الفصل 60

ًء كثيرة من
بين ، حفظتِي أجزا
أشعُر بحمٍم تُص ِّب في قلبي من أن ِك تتعذَّ
القرآن كما حفظ ُت أنا ، فعل ِت الكثير من األعمال الصالحة ، مالفعل
المذموم هذا الذي م َحى كل أعمالك وجعل ِك تتعذبين ؟ يالله أرحمها وأر ف
ت عف . ًو بحالها ، يالله جازها عن الحسنا ِت إحسانًا وعن السيئا ا و ُغفرانًا
لم يتح َّمل حتى أخذ هاتفه و يت ِصل على ناصر ، ثواني حتى أتاه صوته
ُمتعب : هال
ال
عبدالعزيز بصو ٍت مخنوق : غادة تتعذَّب
ُخرى ، ليتك ُهنا يا عبدالعزيز حتى تسم ُع
نا ِصر و للتو هدأ ، أختنق مرةً أ
ها ، ليتك ُهنا
ُ
ي وتقرأ
لعين .
عبدالعزيز يُكمل برجفة ُح ٍب و إشتياق : ما سَّوت شي والله ماسَّوت ، حتى
طلعاتها ماكانت اال معاك و ناِدر ماتطلع لوحدها وصالتها ماتطِِّوفها ،
أحيانًا تضطر تأخرها لكن تصليها .. ماطَّوفت فرض .. وماعليها ديُون ..
بوي أحسهم
ُ
ِمي و أ
ُ
وش صاير ؟ أحس بموت من التفكير .. هديل و أ
مرتاحين .. حتى أمي كانت تب ِكي كثير لكن الحين مرتاحة أنا أعرف
هالشي أحس فيه .. حتى أبُوي أحس فيه .. بس غادة ليه ؟
ناصر بو َجع : كنت عندهم اليوم .. زرت قبورهم
عبدالعزيز ونفسه تل َّهفت : رحت لهم ؟
نا ِصر بصو ٍت شارف على البُكاء : إيه
عبدالعزيز أختنقت عينه بال ُحمَر لهم ، يشعُر بأن روحه تخرج من ة ، أشتاق
مكانِها اآلن ، ليت ُهم ُدفِنُوا هُنا ، بئس تفكيري في ذلك الوقت أنه سيعيش
ُعمره ُهناك فأرد ُت أن ي ُكونوا بجانبِي .. لكن حتى أطياف ُهم رحلت بعي ًدا
عني.
ُهم ..
نا ِصر : قبل شوي رجعت ، سو لهم شي ، خل لهم صدقة جارية كل
أخاف يختنقون من وحشتهم
ُمغمضة : وش
عبدالعزيز مسح جبينه ُمتعبًا وهو يضغط على عين يه ال





ير ِِّجعُهم ؟
نا ِصر نظر ل ِشقته الخاوية لتنساب دمعته على خده ، و أنفاسه ال تهدأ
عبدالعزيز و دموعه تتصارع في محاجره لتحجب عنه ال ُرؤية وبصو ٍت
خاف ممتلىء بالوجع : مَّرت سنة . . كيف عشتها بدونهم ؟ محد حولي
ومحد جمبي .. مححد .. كيف ؟ ماأبغى أدعي على نفسي بس يذبحني
هاأللم يا ناصر .. ماأبي هالحياة ، مليييت..
بصو ٍت حطم ح ُصون اهدابه : موجوع يا ناصر حييل
نا ِصر جلس على طر ِف طاولته الخشبية ، أنحنى بظهره لتسقُط دموعه
على األرض ، و َجع يفتُك عظامه هو و صديقه.
يُتبع
،
على فرا ٍش ذو رائِحة نتِنة ساقِط و نو ُمه عميق و هاال ٍت دا ِكنة تُحيطه و
الغرفة تختِلط برائِحة ال ُشر ِب و األلوان ، اللوحا ِت ُمرتبة بجانِب
رائِحةُ
بعضها في زاوي ٍة ، دخل عليه برهبة و هو يرفع المالبس العِفنة ليصيح به
: فااارس أصححى بسرعة أبوك جاي بالطريق
فارس بهذيان نا ِعس : خلني أنام
ح َمد يفت ُح الستائِر و النوافِذ ال ُزجاجية ليختلط الهواء النِقي بالغُرفة : أبووك
بالطريق .. ر ِّكِز معي ... رائد الجوهي بالطريق .. راائد اللي هو أبوك
بالطريق
فارس فتح عينه : وشو ؟
حمد لم يتح َّمل تناحته حتى أخذ قارورة ُزجاجية ممتلئة بالماء ، أخرج منها
ِّي والله إن
الورد و رماه و بلل فارس بمياِه الزهر : أصحححى أخلص عل
شم ريحتك ال يذبحك
فارس بعصبية : يامجنووون ليه ترمي الورد!!
ِِّرك نفسك لين
حمد : هذا اللي يهمك يا مرهف اإلحساس . .أنقلع للحمام ف





تطلع هالريحة ، نص ساعة وبتلقى أبوك هنا وساعتها شوف عاد وش
يسوي فيك
فارس وقف عاقد الحاجب ين : طيب ب ِّخِ ر الغرفة .. وسحب منشفته داخالً
للحمام.
حمد : يا حومة كبدك يا حمد .. نظف ُغرفة فارس وهو يرِمي بعض
األشياء التي بنظِر . ه تافهة و لكن بنظر فارس ُمهمة
دقائِق طويلة مَّرت وح َمد يُب ِخر المكان برائِحة العُود العتيقة ، خرج فارس
نا ِع ًسا : جاء ؟
حمد : آل بس على وصول
فارس ببرود : طيب أطلع ببِِّدل
ِركه ليُب ِخر الصالة العلوية أي ًضا ،
ح َمد خرج تا
أرتدى فارس مالبسه بهُدوء وهو يتأم ُل غرفته أن اليكون هُناك آثار
لجريمته ، خرج لحمد
حمد : خلنا ندخل ُغرفتك نشوف فيها ريحة وال أل
م فتحه ليدخل
ي ، أغلق حمد باب ُغرفة فارس ومن ثُ
وبتحشي ٍش فعل
ٍل ُدور الجوهي : همممم أحس فيها شي
ِّ
ويستنشق وكأنه يُمث
فارس : يالله خلف على عقول الحمير .. خالص اترك الغرفة ريحتها
ريحة ألوان
ح َمد بخبث يجلس ُمقابال له : تدري أمس وش قلت لي ؟
فارس بال إهتمام يتصفح الجريدة : وش ؟
ح َمد : عبير
فارس رفع عينه له : نععم!!
ح َمد : ههههههههههههههههههههه وش فيك ع َّصبت ؟ تقول أنها لذيذة و
******* و
ِرس على بطنِه ، وقَف وجعله يتمدد على الطاولة
لم يُكمل من رفسة فا
َ صفعٍة ُم الخشبية وبغيرةٍ شديدة لكَمه على عينِه ومن ث دويَّة على خ َّده و لم ُ
م
بالقُرب من أنِفه لينزف دما ًء
يكتِفي بذلك ، ضربة . ٌ
بصو ٍت غاضب ش ِّد شعره ليُقربه من وجهه وهو الِذي أعتاد من فارس





