الفصل 89
؟
البعض وغرزها بلحظ ٍة أخرى في ركبت يها و ليِدها التي تش ُّ
ِن يرتفعها نحو إذنها لتُحِِّرك به
في لحظ ٍة أخرى و السبابة واإلبهام اللذا
قرطها الناعم الصغير، ُدون أن تنظر إليه : وين بنروح ؟
" درج السيارة " الذي أمام أقدامها ليُخرج
فارس : مدري يا عبير . . فتح
السالح ويضعه في حضنه، أخرج الجوال ليحاول أن يفتحه إال أنه مقفل
برمٍز سري، نظر لألوراق ليُخرجها ويقرأها تحت أنظار عبير التي تراقبه
بخشيَة، تتفح ُص عيناه األسماء وألقابها التي تخفي شخصيا ٍت حقيقية، كان
يحاول أن يفكك الشفرات وهو يعُد في عقله المواقف السابقة التي حصلت
والكلمات التي كان يتناقلها والده مع رجاله، ينظ ُر للطريق الذي أمامه
وعين يه تغرق بالتفكير، صم ُت والده عن عبدالعزيز إلى اآلن يُثير بداخله
ألف سؤال، من المستحيل أن يكون والده بهذا الصمت والغباء، شعر بأن
عروقه تحترق من فكرة إستغباءهم لوالده، ادفع حياتي بأكملها من اجل
ه إتجاه عبير لم ت ُكن لمجرد أهواءه، ُهناك أمر ُم أبي، ح َمد خطوت خبأ و
فكرة أسامة ومهاتفته ألحٍد مجهول مثلما سمعته عبير لم ت ُكن أي ًضا لمجرد
الالشيء، ُهناك سبب واضح لصمت والدي وسبب أوضح لوجود هؤالء
حوله، ماذا يحدث بالضبط؟ عادت أنظاره لألوراق، للكلمات الحا ِّدة
ِّي المكتوبة، هل هذه
وثائق سريَة؟ من المستحيل أن توضع في السيارة، أ
رجال أبي يقود هذه السيارة؟ بالتأكيد ليس أسامة وال حمد . . ُهناك شخص
آخر يتالع ُب بهم.
ألتفت على عبير وهو يُعيد األوراق وخلفه السالح ليشتم نفسه عندما شعر
بأن ضيِّع فرصة التحقيق مع أسامة وعقله يربط األحداث، محاولة إغتيال
سلطان بن بدر وقعت ُدون علم أبي من رجاله، هذا يعني أنه هؤالء
الرجال مشتركين مع شخ ٍص يوجههم غير أبي، هذا الشخص ال بُد أن
يكون معروف، هذا يعني أن بعد حادث العيد كانوا رجال والِدي يتصرفون
بغير علمه، ِش ! ت
ح ِّرك السيارة ليُكمل سيره بطري نتهاه، وأفكاره تتخبِّط ٍق ال يعرف ما ُم
بإحتماال ٍت تُبعد عنه التركيز/اإلتزان، عبير بصو ٍت هادىء : ودني
الفندق !
لم يسمعها وأمواجه تتالطم عند طبلة إذنه، بصو ٍت أكثر وضو ًحا : فارس!
ألتفت عليها ليُعيد أنظاره بثواني قليلة إلى الطريق : هال
عبير : ودني الفندق . . أهلي هناك؟
فارس : ال . . بنشوف لنا مكان قريب تجلسين فيه وأنا بضطر أرجع
أشوف أبوي
عبير : بتخليني بروحي؟
فارس : ساعة بالكثير وراجع لك
ِّي مكان؟ إحنا مو
عبير وفك يها يتصادمان معًا : كيف تتركني بروحي؟ بأ
بالرياض!!!
فارس: طيب انتظرك لين تنامين وأطلع وماتصحين اال وأنا عندك. .
عبير : يعني تسكتني؟ تعرف شي! روح الله ال يرِِّدك
فارس ألتفت عليها وعيناه تشتعل بالغضب : يا ُكبرها عند الله
تنظ ُر للطريق وشفت يها ترتجفَان بزمهرير غضبه، شعرت بأن صدرها
يحترق بكلمتِه، المت لسانها كثي ًرا وشتمت نفسها بداخلها من دعوتها عليه،
و ِّدت لو تنطق شيئًا يُمحي هذه الدعوة، أخفضت
و ِّدت لو تقول " آسفة "
رأسها أمام عينيه التي تراقبها بقهر، ش ِّدت على شفت يها بأسنانها لتلفظ
بخفُوت : مو قصِدي!
فارس : في هالدنيا كلها محد يخاف عليك كثري عدا أبوك . . تأكدي من
هالشي
ر كإسم ُدون أن
ُّ
عبير تنز ُل دمعة رقيقة على ذكرى والدها الذي أصبح يم
تراه : أنا مقهورة من اللي صار! . . كان مفروض توقف بوجه أبوك قبل
ِّي عشان أنزل
كل شي . . كان مفروض ما تجي الفندق وتكذب عل
وتآخذني . . كان مفروض ما تتزوجني بهالطريقة الرخيصة . . . كان
مفروض تسوي أشياء كثيرة تخليني أثق فيك وبحبك . . بس أنت يا فارس
ما سويت شي!
فارس يركن السيارة مرةً اخرى ليلتفت عليها بكامل جسِده : طيب إذا كان
شي فوق طاقتي؟ تبيني أقولهم خالص أنا مقدر سوو اللي تسوونه فيها . .
أنا حاولت بس أمنع أشياء كثيرة كانوا ممكن يسوونها فيك! . . حاولت يا
عبير وتقولين ما سويت شي! . . يا جحودك!
عبير ببكاء : في داخلك كنت راضي ألنك تزوجتني وأنت موافق بس أنا
ماعطيتوني مجال حتى اختار! . . قهرتوا أبوي بعد هالعُمر! أبوي اللي
كان يرفض الرجال أحسنهم وأسوأهم بعد! . . كان يرفض ألنه ماكان يثق
بأي أحد والحين يجي أحد يتزوجني و أبوه بعد مالحق قانونيًا ويضر أبوي
. . فيه أكثر من كذا قهر ألبوي؟ . . ماراح تفهم أبد وش معنى انه أبوك
يحترق؟ ماراح تفهم أبد لما تشوف القهر بعيونه! أنا أعرف . . أعرف
والله أنه أبوي الحين جالس يحترق من وجودي معك! أعرف أنه أبوي
مايحط راسه على المخدة اال وهو مقهور! . . كيف تبيني أرضى؟ . . إذا
أنا رضيت كيف أبوي؟ . . محد بقى لي في هالدنيا اال أبوي! . .
وكسرتوه! كسرتووه يا فارس! ُعمري ماراح أغفر ألحد ك َسر أبوي
وقهره! ُعمري ماراح أسامح أحد ذبحني بأبوي!
ًء
فارس ينظ ُر لنهِر عين يها المتألأل : مو بكيفي! . . كانوا راح يآخذونك سوا
معي أو ال . . بس أنا مارضيت .. ألني كنت فعالً خايف عليك . . والله
كنت خايف عليك! . . صح معك حق ما حاولت كثير بموضوع الزواج
ألني كنت أتمناه . . بس ماكنت أتمناه بهالطريقة . . وال كنت راضي على
هالطريقة . . كنت أحلم بشيء ثاني! بس هذي الظروف . . هذي الحياة
اللي خلت خطواتنا تتقابل! . . بالنهاية محد بيجبرك على شي! بالنهاية راح
تختارين .. إذا مو اليوم بكَرا . . راح تختارين
،
،
في جهٍة أخرى صفعه بقوة حتى سقط على األرض، رفع حاجبِه : قلت
تمسكونه! تخوفونه! بس ما قلت أذبحوه واطلقوا عليه النار!
:هذا اللي صار! هرب ومقدرنا نوقفه اال بأننا نطلق عليه
رائد يُمسكه من ياقته : لو صار شي لولدي! وش ممكن أسوي فيك؟ . .
