف . . !
هيفاء تسي ُر نصف خطوة لتغرق ريم بضحكاتها : ال تدخلين القاعة!
هيفاء بضيق : الفستان أبو كلب مو الكعب !
نجالء : يا حمارة يا كلبة شكلك حلو وفستانك حلو! مفهوم؟
هيفاء ببالهة : مفهوم
ريم : جايبة الكعب الثاني صح؟
هيفاء : إيه مستحيل أمشي فيه هذا مسافة طويلة، ال طلعت من القاعة بلبس
. بشغف أردفت . . كيف الناس تحت؟ صديقاتي جِّو الثاني . . ؟
ريم : القاعة ممتلية كل صديقاتك وبنات ما أعرفهم بعد جايين! . . وأهل





فيصل أنصدمت منهم! طبعا ماعرفت اال أمه بس شكل أهله من بعيد أو
مدري
د لها حذاءها : يالله ألبسيه . .
ُّ
نجالء تم
ِه لتقف : تمام
ريم ترتدي .
نجالء بخبث : وش حوبة ريَّان؟
ريم بحماس جلست : ما قلت لكم! سويت نفسي المريضة المسكينة عنده
نجالء بدهشة : من جِدك؟ . . وش تبليتي فيه على نفسك؟
ريم : قلت له أنه فيني مرض نفسي وأني أتوهم أشياء ماهي موجودة
نجالء : مجنونة! بكرا ربي يعاقبك وتمرضين جد! . . ال تتمارضوا
فتمرضوا
ريم : أستغفر الله يعني أنا قصدي ح َسن مو سالفة أتبلى على نفسي! . .
وش أسوي ريَّان عقله واقف عند عصر ما أنولدت فيه! الزم شوي أكسب
رحمته عشان يرحمني
ِي؟
هيفاء : أنا لو أتميرض الليلة وش يقول عنِّ
نجالء إلتفتت عليها : وش بتقولين له بعد؟ خففي ربكة وش فيها األدوار
أنقلبت !
هيفاء تجلس بتنهيدة : هذا إذا طلع صوتي! . . طيب وش أسوي؟ يعني
وش أقوله أول ما اشوفه . . ريم أن ِت وش قلتي له؟
. . ليلتي كانت زفت! نمت وما سأل عني
ريم : أصالً
هيفاء : وأن ِت نجول؟
نجالء بإبتسامة شاسعة : سولفنا عادي!
هيفاء بربكة : يعني وش أقوله؟ أجلس وال وين أروح أول ما أشوفه؟
ريم ضحكت لتُردف : أمشي على حظك وشوفي وش يصير! ال تفكرين
وش بتقولين وال وش بتسويين . . خليك عفوية
هيفاء تضع يدها على عنقها لتبلع ريقها بصعوبة، أردفت : طيب سِِّوي لي
تجربة . . يعني أن ِت فيصل
نجالء بإبتسامة : مبرووك يا قلبي
ريم : كذابة ماراح يقول يا قلبي على طول! وش هالميانة الوصخة





نجالء : ههههههههههههههههههههههههههههههه طيب مبرووك
هيفاء بإتزان تجاهد أن ت ِصل إليه : الله يبارك فيك
نجالء : آآ . . آممم . . شلونك؟
ريم أسندت ظهرها على األريكة بضحكا ٍت عميقة ال تنتهي.
نجالء : والله ِكذا يسألون وش فيك!
هيفاء عقدت حاجب يها : يخي جد أتكلم! . . ال تضحكون
نجالء : ما عليك منها! . . إيه شلونك؟
هيفاء : تمام . .
نجالء : قولي وأنت شلونك
لتُردف : ال وش ذا الجو المخيس! مستحيل يكلمني كذا
هيفاء صمتت قليالً
ريم : إيه خليها تنفعك! . . أنا أقولك وش بيصير . . . مبروك هيفاء
نجالء : أقص إيدي لو قال إسمها
ريم بسخرية : بيقول يا قلبي ياعيوني يا روحي! . . أن ِت إكرمينا
بتضيعينها بكالمك
هيفاء تنهدت : الله يبارك فيك . .
ريم : خالص أنتهى دورك أسكتي لين هو يتكلم! إذا تكلم جاوبيه ما تكلم ال
تحاولين أن ِت اللي تتكلمين . . وإكلي هنا لين تقولين بس عشان تتغلين
هناك
نجالء : الحمدلله والشكر! خلها تآكل معه . . هذي ليلة للذكرى تبينها
تموت جوع فيها
ريم : مستحيل راح تآكل براحتها . . صدقيني
هيفاء : طيب شكلي حلو؟
ريم : يجنن والله العظيم يجنن
هيفاء : يارب تمر هالليلة على خير . . تخيلوا نقضيها سوالف ونضحك؟
ريم : إيه وش فيها؟ عادي .. أكيد بتسولفون بس عاد ال تفلينها مررة
هيفاء : ال مستحيل! وش بنسولف فيه؟ مافيه سوالف
نجالء : أهم شي كلمة براحتك . . على كيفك شيليها من قاموسك! إثبتي
شخصيتك قدامه من البداية عشان بكرا ما يمسح فيك البالط