الب ُرود و الهُدوء : قسم بالعلي العظيم لو تجيب سيرتها على لسانك ال
أقطعه لك
حمد يدفعه وهو يُعِِّدل بلوزته التي تمَّزقت أطرافها وكان سيُهدد كالعادة
لوال ح ُضور رائِد بين ُهم ،
فارس أقترب من واِلده وقبَّل جبينه ،
رائد : وش فيكم تتهاوشون ؟
فارس بهُدوء : نمزح
رائد بضحكة : تمزحون !! عنيفيين ماشاء الله
ِر مالبسي
حمد بإنسحاب : رايح أغيِّ
جلس رائِد وبجانبه فارس ، أردف : شلونك ؟
فارس بخير الحمدلله
رائد رفع حاجبه : مبخرين البيت ؟
فارس : إيه حمد مبخره
ِّي ؟
رائد : عل
فارس بلع ريقه : ليه وش فيه البخور ؟
رائد : ماتبخرونه اال فيه ريحة لمصايبك!!
فارس ويُمثل دور البريء : دايم تظلمني يايبه دايم تظن فيني ظن السوء ،
ِّخر البيت وأستمتع بريحة األلوان
خالص من اليوم ورايح بقوله ال يب ِ
والعفن اللي دايم تقوله
رائد بإبتسامة : شوي وتآكلني ، خالص ماقلنا شي بخروه .. قولي وش
مسوي بالتدريب ؟
فارس : كل يوم قبل ال أنام أتدَّرب
رائد : زين هذا اللي أبيه منك ، أنا بعد فترة راح أسافر ويمكن أطِِّول كثير
فـ راح تكون مع حمد وماأبغى مشاكل
فارس : طيب ينفع أطلب طلب ؟
رائد بضحكة تُشبه ضحكة إبنه الساحرة : أل
فارس إبتسم : طيب تروح وترجع بالسالمة
رائد : ههههههههههههههههههه قول وش تبي ؟





فارس : يعني الحرس والله مالهم داعي ، ماني بزر .. خالص أنا كبرت
على هالح َّراس اللي يمشون مثل ظلي أبي آخذ شوية نفس وخصوصية
رائد بهُدوء : أبوك عنده أعداء كثير و
ِّي
فارس يُكمل عنه بسخرية ُمقل ًدا لنبرته : و األعداء هذولي يدورون عل
الزلة ويبون يأذوني بأي طريقة وممكن يأذوني فيك .. حفظتها يايبه والله
حفظتها من طلعت على هالدنيا وأنا أسمعها .. طيب أنا بجلس أنحبس كذا
إلى متى ؟
رائد : طيب سافر لكن ُهم معاك
فارس بإستهزاء : شكرا دايم ماتخجلني في كرمك
رائد يضرب ظهره بقوة ضا ِح ًكا : مسألة الفرفرة بالرياض أنسى
فارس: كسرت ظهري
َّع كثير
رائد : اليوم صاير تتدل
فارس : يبه والله تعبت وحمد يخنقني .. طيب جيب لي واحد ثاني
رائد : أنا أثق في حمد
فارس : الله والثقة عاد
رائد بحزم : فاارس!!
،
ج في البيت ، بعد أن راجعت بع ُض السَور حتى ال
ِن يض ُّ
صو ُت القرآ
َسا
تنساها وتأ ِكد على حف ِظها ، نزلت لوالدتها ساعدتها قليالً حتى جل
بالصالة و صم ٌت . ُمريب بينهم
ال ُجوهرة بهُدوء : يمه زعالنة مني ؟
والدتها بإقتضاب : أل
ال ُجوهرة جلست على ُركبتيها أمامها وهي تُمسك كفوفها وبإبتسامة : أجل
ليه ماتكلميني ؟
والدتها : ألنك ماتبين تريحيني
ال ُجوهرة ومازالت تُحافظ على تقويس ِة ثغرها : أن ِت لو تطلبين صحتي





وعافيتي وراحتي كان أقول فداك بس ماأبي أشغلك معي وأضايقك
والدتها بنبرةٍ ُمهتزة : ماراح تشغليني وال بتضايقيني .. أنا بس برتاح
وأتطَّمن
ال ُجوهرة : تطَّمني يا روحي ،
والدتها : وش بينك وبين سلطان ؟
ُء يضي ُق عليها : مابيننا اال كل خير
ال ُجوهرة بلعت ريقها وكأنَّه بدأ الهوا
والدتها : مأذيك بـإيش ؟
ال ُجوهرة بهُدوء : ما تطلع الشينة من بوبدر
والدتها : طيب وش هالمشكلة اللي تخليك تتركين بيتك وأبوك يوافقك!!
ال ُجوهرة : أنا بس كنت أبي أرتاح عندكم ومشتاقة لكم
والدتها بخو ٍف يرتسم بعينها : غيره يالجوهرة هالكالم مايقنعني!
أسنانها العُل
ال ُجوهرة أبتسمت حتى بانت صفة يا : مافيه شي غيره ُ
والدتها ب ُضعف : أحلفي بالله..
تنطقها و تُسعفها في هذا الموقف
ال ُجوهرة صمتت و ال كلمة . ٌ
ِّي ؟ أنا أمك بس قولي لي وش اللي صار ور يحيني
والدتها : ليه تكذبين عل
!!
ِق :
ال ُجوهرة ثبتت أسنانها العُليا على طر ِف شفتِها ال ُسفلى ، بصو ٍت ضيِّ
مشكلة بسيطة .. وبتن َّحل إن شاء الله
ِن إبنتها ، تُريد أن تقتبِس من هذه العي ُن بعض
والدتها بصمت تتأمل عي
األحاديث التي من الممكن أن تُطمئنها ،
الجنَّة التي تحلم بأ َّن
ِل كفو ٍف عتيقة لها رائحةُ
الجوهرة أخفضت رأسها لتُقبِّ
تكون يو ًما من نصيبها.
ُم أنساب شعِرها في حض ِن والد تخثِرة
تها لتت ِضح بع ُض الخيُو ِط الحمراء ال
ليلكية تُفسد بياض رقبتِها ، أرتجفت أهدا ِب األِم الخائفة : مين
بالدم و كدمةٌ
سَّوى ِكذا ؟
الجوهرة رفعت عينها بعدم فهم ،
والدتها بغضب ممزوج ب ُحز ٍن عميق : وتقولين مافيني شي ؟
جبيُنها يرتسُم . ال ُجوهرة أبتعدت قليال عن والدتها و على اإلستغراب





والدتها : ضربك ؟ ال تكذبين وتقولين ماضربك !!
ال ُجوهرة مسكت رقبتها لتِقف ُمرتبكة ُمرتجفة ال جوا ب لد يها . .
َسالم عليـكم .. .. دارت نظراتِه بين ُهما و رفع حاج ُب الشك :
دخل ريان : ال
وش فيكم
ِّي
والدته تتجاهله تما ًما : ليه تكذبين عل ؟ وش مسوي فيك هاألغبر ؟
ُمعتادة
ال ُجوهرة أرادت لو أ َّن والدها موجود يُنهي هذا النقاش ب ُدبلوماسيته ال
، أرتجفت بوجوِد ريَّان!
والدتها وعيناها تختنق بغضب : أكيد صاير شي كايد وال مايضربك من
هنا والطريق وأبوك واقف معك بعد !! ريحوني بس قولوا لي
ريَّان وعقله بهذه المواضيع يفهمها من كِلمة ، بهُدوء : سلطان ضربك ؟
ال ُجوهرة بدفاع ُمرتجف : أنا زوجته ولو يك ِسر راسي حالله ، مشاكل
ِّي زوجين ليه تعطونها أكبر من حجمها
وتصير بين أ
والدتها : اللي يضربك مرة قادر يضربك مليون مَّرة
ريَّان : وليه ضربك ؟
الجوهرة بلعت ريقها بخوف : مشكله بيني وبينه
ُخرى : زين حفظتي كرامتك وجيتي
ريَّان رفع حاجبه مرةً أ !!
ال ُجوهرة : وش قصِدك ؟ . . يعني أختك ماعندها كرامة *تعَّمدت أن تلف ُظ
- اختك - حتى تُشعره ببعض الذنب*
ريَّان ببرود يجلس : أنا واثق أنه المشكلة أساسها منِك عشان كذا ماألومه
لو يك ِسر راسك على قولتك
والدتها ب ُحرقة أٍم ترى إبنتها بهذه الوضعية : وأنت معه بعد !! أنتوا
بتجننوني ! كيف يضربك ؟
ال ُجوهرة و ال تُريد أن تب ِكي ولكن نبرةِ والدتها جعلتها تب ِكي لتلفظ بين
بُكائها : يمه الله يخليك !! ماهو ناقصني
ِّي غلطة
ريَّان بإبتسامة : أحمدي ربك ماذبحك .. أنا لو مكانه دفنتك على أ
تطلع منك ودام سلطان ماشاء الله صبور فأكيد هالغلطة كايدة وخلته
يضربك .. عاد الله أعلم باللي تخفينه عننا ويمكن عن سلطان
الجوهرة بقهر : ليه دايم ظنك فيني سيء ؟ . . أنا أختك من لحمك ودمك





