الفصل 87

تنكم ُش حول نفسها والخياالت ال تفارقها، تكره أن ت ِصل لمرحلة الوهم،
هذه المرحلة التي تكره نفسها به، تشعُر بحرارة أنفاسه قريبة منها، تشعر
بكلماته التي تتقزز منها تقذف بإذنها، تشعر بجسِده يالمسها، ال قوة لها أن
تتحمل هذا، وضعت يدها على أذنها محاولة كتم كل صوت يطوف حولها .
،
أشرقت سما ُء ٍس خافتة تتراكم أمامها الغيُوم المح َّملة بالمطر، كان لندن بشم
ينظ ُر للنافذة وتفكيره يغرق كغرق سماء هذه المدينَة، أرتفعت عينِه ليدها
الممتدة، أخذ ُكوب القهوة : ُشكًرا
غادة أكتفت بإتبسامة ُمرتبكة لتجلس أمامه على الطاولة . . ما تعرف شي
عن عبدالعزيز؟
اليُجيبها بأ ، مثقل بالو َجع، بالحزن الذي ال يتركه للحظة يهنأ، نظر ِّي شيء
ُم بظهره،
إليها بنظرا ٍت لم تفهمها ليُشتتها نحو النافذة مرةً اخرى ويستقي
تورطنا جميعًا! الغار ُق بمصائبه ال يخرج منها بسهولة، لن يتركوني! وهذا
ما يجب أن أستوعبه في هذه األثناء، أنا أخسر دائِ ًما، لم أتذوق طعم
اإلنتصار لمَّرة، لم أتذوقه مع ِك يا غادة ولم أتذوقه حتى من بعِدك، كل ما
ِر هذه
حصل كان حقيقة مؤجلة، كانت تستطيل لتغرقني بِك ثم تسحبني بتيا
الحياة، تسحبُني بش َّدة وتكسرني! . . كسروا مجادي ِف قلبي! كسروها ويا
ِّي قهري لو أعددتُه لفاضت لندن بنا، يا قهُر األشياء ال ، يا قهُر
تي تسكني ف
الرسائل والمواعيد البسيطة التي كنا نرتديها . . يا قهر " أحبك " التي
أشعُر بأن ال
َ
أشعر أن النهاية قريبة؟ ِلم
َ
تموت شيئًا فشيئًا بصدري، ِلم
ِصل لهذه الدرجة من
خالَص من كل هذا! أنا الذي تشائمت كثي ًرا ولكن لم أ





التشاؤم، لم أصل لدرج ٍة أشعُر بها أنني أريد أكتب وأكتب وأكتب لتقرأينها
ِصل لدرجة أشعُر بها أن األيام التي بيننا معدودة و أن
بعد أن أموت، لم أ
النقطة التي ستفصلنا قريبة ج ًدا. لمن أعتذر؟
غادة بضيق : أرجوك
ناصر يضع ال ُكوب على الطاولة وبصو ٍت يختنق تدريجيًا : غادة ال
ِّي
تضغطين عل !
غادة بحزن عميق يتحشر ُج بصوتها : مشتاقة له كثييير ... كثيييييييير
عقد حاجب يه : تعرفين وش أكثر شي يكسر الر َّجال؟ . . يكسره القهر
ويكسره الحزن بس تبين تعرفين وش أكثر شي يوقف هنا . . أشار لعنقه .
. يوقف مثل الغصة ماتروح يا غادة بسهولة!
أرتجف رم ُشها بدمعها وهي تش ُد على شفت يها بأسنانها العلويَة، تحاول منع
نفسها من البكاء ولكن ال فائدة.
ناصر: اليأس . . اليأس يا غادة! تبيني أكذب عليك وأقولك عبدالعزيز
ينتظرك وال إحنا راح نقدر نتوقع وش السعادة اللي تنتظرنا بعدين! . .
حاليًا أنا متصالح مع نفسي كثير! ماني مقهور منك . . ماني مقهور من
شي . . أنتظر بس الرحمة من الله . . في هالحياة اللي أن ِت متأملة فيها
كثير . . فيها يا غادة أنا ماأنكسرت بهالطريقة! .. جيتي وكسرتيني بساطة
وقف ويشعُر ببراكين تشتعل على لسانه ليُكمل : ال .. ما كسرتنيي ببساطة
. . كسرتيني بأقسى شي . . كسرتيني باليأس . . وش تبيني أقول؟ . . . . .
. . أنا آسف ألني ما عرفت كيف أتعايش مع موتك . . أنا ما عشت . .
ماعشت يا غادة أنا بس كنت أحاول أتعايش وما عرفت . . والحين جالس
أدفع ثمن غلطاتي! . . ثمن ُحبي لك . . . توقعتي بيجي يوم وأقول أنه
ُحبي لك غلطة؟ . . . . أنا نفسي ُعمري ماتخيلت وال حتى فكرت بيجي
يوم وأحس أنه وجودك بحياتي غلط! . . في لندن! في بيكاديلي قلتي لي
بالحرف الواحد العُمر مِّرة! وأنت ُعمر . . تبين تبعدين؟ تبين الفرصة اللي
قلت لك عطيني بدالها ُعمر . . أخذيها يا غادة ما عاد أبي هالعُمر . .
الباب مفتوح تقدرين تطلعين بس عارف أنك ماراح تطلعين . . وحتى لو
طلعتي راح ترجعين ألن قلبك ماهو بإختيارك . . قلبك هناا . . أشار





لصدره . . .
غادة أخفضت رأسها لتجهش بالبكاء وكأنها تستقب ُل خبر مو ٍت أحدهم،
رفعت عينها المح َّمرة : طيب ساعدني! . . خلني أحبك من جديد
ناصر وهذا الحوار ال يطيقه، الحوار الشفاف الذي يكش ُف به كل شيء
يجعله يتصلب، يفقد إحساسه بمن حوله، يتجه نحو الباب ليأخذ جاكيته
البُني ويلتفت نحوها : تذكري! . . صوتك يناديني . . . وخرج ليتركها
بزحمة تفكيرها، بزحمة التخمين بماهية جملته األخيرة، نظرت للسماء من
النافذة الزجاجيَة ليطرق بذاكرتها ذا ُت الجملة، أتجهت نحو الحمام لتُبلل
وجهها الشاحب ويتداخ ُل الما ُء ببكاءها العميق، شعرت بأن سقف هذه الشقة
ُق على أنفاسها المضطربة، خرجت لتنظ ُر لهاتفه
ِ
ينام على صدرها ويضيِّ
الملقى على السرير، أقتربت منه لتفتح المتصفح، كتبت بخانة البحث "
صوتك يناديني " وهي تُدرك بأنها ألحٍد ما، لشاعٍر يتالع ُب بعاطفتنا . .
ثوانِي قليلة حتى دخل بها على اليوتيوب، سكنَت الغرفة بصو ِت بدر بن
لي مضى ..
َّ
عبدالمحسن " تِذ َّكر .. جيتي ِمن النَّسيان .. و ِمن ك َّل ال َّزمان ال
لي تغيَّر صوتك يناديني .. يناديني تِذ َّكر
وال " َّ
ت يها لتتذَّو أرتجفت شف ق ملوحة دمعها، تكره أن تسترجع شيئًا ال تعر ُف
كيف ح َصل ومتى ح َصل، جلست على ركبت يها وصوتُه يمِّر عليها
وبكلما ٍت تقتلها، كيف للكلمات أن تُزهق قلبي . . يالله!
،
في مركز الشرطة الكئيب في إحدى ضواحي باريس، تن َّهد وهو يمس ُح
على وجهه بكفيَّه لين للضابط : فقط! ُظر
الضابط : الساعة الرابعة كنت هناك؟
وليد : نعم أت يت ألتحدث معه ورأيت الشرطة بأكملها في المكان
الضابط : حسنًا تم تسجيل إفادتك . . وقِّع هنا
ِع ويُردف : ماذا سيحدث له؟
وليد ينحني على الطاولة ليوقِّ
الضابط : مالحق قانونيًا وهربه يؤكد بأنه القاتل عطفًا على البصمات التي





