الفصل 86

سلطان يخر ُج معه : نترك أحمد يراقب كاميرات التسجيل .. أخاف فيه
شخص ثاني غير زياد
عبدالرحمن : راح أبلغ أحمد يراقب بنفسه ويجيب لنا األسماء اللي يشك
فيهم خصو ًصا اللي جاء تعيينهم بفترة رائد
ليُردف بعقدة حاجب يه بعد أن قرأ إسم إحدى الموظفين :
عبدالله صمت قليالً





لحظة يزيد . . يزيد اللي دخل بقضية منصور
سلطان ألتفت عليه : يزيد مين ؟
عبدالله : كل األشياء صارت بذيك الفترة .. بعد حادث سلطان العيد الله
يرحمه . . . جت بوقت واحد لنا كلنا !
عبدالرحمن : كل هاألشياء وراها شخص واحد وإحنا اللي كنا نحسب ما
ورانا غير رائد . . .
متعب بإبتسامة ينظ ُر لسلطان : الحمدلله على سالمتك
سلطان يُبادله اإلبتسامة : الله يسلمك .. شلونك ؟
متعب : بخير الحمدلله دام شفناك
سلطان : شكًرا على الكذبة
متعب ضحك ليُردف : نص بخير
سلطان : طيب شكًرا على المجاملة
متعب صخب بضحكته ليُردف : ماني بخير
سلطان : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه . . .
يجلس على الكرسي . . ال تحاول تتمصلح معي لك عقاب على إهمالك
األخير
متعب بإبتسامته الصافية : كل شي منك مقبول . . ينحني ليضع األوراق
أمامه . . . هذي كل األشياء اللي راجعوها بوسعود وبومنصور
سلطان : يعطيك العافية يا متعب
متعب : الله يخليك
سلطان رفع حاجبه وهو يُخفي ضحكته بعد أن أستنزفه الغضب عند زياد.
متعب بلع ريقه : معليش يضيع الحكي عنِدي إذا شفتكم ثالثتكم ناقص
سلطان العيد ويصير الرعب الجماعي!
عبدالرحمن : ههههههههههههههههههههههه مشكلتك أنك واثق بنفسك لكن
ها
َّ
ترتبك! عاد حل
سلطان : هذا وأنا هادي اليوم
عبدالله لم يسيطر على ضحكته ليُردف بسخرية : الله يتمم عليك الهدوء
سلطان : يعني عصبت شوي





متعب : طيب تبيني أطبع لك األوراق لسكرتيرك؟
سلطان : آل عادي تكفيني هالنسخ
متعب : تآمر على شي ؟
سلطان : شف لنا قضية ولد بومنصور! أبيك تراجع كل األسماء وتجيبها
لي
عبدالله : و شف األشياء السابقة ليزيد وحاول تبحث عنه
متعب : أبشر . . عن إذنكم وخرج.
،
يُغ ِس ُل وجهه بالماء البارد، يحاول أن يستعيد بعض من نشوة الحياة التي
بدأت تذب ُل في دمه، ينظ ُر للمرآة، أجهلني! أجه ُل ماهية إختياراتي و
ُخطط له! ال أفهُم توجهاتي، ال أعر ُف ماذ
ا أخطط له؟ وما يجب أن أ
ي، كل الحياة بما فيها أشكا ُل السواد
إستدراج الحزن فيني، وإبتزاز الحياة ل
التي تسي ُر على أرضها، بما فيها رائِد، جميعهم يحاولون إبتزازي بأقرب
ِّي ، لم يكفهم كل هذا، مازالوا
الناس، لم يكِفهم والد ِّي و لم يكفهم شقيقت
يقذفون قذراتهم على جسِدي المطعَّم برائحة الوطن، مازالوا يمارسون
ي، ماذا يحصل يا رتيل؟ هل قرأتِي ما كتبت أم رميتِه
خياناتهم ألرضهم ب
ُدون أن تنتبهي؟ كنت أشعر ألو ِل مَّرة بمشيئة عقلك الذي يُريدني، كنت
أستمع لرنَّة قلبك في جسِدي، هذا العناق الذي ال يمثل قيمة أل ِّي أحٍد رآه،
كنت أفقد به قلبي، قلبي الذي أتكىء علي ِك .
مسح وجهه بالمناديل البيضاء ليرميها بعد أن تشبعت مالمحه بآثار
الجروح والندبات المالحة.
خرج لينظر لفارس الجال ُس أمامه، جلس بمقابله : وين رائد؟
فارس : طلع من الصبح . . طيب شلونك الحين؟ تحس بوجع؟
عبدالعزيز : ال
فارس بعقدة حاجب يه تن َّهد : وش ناوي الحين؟ بتنتظر لين أبوي يخلص
عليك! . . ترى هالمرة ماراح يتراجع . .





عبدالعزيز بصوتِه المتعب والبرد يُرعش قلبه : مدري وش بسوي! . .
أنتظر الفرصة تجيني
فارس : أتوقع أنه ناوي يخلص أشغاله هنا بأقرب وقت عشان يتوسطون
له بالجنسية الفرنسية بعدها أكيد راح يستغني عنك .. بس كيف بيستغني؟
الله أعلم
إبعاد كل هذه األفكار عن رأسه : شلون عبير؟
عبدالعزيز تن َّهد محاوالً
فارس : تمام
عبدالعزيز رفع حاجبه الحاد : تمام؟ يعني كيف
فارس : تطمن هي بخير
عبدالعزيز : وش راح يصير فيها؟
ة مقدر أتحرك أل ِّي فارس : بهالفتر مكان ألن أبوي ببساطة قادر يهددني
فيك وفيها
عبدالعزيز ينظ ُر للسالح الذي على الطاولة ليُمسكه وهو يتأمل تفاصيله
الفا ِخرة
فارس بإبتسامة هادئة : ألبوي
عبدالعزيز : مشكلة أبوك دكتاتوري يرفض يعتليه أحد أو يوقفه أحد ..
يحب يتحكم بحياة الناس لكن محد يتحكم بحياته
فارس بتضايق من وصفه لوالده بهذه الصورة : مهما كان الشخص سيء
ِب
تأكد أنه له جانب طيِّ
عبدالعزيز بنبرةٍ خافتة : يمكن جانبه الطيب فيك وبس . . . . ترك السالح
على الطاولة.
يُتبع
،
تجل ُس في شقتِه وهي تحاول البحث عن رقٍم يفيدها، كل محاوالتها السابقة
أنتهت بالفشل، ال تعرف كيف أختفُوا جميعهم فجأة، ال وجود لرتيل في
فندقهم وال وجود لوالدها وال وجود لعبدالعزيز، يالله يا عبدالعزيز ماذا