تعاملني كذا وش خليت للغريب !! ،
بحدة لم تعتاد أن تُخرجها ألحد ، بغضب وكأنها أنفجرت من سيل أتهاما ِت
ريان الباطلة التي ال تنتهي : أتذابح مع سلطان وال يصير اللي يصير
بزواجي مالك دخل .. مالك عالقة فيني .. ماعدت صغيرة عشان تكلمني
بهالطريقة ، أنا عمري

ماني بزر عنِدك عشان تقولي هالكالم ... أرحم
حالك وأرحمني من كالِمك
والدتها بحدة : هذا اللي شاطرة فيه تراددين أخوك !! تزوجتي وصغر
عقلك
ال ُجوهرة بضيق : أنا الحين كذا ؟ يمه أنا متضايقة منه ومن كالمه بدل
ماتوقفين معي توقفين معاه
والدتها : ماراح أوقف ال معك وال معه .. سِِّوي اللي تسوينه ماعاد يهمني
.. وخرجت ،
ريَّان يصفق لها ب ُسخرية : برافو طلع لك لسان والله من سيادة الفريق
سلطان !! سلطان هذا اللي تحتمين فيه رماك وال كان أتصل من زمان ،
بيعدي شهر وإثنين وثالثة وورقة طالقِك بتشِِّرف .. ومحد بيبقى لك إال
أحنا .. أهلك .. فحاولي ماتخسرينا زي ماأنتي الحين تخسرين أمي!
ال ُجوهرة بنبرةٍ هادئة مبحوحة : ما رماني ، و أنا عندي لسان قبل ال
أشوف هالسلطان اللي مرة مسبب لك أزمة !! بس أحترمتك يا ريان
وأحترمت أنك أخوي الكبير بما فيه الكفاية لكن بديت تغلط علي كثير وأنا
ي بكلمة حلوة
ماعاد أتح َّمل كالِمك اللي ُعمرك ماطلعت ل !!
ريَّان : وغصبًا عنك يا ماما بتحترميني .. ماهو كرم وال تف ُّضل منك ..
وخرج هو اآلخر ،
الجوهرة بقي ت واقِفة لوحدها وال ترى أح ًدا يُشاركها الحزن اآلن ، الجميع
ي منك يا سلطان
بات يتش َّم . ت ب
،
ُمختبىء خلف الب ُرود
أرتفع أذان المغر ب ، و مازال الهُدوء و الغضب ال





يُحطيهم.
عبير بهُدوء : يبه ما قلت لنا وش سويت بباريس ؟
عبدالرحمن : شغل وش بسوي غيره يعني!
رتيل رفعت عينها لواِلدها ، و عبير تُشاركها نظرات " الكذب و الشك و
"
ُربما اإلستحقار
عبدالرحمن و من نظراتِهم باغته شك : وش صاير لكم ؟ تركتكم أسبوع
ورجعت كل شيء محتاس !! ال أنتم بناتي اللي متعود عليهم وال شيء
عبير تشر ب من كأس الماء : سالمتِك بس كذا بناتك نفسيات
ي زيين ماني أصغر عيالك
عبدالرحمن بحدة : تكلمي معا
عبير ببرود : كيف أتكلم يعني ؟ سألتني وجاوبتك
عبدالرحمن رفع حاجبه : يعني هذا أسلوب تكلميني فيه ؟
ُمبطنة التي ترمق بها عبير
رتيل الصامتة الهادئة الحزينة تُراقب الكلمات ال
لوالدها و عينا ُها متو ِِّرمة بالبُكاء.
عبير تن َّهدت : الحمدلله .. وقفت ولكن حدة صو ِت والدها جعلتها تثب ُت في
مكانها : عبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــر!!
عبدالرحمن بغضب : أ ُشوف طالعة بحكي جديد ؟؟ خير إن شاء الله ؟
عبير بصو ٍت ُمرتجف :آسفة
عبدالرحمن بهُدوء : وش صاير لك ؟
رتيل ونطقت أخي ًرا : قولي له .. مو قل ِت بتقولين له!!
عبدالرحمن وأنظاره تتجه لرتيل : عن ؟
رتيل ببرود : عن الزواج اللي صار بالخش والد ِّس
عبدالرحمن توقفت عيناه عن الرمش غير ُمصِدق بأ َّن عبدالعزيز قد
يُخبرهم عن زواجه بإحدى إبنت يه ، غير ُمصِدق بأ َّن عبدالعزيز يفعلها معه
، صعبة على نف ِسه بأن يتقبَّلها من عزيز . . ولكن األصعب كيف يقنعُهم
قنعك بعبدالعزيز
ُ
بهذا الزواج !!! يالله يا رتيل كيف سأ !
بحزٍم أردف . . .
،





ِق للنقاش ال ِ
ال أحاديث تُذ َكر بين ُهم ، الصم ت يحكُم شفا ِههم ، و طري ٌق ضي
يُفتح اآلن.
أرتشف من القهَوة الدا ِكنة و عيناه تح ِكي الكثير و لكن ال ر ِّد من الطرف
اآلخر!
سلطان : ما طفشت من الحكي ؟
عبدالعزيز ُرغما عنه أبتسم : مررة
سلطان تن َّهد : ماتبي تحكي شي ؟ يعني يخص الشغل .. يخصك ؟
ِن قهوتِه : أستسلمت منكم
عبدالعزيز بهُدوء وعيناه تغر ُق في فنجا
سلطان : إحنا ؟
عبدالعزيز : لألسف ،
سلطان ضحك : وبعد ؟
مت أمري و فكرت
َّ
عبدالعزيز : سل
سلطان بهُدوء : وش وصلت له ؟
عبدالعزيز يُحرك ُمربعات السكر ال ن ُمغلفة على الطاولة و يضع حبت ي
أخرى بعيدة : أنه المربع
باألمام ليتش َّكل ُمستطيل وحبَّة في الوسط وحبةٌ
ي ِضل ُجزء من المستطيل و أنه المستطيل مايقدر يستغني عن ال ! ُمربع
ِّي عبدالعزيز ، يُشبه واِلده كثي ًرا حتى طريقة
سلطان و يُمعن النظر في عين
" داهية "
تفكيره ، ذكي مهما أنكسر وضِعف يبقى
عبدالعزيز : أنا مقدر أطلع منكم و أنتم ماتقدرون تستغنون عني ..
سل َطان بنبرةٍ خافتة : وهذا الصح
آخر :
ٍ
ُمستطيل ُمربع
عبدالعزيز بإبتسامة ونبرةِ ُسخرية وهو يضع فوق ال
ُمربع
لكن ممكن المستطيل يقمع ال
ُمربع ا
سلطان يأخذُ لجديد بينهم ُمربع الس َكر منه ويُزيح المربعين ليُلصق ال
ُمربع يثبت نفسه ويكون ُمستطيل
: لكن يقدر ال
عبدالعزيز رفع عينه لسلطان : و كيف ؟
ِش وتقدر ،
سلطان : كون صبُور مهما أستف ِّزتك األحداث اللي حولك ، طنِّ
ال ترمي كل شيء عشان كلمة أو عشان موقف ! خلك دايم ثابت والبقية هم





اللي يتحركون التكون أنت اللي يتحرك حسب مالظروف تبي !! أوقف
بوجه كل شيء يواجهك وخلك ثابت!!
َرد ت ،
عبدالعزيز يرتش ُف من قهوته التي ب
سلطان : وين جلست باليومين اللي غبت فيها ؟
عبدالعزيز : أول يوم مالقيت مكان وجاني أرق ، كل مارحت مكان قالوا
الزم عوائل
سلطان أبتسم حتى بانت صفة أسنانه العليا : كان الزم تعرف قوانين بلدك
عبدالعزيز : وش يعرفني أنه ماينفع العزابية يسكنون بالفنادق بعد!!
سلطان : على حسب الفندق
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها
شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت
أرجع!
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن ألن هذا مكانك الصح
نظر لهاتفه الذي يهتز إثر رسالة ، قرأ " تُركي في مزرعتك طال ُعمرك
"
،
.
أنتهى
نلتِقي بإذن الكريم - الخميس-
منوريني جميعًا بكل صفحاتي الشخصية برا المنتدى()





التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ُمسلمين
ِوك وعدونـا و أحفظ بالِدنا وبالد ال
عد .
+و أي ًضا ال ننسى عظمة اإلستغفار.
*بحفظ الرحمن.
الجزء )

)
أن ِت لي . . أن ِت حزني وأن ِت الفرح
أن ِت جرحي وقوس قزح
أن ِت قيدي وحِِّريتي
أنت طيني وأسطورتي
أن ِت لي . . أن ِت لي . . بجراح ك
كل جرح حديق ه. !
أنت لي .. أنت لي .. بنواحك
كل صوت حقيق ه.
أنت شمسي التي تنطفئ
أنت ليلي الذي يشتعل
أن ِت موتي , وأنت حياتي “
مح ُمود درويش
*





،
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها
شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت
أرجع!
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن ألن هذا مكانك الصح
" تُركي في مزرعتك طال
نظر لهاتفه الذي يهتز على الطاولة إثر رسالة ،
ُعمرك "
رفع عينه لعبدالعزيز : نمشي ؟
عبدالعزيز وقف : إيه
خر ُجوا من إحدى المقا ِهي على شارع التحلية الصاخب ، ك ٌل على سيارتِه
ِل إنزوا ِء ُسكانِه ، نظراتِه أرتفعت
ُمنز ِوي بمث
، ذهب البائس حي ُث الح ِّي ال
ا ، أفل
لنافِذتها ال س من هذه ال ُدنيا ولم ُمظِلمة و ستا ٌر يُغ ِطيها ، أخذ نف ًسا عميقً
تعُد من أحالمه – الغنى –
أقِف ؟ الحياةُ تسير كـ رمش ِة عين و ما زلت ُمتغير ُمتحرك حي ُث ما
َ
ِلم
حوِلي يُريدون ، ال عائلتِي سيعُودون و ال أنـا سأفرح ، يجب أن أنسى
، سأنسى مثل ما ينسى
"
مو ت أعصابي
"
َّف أمُر نسيانهم
حتى لو كل
الجميع إال أنني سأحتفظ بقل ٍب ال يرى سوى الغائبين من على هذه األرض
، غا َدة و هديل و أبي و أمي . . أنتُم في ُحجرةٍ من قلبي ال تنك ِسر و البقية
ال ي ُهم.
ال ي ُهم ، مثل ما وهب سلطان حياته للعمل سأبذل كل طاقتِي فيه و سأنشغل
َي سلطان ومن قبِله عبدالرحمن بن خالد ،
وأنسى كما نس سأنسى و هذا
وعٌد لقلبِي.
،





قبل ساعت ين و

دقيقة ُمربِكة ، غير ُمصِدق لما يُحدث مع إبنت يه ، كيف
ُّي
ُمحكم في سال ِسل األل ُسن ، أ
كشف عبدالعزيز ال ِخ َمار عن هذا الزواج ال
ُّي صفعٍة ستتح َّمل رتيل ؟
جوا ٍب ُمقنع يمسح به ش ُحوب قل ِب رتيل ؟ أ
ِصبـا ذابت ك
أحالُم عليه ال
ما ال ُسكر يذُو ِب في س ُخون ِة الكأس ، كان سهالً
ِق ُعذر يُبعد هذه الش ُكوك أو
أن يُقنع عبير ولكن يقف اآلن عا ِج ًزا عن خل
ِن به ،
ُربما اليقين الذي يجزما
السلطة الخضراء :
ِ
رتيل ببرود ِغير ُمبالي و ِهي تدف ُن الملعقة في قاع
ضي
أتسعت محاجره و شفت يه تثبت ، راحة بسيطة تسللت إلى قلبه فأمُر ضي ٌ
ِن أمام فا ِجعتها بعبدالعزيز ،
هيِّ
عبير بقهر : الله أعلم من متى متزوجها
رفع عينه على إبنته الواقفة و الِذي يُفترض أن ت ُكن أكثر أدبًا : لو
متزوجها من قبل التنولدين ؟ وش بتسوين يعني ؟
رتيل بإستنكار و غضب سقطت الملعقة من بين أصبع يها على أرضية
مي الله يرحمها ؟
ُ
ال ُرخام : متزوجها أيام أ
عبدالرحمن بهُدوء : ماتالحظون أنكم نسيتوا أنفسكم وجالسين تحاسبوني ؟
عبير أنفا ُسها تضطرب : مانحاسبك ! بس ليه دايم إحنا على هامشك ؟ ليه
دايم إحنا مالنا حق نسألك أو حتى نشاركك القرار ؟ هذي حياتنا زي ماهي
حياتك .. ليه دايم إحنا مالنا كلمة وال حق اإلختيار .. ليه دايم إحنا ننجبر
وغصبًا عنَّا مانناقشك!
رتيل بهُدوء : تزوجت ماتزوجت مايهمني !! دامك فصلت حياتك عنَّا فما
لنا حق نحاسبك بحياتِك أنت وأنت بروحك
عبدالرحمن بح َّدة : تكلمي زين أن ِت وياهاا !! أنا الحين حاطكم على
الهامش ؟
صرخ بعبير : انا كذا ؟ يعني أنا مق ِِّصر و ماني سائِل عنكم ؟
عبير حاجتها للبُكاء من بؤ ٍس تراكم على قلبها جعلت هدب يها يرتجفَان
َمى الدُموع على خِدها ، أردفت بخفُوت : طيب ليه ؟
لتترا
عبدالرحمن : هذا شيء وأنتهى ماراح أجلس أبرر لك عشان تقتنعين!





عبير أطبقت فك يها المرتجفة فوق بع ِضها لتش َّد عليها وكأنها ستطحن
أسنانها من قهرها : ما طلبت منك تبرير ! بس ليه تفصل حياتك عن حياتنا
! إحنا مانستاهل هالحياة !! . . بكرا راح تتحاسب على بناتك .. على كل
نبي
قهر ذقناه و أنت تبني حياتك مع وحدة ماندري مين وال حتى أصالً
نعرف مين !!! ما طلبنا منك المستحيل .. بس زي ما أنت تعيش حياتك
أتركنا إحنا نعيشها خلنا نبكي منها وال نبكي منك .. خلنا ننقهر ونضيق
ونطيح في مصايبها بس نتعلم .. ال تحبسنا ..
رتيل بصو ٍت هادىء ُموجع : مايفيد ؟ لو تقولي الحين روحي يا رتيل
وعيشي زي ماتبين .. ماراح يفيدني بشي ؟

سنة مَّرت و أنا ما أعرف
وش يعني صداقة و ال ناس ومناسبات .. تبي تعلمني الحين كيف أصادق
غير بنات ربعك !! أعدد لك كم بنت صادقتها وأطول فترة صادقتها فيها ؟
هي وحدة .. وكورس واحد وجيتني قلت هالبنت التختلطين معها ..والحين
هيفاء !! وطبعًا ألنها بنت بو منصور وال كان قطعت عالقتي فيها من
زمان ... ال تقولنا ماني مق ِِّصر .. أنت علمتنا كيف نفقد ثقتنا بهالناس كلهم
و نبعد ؟ بس ما علمتنا كيف نعيش ب ُدون صداقة .. بدون أهل .. بدون أم
.. بدون . . . أب طبيعي!!
عبير بإقتناع في حديث رتيل أردفت : حياتك مع اللي إسمها ضي تخصك
أنت بروحك .. ال تخلط بيننا و عيش مثل ما تبي وإحنا بعد راح نموت
مثل مانبي . . . وصعد ت لغُرفتها بخطوا ٍت سريعة و دُموعها تُسارع
ُخطاها.
رتيل أخفضت نظرها ب ُسخرية ُمبكية : بتعلمنا كيف ن ُموت و ببطولة ؟
وبننهي هالمثالية اللي عايشين فيها !!
عبدالرحمن و تواطؤ اراء رتيل مع عبير يُثير في داخله أل ف كدمةُ حزن ،
، ألهذه الدرجة الحياة
" الموت "
لم يتفقَا طوال حيات ُهما و اآلن يتفقان على
ي ؟ ُخفت الفُقد ! لم
ُهنا جحيم ؟ ألهذه الدرجة تكد َّست الهُموم في قلب إبنت
ي أتح َّمل فكرةُ أن أفقُد أحٌد ِمن ُكما . لبقي ت غير
. لو أن أسجنكما في عين
ب في نفسي ُكلما
ُّ
ُمطمئِنًا أي ًضا ، ليت ُكما تُدركان الخطر و الرهبة التي تد
ِرعنا ؟ ، كم حقي ًرا يُلطخ ُطرقنا ؟ ، كم
يسي ُر بشوا
" كم ضاالً
فكر ُت في