ضربه على رأسه . . فارس ال ! مفهوم ياغبي؟ . .
يقف وهو يعِِّدل ياقته وقميصه الذي أنتزع : إن شاء الله
رائد : انقلع عن وجهي . . . دخل أسامة وهو يُغلق أزارير جاكيته األسود
. . طلبتني
رائد بهدوء : اجلس . .
أسامة : تف ِّضل
رائد وهو يلع ُب بحبا ِت النرد بين أصابعه : أف ِّكِر نكلم آسلي ونحدد موعد
قريب في باريس
أسامة رفع حاجبه : آسلي؟ . . بس ماعنِدك عبدالعزيز!
رائد : هذا اللي بوصل فيه وياك . . نلتقي فيه ونخلي سلطان وبوسعود
ينشغلون بهالموعد . . نخليهم يجون هالمكان وبكذا راح نضرب روسهم
في بعض
أسامة : اللي تشوفه
رائد : أبي رايك
أسامة : متوقع أنها بتنجح الخطة ؟ يعني . . ممكن يشكون
ِّي جاسوس ممكن يخرب الوضع . .
رائد بثقة : ماراح يشكون! مافيه هنا أ
صح؟
أسامة بتوتر : صح . . وقف . . خالص أدبِّر لك موعد وأجهز لك اياه
رائد : تمام .. تقدر تطلع
أسامة خرج وهو يفتح أزارير ياقته من ُحمرة التوتر التي صعدت إليه.
رائد نظر إليه وهو يخرج ليتمتم : بنشوف أنا وال أنت يا سليمان!
،
كان المس ِّطح مرتفع وأقدام رتيل يُح ِّركها الهواء وبجانبها يجل ُس بصخ ِب
حضوره ورائحة عطره تغزو جسدها الذي يالمس معطفه : أكيد ما تهمك
كلمة هالقد؟
والبر ُد يسحب صوتها للداخل أكثر : مو مسألة كلمة! لكن مسألة رفضك
هي اللي توجع . . مو مسألة أني أبي أسمع منك كالم حلو وال غيره .. بس
كل المسألة أنك . . . . مدري أنت وش أصالً . . نظرت إليه بينما كانت
عيناه لألرض التي أمامه، أبعدت عين يها ليلتفت عليها بإبتسامة : وش
هالنظرة؟
رتيل إبتسمت ُرغ ًما عنها : نظرة وحدة حقيرة
عبدالعزيز ضحك ليُردف بصو ٍت ُمتعب : محشومة
بنبرةٍ تحمل معنى يعرفه عزيز : ليتك تقولها لشي ثاني
عبدالعزيز تن َّهد لينظ ُر إليها بنظرةٍ تُضيء هذا الليل الباريسي، يستم ُع
لتأوها ِت جسدها ب ُمجرد أن يالمس كفِّها، يشعُر بأنها تلتحم به في كل مرةٍ
يحاول أن يبتعد، في كل مرةٍ يحاول أن يُنهي البدايَة : عن الوجع
محشومة .
نظرت إليه لتُحقن عين يها بكلما ٍت خافتة ُمح ِّمرة ترتفع شحوبًا للحظة وتقتلها
البحة في صوتها : ما أحب غموضك يخي!
عبدالعزيز بإبتسامة يمسح دمعتها التي حاولت أن تالمس خ ِّدها : يخي؟!!!!
طيب أسمعي . . فيه بيت شعر أحبه كثير وعالق في بالي دايم
رتيل : ما توقعتك تحب الشعر
عبدالعزيز بضحكة : أحب المواويل! . . ترى حافظ إذا تبين
رتيل لتُردف بين دموعها : وش حافظ من المواويل ؟
عبدالعزيز : ما أحفظ شي شريف
رتيل : ههههههههههههههههههههههه زين تعترف بعد
عبدالعزيز : أيام الجامعة والسهرات كان ما يعلق على لساني اال المواويل
اللي أسمعها بالقهاوي ماكنت أميل للشعر أبد . . يمكن ألن كنت ملغي دور
قلبي فماأحب الشعر الغزلي أب ًدا
رتيل : وللحين ملغيه على فكرة
عبدالعزيز بضحكة : ال ماني ملغيه . . لو ملغيه ما قلت لك أبي أقولك بيت
شعر وبعد ماخليتيني أقوله
رتيل : طيب وشو؟
عبدالعزيز وهو يُبعد أنظاره عنها : أنت عمر صـب في عمري جفافه
نصف نار ونصفه الثاني جليد . . أنت نهر عندي استودع ضفافه وعذابي
ال افتكرت إني وحيد ! . . . لشاعر إسمه الحميدي الثقفي
ِقة إليها أمام إرتجافات شفت يها
نظرت إل يه بعين ين تتألأل، ترتف ُع الحمرة الضيِّ
التي تصارع البرد، بحنجرته التي تسرق الكالم واألماني والمواعيد ليُكمل
: و فيه شيء ثاني قرأته ببلوق أحد ناسي مين بالضبط .. لكن حفظته من
كثر ما استرجعه ببالي
رتيل تحت ضوء القمر كانت عين يها تُسرفان بالدموع ُدون أن تطلق آه
واحدة، عبدالعزيز : ماقلت لك ! كم أسهرك ؟ وأتنفسك ؟ وأمشي معك
واق ِّدرك .. ! وماقلت لك! تمر لحظه .. فيهـآ أكرهك ! وأحس إني اجهلك !
وأستغربك ! وأودعك .! وماقلت لك ! برجع بـشوقي و أعشقك .. و
بـداخلي ألملمك .. وأحلف, والله ما أتركك .. وأبدلك! ماقلت لك ! أني
ِّي ..! لـأني عجزت أستوعبك
غب . . .
ألتفت عليها لينظ ُر لعين يها الداكنت ين التي تُضيء بإسراف، لم أحبك كفايةً
، أنا بينُهما، ما بين الوجود والالوجود، ما بين البداية
ولم أكرهك كفايةً
ِّي أن أتز ُن أمام
ِِّ ٌد تما ًما، يستحي ُل عل
والنهاية، أحيانًا أشعُر بأنني أمامك مقي
عين ي ِك وأحيانًا أشعُر بأن اإلبتعاد هو الحقيقة الواحدة الموجودة أمام عين ي ِك،
ِّي، وأحيانًا أشعُر بأن ظالِلك تُعشعش بصدِري،
أحيانًا أشعُر بأن ِك ُهنا! ف
أحيانًا ال أعرفني، أجهلني كثي ًرا، أحيانًا أحبك بشراهة و أحيانًا ال أعر ُف
كيف أحبك؟
رتيل : ليه هالقصيدة بالذات؟
عبدالعزيز ألو ِل مِّرة تُضيء عين يه أمامها بما ِء محاجره، رفع حاجب يه
بالالأدري ليُردف : تركضين يا رتيل وتعرفين وش النهاية . . تركضين
كثييير وينقطع نف َسك بس ماتوصلين لشي . .
بكاءها : وش النهايَة؟ ما تعرفها كيف تحكم من
ِ
رتيل تتبل ُل مالمحها بملح
كيفك؟
عبدالعزيز يُدخل يد يه بجيُو ِب بنطاله وهو ينظ ُر للسماء الغامقة وعيناه
ترتف ُع بإتجاه القمر : شايفة هالمسافات الطويلة اللي مشيناها . . . . ضاعت
منِّ ع . . . ِي يا رتيل! . . ضاعت . . ومستحيل ترج
عقد حاجب يه وهو يشعُر بأن أعصابه تنهار شيئًا فشيئًا.
