الفصل 96


عسل على قلبي يا أبو فارس لو تكفخني من اليوم لين بكرا
رائد : أنقلع ال والله. .
يُقاطعه فارس : ههههههههههههههههه وش فيك ع َصبت؟ كنت أمزح بس
شكل طاري امي يقلب قلبك
رائد : اال يقلب معدتي، الشرهة بس على اللي مقابلك
فارس : جرير وش يقول يبه . . يقول إن العيون التي في طرفها حور
قتلننَا ثم لم يحيين قتالنا . .
رائد : الله يآخذك أنت وجرير قل آمين . . صدق فاضي ماعنِدك شغل
َوك
غير تحفظ بهالشعر اللي ماوراه اال النكد الله ين َكد على عد
فارس بخبث : وش دعوى يبه! هذا أشهر بيت في الغزل مفروض تكون
حافظه . .
رائد : ترى أمك ضاحكة عليك عيونها مهي حورآ . . هي فيها إنحراف
فارس غرق بضحكته ليُردف : ماشاء الله على الذاكرة اللي حافظة أصغر
التفاصيل
رائد يحذف عليه علبة المناديل وهو يُخفي إبتسامته : قم وراك
ُمشكلة أنك أبوي
فارس بضحكته التي تُشبه ضحكة والده : ال
رائد بح َدة : أنا مشكلة؟
فارس بإبتسامة يقف ويقترب منه، قبَل رأسه ليبتعد خطوت ين للخلف : بكون
صريح معك، أنا أكره بعض تصرفاتك وأكره تحكمك فيني وأكره طريقتك
بالتعامل مع غيري . . .
رائد يُعيد النظر للورق : أنقلع ما أبي أسمع
فارس بنبرةٍ صادقة : وترى ما أح َملك ذنب شي! الصالح لو بأسوأ
المجتمعات بي َضل صالح والفاسد لو بأحسن المجتمعات بي َضل فاسد . . ما
أح َملك شي يا يبه، ألن الله بيحاسبني على أعمالي ماراح يحاسب أحد
ثاني، وأكبر مثال أنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم! أكيد ماراح
يحاسب الله الرسول على عمه! محد يشيل ذنب الثاني! أغالطي هي من
نف ِسي مو منَك . . ومهما تصرفت وقلت بس لو يخيَروني ُعمري ماراح
أنفصل عنك . . وال راح أرضى إني أعيش بعيد عنك . .





رائد يرفع عينه : وش مناسبة هالكالم؟
فارس : أنت سألتني ليه أنت بالنسبة لي ُمشكلة؟
رائد : ما فهمت!!!
فارس بعالقته الحميمية التي ال تهتَز مع واِلده أب ًدا : ال نه ُحبي لك ُمشكلة إ
يتناقض مع ُحبي لعبير . .
رائد عقد حاجب يه : ليه ؟
فارس بإبتسامة يبلع بها ضحكتِه على مالمح والده : أحبني ألني ولِدك
رائد بضحكة وقف مقتربًا منه : صحيح ؟
فارس أطلق ضحكته ليُردف : و أحب عيوني ألنها تشبهك
رائد غرق بضحكتِه : يا سالم على الغزل الصريح !
فارس بعين يه التي تُشاركه الطرب والبهجة على الكلمات : و الحمدلله إنك
أبو ي حمًدا كثي ًرا طيبًا ُمبار ًكا فيه
،
وقفت بإتزان أمامها، ومن داخلها تحترق من وجودها معه بين
جدران
وسق ٌف يشهد عليهما، وأنا يا عزيز؟ أنا التي يشهُد على ُحبي لك أربعة،
َي قلبي المر الذابلت ين، و صوتِي الضيَق و جسِدي المرتعش، ل َك
تجف و عين
أستو َطن
ُحكمهم يا ُسلطانًا أتخذ من صدِر أنثى عر ًشا، ل َك ُملكهم يا رجالً
ر ِسل إل يك، تركت قلبًا وضع في طريقك منذُ ز َمن واآلن أدف ُع ثمن
ُ
قلبًا أ
نافس الحياة بِك بعد أن ُكنت لك حي
ُ
الطريق الذي سلكته، أ اة، يسرقوني
ُحبك
ِمنك! وأنا وحدي التي أ .
أثير بإبتسامة نا ِعمة ترسُم على مالمحها الباِذخة بجمالها : تفكرين كيف
أبعد عن طريقك؟
رتيل أخذت نفس عميق لتُردف : أدعي الله كثير إني أنا اللي أبعد عن
طريقك!
أثير بضحكة مستفزة : بالمناسبة، عزوز حبيبي قالي كلمة أمس وأشغلت





بالي كثير أظنها تهَمك
رتيل بلعت ريقها بصعوبة وهي تُجاهد أن ال تفلت أعصابها منها.
أثير بدلع : قالي نفسي هي أنا حياتي اللي مستحيل يقاسمني فيها أحد حتى
لو كان جزء من هالحياة . .
رتيل ش َدت على شفتِها السفلية بأسنانها حتى ال ترتجف ، أثير تُكمل : أظن
غلطتي بكلمة نفسك او شكلك فاهمتها غلط بقاموس عزوز
َي أثير، بحركٍة خافتة تراجعت
رتيل شتت نظراتها لتُعيدها بإشتعالهما لعين
أثير للخلف خطوت ين من نظراتها التي شعرت وكأنها تُجلدها.
إن كنت تخاف من أحٍد يا عزيز يجب أن تخاف من المرأة إن اشتعلت
غيرتُها، ال حة أما النساء لهن جيوش سريَة إن اندلعت ِرجال أسلحتهم واض
لن يقف بوجهها أحٍد، النساء الالتي أسقطن حكومات لم يستطع رج ٌل وا ِحد
َمعن في مرأة وا ِحدة ويُعينها الشيطان
أن يقمع جز ٍء منها، هؤالء النساء يجت
بكيٍد عظيم إن أشتدت غيرتها، فقط استفز غيرتها وسترى الجحيم بعينه.
ُم أثير بلعت ريق خيفة بنفس الوقت، شتت
ها من نظرا ِت رتيل الغريبة وال
نظراتها لتُردف بتوتر أتضح على صوتها عطفًا على أن عبدالعزيز خرج
وال تستبعد أن تفعل رتيل بها شيئًا مجنون : وأسألي عبدالعزيز إذا جاء . .
نطقت إسمهُ ُدون دلع حتى ال ترتكب بها جريمة، رتيل أقتربت أكثر
ٍن بجسِدها كثيرة : كنت أبيك تتفاجئين باللي راح
إل يها وبإبتسامة تُخفي معا
يصير، بس راح أعل ! َمك كيف تدفعين ثمن أغالطك معي
أثير : تهدديني؟
ِق ش َري يا أثير ال والله أطلَع ح َرة عبير
رتيل بح َدة : إيه أهددك . . أت
وأبوي وعبدالعزيز فيك
أثير أخذت نفس تُعيد به توازنها : في بيتي وتهدديني بعد؟ أنا والله اللي
الزم أقولك يا غريب ُكن أديب
رتيل ضحكت بسخريَة الذعة : ما أحتاج أعيد لك نفس المنوال كل يوم . .
ال تحاولين تعوضين نقص ثقتك بعبدالعزيز بترديدك لحكي أن ِت تعرفين
أنك تلعبين فيه على نفسك! يكفي عيونه اللي تفضحه مهما حاول يبيَن لك .
. مفهوم؟