ُطمئن نفسي كما تُحبان
حاولت أن أ
ُمجر ًما ي ُدوس على أعراضنا ؟ . . "
ولكن أي ًضا فشلت ، أنا غير قاِدر على جمعُكم ب ُمجتمع يكس ُر غص ُن األنثى
ُكما
بِ
ٍ
ِ ضلع
و أنا أخاف على إنعواج . .
ي واِلدها اليائسة ، بنظرا ِت واِلدها سقطت
رتيل رفعت عيناها لتلتِقي بعين
دُموعها : آسفة ، . . . . برجفة شفت يها نطقت : مانبي نضايقك ، نعرف
أنك تتعب عشانا بس يبه ضقنا .. ضقنا حيييل ماعاد نقدر نكتم أكثر .. لما
عرفت عبير عن الموضوع وهي تبي تجيب الكام من غرفتك .. تخيَّل أنه
عبير جرحتني بكالمها وطلعتني وال شيء .. عبير اللي مستحيل تنفجر
بوجه أحد .. أنفجرت فيني . .
بلعت ريقها وهي تنظ ُر لواِلدها بإنكسار : يشوفوني رخيصة مالي فايدة
بهالحياة .. ماني معارضة زواجك من حقك تعيش لكن إحنا يبه نبي نعيش
.. كفاية والله كفاية .. أنا ندمانة قد شعر راسي على كل شي سويته وأنا
أعصي أوامرك .. كل شيء ندمانة عليه .. ألني الحين عرفت سبب
أوامرك .. ألني الحين عرفت كيف عصيانك يخليني رخيصة !! بس . ..
ماأحملك شي ،كلها أغالطي بس لوال أوامرك اللي خلتني احس بالنقص
قدام ناس كثير ماكان سويت كذا !! لوال أقنعتني صح بقوانينك ما وصلت
لهالمرحلة وال وصلت عبير لهالشيء !!
ُخطى هزيلة لتُقبله بين حاجب يه و تدف ُن مالِمحهها على كتِفه و
أقتربت بِ
عبدالرحمن وضع ذراعه خلف ظهِر تُب ِكي بإنسياب ، ها اليعر ُف كيف
يُربت أو يُخفف حزنها ، لوهل ٍة شعر بأنه عاجز عن ُكل شيء و ال شيء
يستحق بأن يُغلف الحزن هدايـا السماء لقلبه.
رتيل بصو ٍت مخنوق : آسفة
ُم ُحز ٍن : حاولت ... حاولت يا رتيل أسعدكم بس
َّط ُع ب ِسها
والدها بصو ٍت يتق
واضح أني مقدرت
رتيل وقفت بقدم يها كاملة بعد أن أعتلت أطرافها حتى ت ِصل لجبي ن واِلدها
ُمتبقي و التي لم تخرج من ُحبِه خائبة :
، غرز ت رأ ِسها في صدِر حبيبها ال
يكفي أنك موجود هنا . .





،
ِزه
آخر ، يعر ُف أ َّن تُركي سيستف
ٍ
ُمت ِسعة لقتا ٍل من نوع
د َخل مزرعتِه ال
مهُ للسائِق ، رمى ًء بحقيق
َّ
سوا ة أو كذبة لذلك أخرج السالح من جيبه و سل
ِنها مفر ُش ال ُكورشيه ، َسار
مفاتيحه و هاتفه على الطاولة الخشبية التِي يُزيِّ
بخطوا ٍت هادئة خافتة غاضبة حاقدة مش ُحونة ب ُكل شيٍء بائس ، فتح باب
عيناهُ بالال ِص الغُرف ِة الخلفية الخاصة بأدوا ِت الزراعة و الحراثة ، ألتقت ق
ُط عينا تُركي ، تمتم في داخله " أستغفرك ربي من كل ذن ٍب فعلته
الِذي يرب
أعلمه أو جهلته "
وقف خلفه وفتح الال ِصق بش َّدة جعلت الهاالت الحمراء تُقيم حول عيناه ،
سلطان بنظرا ٍت ساخرة حادة : يا أهالً
تُركي بلع ريقه و جسِده النحيل ال يبة مالمحه التي تتف َّجر ُمهتَّز يُثير ر
بالبياض الشا ِحب ،
سلطان فتح قيِده من على يِد يه و قدم يه ، ش َّده من كتفه ليُوقفه و بغضب :
ي . . . وبالتفصيل
ال تلف وال تدور ، اللي سويته مع بنت أخوك تقوله ل
تُركي بنبرةٍ ُمتعبة : ما سويـ
لم يُكمل من صفعٍة أدَمت شفت يه : كذب ماأبغى ... ترك كتفيه ليُرمى على
الكر ِسي الخشبي الِذي مال به حتى سقط على ظهره
،
سلطان شد ال ُكرسي له وجلس : ال تحسب أنك بتفلت ، طبعًا تترحم على
نفسك مني وبعدها الهيئة تعرف تتصرف معاك!!!
تُركي بمر ٍض يُجاهد أن يتمسك به ، ال شيء يراه سَوى ال ُجوهرة و عشق
ال ُجوهرة ، حبه و هي تُحبني ، هذه الحقيقة
ُ
وكل شيٍء ينحِدر من ال ُجوهرة أ
يجب أن يعلمها الجميع و يجب أن نٌدافع عنها حتى تُثبت في عقُول من
حولنا ،
أردف : هي تحبني .. وراضية
سلطان بغضب وقف ورمى الكرسي عليه لتنك ِسر إحدى سيقان الخش ب
عليه وتجر ُح جبين تُركي : مين اللي راضية ؟ .. صرخ : مين ؟





ِم قلبه : أنت ماتحبها .. انا بس
تُركي واليشعُر بهذا األلم الجسدي مثل أل
ي انا .. معاي أنا .. محد بيوقف معها إال أنا ..
اللي أحبها .. حياتها معا
محد بـ
ده من األر ِض ويُثبته على الجدار : قلت تحبها ؟ ؟
سلطان أنحنى عليه ليش ُّ
تُركي بغضب : و أعشقها
سلطان أبعد رأسه عن الجدار ليدفعه بقوة ناحيتِه : تعشق مين ؟
ٍر تام و مو ٌت لقلبه وعقله الِذي بات مشلول ال يستطيع أن يُفكر
تُركي بإنهيا
ي أنا بروحي
بما يجب أو بما يُح َّرم عليه : أعشق الجوهرة .. الجوهرة ل
سلطان وشِِّده من ياق ِة ثوبته ليدفعه للجهة اليُمنى و يتحطم من جسِد تُركي
ُزجاج النافِذة وبصرخة حارقة : بنت أخوووك !! من لحمك ودمك يا
*****
ُمتناثرة حوله : أنا أحبها و راح نقدر
ال ُزجاج ال
ِ
تُركي و جسِده يُخدش بقطع
نعيش بدونكم .. إحنا لبعض الزم تعرف أنها ماهي لك .. ماهي لك ... هي
وافقت عليك غصبًا عنها .. تبيني أنا .. رفضت مليون واحد قبلك عشاني
.. عشاني أنا .. و أنا أحبها
ِت :
ًء من لسانه الميِّ
سلطان تمنَى لو أنه لم يترك سالحه حتى يقتله إبتدا
أغتصبتها ؟ أغتصبت بنت أخوك ؟
تُركي بجنُون : ألنها حقي .. حقي أنا
ده من شعره الطويل و ثبَّت ذقنه عند
سلطان وأعصابه تلفت ، تق َّدم إليه ليش ُّ
ُمعلق : يعني أغتصبتها ؟
حافة حو ُض المياه الحا َّرة ال
تُركي وال يُبالي بشيء حتى المياه التي يتصاع ُد ُدخانِها : أنا أول رجال في
حياتها وآخر ر َّجال .. ال أنت وال غيرك راح يقدرون يلمسون شعرة منها
.. هي لـي أنـ
األشجار و ينعِو أغرقه سلطان بحو ٍض تذُوب به أغصا ُن ُج به سل ُك المعدن
ِر ُق بال ُحمرة
ُمتماسك ، أغرقه و مالِمحه تحت
ال
تُركي بصرخة : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
سلطان يرفع عن المياه : تعرف وش راح يسوون فيك ؟ بتهمة اإلغتصاب
والتحرش طوال الـ
سنوات ممكن يحكمون عليك بالقصاص وبأقرب