ِّي قل ٍب هذا سيتصبَّر على غيابك! ال أعر ُف كيف مَّرت األيام
يحد ُث لد يك! أ
السابقة ُدون أن أعرف أخبارك وال أعرف كيف ستمر األيام اآلتية، لو
إتصال فقط يُطمئني، تحبني بأنصاف األشياء، جبان ال تحتمل أن تتقيَّد
بأنثى واحدة، بأن تُطمئن هذه األنثى عليك وعلى عين يك الموجعة، كيف
ِّي سما ٍء تصعُد إليها نظراتُك، كيف أطمئن على
أص ُل إل يك وأنا ال أعر ُف أ
قلبي!
أجابت على هاتفها الذي أهتَّز : ألو
ِي ؟
سارة : وينك يا ستِّ
أثير : في شقة عزوز
سارة : يالله عليك وش تسوين هناك! تعالي بس البنات مجتمعين في . .
تُقاطعها : مالي مزاج أطلع
سارة : يعني بتحبسين نفسك لين يتكرم طال عمره ويتصل عليك ويعبرك!
أثير بسخرية : شكًرا على مواساتك .. أقدرها كثير
سارة : يا روحي يا أثير أنا ماأستخف بضيقتك عليه لكن هو كلب راح
وتركك وال بلغك تلقينه الحين راجع الرياض وال فكر يتصل عليك وال
تلقينه مكيِّف مع الكلبة الثانية
أثير تنهدت : مستحيل! أكيد صاير له شي .. أنا أعرف عبدالعزيز مهما
صار مستحيل يتجاهل إتصاالتي كل هالمدة .. أصال آخر أيام كانت
عالقتنا ماشية تمام
سارة : طيب؟ يعني بتقلقين نفسك وبتشيبين عمرك عليه! خالص مثل
ماراح بيرجع لك وال تخافين عليه
ينكم ُش قلبها بحزنها عليه : قلبي يعورني! مشتاقة له حيل وال أعرف وينه
فيه .. خايفة يكون صاير له شي وال هو قادر يكلمني
سارة بضيق تس َّرب إليها من صوت صديقتها : يخي الرجال دايم يبكونا
ودايم يضايقونا وياليتهم الكالب يستاهلون!
أثير : يا رب أنه بخير
سارة : أنا أقول أمشي معنا تغيرين جو بدل هالكآبة اللي عايشة فيها ..
يازينك قبل ال يجي عبدالعزيز بس من جاء كهرب أوضاعك وخربك





بكآبته
أثير تنهدت : تخيلي دورت على كل األرقام مالقيت وال رقم صاحي أتصل
عليه! حتى رقمه السعودي مغلق .. مستحيل يكون راح الرياض
،
تشر ُب الماء بكمي ٍة كبيرة لتُردف : أحس أني نايمة سنة كاملة! . . . تنظ ُر
لألرض والفاتورة المرمية عليها ويب ُدو أنها ممتلئة بالحبر، رفعتها : رتيل
تعالي شوفي
رتيل تضع هات ُف ضي الذي كانت تحاول أن تبحث به عن إتصا ٍل
باإلنترنت على الطاولة لتتجه نحوها، ضي : هذا خط عبدالعزيز ؟
د الورقة لتنظ ُر لخ ِطه المكتوب على عجل من أطراف الكلمات
بلهفة تش ُّ
الغير مرتبة، قرأت " في حال حصل شيء يا رتيل، كل الحياة لك "
بق يت عيناها وب
و يذُ
رتيل "
"
على الفاتُورة الصغيرة، لتسقط دمعتها على
َ
تخشى اإلعتراف؟ ِلم
َ
تتحدث بهذا الغموض؟ ِلم
َ
الحبر الداكن في زرقته، ِلم
تُشعرني دائِ ًما بأنك
َ
لها، قُل : أحبك. ِلم
أنت جبان يا عزيز؟ من أجل الله قُ
َم كل هذه
غير ُمتأكد من شعورك، بأنني شي ٌء وسيتالشى قريبًا منك، ِل
الحماقة التي تتقاذ ُف من كبريائك الذي لم ينحني ولو مَّرة ولن ينحني!
ِّي جميلة وأن شعري الممَّوج سحر،
أخبرني بثقة أنك تُحبني وأن عين
َ كل هذا؟ ال أستحق والله أن تجلب لي حياةٌ
أخبرني ولو للحظ ٍة واحدة، ِلم
خاوية منك، ال أستحق أن أعيش ُدونك، أنا أحتاجك، والله أحتاجك ،
ِي، أحتاجك كحال ٍة أبديَة ال تنتهي،
األس ُف أنك قادر بسهولة أن تستغني عنِّ
ِِّر ُق خطواتنا. أحتا ُج لقلبك يا
أحتا ُج لكت ٍف يجاورني يُقلص المسافة التي تف
عزيز ول ُزرقة السماء المنعكسة منك.
ضي بصو ٍت حاني : رتيل
رتيل تضغط على الورقَة لتتجعَّ ُد بقبضة يِدها، أستسلمت للبكاء وهي
ترميها على األرض : حقيييييييير .. ليه يسوي فيني كذا !! . . . . .
ضعفت أقدامها على حم ِل جسدها الذي أثقلهُ الحزن، لتجلس على أر ِض





المطبخ الباردة وهي تشعُر بأن أطرافها تتآكل من حرارة الحزن المنصهرة
في قلبها.
ضي تجل ُس بجانبها : ليه فهمتيه كذا يمكن قصده . .
رتيل تقاطعها : قصده شي واحد! أنا أعرفه مستحيل يتخلى عن غروره ..
ِّي . . . . . تُغطي وجهها
مستحيل يضحي بشي . . حتى أحبك بخل فيها عل
بكفيِّها الناعمت ين وهي تجه ُش ببكاءها : ما يحس قلبه حجر . . ما كفاه كل
ِّي .. يحب يقهرني ويض
هذا يحب يزيد عل ايقني .....
تسحبها لصدرها لتُبلل قميصها بدمعها ، حاوطت جسد رتيل بذراع يها، هذا
اإلنهيار ال يشبه سوى إنهيارها ليلة العيد عندما أنفجرت بوجه عبدالرحمن
: أهدي يا بعد ُعمري قطعتي لي قلبي
رتيل بصوت يختنق تدريجيًا : يوجعني .. يوجعني حبه
ضي بصو ٍت هامس يرب ُت على قلبها : ما تعودتي على مزاجيته وحدة
طبعه!
ِّي . . قلبه ما
رتيل : مزاجيته بس معاي! .. كل هالجنون ما يطلع إال عل
يستقوي إال علي .. يقهرني .. يقهرني يا ضي
ضي تمس ُح على شعرها البندقِي : طيب أهدي! الحين مو الزم تتقبلين
عيوبه؟
رتيل تختن ُق ببكائها : هذي مو عيوبه! هذا شي يسويه بس عشان يستفزني
عشان يقولي في كل مَّرة أنتظره فيها أنه نهايتنا واضحة، غبي متشائم ..
يتفائل بكل شي بالحياة لكن لما يجي الموضوع لرتيل يتشائم ويقول ال
تنتظرين شي التحاولين تفرحين بأي شي . . . . . مو حرام اللي يسويه
فيني ؟
ضي وتجه ُل كيف تواسيها وبأ الكلمات ترب ُت على كتفها لتتن َّهد : الله ِّي
يرجعه لنا بالسالمة بس
رتيل تجه ُش ببكائها بعد كلماتها : بيذبحني .. أنا عارفة وش بيصير!
بيقهروني فيه ..
وبإستسالم تذب ُل كلماتها : طيب وأنا ؟ ليه ما يفكر وش بيصير فيني ال
تركني! ليه دايم يحسسني أنه ماله وجود في حياتي وهو كل حياتي! . . .





ح الحزن به : يدري أني أحبه بس يحب
ُّ
رفعت عينها لضي لتلف ُظ بصو ٍت يب
يعذب نفسه ويعذبني معاه. .
،
تُمارس النوم قهًرا، للحظ ٍة لم تعرف كيف تفرغ حزنها إال بالنوم
وبالهُروب من الواقع الذي أساء إلى أحالمها التي غرستها به، ذنبُها أن
تُربتك يا ريان لم تكن صالحة أب ًدا، تقلبت كثي ًرا حتى نامت على بطنها
وهي تدفن وجهها بالوسادة تحاول أن تبعد كل األفكار السيئة عنها، كيف
لتضربه على الوسادة،
أمارس التبلد والبرود إتجاهك؟ رفعت رأسها قليالً
سئمت اليقظة التي ال تجلب إال التعاسة، تأفأفت وهي تخن ُق مالمحها
بالسرير، دخل بخطواته الهادئة ليُلقي غترته على كرسي التسريحة ويثبت
أنظاره نحوها، نائمة إلى اآلن؟
تق َّدم بخطواته وأصابعه تُفكك أزارير ثوبه، ثبت في مكانه عندما رآها
تُمسك أطراف الوسادة لتضغط بها على أذن يها، رفع حاجبه : ريم!
ألتفتت عليه وشعرها يُغ ِطي معظم مالمحها، أبعدت خصالتها بأطرافها
ُدون أن تلفظ كلمة.
ريَّان : نايمة للحين؟
ريم : أحاول أنام
ريان : ما نمتي أمس؟
ريم : إال بس ِكذا أبغى أنام . . أستعدلت بجلستها وهي تضُم الفراش بإتجاه
بطنها وتسند ظهرها على السرير
ريَّان ينزع الكبك من أكمامه ليلتفت عليها مرةً أخرى على وقع رنة
هاتفها، أغلقته لتُثير ألف عالمة إستفهام بعقله : مين ؟
ريم دون أن تنظر إل يه : صديقتي
ريان : وليه ما رديتي عليها ؟
ريم : أكلمها بعدين
ريان يقترب منها ليأخذ الهاتف من على " الكمودينه "، فتحه لينظر آلخر





