الفصل 70
عبدالمحسن ال يُصدقه بل غير قاِدر أن يُفكر حتى بتصديقه : أسمع من
الجوهرة هالحكي وبعدها أنا أقرر
سلطان بثقة : تسمعها ! ليه ما تسمعها !! .. الحين أناديها لك
عبدالمحسن : أول وين تركي ؟
سلطان تن َّهد : في مزرعتي
،
تج َّردت من شعُور الخطوبة ، من تراقص الفرح حين تسمع أحدهم يقُول "
فالن سيخطبك " كل هذا لم تعُد تشعر بالحماسة إتجاهه ، تماما مثل
المتزوجة حين يخبرونها و تضحك ب ُسخرية ، هذه المرة من لم تضحك
ٍ ألنوثتها جعلتها تضح ُك بشمات ٍة الذعة. أغلقت
بسخرية بل شعرت بإشباع
الهاتف لتلتفت عل يها ،
بضحكة عفويـة أطلقتها : جاء الوقت اللي يشهرون فيه بزواجكم
رتيل شاركتها الضحك : ههههههههههههههههههه قلتي لي وش إسمه ؟
ضي بإستهبال تُقلد صوتها : محنا القين لحاتم أحسن من رتيل ونعم التربية
واألصل
رتيل : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
تكفين ضيوو روحي قولي ألبوي بس قولي له بجدية
ضي بإبتسامة : تبين تقهرينه !! تراه زوجي التنسين
رتيل برجاء : الله يخليك ضي صدقيني ماراح ينقهر
ضي : أل مستحيل أبوك فيه اللي مكفيه
رتيل بضجر : تفكيين عاد
خرج عبدالرحمن من مكتبه ليُقابلهم بالقرب من الدرج : وش فيكم واقفين
هنا ؟
ِل البرود في مالمحها ، ضي : وال شيء
ِّ
رتيل كتمت ضحكتها لتُمث
عبدالرحمن رفع حاجبه : وأنا كل ما سألت قلتي وال شيء!!!
ضي بحرج : آل ماهو قصِدي بس يعني شي ماهو ُمهم
عبدالرحمن ألتفت لرتيل : وش عندك رتيل ؟
ُوا على بيتنا ناس وبس
رتيل بهُدوء والفُرصة أتت إل يها : أتصل
عبدالرحمن : والناس مال !! ُهم إسم
ضي شعرت بالورطة لتنطق : فيه ناس يبون يخطبون رتيل بس قلت لهم
أنها مخطوبة
رتيل أنسحبت من المكان بهُدوء لتصعد لألعلى. وب ُمجرد ما إن أعطت
ِل عبدالعزيز
ُمجرد أن تُفكر بأفعا
والدها ظهر َها حتى أبتسمت ب ُخب ٍث شديد ل
، أتى اليوم الذي تُبرهن فيه عن إستغناءها التام عن عزيز وليس أقواالً
فقط. أتت اللحظة التي تقُول بها بقل ٍب بارد " أنا يا حبيبي ال يعنيني أمرك
" يا
ِ و الدلي ُل المدعو حاتم
لله يا عزيز متى أشعُر بالنصر عليك. أنا في أوج
إستعدادي ألهزمك بعد سنة كاملة هزمتني بها بكل شيء ولكن أتى دوري
و " يوم لك و يوم عليك "
ب ِصر هو
ُ
عبدالرحمن ولم يُفهم من مالمحه ردةٌ فع ٍل واضحة. كل ما أ
تنهيدته.
ضي : ال تخاف ص َّرفت ُهم بس ماهو الزم تعلن عن زواجهم يعني عشان
حكي الناس بعد!!
عبدالرحمن بهُدوء ُمريب : بس نرجع من السفر
ضي : اللي تشوفه .. شفت عبير اليوم ؟
عبدالرحمن تن َّهد : بصعد لها الحين ... وبخطوا ٍت ذابلة أتجه إل يها ليطرق
الباب : عبير
تركت شعرها على جنب لتقف ُمتجهة للباب ، فتحته بأعيُن التختلف عن
شعُور خطواته. الذبُول نفسه نفسه. وإني يالله على إبتالئِك صابر و إني
على ُحزن بناتِي صابر.
بهُدوء : ممكن أدخل ؟
ممكن
عبير صمتت ، ال أحد يُدرك جر ُح الكلمات البسيطة تخيَّل أن "
أدخل " تجرح ! تجرح وبش َّدة إن أتت من قري ٍب كأبي ؟ تجرح كثي ًرا إن
ن صاح ِب القلب ذاتُه. الكلما ُت العاديـة التي ال ت ُه أتى اإلستئذا ُن م م غيرنا
هي ذاتُها التي تترك بنا شر ًخا عميقً . ا ال يُشفى بسهولة
ش َّدت على شفت يها و هدبُها يرج ف ، شتت أنظارها واقفة التنطق بكلمة. ال
كالم يح ُضر أمام والدها.
عبدالرحمن د َخل ليجلس على طرف سريرها : تعالي
أغلقت الباب وأتجهت نحَو بصمت ه ، لتقف بين يد يه بضعف وهذا ال ُضعف
ال يقرأه سَوى أحٌد يحف ُظها عن ظهِر ُحب ، هذا األحد إس ُمه أبي ويا للخيبة
إن باعد ُت يو ًما عن من يقرأني.
عبدالرحمن مسك كفَّها ليضغط عل يها وكأنه يُريد أن يمتص بريق ال ُحز ِن
من عين يها : صايرة تقسين كثير ! حتى على نفسك
ُم فراس ِة خ ُطوط الجبين ، إنَّي لوحةً اليتق ُن
تعَّرج جبينُها بضيق ومن يتعل
رسمها إال القليل والقليل ج ًدا ومن ُهم مج ُهوِلي الِذي يفهُم كيف الرسم ي ُكون ؟
واآلن أنا أفلس ُت من ألوانِي وال أحد قادر على تلويني بضحكة ، كل
األلوان مائعة تذُوب في وج ِهي وتُبقيني بش ُحوب. كلها والله.
عبدالرحمن : وش اللي مضايقك بالضبط ؟ ضي ؟ منتي قادرة تتقبلينها ؟
قولي لي وش اللي معكر مزاجك ؟
عبير وال جوا ٌب تستنطقهُ .
عبدالرحمن تن َّهد : يالله يا عبير !! ليه تحبين تضايقيني ؟ أنا بسمعك ..
قولي لي بس وش اللي مضايقك ؟
عبير بحزن : أنت تعرف وش مضايقني!
عبدالرحمن : يعني ما هي ضي ؟
عبير والدُموع تتحشر ُج بها : ماتهمني ، متضايقة من حياتي كلها .. كلها
يا يبه
عبدالرحمن : وش مضايقك فيها ؟ ناقصك شي ؟ وِِّدك بشي وماسويته لك
؟
تَّورد ت على خِدها لتُردف : كثيير أشياء ناقصتني ، ُعمر
و دمعة ي
ال ٌ
وظيفة ال زواج ال شيء .. ماتحس أنك ظلمتني كثير يبه ؟
ُم من كل جهة ، نظر إل يها وكأنهُ يجهل
عبدالرحمن ترك يدها لينغر ُز به األل
إبنته في هذه اللحظة.
عبير : ما أقولك ميتة على الزواج وال أقولك ميتة على الوظيفة .. بس...
ببكاء أردفت : أصال وش بيتغير لو أقولك
عبدالرحمن : قلت لك كملي الماستر والدكتوراه وأخليك تشتغلين بالجامعة
نفسها
عبير بضيق : بس أنا ماعندي ميول للتدريس أبي أشتغل في تخصصي
نفسه
عبدالرحمن : هالفترة أل ، مقدر يا عبير
ي !! .... عادت بخطواتها
عبير بقهر : وتسألني إذا ودي بشي وما سويته ل
للخلف لتجل س على ال ُكرسي.
عبدالرحمن بتنهيدة أردف : أسوي لك شي أنا متطمن عليه !! بكون
متطمن لو تشتغلين بالجامعة على األقل أضمن أنه محد يدخل الجامعة ..
