الفصل 82
مالبسك ما على تقوم وتصلي اللي فاتك،
خرجت لتُطمئن حصة : توه صحى، تركته يتوضأ ويصلي صلواته وبروح
أجيب له مالبسه
ح َصة وهي تتجه نحو المطبخ : أجل دام كذا بح ِِّضر له أكل من أمس ما
أكل شي يا عيني
صعدت بخطوات سريعة متجهة نحو الدوالب، لتستخرج له بيجاما خفيفة،
ِن نومها المرتبة بعناية والتي لم تلبسها قط، هذه
سقطت عيناها على قمصا
خد ُش روحها، هذه الجمادات المصنوعة من قُماش لها قُ األشياء ت درة في
الو َجع. أغلقت الدوالب ال تُريد التفكير من هذه الزاويَة التي دائِ ًما ما
تحسسها بالنقص عن بنا ِت جنسها، نزلت لتفتح باب غرفته بهُدوء وتنظر
له على السجادة، يركع بصعوبة ويس ِجد بصعوبة أكبر، عقدت حاجب يها من
منظره مازال جرحه لم يتلئم، مازال يُؤلم ويهي ُج عليه في كل حركة .
م من صالة العصر، ألتفت عليها ُدون أن ينطق
َّ
أنتظرته كثي ًرا حتى سل
شيئًا.
الجوهرة : ليتك صليت وأنت جالس .. الدين ماهو عسر زين كذا تعبت
نفسك!!
سلطان : عمتي وينها ؟
الجوهرة بإبتسامة : على فكرة نظام تتجاهلني وتحسب أنك بتوجعني ماعاد
ينفع
سلطان لم يستطع أن يمنع نفسه من اإلبتسامة : أهنيك!
الجوهرة تضع مالبسه على السرير : طيب إلبس ما على ح َصة تجهز لك
األكل من اليوم تنتظرك تصحى
وقف ليأخذ مالبسه : جيبي لي مقص
الجوهرة رفعت حاجبها : ليه ؟
سلطان بعد أن ك َّح ببح ٍة موجعة : شايفة صوتي تعبان مافيني حيل أتكلم
كثير
ال ُجوهرة بتو ِس ٍل لإلجابة : طيب وأنا ماأبي أتعبك بس وش له داعي
المقص!
سلطان الذي أستصعب على نفسه نزع بلوزة البيجاما القطنية بسبب مكان
الجرح: مالي خلق أنزع مالبسي .. مفهوم؟
الجوهرة : كلها بلوزة !
سلطان رفع عينه بحدة جعلتها تتراجع بخوف : الحين بروح أجيب لك ....
وخرجت ليستلقي على السرير بإرهاق فعِلي، ينظ ُر للسقف الشاحب
ي أنني أغرق أكثر، وال شيء تقرأهُ الدنيا في وج ِهي جها ًرا
بنظِره، يب ُدو ل
َراري فِلم ن
ِك واتَّخذ ت قَ
تُ
غير كلما ٍت تُرضي غروري البشري " إنِّي ع ِشق
ُي رأيي
طتي فالرأ
في ال ُح ِِّب .. تعلو ُسل
ع َذاري ؟ ، ال سلطةً
َ
قِِّدُم يا تُرى أ
ُ
أ
ِِّر ُر م ن سيد ُخ ُل
ق
ُ
ِِّر ُر َم ن سيد ُخ ُل جنَّتي وأنا أ
ق
ُ
.. والخيا ُر ِخياري ، وأنا أ
ٌط
ِ
ِّ
ناري أنا في الهوى ُمتَح ِّك " . ِ ٌم .. متسل
د له المقص، أستعد َل بجلستِه وهو يُق بلوزتِه الخفيفة أمام ِّطِ ع
ُّ
دخلت لتم
أنظارها، عندما أقترب من مكان الجرح مسكت يِده بشعو ٍر لم تفهمه وال
تفهم إندفاعها به : خالص .. وتسحب المقص من بين يد يه التي أصبحت
في لحظا ٍت . ُمطيعة لها
بيد يها مزقت بقية البلوزة ليتعرى بصدِره العري ُض أمامها، بلعت ريقها
ُمرهقة صقلت
بصعُوبة وهي تبعُد سنتيمترات قليلة عنه، هذه التدريبات ال
جسِده وعضالت صدره بشك ٍل كبير، أتى في بالها هيئة عمها عبدالرحمن،
أجسادهم تؤلم العين من فتنتها، أرتدى بلوزته بسهول ٍة أكثر ُدون أن ينظر
إل يها، تذكر أنه أخبر عبدالرحمن بأن يجيء بمتعب إل يه! رفع عينه : ما
أتصل أحد اليوم ؟
الجوهرة بربكة مازالت تسر ُح به : ها!
سلطان : ما أتصل أحد؟
الجوهرة : إيه .. آل .. أقصد إيه ما أتصل أحد
سلطان وقف لتتجه بخطوا ٍت سريعة نحو الباب وهي تلفظ بحرج : ننتظرك
برا ...
ِل
لم يستغرق الكثير حتى يأ ِت خلفها ويتجه خلف كرسي ح َصة وينحني ليُقبِّ
رأسها من الخلف، ألتفتت عليه بعين ين ُمتلهفة : بعد ُعمري والله ... ِكذا
تخوفنا عليك!! هالشغل ما خذينا منه إال الشقا
أبتسم وهو يجلس أمامها لتُكمل : وفوق هذا طلعت من المستشفى قبل ال
يأذنون لك! وِِّدك تشقيني وبس
سلطان : جو المستشفى يزيدني كآبة .. هنا مرتاح
ِّي!
ح َصة : طيب تشكي من شي؟ يوجعك شي؟ ال تخبي عل
سلطان : لو أشكي شي ما جلست قدامك
ال ُجوهرة وكأنها تنتقم منه في لحظاتها التي كان يتمتع في تعذيبها : ماشاء
الله الله اليضرك على هالقوة
ألتفت عليها بنظرات تفهم معناه ليتمتم بهمس ٍة لم تسمعها سوى الجوهرة :
جايتِك هالقوة قريب
،
بغض ٍب كبير يُقاطعه لم يعد يتحمل أكث ُر من هذا الشتات التي تعيشه عائلته
: شف سكت مرة ومرتين وقلت معليه حياته وال تتدخل فيه لكن توصل
أنك تقرر بعد تعلقها وتلحق ! ِّها ب ُمنى ماراح أرضى
ريَّان بهُدوء يحاول أن يمتص غضب والده : تركت البيت بدون ال تترك
لي خبر! وش تبيني أسوي؟ أركض وراها وأترجاها ترجع!
عبدالمحسن : ماقلت تترجاها! أتصل عليها وتفاهم معها وال روح الرياض
رجعها معك! عيب اللي تسويه هالتصرفات ما تطلع اال من المراهقين!!!
ريَّان ويعلم تماما ردةُ فعلها إن أتى الرياض : طيب تبيني أروح الرياض
عشان أطلقها؟ أبشر من عيوني
عبدالمحسن بحدة: ريَّان!!!! الترفع ضغ ِطي، قلت لك روح وجيبها
ريان : هذا اللي ناقص يايبه! الحين أخوها لو فيه خير ما خالها تترك
البيت بدون ال تعطيني خبر! بس دامه كذا خلهم أنا من وراهم ماني شايف
خير وال أرتجي الخير اصالً
عبدالمحسن : هذول متربين أحسن منك على فكرة! على األقل ما يتالعبون
في البنات ويشكون في ظاللهم!
ريان أحتقن بالغضب : إيه أنا شكاك! شي يرجع لي وأنا ُحر فيه، وريم أنا
أعرف أربيها خلها تنثبر في بيت أهلها والطالق تحلم فيه ..... وخر ج
بخطوا ٍت غاضبة.