أثبتت أنه قتله متعمًدا
أتى به إلى
َ
وليد : من الممكن أن يكون هو من تعِّدى عليه! إذا أراد قتله ِلم
بيته؟
" له، وأن
روا بأن هناك تهديدات من " نا ِسر
الضابط : أصدقاء المقتول أق ُّ
هناك مشكلة بينهما جعلت نا ِسر يتصرف بهذه الصورة
وليد : ولكن ليس هناك دليل يثبت معرفة ناصر به يا حضرة الضابط!
الضابط : أعتذر منك ولكن التحقيقات مازالت جاريَة ونحن نبحث عنه . .
وبما أنه ليس هناك صلة قرابة بينكما فأفضل أن ال تتدخل بهذه المشاكل أو
أجلب له محامي
وليد وقف ُدون أن يلفظ كلمٍة أخرى، خرج بخطوا ٍت متوج َسة وهو يحاول
أن يتصل عليه ولكن ال إجابَة، ج ِّن جنون ناصر هذا ما أعرفه، تورط
بقضية قتل في فرن َسا! يا سالم على المصائب التي ستأ ِت على رأسه . .
غبي!
نظر إلهتزاز هاتفه ليُجيب : هال فيصل
فيصل الذي يذهب ويجيء في غرفته : وينك فيه! صار لي ساعة أتصل
عليك
وليد : صديقك الغبي و ِّرط نفسه وكنت أس ِّجل شهادتي بمركز الشرطة
فيصل وقف بمنتصف غرفته : لحظة لحظة! مافهمت شي وش صاير؟
وليد تن ِّهد : لقوا جثة في شقة ناصر! وهرب مع غادة وماأعرف وينه فيه
الحين . . كل األدلة تثبت أنه قتله والحين يالحقونه !!!
فيصل تج َّمدت أقدامه : قتل مين؟
وليد : فيصل وش يهم هذا !
فيصل : أبغى أعرف إسمه
وليد : ماركزت
فيصل : مقدروا يعرفون هرب لوين؟
وليد : ماأدري يمكن إلى اآلن بباريس ماطلع منها
فيصل عقد حاجب يه : طيب
وليد : ناوي تسوي شي؟





فيصل بتوتر : أكيد . . أكلمك بعدين . . . وأغلقه، مسك رأسه وهو يشعُر
بالثقل، بدأ ي ُدور بغرفته وهو يحاول أن يبحث عن حل، ضرب بيِده الجدار
يحدث كل هذا بهذه
َ
حتى تألم، يعاقب نف ِسه، يتصرف بتعذي ٍب لذاته، يالله ِلم
نح ُن الذين نعيش من
َ
السرعة؟ كيف أواجه كل هذه األمور وحدي؟ ِلم
ِت في اللحظة التي فقد ُت بها والدي
أجلهم يرحلون عنَّا؟ كنت أشعر بأني ميِّ
وأشعر اآلن بذات الشعور ألني أعرف كيف ستنتهي أمور ناصر! وكيف
ستعذَّب بضميري إن لم يعذبوني بأنفسهم! . . يالله رحمتُك . . رحمتُك يا
من وسعت رحمته كل شيء . . . أق ِّر بكذبي . . بخداعي . . لكن يالله
أغفر لي . . أغفر للذين ماتُوا وهُم ال يستحقون، إن كان ُهناك أح ًدا يستحق
العقاب . . هو أنا!
أخذ مفتاح سيارته ليفتح الباب ويجد والدته أمامه
أبتسم بربكة : هال يمه . . قبَّل رأسها . . تآمرين على شي؟
والدته : وين رايح؟
فيصل : عندي شغل ضروري وبرجع . .
والدته بإبتسامة : بحفظ الرحمن . .
بثواني معُدودة يسابق بها الزمن خرج متج ًها لبيت عبدالله اليوسف، ينظ ُر
ُط عليها الضباب، يكره أن يضطر لفع ٍل شيء غير مقتنع
ٍن يهب
للشارع بعي
ا ليقف
به، يعلم ما عواقب ما يفعل ولكن ال فُرصة ثانية، أخذ نف ًسا عميقً
عند اإلشارة األخيرة، أستغرق بتفكيره وبدأ يلوم نف ِسه أم يحِِّدثها فهذه
الطقوس خاصة به " ال تحاول العودة! ال تحاول . . واجه أخطاءك يا
، لن أنتظر مكتوف األيدي متى يأتون ليأخذُوا روحي! ركن
َصل "
في
السيارة بوق ٍت يخرج به يوسف من سيارته، ألتفت عليه بإبتسامة : ح ِّي
النسيب
م عليه ليستضيفه بمجلسهم
َّ
يُبادله اإلبتسامة : الله يحييك . . . سل .
يوسف : شلونك؟ عسى أمورك تمام
فيصل : بخير الحمدلله بشرني عنك وعن منصور واألهل؟
يوسف : لله الحمد والمنة أمورنا طيبة . .
فيصل : بو منصور وينه؟





يوسف : داخل . . رفع حاجبه من هيئة فيصل المشككة . . صاير شي؟
فيصل : آل بس أبي أشاوره بموضوع
يوسف عقد حاجبيه : عيونك تقول شي ثاني! . . تعبان؟
فيصل بإبتسامة يحاول أن يطمئنه بها : وش دعوى يوسف! قلت لك مافيه
شي مهم
يوسف : طيب . . وقف . . الحين أناديه . . . دخل ليجد والدته تنزل من
الدرج . . يمه وين أبوي؟
والدته : توني كنت بتصل على منصور! مدري وش صاير له طلع الفجر
ورجع من بوسعود تِّو وشكله ما يبشر بالخير!
َصل المرتبك بكالم والدته : ما قالك شي؟
يوسف بدأ يقرن حال في
والدته : ال . .
يوسف : اللهم أجعله خير . . صعد لألعلى ليطرق باب غرفته، حتى فتحه
بخفُوت : يبه
ألتفت عليه ُدون أن يجيبه بحرف، يوسف : فيصل تحت يبيك! . . يبه
صاير شي؟ حتى فيصل مو على بعضه!
والده وقف بوج ِه شاحب لم ينام طوال ليله : صديق لي توفى اليوم
يوسف : الله يرحمه ويغفر له . . مين؟ نعرفه؟
والده تن َّهد : إيه . . مقرن
يوسف أتسعت عيناه بالده َشة ليُردف : الله يرحمه ويغِّمد روحه الجنة . .
كيف مات؟ يعني بمرض؟
والده هز رأسه بالنفي ليخرج ويتبعه يوسف الذي بدأ يشك بما يحدث
حوله، وقف أعلى الدرج تار ًكا والده خيار النزول وحده، هُناك أمر يحصل
وال أحد يُريد أن يقول !
بجهٍة أخرى دخل عبدالله المجلس ليقف فيصل متج ًها نحوه، قبَّل رأسه :
أعذرني أزعجتك
عبدالله : البيت بيتك
فيصل : راعي الطيب مو غريبة عليك . . جلس بجانبه . . جيت بوقت
غلط بس مضطر