ريم : ال تسمعين لها! لو فيها خير سِّوت هاألشياء عند منصور
نجالء : أنا و منصور طبيعة زواجنا غير! جلست دهر ملكة لين جاء
العرس!
،
د سوا ًدا تُشابه عين يه المضيئة
ِن محياه بسكسوكـة تشت ُّ
اإلبتسامـة تُزيِّ
بالفر َحة، على كتف يه يثبت البشت األسود وبفالشا ٍت تصِِّو شخ ٍص ُر كل
يجيء إل يه للسالم، زفاف يخط ُف أنظار الصحافة بح ُضو ٍر يحتوي على
َمح د ُخول عبدالرحمن حتى جاء إل يه،
شخصيا ٍت هامة، جلَس و ب ُمجرد ما ل
قبَّل رأسه بإحترام كبير.
عبدالرحمن : مبرووك منك المال ومنها العيال
فيصل : الله يبارك فيك . . . عاد ليُوسف ليهمس له بضحكة يقص ُده بها . .
شكلي تمام؟
يوسف الذي يتالع ُب بين أصابعه سبحته السوداء : خل أمك تبخرك
فيصل: عيِّت الساعات ت ِّمر
يوسف : مستعجل! .. ه ِّد اللعب
إلتفت عليه بدهشة ليضحك يُوسف : جوكينق! . . وش فيها حرارتك
ارتفعت؟
فيصل : لوال البرستيج كان هفيتك ذاك الكف اللي يعلمك الحرارة صح!
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أحمد
ربك وجه وقفا أني موجود في حياتك لوال الله ثم يوسف ولد عبدالله كان
الحين أنت ضايع !
فيصل بإبتسامة : ما أبغى أدعي عليك! انت عارف دعواتي
يوسف يمسح وجهه : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه . . طيب طالعني
بصِّورك
فيصل : ال تنزلها باإلنستقرام!
يوسف : خف علينا! . . ترى األكاونت برايفت إذا خايف على جمالك





فيصل : صِّورني وال يكثر . .
" هيفاء ."
يوسف يصِِّوره ويرسلها بالواتس آب إلى
فيصل : ورني أشوفها
د له الهاتف : حلوة الصورة حطها بدل المخيسة اللي من أيام
ُّ
يوسف يم
الثانوي وأنت عليها
فيصل : ال هذيك الصورة أحبها
يوسف : حبتك القرادة وين الزين فيها!! كنك تِّوك بالغ على هالشنب . . !
فيصل : ههههههههههههههههههههه عمري فيها


يوسف : قسم بالله كل ماأشوفها وِِّدي أتفل بوجهك! معليش فيصل ودي
أجاملك أحاول أجامل بس يخي الصورة معفنة! . . معفــــــنة . . معفنننننة
فيصل :الله يآخذك قل آمين . . أدخل يوزري وغيِّرها . . وقف عندما أتى
أحدهم للسالم.
،
تذ َّكر األوراق التي تركها في جيبه، ب ُخطى متمللة إتجه نحو الغرفة ليأخذها
من جاكيته، سحبها لتنتثر مرةً أخرى بعض الصور، إنحنى لتتعلق عين يه
بصورة غادة، تخ َّدرت أقدامه بهيئتها الجديدة عليه، رفعها لينظ ُر إل يه
بعين ين متخدرة تما ًما، نزلت عين يه نحو األوراق، قرأ الورقـ ِة األولى التي
" عقد حاجب يه ليرى سج ٌل طبي ال
رؤى بنت مقرن بن ثامر
"
تنق ُش إسم
يفهم وال كلمة منه، قرأ الورقة المنفردة لوحدها مع الصور " غادة صارت
ي
ِت إزا
رؤى؟ و سلطان بن عيد صار مقرن بن ثامر؟ . . هَّوا الميِّ
بيصحى؟ العلم بعد الله عند أبو سعود "
،
في ساعا ِت الليل المتأخرة بعد عم ٍل دام لساعا ٍت طويلة بعد خروجه من