،
وضعته في سرير بعد أن نام بهُدوء، لترفع عينها وبصو ٍت خافت : أنا
أشوف أنك يا منصور تتحمل جزء من الغلط! يعني ماهي حلوة بحقه بعد
تطلع بدون ال تقوله أكيد الحين بيقول زي ماطلعت ترجع ! ِكذا تحط نفسها
في موقف محرج لها ولك..
منصور المستلقي وأعصابه متوترة بتصرفات يُوسف ووالدته : كنت
معصب وقتها من سالفة انه يمد إيده عليها !
ِّي من قبل
نجالء بسخرية : كأنك ما مديت إيدك عل !
منصور بغضب : أن ِت غير وهي غير! ُهم في بداية زواجهم يعني توهم
في طور تعرفهم لبعض أما أن ِت كنا نعرف بعض ونعرف شخصياتنا
وتعرفين أنه لما امد إيدي عليك ما أكون قاصد اهينك لكن ريَّان من
شخصيته واضح قاصد يستقوي عليها
نجالء تجلس ب ُمقابله : أنا أقول تعِّوذ من الشيطان، ريم توها صغيرة بدري
عليها تتطلق في هالعُمر، خلها تصلح أغالطها بنفسها وترجع له، وإن جت
بالمرة الثانية ذيك الساعة تقدرون تتدخلون لكن من أول مشكلة وصارت
كل هالض َّجة! ِكذا ريان بيحس باإلهانة منكم ألنكم تدخلتوا في حياته وكأنه
هو عاجز أنه يحل مشاكله بنفسه.
منصور : أن ِت ما تشوفينها لما تبكي! تقطع قلبي واضح أنها ماهي مرتاحة
معه .. وش يرجعها مرة ثانية!
نجالء : ما مِّر أكثر من شهر ونص على زواجهم وتبونها تتطلق! يا
منصور هذي مشاكل دايم تصير ال تخلونها تكبر بتصرفاتكم وبعدها هي
اللي بتندم وبتحس أنك ظلمته
،
ي يوسف إتجاه ريم
َسة تُفكر بتناقض رأ
على بُعٍد ليس بالطويل كانت جاِل
وإتجاهها، بهُدوء : يوسف
رفع عينه من هاتفه الذي أنشغل به
ُمهرة : التحسبني أتدخل بس أبي أعرف رايك بالموضوع! ليه ماتبي ريم
تتطلق؟
يُوسف : ألن توها ماصار لها أكثر من شهر معه! من الظلم أنها تتطلق
الحين وهي ماعرفت أطباع الرجال وال هو عرفها
ُمهرة : بس دامها ماهي مرتاحة وش تسوي!
يُوسف : ترجع وتجِِّرب! ما قلت أني بغصبها على حياة ماتبيها لكن تعطي
نفسها فرصة عشان تقرر بحكمة أكثر
ُمهرة ألتزمت ا ئِ ًما ما
لصمت وهي تُميل فمها، دائِ ًما ما تتسع دهشتي بِك! دا
الترضاه على عائلتك ترضاه على غيرك، أخذت نفس عميق لتُردف :
مشتهية أروح حايل!
يوسف بإبتسامة حميمية : آل يا ملي
أبتسمت من كلمته األخيرة لتُردف : والله ودي أروح
يُوسف عقد حاجب يه : ما صار لك يا ُمهرة! أنتظري بس هالفترة وبعدها
أبشري
ُمهرة وقفت لتجلس بجانبه وتلتفت بكامل جسِدها نحوه : ممكن أسألك
سؤال؟
يوسف : تخوفني صيغة هاألسئلة
ُمهرة بتوتر : بس أبي أعرف أنا وش أعنيك؟
ِّي إجابة تليق أو
تفاجىء من سؤالها حتى ضاعت الكلمات منه، ال يعر ُف أ
ِّي إجابة يجب أن يمتن
أ ع من قولها.
وتشتته كانت داللة لشيٍء يخد ُش قلبها : تف ِكر! ... انسى السؤال خالص
يوسف : آل ماهو أفكر! بس .... أنا فاشل بالتعبير والله
ُختطفت منه ال ُحمرة بتردده
أتسعت إبتسامتها بش ُحو ِب مالمحها الذي أ
وضياعه.
يوسف : جد اكلمك! فاشل مع مرتبة الشرف ... بس كل اللي أعرفه أني ما
أعرف يومي بدونك
ًء من أقدامها
قلبها بريقها، تجمَد ت مالمحها وال ُحمرة تسي ُر إبتدا
بلعت رجفةُ
بإتجاه اليمين، هذا
ِلها بجان ِب شفت يها قليالً
حتى جبينها، أبتسم لخجلها ليُقبِّ
المكان الذي ينتِمي إليه ويُف ِضله دو ًما، اليعر ُف كيف لهذا الجزء قدسية في
قلبه .
تُعضعض شفت يها حتى تشققت، ال تعر ف كيف تُبلغه تخشى أن يهج ُرها
ات التي تطرق
كإعال ٍن منه على رف ِض الذي في بطنها، توترت مع الدقَّ
سمعها ودقا ِت قلبها التي تطرق صدرها، تاهت بين ُهما وهي تجه ُل الفرح
في كل مرة، في كل مرةٍ أبحث بها عن من يُشاركني الفرح ال أ ِجد أحد
سواك يا عبدالرحمن ولكن هذه المرة يب ُدو أن ال أح ًدا سيشاركني هذه
ريد أن أصبح أم
ُ
الفرح، ُرغم أنني أعرف عواقب هذا الحمل ولكن أريده، أ
ريد هذا الطفل
ُ
يقف معي وي ُكن كل شيء في هذا الكون، أ
وأن أربِي طفالً
ريد من يشبهك ويشبهني أن يأ ِت إلى الحياة بس
ُ
بش َّدة، أ رعة ولكن أخشى!
أن ترفضه. قاطع سلسلة أفكاره وهو منه ٍك في العمل أنتبه متأخ ًرا لهاتفه
الذي يهتز : مساء الخير
ض ي : مساء النور .. شلونك ؟
عبدالرحمن : بخير الحمدلله، أن ِت بشرنيي عنك وعن البنات؟
ضي : كلهم بخير، للحين في الشغل ؟
عبدالرحمن : إيه
ض ي لك كنت بتطمن عليك : طيب ما أعط
عبدالرحمن بهُدوء يستش ُف من صوتها : فيك شي؟ مو على بع ِضك!
ضي : ال وال شي حبيبي، بس .......... هذه األحالم من شأنها أن تُضعفها
وتُضعف نبرتها التي تجاهد بها أن تتزن، تُجاهد كثي ًرا أن تخرج بمنظر
المرأة الصلبة ولكن في كل مرة تفشل ... فاقدتك
عبدالرحمن بهُدوء : ما تفقدين غالي، إن شاء الله بس يقوم سلطان
بالسالمة أرجع
ض ي : إن شاء الله
يُتبع
،
ُمزدحمة، يجل ُس بمقابله : بس يرجع
ٍن بعيد عن ضوا ِحي باريس ال
في مكا
راح يبلغك أكيد
فارس : وهي ؟ وافقت وال إلى اآلن!
عبدالعزيز : والله مدِري بس ما أتوقع بترفض
فارس عقد حاجب يه : على فكرة أبوي بدآ يشك فيك وبدآ يشك في كل اللي
حوله أصالً
عبدالعزيز : يسأل عني؟
فارس : كثير، يحاول يستغل طيحة سلطان بس ماهو القيك
عبدالعزيز أبتسم : وال راح يالقيني! ألن مدري وش بيقررون لكن األرجح
أنهم بيفصلون موضوع رائد وبيوكلونه لشخص ثاني
فارس : تعرف شي! ُرغم أني أعارض أبوي بكل شي لكن ممكن أسوي
المستحيل عشان ما ينمسك!