ا ، هيفاء ، جنتي ،
َ
رنَـا ، رنـ هيفاء ، يوسف "
اإلتصاالت "
ريم بإمتعاض شديد : تأكدت ؟
ريان يضعه بهُدوء : قومي أنزلي معي
ريم : ما أبغى ... برجع أنام
ريان تن ِّهد ليُربكها بنظراته الممتدة نحوها : قومي
ريم بضيق : يعني غصب؟
ريِّان : أنا جالس أطلب منك!
ريم بدأت ال ُحمَر يتها ولم ترمش، أطالت ة تتسل ُل لعين يها التي تجمَّدت زاو
بنظرها لعين يه حتى تألألت بدمعها، قا ٍس أن ترى أحالمها تموت أمامها،
وقا ٍس أن تشهُد على خيبة أملها بالحياة، كانت تحلم كثي ًرا واآلن فُجعت
كثي ًرا، كيف أتعايش مع هذه الخيبة كأنها والشيء وأنا التي خططت ألشياء
كثيرة أبسطها لم أستطع ان أحققها معه.
ريَّان يجل ُس على طرف السرير بجانبها : الحين طلبي يضايق لهالدرجة ؟
تزوجتك وأنا مفرطة
ريم هزت رأسها بالنفي لتمسح دمعها الشفاف، منذُ
مسك دموعي وال أعرف كيف أتغلب على
ُ
بالحساسية، ال أعر ُف كيف أ
حزني.
ريَّان بإستفهام : طيب؟
ريم لوت شفتِها السفليَة لتحاول أن تُمسك زمام قلبها الذي تتالع ُب به رياح
الحزن : أسبقني وراح أنزل وراك
ريِّان : أنا أسألك
ِل اإلهتمام منت مضطر
ريم رفعت عينيها : يهمك بأيش؟ ال تحاول تمث ! ِّ
ريان ببرود : غريب أمرك، مهما سوينا لك ما يعجبك !!
ريم : لو قلت لك بنتناقش ! يصير أمري غريب بعد ؟
ريَّان : بإيش نتناقش؟
ريم : أنت شايف عالقتنا طبيعية ؟
ريِّان : هذا التقصير منك مو مني
ريم بقهر : كيف مني؟ قولي عشان أصحح نفسي
ريِّان بهُدوء : تعاندين وتحاولين تفرضين رايك حتى لو كان غلط





ريم : أنا ما عاندتك! أنا عاندت األسلوب اللي تعاملني فيه! ماني من
الشارع عشان تشك في كل مكالمة وال كل رسالة تجيني! . . أنا متربية
وأعرف حدودي زين
ريان : وأنا ماشككت في ترب يتك! أن ِت اللي أفعالك تخلي الواحد يشك
ريم : عشاني ما أرد أو عشاني سكرت الجوال صارت أفعالي مشكوك
فيها! .. ريِّان أنت وش مشكلتك بالضبط؟
ريِّان تنهد ليحاول تجاهل سؤالها ويقف ولكن يدها التي تخلخلت بأصابعه
أوقفته : ممكن لو مرة بس تحسسني بأهميتي!
ريِّان بجديَّة : أنا يا ريم مو قادر أفهمك وال أن ِت تساعديني !
ريم : طيب خلنا نجرب بس هالفترة أنك تتجاهل كل شي يضايقك مني ..
أو علمني فيه بوقته . . جِِّرب بس أنك تمسك أعصابك
،
ُم على بطنِه ويِده اليمنى على
مستلقي على األري َكة و عبدالله الصغير ينا
ظهرِه الناعم الصغير، نظر لهيفاء : ما سألته والله بس هو زواج عائلي
عشان أبوه الله يرحمه
هيفاء بهُدوء : الله يتمم على خير
يوسف : فيه شي ناقصك ؟
هيفاء : آل
يوسف بإبتسامة : عاد الحين ماعندك ريم تتحلطمين عليها .. فعشان كذا
ِّي
رأفة بحالك تحلطمي عل
هيفاء وتختنق بعبراتها : هو طبيعي أني أبي كل شي يتفركش !
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههه أعوذ بالله .. ليه ؟
هيفاء : الحين حسيت بشعور ريم
مات
ِّ
يوسف : فترة وتعِِّدي، عاد أنتم يالحريم مفل . .
هيفاء تنزل دموعها لتجهش ببكاءها، تشعُر أن قلبها الذي بحجم الك ِّف
ينكم ُش عليها ويتقلص بمسافاتِه، تشعُر أن الحمرة التي تحم ُل أكسجينها





تصفَّر ويشح ُب لونها، أهذه أعرا ٌض طبيعية؟ كيف سأعتا ُد عليه؟ كيف
سي ِّمُر إسمه على لساني ُدون أن أرتعش؟ كيف سينام بجانبي؟ كيف سأعتاد
على أن يشاركني الوسادة والحياة؟ كيف سي ُكون روتين حياتنا؟ هل يمل ُك
حنيَّة يُوسف و من ُصور أم يفتقرها؟ هل عيُوبه ضئيلة أم ستُتبعني؟ كيف
أعر ُف شخصيته وما يُحب وما يكره، كيف أفهُم نظراتِه وحركاته
البسيطة؟ هل سأ – عاديَة – فقط ال ُحب ُحبه أم ال؟ هل سي ُكون بينُنا عالقة
فيها ؟ هل سيشعر باإلنجذاب نح ِوي أو انني لن أغريه !
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه من ِت صاحية
الحين تبكين عشان أيش . . . يضع عبدالله على مقعده ليقوم ويتجه نحوها،
يجلس على األرض بجانبها : هيوف هذا وأنا أقول ما تتحسسين زي ريم
طلعتي ألعن منها!
هيفاء تمسح مالمحها بأطراف أصابعها : خايفة ما أتوافق معه!
ِي لو كان بينكم تعارف قبل الزواج وغيره!
يوسف بهُدوء : شوفي يا ستِّ
أول سنة زواج دايم مشاكل! كذاب ولد ستين كذاب اللي يقول أول سنة تمر
عادي وما فيها مشاكل! . . أن ِت أخذيها كمنطق .. أن ِت وياه لكم حياة غير
وفجأة يجيبونكم ويحطونكم في حياة مشتركة! طبيعي أنه إنتقالك من هيفاء
اللي في بيت أهلك إلى هيفاء اللي في بيت زوجها ماراح يكون سهل! بس
بالبداية الزم تتجاهلين كل شي ممكن يعكر هالشي .. واالشياء البسيطة
اللي كنتي مستحيل تتجاهلينها عندنا عِِّديها .. إذا بتفكرين بكل شي
وبتعظمين كل غلط بتتعبين! . . وفيصل أنا واثق فيه يعني أعرفه وأعرف
شخصيته
هيفاء بضيق : هذا ريان كنتم تعرفونه
يوسف : آلتقارنين نفسك بريم! ريان نعرف أهله بس كشخص أنا ما
أعرفه وما أشوفه اال بالعزايم ... أما فيصل عشرة سنين وأنا قلت لك كعقل
انتم مو متوافقين! هو ميوله شي وأن ِت ميولك شي ثاني لكن حلو
ون من بعض
ُّ
اإلختالف! يعني لو إثنينتكم نفس الميول نفس الطبع أكيد بتمل
. . لكن اإلختالف زين يقربكم
هيفاء : وإذا مقدرت؟