أثير : الله العالم مين يعَوض نقصه!
رتيل إقتربت لتشتعل نظراتها بغض ِب الغيرة : أبعدي عن طريقي
أثير غرقت في عين يها لتُردف بعد صم ٍت لثواني : وإن ما بعدت؟
رتيل : فيه شي ما تعرفينه عنَي! ضميري ميَت وأسألي عبدالعزيز عنه،
هو بنفسه شهد عليه أول ما جاء الرياض !
أثير تراجعت لتأخذ حقيبتها وهاتفها : طبعًا راح أسأله وأبلغه بتهديدك
َوة، رمشت عين يها لتسيل دمعة حارقة
الحلو . . . خرجت لتضرب الباب بق
على خِدها األيمن، أخذت العلبة الزجاجية الموضوعة على الطاولة لترميها
على الحائط وهي تصرخ بغضب يندمج مع بكاءها : حقييييييير! . .
حقيييير . . . جلست على ركبت يها، اخفضت رأسها ببكا ٍء صبرت عليه
كثير. وضعت كفيَها على إذنها حتى ال تسمع صو ُت قلبها المرتجف، كيف
رددها حتى أصَدقها مثل ما
ُ
َ سمعي عن قلبي؟ أكرهك وأنا كاذبة، سأ
أصم
صَدقت مسألة أثير، سأصَدقها يو ًما وأكرهك يا عبدالعزيز .
يُتبع
،
بغض ٍب، ب ُحزن، بحسرة و حقد ينظ ُر إل يه، لس ُت على قيد الحياة وال التُراب
ي وأنت
أن غابوا! كيف أستطاع قلبك أن يفعلها ب
يدثَرني، إني ُمعلَق منذُ
أ ب؟ تُدرك معنى أن تكون وحي ًدا، كيف قِدرت أن تُحزنَي بهذه الصورة؟
ت
من يُشفي عل ي؟ من يُساعدني على الوقوف مجدًدا؟ ألم َ
وأنا ناديتُك " يبه "
َي؟ كنت أستيقظ في بيتك كل يوم وأنا قلبي يمرض بهم! كنت
تشفق عل
م تُخبر نفسك بضرورة معرفتي
َي تحترق ببكا ٍء محبوس! أل
أراك وعين
بلقا ِءها؟ كيف أستطعت " يا أبوي يا أبو سعود . . يا أبو زوجتي"
َي؟ من يُض َمد جرا ِحي؟ من يقرأ على
من يُس ِكن حرارة القهر المندلعة ف





قلبي حتى يطمئن؟ من أجل الله كيف لم ترحمني سنة كاملة؟ من أجله كيف
َمر على بالي، كيف
لم تُخبرني في وقت كنت تراني به أتلهف لذكرى ت
تؤذيني بهذه الهيئة المتطرفة؟ في داخلي إستفهاما ٍت موجعة ال يُخمدها
جواب، ال يُخمدها والله سوى الموت.
عبدالرحمن الواقف ومن خلِفه أر ٍض خضراء واسعة : أجلس
عبدالعزيز : ليه تسوي فيني كذا ؟
عبدالرحمن بقلة حيلة : أجلس يا عبدالعزيز
عبدالعزيز عقد حاجب يه بضيق : ليه؟
ٍق أشد : عبدالعزيز
عبدالرحمن بضي
عبدالعزيز : ال تقول إسمي . . أبي أنسى إني عرفتك
عبدالرحمن يقترب منه ليبتعد عبدالعزيز بخطواته : ما كان بإيدنا شي ثاني
عبدالعزيز بصراخ أو َجع قلب عبدالرحمن : كل شي ماهو بإيدكم! سرقتوا
حياتي، قابلت ناس أحلف بالله ما تخل ن عيالكم يقابلونهم . . طيَحتوني من َو
ورطة لورطة . . دخلت غيبوبة و رجعت وأنكسرت و طحت في
المستشفى ألف مَرة . . . و عشت بأرق لفترة طويلة . . . وأستخسرتوا
تقولون روح ألختك . .
أعتلت نبرتِه مرةً أخرى : هذي أختي! خليت أختي سنة وأكثر بروحها . .
. من أيش مخلوقين؟ قولوا لي اللي بداخلكم قلب وال حجر ؟ . . والله لو
إني يهودي ما تسوون كذا! . . ِكذا تعاملون ولد سلطان العيد . . ِكذا
َي شي شين . . ِكذا تسوون مع
تعاملون شخص ما قد جاب سيرتكم بأ
شخص خسر نفسه عشان شغلكم! . . أنتم من أيش؟
عبدالرحمن شتت نظراته : ما كنَا نعرف أنك ماتدري بالبداية
عبدالعزيز : طيب وعرفتوا! . . ليه ما تكلمتوا؟ والله العظيم لو أشتغل
عندكم عبد رضيت بس عشان واحد من أهلي يرجع لي . . وأنتم بخلتوا
َي! بخلت يا يبه
عل
نظر إليه عبدالرحمن بضعف حقيقي من كلمته األخيرة : عبدالعزيز . .
بس أسمعني لين اآلخر وال تقاطعني
عبدالعزيز وعين يه بدأ الدم ُع يتراكُم بها : ما أبي أسمع . . بس قولي وين





غادة؟ . . ارحم قلب ما بقى منه شي وقولي وينها
عبدالرحمن : عبدالعزيز أرجوك
عبدالعزيز لم تحتمله قدماه ليجلس، وإنكساراتِه تُعاد عليه هذه الفترة بألم
اللي سويتوه فيني! تذكر أول ُمتعبة : وينها! . . يكفي
وحشرجة روحٍ
ماجيت الرياض وش قلت! قلت لك ال بغيتوا تنحرون روح ال تعذبونها! . .
وأنتم قتلتوا فيني أعظم شي . . قتلتوا فيني الحياة
عبدالرحمن لم يحتمل إنهيار عبدالعزيز ليخونه الثبات/اإلتزان، أحمَرت
عيناه بضعف : أقسم لك بالله أننا بالبداية ما كنَا ندري . .
عبدالعزيز رفع عينه للسماء برجا ٍء صادق : يارب رحمتك
عبدالرحمن : ال تسوي في نفسك كذا وتوجعني عليك . . تكفى يا
عبدالعزيز ال تسوي كذا
ٍر تام ينظ ُر إل يه : يوجعك إني أموت؟ ما ظنتي! ما ه َزني
عبدالعزيز بإنهيا
شي في هالحياة كثر ما ه َزني موتهم وما أوجعني شي كثر ما أوجعني إني
أنخدعت فيكم !
عبدالرحمن : فيه أشياء نكون مجبورين عليها والله العظيم نكون مجبورين
. . أفهم هالشي يا عز
عبدالعزيز : لو كان أبوي عايش كان راح تتجرأون تتصرفون مع ولده
َما عرفتوا
بهالطريقة؟ . . . . أنتم تصرفتم كذا ألن ما عاد لي أحد ول
بوجود غادة قلتوا ما يصير! . . قلتوا ما يصير يعيش . . الزم يموت
بحزنه وضيقه . . . حسبي الله . . حسبي عليكم ضعف اللحظات اللي
حلمت فيها وخفت عليها . . حسبي عليكم بضعف الدقايق اللي راح فيها
عنَي النوم . . . . . حسبي عليكم كثر ما أوجعتوا قلبي
عبدالرحمن يجل ُس على األر ِض بجانبه : يا بعد الدنيا يا عبدالعزيز
أسمعني . .
عبدالعزيز بهم ٍس خافت يب َح معه صوته : وينها؟ . . قولي مكانها . . .
قولي ما عاد أبي شي منكم بس قولي وينها! ال تحرقون قلبي أكثر من كذا!
ما سمعتوا بناس تموت من حزنها؟ . . ال تذبحوني وأنا ما شفتها!
عبدالرحمن تألألت عيناه بالدمع، أش ُد موق ٍف يواجهه منذُ زم ٍن بعيد،