زفا ِف فيصل، عاد لينظر للضوء المستيقظ بالصالة، إتجه لتلتقي عيناه بهما
: صاحيين!
حصة بإبتسامة : جيـ . . تغيَّرت مالمحها عندما رأت الجرح الذي بجانب
أنفه . . وش فيك مجروح؟
إلتفتت الجوهرة بنظرا ٍت ترتجي اإلطمئنان.
سلطان : بالتدريب . . ليه ما نمتوا؟
ح َصة : خذتنا السوالف . .
سلطان ينظ ُر إل يهما بنظرا ٍت فضولية تُخِِّمن الكثير، يعرف جي ًدا أن خلفهما
أمٌر ما.
ح َصة وقفت : يالله تصبح على خير
سلطان يقف أمامها : بالله؟
ح َصة : وشو؟
ي؟
سلطان : فيه شي تطبخونه من ورا
ح َصة : وش فيك سلطان! يعني وش بيكون؟ . . سوالف عادية تبي
تعرفها؟
سلطان : ال . . بس عيونك تقول شي ثاني
حصة بإبتسامة : ال تطَّمن مافيه شي . . يالله تصبح على خير . . وأختفت
من أمامه لتتجه عين يه نحو الجوهرة الهادئة، إقترب بخطواته إل يها، بدأ
الغضب يعتليه عندما أنتبه لتجاهلها وهي تنظ ُر للتلفاز، وقف أمامها وبح َّدة
دفع ساقها اليمنى التي تضعها على اليسرى . . .
.
.
أنتهى. - نلتقي الجمعة إن شاء الله-





إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال
العباد و يرف ُع عنهم ِط علينا
ِّ
تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!
الجزء )

)
البارت

صفحة اللي بيقولي قصير بذبحه p :المهم البارت دسم ج ًدا





أقروه على رواق وبهُدوء، ألن البارت اللي فات وهالبارت والبارت الجاي
إن شاء الله، المهم هالثالث بارتات تقريبًا مكملة لبعضها بترتيب، يعني
اللي فات تمهيد واليوم األحداث والجاي بتكون نتايج هاألحداث .
يارب يارب يارب يق بن ِصر سوريَا وبالد المسلمين ويحفظ ِّ + ر عيننا
ويحفظ أرضها
"
ماِلي
شعوبنَا العربيَة واإلسالمية من كل شر، ويحفظ "
وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ سليمان الطويهر.
تجيئين حسنا.. ً
وتمضين حزنا.. ً
ُم جو َع الفالة
كما داع َب الغي
ُم في ِك
وأحل ..
وال ألتقي ِك..
الذكريات ُّض على
وجفني يعَ
..
وأغدو ابتهاالً
يتيماً
وقلبا .. ً
يفتش عن أهله في الرفات
ِق .. ما من مجي ٍب
وأهتِفُفي األف ..





سوى رجف ِة األضلع المرهفات
َّي جذو َع األماني
ز إل ..
ُّ
أه
فتسقُط أوراقــها..
يابِ َس ! ات
رحل ِت ..
تج َّرين حب َل األماني..
وزا ُد ِك..
أحال ُم ِك الزائفات
تخيَّر ِت وهما .. ً مدي َد الظالل
ودرباً جوانبُهُ موحشات
بخدي ِك يجري فرا ٌت صغي ٌر..
وأين أنا من مص ِِّب الفرات ؟
ولو ينب ُت الزه َر مل ُح العيو ِن..
َو َجنات
ألزهر ِت يوماً على ال
سألت ِك بالله .. يا نور عيني..





َي هل في الحياة.. حياة ؟
بدون
تعالي..
َّ لنسخ َر ا قليال
منـ ..
ملل ُت الحدي َث عن األمنيات
ملل ُت انتظاري لحلٍم كذو ٍب ...
فال قال "ها َك.."
وال قل ُت "هات! "
تعالي..
لنزعج حز َن الصدو ِر ..
من القهقهات
ِ
برج ِف الضلوع
فـ حتام نجري إلى غير شيٍء..
مات
و.... "
وما العمُر إال "هنيئا "! ً"
سئم ُت غياب ِك .. في القل ِب طف ٌل..
يطارد طيف ِك في الشرفات
تعالي..