يوسف : الحين ورآه متشائمة! إذا مقدر ِت فيصل يقدر
هيفاء : يوسف أحس ماراح أعجبه من األشياء اللي أهتم فيها!
يوسف إبتسم : يآكل تراب هو حاصله
هيفاء ترفع عينها : ما تعرف تواسي على فكرة
يوسف بضحكة يُردف : بيني وبينك يعني أنا مطمن عليك عكس ريم
الحين ألني عارفها حساسة وبتضيق من الكلمة
دخل من ُصور لينظر إليهما بحاج ٍب مرفوع، يوسف يلتفت عليه : دبرت
اإلجتماع بروحك؟
ِف في البيت وأنت اللي
منصور : شف هي كلمة وحدة األسبوع هذا أنا بكيِّ
بتداوم عني .. عشان أطلع سحبتك من عيونك
ِّي نومة لو كنت صاحي كنت بجيك
يوسف : والله راحت عل
منصور : مو أنا اللي في الوجه! أنت بس كبر مخدتك ومنصور يضبط
الشغل وراك
يوسف : هذا انا راعي ولدك من اليوم !
َّر الله خيرك عساك
منصور ينظ ُر لعبدالله النائم بهدوء في مقعده : كث
أرضعته؟
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه طيب مقبولة
منك يا بوعبدالله عشان سحبتي عليك وال قولها مرة ثانية وبقطع عالقتي
فيك
منصور بإبتسامة ينظ ُر لهيفاء : وش فيهم الحلوين يبكون ؟
يوسف : ماتقدر على فراقنا
هيفاء تضربه على كتفه : الشرهة على اللي يفضفض لك
،
ُم الباريسي يثير
ينظ ُر للرقم الغريب الذي يُنير هاتفه من الخارج، هذا الرق
ي ولم ت ُكن صفحة بيضاء في
في نفسه القلق، باريس لم تأ ِت يو ًما بفرح ل
عالمي، أجاب بصو ٍت هادىء : ألو





:السالم عليكم
يقف بدهشة : وعليكم السالم . . مقرن ؟
مقرن تنهد : إيه
فيصل : وينك فيه ؟
مقرن : مو مهم! فيصل أنت الزم تروح عند بوسعود وتعترف له بكل شي
.. عندك من هنا لبكرا
فيصل : مقدر! أنا ماني عايش بروحي عشان أخاطر بنفسي .. وراي أم
وأخت!
مقرن بغضب : من هنا لبكرا!
فيصل بعصبية : قلت بروح لكن طلعوا لي! . . وش أسوي أنا ؟
مقرن : أنت غلطت وصحح أغالطك!
فيصل بصراخ : ما غلطت .. ما غلطت .. إذا بتعترف أنت فهذا أمر
يخصك لكن أنا بهالظروف مستحيل
مقرن بهدوء يمتص غضبه : يخططون عليك يا فيصل! ساعد نفسك قبل ال
يضيع منك كل شي
فيصل بمثل هدوءه : يخططون على إيش ؟
مقرن : أكيد ماراح تخلي أمك تبكي عليك!
فيصل يفهُم قصده، يفهم كيف يتخل ُصون هؤالء الخونة مع من يتعاملون
معهم! يعر ُف كيف يكون الموت هو أسهل الحلول إليهم : وأنت؟
مقرن : خلك مني! أنا متصل عليك عشان أقولك . . صحح أغالطك قبل ال
يجي غيرك ويصححها عنك وتخسر نفسك
فيصل بعصبية : كيف أبلغهم! أرسلوا لي مسج يا مقرن .. ليه منت راضي
تستوعب؟
مقرن : أعطيك إياها من اآلخر! أنت خسران خسران! فبأقل الخسائر روح
بلغهم
ِر مكتبه، خرج من شركتِه التي
فيصل بغضب يغلقه ليرمي هاتفه على جدا
أسسها بعرق جبينه وبدأ يفقدها شيئًا فشيء، كل األشياء تسوء وكل من
يرتبط بهم يموت ببطء، كل من تدخل بهم يموت! هذه القاعدة التي





يطبقونها على البشريَة بكل قذارة، جميعهم يرحلون! يُسقطون الجثث
وكأنها عل ٌب ال فائدة منها، أبتدأوها بعائلة سلطان بن بدر و من ثم
محاولتهم إلنهاء عائلة عبدالرحمن و أخي ًرا عائلة سلطان العيد التي
تالشت، ومن ثم بدأوا باألفراد، يحاولون أن يصهرون أجسادنا بجحيمهم،
واآلن مقرن يقترب وأنا؟ ومن أي ًضا ؟ هل ناصر سينضم إلينا.
قاد سيارته بإتجاه بيته، أشتعل في صدره قهًرا كيف ينتهي كل هذا؟ صعب
أن ينتهي أمًرا بدأه بكل غباء، أأكذب على ذاتي؟ كل شيء واضح و " بكال
، دقائِق مضت غرق بتفكيره حتى ركن سيارته أمام
الحالتين أنا خسران "
بيتهم الشاه ُق بوحدتِه بعد والده، دخل ليصعد لألعلى ويجد والدته تنظر
بنظرا ٍت معجبة بالديكور الجديد، قبَّل رأسها لتُردف بشغف : وش رايك؟
ينظر فيصل لذوق والدته الكالسيكي الذي يُشبهه، و الجناح الذي أت َّسع
بالدرجات الترابيَة وبع ُض الحمرة العنابيَة تتسلل ببعض األشياء، ولمكتبة
الكتب التي أعادت والدته عملها : الله يسلم لي هالقلب ويحفظه لي ...
والدته :ويحفظك لي يا عيني . . متى تنوره هيفا ويكتمل!
أكتفى بإبتسامة ليجلس على األري َكة وينظر لريف الغارقة بالكتاب، أتسعت
إبتسامته : يا فديت المثقفين بس! . . ريوووف تعالي
وضعت الكتاب بطريق ٍة أنيقة تحاول التشبه بوالدتها، لتسير بخطى ناعمة :
تبي إيش؟
فيصل يحملها لحضنه : أبي عيونك
بدأت يدها الصغيرة بالتالعب بخصال ِت شعره القصير ُدون أن تفهم كلماته
جي ًدا.
فيصل : وش قريتي؟
ٍ عفوي تشرح له بحركا ِت يد يها : الناس أنا و أنتا يعني لما
ريف بدلع
نسوي شي غلط الله يزعل علينا
فيصل : طيب وإذا سوينا شي صح ؟
ريف تضع يدها على جبينها وهي تحكه : آممم . . . ما أدري بس أنت ال
تسوي غلط عشان ما يزعل علينا الله
ِل خدها : ندخل الجنة إذا سوينا شي صح
فيصل يقبِّ