عبدالله يرب ُت على فخذه : حياك يا فيصل بأي وقت
فيصل : أنت تعرف اللي حصل بالماضي
عبدالله هز رأسه باإليجاب ُدون أن يردف كلمة
فيصل : يعني . . عرفت أنك رجعت الشغل لفترة مؤقتة عشان قضية
سليمان
عبدالله ألتفت عليه : سليمان؟ تعرفه
فيصل بلع ريقه : بس . . . . . حصلت أشياء وأبي أناقشك فيها
ِّي أستنتج وش الكالم اللي بتقوله! بس
عبدالله أبتسم بغبن : مو صعب عل
ليه تكلمت الحين بالذات؟ وش عالقته بوفاة مقرن؟
ٍن متسعة لكلمته األخيرة، عِّم الصمت
تجمِّدت أصابعه وهو ينظ ُر بعي
لثواني طويلة حتى أردف : مقرن؟ وش صار بمقرن؟
عبدالله ينظ ُر لسحبته التي بيِده : توفى امس
فيصل شعر بأن عين يه تحترق ب ُحمرتها : مات!
ُم بعالقته
عبدالله عاتب نف ِسه بداخله من أنه أوصل الخبر هكذا وهو يعل
بمقرن : الله يرحمه ويغفرله ويسكنه فسيح جناته
فيصل وقف بصدَمة وحركاته تزداد متوت ًرا : كيف مات؟
عبدالله : ما عندي خير
َصل بضياع : أرجوك! قولي كيف مات! . . شفتوا بعينكم وال يمكن كذب
في
. . صح كذب؟
عبدالله وقف متج ًها نحوه : يبه فيصل..
فيصل وضع يده على جبينه وهو يشعُر بأنه كان على حافة اإلعتراف،
كان قريبًا من أن يعترف ولكن كل األمور تحدث بالعكس، هل هذا تهديد
فعلي ألذى عائلته : ماني فاهم شي! . . ماني فاهم والله
عبدالله : وش كنت بتقول؟
فيصل بإنهيار فعلي لكل عصب بجسِده : أعذرني . . خرج بخطوا ٍت
سريعة ُمريبة، وصدره يرتفع بدرج ٍة مرتفعة ويسق ُط بذات الدرجة، مسك
ٍق ر
طريقً ملي كان يسير حتى مَّرت ا مبتعًدا به عن الرياض، على طري
ساعة وهو بذا ِت الطريق، وقف ليخرج من سيارته لتنغرس قدمه بالرمال،





جلس على ركبت يه ليضع يد يه على رأسه : يالله . . . صرخ . . يالله
ال تحرقني يالله بالندم، ال تحرقني أكثر! مللت والله من الشعور بأني مذنب
بكل لحظة يذهب بها شخ ٌص لتحت هذا التراب! أغفر لي يا غفُور، أغفر
لي ُجبني . . لم أستطع حتى أن أحميه وأنا كنت قادر! ليتني أعترفت لهم،
ليتني تكلمت حتى يعرفُوا أنه كان يحميهم بغيابهم . . ليتهم يعرفُون ماذا
فعلت يا مقرن، نظر لهاتفه وال شبكة به . . ركب سيارته ليعود للخلف
بسرع ٍة كبيرة حتى عادت له الشبكة، ضغط على رقٍم غير معَّرف عنده
ليأ ِت صوته.
فيصل : أظن أننا أتفقنا
بصو ٍت مستهزىء يُجيبه عمر : ُسوري حبيبي
فيصل بغضب : الحين راح أروح لهم وماعاد عندي شي يتخبى
ُعمر بتهديٍد مبطن : طبعًا ما صار عندك شي يتخبى! قول كل اللي عندك
وإحنا بعد بنقول اللي عندنا
فيصل بعصبيَة كبيرة********** :
:هههههههههههههههههههههه يا أخالق يا ولد عبدالله
َصل : أقسم بالله . . لو تحاولون لمجرد المحاولة ألخليكم تلحقون مازن؟
في
تذكر مازن وال أذكرك فيه
بنبرةٍ جدية : طبعا ماأنسى! لكن هالمرة ما معك مقرن! ما معك أحد يا
فيصل . . علمني كيف بتقدر؟
فيصل : الليلة . . بتعرف مين فيصل . . وأغلقه بوجهه ليعُود بسيارته
لصخب المدينَة المتصِِّدعة بأحزانهم.
يُتبع
،
ِّق بحبا ٍل متينَة وهي تنظ ُر للمسطحات
جلست على الكرسي الخ ِّشب المعل
ِّي بي ٍت آخر، وال
الخضراء التي أمامها وال يخترق خصوصيَة ال ُخضرة أ





صو ُت سوى أوراق األشجار التي تعانق الهواء، ألتحفت شالها من برودة
الطقس وأنفُها يزداد ب ُحمرته، ألتفتت نحوها : أبوي ما أتصل؟
ضي : ال . . -وقفت- . . خلينا ندخل بردت مررة وشكلها بتمطر بعد
رتيل : بعد شوي أدخل .. أسبقيني
ضي تقدمت نحوها : رتول ال تضايقين نفسك أكثر . . ونامي لك شوي
ريِّحي فيها جسمك
رتيل : لو بتناقشيني بهالموضوع تح ِّملي لساني اللي بيصير أقذر لسان
على وجه األرض
ضي ضحكت لتُردف : طبعا بس مع عبدالعزيز يطلع هاللسان
رتيل : ألنه كلب . .
ضي أبتسمت : طيب أدخلي ونامي
رتيل بضيق عق ِّدت حاجب يها : الله يخليك ضي أتركيني
ضي تركتها متجهة نحو الداخل بعد أن تركت الباب الخلفي مفتوح حتى
تدخل منه إذا أرادت العودة، على بُعِد خطوات كان يسي ُر على حافة
الطريق متج ًها إليهم، بعد أن ذهب للشقة أوالً وأخذ أوراقه الهامة وغيِّر
مالبسه، سقطت عي ُن نايف عليه ليهرول إليه سريعًا : عبدالعزيز؟
عبدالعزيز : هال نايف . . مِّد إليه مل ُف أوراقهم والجوزات . . أحفظها
عندك
نايف : أبشر . . بوسعود يدري أنك رجعت؟
عبدالعزيز : ببلغه بس أتصل عليه . . أشار بعين يه للمنزل الصغير .
.كيفهم؟
نايف : تطمن ما صار شي وال طلعوا لمكان . .
عبدالعزيز : طيب أنت روح أرتاح وأنا بكون هنا
نايف بإبتسامة صافية : ال تشغل بالك . .
عبدالعزيز أتجه نحو الباب حتى أستمع لصوت حركة قادمة من الجهِة
األخرى للمنزل، ألتفت إلى نايف بشك ليُردف اآلخر : يمكن جالسين
ورى! الباب الخلفي مفتوح بس ال تخاف مو قدامهم شي
عبدالعزيز تن ِّهد بإطمئنان، ليتجه بخطوا ٍت خافتة نحو الخلف، وقف بعد أن