َّاً
د الدمو َع سويـ ..
ُّ
نع
و
ونرجع أيامنا الضاحكات
ونخطفَمن وه ِمنا.. ما ُحرمنا..
ُم ِحرماننَا
ونو ِه ..
بال ُسبات!
أحب ِك..
ِ
.. الروح
يا رحلةَ
أن ِت.. بذو ُر الحياة..
وق ُش الممات
تغيبـين عني ..
..
طويالً
..
طويـــالً
وتأتيــــن دوماً مع األغنيـات
بدأ الغضب يعتليه عندما أنتبه لتجاهلها وهي تنظ ُر للتلفاز.
اشت َّدت الدما ُء في رأسي حتى شعرت بأن عروقي ستتفكك ال ُمحالة، أكره





أن أكون بهذه النرجسيَة مع ِك بالذات، أكره كوني مج َّرد من تراكمات
أنسى من أنا في عين يك، أكره كل أمٍر السنوات الفائتة، أكره كوني يجعلني
خارج سيطرة عقلي، هذه األمور البسيطة التي تتفاقم بصدِري إن انجرفت
نحو قلبي تقع كارثة، الكارثة التي تجيء في اللحظة التي ينب ُض بها رأسي
بقل ٍب ال يحكم سيطرته، أكره عينا ِك التي تتلعثم بعفويـة تُحبِط كل رج ٍس
من عمل عقلي، أكره عينا ِك التي تُجادلني كثي ًرا .
وقف أمامها وبح َّدة دفع ساقها اليمنى التي تضعها على اليسرى، رفعت
عين يها بج ُموِد مالمحها التي ال تُعبِّ اهلني فقط، هي ِر عن شيء، هي ال تتج
تتجاهل حتى شعُورها ور َّدا ِت فعلها .
أنحنى عل يها ليضع ذراع يه على جانب ين األريكة ويحاصرها، أبتعدت
بظهرها حتى ألتصق بظهِر األري َكة، قاتلت كل رهبة وخوف في قلبها
لتنظر إلى عين يه بتحِدي عميق، كل شيء يهرب حتى الهواء من أمامي
ء يعمل بصورة طبيعية بقُربه، يشتع ُل صدِر تخ َّدر وتالشى، ال شي ي
ٍر جبَان
ويرتفع بأنفا ٍس مضطربَـة ويهبط بزفي .
سلطان يقرأ عيناها الجريئة المتحديَة التي تُثبتها بال تردد في عين يه، ُهناك
ِّي بنظراتها، أنا أفهم جي ًدا عينا ِك الغاويَـة
شيء تُريده أن ي ِصل إل .
ال ُجوهرة بصوتها التي جاهدت بأن يتزن : هالمَّرة وش غلطتي اللي
بتعاقبني عليها يا بابا ؟
ال يتح َرك، كلماتها تعبره ببروٍد تام، مندهش/مصدوم.
ال ُجوهرة تشعُر بأنها تغ ِّص بالهواء : ممكن تبعد؟
ا بركانيًا : مين بابا ؟
سلطان بنبرةٍ تُخفي تجوفً
ال ُجوهرة بدأت أصابعها تنغرز في األري َكة بتوت تُردف بإصرار : ٍر عميق ل
ممكن تبعد؟
سلطان بح َّدةٍ كبيرة : من ِت قد الكالم؟
ال ُجوهرة بإستفزاز تنظ ُر إل يه بعين ين تتش َّكل من البرود : ممكن تبعد؟
سلطان إبتعَد بخطوت ين إلى الخلف لتقف وهي تُعِِّدل بلوزتها الناعمة،
نظرت إل يه بنظرا ٍت متهَمة تُشعل به نا ُر الضمير، لوت فِمها جانِبًا بضيق،
لتقترب منه حتى ألتصق بطنها ببطنِه، رفعت عين يها إل يه بتحدي : تعرف





وش مشكلتي معك؟ أني يوم دعيت الله يهديني! كنت الضاللة في عيني . .
. حاولت أن تتجاوزه وتخرج ولكن يِده إمتدت لتمنعها، سحبها حتى
أرغمها على الوقوف بأطرا ِف أصابعها، وضع ذراعه خلف ظهرها
َما
ُهَدى فَ