والدته : ماراح تآخذ إجازة هاليومين؟ خالص ما بقى شي على زواجك
حاول تهيء نفسك
فيصل تنهد : آل تشيلين هم مضبط أموري
والدته : طيب نام الحين شكلك تعبان . . ريف تعالي
ريف : بقولك سر . . . تقترب من إذنه لتتسلل نحو خده الخشن وتطبع قبلة
عميقة على وقع ضحكا ِت والدتها : ملكعة . . يالله أمشي
فيصل بقدر ما أبتسم بقدر ما أوجعه أن يفقد هذه القبلة الرقيقة من إبنة قلبه
: تمسين على خير ..
أم فيصل : قولي له وأنت من أهل الخير والسعادة
ريف : وأنت أهل الخييير والـ .... *رفعت عينها لوالدتها* أيش ماما ؟
أم فيصل : والفرح
ريف : و أنت من أهل الفرح بابا
أبتسمت والدتها بو َجع من مناداتها له بـ " بابا " : يالله خلينا نطلع ونخلي
فيصل ينام . . . أغلقت اإلضاءة وخرجت.
فيصل يراقب خطواتهم حتى أختفُوا من أمامه وغرق بتفكيره، كيف
يخبرهم؟ هذا السؤال الذي يعجز عن إيجاد إجابته.
،
على أطرا ِف المغرب، كان ح ُضوره صخبًا ُمشتتًا لكل ما له عالقة
باإلتزان، أنت بطبعك ليس مسالم! وعين يك والله ليست ُمسالمة وكل
األشياء التي تنبع ُث منك تُثير الالإتزان واإلضطراب، أتريد قتلي؟ عيناك يا
ا وهي تسي ُر بإتجاهه بعد أن عانقتهُ
سلطان قتلتني مرت ين، أخذت نف ًسا عميقً
ح َصة بكل ما أؤتيت من حنان، أرتبكت قبل أن تحاول أن تلفظ كلمة ش َّدها
ِل خده
من خصرها ناحيته لتضطر أن تقف على أطراف أصابعها وتقبِّ
الخشن بنعومِة شفت يها وتهمس : الحمدلله على السالمة
سلطان بمثل همسها : الله يسلمك ....
ح َصة بعتب: الحين طالع من الصبح وتِّوك تجينا





سلطان : مريت الشغل ... جلس على األري َكة بهُدوء يحاول أن يسترخي
ويُبعد أفكار العمل من عقله.
ح َصة : كيفك الحين؟ حاس بتعب؟
سلطان : الحمدلله أموري تمام
حصة بإبتسامة : عساها آخر الطيحات .. كليت وال للحين على فطورك؟
سلطان : آل متغدي متأخر مع بوسعود وبومنصور . . ومو مشتهي شي
حصة : بتتعشى معنا من الحين أقولك . . . ووقفت بهدوء متجهة نحو
المطبخ.
الجوهرة شعرت وكأنها بقفص وأستفرد بها، نظر إليها بنظرات تشتعل
ا لتُشتت نظراتها بعي ًدا عنه، بنص ِف إبتسامة يبخل بأن يُظهرها كاملةً
خبث : ً
إيه يا حفيدة خالد آل متعب وش أخبارك ؟
تُقسم بالله أن نبرته هذه ال تظهر إال ليستفز عاطفتها األنثوية، نظرت إليه
ببرود : أخباري تس ِّرك
سلطان يقف ليتجه نحو األريكة األخرى بجانبها، جلس و سيقانهم تتالصق
ببعضها البعض، ألتفت عليها والمسافة التي تفصلهما عن بعض منعدمة،
ال شيء بينهما سوى األكسجين الذي يح َّمر بذراته حولهما : إيه .. و أيش
بعد؟
الجوهرة تحك رقبتها بتوتر وهي تنظ ُر للطاولة التي أمامها وال تلتفت إل يه،
بصو ٍت خافت : مو حلوة تجي عمتك وتشوفك كيف تستفزني
سلطان : هذا تسمينه إستفزاز ؟
الجوهرة بضيق : سلطان .. أبعد شوي
سلطان بمزاجٍ ال يقبل األوامر، أقترب أكثر وهو يضع قدمه على قدِمها
ليعيقها من الحركة : وين قوتك بالمستشفى؟
الجوهرة شعرت بأنها تتضائل أمامه اآلن وأن قوتها وهمية ال تخرج إال
" إصبع
في تعبه، أردفت وهي تلتفت إليه ليفص ُل بين جبينه وجبينها مقدا ُر
ٍو شاهق حتى هبط بنبضا ٍت مضطربة تترجمها
"، أرتفع صدرها بعل
أنفاسها العشوائية الضائعة : وأنت تارك لي مجال عشان أطلع قوتي عليك
سلطان بنبرةٍ مستفزة : وكيف أعطيك مجال؟





الجوهرة تنظر للسقف في محاولة جادة أن تهرب منه، كل هذا القرب وهذه
الفتنة الحيَّة لعين يها الضعيفت ين أمامه ال تُحتمل، ألتزمت الصمت وهو
يراقب حركاتها الرقيقة في اإلبتعاد وعين يها المشتت ين، أردف : وتقولين أنك
تقدرين! عجيب
الجوهرة بقهر ألتفتت عليه وال تعرف كيف هذا اإللتصاق يُبقيها حيَّة إلى
اآلن :أنا قادرة لكن كالعادة الرجال أقوى
سلطان يُشعلها بحمرتها : طبعا هالشي يختلف عند األسمر اللي رَّوح لك
قلبك
عت كقندي ٍل
َّ
الجوهرة شعرت أنها تذوب وأن ال مقدرة لها بالنظر لعين يه، تول
أحمر في كامل جسِدها وهدب يها يرتعشان بالنبيذ الذي أنسكب على
مالمحها، أرتعشت أطرافها وهذا الكون بأكمله تج َّمد بعين يها ولم تعد
تستطيع التفكير بكلمٍة للخالص من كل هذا.
سلطان ابتسم يشعُر بلذة الحياة في خجل أنثى أمامه منتشية بلو ِن النبيذ
األحمر : ما عنِدك تعليق ؟
الجوهرة برجف ِة كلماتها : ممكن تبعد شوي؟
د سيقانه ويجعلها تلتفت بكامل جسِدها : يا جبانة
يضع قدمه بين أقدامها ليش ُّ
على جملة ما قدرتي تواجهيني
الجوهرة بهمس مقهور : الحين بتجي عمتك
سلطان : جبانة
الجوهرة بعصبية عل ! َّت صوتها : إيه أنا جبانة ممكن تبعد
سلطان بهُدوء مستفز : ال
ِّي أنثى وال تخصني
إن واصل كلماته المستفزة لعاطفة أ
ِّي فعالً
سيغمى عل
وحِدي، إلهي يا سلطان ماذا تُريد ان تصل إل يه، تحاول أن تشعلني غضبًا
وحر ًجا منك، ليتني لم أغني تلك الكلمات ولم ألفظها وأنا أنتظرك على
الهاتف، ليتني لم أنطقها، إلهي كيف يح َّمُر قلبي بكل لحظة يُربكني بها
بعين يه، إلهي كيف أشعُر بأن عاطفتي العميقة ت ِصل لحنجرتي وتتالع ُب
بصوتي.
الجوهرة تحاول الوقوف ليش ِّد قدمها وتسقط على األريكة، زفرت أنفاسها