لكن بنك وغيره ناس داخلة وناس طالعة .. أفهميني يا عبير بهالفترة مقدر
أخليك تشتغلين بمكان مفتوح
عبير ببح ِة ال ُحزن الموجعة : خالص ماأبي منك شي
عبدالرحمن وقف ليجلس بجانبها ويُخلخل أصابعه في شعرها : يا قو قلبك
إن كانك ناوية على الزعل
عبير ُرغ ًما عنها أبتسمت لتُمحيها بسرعة ، هذه ال ُجملة كثي ًرا ما رددتها
على مسامعُهم.
عبدالرحمن بإبتسامة : يا بعد هالدنيا صدقيني أني خايف عليك ماهو مسألة
أقيِّدكم بس أنا من وعيت على هالدنيا وأشوف ناس أشكال وأنواع وأعرف
أنه فيه ناس مند ِِّسين ويمشون جمبنا وإحنا نحسبهم زمالء وأصدقاء .. لكن
بعدين نكتشف العكس وأنا منهم يا عبير أخاف عليك
يُتبع
،
فِي آخ ُر الليل ، السما ُء صافيـة و الجُو ُمعتِدل مائِل للب ُرودة. وهذا الي ُهم ما
ي ُهم جسٌد بارد و قل ٌب مائِل لل ُحرقة و األجوا ِء بين أجزا ِء جسده ليست
بصافية وج ًدا.
م على خاِلها األصغر : السالم عليكم
َّ
سل
َس : الم .. حياااك تف َضل
وعلي ُكم ال
ِ يوسف د َخل ُمتن م على هذا البي ت ِهًدا ل
يجلس في غيا ب الكثير ، الهُدوء يخيِّ .
الخا ُل الصغير يسك ُب له من القهوة ليمُدها له : شلونك ؟ ب ِّشِرنا عن
أحوالك
يُوسف بإبتسامة : الحمدلله أحوالنا تسِِّرك ، أنتم بشرونا ؟
:أبد بخير ،
بعد دقائِق طويلة تبادل لصم ُت علي ُهم ، ُوا بها األحادي ِث الوديـة حتى هبط ا
لشا ُب الثالثيني بحس ِب توقعات يُوسف : أنادي ُم ليقطعه ا رتك ؟
يُوسف : ياليت والله ألني برجع الرياض
ِح اليوم وبُكرا إن شاء الله تسِر : ي
أفآآ يا ذا العلم .. أنت ريِّ
يُوسف ويبحث عن ح َّجة : مقدر والله عندي ظرف في البيت مقدر أطِِّول
بإستسالم : بيزعلون عليك *قا ِص ًدا أخوانه الكبار*
أبتسم : البركة فيك
وقف بإبتسامة : بروح أناديها لك
د َخل لتسقُط عيناه عليها خارجة من المطبخ : ُمهرة ... يوسف بالمجلس
شعرت وكأن قلبُها يسقط في بطنها و يُجاور جنينها ، أخذت نف ًسا عميق :
طيب ، لم تتوقع بهذه السرعة سيأتيها ، لم تتوقع أب ًدا بأنه يتنازل ويأتيها.
:وشو طيب .. يالله ال تصيفين عليه وأنا بصعد أشوف أمك
وال مجال حتى للنقاش وهي تراهُ يصعد تاركها في ليل ٍة كهذه ال أحد ُهنا
ينظ ُر لفضيحة عين يها.
أقتربت من باب المجلس ، وضعت كفَّها على المقبض ، بلعت ريقها بل
بلعت كلما ٌت متراكمة. تخاف؟ ال أكذ ُب على نفسي وأخدعها بغير ذلك !
فتحتهُ لتلتقي عينه بعينها.
يُوسف وقف و ُسرعان ما أستقرت نظراتُه على بطنها الِذي اليتض ُح به
ِّي إعتبار
معالم الحمل ولكن الشعُور النفسي فوق أ .
ُمهرة بهُدوء : السالم عليكم
يُوسف : وعليكم السالم . .
بدأت أصابُعها ُمتشابكة و بينهما خطوا ِت ُمرتبكة ،
يُوسف بتنهيدة : روحي حضِري نفسك بنمشي الرياض الحين
ُمهرة أخفت ربكتها لتُردف : عندي مواعيد كثيرة هنا .. مقدر
يُوسف بحدة : عسى بس الرياض تش ِكي فقر العيادات ؟ ال تأخريني أكثر
ُمهرة بهُدوء : مـ...
قاطعها د ُخول أم ُمهرة ، ال إراديًا أبتسم .. " هال هال"
أقترب منها وقبَّل رأسها : هال والله .. مشتاق لك
أم ُمهرة : هالبك ، والله عاد العتب عليك مخلي مرتك هنا ومعشعش عند
أهلك
يُوسف ضحك ليُردف : بشريني عن أحوالك ؟
أم ُمهرة : الحمدلله حالنا يسِِّرك
ي آخذ ُمهرة
يُوسف جلس ليُردف : جا
ُم أم هرة : حاللك محنا بقايلين شي
يُوسف أبتسم ليرفع عينه : بسولف مع طويلة العمر ماعلى تجهزين نفسك
ُمهرة بضيق : يمه تدرين أنه عندي مواعيد و مقدر .. يعني
قاطعتها والدتها : تشوفين مواعيدتس بالرياض
ُمهرة : مقدر يمه
والدتها بعصبية : وش اللي ماتقدرين عليه !!
ُمهر ى وهي
ة خرجت لتغلق الباب بقوة ُمعبرة عن غضبها ، صعدت لألعل
ُم كل شيء في هذا الكون
تشت .
والدتها بتغيُر النبرة الفظيع : وشلون أختك المعرسة ؟
،
ِرف الموت. من
يمُر الوقت ، يمُر العُمر ونح ُن العُشاق ننت ِظر على مشا
َي منَّـا ؟ يثقبُه
يُطلقنا للحياة و يثق ُب ما بق إننا ال نُريد بع ُضنا الملتصق بنا.
رنا للهاويـة. ت ُمر األيام و سما ُء الرياض على حالها
ُّ
ُمتشب ُث بال رحمة يج
ال
ال تبكينا ، ت ُمر األيام و باريس ال تعط ُف علينا ، ت ُمر اآليام و مثل األيام. ال
شيء يُخبرنا أننا بخير. ال شيء يعنينا وال شيء بات يهُمنا. نح ُن نُف ِكر اآلن
كيف ن ُموت بطريق ٍة سلمية ؟
في إحدى ُمستشفيا ِت الرياض ، الطاب ُق األول حي ُث يستدي ُر القل ُب يسا ًرا و
فا ِصل يهم ُس لنا قبل الدخول
م ممٌر موحش حتى تلتقي األعيُن ب ُزجاجٍ
من ثُ
" أنتبه! ُهناك أحٌد يهُمه أمرك "
ُممس ِك ي ِّد والده الباردة بين يد يه الدافئة وعيناه ف ِكر
ُ
ُه بضع ٍف شديد ، أ
تتأمل
ُمجرِد
كيف الحياة ُدون والِدي ؟ أشعُر بالجنُون ! حياتِي تشعُر بالخواء ل
ي سَوى والِدي و عبدالعزيز. وهذا هو عبدالعزيز
التفكير بأن ال أحد بق
ريد
ُ
يرح ُل لجهنِم ال ُدنيا بإبتسامة واسعة. ال أحد يرح ُمني من هذا الغياب ! أ
أن أصرخ إن حياتكم ال تعنيكم وحدكم ، إن حياتكم تعنيني أنا أي ًضا ، تعني
ُمعلقين على مشج ِب حياتكم
من يُحبكم ! إن نويتُم الرحيل فكُروا بنا ، نح ُن ال
، وأنا أشهُد بالثالثة أ َّن نيت ُكم فا ِسدة التم ُت للعق ِل بصلة يا أنتم يا من أحببتُهم
وكانوا أنا ًسا متهورين متذبذبين أنانيين. يالله أرحمنِي من غبا ِء عبدالعزيز
إنِي ال أتحم ُل غيابه ، وأرحمنِي من إستسالم والِدي إني ال أتحم ُل فقده.