رتيل بصو ٍت يُقاطعه البكاء كثي ًرا : نقدر، صح أننا مقدرنا نسوي شي صح
في حياتنا بس نقدر
ِّي وقت
عبدالعزيز بضيق : أنا ما كنت جبان معاك! . . كان أقدر أقولك بأ
ِّي لحظة أني أفقدني لما أفقدك! بس
وبأ
ألتفت عليها وعين يه تستثي ُر دموعها : بس أنا مقدر أقول ألن أنا ما ينفع
أقول كذا . . ألني مقدر . . مقدر
اخفضت رأسها لي ِصل أني ُن بكاءها آلخر مدى في جسِده، تناثر بكاءها
وهي تستقب ُل إعترافِه الشفاف بنف ِسه، يالوجع الذي يتسر ُب من صوتِك، يا
نِك، يال ُكبر فجيعتي بقلبِ لمرارة الحزن التي تعبر لسا ك الذي يموت شيئًا
فشيئًا، لم يتر ُكوا لي مساحة ألتغنج ب ُحبك، لم يتركوا لي مساحة ألعشق
ِي رغي ُف الحب و تركوني على حاف ِة اإلنهيار، سرقُوا
إسمك، سرقوا منِّ
مني الماء و عين يك يا عزيز.
عبدالعزيز بحنجرةٍ تب ِّح مع الهواء : فيه رجال ينهزمون بالحياة ومايتقبلون
ون يحاربون ويحاربون لين تثور أوجاعهم ضدهم . . تخيلي
ُّ
الهزيمة يضل
أوجاعك توقف ضِدك؟ تصِّوري وش كثر الر ِّجال يفقد نفسه؟ إحنا ما نؤمن
بقبول األمر الواقع . . إحنا الرجال سيئيين ومحد يتأسف علينا وال يبرر لنا
ألننا نستاهل كل لحظة وجع! ألننا ماعندنا قلوبكم يا رتيل! ماعندنا قلوب
تتحمل وتحبس هالوجع! ما عندنا قلب يكمل حياته بدون ال يرجع لورى!
ماعندنا هالشيء! إحنا سيئين بالحب حيييل! وسيئيين أكثر ألننا تربينا في
مجتمع جاف! ما وقف فيه شخص يدافع عن ُحبه. . .
بنبرةٍ يتحشر ُج بها األلم يُكمل : المسألة ماهي فيك! المسألة أنه الشخص ما
يقدر يتخلى عن نفسه . . مايقدر ينفصل عن نفسه . . وأنا . .
رفعت عين يها التي تُضبب عليها رؤيتها من نهُر الدمع الذي يجري بها :
وأنت؟
عبدالعزيز تن َّهد ليُشاركه الهواء البارد األبيض الخارج من فِمه : وأنا؟ . .
مين بالضبط؟
رتيل بإرتجافة شفت يها وبالمسافة القصيرة ج ًدا ما بينهما : أنت يا عبدالعزيز
عبدالعزيز بو َجع الرجال الذين تالح ُموا في صدِره ولم يرحموه : ما قلت
لك الخسارة يوم جتني حاصرتني جماعة . . . وماقلت لك نحارب هالحياة
لين ينكسر فينا الضلع واحد ورى الثاني . . وما قلت لك أنك نفسي يا رتيل
. . وإني مهما بعدت ماراح ألقاني إال ويَاك . . وإني مهما سويت الكثير
منِي فيك . . وإني مهما حاولت أحفظك فيني . . يكسروني! .. .. مو أنا
اللي ما أبيك ألن محد يرفض نفسه وقلبه . . يقترب منها فوق إقترابه
تداف ُع بها الدم ُع ليحا ِصر مالمحها بيد يه وجبينه يالصق جبينها وعين يها ي بال
توقف، بصو ٍت يسل ُب قلبها و يزرع في كل زاويَ ٍة بجسدها وجعًا آخر
وعين يه تحتب ُس الدموع ُدون أن تنزل دمعة من أجلها : يمكن الله ما كتب
لنا الحياة في الدنيَا، يمكن الوعد في الجنَـة بس تدرين وش أخاف منه؟ . .
.
ِ أرتجف من درجة الحرارة التي تقل قة : أخاف أننا ما
أكث ُر بكلماته الضيِّ
نلتِقي بعد، قدرت أهرب وأحمي نفسي مَّرة ومرتين . . بس الثالثة ماراح
ِلها بعم ٍق
تكون سهلة أبد يا رتيل . . . أقترب من عينها اليسرى الباكيَة ليُقبِّ
و صو ُت الهواء الذي يُداعب أوراق األشجار وحده من يشارك صخب
أنفاسهم المتصاعدة : مو جبان لما تقولين أختار الطالق! . . ألني ما أبي
ننفصل . . ألني أبي أعيش هالخراب معك وهاألساس الهش اللي مقدرنا
نوثق حباله، أبي ل َّما أغيب تكونين زوجتي اللي مقدرت أراقب حركاتها
َمة، مقدرت أشوف عيونها كيف تشرق! مقدرت أحتفل معاها
وهي ناي
بزواجنا وال قدرت أجيب منها طفل يشبهها . . أبيك تكونين زوجتي اللي
حلمت فيها وال قدرت أوصلها . . اللي أنتظرتها وماعرفت كيف أالقيها . .
ابيك زوجتي اللي مقدرت أصلي جمبها ركعت ين وال قدرت أشوفها كيف
تصحيني! . . أبيك زوجتي اللي مقدرت أسهر معها ليلة وال قدرت
أشاركها بأ أبيك مثل ما أن ِت! أبي كل هذا ينتهي وأن ِت زوجتي ِّي قرار . .
لم تب ِكي مثل هذه المِّرة أب ًدا، ضاعت بغياهيبه وهي تُغمض عين يها حتى ال
تراه أكثر، هذا الوداع تعرفه، هذا الوداع ال تطيقه، أرتخى جس ُدها بين
ذراع يه وهي تجه ُل كيف تتحدث، تلعثم قلبها بالكلمات وبال ُحب، تشعُر بأن
الرجفة ال تخترق جلدها فقط! بل قلبها يُشاركها الرجفة، بكت كثي ًرا منه
وعليه ولكن لم تب ِكي يو ًما بكا ًء يذب ُل به كل شيء، يذب ُل به تفكيرها وقلبها
معًا، تفق ُد وظائفي الجسميَة مرونتها، كل شيء يتيبس يجف يا عزيز .
أقترب من عنقها ليحبس أنفه بها وهو يتحدث كأن روحه تُزهق، دقائق كي
ِّي، كي أحب ُس لمسات جسِدك في صدِري، أنا أموت يا
أسح ُب رائحتك ف
جميلتي وكل آه مصدرها سمَراء، وكل آه يتحشر ُج بها الطريق المسافر
ِي،
ُها عين يك، اموت بهزائمي التي قررت أن تُنيب بقراراتها عنِّ
عن ِك أصل
ِّي أ ! أنا ُموت من حرقة الولع، أمو ُت يا رتيل وال تكفيني صالة
الغائب عل
الذي كنت أرى الموت في أعينهم، أنا الذي أحببتُك في اللحظة التي كنت
أقترب بها من الموت، المج ُد لقلبك الذي صبَر والرثاء على قل ٍب أندثَر،
المج ُد للبكاء الذي لم يفِِّوت لحظة من غطرسته نحوي و الحزن كل الحزن
على أولئك الذين ج ِّر ُموا البكاء بحق الرجال، الحزن على أولئك الذين
ِّي، الحزن على
موني كيف أتغطر ُس على دمعي حتى تغطرس عل
ِّ
عل
المجتمع الذي تعامل مع الرجال ولم يتعامل مع إنسانيتهم، الحزن وكل
الحزن أنهم جعلونَا نبكي بقلوبنا حتى ال نضعف، ليتهم ينظرون! ليتهم
يعرفون كيف بكاء القلوب يسل ُب من الحَّو ا، ليتهم يعرفون كيف اس حركته
لقل ٍب أن يتقطع وال تنزل دمعة تخفف وطأة الن َحر، ليتهم يعرفُون وليتني
استطعت أن انسلخ من هذه القناعات من أجِلك، ليتهم يعرفُون كيف لبرزخ
القلوب أن يؤذي بهذه الصورة ُدون أن يُحيلني لحياةٍ أخرى، أنا واقف
بالمنتصف، واقف بالمرحلة الوسطية، واق ٌف ِي م وت
ِّ
وكل .