ثبتت عيناه بإتجاهها، بإتجاه شعَرها الملقى خلفها وتتالع ُب به الريح كيفما
ذقنها وعين يها الغارقَة
تشاء،والشال األسود الذي يُغطيها وتُغطي به بدايَةُ
بالعَدم، بالفراغ الذي أمامها، أ َّما َشعُرك يا رتيل لم يُتيح لي بأن أعترف
أمامه بشيء، أنا ال أحبه ألن لونه رائِع أم ألن ِك لئيمة ج ًدا بجمالك! أنا أحب
هذا الشعَر لسبب واحد: أن ِك صاحبته، كل األشياء الفوضويَة وكل الشتائم
التي تلقينها ليالً ونهار، كل هذا يا رتيل يترك بداخلي فر َصة بأن أتآلف
معها وأحبها، أنا ممتن لهذه المصائب التي لوالها لما ُكنت أعرف بأن
شعُر ِك جميل وعينا ِك جميلة، تق َّدم قليالً حتى جلس بجانبها على الكر ِسي
المتمرجح، أرتعش قلبها الذي أندفع بقوة نحو صدرها، تعِّوذت بقلبها من
شياطين اإلنس والجن والرعب بدأ يسي ُر بأوردتِها، ُدون أن تلتفت وهي
تتوقع أسوأ األشياء تحصل لها .
ألتفتت عليه لتتشبث عيناها به غير مصدقَة وهي تُرجع ذلك بأنها لم تنام
ومن الممكن أنها تتوهم، وضعت يدها على صدرها برجفة : بسم الله
عبدالعزيز يرف ُع إحدى حاجب يه : هذي " أشتقت لك " بصيغتك؟
ٍو
بال وع ِّي منها ضربت صدره وأطرافها تتج َّمد وحرارة أنفاسها ترتفع بعل
شاهق : يالله عليك . . تبقى حقير
عبدالعزيز أبتسم حتى بانت أسنانه : يجي منك أكثر
رتيل بتضارب الشعُور وتناقضاته بداخلها، سقطت دموعها التي سكنَت
لفترة مؤقتة بعد ليل ٍة باكيَة : ليه؟ . .
ِّي؟
عبدالعزيز يسحبها نحوه ليعانقها بش َّدة ال تضاهيها ش ِّدة، هل أحب ُس ِك ف
ي لدقائِق معدودة أن ، أن اخبئها بداخِلي إلى أن يصعب
ا اسحب رائحتِك إل
" ليه ؟ " هذا اإلستفهام الذي ال أملك إجابته
على أحٍد أن ينتزعك مني،
ألني لم أعتاد أن أكون جوابًا، دائِ ًما ما ُكنت سؤال يعي ُش حيرته ويموت في
حيرته وال أحد يحاول أن يجاوب عليه بشيء .
بللت كتفه بدمعها الذائ ُب بالملوحة وهي تهم ُس بقرب إذنه بب ِّحة تخرج بها
ِر عن برودة األجواء في باريس : ليه تسوي فيني كذا؟ . .
دخانًا أبيض يعبِّ
ليه تتخلى عني بسهولة؟





عبدالعزيز : أشششششش . . التبكين
م كف يها من البرودة، ال تستطيع أن تُخفي رعشتها
رتيل تبتعد عنه وهي تضُّ
،
ورجفتها المتشكلة بكل خلية في جسدها، نظرت إل يه بنظرا ٍت " تكِوي "
تكِوي بها عبدالعزيز .
عبدالعزيز عقد حاجب يه وبدأت البرودة تتسل ُل إلى جسِده : كيفك؟ . . كيف
األيام اللي فاتت؟
رتيل : يهمك؟
عبدالعزيز : لو مايهمني ما سألت . . أسند ظهره للكرسي والريح تحركه
قليالً، لينظر لألشجار العاليَة المنتشرة على هذه األرض.
رتيل : وش مفهوم الحب بنظرك؟
ِّي
عبدالعزيز : تعبان يا رتيل . . ال تزيدينها عل
رتيل ببكاء : أسألك . . جاوبني
وتهز ُمه هذه الدموع وهذا البكاء الناعم، تهزمه الب َّحة في صوتها وإرتعا ُش
أطرافها، تهزمه كلماتها بش َّدة .
رتيل : ما تعرف ! . . . . وقفت وهي تحاول أن تتجه للداخل ليقطع عليها
صوته ُدون أن يلتفت إل يها : اللي يخلينا نعيش صح
رتيل ُدون أن تلتفت إليه هي األخرى : وكيف نعيش صح؟
عبدالعزيز وقف متج ًها نحوها ليقف أمامها ويالصق حذاءها حذاءه : ما
عشت صح عشان أقولك
رتيل أخفضت رأسها لتجهش بالبكاء وهو يزهق روحها بهذا الجواب، بهذا
اإلنكار، لم يعترف! لم يحاول أن يتجرأ و يعترف، مازال يُكابر ويحرقني
. . يالله!
عبدالعزيز : بس ممكن يختلف مفهومه عنِدك؟
رفعت عين يها وشفت يها ترتجف : كله كالم . . كالم يا عبدالعزيز . . . .
أتمنى بس لو . .
يُراقب تصاعد البياض من بين شفت يها وتبخره في الهواء وهو يشعُر بأن
صدره يحترق وهذا البرد ال يُخمد جرحه/ حزنه
رتيل تُخفض رأسها : ما راح أتمنى أني أحبك أبد . .





عبدالعزيز شتت نظراته، يقبل شتى أنواع الهزائم إال قلبها، ال يقبل منه.
رتيل : لكن أنت . . آآ . .
عبدالعزيز يعود بنظِره لعين يها التي تحكي الكثير : لكن؟
رتيل : تقول أنه الحب اللي يخلينا نعيش صح . . طيب واللي ماعاش
صح؟
عبدالعزيز : ما جرب ال ُحب
رتيل تصادم فكيِّها ببعضهما البعض لتسقط دموعها بإنهمار، ض ِّمت نف ُسها
ُء البارد يسرق منها إتزانها
بذراع يها والهوا
عبدالعزيز بصو ٍت خافت تعبره البحة من البرودة : ما أبي أوجعك! . .
ِّي وأبيك تبتسمين بس أن ِت . . أن ِت اللي تضايقين نفسك
كنت جا
رتيل ش ِّدت على شفتِها السفليَة بأسنانها : ألني متضايقة من نفسي . . أمس
مانمت من البكي! . . ليه تكتب لي كذا؟ ليه؟ . . جبان يا عبدالعزيز ..
أحلف بالله أنك جبااااان
عبدالعزيز : جبان بأيش؟
رتيل تثبت عين يها بعينِه : أعترف . . .
عبدالعزيز : بأيش؟
رتيل بغضب تصرخ من بين بكائها : أنت تعرف بأيش !
عبدالعزيز يستفزها بال وعيٍ منه : أني جبان
رتيل تلتفت للجهة األخرى :حرام عليك! . . حرااام يا
حاول أن يقترب منها ولكن صدته يدها : آل تلمسني . .
عبدالعزيز : أعصابك تعبانة ... أدخلي
رتيل وضعت يدها على صدره لتدفعه بقهر وهي تتجه نحو الباب : على
صبري . . مثواي الجنَة
عبدالعزيز بإبتسامة من خلفها : مثواك ِعيني .
وقفت قبل أن تضع يدها على مقبض الباب، وأعصابها تبدأ باإلنفالت من
سيطرتها، ألتفتت عليه بنظرةٍ مشتعلة : ياربي بس! أنا أضحك وال أبكي
وال وش أسوي؟ أقطع نفسي عشان ترتاح
عبدالعزيز ضحك بهُدوء : أبيك تضحكين





رتيل : هذا إن بقى فيني عقل! . . جننتني الله يآخذ العدو
عبدالعزيز : تعالي . .
رتيل وتستند بظهرها على الباب : ماأبغى . . ألنك إنسان أعجز عن
وصفه .. متناقض قاسي مجنون مستفز عصبي و معفن
عبدالعزيز بإبتسامة : شكًرا . . طيب ممكن تجين شو ِّي
ِّي
رتيل : يعني حتى كلمة حلوة بخلت فيها عل !
ِّي صنف من الكلمات الحلوة تبين؟
عبدالعزيز بإستفزاز يجري بدِمه : من أ
رتيل : جبان مستحيل تقول شي ماتعرف تواجهه
عبدالعزيز يقترب بجديِّة : رتيل .. ماأبغى أزعج ضي
رتيل عقدت حاجب يها : كالمي معك أنتهى وأبوي جاي بكرا . . . . وكان
مفروض أني أفرح بشوفتك بس طول عمرك يا عبدالعزيز بتخليني
مقهورة و مقهورة ومقهورة
عبدالعزيز : أفآآ! بعتذر لك . . والله العظيم بعتذر لك بس تعالي
رتيل تتقدم خطوت ين إل يه لتقف أمامه : يالله سمعني! . . خلني أحس أنه
هالعالم تغيِّر وأنت تتنازل من برجك العاجي وتقول آسف
بلة رقيقة بجانب شفت يها، أطال بقُبلته ليهمس : أنا
عبدالعزيز ينحنِي ليطبع قُ
إعتذاراتي فعلية ضيفيها ألوصافك السابقة
تجمَّدت ب بلته وال تعابير على وجهها، عبدالعزيز حبس ضحكتِه
مكانها مع قُ
وهو يراقبها، ينتظ ُر ردة الفعل.
رتيل أخذت نفس عميق بعد أن شعرت أن هذا العالم يضي ُق عليها وال ُحمرة
تد ِّب في وجهها : أضحك وش عليه . . دفعته بقوة ليسقط على األرض .
لم تتوقع أن تُسقطه، نظرت بشك إل يه، عبدالعزيز الذي سقط بسبب إنزالق
حذاءه وليس بسبب قوةِ يد يها، وقف وهو ينفض مالبسه، غرق بضحكته
ليُردف وهو يقلد صوتها : تنازلي شوي سمِِّوك وأقبلي اإلعتذار
رتيل ال تعرف هل تبكي أم تضحك أم ماذا؟ بقدرةٍ هائلة يتالعب بمزاجاتها
وبتعابير قلبها، أمالت فِمها : شايف النفسية الزبالة اللي وصلت لها الفضل
يعود لك فيها
عبدالعزيز بصو ٍت مبحوح والمطر يهطل بغزارة : أنا آسف