إنكسار الرجال تحدي ًدا يزي ُد من إنكساراته، إنكسا ُر عزيز بالذات هو
إنكسار الرجال بأكملهم، نظر إل يه وهدب يه يرتجفان بش ُحوب : بتشوفها
َوى قلبك؟ يرضيك تعيش اللي عشته مع وحدة
عبدالعزيز بخفُوت : كيف ق
من بناتك؟ بنتك غابت بس كم يوم وقلبت الدنيا وضاقت بك! وأنا تاركني
َو قلوبكم! كيف قدرتوا تنامون؟ كيف كانت
سنة وأكثر بدونها؟ . . يا ق
قلوبكم مرتاحة؟
َي شي
عبدالرحمن : جانا خبرها في وقت ما نقدر نتصرف فيه بأ . . كان
خطر أننا نكشف حياتها ألحد خصو ًصا في ذيك الفترة
عبدالعزيز بحزن العالم الذي يختص ُر نفسه بصوته، بعذا ٍب الح ُروب
ُمشتكين و ال ُحزانى : وش
َوجع المرضى و الثكالى، بب َحة ال
والمعارك، ب
خسرت؟ ما خسرت شي بس اللي خسر هو أنا! احترقت بأحالمي وأنا
أنتظر صوت واحد من أهلي! وأنا أنتظر جيَتهم! عشت أيام ُعمرك ما راح
تح َس ت أصحى وأنا أحس موتهم حلم! كنت أصحى وأنا بوجعها، كن
أتخيَلهم في كل جهة ألتفت عليها . . كانت كوابيسهم تكبر فيني وأنا أنتظر
متى يروح هالكابوس؟ . . جلست شهور وأنا تعبان من حزني! ويوم
تجاوزته وآمنت بأنهم رحلوا! طلعت غادة هنا . . عاشت شهور وأيام وأنا
ماني عندها. . .
بصراخ : حرام تكون أبو! وأنت ما ف َكرت حتى بأني أخوها اللي محترق
عليها . .
عبدالرحمن بب َحته التي تتضح على صوته : كان ممكن لو عرفت هي
تروح فيها! كنَا مضطرين نخبي عليك لين يجي وقت مناسب نقولك فـ
يُقاطعه بغضب : متى الوقت المناسب؟ أنا لو ما عرفت الحين كان ما قلتوا
لي؟ على األقل أعترفوا أنكم أذنبتوا! . . بس مهما استغفرتوا لحزني والله
ال يضيَع حقي يوم القيامة
عبدالرحمن بدهشة : ال تفكر بهالصورة
عبدالعزيز بح َدة : تبيني أفكر بنفس طريقتك وأتصرف مثل ما تبي! تبوني
الشخص اللي ما يفتح فمه بشي وينفذ األوامر؟ . . بس مهما سويتوا
مستحيل أكون بهالهيئة!!! . . راح تدفعون ثمن اللي سويتوه فيني طول





هالسنة والنص . . . راح احرقكم مثل ما حرقتوني . . راح احرقك ببنتِك .
.
عبدالرحمن : ال تنتقم بأغالطي من بنتي، أنتقم مني
عبدالعزيز بكلما ٍت أوجعته : ليه ما قلت هالحكي مع غادة! وش ذنبها ه ي
؟
عبدالرحمن : ذنبها أنها بنت شخص يدورون عليه ناس كثير ويتصيَدون له
ناس أكثر
عبدالعزيز بح َدة : ورتيل بنت شخص ضيَع لي حياتي
َهد بو َجع : سامح
عبدالرحمن تن
عبدالعزيز : مثل ما ضميركم مات وانا ضميري مات
عبدالرحمن : عبدالعزيز ال تسوي شي برتيل
عبدالعزيز : جيت متأخر
عبدالرحمن بغض ٍب لم يسيطر عليه : إال رتيل . . إال هي يا عز
عبدالعزيز : شفت! شفت كيف تخاف عليها حتى مني . . بس ما خفت
على أختي اللي من لحمي ودَمي من . . . . أصالً مافيه أحد معها . .
مافيه !!
عبدالرحمن : كانت بالحفظ والصون، كان معاها مقرن
عبدالعزيز بهدوء أنفاسه التي تموت بداخله : وينها؟ ارحم حالي وخلني
َورت فيه عليها . . من الصبح وأنا
أشوفها . . ما تركت مكان بباريس ماد
َورها . . واللي يرحم بناتك وينها؟
أد
َي عبدالرحمن
اح َمر وجهُ عبدالعزيز بالبكاء المحبوس لتلتقط عيناه عين
الالمعت ين بالدمع، عبدالرحمن : معاها ناصر
عبدالعزيز إبتسم بخيبة عظيمة : ادري! . . حتى نا ِصر اللي ماتوقعته
ي؟ قولي بس وش بقى؟ . . . أنا
يوجعني أوجعني! . . وش بقى ما صار ل
لو أموت محد بيتع َجب! أصالً ! بيتعجبون كيف للحين عايش
: عبدالعزيز
عبدالرحمن بصو ٍت راجٍ
عبدالعزيز بإبتسامة شاحبة : موجعتني أشياء كثيرة . . لدرجة أدعي على
نفسي وعلى إسم عبدالعزيز اللي ارتبط بأبوي . . . . . تمنيت كثير لو





كنت رايح معهم ليلة الحادث! تمنيت والله إني ما عشت الى اليوم! . .
تمنيت إني ما عرفتكم وال شفتكم! تمنيت إني ما صحيت من الغيبوبة . .
تمنَيت إني ما هربت من رائد . . تمنَيت إني أموت بدون كل هالتعذيب . .
تمنَيت أموت من حادث بس ما أموت من ح َرتي على نفسي
عبدالرحمن : بكرا بتعرف أنه كل هذا خيرة
عبدالعزيز : وحزني خيرة؟ حزني اللي مخلي حتى ناصر يخونني بمعرفته
وهو الشخص الوحيد اللي بكيت قدامه؟ هو الشخص الوحيد اللي تركت فيه
كبرياءي وماحبست دمعة وحدة قدامه !
عبدالرحمن : كلنا نغلط، ممكن أشياء بنظرك صحيحة غلط بنظرنا وممكن
العكس
عبدالعزيز بغضب : وين الصح بأنك تحرق قلبي بأختي؟ الله ال يسامحكم
وال يحللكم . . الله يحرق قلوبكم مثل ما احرقتوا قلبي
عبدالرحمن بو َجع من ُدعاءه المؤذي لقلبه : وإحنا يا عبدالعزيز ما عشنا
َوقعها!! إذا أنت خسرت أهلك إحنا خسرنا وإلى اآلن نخسر
بالسعادة اللي مت
. . ال تسوي في نفسك ِكذا وال تتعبنا بكالمك . . ال تتعبنا يا عبدالعزيز
عبدالعزيز : تعرف وش ندمان عليه؟ ندمان على اللحظة اللي كشف فيها
فارس عن نفسه قدامك وتزَوج بنتك بإسمه الصريح،
بحقٍد عميق يُردف : كنت بكون أسعد الناس لو تزَوج على أساس أنه
مشعل وقدرت أخدعك فيه . . صدق كان بوقتها نيَتي إني أخدعك عشان
يخدمني فارس بموضوع رائد! لكن كانت بتتغيَر أفكاري وأخلي خدعته لك
إدانة للي سويته بحقي
تجمَدت حوا ُسه من الصدمة التي يُلقيها عليه عزيز، كان يعرف ا َن مشعل
ان رأى فارس في ذلك اليوم البائس ولكن لم يتوقع وال
هو ذاته فارس منذُ

٪أ َن عبدالعزيز يُساعده بهذه الطريقة.
عبدالعزيز وقف ليبتعد للخلف ُمهدًدا : أنسى إنه عنِدك بنت . . مثل ما
ن َسيتوني غادة . . . وال تقولي وينها! ماراح أستغرب أص ون
ُ
الً . . بتضل
أكثر الناس دناءة بعيوني . .
في جهٍة اخرى وضعت ظهرها ض ي على الجدار وي َدها على شفت يها