أغمض عين يه وهو يغر ُق بها : مقدرنا نسوي شي مجنون! . . ما صِّورنا
وال مرة مع بعض . . ما أحتفظنا بشيء . . قسينا! قسينا كثير!
رتيل رفعت رأسها للسماء لتب ِكي و أنها ُر عين يها ال تتوقف، وضعت يد يها
فوق رأسه القري ُب منها وهي تجه ُش ببكا ٍء ال يتوقف أب ًدا، ما عاد الوقوف
يُفيد؟ ما عادت النهايَة تُغري للوقوف! كل األشياء ترحل . . كل األشياء
تبتعد منِّ . ِي
عبدالعزيز أرتخت يد يه منها ليصعُد بقبل ٍة عميقة بين حاجب يها وهو يهمس
لعين يها المغمضت ين : جينا لزمان ماهو زماننا ولمكان ماهو مكاننا . . جينا
بوقت غلط ماكان في شيء صح إال عيونك . .
رتيل تدف ُن مالمحها بعنِقه وهي تستنشق ُسمرتِه وبصو ٍت مخنوق :
أشششش! ال تقول كذا . . ال تتشائم بهالطريقة! أنت تعرف وأنا أعرف أننا
نقدر . . راح نرجع الرياض وراح نكِّمل حياتنا . . راح نبدأ من جديد
ِّي؟
وراح ننسى هاللي صار! . . أنت ماتعرف وش يصير فيني لو تغيب عنِ
. . أنا مقدر . . إحنا قلوبنا بعد ما تتح َّمل! ما تتح ِّمل والله . . . ال تروح! .
. خلك هنا، أنا أحتاجك !
د جسِده بقوة، يعانقها
ِي يهط ُل على وجهه وهو يش ُّ
عبدالعزيز وشعُرها البنِّ
بعن ِف قلبه الذي اصطبر حتى تالشى صبره : ما أتشائم !
رتيل بضيق : من خاف سلم! .. وأنا قلبي خاف كثير وال سلَم يا عزيز
عبدالعزيز بخفُوت : كانوا يهددون أبوي لكن ما سمع لهم! . . وماتوا كلهم
ي . . . أنا
وال تركوا لي أحد . . . والحين نفس األسلوب يستعملونه معا
ماأتشاءم بس ما احلم كثير
رتيل ببكاء : ليتني ما سمعت كل هذا! . . ليتني ما عرفت كل هذا . . ليتني
ما اصريت عليك عشان تتكلم . . . ما احب هالوجع اللي بعيونك . .
أحترق يا عزيز فيه
يُتبع
،
بصو ٍت يتوتر لحظة ويتزن بلحظ ٍة أخرى، يجل ُس بسكين ٍة على المقعد
الجلِدي ُدون أن يتحرك به شيء سوى أصابعه التي تتحر ُك بموسيقيَ ٍة على
جان ِب الكرسي : حصل هالشيء بعد الحادث تحدي ًدا، اضطر مقرن
يساعدني وتورط معهم . . . خبينا غادة في مستشفى ثاني و . . قدموا
الرشوات للطاقم الطبي المسؤول عن حالتها . . قدرنا نزِّور أوراق كثيرة
تتعلق فيها . . حِّولنا إسمها وخليناه يقترن بإسم مقرن بدون رضا منه لكن
من ضغطهم عليه . . . فيه أوراق محتفظ فيها مقرن وكانوا يحاولون
يآخذونها داي ًما بس كل محاوالتهم تفشل ويساعدهم مقرن بطريقة ثانية غير
األوراق . . لين ما قد ُروا يضبطون له كل هاألفعال ووصلوها لكم بطريقة
غير مباشرة بعد . . لما وصلتوا لمرحلة الشك فيه أضطر يختفي عشان
يتفاوض معهم بخصوص الملفات اللي عنده من سلطان العيد الله يرحمه
لكن . . مقدر يسرب معلومات تخص أمن بلد . . أقتلوه! و الحين مهدديني
عشان ما يوصلكم كل هذا! . . . . . ألن سليمان راح ينهي قوة الجوهي
بعد ما ينهي األشخاص الواقفين هنا! . . كانت هذي خطته من بعد حادث
العيد . . لكن حاليًا يستعمله آسلي المتعاون مع سليمان ورائد بس بالصدق
هو ضدهم لكن يحاول يستغل إندفاعهم . . . عبدالعزيز هو الوجهة األخيرة
ِّي
لهم . . راح يستدرجونه في األيام الجاية عشان يروح لهم بروحه بدون أ
أحد ثاني . . وهناك راح يستعملون إسمه مع شركاءهم . . وعشان
يستعملون إسمه أكيد ماراح يكون ح ِّي . . . . راح يفككونكم .. راح
يفككون أساس األمن هنا . . وراح يضربونكم في بعض . .
عبدالرحمن : آسلي هو اللي كانوا يسمونه صالح؟
فيصل : إيه
عبدالرحمن بضيق يقف : كل شي قاعد يطلع من سيطرتنا . . !
و َصل سلطان بخطواتِه الثقيلة ليُسرع إليه أحمد : ينتظرونك . . في مكتب
بوسعود
سلطان يتجه نحو مكتبه بعُقدة حاجب ين حادة، فتح الباب لتتجه األعين نحوه،
نظر لفيصل بإستفهاٍم شديد حتى وقف اآلخر : أنا مضطر أروح الحين . .
مع السالمة . . . وخرج من أمام سلطان ُدون أن يتحاور معه بكلمة.
سلطان : وش صاير؟
عبدالله : اجلس وأستهدي بالله عشان نقولك
سلطان : أتمنى بس أنكم ما اتخذتوا قرارات من دوني
عبدالرحمن تن ِّهد : تطِّمن
سلطان يجلس على المقعد ب ُمقابلهم : وش صار؟ وش قال فيصل؟
مِّرت الدقائِق والساعات الطويلة في سماء الرياض و ُهم يشر ُحون ما قاله
َصل ثم معرفَ
في ة فك الشفرات التي بدأت تختلط ببعضها البعض، واألوراق
تنتش ُر في كل مكان حتى األرض التي جلس بها عبدالله ويحلل مسار
قضايا قديمة بدأ الشك يتسلط عليها، جلس كل واحٍد منهم في زاويَة
لمراجعة األوراق من جديد والملفات التي ُربما تعمل معلومة تساعدهم،
تربِّع سلطان على األرض وهو يو ِّزع بعض األسماء في األرض ليُردف :
ِّي ملف يحمل إسم فواز . . . . وال
صالح يتعامل مع فِّواز . . بس مافيه أ
ِّي وثائق رسمية . . ال جواز وال بطاقة تحمل هاإلسم
حتى له أ . .
عبدالرحمن رفع عينِه والساعة ت ِصل للثالثة فج ًرا : دققت بإسمه الكامل؟
سلطان صمت قليالً حتى أردف : فواز أكيد من طرف سليمان! . . يستعمل
هاإلسم عشان ما نصيد عليه ش ي!!!!!! . . . و سليمان يلتقي مع رائد
بأسامة . . هذا يعني أنه مخططات سليمان تتم بكل هالسرية ألنه يستعمل
إسم فواز . . ممكن يكون هو فواز مو شخص ثاني من اللي يشتغلون تحته
عبدالرحمن يقف وهو يسير يمنة و يُسرة : إذا حطينا هالفرضية .. أنه
فواز هو سليمان . . كيف حققوا و استجوبوا فواز؟ .. مين كان ماسك
القضية؟
سلطان : عبدالمجيد . . بو سطام الله يشفيه
عبدالله : يتعالج في باريس الحين صح؟
سلطان : إيه قبل مدة كلمته كان طالع من غيبوبة . .
عبدالله : هو تقاعد قبلنا بسنة أو . .