وتشعُر بأن كبرياءها يتشبِّع بإعتذاره، تشعُر بلذة اإلنتصار لتبتسم بضحكة
تحاول كتمانها، وبإنتقاٍم لفظي : إعتذارك مو مقبول!
عبدالعزيز ينظر إليها بنظرة كان يقصد بها أن يُحرجها بغز ِل عين يه،
أنتظر كثي ًرا حتى أشتعلت بال ُحمرة، أردف بخبث : بسم الله على قلبك ال
يطلع من مكانه!
،
نظرت لنفسها نظرة أخيرة بعد أن حاولت ان تسترجع ضياءها الذي أزهقهُ
ريان بتصرفاته، تعطرت لتخرج من جناحهما، وفي منتصف الدرج قابلته،
نظر إليها بنظرةٍ تفصيلية من قدمها لرأسها.
ريم بهُدوء أبتسمت : عن إذنك . . أتجهت لليمين حتى تُكمل نزولها ولكن
وقف باليمين ... ذهبت لليسار ليقف أمامها، رفعت عينها بإستفهام.
ريِّان : خير إن شاء الله؟ لمين كل هالزينة؟
ريم : أنت شايفني الحين متزينة؟ كلها كحل وماسكرا !
ريِّان : أمي مو موجودة
ريم : أنا أصال رايحة أجلس مع أفنان
ريِّان بنبرةٍ يُطيلها بتوجس : أفنااان! من متى عالقتكم قوية؟
ريم بمثل سخريته تُجيبه : من يوم ماصارت عالقتي مع الجدران قوية
ريِّان بح ِّدة : أنتبهي لكالمك أعرف مين تقصدين!
ابتسمت ببرود : طبعا ماأقصد بأنه الجدران أنت! لكن إذا أنت تفهمها كذا
الشكوى لله
ريِّان : مو قل ِت خلينا . .
تُقاطعه : وأنا الحين أتجاهل حدتك معي وأتجاهل سؤالك وش ِكك . . أظن
أني ماشية على اإلتفاق
ريان : فيه أحد مالي راسك اليوم؟
ريم : أنا ماني ضعيفة يا ريان عشان يملي راسي أحد . . أنا لي شخصية
وأعرف أتحكم بنفسي





ريَّان يُميل فِمه : طيب يا شخصية . . أتجه نحو األعلى ليرتطم بكتفها بقوة
ُدون أن يلتفت، كان يتعمد أن يضايقها بتصرفه.
ماعليك منه يا ريم! . . وال يهِّزِ ك بشي . . أنا
"
بحدي ِث نفسها أنصتت،
أعرف كيف أعدله " !
،
أستيقظت عيناه لينظر للسقف والشمس المشرقَة بأشعتها القويَة، ألتفت نحو
هاتفه لينظر للساعة التي تُشير للحاديَة عشر ظهًرا، تن ِّهد من غرقه بالنوم
ر الدقائِق الطويلة والثوانِي
ُّ
وتأخره، بخطوا ٍت سريعة أتجه نحو الحمام، تم
التي تستطي ُل مع كل قطرةِ ماء تسقط على جسِده وتُذكره بما حدث أمس،
ال يتصالح مع نفسه أب ًدا، ال يتصالح مع هذه الحياة، ال يتصالح مع
الهواء البارد
الجوهرة أي ًضا مهما حاول، سحب المنشفة ليخرج متجاهالً
" الطاقيَة "
الذي يُحيط جسده العاري، أرتدى مالب ِسه على عجل ليُضع
ِر ًكا الغترة على كتِفه، وخرج ليقف عند
على رأسه ومن فوقها " العقال " تا
ر للطابق العلوي . . أخذ نف ًسا عميقً الدرج، نظ ا ليصعد لألعلى، وقف خلف
الباب لثواني طويلة حتى فتحهُ بخفُوت، تق ِّدم بقدِمه اليمنى لينظ ُر لجسِدها
الملقى على األرض والفراش الذي يُغطي أقدامها فقط، أقترب وهو يتأم ُل
المكان المرتب ع َدا السرير الذي وكأن معركة حدثت عليه، جلس على
ركبت يه ليضع يده على جبينها المشتعل بحرارتِه، همس : الجوهرة . . . .
الجوهرة
أستيقضت ب ُرعب لتعُود برأسها للخلف حتى أرتطم بحاف ِة السرير،
أضطربت أنفاسها وتسارع نبضات قلبها لتُشتت نظراتها، ال تُريد أن يراها
بنظرة الشفقة، وضعت يدها على رأسها بألم
سلطان عقد حاجب يه : قومي. .
الجوهرة ال تُجيبه، تكتفي بأن تنكمش حول نفسها وهي تضِّم . أقدامها إل يها
سلطان : وش فيك ؟





الجوهرة : أتركني بروحي . . ماأبغى أشوفك
ِّي . . قومي قدامي
سلطان تن ِّهد : وراي شغل ماهو وقت تتدلعين عل
الجوهرة بغضب تنفجر عليه : روح لشغلك . . وش يهمك أموت وال
أروح في ستين داهية . . . . . مرررة مهتم ماشاء الله عليك
سلطان بحدة وهو يضغط على أسنانه يقترب منها ويفص ُل بين جبينها
ِّي مرة ثانية . . ماراح
يتي صوتك عل
ِّ
وجبينِه
سنتيمترات ال أكثر : إن عِل
أقولك وش ممكن يصير
تبللت مالمحها لتُردف بضيق : أتركني . .
سلطان وقف ليش ِّد يدها ويجبرها على الوقوف، حاولت أن تسحب يدها من
قبضته ولكن دائِ ًما ما يتفوق عليها بالقِّوة : أترك إيدي . . يخي ما أبغى
أطلع من هنا
إسمي مو يخي . . ثانيًا شوفي
سلطان ينظ ُر إل يها بنظرا ٍت تُربكها : أوالً
حالتك .. . . وش صار أمس؟ ليه نمتي هنا؟
الجوهرة : على أساس أنك ماتبي تسمع صوتي وال تبـ
سلطان : بس ما قلت ما أبي أشوفك
الجوهرة : وأنا ماني تحت رحمة مزاجك وال راح أقبل أنك تهيني في كل
مرة .. أعرف أني ماأشتغل عنِدك عشان تسكتني وتهددني
سلطان تن َّهد ليُرغمها على السير معه لألسفل، دخل جناحه وتق َّدم بها نحو
السرير : نامي هنا
الجوهرة ببرود : طار النوم
سلطان بعصبية : الجوهرة! . . ترى واقفة معي هنا * أشار ألنفه*
الجوهرة : بتنِّومني بالغصب . .
سلطان تنرفز: أقنعيني أنك نمتي أمس . . نامي وأرحمي أمي .. أستغفر
الله العلي العظيم
الجوهرة أدركت أن أعصابه تعبانة، بهُدوء جلست على السرير لتُردف :
راجع نفسك . . بديت تظلمني كثير
سلطان بغضب وهو خارج يلفظ : أمرك عمتي بحاول إن شاء الله أتناقش
مع نفسي اليوم . . .