ا من ُحبه الكبير لوالده إذا ماوصل
عبدالعزيز كان يعرف ردة فعله ُمسبقً
لمرحلة العشق ألنه ببساطة والده مهما فعل وكل شيء في حياته : هذا أنت
تالقيني! ما خفت يعرف ويشك فيك؟
فارس : هذا شي وهذاك شي ثاني! أنا مستحيل أضر أحد من كال الجانبين
وأكيد أبوي مستحيل أضره
تنهد بهُدوء الِذي لم يفهم من لقاءه األول معه سَوى أنه يُريد عبير وال
بذلك لألكاذيب لم يعرف أنه على عالقة بها منذُ سنة وأكثر، لم
ُعرضةً
يعرف أب ًدا عن الرسائل وال ُحب الكبير المجهول الذي ين ُمو بينهما، يثق
بفارس كثي ًرا حتى لو كان إبن ُمجرم! يكفيني صدقه وعدم كشفه لشخصيتي
أمام والده.
ِ : ن لصقك بإسم وبشهادات وأقنع بوسعود فيك
بس والله أبوك مو هيِّ
فارس ضحك ليُردف : ما صار رائد الجوهي من فراغ!!
بإبتسامة يُجيبه : بهذي صدقت !
ِل والده الذين يحفظهم جي ًدا :
َم فارس ينظ ُر ِل ا خلف عبدالعزيز، إحدى رجا
ال تلتفت
عبدالعزيز بج ُمود رفع حاجبه.
فارس : توقعت أني ضيعتهم معي .. روح قبل ال يشك فيك!
عبدالعزيز أخذ نفس عميق ليقف : طيب .. أشوفك على خير ....... أتجه
نحو األمام ُدون أن يلتفت ليشعر بوخٍز في يسا دره، يشعُر بصو ٍت ِر ص
يفت ُك بجسِده، شغل سيارته لتتعدى ُسرعته الـ
كيلومتر في الساعة،
تضببت رؤيته واألصوا ُت التي كانت تأتِيه بعد الحادث مباشرة تعود إليه
بقوة، وقف عند اإلشارة الحمراء ليمسح وجهه بيد يه، ال يتح َّمل هذه
الصرخات التي تنه ُش بأذنه/قلبه، أخذ نفس عميق ليُحرك السيارة وصو ُت
غادة الطاغي بصرخاته يُمَزج بصو ِت والده الخافت، ولوالدته النصي ُب
األكثر من البكاء المتداخل فيما بين ُهما، يشعُر بصم ِت هديل، بصمتها
ُمهيب الِذي يُشتت عليه كل أفكاره، ركن سيارته بجانب المقبرة ليدخلها
ال
بحشرج ِة روحه، بخطوا ٍت يائسة وقف أمام قبورهم ليُحييهما بتحي ِة األحياء
" السالم عليكم ورحمة الله وبركاته "
وقف كثي ًرا ُدون أن ينطق شيء، عيناه مازالت تنظر إلى األسماء
المحفورة بالحروف اإلنكليزية، جلس على ركبت يه لم يعد له طاقة
بالوقوف، أستغفرك يالله من كل ذن ٍب وكل خطيئة وكل حرام، أستغفرك
ه من كل شيٍء يحول بيني وبين جنتِك، يالله! يالله أرزقنا رحمةً يالل منك
تلط ُف بأجسادنا التي أنهكها اإلشتياق، يالله أرزقنا إنا عباِدك أبناء عباِدك،
يالله إرحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء وأرزقنا الصبر واإلصطبار،
ِر والدته ووصل الحنين إلى أقصاه، هذه أعظُم إمرأ
نظر لقب ة عرفتها في
حياتي، كم من الوقت يلزمني حتى أنساها، أنسى كيف أشتا ُق إل يها، إلهي!
د نفسي بها حتى تقف وتصطبر على شِِّر القضاء، ليت ِك
ُّ
كم من طاق ٍة تو
تعلمين فقط بأني أفتقدك بأضعا ِف هذه األرض التي تفتقدك، تفتق ُد خطا ِك
ِل اآليات بإستمرار، كل ِك الربَّاني ا
الخفيفة الروحانية، تفتق ُد صوتُ
لِذي يُرتِّ
ُط
األشياء التي تحبس تفاصيلك بصدرها تثور بالحنين في كل لحظة يهب
من أن تتحمل غيابك،
" أتفه "
الليل وال تجِدك بقُربها، كل األشياء يا أمي
وأنا أصغر بكثير من أن أتحمل غيا ُب قلبي معك، أنا أفقدني في كل لحظة،
أفق ُد صفاتي التي تربيت عليها بين يد يك، أنا يا أمي والله والله أشتاقك فوق
اإلدارك وما يُعلم وال ما ال يُعلم.
أطال في مكوثه، في أحاديث النفس الرماديَة، كيف يأ ِت الموت سريعًا؟
ِق إنذار! في المقبرة أنت تدخل وال تعلم هل
كيف يختطف الناس ُدون ساب
تستغفر وتد ِعي من أجل الموتى أم تستغف ُر لنفسك قبل أن يُصبح حالك مثل
قِِّدم شيء يشف ُع لي بأن
ُ
حالهم، الموت ال ينتظر أحد، وأخشى ان يأ ِت ولم أ
أشارك الجنان معكم.
،
ٍن يذه ُب بها، هذه األجواء الباردة تُجِِّمد عقلها
تسي ُر بجانبه وال تعلم أل ِّي مكا
ًء كان صغير أم كبير، دخال لم
ِِّق ِّي شيء سوا
معها من التفكير بأ مر ضي
إختصا ًرا من المرور بالطريق العام، أمامهما إحدى مداخل حديقة
الهايدبارك ولكن كانت توجهات ناصر مختلفة ولم تستطع أن تناقشه
بشيء، آل تُريد أن تفتح معه حوا ًرا أب ًدا .
شعَر بأن أحٍد خلف ُهما، لم يُطيل بالتفكير حتى ألتفت ووقعت عيناه على
شخ ٍص يُمدد السالح عليه، أتسعت محاجر غادة من هذا المنظر، لم تعتاد
حقيقيًا أمامها حتى والدها لم ي ُكن يجيء بهذه
"
سالح
أب ًدا أن ترى "
المستلزمات، في لندن المدينة الشاهقة كان البُد من وجود عصابات
الشوارع ولكن هذه المالمح ال تُوحي بعصابا ٍت و ُمشردين وإلى آخره من
هذه األفكار، سحب غادة لت ُكون خلفه، يُفكر بطريق ٍة يفلت بها ُدون أن
يُصيب غادة شيئًا، قطع سلسلة أفكاره بإنكليزية مغلظة : للمرة األخيرة
ِر من يحاولون تهميشك أن ال يعبثون معنا أب ًدا
يجب أن تُحذِّ
ناصر بهُدوء عكس ما بداخله : من تقصد؟
إن كنت صَّدقت الخدعة التي ل امل إحترامي غبي! ُ : فقت لك فأنت مع ك
يجب أن تسأل من تقف خلفك من كان معها األيام الماضية؟ هل وليد الذي
جلبه سلطان بن بدر أم عبدالرحمن! أم فيصل. *أردف األسماء بأسلو ٍب
ركيك يو ِِّضح به أصوله اإلنكليزية ُرغم مالمحه السمراء*
ناصر تجمَّدت عيناه، أكث ُر مما يتحمل، أكثر بكثير من أن يُصِدق كل هذا،
بلكن ٍة فرنسيَة ُمكتسبة حاول أن يختبر جنسيته : وكيف أصدقك!