بِال
َرُوا ال َّضاللَةَ
ِذي َن ا شتَ
َّ
ئِ َك ال
ولَ
ُ
ليش َّدها نحوه، وبإجابة أرجفتها : أ
ُم هتَِدي َن
َو َما َكانُوا
ُه م
َرتُ
َربِ َح ت تِ َجا
هرولت ُحمرة الخجل في جسِدها بأكمله حتى وصلت لعين يها التي ضاقت
ح ُصو ِن بالملح، بلعت غ َّصتها من جوا ٍب أفحمها، أسقط قَّوتها، جواب
أسكتَها ح ُد الالحديث بعده، ش َّدها أكثر حتى شعر بنبضات قلبها الملتصقة
ِري ُطوله، تألمت من قلبها
به، تألمت من الوقو ِف على أصابعها حتى تجا
الذي بدأ ينبض في كل جز ٍء بجسِدها الغ ِّض .
يُكمل بإبتسامة تهزم كل محاوالتها في إسترداِد قِّوتها المندثرة بحضرته :
اللي و َّده الضاللة ما يدعي بالهدايَة!
لوهلة شعرت بأن جسِدها عبارة عن دماء/ماء ال شيء آخر، ترت ِخي
بقبضة يِده كقطعة صلصال يُش ِّكِلها كيفما يُريد، تألألت عين يها بتجمع
الدموع في غيِم محاجرها.
أرتفعت أنفاسها وكأنها للتو خرجت من معركٍة حاميَة، في لحظ ٍة كان هو
ٍر مضطرب
ٍق وينزلق بزفي
يشعُر بزلزا ٌل يضر ُب بصدره الذي يعل . ُو بشهي
كنت أظن أنني أنتصرت عليك بجمل ٍة خافتة من حقَّها أن تُزلزل ثقتِك
ِي حق اإلنتصار وهزمتني بآية عظيمة
ب ُحبي، ُكنت أظن ذلك حتى سلبت منِّ
من كتا ٍب عظيم، أنا حزينة! من األشياء التي صيَّرتها ضِدي، من صوتي
ِّي، من طعم الدماء
المتخ ِّشِب بإستجداءا ِت الهوى، من البياض الفات ُر في عين
المترسبـة في فِمي، من صوتُك الذي ينزل ُق ويسلب َسالم قلبي، من عين يك
ي يا سلطان لم تهزمني به؟ هذا وأنا
ونظراتها التي ال سلطة تعلوها! ماذا بق
لم أرفع الرايات البيضاء!
ـة خ َدشت حَّواف حنجرتها : لعلمك هذي اآلية
ضاق صوتُها بكلما ٍت جافِّ
نزلت في المنافقين.
سلطان : وش الشي مشترك بينك وبينهم؟





َّت على عين يها دمعة حجبت عنها عين يه :
ارتجفت شفت يها برجف ِة فكيِّها، طل
وش قصِدك؟
سلطان بإستخفاف : يُظهرون خال ِف ما يبطنون . .
تجعَّد جبينها بتعرجا ِت عروقها الغا ِضبـة، ع ِّضت على شفتها السفليَة حتى
تُخفي ربكتها، أبعَدت أنظارها عنه لتسقط برمشتها دمعة فاضت
بإنهزاميـتها .
سلطان يجهل ماذا يُريد من إستهزاءه : ِلك حق اإلنكار!!
رفعت عين يها مرةً أخرى إل يه، أشتعلت بغض ٍب صيَّر مالمحها الناعمة لح َّدةٍ
تُشبهه، بين أنفاسها التي تعتلي بإضطراب : ال بارك الله في لي ٍل جابك
بطريقي . . . نف َذت من يد يه لتتجه نحو الباب، تبعها ليسحبها بشدةٍ حتى
ثبَّت كتف يها، تألمت من ظهرها الذي ضربه بالجدار، لهثت ليسحب كل
الهواء من رئت يها بقُبلة عنَّفت شفت يها الناعمت ين، أغمض ت عين يها أمام عين يه
التي أطبق جفنه عليها، إلتفت يدها الرقيقة حول رقبته وهي تغر ُق به،
ُك وأرغ ُب بِك. صِعدت مالمحها ألعلى سق ٍف من الالشعُور،
كالفضاء أتأمل
لوال دمعتُها التي نزلت في قُعِر إلتحامهما، ال تتراجع الحياة عن إذاللي،
مازلت يا سلطان تُمارس سطوتك عل ساديـتُك التي ال تنتهي، أحاط ِّي و
بلتِه،
ذراعه خلف ظهرها ليش َّدها نحوه أكثر، أفرغ غضبِه منها بح َّدةِ قُ
تستطيل اللحظات بمرورها حولهما بعد أن تالقت أجسادهما بجسٍر
َّي على ضفتِها نهٌر من
)شفتيهما(، بجسٍر يحم ُل هوا ٌء خاِلص من رئت
ها وأصابعه تُخلخل شعَر الهوى/الجوى، وضع يِده اليمنى خلف رأس ها في
ٍر متين، إبتعد قليالً دون
وق ٍت كانت ذراعه اليس َرى تُحاصر جسدها بحصا
أن ترتخي قبضة يد يه، لم يفتح عين يه للحظا ٍت طويلة أستمر به صدره في
ٍو وهبوط ُمتذبذب، أرتخت يد يه ليبتعد بخطواته ويُعطيها ظهره، مسح
عل
وجهه بكلتَا يد يه ُدون أن ينطق كلمة.
لم تحتمل قدماها ذبذبا ِت الثبا ِت من تحتها، سقطت على ركبت يها على رخاٍم
بكاءها الذي ال يتركها تُكمل السير وتُكابد
ِ
بارد، أخفضت رأسها لتسقط بفخ
َي
من أجل الحياة، وصله أنينها كغز ِو قبائ ٍل على صدٍر خَوى، لم يلتفت بق
َر ينظ ُر إلنعكاس الجدران لظالله، عقد حاج ى ظلها الذي يُرتب نفسه
ب يه لي