،
ُظر إليه بشك من كلماته األخيرة ومن تنبيش
عقدت حاجب يها وهي تن
جروحهم الغائرة، تشعُر بأن الحرقة ت ِصل أعالها من هذا الموضوع وكأنه
أمر عاِدي وكأن مشاعرنا ال تهم : كيف يعني؟
يوسف : ماأدري . . تِّو قالي منصور
أخذت نفس عميق : يوسف . . . أخوي عمره ما كان كذا وما يتورط مع
ناس ما يعرفهم .. ال تحاولون تشوهون سمعته بس عشان تبرأ أخوك . .
يوسف وقف ليتجه نحوها ويجلس على السرير أمامها : مهرة وش
هالكالم! أنا ما قلت بيشوهون سمعته . . أنا أقولك إحتمال ممكن يكون
صح وممكن يكون غلط . . والقضية للحين بس يبون يفتحونها من جديد
ألن دخل عليهم إسم ثاني وممكن يفيد مجرى القضية
ُمهرة بضيق : طيب . . وش بتستفيدون؟ . . أنه أمي شرطت شرط ما
يحق لها أو ألن . .
يُقاطعها بنبرةٍ حادة واضحة : أن ِت زوجتي لو صار اللي صار! لو طلع
منصور بريء هذا ما يعني أني بطلقك . . تعدينا هالمرحلة يا مهرة وال
أبغى أرجع لها.
،
يضرب حبَّات النرد على الطاولة لينظر إليه بغضب : كيف يعني؟
ُعمر : هذا اللي صار طال ُعمرك . .
م بيصير كل شي
ِّ
سليمان يقذف الحبات الثقيلة على وج ِهه : فيصل لو تكل
واضح لهم
ُعمر عاد خطوتين للخلف من ضربته التي أتت بعينِه : هددته بس
سليمان بصرخة يُقاطعه : هددته ما هددته مو شغلي! . . فيصل ماأبغاه
يتكلم مفهوم وال أعيد كالمي





ُعمر أخذ نفس عميق : مفهوم . .
سليمان : وشف لي الحيوان الثاني . .
ِّي واحد ؟
ُعمر بربكة : أ
سليمان وجن جنونه بغضبه الكبير : والله أنت الحيوان!!! . . من غيره
عبدالعزيز . . أبيه عندي حاال
ُعمر : إن شاء الله
سليمان : أجل هرب من رائد رغم كل هالرجال! .. والله يا خسارة الشنب
فيكم! . . واحد مقدر أبوه علينا يقدر هو! . . واحد يا كالب قدر يل ِّف عليكم
كلكم . . .
ُعمر : تآمر على شي ثاني
سليمان : أنقلع
ُوب سليمان الذي يعلم أنه ال يتحدث بهذه
ُعمر ترك المكان ضاج ًرا من أسل
الصورة اال إذا وصل قمة غضبه،
،
يجل ُس خلف مكتبِه ببرود يقاوم به كل هذا اإلضطرابات التي تواجهه،
وسي ٌل من الشتائم ال تختفي من على لسانه، ينظ ُر إلبنه الجالس أمامه
بصمت يكرهه، يكره هذا الهدوء الذي يشعُر بأن خلفه كوارث
دخل حمد : رجعوا الشباب ما لقوه في . .
ِّي أحد
يُقاطعه رائد : طيب! . . طلعه لي من تحت األرض . . . جيب لي أ
له عالقة فيه وماأبغى أعيد الكالم عشان ما يتعب لساني ألن إذا تعب
لساني وش يصير يا حمد؟
حمد بربكة بلع ريقه ألنه يُدرك ماذا يحدث إذا خابت إحدى أوامره : إن
شاء الله
رائد يلتفت نحو فارس :والسيد فارس ليش ساكت؟
فارس رفع عينه : وش تبيني أقول؟
نظر لهاتفه الذي أنار بإسم " موضي " ، بضحكة ساخرة : أنا أقول





المصايب ليه جتنا . . شف من أتصل؟ عشان لما أقولك لها قدرات هائلة
بأنه تعلقني بكل مصيبة ماتخطر على البال
فارس أبتسم ُرغم كل هذا اإلضطراب، رفع عينِه : ر ِّد عليها
رائد : سكرته .. شكلها كانت تبي تتشمت
فارس : يـــبه!
رائد : ووجعة! . . أمك هذي ال خلتني مرتاح معها وال بعدها
فارس بسخرية : أوجعك الحب
رائد : تعرف الكف؟ شكله بيجيك ترى للحين ح ِّرتي منك ما بردت
فارس وقف : طيب بما أنها ما بردت أنا رايح
رائد : أقول إجلس
فارس تنهد : يبه بتحبسني عندك
رائد : ِكذا مزاج
ِّي فارس : أستغفر الله . . وجلس ُدون أن كلمة
يردف أ .
رائد : على فكرة لو بحب أمك بحبها عشانك وال هي وجه ُحب!
فارس : هههههههههههههههه طيب . . ال تبرر لي
رائد : أنا ماني فاضي أبرر لك لكن أصحح مفاهيمك العوجااا
فارس : مفاهيمي العوجا بأيش؟
رائد أبتسم : يخي والله العالم تمصخرنا! . . ما كأن صارت لنا مصيبة قبل
كم ساعة
فارس : تتهرب. .
رائد يحذف علبة المناديل عليه ليغرق فارس بضحكته المبحوحة : على
فكرة من قدرات أمي الهائلة إستحواذها لك عقب كل هالسنين
رائد : إستحواذ! الله يآخذك أنت ومصطلحاتك تحسسني ماني بني آدمي .
. ب ِّشر أمك بس
بكلمة سمع صرختها التي شعر بأنها تُمِّزِ فارس وقف وقبل أن يتفَّوه ق
طبلة إذنه، ركض بإتجاه األسفل لين . . . . . ُظر





،
دخ َل مبنى عمله لينظر لوجوههم بريبة، هذه الوجوه التي تُشبه العزاء
المج َّسد، قبل أن يتجه نحو مكتب عبدالرحمن ألتفت على أحدهم : وش
صاير؟ . .
بربكة أرتجف به لسانه : مقرن . . آآ
سلطان رفع حاجبه : إيه وش فيه مقرن؟
:الله يرحمه
شعر بأن العالم ي ُدور حوله، تجمِّدت أعصابه ليُثبت عينِه بعبدالرحمن الذي
تق َّدم نحوه : أتصلت عليك طول الليل !
سلطان : وش اللي قاعد يصير ؟.
و وجهُ عبدالرحمن الشاحب من حقه أن يجعل سلطان يقطع الشك باليقين،
أردف : خلنا ندخل وأفهمك
سلطان : هُم صح؟
عبدالرحمن تنهد : سلطان خلنا ندخل مافيني حيل عليك بعد !
سلطان بغضب : أنا أعرف لهم . . وتركه لينزل لألسفل بهرول ٍة سريعة
جعلت كل األعين تراقبه، دخل للغرفة المخصصة للحجز، سحب زياد بقِّوة
ليدفعه على األرض : كنت تعرف بأنهم راح يتخلصون من مقرن؟
زياد ببرود يقف : إيه نعم
سلطان بصفعٍة قوية جعله يرتطم بالجدار : والله الأعلمك إن الله حق . . .
أشار بعين يه لرجل األمن أن يأخذه ليخرجا لساحة التدريب الحارقة بمثل
هذا الوقت، جعله يجلس على األرض ليلفظ بغضب وكل األعين من
طوابق تراقب ما يح ِص النوافذ من عدةِ ل بإهتمام، تُراقب ثورة غضب
سلطان الذي لن يرحمه بالتأكيد.
يُشير إليه بالسبابة : لو تكذب بحرف والله ثم والله ما يرِِّدني عن ذبحك
شي . . تجاوبني على كل سؤال
زياد : مالك حق . . ت
لم يكمل . . .