وقت.
تُركي بإستفزاز لسلطان وعيناه يتج َّم ُع بها دمٌع أحمر : أموت وياها
سلطان لكمه على عينِه : أنا أعلمك كيف ت ُموت وياها ،
ُخرى ، ضغط على زٍر لتتح َّرك أعوا ٌد من
ج ِّر شعره إلى أن و َصل لزاوي ٍة أ
معدن
الحديد متينة تصطد م ية بسلسة من الحديد أي ًضا ، لو وضع قطعةٌ
لتفتت بهذه اآللة ،
ُمخيفة ،
تُركي أتسعت محاجره الحمراء وهو ينظ ُر لحركِة اآللة ال
ِرقة : تقولي كل شيء
سلطان وضع ذراع تُركي على طاولة األلمنيُوم الحا
وال بتوِِّدع أصابعك!!
تُركي : طلقها هي مـا
سلطان يُقرب الفكوك الحديدية منه : جاوب على قد السؤال
تُركي وينظ ُر لهذه اآللة التي تقترب : هي جتني
سلطان : كيف ؟ .. بصرخة أردف : تكلم زي الناس
تُركي برجفة : كانت قريبة مني حيل و بوقتها كانت راجعة من عرس و
عندها إختبارات الثانوية .. راح عبدالمحسن وزوجته للرياض وتركوها
عندي أنا وريان .. شفتها و .. . . هي أغوتني .. هي اللي جتني في ذيك
الليلة وقالت لي محد موجود و أننا نقدر نعيش زي مانبي .. و إحنا نحب
بعض ..
سنين إحنا نحب بعض ومحد له عالقة فينا .. رفضت كل اللي
جوها عشاني .. و لما جيت أنت ضغط عليها أبوها وريان و وافقت و ..
حتى قبل كم أسبوع جيتها في بيتك .. و ودعتني وقالت بأقرب وقت راح آ
. .
لم يُكمل من لكمٍة في أنفه جعلته يسقط على األرض وهو يتذ َكر ذاك اليوم
التي أمتأل ُعنِقها ب ُحمرةِ قُ . بالتها ، لو أنِي ذبحتها في يومها لكان أف َضل
تُركي : إذا هي داشرة أنا وش دخلني ؟ أنا زيي زي غيري نشوف بنت
أكيد بـ
المسامير
حذف عليه علبة لتنزف مالِمح تُركي من ُكل جانب ، ش ِّده من ُ
رقبته ليُوقفه وحرارةِ أنفاس سلطان تكاد تحرقُه من جديد : تشوف بنت
تآكل تبن و ماتقرب لها .....





دفعه على األرض الممتلئة بالمسامير : هالحكي بتقوله قدامها عشان تنذبح
وراها ....
ُمثبتة على األر ِض ِر ُس عليه ، أقترب من الط
خرج و و َّصى الحا اولة ال
الخضراء المزروعة ، أخذ هاتفه و ضغط على " الجوهرة "
ِها أسفَل خِدها ، تنظ ُر لهاتِفها
في البُكاء الصامت الخافت و كفِّ
ِهي غارقةُ
الذي يهت ُز على الطاولة ، تجاهلته وهي تتأمله.
حتى أرتعشت
سلطان "
دقائِق حتى مَّدت يِدها بضيق و ما إن قرأت "
أطرافِها و قلبُها ينتفض ويعل ُق بقف ٍص هزيل ُمتعب ، ر َّدت برجفة و ُدون
أن تن ِطق شيء و أنفا ِسها ال . ُمرتفعة هي من ت ِصل إلى مسا ِمع سلطان
سلطان بح َّدة : تجهزين نفسك بكرا الصبح تكونين عند الباب
ال ُجوهرة بهُدوء : أتفقنا على الطالق
سلطان بصرخة ألجمت الجوهرة : طالق يآخذك لجهنم الحمرا أن ِت وياه ..
تشوفين حل مع أبوك مع أي زفت عندك والساعة
أن ِت عند الباب ...
وأغلقه.
سلطان وضع سالحه في جيبِه و مفاتيحه و . . . . أتجه حي ُث طريق
الشرقية ،
يطلبنِي وهو قد
َ
ُهناك أرتطم فك يها ربكة و خو ف ، سيقتلني ال ُمحال .. ِلم
ي أتفق على ، لو لم أخرج له سيفضحني ِعند
الطالق مع أبي ؟ ماذا يُريد ب
قنعه ! لن يوافق ولن يست ِطع سلطان أن
ُ
مي و ريَّــان ، لكن أبي ؟ كيف أ
ُ
أ
ِي
يجبُرني ولكن سي ِصل بنا إلى ُطرق مسدودة !! ستنتهي عالقا ٍت كثيرة منِّ
يُريد أن يراني ؟ ُربما لم
ِه ، إن كان يُريد الطالق إذا ِلم ي من ثقب َ
ينت
جسِدي بكدماتِه ، يالله يا سلطان كيف تُريدني أن أخر ُج لك ُدون علم أحد
؟
،
على أطرا ف القصيم ، جسِدها ُمتعب من السيارة التي كس َرت ظهِرها ،
كتب ت له العنوان : هذا هو





يُوسف : طيب على مانوصل حايل بتكون الساعة
والناس نايمة
ُمهرة و ال فكرةً لد ف ِكر ، تن َّهدت : وش نسوي ؟
يها أو ُربما ال تُريد أن تُ
يُوسف بإرهاق : ننام في القصيم وبعدها نمشي لحايل
ُمهرة : طيب
ُوا ألو ِل فُندق واجههم على الطريق ، يُوسف :
دقائِق طويلة حتى وصل
بشوف إذا فيه ُغرف فاضية .. نزل وتركها تغرق في تفكيرها.
تأملتهُ حتى دخل ، وضعت كِفِّها على بطنها و هي تدعي بأن يصرف عنها
ُمناسب
السوء ، مشاعر ُمتشابكة ُملخبطة و األكيد أ َّن يُوسف ليس بالزوج ال
لها.
كيف ستشرح لوالدتها الموضوع بأسلو ٍب سلس يُقنعها ؟ يالله ُكن معي و
أحميني من عباِدك الضالين ،
تقليدي إعتياد ي تُف ِكر لو تق َّدم لها يُوسف في ظرو ٍف أجمل ؟ ، هل
كـ زواجٍ
كانت ستوافق عليه ؟
ُربما أل ولكن ماهي أسبابي ؟ الدراسة ليست حجة ُمقنعة ، ذو أخالق و
طيِّ . ِـب و . . . جميل
ُخدع
عقدت حاجب يها من تفكيرها فيه وفي صفاتِه ، سيء . . ُربما كنت سأ
به و بصفاتِه هذه ، هزِلي ال يحتِم ُل الج ِّد كان سيقهرني كثي ًرا في تصرفاتِه
ُخاِلط ُهم و
الهزليـة و لن أتح َّمل ، أي ًضا عائلته ليست بتلك الجمال حتى أ
ٌم يقتُلني أن تُحاصرني ُغرفة واحدة
يجتمع مع أخيه تحت سق ٍف واحد و نظا
أو ُربما جناح ولكن أي ًضا ال تكفي حتى أرتاح في منزلي.
ال شيء في يُوسف يُغري للحياة معه ، ألتفتت على الباب الِذي يُفتح : لقيت
غرفة
نزال معًا متوجهين للطابق الرابع حي ُث ُغرفتهم الفندقـية ، يُوسف رمى
ِهًدا براحة حتى أنه لم ينزع
نفسه على السرير وفي المنتصف أي ًضا ، ُمتن
حذائه.
ا :
ُمهرة تتأمل لثواني معدودة الغرفة الضيـقة نو ًعا ما ، أخذت نف ًسا عميقً
ممكن تخليني أنام ؟
يُوسف بصو ٍت ناعس : أفصخي جزمتي وببعد