، الجوهرة : راح أنادي عمتك
"
سلطاني
بضيق وسط إستلعانه في مزاجٍ "
سلطان : أنا أقترح تكسبين رضاي عشان ما تكون ليلتك فظيعة
وقف صدرها من الهبوط والعلو، تشعر أن قلبها ال يعمل بالصورة
الطبيعية، أنخفض نبضها بربكٍة ال يضاهيها ربكة، بلعت ريقها، وهذه
الربكة من دواعيها أن تُضحك سلطان ليُردف وهو يبتعد بجلسته عنها :
هذي قرصة إذن عشان توريني قوتك زين
ُدون وعي منها أخذت الخدادية الصغيرة لترميها عليه وهي تقف محاولة
الهرب، سلطان يتبعها بخطوتين حتى وصل إليها ليش َّدها ويلصق ظهرها
بصدره وبح َّدة يتصنعها : قد هالحركة ؟
قيَّد ذراعيها بي ده لتُردف وأوشكت على البكاء من قهرها : ويسألون بعدين
ليه الحريم ينهبلون ما يشوفون الرياجيل وش يسوون فينا !
سلطان بضحكة يقترب من إذنها بهمس مستفز : بسم الله على عقلك ما
كأنك قبل كم يوم تتشيحطين قدامي
الجوهرة وهي تشعُر بأنفاسه التي تلتصق بعنقها : الحين لو حاولت أرد
شوي من حقي قلت أتشيحط! بس أنت حالل لكن الجوهرة حرام!
ِل عنقها وعلى آثار الجرح طبع قبلته العميقة ليجِِّمد العرق الذي
سلطان يقبِّ
يجِري بها، أطال بقبلته لتغمض عين يها بخفُوت، ماذا تحاول أن تفعل
ي بجسِدي؟ أن تدا أم الخدوش التي قذفتها بقلبِي ِوي جروحك
الذي سببتها ل
ُدون رحمة! أريد لو لمَّرة أن أفهمك يا سلطان وأفهم توجهاتك! ومزاجك
السماوي الذي ال تحلي ٍل في علم النفس يفسره! تغضب وتضحك في آن
وآحد وتستفزني ب ُحمرةِ مالمحي وتستفزني كثي ًرا بجمالك .
أبتعد عنها متج ًها نحو األريكة ذ ا تحاول
اتها ليأخذ هاتفه، أخذت نف ًسا عميقً
أن تهدئ اإلضطراب الذي صاب دماءها في أوردتها وشرايينها ، ر ِّن
هاتفها لتتجه نحوه على الطاولة وتُجيب بمحاولة للهروب من كل شيء .
:ألو
الجوهرة ُدون أن تفكر بصاحب الصوت والرقم الغريب، وبصو ٍت مرتعش
وهي تضع كفَّها على رقبتها لتُخفف من إشتعالها : هال .. مين؟
بنبرةٍ مشتاقة : تركي!





يُتبع
،
فتح عين يه المتعبة بعد نوٍم عميق أستغرقه عقله باألحالم المتتالية التي ال
يتذكُر منها شيء سوى الصداع الذي يهجم عليه بسببها، نظر لل َشعر الذي
يغطي صدره ليشعُر برأسها النائم عليه، هل هذا حلم أم لم أستيقظ بعد؟
ِر خصالتها بجسِدي، هل هي من
أكب ُر أحالمي وطموحاتي كانت أن أظفِّ
ي؟ هل هي من جاءت ب ُحب العمر الماضيِ والرسائل المتوجسة
أتت إل
بيننا؟ هل هي غادة أم ما زل ُت أحلم، أأعي ُد صيغة األيام بقصيدةٍ خافتة؟
أأقُول ل ِك مما أحفظ وأرتله فوق قلبك؟ أحف ن ي ِك أشعا ًرا كثيرة! ولكن ُظ لعي
"
من يُعيرني صو ٌت يصلح لإلنشاد؟ يصل ُح بأن اقول ل ِك بنبطي ٍة تحبينها،
لو تشـوفيني شلون امشي ويديني فـ جيبي انا و أحزاني وطيبي ..كان
مـاخذتي قرارك كان مارحتي وقلتي ترى .. مانت بحبيبي ، ياخســاره
قلبي المظلوم واال.. يا انتصارك " ظال قلبك وأنا را ٍض، هذه المشكلة التي ٌم
بيننا.
ِل رأسها بضياع، ليتنفس خصال ِت َشعرها وهو يغر ُق بها، مهما
أقترب ليقبِّ
ي، ال يستطيع أن
حاول ِت أن تُظهرين البعد هذا الجس ُد ال يعرف أح ًدا سوا
ي! لن يستطيع يا غادة أن
ينكرني وهو يسح ُب نفسه بنو ِمك ويأ ِت إل
يتواطىء مع قلبك!
سحب جسِده بخفَّه ليضع رأسها على الوسادة ويتجه نحو الحمام، أغتس َل
ب فوقه، مَّرت ثل ُث ساعة
ُّ
ٍق طويلة غرق بتفكيره أسفل المياه التي تص
بدقائ
حتى خرج، و أمطا ُر لندن ال تتوقف، أرتدى مالبسه على عجل والبر ُد
ينه ُش بجسِده، نظر إل يها وإلنغماسها بالنوم، جلس على ركبت يه عند السرير
بجانب رأسها : غادة
،





يقترب من المشرط الساق ُط أمامه، يحاول أن يسحبه بقدِمه و السال ُح
مصَّوب بإتجاهه، تعَّرق جبينه بمحاوالته البائسة، أستنزف طاقته وهو
يحاول نزع حذاءه ليسحب المشرط بين أصبع يه، ق ِّربه نحوه حتى رفع
دمه بها، أخذ المشر ُط قدِمه ألعلى مدى يستطي ُع رفع ق بأسنانه لينحني
برأسه ويحاول أن يثبته بطر ِف الكرسي عند أصابع يد يه، تح َّرك كثي ًرا
دون أن يستطيع وضع المشرط على الكرسي حتى يسهل مهمة يِده بأخذه،
أستغرق وقته حتى أسقط المشرط وثبت على مقعده، رفع رأسه ليمد يِده
ِِّد جسِده
أن يف ِّك الالصق الذي يقي
من الخلف نحو المشرط ويأخذه محاوالً
وذراع يه، سمع صو ُت رائِد القريب ليح ُشر المشرط في كمه، ثواني حتى
تو َّسط رائد المكان وجلس أمامه : منور وجهك يا ولد سلطان اليوم!
عبدالعزيز : ما يسَّود الله إال الوجيه الخايبة!
رائِد بإبتسامة باردة : مسكين! هذا اللي طلع معك
عبدالعزيز يحاول فتح اللصق وهو يتحد ُث معه ويُطيل بحديثه حتى
يستغرق أكثر وق ٍت ممكن : لألسف
رائد بسخرية : طيب يا صالح بكرا إن شاء الله بتح ِِّضر نفسك عشان توقع
العقد! وطبعًا ماله داعي أقولك وش تقول! ألن أكيد بوسعود ما ق َّصر
وحفظك
عبدالعزيز أخذ نفس عميق : وش رايك أنكبك؟
رائد بضحكة : ما تقدر! ألن تقريبًا ما عنِدك شي يحميك! ال أبوسعود سائل
عنك وال سلطان وال غيره .. كلهم رموك وال فكروا يسألون عنك
عبدالعزيز : تعرف وش مشكلتك! انك تحسب الناس كلها بمستوى غباءك!
ون
ُّ
الحين تقريبًا سلطان وبوسعود وغيرهم يخططون كيف يحل خلل عقلك!
رائد لوى شفتِه و يب ُدو أن القهر يتضح على مالمحه : برافو! . . بعد ما
توق !لكن الحين ألني َّع راح تخسر حياتك بكلمة وحدة تحاول تستفزني فيها
محتاجك وإذا حاجتك عند الكلب قوله يا سيدي
عبدالعزيز يُمِّزِ ق أو ُل لصق ليُردف بإتزان : هالمثل يخصك التدخلني
د يده األخرى بعد أن تن َّملت
ُّ
بقاموس هاألقوال اللي ما ترتقي لي . . . . يم
من النوم خلف ظهره، سحب يِده األخرى بهُدوء، أغمض عين يه ليحِمد الله