ليقف، بغض ِب الناعمات وحسرة بكاءهن، بش َّدةِ أسنانها التي ترتطم
ببعضها البعض : أكرههك! أكره هالحياة اللي مخليتني أنتظر حظي معك!
أنا ماني جارية عنِدك! مالك حق تستعبدني بهالطريقة . . !
ِوج
ِو نبرتها صرخت، كثق ٍب في نهٍر أخطأ ال
بعل هة وص ِّب في عين يها : لما
أكون معصبة ومتضايقة الزم أروق ألنك تبيني أرِِّوق! ولما تكون معصب
فالزم أعصب معك! . . وال مِّرة حاولت تراعي شعوري! تضرب وت ِّمد
إيدك كأني . . مافيه شي يوصف تصرفاتك معي! مافيه شي يوصفك يا
سلطان! . . . أناني ما يهمك اال نفسك! ما يهمك اال مزاجك! . . . . اليوم
بس تأكدت أني مهما حاولت هذا قضائي وهذا قدري . . !
ٍر شا ِهقة، نظر لعين يها
ِهب بنا
ألتفت عليها بعُقدة حاجب يه، و صد ُره يلت
ٍر
المتألألت ين كخرزت ين ُمضيئتان في نهٍر جا .
الجوهرة : ذليتني وأوجعتني كثيير! سكت مرة ومرتين وثالث بس إلى
متى؟ حتى لما أكون بحالي بعيدة عنِك تجي وتكِِّرهني في عيشتي . .
قراري ماراح أرجع فيه! أنت ما تقبل على عمتِك أنه زوجها ما يحترمها!
بس تقبل أنك تهيني!!! . . ماراح أجلس عندك عشان تستخف فيني ِكذا!
سلطان بلل شفت يه بلسانِه ليُردف بحنق شعر به أن لسانِه ينثني عن الحر َكة
بإعوجاج : و ِلك اللي تبين . .
الجوهرة بلعت ريقها بصعُوبة لتُردف برجف ِة اهدابها : يعني ؟
سلطان : تبين ننفصل أبشري . . أنا بنفسي أتصل على أبوك وأبلغه،
عشان تكسبين إحترام نفسك اللي على قولتك فاقدته عندي!
الجوهرة تيبست قدماها لتش ِّد على شفتِها السفليَة ودموعها تتساقط بال
توقف، أنهار كل جز ٍء بجسدها بمحاوال ٍت بائسة أن تقف أمامه بثبات .
ِّظ ُزحام الدمع
ر القناديل حتى احترق ت، اكت
ُّ
نظر ت إل يه بعين ين ُمضيئت ين تج
حتى انتزع وسقَط، ج َرى النهُر يا سلطان وص َّب فوق خِدي ولم تستطع أن
ي،
ينجح حد ُسك بأن يفهم ما تَ كتمت أنفاسها لتحبس نحيبها، في ِشي به عينا
لحظ ٍة كانت عيناها تُكابد من أج ِل الص ُمود، خذلتها قوتها الصغيرة في
ُه لتتج َّمد عيناه بإتجاهها، ال شيء مف ُهوم هنا
الثبات/اإلتزان، بلع غصتـ .
عقَد حاجب يه بعُقدةٍ أسقطت اللوعة في قلبه، وماذا يعني أن نفترق؟ أن