عبدالرحمن : معقولة يكون يعرف شي وما ح ِّطه في الملف؟
سلطان يقف وهو يُمِِّدد يد يه بإجهاد : بو سطام تقريبًا تقاعد
بعد
المشاكل في قلبه وعلى طول راح باريس . . لحظة لحظة . . في الوقت
نفسه كان سلطان العيد الله يرحمه مق ِّدم على التقاعد والروحة لباريس . . !
ِم عبدالمجيد ونستفسر! . . مستحيل يكون فيه
ِّ
عبدالله : ما فيه غير نكل
أوراق رسمية ما ح ِّطها في الملف
سلطان : ومستحيل تفوت على عبدالمجيد أنه هالوثائق مزورة وهاإلسم
ماله أ ! ِّي وجود! . . فيه شي ناقص بالموضوع
عبدالرحمن : كيف نلقى اللي كانوا مع عبدالمجيد في تحقيقه مع هالفِّواز!
سلطان : ووش يضمن أنه تم التحقيق؟ ممكن ماحصل تحقيق وكل هذا
كالم!
عبدالله : أنا رايي من راي سلطان! . . مستحيل هاإلستجواب يكون صاير
وناقص بهالشكل المشكوك فيه! . .عبدالمجيد مو غبي عشان تفوت عليه
مثل هاألشياء. . .
سلطان : هذي بتاريخ
/
/
.. يوم الخميس ..
عبدالله : ما تتم اإلستجوابات هذي يوم الخميس !
عبدالرحمن : الخميس إجازة لدائرة عبدالمجيد أصالً
عبدالله : إيه بدائرتنا معنا الخميس إجازة دايم وماتتم فيه تحقيقات وال شي!
اللهم أمور روتينية
سلطان تن ِّهد ليُردف بعد صمت لثواني : يعني هذا الملف مزِّور! أو ماله
ِّي شي يدينه . .
وجود! . . عشان كذا سليمان ما هو مراقب! ألن مافيه أ
بس هذي جريمة بعد! اللي غطوا عليه وأتركونا ننحاس كل هالحوسة
عشان نوصل إلسمه . . .
عبدالرحمن : وممكن إسم عبدالمجيد بالتحقيق مزِّور بعد . . مو شرط
سلطان : أموت عشان أعرف وش كان يخبي سلطان العيد الله يرحمه
عبدالرحمن : بنرجع لنفس الموضوع اللي ماراح يفيدك بشي
عبدالله : وش تتوقع ممكن يخبي سلطان العيد؟
عبدالرحمن : خرابيط من سلطان!
سلطان بإبتسامة : تتحدى! إذا طلع صح وش ممكن تعطيني؟
عبدالرحمن بمثل إبتسامته : أحلق شاربي!
عبدلله ضحك ليُردف: خرفتوا رسميًا!
سلطان : ألنه صار له كم يوم يشكك بأنه سلطان العيد ممكن يخبي شي
عظيم. . !
عبدالله يقف وهو يأخذ شماغه ليرتديه : طيب ليه ما نستعمل زياد! . .
نخليه يرجع لهم لكن نراقبه ويو ِِّصلنا هاألوراق اللي مضيعتكم
سلطان : مستحيل ينوثق فيه! . . خله زي الكلب هنا لين يجون الكالب
الثانيين ويحاكمونهم . . !
ِّي جريدة كاتبة عن إختطاف بس مو
عبدالله : على الطاري! اليوم مدري أ
كاتبة أسماء أحد لكن يقصدون بنت عبدالرحمن . . أتوقع رائد قاعد يحاول
يرسلك بطريقة غير مباشرة بأنه بنتك تحت التهديد
عبدالرحمن تن ِّهد بحنق : أفكر نحاصر بيته بس بهدوء، أخاف يوصله
ِّع في عبدالعزيز والبنات
الخبر ويول
سلطان : كيف بهدوء؟ .. ماراح نقدر! ألن هو ماسك علينا أكثر من شي .
. ولو عرف بموضوع أننا مصادرين بيته ماراح يرحم أحد!
عبدالله : هو اصال مافيه اال كم واحد بالرياض الباقي كلهم بباريس! . .
بكرا بدون ضجة نجيه . . ندخل مكتبه ونحاصر رجاله دامهم قليليين
ومحد بيوصله الخبر
عبدالرحمن : يعني بدون القِّوات؟
عبدالله : إيه . . واحد منِّا يروح ومعه إثنين ويتولون الموضوع . . !
سلطان : خالص تم! أنا بكرا أروح وآخذ معي من القِّو ون . . ات إثنين يكف
عبدالرحمن : تدخل مكتبه وتشوف ممكن توصل لشي وال تحاول تتكلم مع
الحرس ألن أصال ماراح يعرفون شي !
،
ينظ ُر بعين ين متسعت ين ليلفظ بخفوت : موجود! معاه وحدة
ُعمر : يا حيوان خلك وال تتحرك . . لحد يشوفك . . راقب البيت و شوف
وين يدخل وحط الظرف عنده . .
:طيب بس شكلهم مطولين . . هذي زوجته يمكن بنت عبدالرحمن
ِّي ربكة
ُعمر : زوجته وال اخته وش دخلني أنا! . . انت ال تسوي أ
وتخليهم ينتبهون لك . . خلك هادي
:طيب اذا ما طلع برا البيت وش أسوي؟ آخذه هو واللي معه
ُعمر : أقطع راسك لو تلمسه قبل ال أقولك . . أنت الحين سِّو اللي قلته لك
بعدين نفكر .. الواحد يكون حذر مو غبي كل شي بسرعة
تن ِّهد : مو إذا صرنا حذريين قلتوا الناس تتذابح وأنتم تتفرجون وإذا صرنا
متسرعين قلتوا بتشككونهم فينا . .
ُعمر : إكل تراب ناقصك أنا . . وأغلقه بوجهه.
،
بعين ين نا ِعسة تضع رأسها على صدره، تسم ُع لموسيقى قلبه الخافتة وهي
ترتفع بلحظا ٍت قليلة وتصمد للحظا ٍت كثيرة، ال يخرب اللح ُن بها، مازالت
ُجغرافيَ ِة صدره وحدها المالذ، أظن أنني بدأت أقع بتشعباتِك في قلبي،
لس ُت أظن على كل حال بل ُمتأكدة تما ًما أنني ال أريد الخالص منك :
ِّي
كلمتها اليوم وقلت لها عن القضية و عصبت عل
ُم على شعرها : عصبت! . . ليه؟ ماقالت لك شي ثاني
يُوسف بصو ٍت ينا
ُمهرة : تقول أنك تدِّور الزلة عشان تطلقني ومن هالكالم
يُوسف عقد حاجب يه : أمك غريبة
ُمهرة : هي أعصابها توترت من عرفت بموضوع اإلجهاض . . وصارت
تح ِّملني الذنب في كل شي أقوله لها
يوسف : ُمهرة ال تزعلين مني بس ما تالحظين انها تخبي شي!
ُمهرة : آل أنا اعرفها أمي هي يمكن منقهرة ومتضايقة من سالفة اإلجهاض
مو أكثر
يوسف : ممكن تعرف شي عن أخوك الله يرحمه؟ يعني ممكن قبل ال
يتوفى قالها شي و
قاطعته ُمهرة بح ِّدة وهي ترفع رأسها عن صدره : مستحيل !
يوسف : مو قصدي أنها تكذب! بس ممكن هي خايفة من شي . .
ُمهرة : أنت مالحظ أنه صار لك يومين تتهمني مرة ومرة فهد ومرة أمي
يوسف يجلس ليسند ظهره على رأس السرير : مو إتهام! أنا أقولك أشياء
مستغرب منها وأمك تثبت لي هالشي بعصبيتها وبردة فعلها
ُمهرة بغضب : تصبح على خير غطي وجهها
.. . وأعطته ظهرها لتُ
بالفراش ُدون أن تلفظ كلمٍة اخرى، في داخلي شعُور بانه يحاول أن يبتعد
بطريق ٍة ال تؤذي ضميره، يحاول أن يتهم ويفتعل المشاكل حتى أبتعد من
نف ِسي .