ُمهرة بعصبية : نعععععععم ؟
يُوسف : زوجك !! ماراح ينزل من قدرك شي
ُمهرة : ماأنحني لك
يُوسف ب ُسخرية : يامال الضعفة والله .. أقري وتثقفي وش كانوا يسوون
نساء الرسول عليه الصالة والسالم
ُمهرة تكتفت : عائشة رضي الله عنها قالت عن الرسول صلى الله عليه
وسلم كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ..
يُوسف بعناد وضع الوسائد أسفَل رأسه و أغمض عين يه.
ُمهرة بجدية : من جدك بتنام ؟ طيب وأنا وين أنام ؟ حتى مافيه كنبة هنا !!
بعدين تعبت من الطريق ... قوم
يُوسف وال ير ُد عليها ،
ُمهرة تن َّهدت بغضب لتجلس على طرف السرير و تنزع طرحتها و تضعها
على الطاولة ، أردفت : يعني كيف ماأنام اليوم ؟ ترى دعوة الصايم مجابة
يوسف وهو ُمغمض عين يه : منتي بروحك صايمة حتى أنا صايم
ُمهرة وقفت لتنزع عبايتها ، رفعتها وبإرتفاعها بدأت بلوزتها الليلكية
باإلرتفاع ، فتحت عيناها و نظرات يُوسف الضاحكة جعلتها تعض شفتِها
و ترمي عليه العباءة : قليل أدب
يُوسف صخب بضحكتِه : ههههههههههههههههههههههه تصبحين على
خير
ُمهرة تفتح شعرها و تسحب وسادة أسفَل رأسه لتستلقي بجانبه ولو أزاحت
قليال لسقطت من السرير ،
ِر ًكا
يُوسف الناعس أستعَدل بجلسته ليرمي حذاءه عند الباب و يعُود تا
َما و ُظهو ِرهم تُقابل بعض
مجاال واسعًا ل . ُمهرة ، نا
،
أشرقت شم ٌس خجلى تُداعب ال ُسحب في سمـاء المملكـة الـعربيـة الفاتـنة ،
مه ، يع ُض ُجد
ُ
طف ٌل يُريد الحيـاة و قلبُه ينب ُض برق ٍة نحو أ ران ِرحمها طالبًا





ِب العذب ، ما كان
ُظر لحبيبها األَّو ُل و األخير ، زو ُجهـا الطيِّ
ال ُدنيـا ، تن
ُعلمه كيف تجع ُل ال ُحب يختارك بالزواج و
ال ُحب يو ًما إختيا ًرا ، طفِلي سأ
ُعلمه كيف الجنـة تتسع
أ َّن من يختار ال ُحب له نا ٌر في يوٍم الريب فيه ، سأ
لل علمه كيف الحياة جميلة بالحالل و برضا الله ، ُمتحابين في الله ،
ُ
سأ
ُعلمه كيف أن ُظلم النفس شدي ًدا وال ي ُكون ُظلم النفس اال بمعصية الله ،
سأ
ُعلمه كيف أ َّن الجن ٍة ُطِرد منها آدم بسبب تُفاح ٍة فال تُتقل القول ويفل ُت
سأ
ُحب واِلده و كيف أنتظرناه ؟
منك الفو ُز العظيم ، سأ علمه ُعلمه كيف أ
ُ
سأ
ُعلمه
ُعلمه كيف أ َّن كثرة األصدقاء شقاء ، سأ
كيف يتفادى الخيبات ؟ سأ
عن البهجة و الدهشة .. وكل األشياء المل . ِِّونــة الجميلة
أمام المرآة يُعِِّدل " نسفة " غترتِه ، بصو ٍت هادىء : يمكن اليوم أتأخر
بالدوام ألن يوسف ماهو موجود
ُمضيئة ُحبًا ، وضعت كِفِّها على بطنها :
نجالء تنظ ُر له بلمعٍة عين يها ال
منصور
منصور و عيناه على المرآة : همممم
نجالء بفرحة عظيمة ُرغم كل األلم الذي تشعُر به و التقلصات في بطنِها ،
ا و رهبةً و فرحةً وبهمس : بُولد
دَّمعت عينها خوفً
منصور ألتفت عليها ليسِقط " عقاله " : وشششش ؟
نجالء و دمعتها تسقط و برهبة من التجربة األولى و ربكة : آآ .. مدري
ألم والدة وال شيء ثاني ؟ .. أنحنت بظهرها قليال من شدة األلم
منصور أخذ عقاله ، و بمثل ربكتها : لحظة !! هو فيه فرق باأللم ؟
نجالء بتوتر : منصوووور
منصور حك جبينه : يعني نروح المستشفى ؟
نجالء : لحظة .. راح .. ألأل
منصور بعصبية : كان الزم نآخذ ورقة مكتوب فيها كيف نعرف أنه هذا
ألم دلع وال ألم طلق
نجالء بإبتسامة شقية في كومِة ألمها : ماوِِّدك تآخذ ورقة بعد مكتوب فـ ..
لم تُكمل من ألٍم شعر ت وكأنه سهٌم ينغرز بها .. آآآه
ُمتكِِّور وبهمس : بتولدين .
منصور يجلس عند ركبت يها وعيناه على بطنِها ال





. ق َّرب شفت يه من كف يها التي تُحيط بطنها ، قبَّلها : ثواني . . أخذ عبايت ها و
. . . ربكة كبيرة تطفُو على ُمحيطهم ، إنه الطفل األول ، الضحكة األولى
َّم ِم ن
طفَ ٍة ثُ
َّم ِم ن نُ
َرا ٍب ثُ
ِذي َخلَقَ ُك م ِم ن تُ
َّ
" ُه َّم يُ خِر ُج ُك م ِط فًال َو ال
، و
ٍة ثُ
َعلَقَ
َجًال
َ
ُغُوا أ
ى ِم ن قَ ب ُل َوِلتَ بل
ٰ
َوفَّ
َو ِم ن ُك م َم ن يُتَ
َّم ِلتَ ُكونُوا ُشيُو ًخاۚ
ُش َّد ُك م ثُ
َ
ُغُوا أ
َّم ِلتَ بل
ثُ
ِ
ُو َن " يا عذُوبـة النطق األول و ماما / بابا من فٍم ُمتغنج
عِقل
ُك م تَ
َّ
ل
مى َولَعَ
ًّ
ُم َس
، يا سيال ُن ال . ُط بالبراءة هر في أحشائِي ، يا طفلي
،
أقترب ت من طر ِف ُحفرةٍ عميقـة ترِمي بجمرا ٍت من نار بيضاء و ُدخا ٌن
ِرٌد يتصاع ُد ِمنها ، خلخلت أصاب ُع اليمين باليسار لت ُضم كف يها نحو
با
بار َدة تستق ُر في القاع و
صدِرها و عيناها تسق ُط دُمو ًعا كـ ُحبيبا ِت ثلجٍ
تُشع خرى
ُ
ل النيران مرةً أ .
ُء يُداعب شعر ِهـا البُندقي ، و .. تكاد تنزل ق ، يذُوب الصخ ُر بجانِب
الهوا
قدم يها لحمٍم بُركانيـة ، أنـا أنزلق.
أفاقت و أنفاسها تعتِلي سقف ُغرفتها ، صدرها يهبط و يرتفع بش َّدةٍ تختر ُق
ُمنتفض ،
قلبها ال
بللت شفت يها الجافة بلسانِها و هي حولها ، لطالما آمن ُت برسائِل
َ
تنظ ُر ِلم
القدر وأ َّن ال ُصدف وسيلة لهذا القدر.
، أؤمن
رسالة من الله "
"
لت بأ َّن كل كلمٍة تسقط عليها عيني هي
لطالما قُ
بكل هذا.
الله غير را ٍض عنِي ، الله يُمهلنِي وقتًا ولكن ال ي ُهملني ، الله يُريد التوبة
لي كما يُريد التوبة لعباده ولكن لن ينق ُص منه شيئًا ولن يضره إن كفرنـا به
َّا ونح ُن الفقرا ِء إليه ، الله لم يُوحي لي بهذا الحلم إال لسبب ،
ٌي عنـ
فهو غن
الله لم يجعلني أقرأ ذاك الكتاب اال لسبب ، الله لم يجعلنِي أدخل ذاك
الموقع و المنتدى إال لسبب .. الله لم يُبقيني حيَّـة إلى اآلن إال لحكمٍة و ُربما
، ُربما هذه خاتِمتي . .
ي ُحسن الخاتمة "
" الله يُريد ل
حسب عقلي الصغير
ُح ِِّضر آلخرتي
ُربما المو ُت يقترب مني ويجب أن أ .