أخبرته مرا ًرا أنك كبرت يا والِدي ، كبرت على القيادة ويجب أن يأتيك
ا كجميع الرجال في ُعمرك ، إن أمتنعت عن القيادة أخبرنِي أنا أقُودك
سائِقً
، أنا أفع ُل كل شيء تريده. إنه إبنك الذي يجلس أمامك اآلن ، إنه إبنك التي
ما عاد له قوة حتى يتحمل أكثر
"
تُناديه بين ضحكاتِك " نويصر ووجع
" الذي تقوله بعد إسِمي أشعُر بأنه أتى
" الوجع
تهورا ِت من يُحب. حتى
ي ، حياتِك يا أبِي التعنيك وحِدك ، من خلفك إب ٌن يب ِكي
ُكدعاء وألتصق ب
ح ُضورك وأنت أمامه. أر ُجوك يالله ال ترني به مكرو ًها.
،
أن أستنشق ت به هواء باريس ، في المقهى يجتمعن ثالثتهن
لم تراه منذُ
وسط أحادي ُث رتيل و ضي و ه ُدوء عبير .
ال تُخفي إشتياقها و لهفتها لرؤيته ولكن كانت تُخطط كيف تُهينه باو ِل
حدي ٍث لها ، تخج ُل من أنها تُخطط على اإلهانة قبل وقوعها في وق ٍت تجد
أن عبدالعزيز ال يُخطط وهو الِذي يكس ُب دائِ ًما في حصارها بشتائمه
ال . ُمبطنَّـة
ضي : آل بـ َكا ن بتكون ، بس الزم نخليها تزورنا هنا إذا ما طلعنا من
باريس
إذا خلصتِي بدِري تعالي باريس والتجلسين هناك
رتيل : أنا قلت لها أصالً
ضي بإبتسامة : طيب وش رايكم نطلع ، طفشت من الجلسة
رتيل تنظ ُر للباب الِذي يُدلف : أبوي جاء
ضي ألتفتت لتضحك عيناها ب ُمجرد أن رأته ، أقترب منهم : خلصتُوا ؟
رتيل : كلها كم محل بس
عبدالرحمن يتأم ُل األكياس الكثيرة بدهشة : كل هذا وكم محل!!
رتيل أبتسمت : ال تنسى أن أسواق الرياض ما طبيناها صار لنا قرن
عبدالرحمن أبتسم : طيب ، بتكملون يعني تسِّوق ؟ ألن عندي شغل الحين
عبير : أنا ودي أرجع الشقة تعبت وأبي أنام
ضي : دام كذا خالص نرجع كلنا ونطلع العصر
رتيل : أنت بتطِّول يبه ؟
عبدالرحمن : آل مو مرة بس أوصلكم وبعدها ماتطلعون
رتيل تنظ ُر لنافذة المقهى ال ُزجاجية لتقع عيناها عليه ، هذا ظهُره وطوله.
على بُعِد مساف ِة طويلة واقف و ُمعطي المقهى ظهره. تعلقت عيناها حتى
أنتبه لها والدها و ليس هو فقط. بل ضي وعبير أي ًضا.
عبدالرحمن تن َّهد : يالله خلونا نمشي
رتيل بلعت ريقها لتأخذُ حقيبتها وبع ُض األكياس ، خر ُجوا ليلتفت
ُهَما وهو الِذي يحسب بأ َّن الخارج عبدالرحمن فقط بعد أن
عبدالعزيز ل
أخبره بأنه سيتطمئن عليهم ويتجهون للتخطيط للعمل .
ِن رتيل ، تجاهل والدها وغضبه الِذي سيحد ُث من وقع
تعلقت عيناه بعي
نظراته ، أطال نظره لتُشتت األخرى نظراتها ، أعطتهُ در ًسا في شراس ِة
العيُون ، أعطتُه جوابًا لل ُح ِب من نظرا ٍت حادة عنيفة ال تخر ُج من رقيقة كـ
رتيل ولكن خرجت بعنفوان وال أحد يجرؤ أن يسأل عن أسبابها.
بعد أن
في جهٍة كانت نظرا ُت عبدالعزيز تحم ُل شيئًا ُمبهم كأنه رأى قطعةً
فقدها لفترةٍ زمنية طويلة ، كأنه رأى شيئًا غريبًا يتملك قلبه اللهفة بأن
يُطيل النظر ويفهمه.
ُمقاطعًا كل تصوراته : نوصلهم وبعدها نروح . .
عبدالعزيز لم ينطق بكلمة ، تنفس بعُمق ليخ ُرج بخا ٌر أبيض من بين شفت يه
يُبرهن على برودةِ األجواء في مثل هذا الوقت من السنة.
سا ُروا على الرصيف والفندق قري ٌب ج ًدا ، كانت خلفه تماما ، يشعُر
ُم فراسة الخطوا ِت أي ًضا من صخ ِب هذه األقدام ، هي
بخطواته ، يكاد يتعل
تسي ُر بين جسد ين ، بين ضيء و عبير ، يفهُم جي ًدا طريقة عبدالرحمن في
التناقض ، ال يرضى بأحٍد مهما كان أن يرى بناته واآلن زوجته ولكن
يرضاها عل أخجل بها من نف ِسي ، أخجل والله أن ي ، يعتبرني إبنه لدرجة
أرى هذا اللطف بعد أن أعتد ُت الجفاف. نفث أفكاره ليقف أمام الفندق
وينظ ُر لسيرها ال . ُمرتبك للداخل
،
د َخل مبنى عمِله بثوبِه األبيض األنيق و الشماغ األحمر يأخذُ وضعيته في
الجمال الشرقي ، عوا سكوكة " تس ُر ِرضه الخفيفة تتكاث ُر حول فِمه لت ُكن
ِح عليه ليُبادره بإبتسامة و يدخل
، كل من يمُر بجانبه يُصبِّ
الناظرين "
مكتبه : وين أحمد ؟
متعب يضع الملف على الطاولة : راح يشوف المتدربين الجدد ، أمس رائد
الجوهي سافر ومعه ولده بس غيَّر وجهته ، راح باريس
رفع حاجب اإلستنكار : غريبة ! هالولد اللي مستتر عليه من عيوننا دايم
ليه يبي يظهره الحين!
متعب : فيه شخص ثاني ماكان واضح شكله ألن معطي الكاميرا ظهره
بس كان يقُول أنه أبوه يبي يعِِّرف فارس على صالح
سلطان شد على شفت يه : يعرفه ؟
متعب : إيه كذا سمعته يقول ، بس أكيد فارس مايدري عن شي ألن عازله
بشكل كلي
سلطان : طيب أرسل صورته لعبدالعزيز و انا بكلم بوسعود
متعب : إن شاء الله .. تآمر على شي ثاني ؟
سلطان : أل .. خرج متعب من جهة و بدأ هو بالتفكير بموضوع فارس ،
في هذا الوقت بالذات يُقحمه بعمله ؟ ماذا يُريد أن ي ِصل إل يه ؟ فارس
َ
ِلم
شاب واألكيد أنه اليعر ُف الكثير عن عمل والده ! بماذا يُف ِكر هذا الرجل ؟
أريد ان أفهم فقط بماذا يُفكر !! مجنون حتى تصرفاته باتت تُصبح محل
غباء .
أشتغلت أصابعه الموسيقية بالطرق على الطاولة و أفكا ُره تتداخل ، لو
جعلنا رائِد يش ُك في رجاله ماذا سيفعل ؟ إن جعلناه يُفكر بوسوسة إتجاه
إبنه !! بالطبع سيلجأ لصالح بأنه الر ُجل المناسب ومح ُل الثقة
ضحك ليُردف : جبتها يا ولد بدر.....