يُوسف يقترب منها ليضع ذراعه حول بطنها ويسحبها بإتجاهه : مو
قصدي أجرحك بأخوك وال أمك . . أنا آسف
ُمهرة وعين يها بعين يه : هالموضوع يوترني كثير! خالص خلهم يفصلون
ًء كان الذنب علينا أو عليكم . . ما
بالموضوع بدون ال نتناقش فيه .. سوا
أبغى أعرف وش بيصير وال وش راح يصير! . . أتركني أتقبل النتيجة
بوقتها
يوسف بإبتسامة : وعد ماراح أتكلم بهالموضوع قدامك أبد . . أقترب ليُقبِِّل
جبينها . . تصبحين على خير
،
تستلقي على األريكة وهي تضغ ُط على بطنها للحظا ٍت كثيرة حتى ترفعها
ِق على خدها، تأمل ُت كثي ًرا بأن تأ ِت اليوم
بهُدوء، يسي ُر دمعها بمجرى ضيِّ
يا عبدالرحمن، تأمل ُت بأن تأ ِت وتنتشلنا من وعثا ُء باريس، لم ولن أكره
مدينة ك ُكرهي و ُمقتي هذه اللحظة لباريس وفرن َسا بأكملها، متى نعُود كما
ُم شملنا ونسعَد؟ إلى متى
ُمحقق! متى يلت
ُكنَّا؟ متى نجتمع جميعًا بفرحٍ
والدم ُع ال يج ِّف من محاجرنا؟ إلى متى وال ُحزن يغر ُق بنا؟ إلى متى
وكفوفنا تتج َّم عبدالرحمن ونح ُن بهذا ُد دون دفٍء من أحدهم، إلى متى يا
البكاء وهذه الندبَات تُحاصرنا في كل مكان؟ إلى متى ونح ُن ال نثير دهشة
السماء بفرحة؟ بضحكة؟ بإبتسامة؟ إلى متى ونح ُن نعِّد األيام للحزن! إلى
متى ونح ُن نعيش بهذا الكابوس؟ ال أطلب الكثير، ال أطلب الفرح بقدر ما
أطلب الراحة، أطل ُب هذه الراحة التي ُسلبنا منها طيلة األيام الفائتة؟ حاليًا
ٍن تربِّت على
ال أشعُر بشيء أكث ُر من شعوري ببالِد الحروب، بأوطا
طلقات النار والدبابات! كيف يعيشون؟ كيف ينامون بهدوء؟ كيف يأكلون؟
كيف يراقبون متى يحين الموت؟ كيف يحملون كل هذه القوة لإلستسالم
بمجِد الشهداء؟ أشعُر وكأنني أنتظر فجيعٍة بأحد، متى أراك يا عبدالرحمن
حتى تخمُد في عيني الحروب؟
نظرت للباب الذي يُفتح لتدخل منه رتيل ومالمحها تُثير الفزع بقل ِب ضي،
وقفت لتتق ِّدم إليها : رتيل؟
أرتمت بحضنها وهي تعانقها بش ِّدة لتبكي على كتِفها، ضي بخوف : صاير
شي؟ . . تكلمي طيحتي قلبي
رتيل : عبدالعزيز
ِل بالمطر وعلى معط ِف عبدالعزيز
ضي بحزن تربت على ظهرها المبتِّ
ج صخب رائحته فيها لتُردف : تعِّوذي من الشيطان . .
الذي ترتديه،و يض ُّ
قطعتي نفسك بالبكي
رتيل : أحس روحي بتطلع! .. ما قد شفت في حياتي كلها كيف شخص
يموت من داخله! كيف يبقى ِكذا جسد وبس! . . ما قد شفت هالشي أبد . .
يوجعني حييل يا ضي .. أحس أني بموت من الو َجع
ضي التي تستنز ُف عاطفتها كثي ًرا ب َكت معها : بسم الله عليك . . ال تقولين
كذا
رتيل : حسيته يو ِّدعني . . ما كان يفضفض هو كان يعترف بأننا ما عاد
فيه أمل . . كل شيء ممكن الواحد يتجاوزه اال أنه يموت بإيده األمل . .
ليه يعيش؟ إذا مافيه أمل وال فيه سعادة تنتظره؟ . . . أحس بنار في
صدري .. ما وِِّدي يروح مكان! خايفة يصير له شي .. ما أبيه يموت يا
ض ِّي
ضي تسق ُط دموعها كسكاكين في صدرها : محد يموت قبل يومه! الله
يطِّول بعمره . . وش صاير؟ ليه يقولك كذا
رتيل : ما أدري! . . بس ُعمره ما كان صادق مثل هالمِّرة . . . كان
صادق كثير . . . كان وِِّدي أسمع منه هالكالم بس ليتني ما سمعته . .
سمعته واوجعني فيه . . . . ليه كذا؟ ليه يصير معنا كل هذا؟ . . يوم
حسيت كل شي ممكن يتحسن رجعنا للبداية اللي عيِّت تختفي
،
يجل ُس على الكر ِسي بجانب السرير وعين يه تراقب محاوالتها البائسة في
ِل والده، ينظ ُر لحركاتها الخافتة
النوم، يغر ُق بمالمحها ليغرق بتفكيره بأعما
د
ليسترجع بعض المواقف مع رجال والده، تنتحي عين يه لكفوفها التي تش ُّ
على الفراش ويستعي ُد بعض الكلمات التي سمعها من والده، أقترب منها
ليهمس : عبير
ِّي أحد . . وفيه تفتيش آلي
فتحت عين يها بهدوء ليلفظ : الفندق ما يدخله أ
عند الباب .. ماراح أتأخر بس ساعة وراجع
عبير بخفُوت : طيب
ِل جبينها ويخرج ُدون أن ينظر لردة فعلها، نزل لألسفل
فارس ينحني ليُقبِّ
بالساللم متج ًها لمواقف السيارات، ركب السيارة ليقودها بسرعة تتعدى
السرعة القانونيَة، ينظ ُر للساعة التي تقترب من الثانية فج ًرا بتوقيت
باريس، فتح درج السيارة ليضع األوراق بجيبِه وهو يقود بتهِّور، رفع
ٍر يجع ُل عقله
ر الدقائق السريعة بتفكي
ُّ
عينه للطريق ببرود ليُكمل سرعتِه، تم
يُصيبه األرق من المصائب المتداخلة ببعضها البعض، ركن السيارة اسفل
الشقة التي يسكنها والده ليقترب من إحدى الحرس : هذي سيارة مين؟
لم يُجيبه وهو يلفظ : أبوك مع ِِّصب خليتنا نضطر نطلق النار
فارس يلكمه بقوة على عينه : هذي سيارة مين؟
:ما أعرف
فارس : طيب . . حسابكم معي ما خلص . . .وصعد لألعلى وهو يُعِِّدي
الدرجت ين بخطوة، فتح مكت ِب والده الذي كان يقرأ بإحدى األوراق بتمع ٍن
شديد، رفع عينه بغضب عندما أنتبه له : ش ِّرفت! . . وقف . . مين سمح
لك تطلع وال مآخذها معك بعد!
فارس : أترك هذا على جمب . . كيف مخلي هالحمير عنِدك؟ يشتغلون من
وراك وينسبون لك أشياء مالها عالقة فيك!
رائد ببرود : طيب؟
فارس : وش طيب! . . أسامة جالس يخِّون فيك
رائد : أدري! . . مع سليمان
فارس عقد حاجبيه : تعرف ومخليه
رائد بإبتسامة : أحيانًا من الذكاء أنك تتغيبى شوي! . . بعد كم يوم راح
يجي سليمان بحجة عقد وراح أورطه فيه !
ِّي فارس تنهد وراسي كان بينفجر من
ِّي اللي جا
براحة : الشرهة والله عل
خوفي عليك يا يبه بس واضح أنك مضبط كل أمورك
رائد : ليه طلعت؟
فارس بحدة : من الحمير اللي عنِدك! . . الحين مين يطلع سليمان؟
رائد : إذا عرف سليمان بأني قابلت آسلي واتفقت معه على كذب بيروح
ويتفق معه واورطه بقيمة لو يقضي عمره كلها ما جاب ن ِّصها . . وينتهي
بالسجن زي الكالب اللي قبله . .