المرتجفت ين، ودموعها ال تهدأ، موجوعة من إنكسار عبدالعزيز الذي لم
ٍر بهذه الطريقة المؤذيَة لروحها، ُرغم أنها لم تعرف
تشهد على إنكسا
عبدالعزيز جي ًدا ولكن منظره وصوتُه الحاد يُزلزل أعماق كل من يسمعه،
وال تطيق أي ًضا أن ترى عبدالرحمن بهذا الضعف، ماذا يح ُدث يالله؟ كل
شيء بيومين أنقلب رأ ًسا على عقب!!
،
يجل ُس بجانبها في المقاعد الثابتة أقدامها فوق الرصيف، ال كلمات تعبرهما
َرة بهرولة وأخرى
وال صو ت يجيء بهما، تغرق بالطريق الذي يسلكه الما
ببطء، تغرق بتأمالتها وهي تُفكر بالحياة التي تنتظرها بعد هذا اليوم،
بالحياة التي ستلتفت عليها! أنتمي إليك يا ناصر، ُرغ ًما عنَي أنتمي لقلبك،
علَمني كيف أتجاوزه اآلن؟ أتعل ُق بك في وق ٍت تحتض ُر به األشياء بيننا!
أتعل ُق بك في وق ٍت تبتعد لت لي أن
به عنَي، متى ست ِصل الرسالة التي قُ
ُظر إل يها وأقرأها؟ ُربما هي وحدها من ستهُرم معي؟ من
أنتظرها؟ متى سأن
ريد أن احبك يا
ُ
ستنام معي، ُربما هي وحدها التي تُحقق أحالمنا بالكلمات، أ
ريد وبش َدة أن أعشقك
ُ
ناصر، أن أحبك بمثل الش َدة التي سبقت الحادث، أ
بطريق ٍة جنونية ال تُحبطها ذاكرة وال نسيان، حزينة من الحياة والناس،
حزينة ألن ال شيء يستقيم وضلعي أعَوج!
إلتفت عليها وهو يدخل كفيَه بجيوبه : بردانة؟ نقوم؟
غادة ُدون أن تنظر إل يه : أقدر ازور ناصر؟
وليد بكذ ٍب ال يتردد به : ال، ممنوع زيارته
غادة بضيق : طيب ما قالك شي ثاني؟ شي يتعلق فيني؟
َهد : ال، قالي بس أوديك السفارة عشان يتصرفون وترجعين ألخوك
وليد تن
قبل ال تطول مدتِك هنا
غادة : حتى عبدالعزيز مو قادرين نوصله!!
وليد : ما أبي أحبطك بس ال تتأملين بناصر كثير . .





إلتفتت غادة عليه بإستغراب : ليه؟ . . ناصر ما ذبحه كان يدافع عن نفسه
و
يُقاطعها بهدوء : بعيونك يدافع عن نفسه لكن ممكن ما شفتيه! . . التخلين
الحب يعميك
غادة تجمَدت مالمحها والبيا ُض يخرج من شفت يهما برجفة : مستحيل!
ناصر ما ذبحه بتعمد
وليد : وأنا كنت أقول مثلك، لكن يوم رحت آخر مَرة أتضح أنه متعَمد . .
مستحيل يطلع من القضية وكل األدلة تشهد ضده . . مافيه وال دليل واقف
معاه اال شهادتِك!! . . وأنا أخاف عليك يا غادة . . والله العظيم أخاف
عليك
غادة ه َزت رأسها بالنفي، ال تُريد أن تصَدق شيئًا من حديثه لتُردف :
مستحييل . . تعرف وش يعني مستحيل!!
َمة . . وراح أحاول قد ما أقدر
وليد : ما أبي اال إنك ترجعين ألخوك سال
إنك توصلين لعبدالعزيز بأسرع وقت
غادة بضيق غاضب : وش صار يوم رحت؟ فيه شي صاير مو راضي
ي
تقوله ل !!!
وليد : وال شي . . كلمت ناصر وجيتك
غادة أخفضت رأسها لتجهش عين يها بالبكاء : صرت أخاف على نفسي من
هالبكي . . أخاف من هالضيقة اللي تجيني، مافيه شي أو َجع من إنك تجهل
نفسك؟ نفسك اللي هي ذاكرتك! . . أبي أتذكر أشياء كثيرة بس ماني قادرة
لكن قلبي يتذ َكر، أحس فيه يا وليد . . أحس إني أعشقه . . أعشقه حد
ي؟ أبي ناصر يكون بخير
الجنون . . . كيف يرجع ل
وليد عقد حاجب يه بضيق : وهو بخير . . إن شاء الله بيكون بخير
غادة مسحت على مالمحها لتُردف بب َحة موجعة تُشبه ب َحة أخيها : يارب
،





نظر إل يه بحاج ٍب مرفوع من صوته الذي يرتفع بغض ٍب ال يراه مبر ًرا :
في القضاء مافيه أمي وال أبوي يا يوسف!!
يوسف بقهر : فتحتوا قضية مس َكرة وقلنا معليه لكن الحين بعد بتتهمون
الناس وتجيبون المصايب فوق راسي!!!
والده : وين المصيبة بالضبط؟ المصيبة أننا نعرف الحق؟
يوسف يفي ُض قلبه بالضيق : مو على حسابي يا يبه
والده : ليه تدافع بهالطريقة وكأنك تعرف شي؟ . . إذا أمها غلطانة خلها
تتحاسب
يوسف بغضب : أم زوجتي! تعرف يا يبه وش يعني أم زوجتي؟ كيف
أرضى أنها تتحاسب وأجلس أحط يدي تحت خدي أنتظر حضرتكم متى
تحترمون قدر هالناس بحياتي! إذا أمها ما تعني لكم شي فهي تعني لي
َهد : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
منصور تن
َرون الموضوع
والدته : تعوذوا من الشيطان ال تتهاوشون وتكب
يوسف إلتفت لوالدته : يعني يمه وش أسوي؟ واقف بين نارين بين اللي
َمون لحساسية هالموضوع بالنسبة لي وبين ُمهرة
مفروض يهت
والده : يا يوسف يا بعد روحي أنا فاهم وضعك بس هالموضوع حساس
بالنسبة لموضوع أكبر منه، تو اكتشفناه والحين مضطرين نكَمل تحقيقات .
. هالشي مو متعلق بقضية فهد وبس! هالشي متعلق بقضايا كثيير
يوسف : يعني تبي أمها تدخل بين الرجال عشان تعيد لهم نفس الحكي اللي
قالته بالبداية؟
صمت والده قليالً حتى أردف بضيق : خالص ماراح يصير اال اللي
بخاطرك! تجي هنا والبيت بيتها . . أنا بنفسي بحقق معها بدون شرطة وال
شي
يناها! يالله
والدته بإبتسامة تنظ ُر ليوسف الغاضب : شفت . . هذانا حالَ
هَونها وال تضيَق صدري عليك
يوسف صمت كثي ًرا مع حديث والدته حتى نظر لوالده ونطق : وبتحلَها مع
الضابط؟
والده : تط َمن عالقاتي معهم قويَة





أتا ُهم صوتها المبتهج : سالاااااااام
َي إلتفتُوا جميعهم، لتتسع إبتسامة والده هالطلة
ا : وعليكم السالم ح
تق َدمت هيفاء إليه لتقبَل رأسه ويِده : الله يحييك، سلَمت على منصور الذي
عانقها بش َدة : أشتقنا لك
هيفاء : واضح! أنتم زين ما نسيتوني
منصور : والله أننا مشتاقين لك، بس ماش دايم ظالمتنا
بلته
هيفاء قبَلت والدتها بحميمية كبيرة لتنظر ليوسف الذي وقف لها، طبع قُ
ٍق ال يلي ُق إال بهما : شلونك ؟
بالقرب من عين يها في عنا
هيفاء : بخير الحمدلله . . نظرت إليهم لتُردف . . وش فيه جَوكم مشحون؟
َي . . قولي لنا أخبارك
والدتها: اجلسي ال مشحون وال ش
والدها : فيصل نزل؟
َي هيفاء : آل قال عنده شغل بس بيجي بعد ويشوفكم . . إلتفتت لوالدتها
شو
. . أنا الحمدلله أخباري عال العال . . أنتم بشروني؟ وش مسوين ؟
والدها وتعانق أصابعه سبحته : والله البيت فاقدك . .
هيفاء بإبتسامة شاسعة : عرفتوا قيمتي
والدتها تضربها بخفَة على كتفها : ليه في أحد كان مقلل قيمتك؟
هيفاء بضحكة :وناسة كل يوم بجيكم اذا بتستقبلوني كذا
َي
يوسف وقف : عن إذنكم . . خرج بهدوء ليُثير عالمات اإلستفهام بعين
هيفاء
:صاير شي؟
َي من قضية فهد أخو مهرة
منصور : متضايق شو
في جهٍة اخرى صعد بخطوا ٍت ثقيلة لألعلى، وقف امام باب غرفته كثي ًرا
وهو يسحب هوا ابه فترتخي من هذه الش َدة، فتحه ًء تستجي ُب له أعص
بخفُوت لتقع عيناه على جسِدها المستلقي على السرير ُدون غطا ٍء، أغلقه
ليقترب منها ومالمحها الباكية نائمة بهدوء، بضيق حاجب يه أخذ الفراش
ليُغطيها جي ًدا، أبعد خصالتها المتمردة عن مالمحها لينحني عليها بقُبلة بين
حاجب يها، بقُبلته فتحت عين يها المتعبت ين، شعرت به من نومها الذي ال
َي ُعمق، جلس بجانبها ليُشتت نظراته بعي ًدا بِـ َهٍم يُثقل على
يتعَدى بخفته أ