وقف ُمتج ًها لغُرفة المراقبة و تخطيطات كثيرة تلتهُم عقله في مثل هذه
اللحظات ، متعب وقف ب ُمجرد أن رآه
ِل الكاميرات اللي حول بيت رائد
سلطان : شغِّ
متعب فتح هذه الكاميرا على الشاشة الرئيسية التي تتوس ُط بقية الشاشات :
هذا البيت اللي قدامه مين له ؟
متعب : أظن تابع له
سلطان : شف أبيك تتأكد لي من البيت اللي قدامه و كل خدمه تجيب لي
أسمائهم ، خصوصا الحرس اللي عند الباب أبي أعرفهم واحد واحد .
متعب : إن شاء الله
سلطان أخذ ورقة و قلم ليكتب : شغل مخك شوي معي أبيك تحفظ كل
كلمة
ر ِّكِز " يفقد كل تركيزه :
متعب بتوتر وهو من النوع الِذي إذا قيل له "
طيب
سلطان : عند الباب الرئيسي أبيك تحذف من كاميرات المراقبة الصغيرة ،
أبيها محروقة بس بدون لحد ينتبه لك ، وبعدها بتروح أل ِّي بقالة وتطلب
منه تكلم من تليفونه .. إلى اآلن فاهم ؟
متعب : إيه
و تقول بالحرف
*كتب له بالورقة رقم ُمحدد*
سلطان : تتصل على هالرقم
الواحد روسيا ما تصلح لك .. وش تقوله ؟
متعب بربكة كبيرة : روسيا ما تصلح لك
ِم الشباب هناك أنهم يراقبون رائد
ِّ
سلطان : بعدها تقول ألحمد يكل
ويصيرون له مثل ظله
بتمتمة أردف : أنا أخليه برجوله يجينا
،
ُم يثقل في سما ِءك
ِر فتنتِك ، الغي
برٌد يا أسطنبُول و رق ُص ال يهدأ على أوتا
َّونة ، اللغِة تتغن ُج من الما َّرة و تسل ُب السمع
ِرك المل
و أنبا ٌء عن أمطا
لينح ِصر به ، هذه المدينـة ُمتخمة باألثار ال ة ع ُصور عاصرتها ُممتدة لثالثِ
بإختالفاتها وتناقُضاتها ، هي التي تمل ُك التفرد وتجم ُع بين قارتين بجسِر
البوسفور ، مدينة عمالقة و فخمة منذُ سالالت العهُد الروماني حتى أتى
محمُد الفاتح .
تسي ُر بجانبه في إحدى أكثر شوارع أسطنبُول إزدحا ًما " شار ُع إستقالل "
، لم تُناقشه بشيء ُمهم أو حتى حدي ٌث مطَّول تشعُر بأنه مغ ُصوب ُرغم انه
ِر رأيها بسرعة إن باغتها بسؤا ٍل وِدي أو حدي ٍث حميمي يكس ُر أفكارها.
يغيِّ
مثلي لم تعتاد أن ترى الرجال
أحاو ُل جاهدةً أن أفهمك يا ريِّـان ، صبيةٌ
كثي ًرا حين أخبروها أ َّن ُهناك رجالً سيتزوجها وقعت في ُحبه دون أن تراه
ألنها كانت في حاج ٍة ماسة بأن تك ُسر عينها برج ٍل غير أقرباءها. ُربما أنا
ُحبك ولكن . . ال أفهم حتى شعُوري إتجا ُهك ولكن الحياةُ معك
ال أ
ستجعلني أعر ُف تحدي ًدا من أنا و ماهو قلبي.
ريـان : بردتي ؟
ريم : ال بالعكس الجو حلو
ريان غرقت عيناه في جنبا ِت الطريق حي ُث الرسا ُمون و العازفُون و حتى
الواش ُمون ومن فوق المحال ِت الموسيقى تصخ ُب باألندية الليلية .
مِّر شا ٌب سكران بجانبها جعلها تمس ُك ذراع ريـان بش َّدة ، ألتفت عل يها بعد
ان قطعت سرحانه : وش فيك ؟
ريم بحرج أبعدت يدها : آل بس مر واحد شكله شارب ... ماأحب األماكن
الضيقة
ِها اليُسرى ليخ ُرج من الطريق : نجلس
ِه األيمن بكفِّ
ريِّان خلخل أصابع كفِّ
يومين هنا ونروح بورصة ؟ وش رايك ؟
ريم : ما قد جيت تركيا ماأدري اللي تشوفه
ريَّان : بورصة أهدى و طبيعة أكثر
ريم بإبتسامة : اللي تشوفه
ريِّان أقترب من إحدى الدكاكين ليشتري قارورت ين مياه : تبين شي ؟
ريم هزت رأسها بالنفي ، ليخرجان على الساح ِة العريضة ، أتى على بالها
ُمزدحمة والصاخبة في وق ٍت تكرهها كثي ًرا. يالله
هيفاء تُحب هذه األجواء ال
ٌم قليلة وأشتقت بها لهيفاء و يُوسف و من ُصور و حتى
لم ي ُمر سوى أيا
مزاجية نجالء. األهم من كل هذا أنها أشتاقت لوالدها و والدتها.
َسا على إحدى الكراسي الخشبية ، والصم ُت يُدار بين ُهما ، تمُر الدقائِق
جل
َّت من هذا الهُدوء ، هي تُحب
الطويلة الخافتة لتضيق على ريم التي مل
ِّي حدي ٍث يُذكر. أهذا أي ًضا
الهُدوء ولكن ال يعني أن تتأمل وفقط ُدون أ
طبيعي في بداية الزواج ؟
،
ُمقابلة يسألها و تتجاهله تماما
جاِلسـة ُدون أن تنطق بحرف ، في الجهة ال
لتغرق في صمتها ، مازالت مقهورة منه ، يُريدها فقط من أج ِل هذا الجنين
َما أتى لحائل ، كل شيء يفعله من أجل إبنه ليس من
! لو لم ت ُكن حامل لَ
ُ
َما قال أ
رسل له ال ُصورة لَ
ُ
أجلي ، لو لم أ ريدك ، رجل إستغالِلي وضيع!!
يُوسف : أكلم جدار ؟
ُمهرة رفعت حاجبها : ماأبغى أكلمك وال غصب بعد!
يُوسف بعصبية : لما أسألك تجاوبيني ماهو تسكتين
ُمهرة بتصرفات طفولية : آل كيفي ماأبغى أجاوبك
يُوسف عض شفته : بزر والله بزززززر
ُمهرة تن َّهدت : على األقل ما يجيني إنفصام بالشخصية من مزاجي
يُوسف : وش قصِدك ؟ يعني أنا مزاجي ؟
ُمهرة : مدري أنت تعرف نفسك
يُوسف بحدة : آل أنا أبيك تعلميني
ُمهرة بعد صم ٍت لثوانِي رفعت عينها :أتخيل وش بتسوي بعد ما أولد ؟
بتآخذ ولدك وتقول تبين الطالق ؟ ماطلبتي شي من عيوني
يُوسف أبتسم بدهشة : هذا ظنك فيني ؟
ُمهرة : إيه هذا ظني ، وال تخدعني بكالِمك .. أنا عندي عقل وأفكر .... لو
ما أرسلت لك الصورة ماجيت حايل
يُوسف : يا شناعة تفكيرك بس الله يصبرك على روحك
ُمهرة بعصبية : دام الله يصبرني على روحي وش تبي فيني !! إيه قولها
ِّي أنك تبيني عشاني حام من
ل ولو أني ماني حامل كان رامي طالقك عل
زمان
ِيني شي ما قلته
يُوسف عقد حاجب يه : تبين تقول !! ِّ
ُمهرة : أفعالك تقوله ماهو أنا
يُوسف ببرود يسخر : إيه أفعالي وش قالت لك ؟
ُمهرة تُقلد نبرته بمثل سخريته : أنا والله مشغول ماعندي وقت لناس مثلك
.. أن ِت أصال مين ؟
يوسف أتسعت محاجره بصدمة : الحين أنا كذا وال أن ِت ؟ وال أن ِت حالل
ِين وتسبين وكل شيء منك عادي لكن
وأنا حرام !! إيه عاِدي أنتِي تصرفِّ
أنت يا يوسف تآكل تراب وما تتصرف كذا عشان ماأطلع أنا الظالم
ُمهرة بغضب : متى ص ِّرفتك وال سبيتك ؟ أنت تبي تقِّو ته .. لني شي ما قل
وواضح أصال تدِِّور الزلة بس أنا غلطانة يوم كلمتك ألنك عمرك ماراح
تتغير
يُوسف ب ُسخرية الذعة : أرحميني تكفين الله يخليك ..كان ُعمري راح
يضيع لو ما كلمتيني
ُمهرة و لم ت ُكن يو ًما حساسة ولكن هذا الحمل يمل ُك سطوته عليها ، أردفت
برجفة أهدابها : الشرهة علي ماهي عليك ... وقفت لكن يُوسف بعدم
سيطرة أجلسها بقوة ليصطدم ظهرها بظهِر ال ُكرسي ، شعرت بوخٍز مؤلم
ولكن كابرت لتُردف والدمعة تلم ُع من بين هدب يها و بنبرةٍ تُسايره : خالص
ال تكلمني أنا غلطانة وأنت ماغلطت بأي شي .. أنا آسفة
يُوسف ببرود : إيه طبعا غلطانة ألن ماهو من الذوق أني صار لي ساعة
أكلمك وتسفهين فيني .. ماني بزر عنِدك !! أعرفي مين جالسة تكلمين
فاهمة
ُم قهرها و ضيقها في أوقا ٍت كانت
ُمهرة شتت أنظارها لتعُود لصمتها ، تكت
تنفجر به أمامه وال تخشاه أب ًدا.