فارس : يعني بتكذب وتسوي نفسك شاري من هاللي إسمه آسلي عشان
يندفع سليمان ويشتري ألنه ضامنك وساعتها بتطلع ببرود و تتركه يواجه
خسارته
رائد : عليك نور! كما تدين تدان! هو تص ِّرف بموضوع سلطان العيد مثل
ما يبي وح ِّرك المواضيع ببرود وخالني اتورط فيها! . . أنا هالمِّرة بورطة
ورطة مايطلع منها لو يحب السما
فارس : بس توريطته لك ما كلفتك ذاك الشي الكبير! وأنت تبي تفلسه على
اآلخر وترميه بالسجن
رائد بنرجسية : ألنه تحداني! . . وأنا ماأحب أحد يتحداني
فارس : ماراح ننتهي من هالمشاكل؟
رائد : لين يصير اللي في بالي! بك ِّف شري عن ديرتك يا حبيبي
فارس: وديرتك
رائد : بهاجر هجرة بال عودة! بنسى الرياض واللي جابوا الرياض! بعيش
حياتي مثل ماأبي ومثل ما خططت
فارس : مو كذا األمور تن ِّحل! أنت متورط بجرايم كثيرة !
رائد : وين الدليل؟ لو عبدالرحمن واللي معه يقدرون كان ما شفتني الحين!
ُهم ببساطة يعرفون أنه ماهو من صالحهم يتحدوني! . . عشان كذا خل
سليمان يتعشى فيهم وينسفهم وبعدها أنسف سليمان وانتهي من هالعفن !
،
يطلق آهٌ مؤلمة : ال تح ِّرك كثير
:يخي دبلت كبدي . . تقول ح ِّرك رجلي ومرة تقول ال تح ِّرك
حمد : يا حمار ح ِّرك رجلي الثانية أحسها تحللت
:من الدرج اللي في راسك قلت لك أبعد عن فارس بس ما طعتني
حمد : وتحسبني ببعد! والله ثم والله ألخلي هالكلبة تحترق لما تشوفه!
:وش تبي تسوي؟
حمد : كل ماضيه الوصخ بجيبي! بالوقت المناسب راح أنشر غسيله
وساعتها بشوف كيف بترضى فيه بنت عبدالرحمن ؟
:بتودينا بداهية! من الحين أقولك أنا مالي دخل ألن لو عرف رائد أني
معك قسم بالله ال يشرب من دِِّمي
،
بخطوا ٍت هادئة يُغلق الباب لينفتح النور، ألتفت بفزع لينظر لوالدته :
مانمتي؟
والدته بوج ٍه شاحب : أنتظرك
فيصل عقد حاجب يه وهو يقترب منها : خير فيه شي؟
د بها
ُّ
صفعتهُ على خ ِّده بكل ما أوتيت من قِّوة، هذه المرة األولى التي تم
يِدها عليه، بعين يها الغارقة بالدمع : قلت مافيه شي وكذبت!
فيصل وقف متجمًدا من صدمته بالصفعة التي لم يعتاد عليها أب ًدا ولم يراها
في حياته، نظر لوالدته بنظرا ٍت من شأنها أن تزي ُد من غضبها : ليه كذبت
ِّي؟
عل
فيصل : يمه وش صاير! والله مو فاهم وش تقصدين؟
والدته وعين يها تختنق بالدموع : مين ُعمر؟
فيصل : ُعمر!
والدته بغضب تصرخ عليه : إيه ُعمر! . . متصل ويهدد ويتكلم بأشياء
ِّي
ظنيت أني أعرفها بس طلع ولدي يخبي عل
فيصل يشعُر بأن براكين تثور في صدره : طيب أهدي .. ال ترفعين
ضغطك
والدته : فيصل ال تهديني ماني أصغر عيالك! قولي مين عمر؟ وش
عالقته بمقرن وبهالناس!
ُع ريقه : كان موظف و . . يعني حصلت مشكلة وهو شكله يبي
فيصل يبل
يخوفك بس عشان يقهرني ألني متهاوش معه
ِّي؟ . . فيصل أنا أعرفك لما تكذب! . . قولي مين
والدته : تضحك عل
هذولي؟ . . ياربي حرام عليك اللي تسويه فينا! عرسك بكرا وأنت تتهاوش
مع فالن وعالن! . . واليوم الشغالة تآخذ من السواق أوراق من مكتبك! . .
وش صاير؟ ليه ما صرت تداوم! وين تجلس كل اليوم؟
فيصل بضيق يُمسك يد يها حتى يُخفف من توترها : طيب أجلسي يا بعد
ُعمري مافيه شي يخِّوف التشغلين بالك! . . بيتم العرس على خير
وبتفرحين وأنسي كل هذا . . صدقيني كله كذب
والدته : يا يمه اللي تسويه غلط! .. صدقني غلط !
ِّي شي من هذا .
ِّي .. ماراح يتكرر أ
فيصل يقبِّ . روحي ِل جبينها : حقك عل
نامي الشمس قربت تشرق وأن ِت سهرانة
والدته بضيق : الله يصلحك هذا كل اللي أقوله . . وصعدت لألعلى.
راح أو ِِّصل لسليمان
فيصل تن ِّهد بغضب ليُخرج هاتفه ويكتب رسالة "
خرابيطك لو حاولت لمجرد المحاولة أن تتصل على أمي! وحط هالشي في
معك " . . . . أتصل على من هذَّ بالك والله ال أحرقك أنت واللي ب غضبه
وأعاد له توازنه في هذه الحياة بعد الله، أنتظر كثي ًرا حتى أتى صوتُه
ُمس ِكن لكل األوجاع بنظره : هال بالغالي
ال
:هالبك . . وش أخبارك يبه؟
ي
فيصل : تمام . . رحت اليوم لبوسعود وكلمته . . قلت له كل شي قلته ل
:كفو . . !
فيصل بتنهيدة الوجع : بس ماني مرتاح يا عمي! . . راح يحوسون حولي!
:فيصل ال تهتم! كل األمور من الله بتتس َّهل . . .
رون ناصر وزوجته؟
رون عبدالعزيز! . . ويض ُّ
فيصل : اخاف يض ُّ
:ناصر وزوجته بالحفظ والصون . . !
فيصل : وعبدالعزيز؟
الله يحفظه . . ال تفكر بأحد . . ف ِّكر بنفسك وشوف مشاكلك بالشركة . . ! :
فيصل يزف ُر بإختناق: والله خوفي يكشفونك ويضيع شغلك وشغل سلطان
العيد الله يرحمه وراك
:تدري يمكن محد يعرف هالشعور كثير! بس شعور الفخر والفرح بعد
تعب أستمر سنين يا زينه من شعور! . . قريب ج ًدا راح ينتهي كل هذا . .
وراح نحتفل كلنا بسجدة لله وتذكر كالمي يا فيصل
ِقة : ليت مقرن كان موجود
فيصل بإبتسامة ضيِّ
:دمه ماراح يروح هباء . .
يُتبع
،
دخل بإرهاق ُدون أن ينظر ألي شيء بالغرفة، توجه نحو الدوالب ليرتدي
الصباح، عقد حاجب يه ليخرج
بيجامته، نظر للسرير المرتب على حاله منذُ
وينظر للطابق الثالث، صعد ب ُخطى خفيفة ليقترب من الباب الذي يتيقِّن
بأنها خلفه، فتحه بخفُوت لينظر لعين يها النائمة، اقترب وهو يُغلق الباب
ِق حتى أستلقى بجانبها، شعر بأنفاسها التي
بقدِمه، يتسل ُل إلى السرير الضيِّ
توحي بأنها مستيقظة، بحركٍة تعرفها جي ًدا، سحبها من خصرها بلط ٍف
سلطانِي حتى ألصق ظهرها به، فتحت عين يها ُدون أن تتحرك شفت يها
بكلمة، همس : ليه نايمة هنا؟
الجوهرة : مانمت! كنت راح انزل تحت
سلطان ويِده اليمنى تستلقي على بطنها، أرتعشت من لمسته، ال تعرف
كيف تسلل إليها شعُور بأنه وكأنه عرف باألمر، حاولت أن تتخلص من
ِِّدها .