بالفرنسية يُكمل معه : ال يعنِيك من أكون! أنا أقول لك ما يجب أن تعرفه
" ! أصدقائك هم من منعوك عن من تقف خلفك، يُمكنك ان تسألها
يا "نا ِسر
وتتأكد
ب ُك ِل نا ِصر تسترجع ذاكرته حواره مع سلطان، عندما قال إتزان إن ُكنت
أستطيع أن أسامح أحٍد على فع ٍل ما؟ هل هذا الفعل؟ هذا لم ي ُكن فعل يا
ب من خلق السماء بغير عمد إنها كارثة ال
ُّ
سلطان هذه كانت كارثة ور
تُحتمل أب ًدا، ال تُحتمل بان أصِدق تجاهلك لمشاعري وإلنسانيتي، هذا فعال
اكبر بكثير منِّ . ِي
تراجع األسمُر عدةِ خطوا ٍت للخلف ليُردف بفرنسية يقطعها بكلمٍة إنجليزية
: اآلن يُمكنني القول أنني من قضيتك out m'I
تجمَّدت خاليا المخ لد يه امام األمطار التي هطلت وكأنها تواسيه، كانوا
َّطع وأضيق
يعلمون! كانوا يعرفون! كل هذه المدة كانوا يشاه ُدوني كيف أتق
وتركوها! تركوها ولم يبلغوني !
ِّي شي عن
ألتفت عل يها لتُردف قبل أن يندفع عليها بالكلمات : ماأعرف أ
اللي قاله . . . . .
يسحبها بش َّدةٍ لم يتعامل بها مع إمرأة من قبل، لم يترك لها فرصة تُف ِِّسر
وتُبرر، هذه المرة لن يقف بوجهي أحد، هذه المرة والله وأنا أحل ُف برحمِة
ص من الله التي جعلتني أصبر كل هذه
الله أن أقت ُّ
هم وا ِح ًدا وا ِح ًدا ، ورحمةُ
بالي باألسماء
ُ
المدة ِليُصبهم زمهرير جهنم مبكًرا ولن أ .
،
يتراجع ب ُخطاه للخلف قبل أن يدخل لوالده وهو يسم ُع صراخه وغضبه
الكبير الذي ينفجر بالشتائم والكلمات الحادة، لم يستوعب شيئًا ولكن يعر ُف
الذي يُقبِ . الجحيم ل عليه
رائِد يصرخ :
شهور وأنا ماأعرف مين الكلب ولد سلطان وال صالح!
ِّي
أقسم برب الكعبة ال أوريهم كيف يلعبون عل !
:طال ُعمرك أنت أهدى إحنا جبنا كل المعلومات وهو زوج بنت
عبدالرحمن وكل شي تحت سيطرتنا
رائد : سيطرتك في ******* ،
شهور وتِِّوك تجيب المعلومات الله
يلعنك ...
لم يُبالي باللعن الذي يطرده من الجنة في حدي ٍث صريح ال يتحم ُل تأوي ٍل
ِطق به " ال يدخل الجنة لعانًا " لم يُبالي
غير الطرد، في قو ٍل روحاني نُ
بشي وهو ينطق بكل ما يُذهب به إلى جهنم فأنفاسه تتصاع ُد بحرارةِ جهنِم
الدنيا.
أردف بصراخ : هذا عبدالعزيز تجيبونه لي من تحت األرض، أنا أوريهم
.. والله ما أخليهم في حالهم ! هم بدوها حرب وأنا أخليهم بنفسهم يترجوني
عشان أنهيها !
ركض بالساللم لألسفل ليخرج من منطقة والده بأسرع ال ُخطى وهو يكتب
رسال ٍة لعبدالعزيز ولم ينتبه لهاتفه البالك بيري الذي يراقبه رائد عن كثب
بعكس هاتفه اآلخر " اآليفون" :" أطلع من باريس في أقرب وقت، أبوي
كشفك "
،
واألخبار تخرج على السطح بصورةٍ سريعة، تنتقل للرياض بصورةٍ
أسرع، متعب الذي كان ُمتملل وهو يراقب قصر رائد الجوهي الخاوي
حتى سمع الحديث الذي يحصل بين إحدى رجاله.
:والله توه مكلمني أسامة وبلغني .. طلع عبدالعزيز ولد سلطان العيد !
من جِدك!! وش سَّو :* ى رائد؟
:قايمة الدنيا هناك في باريس!!! أنا بس سمعت وش قال أسامة وأنا قايل
بتصير الكارثة
:*وش قال بعد!
:رائد بجاللة قدره قال والله مثل ما بدوها حرب ألخليهم يترجوني بنفسهم
عشان أنهيها
:*الله اليبشرك في الخير! الحين بيكرفنا !!
ترك متعب السماعة وهو يتجه بخطوات سريعة نحو الطابق الثاني لمكت ِب
عبدالرحمن بن خالد، طرق الباب حتى دخل : عذ ًرا على المقاطعة
رفع عينه عبدالرحمن : تفضل متعب
متعب برجف ِة شفتيه من تهديد رائد المباشر ل شف عبدالعزيز ُهما : رائد ك
د في مكانها : وشو؟
ُّ
وقف وأعصابه تتجم
متعب : هذا اللي صار! الدنيا قايمة في باريس ورائد بيبداها معاكم ومع
عبدالعزيز مثل ما قالوا رجاله
عبدالرحمن بغضب يتجه بخطوات سريعة وكل تفكيره أنحصر بدائِرة
ضي وبناته : أتصل على عبدالعزيز بسرعة .... نزل بالساللم للطابق
اآلخر وهو يأمر بأن يوفرون الحماية لعائلته في باريس من قبَل الح َر ِس
هناك.
متعب الذي كان خلفه : عبدالعزيز جهازه مغلق
عبدالرحمن بصراخ جن جنونه : شف اي طريقة تتصل فيها عليه!
متعب بلع ريقه ليحاول أن يكتب له رسالة بأصابع بدأت ترتجف من
الكوارث التي ستحصل.
ألتفت على زياد المسؤول عن أم ِن الحراسة : ح ِّي سلطان مأمن؟
زياد الذي كان يجري عدة إتصاالت حتى ال يتم اإلعتداء على بيُو ِت
العاملين ذو المناصب الكبيرة: كل شي تحت السيطرة
عبدالرحمن أطمئن من ناحية سلطان وزاد خوفه من ناحية عائلته وبدأ
يشتم نفسه من أنهُ تركهم لوحدهم! كان يجب أن يفكر بعواقب األمور،
ِّي تفكير ومنطق
تصرفاتي بدأت تصبح غبية في الفترة األخيرة، دون أ
تركتهم !
وضع يده على جبينه وهو يحاول أن يفكر بطريقة متزنة، أتصل على
ضي النائمة، ومع ك ِل رنَّة يزي ُد بخوفه ورهبته من أن أمًرا حصل لهما،
هذه المرة لن يرحمهما رائد، لن يرحمهما أب ًدا! هذه المَّرة ستتالشى عائلتي
مثل ما تالشت عائلة سلطان العيد ومثل ما تالشت عائلة سلطان بن بدر
من قبل، لن أتحمل كل هذا، والله لن أتحمل.
،
يمسك رأسه وهو ال يعرف كيف يُفكر وبأي طريقة، رمى هاتفه في
عر ِض نهِر من أجهزةِ رائد وسه ٌل عليه السين بعد أن أكتشف أنه مراقب
أن يكتشف مراقبته من الرسائل التي ُحذفت ُدون أن يحذفها بنفسه،
واإلتصاالت التي أستقبلها هاتفه ُرغم أنه لم يستقبل شيء، ترك سيارته
ُطرق ويتمنى لوهلة أن ي ِصل
حتى تُشتتهم قليالً، بخطوات سريعة ق َطع ال
وأن يجدهم بسالم ُهناك.
أخذ نف ًسا عميق بعد أن أقترب من منطقته، رجع عدة خطوات وهو يرى
مالمحهم، ُرغم مالبسهم التي تُوحي انهم طبيعيين ولكن يعرف جي ًدا من
ُهم، دخل إحدى المحالت القريبة ليرتِدي نظارته الشمسية ُرغم الجو الغائم
ويُغلق معطفه عليه ليتسلل إلى باب الفندق، لم يتحمل إنتظار المصعد
اللم نحو طابقهم، طرق باب الغرفة ومع كل إنتظار يندف ُع ليركض بالس قلبه
بإتجاه صدره ... من المستحيل أنهم ال يسمعون.