على هذه الفرصة، كيف أهرب اآلن ورجاله يحاصرون المكان، أهددهم؟
هذه الطريقة الوحيدة.
رائِد ينظ ُر إليه بنظرات مشفقة : مين تنتظر بالضبط؟ ناس مالهم عالقة
فيك! وال ممكن بيدافعون عنك لو خيروهم بين عيالهم وبينك! محد ينتظرك
هذا الشي الوحيد اللي الزم تصدقه وتستوعبه! مالك أحد يا عبدالعزيز مهما
حاولت تصنع لنفسك عايلة أنت بالنهاية . . وحيد
عبدالعزيز يبلع ريقه لينظر للسالح المصَّوب نحوه، ع ِّد في داخله للخم َسة
َصة بإتجاه النافذة
حتى دفع نف ِسه على األرض لتنطلق الرصا . . . . . .
،
ي
لم أراها اليو ُم بأكمله، أرد ُت أن أرِِّوضها أن أشعرها بضرورة تصديقها ل
ولحديثي، أخذ نفس عميق ليفتح الباب ويط ل عليها وجدها مستلقيَة بجانب
تق َّدم بخطواته نحوها لتلتفت بنظرا ٍت شر َس النافذة وتغر ُق بتأمالتها، ة ال
يستش ُّف منها سوى الكره.
جلس بجانبها لينظر للطعام الذي لم يُلمس : ليه ما أكلتي ؟
تجاهلت صوته الذي يُبعثر كيانها وهي تنظ ُر للسماء، أعاد سؤاله : ليه ما
كليتي ؟
عبير تنهدت : مو مشتهية
فارس يتأمل ش ُحوب مالمحها : ما كليتي شي من الصبح !
ط حول عين يها لتُردف بنبرةٍ ُمتعبة : ممكن
ُّ
عبير و بدأت الهاالت تخ
تتركني؟
فارس : تعبانة ؟
عبير ال تتحم ُل كل هذا الوجع من صوته لتسقط دموعها بإنسيابية وهي
تغرس أظافرها بفخذ يها، تشعُر بأن روحها تصعد للسماء بحرقَة، عقد
حاجب يه ليحاول أن يمسح بأصابعه دموعها لتبتعد وتقف : ال تلمسني!
فارس يقف متج ًها إل يها لتلتصق بالجدار : أبغى اساعدك والله
عبير : ما أحتاج مساعدتك





فارس : طيب دام كذا ال تهملين صحتك
عبير بقهر ممزوج بغضب : آل أهمل صحتي! جايبني هنا وتقول ال تهملين
صحتك !!!
فارس بهُدوء : ليه تضعفين ؟ ليه تهملين نفسك عشان تذبحين عمرك
مرتين!
عبير بإضطراب أعصابها المشدودة : لو سمحت أطلع برا ماابغى أشوفك
فارس يقترب حتى ألتصقت أقدامهما ببعض : ممكن تهدين عشان أعرف
أتكلم معك
عبير بغضب عارم بدأت تضربُه بيد يها وهي تصرخ عليه بإنهيار كل خلية
تسب ُح في جسدها : أكرهك .. أكرهههكم كلكم
فارس يحاول أن يُمسك يد يها التي بدأت تضربه بعنف : عبييير
عبير بجنُون : أكرهننني ... أكرههه هالحياة .. يارب أمووت وأفتِّك
فارس بعصبية يحاول أن يوقف إنهيارها :
عبـــــــــــــــــــــــــــــــيــــــــــــــــ ـــر !!! أهدي
عبير ويتكاث ُر بكاءها بحزنها الالذع : أكره إسمي .. أكرهه منك . . .
فارس ويجه ُل ماهي الطريقة إلخماد نيران الحزن في قلب اإلناث : عبيير
يكفي!
مها
َّ
ِر قلبه بدموعها وببكاءها، ُضعف أن يرى دمعةُ من سل
يشعُر بإنشطا
هدىء من خيبتك
قلبه وال يستطيع أن يفعل حيالها شي ًء ، لو أ سكن ُ
ُ
قليالً وأ
هذا الحزن فقط.
عبير أرتخت يِدها لترفع عين يها الغارقة بالملح وبنبرةٍ ب َّح بها البكاء
أنفجرت به : راح أدعي عليك كل لحظة بأنك تشوف كل هذا في أقرب
الناس لك . . *أرتفعت نبرتها مع قُربه لتحاول أن تدفعه بضرباتها على
َر
صدره* الله يآخذك يا حقيير يا قذ . . لم تُكمل من قبلته المفاجئة لها، بت
ِت يد يها بقبض ِة يده، لم
ِصق ظهرها بالجدار ويثبِّ
صوتُها بشفت يه وهو يُل
أعرف ماهي الطريقة السليمة إليقاف غضبك، كل ما أعرفه من دراستي
أن القُبلة الواحدة كافيَة بب . . . ِّثِ البرودة لدٍم س ِخن بثورته





،
ينظ ُر إل يه بجسٍد مثقل، لم تعد الخيارات تُجِدي ولم يعد هناك شي ٌء يستحق
الحياة، يعرفُني الله ويعر ُف نواياي، ويعرف إضطراري ألفعا ٍل لم أكن
أريد أن أفعلها، يعر ُف الله أنني لم أخون أر ٌض خلقت منها، ولم أخون
أشخاص عاشرتهم حتى شب ُت معهم، يعرف الله أنني حاول ُت بقدر
المستطاع أن أحمي أشخا ًصا ولم أستطع، أنا آسف لكل شخ ٍص ظن بي
ظنًا سيئًا ولم أستطع أن اف ِِّسر له وأبرر، أنا آسف لهم جميعًا الذين توقعوا
مني الكثير ولم أقدم لهم شيئًا سوى دٌم مالح، أنا آسف هذه المرة أي ًضا لقلبي
الذي لم يتنفس الحياة كما ينبغي لرج ٍل مثلي.
ُعمر : طيب؟ عندك مهلة لدقيقتين يا مقرن . . ياتجي كشوفاتهم بإيدنا وال
ماراح يحصل لك طيب!
مقرن بلع غصتِه : ما أخونهم
ُعمر : أوكي! هاللي شايل همهم تراهم ما طقوا لك خبر . . . ف ِّكِر كويس
مقرن : ما عندي غير اللي قلته !
عمر تنهد : دقيقة ثانية يا مقرن
مقرن مقيِّد اليد ين شعر ب ُحرقة الحزن به، و ِّد لو ينظ ُر للمرة األخيرة لقبُور
أحبابه الذين سبقوه، إلى الذين سبقوني إلى الله أني على يومنا الموعود
أنتظر، أنتظ ُر الجنَة .
ُعمر يج ِِّهز سالحه بدٍم بارد يو ِِّجهه نحوه . . . Trois . . . Deux . . . un:
. . . Quatre. سافا ؟ أكمل يا مقرن ؟
مقرن تمتم : أشهد أن ال إله اال الله و أشهد أن محمد رسول الله
،
رفع عينِه للسقف يُشعر بأن حركته تُ َّشل في هذه الساعة المتأخرة من
الليل، أنتظر لوحِده أمام هذا الكُم من الخراب الذي يحص ُل لد يه، رفع
الهاتف ليتصل على سلطان وال يُجيب، إال هذا الوقت يا سلطان ال تنشغل





به،
وضع يد يه على رأسه ليضغط بجهِة إذنيه حتى رفع عين يه لعبدالله الذي
قرأ رسالته وأتى سريعًا، قرأ مالمح عبدالرحمن بصورةِ الخيبة ليُردف
مكذبًا إحساسه : وش صار!
عبدالرحمن بو َجع عميق : مقرن وعبدالعزيز . .
.
.
أنتهى نلتقي إن شاء الله بعد اإلختبارات على خير.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ِوك و
ُمسلمين.
عد عدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة





*بحفظ الرحمن
الجزء )

)
بقول حاجة بسيطة :$ بالنسبة للي مستغربين من حالة غادة، أكيد ماني
مخترعة مرض من مخي، تقدرون تشوفون تقارير وأفالم وثائقية وحتى
أفالم عادية تكلمت عن هالموضوع، إسمه " فقدان الذاكرة الرجعي " يعني
يكون واقف عند زمن معيَّن .
+ورآه مافيه ثقة :) كثير رسايل مكتوب خالص بتوقفين وماراح تكلمين
والخ :) صدقُوني مهما ح َصل أنا نفسيًا وكقناعات مستحيل أبدأ بشي
وماأنهيه، يجيني إنهيار p :حتى لو كان شي شين الزم أكمله للنهاية فما
بالكم بشي يسعدني كثير وأحبه . . إن شاء الله مايردني عن إكمالها شي
أبد ()
يارب يارب يارب يقِّ + ر عيننا بن ِصر سوريَا وبالد المسلمين ويحفظ
ويحفظ أرضها
"
ماِلي
شعوبنَا العربيَة واإلسالمية من كل شر، ويحفظ "
وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ مشعل الدهيم.
وماقلتلك ...