ُمتشبثة بها و النُور يعك ُس لمعة
يتصبب من جبينها ُحبيبا ِت العرق ال
البرونز من على مالِمحها.
يالله يا عزيز ما أنت فاع ٌل بي ، أبعدت فراشها عن جسِدها لتقف أمام
المرآة ، يجب أن أكون قويَّـة ، هذا ال ُحب أنتهى ، هذا ال ُحب يا رتيل أنتهى
، هذا العزيز أنتهى ،
، عزيز ال يستحقني ، عزيز ال
"أرادت أن تق ُسو على نف ِسها بكلماتِها "
شيء ، عزيز يُريد إذاللي و أنا لس ُت في موضع ذُل ، عزيز يا رتيل " ب ِّح
،"
ُخرى ،
ا وهي تشعُر بأنها تخدع نفسها ، لن أضعف مرةً أ
أخذت نف ًسا عميقً
َّف األمُر الكثير ، ليغرق في معاصيه لس ُت ُمستعدة أن
لن أضعف لو كل
ُساعد أحد ، لس ُت طيبة و
أغرق معه . . و أنا لس ُت طوق نجاةٍ ألحد و لن أ
ر ُجالً مثل " عبدالعزيز."
"
" أرح ُم
صالحة بما يكفي حتى
ٍق طويلة دافِئة و كأنها تُريد أن تظهر بوجهٌ آخر
م لتست ِحم بدقائِ
دخلت الحما
وإن كان تصنُعًا ، وإن كان تمثيالً ، ال مكان لعبدالعزيز في حياتي و ال
يستطيع أن يُجبرني على شيء.
رتيل اإلنهزاميــة يا عزيز " ماتت."
فتحت ُدوالبها لتسقط عينها على قميصه ، أخذته و مزقتهُ بيِدها لتأ ُخذ
"
ِل قول غسان كنفاني الذي يُحبه هو و
كحلها األسَود وتكتُب عليه بمث
، كتبت " إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة . . مثلك تما ًما يا
بقرته "
ُّي أنثى و لكن اآلن لم
عبدالعزيز ، ُكنت حيًا و صاِل ًحا ألن تقع في ُحبك أ
تعُد سوى ميتًا يق ُع في ُحبك ُمخلفا ِت البشر كـ أثير .. مب ُروك أتمنى لكم قبر
سعيد "
لملمت قطع القميص الممزقة ووضعت ال ُكم في األعلى حي ُث كلماتِها
المكتُوبة ، أرتد ت مالبِسها ،
ِوي حول بعضه ُمتشاب ًكا ،
ُمبلل والملت
م شعرها ال
ُّ
و وقفت أمام المرأة لتل
َ ال
رفعت حا ِجبها " ِلم أهتم بنفسي ؟ ال أحد يستحق أن أحزن عليه ، تعلمي
ا من هذا ال ُجهد
جففت شعَرها و أخذت نف ًسا عميقً
الال ُمباالة يا رتيل "
نبل ٍة ما أخطأت اإلتجاه و أنفجرت به ، تأملت
البسيط لترى شعرها و كأ َّن قُ





أ ُكون شبيه
َ
نفسها قليالً ة بها لتُداهم خياالتِها أثير بشعِرها الناعم ، و ِلم
ألنال رضـا عين عزيز ؟ ال ي ُهمني ، في حدي ٍث خافت " كل الناس يبون
الكيرلي وأنا طبيعي "
تمتمت : إال الرجال و العجايز
تن َّهدت و تفننت بشعرها ُدون أن تستعمل السرا ِميك و تُنعمه ، أخذ خصلت ين
من الجانبين لتربُطهما في بعضهما وتركت شعرها بمث دا أنه ِل إلتوائِتها ماع
أكث ُر ترتيبًا.
ر َّطبت مالِمحها و أخذت القمي ُص الممزق ونزلت لألسفَل بخطوا ٍت هادئة
، نظرت ألوزدي : عبدالعزيز راح الدوام ؟
أوزديno:
: tell him it's a giftالقميص لها دتَّم
أوزدي أبتسم ت و خرجت متو ِجهة إليه ، ركضت رتِيل لنافِذة الصالة
الداخلية ال ة على بيتـه من جهِة ُغرفته ، ال شيء يكش ُف له مالِمحه ُمطل
حتى تراه بوضوح ، أخرجت هاتِفها اآليفون لتفتح تويتر و ال تعرف كيف
"
توجهت إلسمها على ال ُرغم من أنها تُريد التجاهل قرأت تغريداتها لليوم
و كجنُون رتيل تمتمت ب ُسخرية : حكيمة ماشاء
العُمر يُقاس بالتجارب "
الله .. جايبة شي جديد
: good morningأوزدي
عبدالعزيز ُدون أن ين ِظر لها ُمنشغل في تر ِكيب هاتفه الذي رماهُ صبا ًحا
عندما رفع فِراشه ، بعد ثواني طويلة رفع عيناه لها ،
: miss ratel told me that it's a gift to youأوزدي
بين يد يها ، أوزدي : القميص الممزق من
عبدالعزيز وقف ليقترب ويأخذُ
؟have any Orders
عبدالعزيز هز رأسه بالرفض لتخ ُرج أوزِدي ، لم ينتبه لل ُكم المكتُوب عليه
ِّي ؟ و . . أنتبه
، مالمق ُصود من حركتِها هذه ؟ ما الذي تُريد أن تُوصله إل
بكالٍم بخ ٍط ُمتعرج أسود ، أمال برأسه قليالً ويقرأ ما ُكتب به لتعقد على
" أجل أنا ميت يا آنسة
حاجب يه عالما ُت الغضب ، عض شفتِه بغضب ،
رتيل ؟ " طيب يا بنت أبُوك بعل ِمك كيف قبري سعيد "





" أثير
ٍ غاضبه يضغط على إسِم
أخذ هاتِفه و بأصابع ."
،
ُمثيرة للشك في جنبا ِت حديقتهم الكئيبة ، هذا
طل من شبا ِكه على الحركة ال
القصر يُؤمن بكل شيء عدا ال ُحريــة.
أخذ كتاب " ال أشبه أح ًدا لـ سوزان عليوان " أستلقى على سريره و غار ٌق
في
الرماديِّةُ
في القراءة و عيناه تلتهُم األسطر حتى و َصل لـ " هذه التعاسةُ
ِّونَها؟
" أن أفع َل كي أل
رها؟ وماذا أستطي ُع
ُّ
عينيك ما س
فتح هاتِفه الذي ال يضُم أتته عبي ُر على جناحٍ رقم وثِير يُلتم ُس به خياِله ،


إعدادات القراءة


لون الخلفية