،
رمى هاتفه الذي راقبه ليأخذ سالحه وبحافتِه الحادة يصفعه بقوة حتى
أنحنى فارس ليتقيأ دماءه، صرخ به : ولدي يسوي فيني كذا !! بس والله يا
فارس ال أوريك كيف تغدر!
فارس وهو يبصق الدماء على األرض : ما كنت أبي أضِِّرك..
يُقاطعه بغضب : واللي سويته! والله ... وال خلني ساكت! أنا أعرف كيف
أربيك
فارس كان يستكلم لوال هيجا ُن والده الِذي يُشبه البركان إذ لم ي ُكن هو
البركان ذاته : وعبير! مالي عالقة زوجها منت زوجها إن شاء الله
******** تجيني هي الثانية
فارس أتسعت عين يه بالدهشة : آل مستحيل
ثقيلة ذات حجٍم متوسط يحتفظ بداخلها
رائد بغضب يرمي عليه علبةُ
السالح : مستحيل في عينك! أقسم بالعلي العظيم لو ما تطيعني يا فارس ال
أقطعها قطع قدا ِمك! وهذاني عند حلفي
فارس يشعُر بأن والده يخترق قلبه بعنف/بوحشية : مستعد أسوي لك اللي
تبي! تبيني أض ِّر مين؟ مستعد بس عبير ال .. خالص أتركها عنك ما عاد
أبيها
رائد بحدة : بس أنا أبيها! وإن ماجت منك بتجي من غيرك وأنت أختار
فارس : يبه ..
رائد بصراخ : ال تناقشني! لك عين تناقشني بعد!!! عنِدك
ساعة .. بس
ساعة تجيني فيها ومعك عبير !
فارس ازداد صراخه مع صراخ والده : مقدر ! ماهي زوجتي كيف أجيبها
رائد بغضب : الله عليك يالمحترم! يالشريف ياللي ماتقبل تلمس وحدة
ماهي زوجتك! أقول بال كالم زايد وتجيني عبير ! وعبدالعزيز اللي مخليه
صاحبك انا أعرف كيف أجيبه ... والله الأوريهم نجوم الليل في ع ِّز
الظهر... والله ال أخليهم مايتهنون دقيقة في حياتهم.
فارس بحدة : مقدر .. مقدر كيف أجيبها ! ماهي زوجتي ما هي حاللي
رائد يقترب منه ليطِِّوق رقبته بيديه وهو يعصرها بأصابعه الغاضبة ليدفعه
على الجدار : ماهي زوجتك! أنا أعرف كيف أخليها زوجتك! بس ساعتها
أنت اللي بتندم!!!
،
أرتفع صدِره بهبو ٍط شديد، بلع ريقه الجاف ليردف وهاتفه مثبت بإذنه :
طيب .. أنا بتصرف.
:أسمعني يا فيصل! اللي قدامك أكبر منك . . . قاعد تدفع ثمن أغالطك
فيصل بهُدوء ُرغم الفوضى التي تهي ُج في داخله : طيب ..
شعر بأن كلماته تذبل وال إتزان يستطيع أن ينطق به ليُكمل : بحاول أكلمهم
اليوم
ماهو اليوم! حاالً !! حاالً : يا فيصل وال بتضيع
فيصل : طيب ... إن شاء الله
:يا ما قلت لك أبعد عن هالخراب! لكن ما سمعتني .. شف وين وصلت
نفسك!!
فيصل : ماني متحمل أحد يعاتبني يرحم لي والديك ....
:طيب أنتبه لنفسك وطمني بس تتم أمورك .. مع السالمة
فيصل أغلقه ليلتفت وتتسع محاجره من والدته الواقفة ودمعُها يجتم ُع في
محاجرها : مين هذا ؟
فيصل : صاحبي
والدته : ماأقصد مين يكون! أقصد أيش اللي قاعد يصير!
فيصل يقترب من والدته لتبتعد عدة خطوات للخلف : ال تلمسني! مستحيل
تكون كذا
فيصل : يمه فاهمة غلط! أن ِت سمعتي جزء من الموضوع ... هي سالفة
قديمة ال تشيلين في بالك
والدته بغضب : ما فكرت فينا! ما فكرت بمين لنا من بعِدك! دايم أناني يا
فيصل .. دايم تفكر بنفسك وتنسانا! تغيب باألشهر وترجع بدون ال تفهم
وش يعني وجودك في حياتي وحياة ريف!! .... ودخلت غرفتها ُدون أن
تترك له مجال يُف ِسر ويشرح.
ضرب بقبضة يده على الجدار ليتألم من ضربته، يشعُر بأنه في حاجة
ُط على قلبه
ِِّرق كل هذه الشحنات التي تهب
للتفريغ، أن يُف .
،
يُغلق الهاتف وأصابعه فعليًا تتجمد، شعر بأنه يختنق وأن حرارةِ جسده
ترتفع، يشعُر بأن إغماءة بسيطة تتسلل إليه وهو الذي كان يُضرب به
المثل في اإلتزان والصبر، لم تكن تهِّزِ ه المصائب وال تُحِرك به شعرة
ِه
ولكن إرهاق جسِده يتواطىء مع كل هذه المصائب، مسح وجهه بكفِّ
الحا َّرة ج ًدا، نادى بصو ٍت عا ٍل : الجوووووهرة
ِّي شماغ
ماهي إال ثواني حتى دخلت إل يه، ألتفت عليها : طلعي لي ثوب وأ
بسرعة !
الجوهرة : كيف تطلع وأنت بهالحالة!
يصرخ عليها ببح ٍة قاتلة لترتجف أطرافُها اله َّشة : قلت روحي جيبي !
الجوهرة عقدت حاجب يها وهي تحاول أن ال تتأثر عاطفتها وتسق ُط بوح ِل
دموعها : الدكتور ما راح يسمح لك وال أنا ... يتقدم نحوها ليدفعها قليال
ويخرج متج ًها لألعلى.
تتخطاه لتقف أمامه معلنة رفضها خروجه وهو بهذه الحالة الضعيفة :
سلطان ما ينفع! شوف حالتك كيف !
سلطان بحدة الغضب : أبعدي عني دام النفس عليك طيبة
الجوهرة : آل ما راح أبعد ...
،
يُغلق الباب بعدةِ قفالت أمام إعتراضاتها ومحاوالتها اليائسة بفتحه،
ِر من
ٍن يستعمُر بأكث
وصوتها تدريجيًا يموت بداخلها كجني
أشهر : تكفى
ال !
.
.
أنتهى نلتقي الثالثاء بإذن الله .
.
.
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن
المدخل لخالد الفيصل :
يا صاحبي مني لك الروح مهداه
والله لو به غيره اغلى هديته
ما قلت ألحد غيرك الروح تفداه
انت الوحيد الي بروحي فديته
وانت لوالك ما قلت انا آه
وال شكيت من الهوى ما شكيته
يا زين حبك عن هوى الناس ع ِّداه
جميع وصف كامل بك لقيته
سلم المحبه ما وطا الزين ناطاه
حد الخطر لعيون خلي وطيته
والي يودك كل ما منك يرضاه
حتى عذابك يا حبيبي رضيته
رَواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية
، بقلم : ِطي ش!
ال ُجزء )
)
قبل كل شيء، بعطيكم لغز يخص الرواية :$ واللي تحله لها شي جميل
مني )( وعاِدي لو ثنتين حلوه مع بعض يعني وحدة كتبت رد ونست شي
تجي الثانية تكمل عنها ()
ألنكم ضعتوا مرة ولخبطتوا األمور، لكن لو تركزون بتلقون أنه كل شي
واضح.
على العموم نبدأ بسم الله من بداية حادث سلطان العيد.