كتفيَه.
ُمهرة بضيق أستعدلت حتى تجلس، وقفت لتهرب من وجوِده بجانبها،
راقبها حتى دخلت إلى الحمام، بللت مالمحها المرتجفة بال ُحمرة بما ٍء بارد،
نظرت للمرآة التي تكشف حزنها من عين ين المعت ين.
لم ي ُكن موتُك عاديًا يا فهد! تمَر سنَة ومازال موتُك يستثير حزننا في كل
َما أخذوا أمي! لو ُكنت هنا لما بك يت اآلن، أخطأت!
لحظة، لو ُكنت هنا ل
َي بنظرة أخ ُت ف
أخطأت باليوم الذي أحببته فيه وهو سيبقى ينظ ُر إل هد الذي
َما ترددت لحظة، لو
تو َرط بقضيته أخيه، لو كان بإمكاني اآلن أن أكرهه ل
بإمكاني أن أصرخ بوجهه حتى ال يجيء بسيرتك، لفعلت يا فهد. ولكنني ال
أستطيع، ال أقدر! يقف كالغ َصة بداخلي ال أتجاوزها وال أعود للوراء، في
كال الحالتين أنا واقفة بالمنتصف، بين قلبي وعقلي، أشعُر وكأنني أعي ُش
ٍ من الجحيم، ال يفهمون معنى أ َن الذي مات هو أخي وليس أح ًدا من
بقاع
َمون بمشاعرنا! نح ُن الذين نب ِكيك إلى اليوم ال ندَري في
الشارع حتى ال يهت
َي جسٍد نحتمي
أ .
لتُجفف وجهها، خرجت ُدون أن تنظر إليه في وق ٍت كان
سحبت منديالً
ينظ ُر إل يها ولتصرفاتها التي تعبَر عن هروبها منه وصدودها، جلست على
األريكة وهي تُعطيه ظهرها.
بصو ٍت متزن : كلَمت أبوي وماراح تروح أمك مكان غير بيتنا . . أبوي
بنفسه هو اللي راح يكلَمها
ُمهرة بضيق : زين ح َسيتوا أننا ناس ولنا مشاعر
يوسف : محد أهانك وال أهان أمك يا مهرة!! هالموضوع مثل ماهو
الكل
َ
ح َساس بالنسبة لك فهو ح َساس للقضية اللي تهم
ُمهرة إلتفتت عليه : بس تجي أمي راح أروح معها! أختنقت من الرياض
وهوا الرياض
يوسف نظر إليها بج ُمود : تبين تبعدين وبس!!!
ُمهرة : أنت وعدتني إنك توديني ألمي قبل أسبوعين وهذا أمي بتجي
بنفسها . . أنا جد مختنقة من أهلك ومن بيتكم يا يوسف
َهد : سوي اللي تبينه . . أستلقى على ظهره ليأخذ هاتفه ويلتهي به
يُوسف تن





حتى يُخفف غضبه الذي بدآ يض َج بكل خلية في جسِده.
ُمهرة أطالت نظرها لتجاهله لها في هذه اللحظات، في كل نظرة كانت
تصعد الدمعة من قلبها ناحية عين يها، في كل رم َشة كان ُجز ًء من قلبها
يسقُط.
شعر بنظراتها، لم يتح َرك ضلَت عيناه على شاشة هاتفه ومازالت عين يها
تطوف حوله، أخذ نفس عميق وال يفهُم ماهية الشيء الذي يراه، عقله ليس
بهاتفه أب ًدا.
يُتبع
كان ينتظر الملف الذي سي ِصله وعيناه على محادثة الجوهرة بالواتس آب،
دأ يُح َر ب ك أصبعه األوسط والسبابة على الطاولة بموسيقيَ ٍة وهو يُف َكر بأكثر
من طريقة يسأل بها عنها، رفع عينه للنافذة الزجاجيَة التي تط َل على ساحة
التدريب ليُعيد النظر لشاشة هاتفه، لم ترمش عيناه أول ما قرأ line on"
"أخذ نفس عميق ليسحب هاتفه ويت ِصل عليها، ثوانِي قليلة حتى أتى
صوتُها المرتبك : ألو
سلطان : السالم عليكم
الجوهرة : وعليكم السالم والرحمة
سلطان : شلونك؟
الجوهرة توتَرت من سؤاله الذي يعتبر ُمفاجىء لقلبها، بضيق صوتها :
بخير . . صاير شي؟
سلطان : وش بيصير مثالً ؟
الجوهرة : آآ . . ال بس أستغربت
سلطان : استخرتي ؟
الجوهرة بلعت ريقها بصعُوبة، لو تعلم إنني أخاف اإلستخارة، أخاف من
حكمة من
"
الالإطمئنان معك، أخاف من اإلنفصال الذي يكون مبنيًا على





ريد أن ننف ِصل ُدون أن
ُ
الله " لو تعلم يا سلطان أنني جبانَة في الصالة، أ
أضع في بالي أنني لن أكون مطمئنة معك، دون أن تلمع في عينِي دمعة
ي، ببساطة يا والد طفِلي وسيَد قلبي، أنني أؤمن بأنك
بأنك لم تكون خيرةً ل
ريد أن تتغيَر
ُ
ي وال أ
ي و مضي ُت معك على سبيل أنَك خيرةً ل
الله ل
وداعةُ
قناعاتي .
سلطان : الجوهرة؟؟
الجوهرة : ال
َهد : انا فكرت
سلطان تن . .
الجوهرة : وأيش وصلت له ؟
سلطان : بروح باريس لشغل وقلت في نفسي هذي فرصة عشان أح َدد وش
أبي من الحياة
الجوهرة : كم بتغيب ؟
سلطان : ماعندي علم بالمَدة
ِن عقلها الذي تُجبر عليه لتُقمع محاوالتِها
الجوهرة تكره أن تتكلم بلسا
القلبيَة باإلنتفاضة : ِكذا وال ِكذا القناعات وحدة
ليُردف : وش القناعات الثابتة؟
سلطان سعَل قليالً
الجوهرة : اذا ما تنازلت واعتذرت واعترفت بأغالطك ووعدتني أنك
تصلحها ماراح أرجع
سلطان بغضب : يعني أنا بس اللي مطلوب مني أنفَذ وأن ِت اللي بتنتظرين؟
الجوهرة بضيق : ما أطلب منك تنفَذ! أطلب منك إذا تبي الحياة اللي معي
تحترمني
سلطان بح َدة : تستفزيني في كل مَرة أحاول فيها ما أتنرفز!!!
الجوهرة : ما أستفزك! هذي أبسط حقوقي، ماني عب َدة لك يا سلطان بتلقاني
متى ما اشتهيت
سلطان : تعبت من كالمك هذا! ُعمري ما أهنتك بهالطريقة أو خذيت منك
حقوقي بطريقة مذل مايشتهي َة!! أفهمي إنه ُعمري ما جيتك وبغيتك مثل
مزاجي وكل هذا من خرافات عقلك!
الجوهرة بلعت ريقها بصعوبة لتُردف : أنت تشوف شي غير اللي أشوفه!