،
ُمستلقية على السرير بتع ٍب شديد ، تشعُر بأن قَّو ها أنهارت وأندثرت. اها كل
ِي ولم يبقى شيئًا يُهدأ سكينة قلبِي ، لم
هذا " الحيل " أنقطع والله أنقطع منِّ
يبقى شيئًا من هذا العالم. فقط هذا القرآن يطمئنني في وق ٍت أرى به الجمي ُع
يتخلى عنِّ . ِي
أيام أن تطرد صوتُه من عقلها ، من حقده و قهِري وهو
لم تستطع منذُ
يقُول " أن ِت عارفة أنه من بعد الله محد قادر يفصل بيننا إال أنا و بمزا ِجي
ًء برضا أبوك أو برفضه أن ِت راح تبقين عنِدي لكن األمر يرجع لك
، سوا
تبين أبوك يكون راضي وال رافض وضايق "
من والِدي ستُحرجه
مسكها من يِدها التي تؤلمها ، تعرف جي ًدا أ َّن كلمةٌ
وتجعلني أذهب ، لكن لم اتجرأ بالمغامرة حتى يصدمني سلطان بقل ِة ذوقه
عند أبي ، كنت أثق بأن سلطان من المستحيل أن يتفوه بكلمة عناد أمام
شخص ي ِّكن له كل التقدير لكن خش يت ، صر ُت أتوقع منه مااليتوقع ،
أجبرنِي كعادة هؤالء الرجال في بلِدي. كما أجبرني تُركي على الصمت
لسنوات و الضحكة في ع ِّز خبر ِ
ُ
بُكائي ، مثله تماما يجبرني أن أكذب و أ
أبِي عن الحياة الوردية التي أعيشها مع سلطان. يالله كيف ينخدع أبي
َ
بسهولة ، شعر ُت بنظراته أنه يشكك بكالمي ولكن لم يقُول شيء ، ِلم
ِّي وأنا أخبره بأنني ال أرضى
الجميع يتخلى عني بسهولة ، كان واض ٌح عل
العيش ، اآلن ال جدوى من الندم ، أعترف بأني نادمة ولو يعود الزمن
للوراء لصرخ ُت في وجه سلطان وركضت لوالِدي. و أعوذ بالله من " لو
ومن أبواب الشيطان التي تُفتح منها. يا رب أرحمنِي.
"
َّت برأسها : عادي أدخل ؟
طل
الجوهرة جاهدت أن تبتسم والدُموع تبللها : حياك حصة
حصة أقتربت منها لتجلس على السرير بجانبها : مين مز ِِّعل القمر ؟
أستعدلت بجلستها لتمسح دُموعها : تعبانة شو ي
حصة بتشكيك : والتعب يبكيك ؟
ال ُجوهرة بضيق : مشكلتي ماأعرف أكذب
حصة أبتسمت : وهذا األحسن ، مزعلك سلطان ؟
ال ُجوهرة : كنت أبي أروح الدمام مع أهلي بس عيَّا
حصة : تبيني أكلمه لك تروحين كم يوم ؟
ال ُجوهرة بإندفاع : ألأل .. التقولين له بعدين يحسب أني أشكي لك
ح َّصة مسحت على شعرها : والله مدري وش أقولك يالجوهرة بس سلطان
أحيانا والله يقول كالم وفي قلبه كالم ثاني ، صعب عليه أنه يبدأ المبادرة ،
أن ِت بادري بالرضا
ُ
يالله كيف أ ل مرتبط بالرضا
ِصف ل ِك أ َّن الذُ
فهمك يا عمته ما بيننا ! كيف أ
والله مرتبط به بشك ٍل رخيص ج ًدا ، لس ُت أفهم الجميع حين يطلب مني
ُمبادرة ُرغم أ َّن األحقية معي. نسيت أننا ُمجتمع شرقي واألحقيةُ مع
ال
الرجل دائِ ًما.
ح َّصة : أتركي كل خالفاتكم ورى ظهرك وأبدي من جديد ، أفتحي صفحة
جديدة معاه وصدقيني سلطان بيبدأ معك
الجوهرة أخفظت نظرها لتنساب دُموعها بإنسيابية الوجع بين احشائها.
حصة بإبتسامة حانية : نبي نشوف عيالكم
الجوهرة وكأن هذه الكلمة شطرتها نصف ين ، يا نقا ُء األحالم البيضاء ،
طف ٌل يسي ُر أمام عيني و ضحكات التنتهي ، طف ٌل أنام بجانبه حتى ال
ُطعمه ألني أخشى على مالبسه بأن تتسخ ، طف ٌل طاهر
يستيق ُظ فز ًعا و أ
ِصبَا التي أندثرت
يُشبهني أو يُشبهه ال ي ُهم. طف ٌل هذا أي ًضا من أحالِم ال
وماتت.
ح َّصة بخجل شديد : أعتبريني أمك وأسمعي نصيحتي ، أحيانًا نص
الخالفات تنحل من العالقة الزوجية .. أقصد يعني.. أن ِت فاهمتني صح ؟
الجوهرة ُدون أن تنظر إل يها هزت رأ ُسها باإليجاب
ح َّصة أكملت : بالنهاية هو ر َّجال وأكيد له رغباته ، التخلينه يبعد عنك
وبعدها يدِِّور عند غيرك ، عند اللي تشبع رغباته وتخسرينه ، ال ُحب مهم
لكن العالقة اللي بينكم أهم ، ال ُحب الزم تترجمه هالعالقة ! إذا ماترجمته
ماراح يفيد ال ُحب واإلحترام المتبادل ! صحيح أهم شي العشرة وبيننا
إحترام لكن بعد الزم العالقة تكون في أحسن حاالتها .. هو قالك عن سعاد
؟
ال ُجوهرة رفعت عينها : أل سألته مَّرة وعصب .. بس أدري أنه زوجته
ح َّصة : سعاد الله يرحمها كـ . .
،
يشعُر بأن النوم يهر ُب منه من ضخامة ما يُفكر به ، كالُم أخيه أوجعه ،
جعل عقله يتوقف عن التفكير ، كيف يعترف أمامه بهذه الدناءة ؟ كيف
يقهره ؟ شعر بأن العالم كله يتوقف أمامه و أن هذا الكون يعل ُق في
حنجرته ، شعَر بأن الحياة ُهنا تقف و ُهنا تنتهي.