فيه طرف ثالث بنسميه " سين <- " محد بيدخل الرياضيات الحين في
الموضوع ) :
ال جد جد نتكلم :$ فيه " سين " هدفه أنه يضرب رائد ببوسعود وبسلطان
..
في البداية كان رائد يهدد سلطان العيد فأستغل " سين " هالشي وهو اللي
دبَّر الحادث وخَّال الكل يشك في رائد ألنه كان يهددهم لكن سلطان العيد لو
كان يعرف أنه رائد قادر يسوي شي ماكان خذآ عايلته وياه . . هذا يعني
أيش ؟ أتركها لكم.
بعدها رائد خطط أنه يستغل عز لصفَّه وطبعا مين خاله يفكر بهالشي ؟
شخص يخونه! صارت هالفكرة برآس رائد مع العلم أنه فيه شخص قريب
من رائد يعرف أنه هذا " عبدالعزيز ولد سلطان " لكن كان ساكت عشان "
سين."
وصل خبر وفاة عايلة سلطان العيد للرياض! بعدها بأيام وصلهم أنه عز ما
يدري عن غادة وأنها حيَّة! وسلطان بن بدر وبوسعود ماكانوا عندهم خبر
في هالحادث وبتفاصيله فكانوا حالهم حال مستقبلين الخبر! بعدها بفترة
جاهم مقرن وقال أم غادة حيَّة وهي معاها! هنا خيط الموضوع " مقرن
ماهو خاين لكن وش اللي خاله يقول أنه أم غادة حيَّة " ؟
بعدها سلطان وبوسعود تعاملوا مع الموضوع وعرفوا خطورة الوضع
فقالوا راح نآخذ عز! هنا كانت بداية الرواية يوم يقولون نبيه ويشتغل معنا
والخ.
" أيش الخ
َصل وأرتكب " خطأ فادح
هنا جاء في طأ ؟ مانعرف! لكن يخص
غادة وناصر! ترك أمل تروح لوليد ويبعدون عن باريس بعدها بفترة
خانتهم أمل! لما خانتهم بتجنينها لغادة .. خلت كل االنظار تروح لمقرن!
ويشكون في مقرن !
غهم أنها ماهي أم غادة! وأنه أم غادة ميتة
َّ
هنا مقرن مقدر يسكت فـ راح وبل
.. فصار زي ماتبي أمل وخلتهم يشكون في وضع مقرن.
الرجل الخاين اللي من جماعة رائد هو اللي خبره عن عبدالعزيز في
الوقت اللي راح رجل من " سين " إلى ناصر وخاله يشك في " فيصل +
بوسعود + بو بدر "
سين " هم نفسهم اللي سببوا حادث رتيل وعز عشان يخلون
طبعًا رجال "
رائد يشك في " صالح المزيف "
الحين بعد كل هذا نعرف أنه " سين " قدر يخلي الكل يشك في صديقه
وعدوه بعد! بدون ال يسبب شوشرة حول نفسه بيخليهم " يتذابحون " يعني
مشى عليهم واحد واحد .. بدايةً من رائد اللي خاله ينخدع
سين "
هذا "
بعزيز مع أنه كان يقدر يكشف األمور هذا معناته أنه " سين " ما يهمه "
رائد " وال هو صديق لـ " سلطان بن بدر وبو سعود والخ "
سين " يخون اللي يشتغلون معه .. كيف يخونهم ؟
ومعناته أي ًضا أنه "
بعطيكم حدث صغير والباقي عليكم. مقرن وفيصل .. كانت امورهم
كويسة فجأة أنقلبت .. مين اللي قلبها ؟ هو نفسه " سين"
شفتوا هذي األشياء اللي كتبتها تراها أنذكرت بالرواية وبتفصيلها لكن
بفترات زمنية لكن الحين رتبتها لكم .
بعطيكم إجابات مستحيلة يعني ال تفكرون فيها " صالح اللي يستنكر فيه
عز ألنه ماله وجود + كل شخص أنذكر " رائد + فيصل + مقرن " ألن
كلهم أنكبوا " وبقية الخيارات مفتوحة.
ون لي بقية
ُّ
على العموم إذا مقدرتوا تعرفون اإلسم بالضبط تقدرون تحل
األسئلة يعني " ليه أخفى مقرن موضوع أمل .. والخ كل األسئلة اللي
كتبتها أو اللي بسطتها"
يُغلق الباب بعدةِ قفالت أمام إعتراضاتها ومحاوالتها اليائسة بفتحه،
ٍن يستعمُر
ِر من
أشهر : تكفى
وصوتها تدريجيًا يموت بداخلها كجني بأكث
ال!
بال رح َمة، تستعمره قسوةٌ بعد سن ٍة و
أشهر و ثواني! لم ت ُكن ثواني قليلة!
لم ت ُكن ثواني سهلة! كانت صعبة قاسية حادة! كانت سنين! كانت ُعمًرا!
ُعمًرا يا غادة وليتك تفهمين ما يعنِي العُمر؟ ما يعني أن أعيش ُدون وجهة!
ُدون حياة! هل جربتي العيش ُدون حياة؟ هل جربتي العيش وكأن ِك ع َدم! لم
تشعري أب ًدا ب ُحرقة الشوق فيني! ولن تشعري أي ًضا! يسم ُع صوتها من
خلف الباب، هذه نبرةُ قلبها أعرفها جي ًدا، هذه نبرةُ البكاء التي تثقب الجسد
بالنُدب، جميعكم! جميعكم والله ستدفعون ثمن هذا غاليًا، أنا الِذي دعو ُت
لت "
ٍر ألقا ِك! يا ليتني قُ
ِّي دا
الله: يا ر ِّب خذني إل يها! ليتني حدد ُت في أ
ولم أرا ِك في هذا العالم الوضيع! ومازلت أبح ُث عن
الجنَّة وال غيرها "
َ حين حلم ُت ب ِك كقصيدة أضع ِت
أنطفأ ِت ؟ ِلم
َ
إجابة يا ض ِّي ُعمري . . ِلم
القوافي منِّ طنِي الذي نكرني! أني ضائع ِي؟ أني أبح ُث عن عين يك وعن و
ولن أسامح من أضاعني حتى لو كان يجاور كتِفي طيلة سنوا ِت حياتي.
توجه نحو هاتفه وأطرافه ترتج ُف من الغضب الذي يس ُد الفراغات بين
و رحمة الله ماراح
أصابعه، كت َب رسال ٍة لفيصل تحم ٌل تهدي ًدا الذ ًعا "
تفلت منِّ " ِي أنت واللي وراك
جلست على األر ِض الباردة وهي تسن ُد ظهرها على الباب، أجهشت
ُّي أحٍد من الذين مضي ُت معهم
ريد شيء، ال أريد أن أرى أ
ُ
بالبكاء، لم أعد أ
ُعمري السابق، كشجرةٍ ال ظ ِّل لها في منتصف الصحراء أنا حزينة،
كجفا ِف أوراقها أنا عطشانة. أكره هذه الحياة، أكرهكم جميعًا .
،
يطرق الباب للمرةٍ األخيرة حتى ألتفت للمصعد الذي تخرج منه عبير
ورتيل، توجه إليهما وبحدة : وين ضي ؟
رتيل بإستغراب : في الغرفة !
عبدالعزيز يكاد ينفجر بهذه اللحظة، كل األفكار تختلط في رأسه، كل
األشياء تهرب منه : وين كنتم ؟
رتيل : نزلنا نجيب بطاقة شحن ... وش فيك؟
ُمريب.
عبير أبتعدت عنهما لتدخل الغرفة وعقلها يغي ُب بأمِر عبدالعزيز ال
عبدالعزيز : طيب روحي شوفي لي مرت أبوك
رتيل تنهدت : وش صاير لك؟
عبدالعزيز بغضب كبير : مو قلت ال تطلعون!
رتيل : طيب ! ما طلعنا من الفندق بس نزلنا لـ..