يتني وماهي خرافات من عقلي
. . أنا أشوفك أهنتني وذلَ
سلطان بعصبية : أن ِت حتى نفسك مو عارفة وش تبين!! تناقضين كالمك
َصل بس
في كل مَرة! . . الشرهة على اللي مت
َمن فيه وتستخسره فيني
الجوهرة بضيق : شفت! حتى إتصالك ت
ضحك من غضبه ليندفع بإنفعاله : عاد جاك العذر لين عنِدك عشان
تتحججين فيه!!
الجوهرة : سلطان
سلطان بعصبية كبيرة يزي ُد عليها ضغط أعصابه في الفترة األخيرة : ما
عدتِي الجوهرة اللي أعرفها! كل تصرفاتك ماهي واضحة!! فيه أحد يأثر
عليك؟
الجوهرة بغضب لم تسيطر عليه : على فكرة صفحتك بيضا قدام أهلي
إنك
كلهم! وإذا فيه أحد يعرف بتصرفاتك فهو عمتِك! بس اكتشفت أصالً
ماتحب أحد يكون قوي ويوقف بوجهك! تبي الكل يخضعون لك ويوم
َي!!! ليه
شفتني أنادي بحقَي أتهمتني وقلت فيه أحد يأثر عل ما تستوعب إني
أبي أبسط حقوقي وهو أنك تعتذر
سلطان : عقب حك يك هذا حتى لو كنت مف َكر باإلعتذار ماراح اعتذر! ألن
حتى أنا من أبسط حقوقي إنك تحترميني وما ترمين حكي مثل هذا . .
ماني أصغر عيالك!!
َي حق تفكر كذا؟ بأي حق يا
الجوهرة بعصبية تنرفزت من أسلوبه : أنت بأ
سلطان!!! . . . دام ِكذا أنا بعطيك إياها على بالطة وأقولك ما أبـــــيـــــك
سلطان صمت قليالً حتى يُردف : تبين الطالق؟
الجوهرة بصعُوبة: إيه
سلطان بغض ٍب أتضحت به عرو ِق مالمحه : أن ِت طالـ . .
الجوهرة . . . . . :
،
إلتفت عليه : ما راح أطَول





:متأكد أنه زوجتك رجعت؟
فارس : إيه متأكد أرسلت مسج لنايف . . بس بجيب أغراضي وأدفع
للفندق
خالص انتظرك . . مانقدر نطَو : ل
فارس خرج من السيارة ليتجه بعرجٍ خفيف في ساقه اليمنى للفندق، دخل
المصعد الكهربائي وسبابته تضغط على الطابق الثالث، أخذ نفس عميق
بمالمحه ال عب في كل إرتفاع، أنفتح المصعد ليتجه نحو ُمتعبة وتزداد ت
الغرفة


،فتحها بخفُوت، ليرفع عينِه وقبل أن يُخفضها تجمَدت
ناحيتها، أنصَدم من وجوِدها، إلتفت لكل جهة من الغرفة حتى يتأكد من
ِوها من أحٍد آخر، بدهشة : عبير
خل !!!
عبير وقفت ومالمحها تُعبر عن بكا ٍء أستمر ليوٍم كامل : جيت؟ . . عرفت
أنك مو قد المسؤولية!
أغلق الباب ليقترب منها : ما جاك أحد؟
عبير بغضب : ليه سويت كل هذا؟
فارس عقد حاجب يه بإستغراب : وش سويت ؟
عبير : تنكر بعد؟ ليتني ماعشت يوم واحد معاك وال عرفتك !!
فارس : عبيير؟؟
عبير بصراخ أبكاها من و َجع الخيبة : ال تنطق إسمي! . . أكره نفسي كل
ما تذكرت إنك قدرت تتزوجني !!
فارس بلع ريقه بصعوبة : وش فيك؟ . . وش صار؟
عبير تأخذ الظرف من على الطاولة لترميه عليه متجاهلة الجروح التي
َهد
على وجهه، ال تُلقي باال لتعبه وفي قلبها تندلع الحسرة، يفتحه فارس ليتن
َي كلمة تُنقذ ا
بضيق ُدون أ لموقف، ال شيء يُساعده! كل شيٍء يقف ضَده
من واِلده للكلمات الجا ِمدة على لسانِه.
ٍ من الممكن أن أمحيه بهذه
َي وجع
يستطيع أن يُكابر إلى اآلن؟ أ
ٍ
َي وجع
أ
السهولة؟ وأخسرك يا عبير للمرة الالأدري! أرجوك، هذه المَرة ال يقف
َي قلبك ضَدي! يتفاقم ُحزني بشك ٍل ال يُطاق، أنا لحظ ٍة
أحتاجك أكثر من أ
سابقة .





عبير : ماتقدر تنكر؟ .. علَمني وش بقى من رجولتك؟ . . وفوق هذا
تاركني وكأنك تدري في مصيبة تحاول تخبيها عنَي
فارس : فاهمة غلط
عبير تبتعد عنه بخطوا ٍت للخلف : وش اللي فاهمته غلط؟ تكلَم بنات
وتشرب و . . أيش بعد؟ وال أنا من ضمن البنات اللي تكلَمهم ومتعَود
عليهم . .
فارس بغضب يحتَد صوته : عبير! . . التكلميني بهالطريقة
عبير بغض ٍب أكبر : المفروض أنا اللي أع َصب ماهو أنت !
فارس بتنهيدة : ممكن تسمعيني بدل هالصراخ؟
عبير : آل مو ممكن! أصالً ما أتشرف إني أسمعك . . منقرفة منك ومن
نفسي . . الله أعلم كم بنت قابلت وكم بنت . .
أخفضت رأسها ببكا ٍء يجر ُح صوتها، تشعُر بأن قلبها يكس ُر ضلوعها
ُمحيطة به، تشعُر بأن أوردتِها تنه ُب دماءها وتُج َمدها، تشعُر بالالشيء
ال
ناحية الحياة.
نصيبي من هذا العذاب أتى كافيًا لمعرفتِك، ُخنت ثقة واِلدي وأنت ُخنتني،
َم
ي كل هذا يا فارس؟ ِل
َم تفعل ب
ال حق يضيع بهذه الحياة وكما تُدين تدان، ِل
تُحزنَي بهذا القِدر؟ أشعُر إني أختنق من النُدب التي تنتشر على جسِدي
َي، لم يجيء
ومن هذه الجروح، أنا أفقد نفسي تما ًما وال أحد يمَد يد العون إل
واِلدي بعد ولم أرى أح ًدا يُشفي قلبي من هذا ال ُحزن، وأنت أي ًضا تزيدني،
ُصاب بهكذا خيبة وكأنني أصاب بمر ٍض ُعضال
تقتلع جذوري بح َدة، أن أ
َوى
يُشعرني بأنني أنتظ ُر الموت. " كيف ت ُخون وعيناك فرد وس؟ " كيف تق
يا حبيبي؟
إقترب منها لتزداد إبتعا ًدا حتى ألتصق ظهرها بالجدار : هذي أشياء قديمة،
قبل ماأعرفك زين
عبير ببكاء تفق ُد به كل خياراتها، إرتجفت شفت يها : الحين عرفت قيمة إني
أفقد أبوي! عرفت كيف الناس تجرحني بهالطريقة اللي تفجعني !
فارس: ماهو انا اللي أجرحك!
عبير بضيق تنهار ببطء : أبيه . . و َدني له . . ما عاد لي في حياتك شي!