ا على ما
تُركي الذي من لحِمي ودمي يغدرني هكذا !! يالله يالله يالله ثالثً
يح ُصل فينا ، يالله كيف تجرأ ؟ كيف تجرأ على إنتها ِك ح ُدود الله !! يارب
ُمصلي الصائِم يفعل هذا
ال تخسف بنا أرضك بشِر أعمال عباِدك. تُركي ال
ماذا بقي لغيره ؟ كيف مَّرت هذه الـ
سنوات ُدون أن أشك للحظة بما
حدث !! يالله أع ُف عنِي إني أبُوء لك بذن ِب تقصيري بتربية أماناتِك ، يالله
أرحمنا من فتن هذه ال ُدنيا. ودد ُت لو أقتله وال أسمع ما قال. لو أنِّني تخيل ُت
عن إيماني للحظة وقتلته ولكن خش يت ، خش يت عذا ٌب من ر ٍب عظيم.
ي. ال أعر ُف أب ًدا
ولكن يا تُر ِكي أني أبرأ نف ِسي منك ، ال أعر ُف أ ًخا يغُدر ب
ي منك. و ُرغم رفضي في البدء
ُءك عند الله أما أنا فأني نفض ُت يدا
و جزا
من أن سلطان يجدك قبِلي ولكن اآلن أنا را ٍض تما ًما بأن يفعل بك سلطان
مك وجلب الفضيحة لنا أنا عنك لس ُت مسؤول ولكنِي
َّ
ما شاء وحتى لو سل
أثق بأن سلطان لن يذه ُب بك إلى الشرطة هكذا ، ُربما يجد طريقة بأن
يسجنك أو غيرها فهذا ال ي ُهمني ، ما ي ُهمني كيف غدرتني يا أخي يا إبن
أمي وأبي ؟
قاطعهُ صوتها : ماهو من عادتِك تنام هالوقت ؟
ألتفت لزوجته ، اليُريد أن يتخيَّل لو أنها تعر ُف بالموضوع ! أن إبنتها التي
هُم تف س ِّر نظراتها فشلت بأن تُف ِكك شفراتها ، ال يعر ُف كيف ستنام لو أنها
تعرف ! كيف ستستوعب أ َّن تُركي الِذي أصبح كإبنها هو خائِن وغدرها
في إبنتها ؟ والله هو ال يكا ُد يستوعب كيف قل ُب األم ؟ أخشى عليك من
الموت في حسرتك لو تعلمين ما يحد ُث بإبنتك .
،
أكتئب من هذه األجواء التي يُمسي عليها و يُصبح بها ، من اإلتصاالت
ُمزعجة ، التخطيطات الغبية السخيفة ،
الكثيرة ، األصوات الصاخبة ال
األشياء العظيمة التي يتناقلونها ، القتل و التهريب ، التفاصيل المرِِّوعة
التي تتناق ُل بين أفواههم ، تن َّهد بعُمق ليجذ ُب انظار والده إل يه و بنبرةٍ
ساخرة :أرسم ماعلى أخلص
فارس إبتسم ليُجاريه بالشماتة : حالف أني ماأرسم غيرك
رائِد : بالله !! طيب يا حبيبي
ِرس : جد طفشت ، ممكن أطلع أتمشى شو ي
فا
رائِد : وش يخليني أثق أنك بترجع ؟
ِرس ب ُسخرية : ر ِّكِب لي جهاز تتبع
فا
رائِد : ههههههههههههههههههههههههه تعال .. عاد أنا آخذ هاألمور بجدية
فارس أقترب منه ليُخرج من درجه قطعةٌ سوداء ، وضعها على ذراعه
ليصرخ فارس بألم ألن مسما ًرا صغي ًرا نسيَهُ ألتصق بجلِده.
ُ على ذراعه ليتقاط ُر الدُم منها
بانت الكدمة .
رائِد عقد حاجب يه وبنبرةٍ حانية : بسم الله عليك
فارس سحب ذراعه وبغضب : خالص ماني رايح بلصق فيك
رائِد أبتسم : خالص روح وال تزعل .. بس قبل الساعة
أنت هنا
فارس بقهر سحب معطفه وخرج من الشقـة التي تصخ ُب بأقدام الخارجين
و الداخلين .
تنفس بعُمق عندما خرج من العمارة بأكملها ، وبتنفسه يخر ُج البيا ُض من
بين شفت يه ، أدخل يداه بجيُوبه وهو يتأم ُل الطريق ، على بُعٍد قليل تسك ُن
عبير ، سيعب ُر هذا الشارع و من ثم الشارع اآلخر ليلتف يمينًا و يدخ ُل في
ُمزعجة التي في زاويتها الفندق ذاك. ليس بعي ًدا أب ًدا ، أخرج
تلك المنطقة ال
هاتفه وهو يعرف تماما أ َّن والده يُراقبه عن طريق هذه الجوال.
أتجه قليالً إلحدى المحالت ليُطفىء هاتفه ويُصبح آخر تحديثاته في هذه
المنطقة ، التُوجد حيلة للهرب من أعين والده المنتشرة في كل مكان إال
هذه الحيلة. يشعُر حتى ال ُجدران تُخبر والده بخطواته.
،
أشترت أثير من الكعك الفرن ِسي المش ُهور وأفكا ُرها ال يمُرها سَوى أن
تُراضيه. بالنهاية هي قادرة أن تُقنع عبدالعزيز بوجهات نظرها ، أنا أث ُق
بقدراتِي بإرضاءه ، سارت حتى ألتقت عيناها بها ، رمشت كثي ًرا بل أكثر
من كثي ًرا ، تسارعت نبضاتها وهي تتمتم : أستغفر الله .... سبحان اللي
يخلق من الشبه أربعين .. أبتعدت عن هذا الطريق بعد نظرا ِت تلك الغريبة
التي تُشبه غادة ، سارت بخطوا ٍت سريعة للعمارة التي تعشقها وكيف ال
تعشقها وشقته بالطابق الرابع حي ُث حبيبها.
في جهٍة أخرى تسللت للخ ُروج بعد أن رأت أن الجميع غرق في نومه و
والدها بالتأكيد مع عبدالعزيز ولن يرجع با ِكًرا ، أخذت جاكيتها وخرج ت
بهاتفها ُدون حقيبتها ، خرجت من الفُندق وبمثل اللحظة دخل والدها من
. لرآها وهي خارجة من المصعد الكهربائي
الباب اآلخر ، لو تأخرت قليالً
رتِيل تن َّهدت من برودة األجواء ، لتُدخل يد يها في معطفها وتسي ُر بجانب
" أكيد إلى اآلن ما
الفندق و عينها أمت َّدت للعمارة التي في نهاية الشارع ،
سكنت عنده !! " . . . أكملت سيرها و . . . .
.
.
أنتهى + نلتِقي الخميس إن شاء الله.
إن شاء الله يروق لكم البارتين ويكونون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب ُمستضعفين في ُكل
ُّ
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال مكان أن يرحمهم ر
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
و اللهم أرحم أمواتنا وأموا ِت ال + ": ُمسلمين
+و أي ًضا ال ننسى عظمة اإلستغفار.
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن.
سجني وس ِّجاني .. قيدي وقضباني
أححيت أشجاني ، والشوق يكويني!
ال آعرف الدر َب ، ال آشتهي الح َّب
لم ابتدئ حربا ، و رضاك يكفيني!
عزباء مغتصبة ، في بيتي مغتربة
بالله معتصمة ، والله يحميني!
مأساتنا زادت ، وحقيقتي بانت
والروح لو فاضت ، فالموت يرويني!
أوما رأيت أساي ، في الليل طول بكاي
والخوف من ظلي ، والطيف يبكيني!
بالله التقسى ، والعطف التنسى
وعلي ال تأسى ، فالله يحميني !
شاعرتنا : ترف :$)( تقُول أنها كاتبته على لسان ال ُجوهرة وسلطان$":
ال () َسالم عليكم ورحمة الله وبركاته ، عساكم بخير وصحة وسعادة
رواية : لمحت في شفت يها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
!
ِطي ش
:
بقلم
،
ال ُجزء )
)
رتِيل تن َّهدت من برودة األجواء ، لتُدخل يد يها في معطفها وتسي ُر بجانب
" أكيد إلى اآلن ما
الفندق و عينها أمت َّدت للعمارة التي في نهاية الشارع ،
سكنت عنده !! " . . . أكملت سيرها ُمتجاهلة تفكيرها ، مايهمني !