قبضته وتنظ ُر إليه لتترجم عين يه ولكن زاد بضغطه ليُقي
الجوهرة بسخرية : أكيد فيه شي مفرحك! هو الزم الجوهرة تبقى تحت
سيادة مزاجك
سلطان : بالعكس! ما صار شي مفرح لي اليوم! . . بس حبيت أكسر كلمة
مزاج اللي ما تفارق لسانك
الجوهرة : وكسرتها؟
سلطان يُقبِّ ا وهو يهمس: أكسرها لك مرتين لو تبين ِل عنقه
شعرت بأن حرارة جسدها ترتفع وال ُحمرة تغزو أطرافها، أنت تعلم يا و َجع
الكلمات في قلبي، يا ضي ُق التسويف في صدري، تعلم جي ًدا أنك تُشعل فتيل
ُمستنزفة ب ُحبك، تعلم أكثر كيف للحياة أن ترتفع عند عين يك وكيف
الدماء ال
تسقُط؟ يا وجعي يا سلطان ِمنك في كل لحظ ٍة تجِِّمد بها الكون أمامي،
ِّي يقيني، بح ِق الله كيف تخلخل خاصرة اليقين
ِع عل
أحيانًا أشعُر بأنك تُضيِّ
بأصابعك ُدون أن تدرك ماذا أرتكبت! أحيانًا أقف مصليَة متعبدة بأملي
ِّي صالةُ األمل التي يركع بها قلبي، تُذهب عقلي إل يك
وأحيانًا تقطع عل في
س ُجوِد أفكاره المتسبحة، ُكنَّا نقول في صغرنا إذا صعدنا كبِّرنا وإذا هبطنا
" الله أكبر على وجعك "
سبِّحنا، وأنا ُكلما أرتف ُع لعين يك أقول في نفسي
،
وحين أسق ُط بِك ال أعر ُف كلمة أبل ُغ من " عيناك و َجع و إني إليها تائبة "
حتى ُحزني يتُوب بصوتِي، يخمُد لينام على عتبة لساني ولكن صوتُك يا
سلطان يُزعزع نومه ويُفزعه، صوتُك كيف يجرح؟ كيف يخدش روحي و
على ضفافِه ينب ُت الفردوس؟ قُل كيف ال أبكيك؟ وأنا أشعُر بأنني مأذنة ال
د صداه، أتشعُر بهذا الخلو/الوحدة ؟ أتشعُر كيف يعي ُش
ُّ
ت ِج ُد صوتًا تر
اإلنسان ُدون أن يرتِّد عليه صوته؟
بلعت ريقها لتُردف بربكة من أفكارها المتخبطة : قاعد تمحيني!
سلطان ببرود يستفزها : أنا؟
الجوهرة بإختناق : ما يوجعك شي على فكرة! أنت تتلذذ بكل كلمة
تجرحني فيها!
سلطان : ما اتلذذ! بس متعِّود لما استجوب أحد أعيد كالمه عشان يصرخ
ويقول كل اللي في قلبه
الجوهرة بحدة: وقلت لك أفصل ما بيني وبين شغلك . . !
سلطان : وأنا أصلي الفجر بالمسجد سمعت قصة ُعمر بن الخطاب رضي
الله عنه وزوجته
الجوهرة : رضي الله عنه
سلطان : لما علت صوتها عليه . . وجاني إحساس بأني أتقبل أنك تشتميني
اليوم
الجوهرة ُرغ ًما عنها أفلتت ضحكة من بين شفتيها : وتقول مافيه شي
مروقني! المسجد لوحده يرِّوق الواحد ويهِِّدي أعصابه
سلطان بإبتسامة : قلت في نفسي! معليش يا سلطان خل الجوهرة تصرخ
وتعصب وتسوي اللي تبيه . . بالنهاية هي من حقها تصرخ وتنهبل بعد إذا
تبي
الجوهرة وتظهُر أسنانها من إتساع إبتسامتها لتُردف بخفوت : ضيف
لصفاتك أنك مل ِّكع
سلطان بضحكة يحبسها ليُكمل بتمثيل ُمقنع : جلست بالسيارة شوي وأنا
أفكر كيف أخليك تطلعين كل اللي في قلبك! ألن بكذا راح تتخلصين من
حواجزك قدامي
الجوهرة : وأيش وصلت له ؟
سلطان بجديِّة : وال شي
الجوهرة ضحكت ُدون أن تحاول أن تحبس ضحكاتها أمامه : ما يستفاد
من كل هذا ؟
سلطان : بالضبط! أنا ابغاك تسأليني ليه قلت لك هالسالفة؟
الجوهرة : ليه؟
سلطان يقترب من إذنه ليُردف بخفُوت : وصلت لقناعة أننا مفروض نؤمن
باللي كتبه الله لنا
الجوهرة : قناعة! مررة بدري
سلطان أفلت ضحكة خافتة ليُردف : هنا المشكلة الثانية
الجوهرة : ليه أحس أنك تتمصخر!
سلطان : واضح؟
الجوهرة بغضب : أبعد عني . .
دها أكثر : المشكلة الثانية حلها أني أخليك تتثقفين
سلطان بضحكة خافتة يش ُّ
شو ي فيني
الجوهرة بحدة : اتثقف فيك!
سلطان : ألن نظراتي لك عمرها ماكانت انتقاص مير أن ِت تشوفينها كذا
هذا دليل أنه ثقافتك فيني ماهي كافية
الجوهرة : وش تبي توصله سلطان؟
سلطان : نحدد مشاكلنا ونعالجها بعدها نقرر
الجوهرة : وش مشاكلك معي؟
سلطان : أوالً فيه شي بخاطري من زمان وِِّدي أقوله بس دايم أتراجع
الجوهرة ابتسمت : وش الشي؟ أكيد لي حق فيه
سلطان : يعني هو لك حق بس مو كثير
الجوهرة تشعُر بلذة اإلنتصار : إيه وشو؟
سلطان : ليه دايم أحسك تتعمدين تطلعين قدامي مبهذلة؟
الجوهرة صخبت بضحكتها وبضحكا ٍت نادرة تخرج منها جعلت سلطان
يبتسم لضحكتها : واضح أنه دورك عشان تتمصخرين؟
الجوهرة : أوال عمري ما طلعت بشكل مبهذل بس أنا فعال ما أحب
المكياج وال أحب أترك شعري مفتوح !
سلطان : بس تحبينه يكون مفتوح قدام غيري
الجوهرة : أقولك شي! مرة عمتك قالت لي الرجال إذا تبين تقهرينه صح!
خليه هو والجدار واحد
سلطان : شوفي عمتي لها سلسلة فاشلة من الزواجات! يعني نصايحها لو
تفيد كان فادتها
الجوهرة : أنا ما طبقت نصيحتها بس كما تدين تدان
سلطان : واضح الغل في قلبك والله لو أني يهودي
الجوهرة : أنت سويت فيني اللي ما يسوونه اليهود!
سلطان : تبالغين كثيير
الجوهرة : وش صار اليوم؟ أحس فيه شي وصلك
سلطان : ذكية الله اليضرك! . . تبين الصراحة ماصار وال شي من اللي
قلته لك بالبداية بس مريت المسجد جلست فيه شوي وجاني واحد شايب
قمت أسولف شوي معه وقالي دايم قبل ال تقِدم على عمل منت واثق فيه
كفاية تذ ِّكر الرسول صلى الله عليه وسلم .. قول في نفسك لو كان الرسول
مكاني راح يسوي هالشي أو ال؟ إذا حسيت أنه بيسوي هالشي سِّوه وإذا