فارس برجا ِء عين يه الذابلت ين : طيب أنا أعترف، أنا سيء في كل شيء
لكنَي أنا اللي أحبك فوق كل شيء.
عبير نظرت إليه بشفافية دمِعها، أهت َز قلبُها المرتجف من ُجملته التي ال
ُمستثارة بالبكاء : كم مرة قلت
تعبُرها بسالم، استيقظت الربكة في دماءها ال
أحبك ألحد غيري؟ كم مرة شافت عيونك غيري؟ . . تكذب يا فارس . .
فارس : والله العظيم ما قلتها ألحد غيرك بهالصدق !
عبير : وش اللي بيخليني أثق فيك؟ كيف أثق بشخص ما أحترم حدود الله؟
أنا أصالً فقدت ثقتي بالكل أول ما عرفتك! أول ما عرفت وش يعني
الخوف؟ الخوف اللي يخليني أروح لطريق ح َذرني الله منه . .
فارس أخذ نفس عميق وهو يستنج ُد بالكلمات حتى تُساعده : ال توجعيني
فوق حزني !!
عبير بخفُوت ب َح صوتها ليواسيها البكاء بحز ٍن عميق : ليه؟
فارس : وش تبيني أعترف لك فيه؟ . . أنا غلطت، تص َرفت تصرفات ما
تنكتب وال تنقال بس ُعمري ما انصلح حالي اال معاك! و ُعمري ما صدقت
بشي كثر صدقي بكالمي لك
عبير بجدي ٍة تقتلها قبل أن تقتله : ما أبيك يا فارس! قلتها قبل أمس مقدرت
تكون زوجي وال راح تقدر !
ٍق يُشعره بأنه يحمل العالم في صدره : لك اللي تبين
فارس بضي
عبير : بتطلقني وبنسى إنك مَريت في حياتي
َو قلبك على
فارس بإنكسار واضح في صوته : مَر هالكلمة يت؟ . . يا ق
عبير كانت ستتكلم لوال إنهيار عين يها بالبكاء، ش َدت على شفت يها حتى ال
" تزي ُدها وجعًا.
" آه
تخ ُرج
فارس بعُقدة حاجب يه : واضح إنك قادرة أنك تكَملين حياتك بدون ال تلتفين
لورى! في كال الحالتين كان اإلنفصال قدامنا بس كان ممكن يكون بطريقة
ألطف من كذا
عبير شتت نظراتها بعي ًدا : أساسنا خراب! وأنا ما أرضى بهالخراب
فارس بغضب يقترب منها ليلتصق بطنها ببطنه : ُحبي لك ُعمره ما كان
خراب! الخراب إننا نلتقي بين هالجدران





عبير أبعدت عين يه، تخاف هذا القُرب وهذه العين ين التي من شأنها أن تُحبط
أ يتسر ُب ألنفاسها : أعترف َي عم ٍل و ُمخطط تلز ُم
ٍ
َوجع
نفسها به، فارس ب
بكل شي راح تتهميني فيه لكن أعترف إننا ألتقينا بالوقت الغلط ، الوقت
اللي ما ساعدنا بشي وال جمعنا بمكان واحد ينفع نقول عنه إنه المكان
الصح!
عبير ُدون أن تنظر إل يه : ما أبي أسمع شي، أبي أطلع من هنا وأشوف
أبوي
فارس : من علَمك تقسين؟
عبير : أنت اللي قسيت، جرحتني وخيَبتني فيك !
فارس كان سيتكلم لوال إنطفاء الكهرباء وتتبعها االنوار التي تُضيء
الغرفَة، ارتعش جسِد عبير من هذه العُتمة، صمَدت قبل أن . . .
،
يستلقي على األريكة بألم فظيع من ساقه التي يلفَها الشاش األبيض
ومازالت الرصاصة تغر ُز الوجع فيه : هذا اللي صار
ُعمر بده َشة : رحنا وطي!!
أسامة : لو عرف سليمان بنروح فيها . .
ُعمر وضع يد يه على رأسه : وفيصل مسك األوراق علينا!! كل شي بدآ
يطلع من سيطرتنا . . !
أسامة : كيف أخذ األوراق؟
ُعمر : واضح أنه دخل البيت في غيابنا . . وش الحل يا أسامة؟
َي
أسامة : الزم نف َكر بحل، أنا لو رجعت لرائد ليخلَص عل
ُعمر : ما نقدر نهرب وجوازاتنا عنِده ؟ . . وش رايك نخبَي عليه لين ندبَر
لنا حيلة
أسامة : إلى متى؟ بيوصله علم رائد أكيد





َهد : فيصل أمره محلول الليلة لكن رائد
ُعمر بضيق تن !!!!
ص َم أسامة ت حتى داهمت األصوات الخارجيَة الغرفة، ُعمر هرول سريعًا
للنافذة بإستغراب من هذه الضوضاء، نظر للسيارة التي يخر ُج منها رائد
لتتسع عيناه بالصدمـة : قامت جهنَم في البيت !!!!
،
نظر إليها بده َشة وأعصابه تتل ف شيئًا فشيئًا : متى قالت هالحكي ؟
أثير : الصبح! عشان تعرف أنك مخدوع فيها . .
عبدالعزيز بهدوء : أدخلي غرفتك وال تطلعين
أثير بخوف : وش تبي تسوي؟
عبدالعزيز بغضب : أدخلي !!!
برهبة بلعت ريقها لتدخل وتُغلق عليها الباب، عبدالعزيز ر َمى معطِفه و
سكارفِه على األريكة وهو يفتح أول أزارير قِميصه، إتجه ناحية باب
الغرفَة ليش َد على مقبض الباب ويفتحه بغضب، إلتفت عليها وهي جالسة
على ال ُكرسي وغارقة بتفكيرها . . وقفت بخوف من نظرا ِت عين يه التي
تُشبه نظراته عندما حِلمت به أنه يأتِها، بلعت ريقها لترفع حاجبها بإستفهاٍم
واضح.
ي!!
عبدالعزيز : قلت لك أكثر من مَر أن ِت اللي تجبريني ة ال تلعبين معا
أتصرف كذا
رتيل تجمَدت أقدامها من كلماته التي تُشبه تما ًما كلماته في تلك الليلة التي
أتى عليها، تراجعت للخلف والرجفة تس ُكن أطرافها، أقترب منه ليش َدها
َوة ناحيته وبو ِعيد : تح َملي أخطاءك!! . . دفعها على السرير لتتسع
بق
نظراتها بالده َشة والدم ُع يصعُد مجرى الكلما ِت إلى عينها، حاولت أن تقف
ولكن ثبَتها بكتف يها لتصرخ بوجهه : أتركنننني . .





.
.
"ت ِصل إليها رسالة ضيَقة ) عبدالعزيز في شقتكم القديمة ( نظرت إليها
بده َشة وفي عين يها تلم ُع الفرحة، رمشت كثي ًرا حتى تُصَدق أنه فعالً
موجود بباريس وبالشقة ذاتها" . .
.
.
يقرأ على ع َجل / اللي ورى كل هذا هو . . .
م لعقله
وقف بده َشة/صدمة/إستغراب/إحتضار تا .
أنتهى نلتقي على خير الجمعة()
رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية،
بقلم : ِطي ش!
الجزء )

)
رتيل تجمَدت أقدامها من كلماته التي تُشبه تما ًما ما قاله في تلك الليلة التي
أتى بها كخيا ٍل ُمح َرض، تراجعت للخلف والرجفة تس ُكن أطرافها، أقترب
َوة ناحيته وبو ِعيد : تح َملي أخطاءك!! . . دفعها على السرير
منها ليش َدها بق
لتتسع نظراتها بالده َشة والدم ُع يصعُد مجرى الكلما ِت إلى عينها، حاولت
أن تقف ولكن ثبَتها بكتف يها لتصرخ بوجهه : أتركنننني . .
هذه الصرخة التي من شأنها أن تستثير غضبًا فوق غضبه، و ُحزنًا يغ َص