هو وحده من سيأتِيني ، وحده من سيتنازل في هذه الحرب! لس ُت أنا والله
ُجعلك تعلم أ َّن إهتمامي بك في أو ِل مرةٍ سقطت بها في
من أقبل أن أأتيه! سأ
المستشفى كان إهتما ًما عاب ًرا وستُدرك جي ًدا أنك ال تهُمني حين تسقط في
المرةِ الثانية. دخلت ال ُسوبرماركت القريبة وهي تفت ُح هاتفها وتكت ُب رسال ٍة
لوالدها بعد أن شعرت بتأنيب الضمير " يبه أنا رحت السوبرماركت اللي
تحتنا وماراح أتأخر بس دقايق وأرجع "
ٍق
أقتربت من البائع الع ُجوز لتطلب منه بطاقة شحن لهاتفها ، أنتظرته بدقائِ
باردة ترتج ُف بها وهو يُخرج العل ب ويبحث بطريق ٍة مملة.
على بُعِد خطوات كان يسير على الرصيف ُمتج ًها لشقته ، مَّر من عنِد
ِ
السوبرماركت و تعَّداها بهُدوء ليقف وكأنهُ رأى شيئًا غريبًا ، عاد بُضع
خطوات للخل ف وتج َّمدت عيناه عل يها.
رتيل باإلنكليزية : أيوجد أم أل ؟
: I don't speak englishجوز ُالع
م
رتيل فتحت هاتفها على تطبيق الترجمة لتكتب له باإلنكليزية ومن ثُ
تحِِّوله له للفرنسية ، مَّدت هاتفها أمامه
الع ُجوز يقرأ بضعف نظر ، هز رأسه باإليجاب و أشار لها بإصبع يه أن
تنتظر قليالً
ُمزدحمة
رتيل تن َّهدت لتخر ُج انفاسها البيضاء و تتال َشى بأجوا ِء باريس ال
بز َّخا ِت المطر ،
من خلفها يهمس : ما أشتق ِت ؟
ا ولم يُدركها الزفير ، تصنَّمت لتستوعب ُمتأخ ًرا
ألتفتت ب ُرعب لتأخذ شهيقً
، شتت أنظارها وهي تأخذ البطاقة من الع ُجوز وتخرج من جيبها المبلغ
ُمتهاِلك و يتقاط ُر
المطل منه بقايا المطر ُوب ، حاولت أن تخرج من الباب ال
ٍن حادة ومازالت حاقدة : وش تبي ؟
ُمتجمع فوقه ولكن وقف أمامها ، بعي
ال
ِي و عن أخباري يمكن ماني بخير
عبدالعزيز بإبتسامة : طيب أسألي عنِّ
رتيل : عساك بهالحال و أردى .. دفعته قليال لتخرج ُمتجهة للفندق
بخطوا ٍت سريعة ألنها أيقنت أن والدها عاد.
ش َّدها من يدها : أبوك دايخ وراح ينام
رتيل رفعت حاجبها : طيب ؟
عبدالعزيز : خلينا نجلس شوي
رتيل ضحكت ب ُسخرية : انا الوقت اللي أحط فيه مناكير أثمن بكثير من
الوقت اللي أقضيه معك
عبدالعزيز بإبتسامة تُسقط رتيل بضعفها : طيب عطينا من هالوقت دقايق
رتيل بحدة : أل .. وأترك إيدي عشان مايدري أبوي وأخليه يتصرف معك
عبدالعزيز ترك يدها ليُدخل كفوفه بجيُوبه : شوي يالمغرورة من وقتك
رتيل : أل ... وأعطته ظهرها ليقف أمامها ُمجدًدا وبنبرة جادة : رتيل بس
شوي
رتيل : هالشوي خذها من وقت حبيبتك
عبدالعزيز بعبط : وهذا أنا بآخذها
رتيل بلعت ريقها لتُردف : روح ألثيرك ... وتجاهلته تما ًما ُمقتربة من
الفندق
عبدالعزيز سحبها مرةً أخرى من معصمها ، رتيل بمحاولة تهديد أخرجت
هاتفها : بتصل على أبوي وأقوله
عبدالعزيز : قلت لك نايم .. بس عطيني شوي من وقتك ودي أقولك
موضوع مهم
رتيل : ما بيننا مواضيع مهمة !!
عبدالعزيز : إال بيننا
رتيل بحدة : أيوا صح نسيت مافيه أحد تمارس رجولتك عليه اال أنا
عبدالعزيز عقد حاجب يه ، تن َّهد : طيب يا رتيل تكلمي وأشبعي بكالمك
رتيل بشماتة : أشبع ليه مااشبع !!
عبدالعزيز عض شفته والغضب بدأ يجري في تعرجات جبينه : تتشمتين
فيني ؟
رتيل بإبتسامة : وبكل فخر
جيت الشقة بس
في وق ٍت آخر نزلت من السالِلم لتكتب رسال ٍة نصية لـه "
"
ما لقيتك ومقدر أتأخر اليوم ، المهم حبيبِي كلمني ضروري بس تفضى
ُمنت ِشرة على هذا
َسارت بخ ِط العودة ، مارةً من الدكاكين الصغيرة ال
الشار ع الممزوج بين الهُدوء ليالً وصخبًا نها ًرا ، أحاطت رقبتها بالـ "
سكارف " بعد أن أشتَّد عل يها البرد. كانت أعينها تتأمل الطريق وأفكارها
ُمنح ِصرة في زاويـة عبدالعزيز! كيف تُقنعه ببع ِض وجهات نظرها الغير
ُحبك منذُ سنوات وألجِلك
قابلة للتغيير. تعرف جي ًدا يا عبدالعزيز أني أ
أستغني عن الكثير ولكن ُحبك اليجعلني أتنازل عن قناعتنِي ، ال ُحب
اليعني أن أسي ُر خلف كظِلك بكل أرا ِءك ، أنا لي شخصية ُمختلفة و
ِز. ليتك
قناعات ُمختلفة و ال ُحب يتو َّهج باإلختالف وليس بالتشابه يا عزي
تفهم ذلك و . . . تج َّمدت عيناها وهي تراه ب ُمقابل فتاة التتضح مالِمحها
ِد.
من بعي
عبدالعزيز : ماهو ذنبِي إذا أبوك رفض يعلمك ! تذكري هالشي دايم
رتيل بسخرية : تكفى أرحمني يالمطيع! ما كأنك عصيته كثييير وكثيير
وأنت عارف هالشي بتجي على هالزواج ! دِِّور لك عذر ثاني وأصال ليه
تدِِّور لك عذر مو أنا ماأهمك ! مو أنت قلت لي أن ِت مين ؟ وأن ِت شي زائد
وماله أهمية !! خالص وش لك فيني !!! أنا بعيش حياتي وأنت عيشها مالنا
ِق أو ال تطلق هذا شي راجع لك ألنك
ِّ
عالقة في بعض ! متى ماتبي طل
ماتزوجت وحدة راضية فيك فأكيد أمر طالقها ما راح يرجعون فيه لها ...
بالنهاية تصرف على راحتك بس حط في بالك أنك منت وصي علي وال
ي ألني ماوافقت على
لك حق تكلمني بأي شي وبعتبرك إنسان غريب عل
هالزواج ! بس الـ ..*كانت على وشك الشتيمة ولكن صمتت لتُردف
بعدها* بس أثير فهذي زوجتك وحاللك وأنت حر فيها ! وأنا بنتظر طالقِي
بكل سعادة ألن فيه غيرك ينتظرني
عبدالعزيز بحدة : ومين إن شاء الله اللي ينتظرك ؟
رتيل ومالمح اإلنتصار تُضيئها لتبتسم : أسأل أبوي عن حاتم . . أنتبهت
ألثير الواقفة من بعيد ، أطالت نظرها بها حتى تعَّرفت عل يها ، ال تُشبه
الصورة كثي ًرا ولكن هي تماما بل هذا شعُرها األسود التي يتالع ُب به هواء
باريس.