يُقاطعها : رتيل قلت ال تطلعون! واضح كالمي وال ال
ِّي ماني أصغر عيالك
رتيل بقهر : آل تصرخ عل ... !
عبدالعزيز يسحبها من ذراعها ليقف أمام غرفتهم : وال تطلعون وال
تفتحون الباب ألي أحد حتى لو كانوا من العاملين بالفندق .. مفهوم وال
أعيد الكالم مرة ثانية! حتى أنا ال تفتحين لي ألن عندي مفتاحكم !
رتيل بعدم فهم : كيف مانفتح لك؟
عبدالعزيز عض شفتِه السفليَة من غباءها في هذه اللحظة : ركزي معي
قلت ال تفتحين الباب لمين ما كان! طيب؟
تسحب ذراعها ُدون أن تجيبه ليُردف بح َّدة : مفهوم !
رتيل بخفُوت : إيه
عبدالعزيز : أدخلي شوفيها وتعالي بسرعة
دخلت وهي تتأفأف منه، لتلتفت لضي التي أستيقظت بإنزعاج : يالله
رحمتك بس !!
بخطوات بطيئة أتجهت نحوه : مافيها شي! بخيــ
يسحب الباب ُدون أن يترك لها فرصة إكمال الكلمات، أتجه نحو غرفته
ليُخرج جوازه وأوراقهم المهمة من الخزنَة التي تنزوي في الدوالب ليبحث
بعين يه عن مكان يُدسسها به ،بالتأكيد مثلهم لن يستصعب عليهم فتح الخزنَة
َها ليفتح البرواز
بأدواتهم التي أجهلها، نظر للوحة تتوسط الجدار، قلب
ويضعها خلفها، نظ َر وهو يبعد اللوحة بيد يه حتى يتأكد، شعَر بأنها مثقلة،
ِوي على رسومات تناسب
أتجه نحو دوالبه ليبحث عن " تي شيرت " يحت
أن توضع كلوحة، بدأ يرمي مالبسه على األرض وهو يبحث حتى
أستخرج " تي شيرت " أبيض وضعه في البرواز ليعلق اللوحة في مكانها،
أطال في نظرته حتى يتأكد من أن الشيء غريب يظهر عليها، أتجه نحو
نافذته ليرى كم يفصله عن األرض، من حسن الحظ ان النافذة تطل على
ِّي الشارع الخلفي، فتحها ليُخطط كيف يسقط لألسف وسيلة يقفز،
ل وبأ
باإلمكان أن أتجه يمينًا نحو المنزل القريب ومن أنبوب المدخنة أنزل حتى
ط على األرض، هذه الطريقة الوحيدة، تراجع ليأخذ
ُّ
أصل للساللم وأح
سالحه ويجهزه .
في داخله كان يشعُر بأن ال أمل، ولكن ُهناك محاولة فقط محاولة إن ذبلت
، كم م
فـ " ل ن الذكا ِء أورثهُ سلطان العيد إلبنه حتى ينظ ُر لألمور ي الله "
بنظرةٍ بعيدة وكم من الحيرة جعلتني أعيش يا أبي !
على بُعِد مسافا ٍت قليلة كانت تسي ُر بإرتباك وهي تتصل على عبدالرحمن
الِذي أتصل عليها مرا ًرا في نومها .
ضي بضيق : أكيد صاير شي! قلبي يقول فيه شي ..
رتيل الال ُمبالية أستلقت على السرير وهي تلع ُب بخصل ِة شعرها : يارب
أني أنام بس وماأصحى اال بعد ما يجي أبوي
عبير عقدت حاجب يها وهي تجلس على طرف السرير : ما ر ِّد ؟
ِر الغ َّصات التي توافدت على قلبها : مارد للـ
ضي تختنق في داخلها من أث
.. لم تُكمل من صوته الرجولي الذي دائِ ًما ما يأ ِت كقصيدةٍ عاصفة تقل ُب
في قلبها كل الكلمات : ألو
ضي بلهفة أجابته : هال ... كنت نايمة لما أتصلت ...
عبدالرحمن : طيب .. كلكم بالفندق ؟
ضي : إيه .. وش صاير؟
عبدالرحمن وهو يسي ُر بالممر الذي ينتهي بمكتبه، يتجاه ُل سؤالها بربكِة ما
يشوش عقله : وعبدالعزيز ؟
ضي : تَّوه جانا
ِي رتيل تكلمه عشان يفتح جواله
عبدالرحمن : طيب ضي خل ! ِّ
ضي : الحين؟
عبدالرحمن يدخل مكتبه ليجلس على مقعده الجلِدي : إيه.. وال أقولك عطيه
جوالك أنا بنتظر على الخط!
د هاتفها لها لتندفع رتيل
ُّ
ضي : طيب ... رتيل عطيه عبدالعزيز .. تم
بضيق : عشان يعلقني معه! أصال هو يبيها من الله
ضي : طيب أبوك يبيه ضروري !
ُم باب
رتيل تنهدت واقفة، أخذت الهاتف من يِدها الناعمة لتخرج وتشت
الغرفة التي كانت تُريد أن تجعله مفتوحا حتى تعود بسرعة ولكن أرتد
ُغلق بسرعة، نظرت للممر الخاوي سوى من عامل النظافة الذي كان
وأ
ِّي يحم ُل غرفة، بالعك ِس تماما كان واقفًا في
عربته وال يقف بجان ِب أ
المنتصف، بلعت خوفها لتتجه نحو غرفته، طرقت الباب لتتج َّمد عروق
ِر مالبسه متجهًزا للخروج، بلع ريقه بصعُوبة
عبدالعزيز الذي كان يُغيِّ
ليتجه نحو الباب ُدون أن يلفظ حرف وهو يتوقع أسوأ التخمينات على
اإلطالق.
وضعت رتيل الهاتف على أذنها : يبـه . .
وقبل أن تُكمل فتح الباب ليسحبها للداخل، ال يعرف كيف يتحمل هذا
اإلستهتار منها، سحب الهاتف بعد أن رمقها بنظرةٍ أربكتها، أجاب : ألو
عبدالرحمن بضيق : وين جوالك يا عبدالعزيز! يعني من متى وأنا أتصل
عليك طيحت قلبي الله يصلحك
عبدالعزيز : راقبوا جوالي! مسحوا كل شي فيه .. وحذفته بالنهر
عبدالرحمن بشك : كيف وصلوا له؟
" في وق ٍت كهذا، أردف : مدري
من المستحيل أن أنطق " فارس
عبدالرحمن : طيب أخذ جوال رتيل! عشان أقدر أكلمك منه .. الحين
الفندق إن شاء الله محد بيقدر يدخله، آليطلعون ياعبدالعزيز وال يعتبون
الباب! لين ما يهدآ الوضع وبتطلع من باريس .. مفهوم؟
عبدالعزيز : بس أنا الزم أطلع بشوف..
يُقاطعه بحدة : وال لمكان يا عبدالعزيز! أجلس لين أتصل عليك
عبدالعزيز تنهد : مقدر أنا..
وال يُكمل كلماته في حضرة غضب عبدالرحمن الذي ال يخرج دائِ ًما :
عبدالعزيز إحنا مانلعب! قلت مافيه طلعة
عبدالعزيز : طيب راح أشوف الوضع برا بدل ما أجلس! وأشوف لنا
طريقة نطلع فيها من باريس بأقرب وقت
عبدالرحمن : ماراح تقدر ألن رائد..
يُقاطعه : عارف! كل الموضوع واصلي
ليُردف : مين موصله لك؟
عبدالرحمن صمت قليالً
عبدالعزيز : وصلني وبس
عبدالرحمن يقف بجنُون ليصرخ : قلت مين وصله لك ؟
عبدالعزيز تنهد : شخص من رائد أتعامل معاه
عبدالرحمن : وضامنه؟
عبدالعزيز : إيه ضامنه
عبدالرحمن بغض ٍب : قل آمين الله يآخذ عدِّوك كانك بتجيب آخرتنا ..