،
بعد ساعا ٍت طويلة، ينظ ُر للجثة الواقعة على األرض ليلفظ ببرود ُدون أن
ِّي مكان
يعي قدسيَة الموت : هذا للحين موجود هنا! . . أرموه في أ
ليتمدد على األريكة : سليمان يبي عبدالعزيز
أسامة الذي كان يشر ُب الماء أسترجعه من فِمه ليُردف : وشو!!!
ُعمر : ال تسألني شي! هو أنهبل رسميًا
أسامة : يبغاه! . . يبغاه بهالوقت؟
ُعمر : وحاالً
أسامة : من جدك! . . يالله . . يبي يذبحنا واحد واحد
يدخ ُل اآلخر : تخيلوا وش صار اليوم؟
عمر : واللي يرحم والديك ما أبغى أتخيل شي
:زياد! . . سلطان قاعد يستعمل معه أسلوب القوة
ُعمر : جد؟
:والله . . . . وصلتني األخبار وبدقة! متأكد


بالمية .. شكلهم أنهبلوا
بعد سالفة مقرن
ُعمر تن َّهد : ال تقول لسليمان بيهلكنا وبيورطنا بأهل سلطان بعد
ِي
من خلفهم : ماشاء الله السيِّد ُعمر يتخذ قرارات بالنيابة عنِّ
جميعهم وقفوا ملتفتين نحوه، ليتق َّدم إليه وهو يضع طرف المفتاح الحاد
على رقب ِة ُعمر : للمرة األلف أحذرك يا ُعمر من أنك تسوي أشياء من
ورى ظهري! . . وتصرفوا مع سلطان! . . وال تبوني أعلمكم كيف
تتصرفون معه ؟
أسامة : أبشر . . اليوم ننهي لك موضوع فيصل وسلطان
سليمان يتكتف : وش صار على فارس؟
ُعمر : نحاول والله العظيم لكن هالفترة هو بس عند أبوه
سليمان : أنا وش قلت؟
أسامة : بالنسبة لفارس عطنا وقت





سليمان :

ساعة ال غير
.
.
أنتهى – وش رايكم فيني : $ ؟ يقال أنه مافي قفالت : $ ؟ طيب حاولوا
تسألوني ليه مافيه بتر للمواقف بهالبارت :$؟ عشان أجاوبكم وأقولكم :$
عة في البارت الجاي إن شاء الله واللبيب باإلشار
ِّ
الدنيا مول ة يفهم$:
نلتقي إن شاء الله يوم الثالثاء )( + أذكركم بمواعيدنا السابقة " الجمعة +
الثالثاء"
+ وا اللغز أدري تأخرت عليكم بس إن شاء الله هاليومين
ُّ
للي وعدتهم وحل
حاولوا تدخلون المنتدى كثير عشان تشوفون الخاص.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .





أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!





الجزء )

)
-قبل ال نبدأ في البارت وِِّدي أقولكم شي ): هالبارتات األخيرة ج ًدا متعبة
وج ًدا تستنزف الواحد، ممكن البعض يقرأها يشوف أنها زي البارتات
القديمة وممكن البعض يشوف ال، بس األحداث اللي تقرونها أنا نفسي
رون
ُّ
َة، كل األبطال بدون تمييز يم
أحس أني أمِّر في مرحلة إنفجار بالروايـ
بهالشي، وطبعًا زي ما كنت أقولكم قبل ماراح أختصر شي، بخليكم
تعيشون النهايَة بكل لحظاتها، أتمنى بس تراعون هالشيء في كل لحظة
أتأخر فيها، النهايَة اللي تسألون عنها ما بعد وصلنا لختامها، تِّونا قاعدين
نمشي في هالنهايَة، أسترخوا وعيشوا هالنهايَة زي ماعشتم أحداث الروايَة
كلها، ممكن نطِّول بهالنهاية بس تأكدوا أني أحاول أختمها مثل ماخططت
وإن شاء الله تتم على خير )( + بارت اليوم طويل ج ًدا وحركي كثير . .
أقروه على يومين إذا تبون عشان ما تفوتون نقطة ألن كله على بعضه مهم
في مسار الروايــة .
يارب يارب يارب يقِّ + ر عيننا بن ِصر سوريَا وبالد المسلمين ويحفظ
ويحفظ أرضها
"
ماِلي
شعوبنَا العربيَة واإلسالمية من كل شر، ويحفظ "
وأهلها من كل سوء.
المدخل لـ محمود درويش.
تكبِّر.. تكب ِّر !
فمهما يكن من جفاك





ستبقى، بعيني و لحمي، مالك
و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و إني أحبك.. أكثر
يداك خمائل
و لكنني ال أغني
ككل البالبل
فإن السالسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
ألني أحبك أكثر !
غنائي خناجر ورد
و صمتي طفولة رعد





و زنيقة من دماء
فؤادي،
و أنت الثرى و السماء
و قلبك أخضر !..
و جزر الهوى، فيك، مِّد
فكيف، إذن، ال أحبك أكثر
و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك :
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و قلبك أخضر !..
وإنِّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو و أكبر!





يُشير إليه بالسبابة : لو تكذب بحرف والله ثم والله ما يرِِّدني عن ذبحك
شي . . تجاوبني على كل سؤال
زياد : مالك حق . . ت
لم يكمل من قدِم سلطان التي كسرت ذراعه المتوسدة األرض حتى صرخ
ِف من إبتساما ٍت سلطانية كثيرة،
زياد من إلتواءها، أبتعد و بإبتسامة تُصنِّ
هذه اإلبتسامة التي تُخفي تهدي ًدا مبطن واضح .
سحب الكرسي الذي أمامه ليجلس عليه : يالله طال ُعمرك سمعني صوتك
زياد يرفع ظهره من على األرض ليجلس بتو ِّجع من ذراعه وهو يفركها
بكفِّ : قلت كل اللي عندي المرة اللي فاتت ِه األخرى
سلطان يضع يِده على ذقنه ليُردف بإستفزاز : وأنا ماعجبني اللي قلته ..
خله يعجبني
ِّف أني أعجبك
زياد بقهر : أنا مو مكل
سلطان يعقد حاجب يه : نعم؟ عيد ما سمعت
زياد يلتز ُم الصمت وهو يُشتت نظراته للساحة الشا ِسعة التي تدِّرب عليها
كبيرهم وصغيرهم.
سلطان يقف ليسحبه من ياقته ويوقفه، ق ِّربه منه ليدفعه بش ِّدة على األرض :
ليه قتل سليمان مقرن؟ مقرن وش اللي يعرفه وخايف منه سليمان؟
ال يُجيبه، يكره نرجسيته الواضحة ُرغم أني أدرك تما ًما بأن التواضع
والبساطة في حياة سلطان قاعدة أساسية ولكن معنا، نح ُن المجرمين بحس ِب
ِّط
تصوراته دائِ ًما ما يتسل .
سلطان : ما أبغى أعيد السؤال كثير !
ِّي هم ٍس وال حرف
زياد يُخفض رأسه والصمت يرب . ُط لسانِه ُدون أ
سلطان يقف مجدًدا ليأخذه بقوة نحو عموٍد يحتر ُق من أشعة الشمس،
ليضرب رأسه به وبصرخة : وش اللي خايف منه سليمان؟
من أعلى ينظ ُر من النافذة وبيِده الهاتف، رماهُ بغضب على المكتب:
مجنون!!! . . . ليخرج ويُصادفه أحمد : بو سعود إذا. .
لم يُكمل كلمته من ترك عبدالرحمن إليه ونزوله لألسفل، ثواني حتى تو ِّسط