عبدالعزيز ألتفت للمكان التي تنظ ُر إل يه ، تعلقت عيناه في أثير ، كانت
نظراته غريبة ألثير كانت نظرات تشتع ُل منها غيرة ، نظرات تُوحي عن
العشق الِذي بين ُهما. هذه تفسيرا ت قل ُب رتيل.
أقتربت أثير منه ليُلصقها عبدالعزيز به حين تشابك ذراع عبدالعزيز بذراع
أثير : هذي رتيل اللي كلمتك عنها
أثير نظرت إل يها بنظرة من أقدامها حتى رأسها ، أبتسمت : أهال
ِي ؟ هذا يعني أنني فعالً الشيء
كلمتها عني ؟ لم تشعر بالغيرة حتى منِّ
بالنسبة لك. تبًا لك ولها وللعالم هذا بأكمله.
عبدالعزيز بإبتسامة : طبعًا أكيد تعرفينها .. أثير
رتيل ببرود وال تُجامل : طيب ؟ أشبع فيها ...
أثير ضحك ت لتُردف بدلع : إيه طبيعي يشبع فيني ... ماهو حبيبي وزوجي
عبدالعزيز بهُدوء يتأمل عي ُن رتيل : ما يصير كذا! تعرفين بالذوق أكثر
مني
رتيل ألجمته بحدةِ كلماتها : متعَّودة أجامل ناس يهموني بس ناس ماتهمني
ِّ ليه أجاملها !! أيه أشبعوا في بعض ما غرت عشان ِل
أخفف غيرتي وأمث
أني باردة وماتهمني ! أنت فعال ماتهمني يا حبيبي وإذا بغار صدقني بتكون
آخر شخص ممكن أغار عليه عندي غيرك كثييير ... تصبح على خير
.... وأعطته ظهرها لتدخل للفندق.
أثير بتق ُرف : عوبااااء!!
ترك ذراعها ال تما ًما ُمتشابك فيه ، عاقد حاجب يه و ُملتزم الصم ت
أثير : طيب ماعلينا منها !! كنت أحسبك بشغلك مع أبوها ..
عبدالعزيز بهُدوء : رجعت قبل شوي
نام ولم يأتيهم. نزعت
بثوانِي قليلة صعد ت لغُرفتها ، تأكدت أن والدها فعالً
معطِفها وأبعدت حجابها ليسقط على األرض ، حررت شعرها ذُو
وعدتُك ، أن ال
"
اإللتواءا ِت العنيفة لت ُمر خصلة بُندقية على عينها الداكنة ،
ن ال
َ
ل ت.. وعد ُت بأ
أكو َن ضعيفاً... و ُكن ت. وأن ال أقو َل بعينيك ِشعراً وقُ
وعدتُك يا عزيز
ن ال .. وحين اكتشف ُت غبائي.. َض ِح ك ت. "
َ
ن ال. وأ
َ
...وأ
ٍؤ بالكثير وأمامك جبنت. أخذت نف ًسا عميقً شفاف. ا تألألت بها عينا ُها بلؤل
لن أب ِكي! لن أبكي! لن أبكي! أر ُجو ِك يا عيني ال تسخرين مني هكذا ،
ي! أرجو ِك يا عيني
أرجو ِك ال تب ِكين وتتشم ُت دُموعي ب .
سقطت دُموع الغيرة التي فتت قلبُها عندما رأتها ،عندما تالمس ذرا ُعها
تمتل ُك قلبه، أصب
أفترض ؟ هي فعالً
َ
بذراعه ، كأنها تمتل حت زوجته ُكه. ِلم
م يخجل من
ُم ما تُخبي نفسهُ لها ، كان الجميع يعر ُف عن ُحبهم ؟ ل
والله يعل
هذا ال ُحب! قالتها أخته في ذاك المشهد الذي رأيتهُ مع عبير ، قالتها ب ُكل
حتى وإن بيَّنت األخت األخرى رفضها ولكن كان
"
" أنت ألثير
وضوح
واض ًحا ج ًدا أ َّن إسمك مرتبط بها منذُ زمن. أنا النزوة التي حضرت في
المنتصف ، أنا المعصية التي قتلت نفسها ، أنا الكذبة التي أنكشفت قبل
أبريل ، أنا كل األشياء السيئة التي لن تنجذ ُب لها عيناك يو ًما.
حتى عيناك حينما رأيتها واقفة بعي ًدا ، كانت غير! غير والله ، إلهي كيف
ي ُكون صو ُت عيناك مؤذيًا هكذا ؟ كيف ت ُكون عيناك جارحة ؟ أنا ال أعر ُف
َوى وأنا أرى القصائِ ُد
كيف أتحمل رؤيتك مع غيري ! لس ُت أعرف كيف أق
من عين يك لها ، لس ُت أعرف والله كيف " أحبك " تنطقها عيناك في وق ٍت
من كل هذه الحياة أال
لم أسمعها منك. أنت تُحبها وأنا ؟ " طيب وأنا ؟ "
ي أستحق أن أعانق كفِّ ؟ ِك
ِلك بكامل رضا
قبِّ
ُ
كما عانقتها ، أال أستحق أن أ
ِّي زوج ين
ُحبك بطريق ٍة ُمهذبة كأ
أال أستحق أن أ .
ريد أن أعرف كيف تزوجتها ؟ أنا من حِقي أن أبكي في
ُ
تزوجتها ؟ أ
َ
ِلم
بشتيمتك! وعٌد يا عبدالعزيز
داخلي ! أب ِكي كثي ًرا حتى يأتي الصباح ُمثقالً
َّو ِل أن ال أصد ُق معك في شعُ العاشقين ، في مدينتي
وري أب ًدا. لس ُت أ
نصف العُشاق يفترقون. وأنت منهم أقصد أنا منهم ألنك لم تحبني يو ًما كما
تُحب " التافهة " تلك.
،
ي حصـة بضياع ، لم تتوقع ولو لحظة أ ِّن لسعاد قصة كهذه! لم
تنظ ُر لعين
ا ، كان ُكل ما
ي ُدور في بالها من أن هذه حياته سابقً
تتوقع ولو قليالً
تخمينات حول زوجته االولى أنهُ يُحبها غير قاِدر على طرِد ذكراها من
حياته. كانت تخمينات ساذجة وأنا أشهُد على ذلك اآلن.
تُكمل بصو ٍت موجوع : كانت صديقة العنود مررة ، تصير بنت ولد خاِلي
، يعني من بعيد .. بس سلطان مقدر يخليها في بيته ِكذا ألن أكيد الناس بعد
بتتكلم فتزوجها عشان يخليها قدام عيونه ،
ال ُجوهرة بهمس : قالت عايشة أنها كانت .. يعني ماهي في وع يها دايم
حصة : أنهبلت الله يرحمها .. ربي رحمها وخذآ آمنته .. كانت بنتها
عمرها سنة وزوجها حسبي عليه طلقها بس عرف أنها بنت .. تعرفين
يالجوهرة التخلف اللي في هالرجال !! يتزوج ويطلق يبي الولد والله
مارزقه وكانت آخر حريمه سعاد ... بس حصلت مشاكل في ذيك الفترة
في شغل سلطان و تقاع ُدوا ناس لهم مكانتهم في شغله .. كانت الفترة حيل
متوترة ..
تقتل كل قلب أم : ماتت بنتها قدامها
أردفت وهي تُخفض نظرها ودمعةٌ
الجوهرة أتسعت محاجرها والغصة تتراكم في حنجرتها ، أرتجفت
أطرافها من فِكرة أن ت ُموت إبنة أمام والدتها.
حصة : أنهارت وماعاد تفيد األدوية .. في شهادة الوفاة كتبوا أنها سكتة
قلبية
الجوهرة : كانت صورها مع سلطان كثيرة ... صمتت لتشعُر بخجلها من
هذا السؤال .. آسفة مو قصِدي بس ... خالص خالص وال يهمك
حصة أبتسمت : صدقيني ما كان بينهم شي !