الحين تجلس في الفندق وال تطلع منه .. مفهوم ؟
عبدالعزيز بعناد : آل مو مفهوم وماراح اجلس! وأنا أعرف وضعي
وأعرف كيف أطلع منها
عبدالرحمن بقهٍر حاد : آل تستغل غيابي وتلوي ذراعي!
عبدالعزيز : ماألوي ذراعك أهلك بالحفظ والصون ماعدا ذلك ال تتدخل فيه
عبدالرحمن بغض ٍب خافت : طيب يا عبدالعزيز! بس لو مقدرت ترجع
شف عاد وش بتخسر!
عبدالعزيز : أوامر ثانية
عبدالرحمن : جوال رتيل خله عندك
عبدالعزيز : طيب .. مع السالمة .. وأغلقه.
رفع عينه : وين جوالك ؟
رتيل : بالغرفة
عبدالعزيز : طيب روحي جيبيه بسرعة ... ومِّد لها هات ُف ضي.
فتح لها الباب لينظ ُر للعامل الذي كان بجانب بابهم تما ًما، سحب رتيل بقَّوة
ليرتطم رآسها بحاف ِة الجدار، كانت ستصرخ لوال ك ُّف عزيز التي وضعها
على فمها، أغلق الباب ليضع السلسلة فوقها حتى يتأكد من عدِم فتحها،
ٌم ال
ِه، قشعريرة حارقة أصابت جسِدها، أل
شعر بالدمعة التي تعانق كفِّ
يساويه ألم، وكأنها دخلت عملية جراحية ُدون أن يفلح المخدر بشيء، أبعد
يِده ليضعها خلف رأسها وكأن لمساته ستخفف وقع األلم .
ِي
ِّ
همس : تحمل ...
أتجه نحو السرير ليأخذ جاكيته الخفيف، ألتفت عليها وبصو ٍت خافت :
خليك بغرفتي ال تطلعين أبد ! طيب؟ وال حتى لغرفة أختك!
رتيل برجاء وهي ترتع ُش من خوفها : آل تخليني ..
عبدالعزيز يقترب منها ليُطمئنها : ماراح يصير شي! فيه أمن برا .. و
رتيل : بس فيه ناس بهالطابق! الله يخليك عبدالعزيز ال تخليني بروحي
عبدالعزيز : مضطر أروح! أن ِت بس خليك هنا وأنا ماراح اتأخر
رتيل سالت دموعها بال توقف لتُمسك كفَّه برجا ٍء أكبر : تكفى ال .. الله
يخليك عبدالعزيز
عبدالعزيز يشعُر بأن عقله يتشوش وال تركيز يُسعف في هذه اللحظات
ِقة، جلس على طرف السرير ويده على جبهته يحاول أن يُفكر بِ َحل،
الضيِّ
ٍق ُدون زفير،
سمع صو ُت الباب ومحاولة فتحه ليرتفع صد ُر رتيل بشهي
تجمَّدت أقدامها، ليُشير لها بأصبعه أن ال تصدر صوتًا، فتح النافذة ونزع
األمطار على عتب ِة النافذة،
ِ
حذاءه ليضع أثا ًرا من الطين الذي ألتصق بوقع
أرتدى حذاءه مرةً أخرى ليأخذ رتيل ويدخل بها لزاويـ ٍة من الغرفة تحتوي
دواليب المالبس وال يُخفي أجسادهم شيء سوى الجدار القصير، ألتصق
صدره بصدرها الذي كان يرتفع ويهبط بشدةٍ كان يشعُر بها، كان يشعُر
بضربا ٍت قلبها تتجه نحو قلبه مباشرةً، وضع يده مرةً أخرى على فمها
ليكتم أنفاسها الصاخبة، سمعا صو ُت الباب وهو يرتَّد.
أقترب الرجل ذو رداء عامل النظافة إلى النافذة الذي شعر بأنه هربا منها
ِر األقدام التي عليها، بالنبرةِ ا
من أث لفرنسية البحتة شتمهم، لتضيع نظراته
في أرجاء الغرفة، أطال بنظرة للجدار الذي يُخفي خلفه دواليب المالبس،
أقترب منه حتى ألتفت للجهة المعاكسة من رتيل وعبدالعزيز، عندما رأت
ظهره شعرت بأن قلبها سيتوقف عن النبض حاالً، بينما كانت ك ُّف
عبدالعزيز قاسية وهو يزي ُد بكتمانها، أتى شخ ٌص من خلفه يستعجله
.. األمن في األسفل
بالفرنسية : يجب أن نخرج حاالً
تراجع بخطواته ليخرجان وتبتعد يد عبدالعزيز، رتيل بعدم إستيعاب، ال
تفهم كل ما يحصل بها اآلن، هذا أكث ُر مما يستوعبه عقلها البشري! أكث ُر
مما تستوعبه فتاةٌ مثلي، شعرت بأن أصابعه توشم آثارها حول ثغرها.
ِر عنه دمعاتها الشفافة في محاجرها : وش قاعد
رتيل بصو ٍت مرتجف تُعبِّ
يصير! ماني فاهمة شي
يتجاه ُل سؤالها وهو يغرق بتفكيره، ال بُد من حل ينقذهما من هذا المأزق،
لن يرحمنا ال ُجوهي هذه المَّرة وهو يكتش ُف أعظُم ما أخفيناه.
،
تنظ ُر إليه بحشرج ِة الخوف في عين يها، أترانِي أخافك؟ أما أخا ُف عليك؟
أجهلك والله إنني ال أعر ُف عن مزاجاتِك السماوية وال أفقهُ بِك شيئًا سوى
قلبك يا شريعتي في ال ُحب، يا التشريع الذي ال يأ ِت إال بعين يك، و َّجه سهامهُ
بنظراته الحادة التي أرجفت صدرها حتى أزاحت يمينًا ُرغ ًما عن قلبها!
ُرغ ًما عن كل شيء، وإن مَّر من العُمِر لحظا ٍت كثيرة إال أن عينيه إن
ضاقت غضبًا يرتج ُف جسِدي بأكمله. دخل الغرفة وهي من خلفه، بدأت
ِّطِ ع أظافرها بربكِة أسنانها التي تصطدُم ببعضها البعض، بنبرةٍ متذبذبة :
تُق
طيب والله جرحك ماألتئم! كيف تطلع كذا؟
ٍن في جسِده، أخرج ثوبه
ال يُجيبها، يُمارس التجاهل الذي يسي ُر كشريا
لينتزع بلوزته بصعُوب ٍة بالغة، رماها ونظرت لل ُحمرة التي تظهر من خل ِف
الشاش األبيض لتتسع محاجرها برهبة : سلطان! .. والله ما يصير
غيَّر مالبسه أمام عين يها التي تشتت لكل شيٍء في الغرفة، حتى باتت علبة
المناديل مغرية للتأمل، أرتدى ثوبه وبحركِة يد يه شعر بأن غليان يهرول
في رأسه : بدل هذرتك تعالي سِِّوي لك شي مفيد
تق َّدمت إل يه وأصبحت ال ُحمرة هي التي تهرول في مالمحها : بكلم عمي
عبدالرحمن
لم يجيبها وعين يه تُشير لها بأن تغلق أزارير ثوبه، وضعت أصابعها في
أعلى بطنه لتبدأ باألزارير السفلية.
سلطان : قولي لعمتي ماتطلع من البيت!
الجوهرة تغلق آخر إزرار لترتبِك أصابعها من لمس ِة رقبته، رفعت عينها :
أنتبه لنفسك ترى عمتك تبيك
أتجه نحو األرفف ليأخذ شماغه وعقاله : بس عمتي؟
الجوهرة أخذت نفس عميق لتُردف : لو يكتبون عن فن التعامل مع مزاجك
صدقني ماراح يكفيهم كتاب واحد!
ألتفت عليها وبإبتس