تخ ُطو قدما ِك ُدون أن أظللها، أن تُراقبي هفوا ِت الزمن ُدون أن أص ِِّحح
مسارها بإتجاهك، أن تنش ِطر المسافات بيننا لتُطوى بحواجٍز شاهقة، أن ال
نتشارك الطاولة نف ُسها، أن ال ننام على الوسادة نفسها، أن ترفع الشم ُس
ُع في جوفي الكلمات وال ت ِصل لصوتي، أن
خمارها قبل عين يك، أن تندل
يبهت العالم في عيني و نفترق.
هرولت الرجفة بأطرافها لترفع عين يها الباكيَة إل يه، إلتقت به بنظرةٍ ذابلة،
مازال طعُم قبلته في فِمي، مازالت أوردتِي منتشيَة به. آمن ُت والله أننا
كاذبات ُمغفالت ال نلتفت وال لمَّرة ألنفسنا، نح ُن النساء الالتي ال يعرفن
ُم إختيار مصيرهن، الال الصبح
تي يخجلن من قول ال ُحب وفعل ال ُحب و نسي
إن أتى كبرقيَ ِة ُحب، نح ُن الصامدا ِت من أجل عزة النفس
َ
َ على ُكل حال ننادي بالسعادة؟ ِلم
والجبانات/الذليالت من أج ِل ال ُحب، ِلم
نطلبها ونح ُن في أول إنحناء لها تركناها! تركتها يا سلطان للحياة التي
تقت ُص مني كل يوم، وكل ساعة ولحظة، الحياة التي تغرز أظافرها في
حنجرتي وتقتلع صوتي من محجره، تركتني ُح َّرة حين طلبت اإلنفصال!
َحد،
خذلتني كل األشياء بما فيها صد ُرك الفسيح، ولكن في البُعد لم يخذلني أ
حتى صوتي أتى أكث ُر إتزانًا.
أتسم ُع رعشة قلبي؟ أت ِصل إليك حسرة حواسي؟ ببساط ٍة أكثر أقول لذاتي "
أنا أستاهل ألني وال مَّرة عشت لنفسي، وال مَّرة حاولت أكسب نفسي، أنا
ِي، أنا
يئست منِّ
أستاهل ألني دايم أحاول أدافع عن نفسي اللي أصالً
ضايعة! ألني تخليت عنك، يعني خالص؟ خذني آلخر مَدى وقُول أنه
كذب! كل هذا كذ ب، أعتذر عشان أعيش! عشان ما أحس باإلذالل! اعتذر
"
وراضيَة، راضيَة بِك "يا سلطاني
ِق، اغدقت في تفكيرها وصمتها
سلطان بإنكسار واضح في صوتِه الضيِّ
ُمشكلة
ليقطعه : ال تقولين ما حاول ت! أنا حاولت لكن . . ماعاد ينفع! ال
ماهي فيك! المشكلة اننا جلسنا سنة وأكثر مو قادرين نتجاوز هالشي! كيف
نتجاوزه؟ كيف نبدأ صفحة جديدة؟ . . ما نقدر! ال أنا أقدر وال أن ِت
تقدرين!!! بس . . أنا
شتت نظراته بعي ًدا عنها عندما رأى دمعتها كيف تصمُد في هدبها قبل أن