المكان وبحدة : سلطاااااااان
سلطان بغضب : عبدالرحمن أتركني
في الطابق الثاني ناداه بحماس : سعُود تعاااال شوف
ٍر أزرق يُس ِِّجل به إحدى الشواهد
الغارق باألوراق يكت ُب على البياض بحب
التي يُريد أن يناقشها معهم : مشغول!
:بيطوفك نص عمرك . . يا حمار تعال شوف وش صاير؟ . . .
وقف ليتجه نحوه ويُطلق بشفت يه تصفي ٌر خافت : أووه! وش يبون يسوون
فيه ؟
بحما ٍس منفعل : والله لو يقطعون جلده حالل . .
سعود بضحكة : وش فيك متحمس؟ كأن اللي مات ولدك
محسن : مقهور منه الكلب! أنا جلست
شهور زي الحمار أتعلم كيف
أكشف كذب الواحد وهذا ل ِّف علينا كلنا
سعُود : كلن بيالقي جزاه! . . تهقى سلطان العيد الله يرحمه كان يعرف
عنهم؟
محسن : إال مليون بالمية! . . وبصو ٍت شاه ٌق شغُوف . . بيدعي على نفسه
والله وال يجيه شي من عبدالرحمن
ِر إبتعاد سلطان الذي لفظ كحرق ِة
بالقُر ِب منهم كان عبدالرحمن يقف بإنتظا
الشمس المصِّوبة بإتجاههم : وش اللي يخاف منه سليمان؟
زياد ببرود يصطبر على هذا الجل ُد النف ِسي والجسدي : ما أدري
سلطان يُخرج سالحه ليقترب عبدالرحمن منه ويسحب السالح من يِده :
إبعد . .
بغضب تراجع للخلف : يا عبدالرحمن! اللين والرحمة مع هاألشكال ما
تنفع
عبدالرحمن يُمسك زياد من ياقته المتمزقة ليجعله ينحني بظهره قليالً حتى
عجن بطنه بركبته التي إتجهت نحوه بقِِّوةٍ جعلته يسقط على األرض، رفعه
مجدًدا ليلكمه على وجهه حتى نزفت شفت يه.
من األعلى أبتعدت شفت يه عن بعضهما البعض وهو يلف ُظ بدهش ٍة كبيرة :
أححححح! . . . تشوف اللي أشوفه





سعود: بوسعود يضرب! والله هذا شكل أحد داعي عليه بليلة القدر
ده نحوه ليدفعه بلكمٍة أخرى وبحدة : مين ايش خايف
سلطان يقترب ويش
سليمان؟
عبدالرحمن الذي يستنز ُف كل جهِده بمعرفة ما يح ِصل ال يتح ِّمل برود زياد
وبرود إجاباته، والصمت أصبح مستف ًزا لدرج ٍة ال يصطبر عليها.
زياد : ما كلمته .. اللي يتعامل معي أسامة
سلطان يُظهر مالمح الشفقة بسخرية : والله؟ . . ال جد . . يصفعه بقِّوة
حتى بدأت الدماء تنزل بين أسنانه.
زياد يسع ُل ب ُحمرةِ سائلة تخر ُج من شفت يه : مالنا عالقة بسليمان! عالقتنا
مع أسامة وأسامة هو اللي يو ِِّصل كالمنا لسليمان
عبدالرحمن : ومين أسامة؟
زياد : سكرتير عند رائد
عبدالرحمن : حلو . . حلو . . يقترب ليش ِّد على ياقته حتى خنقه وبغض ٍب
لم ولن يرى مثله أب ًدا من شخ ٍص حليم كعبدالرحمن : ليه قتل سليمان
مقرن؟
زياد بعد أن شعر أن روحه تصعد لعنقه وبصو ٍت مختنق : ألن مقرن كان
يبي يبلغكم
تركه ليسعل بش َّدةٍ وهو يتقيأ دما ُءه، سلطان : وش يبلغنا فيه؟
زياد بعد أن شعر أن ال مفِّر من غضب سلطان واآلن عبدالرحمن : مقرن
كان مع سلطان العيد قبل وفاته
م بالتفاصيل ال تخلي جنوني تطلع
ِّ
عبدالرحمن بح ِّدة : وش صار؟ . . تكل
عليك !
زياد وأنفاسه تضطرب : سلطان العيد بعد ما تقاعد كان يشتغل معه
سلطان ينظ ُر إليه وعين يه تثور ببراكينها : عشان ؟
زياد : كان يعرف هو ومقرن أنه رجال رائد اللي وصاهم عشان يراقبونه
مع رجال سليمان . . فكان يعرف أنه ماراح يصير له شي ألن التهديدات
اللي من رائد مستحيل تتنفذ من رجال يتعاملون مع سليمان
سلطان بغضب يصفعه : أنا أسألك عشان مين؟ ما أسألك عن الحادث





زياد مسح دماء أنفه ليُردف : ما أعرف
ٍر غير منتظمة
سلطان ج ِّن جنُونه ليسحبه بقِّوة حتى حاول دفعه على حجا
الشكل قاسية، ولكن وقف أمامه عبدالرحمن ليسحبه منه ويدفعه بهُدوء
ليجلس على األرض : وش الشي اللي يعرفونه عنهم؟
زياد بعصبية : أنا مالي عالقة . . أفهموا أنا ماني مسؤول هناك . . كل
اللي أسويه أنفذ أوامر
عبدالرحمن بغض ٍب كبير يأخذ حج ٌر كبير ويرميه على بطنه : الحين
بتصير لك عالقة
زياد بألم يُبعدها وهو يشعر بأن كل خلية بجسِده تتألم : معاهم األدلة اللي
تثبت كل العمليات اللي حصلت من رائد ومن سليمان واللي حصلت بينهم
بدون علم رائد وكل اللي حصل من رجال سليمان لرجال رائد والعكس . .
معاهم كل شي
عبدالرحمن عقد حاجب يه : كانت مع سلطان و مقرن؟ وليه أخفوها؟
زياد بعد صمت لثواني رفع عين يه إليهما : أتوقع كانوا مضطرين
سلطان : وليه مضطرين؟ . . مهددينهم بأيش؟ . ." صرخ ". . مهددين
مقرن بأيش؟
زياد : فيكم
سلطان : فينا؟ . . بأيش؟
زياد : كان كل ما يرفض مقرن يعمل لهم شي يضرون بناتك . . وجه
كلمته األخيرة لعبدالرحمن .
عبدالرحمن : أجبروه عن طريق بناتي؟ . . صح؟
زياد هز رأسه باإليجاب ليُكمل : كان مضطر يسكت خصو ًصا أنه مقرن
ماله منصب كبير هنا يحميه
سلطان بح ِّدة : شفت بو كريم .. هذا عندنا هنا منصبه كبير .. دِّور حجة
ثانية عشان ما أخليك عمود هنا! " بو كريم مسؤول النظافة "
زياد : هذا اللي صار بعد ما تدخل فيصل
سلطان : فيصل مين؟
زياد : فيصل القايد





عبدالرحمن جلس على الكرسي بعد أن تن َّهد تنهيدةٍ تحمل الكثير من الوجع
: وش عالقة فيصل؟
زياد : ما أعرف بالضبط لكن فيصل متورط معهم بعد ما خبِّر ناصر عن
وجود زوجته
سلطان أتسعت محاجره بصدمة : لحظة . . لحظة . . . . سليمان اللي كان
ورى إختفاء غادة بعد الحادث؟
زياد : إيه
سلطان بقهر تمتم :


إعدادات القراءة


لون الخلفية