بما يحصل بحياته.
كيف للقسوة أن تتراكم بعين يك وأنا أستد ُل بها؟ كيف لها أن تُقمعني بهذه
الهيئة وأنا أرى نفسي كلما نظرت إل يك !
تضببت رؤيتها من البكاء الضيَق في زوايا محاجرها، كتم أنفاسها بكفَه
وهو يحف ُر أصابعها بمالمحها، شعَرت بأن فكيَها يتكس َران، تذوب بقبض ِة
يِده وهو يحاول أن ال يسمع صوتها، هذا الصو ُت الذي يرتَد صداه بقلبه
وال يندثِر.
نزلت دمعتها من نبرتها التي تختنق بداخلها وال تخرج، أخذت شهيق
ومات الزفي ُر بقلبها، نظرت إل يه بنظرا ٍت قتلت كل جزء فيه، نظراتُها التي
أتت أقسى من التجاوز و الالمباالة، زادت ضغط أصابع كفيَها المتمسكت ين
بصدِر قاومه، كانت تقاومه بكفيَها ونظراتها، هذه النظرات التي ه حتى ت
ٍن كثيرة أقوى من األفعال
تأ ِت بأحيا .
ا، أشعُر بأن العالم بأكمله فوقي ولست وح َدك يا عزيز،
كان هائِالً، شا ِهقً
أشعُر وكأن ال ُدنيا بمصائبها تتواطىء معَك لتُحرق قلبي! لو كانت عين يك
أق ُل بعثرة لو كانت مالمحك أق ُل سمَر أق ُل قسوة ، لو كانت ُخطاك ة،
لتجاوزتُك! ولكنَك كنت ما ال أ َشاء وما ال يحتملهُ قلبي، كيف تفعل هذا
بإمرأة ظَفرت قوانين هذه الدنيَا ووضعتها خلف ظهرها من أجلك؟ كيف
" أحبك " بهيئ ٍة
تفع ُل هذا بإمرأة تجاوزت أفعالك بالشتائم التي كانت تعني
مبطنة، كيف تفع ُل هذا بإمرأة منعها خجلها في كل مَرة من المصارحة، كل
شيء يتعل ُق بنا كان ح َجة، ح َجة لقول ال ُحب وفعل ال ُحب وكل ال ُحب، قا ٍس
أكث ُر مما أظن، أنا التي أث ُق بعين يك أكث ُر من كل شيء، أث ُق بقُدرتك على
خيانتي بكل ماهو بمتناول قلبك ولكن عين يك ال تخون! عين يك ال تفعل بي
هذا! أتركني بسالم! كان واض ًحا أننا سننتهي بطريق ين منفصل ين، ولكن ال
تفعل كل هذا حتى أكرهك! ال تفعل يا عزيز من أجل بريق ال ُحب الذي لمع
في عين يك ذات مَرة، ال تفعل من أجل " أحبك " التي لم نتجرأ أن نقولها
لبعضنا بطريق ٍة ناعمة .
أرخى قبضته على شفت يها، نظر لعين يها التي تتو َهج بالدمع، وي َدها التي
ٍز
تالمس صدِره حتى تُبعده، ذبلت كفَاها حتى سقطت بمستوى موا





لجسِدها، أبعدت مالمحها للجهِة األخرى، أبعدت نظراتها عنه حتى ال
َءها : أتركني . . . اتركني
تراه، بب َحة نزف بها بكا
هي
ُ
مالذي يمنعني عنك؟ كنت قريبًا ج ًدا من أن أ نك بأكثر األشياء ذالً إلمرأة
ُمدللة مثلك! أنا أتوقف عن إهانتك في كل مَرة أنوي بها أن أرَوضك ذُالً،
ا في كلماتِك المهتَزة
كيف تكونين بهذه الثقة المؤذيَة، كيف يأ ِت صوتِك واثقً
، وكيف يخيب صوتِي في كل مَرة أقول
" أنا وقلبك نمنعك يا عبدالعزيز "
، ضعنا هذا ما أنا واث ٌق منه، في كل مَرة يا رتيل
" ما عاد لقلبي قرار! "
أحاول أن أنسلخ من مبادئي أجدني في عرض هذه المبادئ تحدي ًدا في
ي بهذه النظرات
عين يك التي تُهَذب كل أمٍر أنويه، لو أن ِك ال تنظرين ل
ألستطعت أن أفعل ب ِك كل ما نويتُه، ولكن ِك تملكين عين ين تُج َسد األفعال
بصورةٍ حا َدة.
أبتعد عنها بعُقدة حاجب يه ليقف بثبا ٍت ُدون أن يلتفت إل يها، دفنت وجهها في
الوسادة لتجهش ببكاءها وهي تحض ُن نفسها بذراع يها الناعمت ين و آثا ُر
قبضتِه مازالت على مالمحها الباكيَة.
صو ُت بكاءها ير َن صداه في جسِده الذي مازال يقمع محاوالت قلبه
باإللتفات عليها، نظر لقميصه المبهذل إثر مقاومتها له، أغلق أزاريره
ليلفظ : تعرفين وش اللي يح َز في خاطري؟ إني أهين نفسي معاك
َمر كانت تشد
شعَرت بأن حديٍد يُصهر في أذنها من كلماته، في كل ثانيَة ت
على عناقها لنفسها وهي تتكَور حول جسِدها كظ ٍل يأس من صاحبه،
بالحقيقة أنا يأست من أشياء كثيرة أه ُمها أنني يأست من هذا ال ُحب، قنط ُت
ي! أنا في أشد لحظا ِت حياتي يأ ًسا، في أكثر فترا ِت
من رحمة هذا ال ُحب ب
ُعمري ُحزنًا، ماذا فعلت يا عزيز حتى تجعلني بهذه الصورة؟ أنا التي لم
أتمنى الموت إال قُ صمت اال بالتِك، وأنا التي لم أحبس الكلمات وأتلح ُف ال
معَك، وأنا التي أحببتك كثي ًرا وأحزنت نفسي كثي ًرا، يلي ُق بِنا أن نفترق،
يلي ُق بنا دائِ ًما أن ينفر كالنَا من بعضه، أنا وأنت! هذا ما تقتضيه الحياة لنَا،
هذا ما تُمليه علينا.
إلتفت عليها، أطال النظ ُر إلى مالمحها المخبئَة في الوسادة، ويِده اليمنى
جاور جنبِ التي ت ه تشتَد حتى ظهرت عروقِه المنتشيَة على ظاهر كفَه، بح َدة





: أف َكر غيري وش كان ممكن يسوي فيك؟
رتيل ُدون أن تلتفت إليه وضعت يد يها على أذن يها : ماأبي أسمعك! ماأأبي
. . . أنفجرت بالبكاء لتصرخ : اطلع! . . . أطلع من حياتي!! ما أبي قُربك
وال أبي أشوفك . . ُعمري ما كرهت شي قد ما كرهت ُحبي لك!!
عبدالعزيز يقترب منها ليسحبها من ذراعها ُرغم محاوالتها بالتشبث
َوة على ظهرها للجدار، سحب السالح الراقد في
بالسرير، أوقفها ليدفعها بق
خصره، وجههُ لصدرها المرتجف، تجمَدت عروقها وأنفاسها الثائِرة ُدون
زفير يُسعف الموقف : شايفة شعورك الحين؟ هذا الشعور كنت أح َسه كل
يوم وكل دقيقة وكل ثانية! . . تخافين يغويني الشيطان وتنصابين؟ أو
ممكن تموتين؟ . . انا ماكنت أخاف من الشيطان! كنت أخاف من الواقع
ي
اللي محد قادر يقوله ل !
أعتلت نبرتُه ليجلد روحها بغضبه : كنت اخاف من أبوك ومن فكرة أنه
مخبي عنَي شي! كنت برضى لو مخبَي عني معلومة تكون بنظر الكل
َي شي! لكن كيف أرضى أنه
تافهة! كنت برضى لو كان مخبَي عنَي أ
يخبَي عني شخص من لحمي ودمي؟ أنا بالضبط وش سويت عشان أستحق
كل هذا؟ . . ممكن ضايقت أبوك! ضايقته كثير . . بس ما أذيته مثل ما
آذاني . . !
ُط يحف بح َدتها/قسوتها بعين يها : على
ُر فوهة السالح بنحرها وعين يه تتسل
فكرة! فيه أشياء كثير


إعدادات القراءة


لون الخلفية