تسقط بإنصياع للحزن، ثب َّت أنظاره للطاولة التي امامه ليُكمل بتنهيدة تهزم
البدايات والنهايات وما بينهما : للحياة تركتك .
ال ُجوهرة بنبرةٍ ماِلحة: لله يا سلطان .
دارت عين يه إل يها، اعتد ُت الو َجع َو إيماءا ِت الوداع، اعتدت أن أكون
ِّي، وعلى ال ُرغم من هذا أنا ال أتقبَل
الخاسر في الحياة وال أس ٌف عل
خسارتي معك، ال أتقبَّل الخدش أسفل جلِدي إثر الدماء النافِرة من جسِدي،
ِّط كل ما يُح ويصب ينف ُر مني في اللحظة التي أريد ان أفصل ما بيننا،
َوجع قدٌر ُكتِب علينـا، آمنت يالجوهرة
ُوجدنا للنصف وأن ال
آمنت والله أننا
أن ال نهايـة سن ِصل إليها وال بدايـة يُمكننا الر ُجوع إل يها، آمنت أننا معلق ين
ال نهزم أح ًدا وال ننتصر أي ًضا، تعاِلي! أسكني ف لم تجيئي وحِدك، أتي ِت ِّي،
كقبائ ٍل نصبَت خيامها في صدِري، سحبت من أرضي ماءي ولم يبقى لي
ماء! لم يُصلي أحد اإلستسقاء من أجل قلبي، أنتظر ُت كالمساجد الشاهقـة
ِين، أتي ِت سما ًء واسعة حجبت الغيم والمطر، أتي ِت
ِّ
الخاويـة سجدةُ مصل
جفا ٌف ص َّب في ُعمٍر ا ِكضة في زمن توقِّف عند عتبة يابس نحيل، أتي ِت ر
ٍق لن
الحياة، أتي ِت جذ ٌع فقير هزتـهُ الريح وأنغرز في صدِري كَوسٍم با
بعد من ذنب النهار
ُ
ينتهي، أتي ِت يالجوهرة وعينا ِك ليل طويل، وأنا لم أبرأ .
ِي، يالله! أنا التي لم
ِّ
ٍر ُكل
لم تحتمل عيناه المتحدثة بإنحناء الحزن في إنكسا
أد ُعو الله طوال السبع سنوات من أجل السعادة والفرح والحياة، أنا التي
ضللت أردد أغفر لي يا رح َمن، أنا التي خجلت أن أطلب منك يالله الفرح
ُطفك، أنا التي قض يت أيا ًما ال يجيء على لساني
وأنت سترتني بعظيم ل
، إني أسألك يالله في هذه اللحظة،
رحمتك لقل ٍب أمتأل بك يالله "
سوى "
إني أسألك يارب الكلمات و الو َجع، يارب الرح َمة والعطف، يارب ُحزننا
َة الناعمة التي أو َدعت
ِّي، للصبيـ
ي، ردني إل
وفرحنَا، يارب قلبِه أعطف عل
في صدرها ُحبك، التي كتبت مذكراتها بنشوة ال
ِ صبـا، ُردني لقلبي قبل
ُمذلة، قبل أن
َوات، قبل أن أموت في متاهات الدنيا ال
سن يعص ُف النسيم
الرطب ويصبح ري ًحا شديدة، قبل أن تصبح يقظتي كابو ًسا ومنامي سوا ًدا،
ُردني يالله لنفسي إني أخا ُف يو ًما يب ِكي البُكاء من نفسي. يا لوعة ال ُحب
ِّي إني أرغب بحملك في شراييني للحياة التي تركتني من
الشديدة أسكني ف





أجلها، إني أمرض بك وال أسأ ُل من الله الشفاء، أريدك طريًا في دماءي،
في ذاكرتي، في حياتي يا ُكل حياتي .
ٍن مرتجف، ب َكت بعُمق الحزن في صدرها، ب َكت
الحت لوعتُها في أني
بعُمق الجرح في صوتها، ب َكت من الماضي الذي كان له سلطته في
حاضرها، ب َكت ألن الموت ثاب ٌت في قلبها.
ًء نقيًا لرئتيه التي
سلطان أغمض عين يه للحظا ٍت طويلة حتى يسح ُب هوا
ا، ال مفَّر من ِك يا شديدة الطفُولـة والبياض، يا أنثى ه ِّزت
ازدادت ضيقً
تاريخ اإلناث برن ِة خلخالها، ليت ما كان لم ي ُكن وليتني استطع قول ما
كان .
نظر إل يها بنظرةٍ خ َّدرت الهواء من حولها حتى إمتأل جوفها بالعَدم/بالفراغ.
نه يُصادق على قولها : لله يالجوهرة . . . خ َر بقسوة لسا ج ب ُخطى مبعثرة
ِّول أزارير قميصه العسكري بإختناق، دخل لمكتبه المنزوي في
ليفتح أ
ُعتمة ال يخدشها سوى ضوء بسيط نافذ، رمى سالحه على الطاولـة ليجلس
بغض ٍب يتضح في مالمحه السمراء، ش ِّد على قبضة يِده ليضربها في حافة
َو الطاول جع من ُصداع ال يدع فرصة شماتته تذهب، أنحنى
ة، مسك رأسه ب
ليثبت جبينه على المكتب وعيناه تنظ ُر للرخام، عِِّوضنا يا
بظهره قليالً
كريم، أنا وقلبي .
غ ِّطت مالمحها بكفيِّها، أشعُر بأني احتضر، أغي ُب تما ًما عن


إعدادات القراءة


لون الخلفية