لو جيتني مِّره مطر ...
تلقاني بد ٍو ! تنتظر
يستبشرون .. إن جت مقاديمك تغنِّي عن حضورك ي ِّمهم ...
من طهرهم ...
البرق .. في تعربفهم يعني حياة ...
والغيم .. صوته أغنيات ..
من غبت عنهم عايشين بهِّمهم ..
تف ِّرقوا ... صاروا شتات ...
وأنت الوحيد الل ! ِّي تجي وتلمهم
وماقلتلك ...
أشيا )
) باقيه ماقلتلك ...
إنِّك مثل حزني ... قدر !
وإنِّك مثل ليلي ... سهر !





وإنِّك عمر ...
والعمر ... مِّره بالعمر !
والعمر ... مِّره بالعمر!
عبدالعزيز يبلع ريقه لينظر للسالح المصَّوب نحوه، ع ِّد في داخله للخم َسة
َصة بإتجاه النافذة، تساقط
حتى دفع نف ِسه على األرض لتنطلق الرصا
الزجاج كمطٍر حاد، يغر ُز في األرض ندبات البشر، ندباتُنا نحن الذين
تعبنا من المسير، أخرج سالحه ليصِِّوبه نحو جسد عبدالعزيز الملقى على
األرض، وقف بثبات وهو ينظ ُر للرصاصة الجادة ج ًدا نحو قلبه.
رائد بخفُوت : وش حاول تسوي؟ تهرب؟ . . غبي! غبي ج ًدا ما ورثت من
أبوك ربع ذكاءه
عبدالعزيز يتق َّدم، يعاند الخطوات، يقف بإتزان أمام رائد، وال يفصله عن
فوهة السالح سوى سنتيمترات قليلة، رائد رفع حاجبه : وِِّدك تموت؟
مستعجل مررة! وال عشان تعرف أنه مصلحتي بحياتك تحاول تتحداني
عبدالعزيز بهُدوء : أنا أوافقك أني ممكن سويت أشياء غبية بحياتي! لكن ما
ِّي لمدة سنة
وصلت لمرحلة الغباء، ما وصلت لمرحلة أنه ينضحك عل
وأكثر
لم تُختم كلماته بإطباق شفت يه، ُختمت بضرب ٍة رفع بها رائد ركبته ليضربها
ببطن عبدالعزيز، ـة
َ
ُم معدته الخاويـ
أل
تراجع عدة خطوات للخلف متجاهالً
: شايف! ماحاولت أهرب! أنت محاصرني ومع ذلك قدرت أهرب من
رصاصتك! . . شايف الفرق! أنا قادر . . قادر أني أفلت منك بهذا *أشار
لرأسه*
رائد بإبتسامة متشبعة بالخبث : تفضل أهرب . . يعجبني النضال والدراما
يها . . *يصفِّ * اللي مسو ِق بحرارة ساخ ًرا
عبدالعزيز أبتسم بمثل إبتسامته : طول عمري درامي! ممثل قدر يلف





عليك
رائد تختفي إبتسامته : تحاول تستفزني! لكن بدري عليك
ِّي؟ بما أني وحيد ماعندي شي أخسره على قولتك! .
عبدالعزيز : بدري عل
. العقد ماراح أوقع عليه يا سيادة الجوهي
رائد أخذ نفس عميق ليُردف ببرود :. آممممممم تعرف أني مآخذ من
فارس شاعريته .. بضحكة عميقة ُمستفزة أردف . . . بنت الفتنة! صاحبة
الشعر البني ذكرني بإسمها! . . . ما تتذكرها! معليش أوصف لك أكثر . .
. *يُخرج طرف لسانِه ليُشير لحركة رتيل التي رآها *
يقاطعه وهو يركل الطاولة التي أمامه لتأ ِت بمنتصف سيقان رائد، صخب
بضحكاتِـه : واضح أنه ماعندك شي تخسره
عبدالعزيز أغمض عينِه لثواني، ليتق َّدم بخطواتِه الهادئة ويركز نظراته
ِوي في
ِه، كان ح ُضوره ق
لخل ِف رائد، كانت كلمات سلطان تُعاد على رأسـ
عقله وحنجرته الرجوليَة العنيفة التي تلفظ بغضب " هذي الحياة ما هي
هبَة يا عزيز! ما تصرف عليك وال تعطيك بدون سبب! ما راح تطبطب
على كتفك إذا فقدت أحد! . . إذا عطتك في يوم تأكد أنها راح تآخذ منك
شي . . ألنها ماراح تبقى لنا! ماراح تجيك عشان قلبك أشتاق! ماراح
تجيك عشان قلبك يبكي عليهم! ماراح تجيك هالحياة عشان نَف ِسك بشي! . .
إلى هنا ويكفي! تحملت فوضويتك بما فيه الكفاية! كلمة ثانية وأقسم بالذي
ال إله اال هو راح أبدأ أعاقبك بالحجز! . . . مفهوم وال أعيد كالمي من
جديد يا سعادة المراقب عبدالعزيز "
َ خلفه بطريق ٍة ُمريبة حتى يُش
أستغرق دقائقه وهو ينظ ُر ِلم تت إنتباهه
ليكسب عندما رآهُ يلتفت، سحب ساق رائد بقدِمه ليأخذ السالح من جيبِه،
وضع الفوهة بإتجاه رأسه ليلفظ بخبث : أنا آسف ألني في كل مرة أصدمك
بنفسك . . . الحين يا حبيبي رائد ممكن تخلي حرسك يبعدون عن طريقي
عشان ما يصير شيء يخليك درامي والعياذُ وال تنسى ترى بالله . . .
ي
راسك يبونه يعني جثتك مجد ل
رائِد إبتسم وبداخِله براكي ٌن من القهر تفور : كنت عارف أنهم ما جابوك
ِّي
عشان يدربونك عل !





فترة طويلة لم يضحك بهذه الطريقة العدوانيَة
ضحك عبدالعزيز ومنذُ
ِن نبرته بطريقة طفولية : شيء مؤسف والله . . بنبر
ليُردف وهو يليِّ ةٍ
هادئة أكمل : أرجعك شوي لورى! وش سويت فيني! حرقت جلدي
بالليمون . . صح وال أنا أتخيَّل
رائد : لقيت فرصتك تنتقم
يحاوط رقبَة رائد من الخلف ليش َّدها نحوه حتى ألتصق رأ ُس الجوهي
بصدره : أضف لمعلوماتك المهمة! أني مزاجي حتى بإنتقامي . .
أفلته حتى يسع ُل من بعد أن أختنق بقبضة عبدالعزيز : برافو! أحييك بس
صدقني ورب العزة ال أخليك تندم على اللحظة اللي مديت فيها يِدك
عبدالعزيز ينظ ُر للتاريخ الذي يُشير للثامن عشر من اكتوبر في جدول
َّق وبنبرةٍ ساخرة ممتلئة بالغرور : أسمح لي يا سيدي حسب
التقويم المعل
المادة الثامنة عشر من دستور عبدالعزيز سلطان العيد الذي ينص على
مرتكب الحماقة بأن يعاقب بإسقاط شرع يته أمام من يتوالهم بما فيها هيبته
مع كامل األسف لمعاليك. . يالله قدامي و ِِّجه يا معاِليك أوامرك لحرسك
رائد تن َّهد وهو يشتعل كما لم يشتعل من قبل، يشعُر بقهٍ


إعدادات القراءة


لون الخلفية