الفصل 65

الغليا ن وكأ َّن براكين قلبها تنتقل اآلن لرأسها ، ش َّدت نفسها للخلف لتجلس
و تسحب فُستانها و تُغطي سيقانِها النحيلة ، تعذَّب يا عبدالعزيز لتعرف من
و أنت تعرف من هي رتيل ! هي التي تُرادف
رتيل "
خ َسرت ؟ خسرت "
قلبك. هي أنا ولن تن ُكر ذلك ،
ِر رأسها و كعبُها الذي اليتزن
عبدالعزيز مسك كفَّها لتِقف تترنَّح من دوا
على األرض ، مسكها من خصرها ليُوقفها بإتزان ، رفعت عيناها الباكيــة
له ، عبدالعزيز بخفوت : أجلسي
رتيل وضعت كفوفِها على ذراعه التي تُحيط خصرها ، أرادت أن تُبعده
ولكن قوتها ضعفت بعد سقوطها ، كل عظامها رخَو . ة تذب ُل بذبول عين يها
جلست على الطاولة ، أبتعد عنها ليأتِي بالماء ويمُده لها ، أخذته لترميه
عليه و ج َّن جنُون رتيل.
أخذت ترميه بكل شيء على الطاولة بأنظا ت إحدى الفازات ٍر ُمشتعلة ، ر َم
الثقيلة عليه لتؤلم بط ِن عبدالعزيز. تجاهل ألمه وتق َّدم إل يها بغضب ليُمسك
كلتَا ذراع يها ، همس بحرارةِ غضبه : إيدك ما تن َّمد ال والله أكسرها لك
رتيل بحقد : أكرهههك .. أكرهههك ... أكرههههك ... *رددتها و دُموعها
تنسا ُب مع ُكل حرف*
عبدالعزيز تركها ليِقف : أطلعي برااا
رتيل صرخت : خل يجي أبوي .. أنا أبغاااه يجي ... أنا أبيه يشوف الكلب
اللي مدخله بيتنا
عبدالعزيز و اليتحم ُل إهانا ٍت اكثر ومن أنثى كرتيل ، بالوع ي أخذ قارورة
المياه الزجاجيــة الخالية من األمالح ليرميها عليها!
رتيل أنتبهت وأنحنت جانبًا لتُصيب طرف يِدها ، تناثر الزجاج حولها !!
عبدالعزيز بحدة يُشير بسبابتِه : وبعزته ال أخليك تندمين على كل حرف
تقولينه وربِِّك يا رتيل ال أوريك نجوم الليل في عز الظهر
،
صعَدا الدر ج ليلتفت ناحية ُغرفة رتيل : نامت ؟





ضي : من شوي صعدت وقالت بتنام
ه َّم عبدالرحمن ليتجه نحو غرفتها لوال يد ضي التي مسكته : أترك لهم
شوية خصوصية
عبدالرحمن بهُدوء : بس بشوفها ماني محقق معها
ضي : ولو يا قلبي البنات كبروا و أنت شايف كيف ينفجرون عليك ألنهم
يحسونك محاصرهم بكل جهة ، أتركهم فترة وهم بنفسهم راح يجونك..
عبدالرحمن تن َّهد وتوجه لغُرفــتِه ، ضي من خلفه : أفكر أتصل على أفنان
وأقولها فشلة تشوفني بعرس أخوها وتنصدم يعني أمِِّهد لها
م ساعتِــه ، أردف بالإهتمام : ليه تنصدم ؟
عبدالرحمن ين َزع الكبك ومن ثُ
بكال الحالتين ردة فعلها بتكون وحدة!!
ضي : آل ولو ماهو حلوة تشوفني في عرس أخوها واقفة و تنصدم
عبدالرحمن بحدة لم يُسيطر عليها : سوي اللي تبينه
ضي عقدت حاجب يها : ليه تكلمني كذا ؟
عبدالرحمن : يعني كيف أكلمك ؟ واللي يخليك ضي ترى مزاجي مايتح َّمل
اليوم
ضي نظ َرت إل يه بإستغراب لتُردف بقهر : طيب
عبدالرحمن ن َزع مالبِسه و أرتدى بيجامته لينام ُمتجاهالً ضي ، ش َّدت على
فك يها من قهرها وكأنها تَّود أن تكسر أسنانها ، نزلت لألسفَل لن تتح َمل أن
تنام وهي غاضبـة ، جلست بالصالة لتنساب عليها أفكا ٌر كثيرة لم يسعفُها
الوقت لتناقشها مع ذاتها بسبب د ُخو ِل رتيل ، ُصِدمت لتقف : رتيل!!!
ألتفتت عليها. تضببت رؤيتها من دمِعها و هاال ُت الكحل ترتسم حول
عينيها. تق َّدمت لها ضي : بسم الله عليك وش فيك ؟
رتيل بحدي ِث ضيء الدافىء عادت لبُكائِها ، سحبتها ضيء لصدِرها وهي
تعانقها : تعالي أجلسي ... جلست وبجانبها ضيء : كنت أحسبك نايمة !!
وين رحتِي ؟
رتيل بحشرجة صوتها المبحوح : لعبدالعزيز
ضيء رفعت حاجبها : عبدالعزيز !!
ي
ِّل عل
رتيل بقهر : أكيد تدريين لحد يمثِ





ضي : أبوك ماقالك عشان...
رتيل قاطعتها بغضب : آلتبررين له !! الكل مسترخصني .. من الصغير
لين الكبير !! طيب مايحق لهم يزوجوني كذا ! كيف يزوجوني وأنا
ماعندي خبر .. تدرين انه كان يقرب مني ويقهرني وأنا أحسبه حرام
ِّي !! مين
وماأنام ليلي من التفكير وآخر شي يكون هو وأبوي متفقين عل
أهم أنا وال عبدالعزيز ؟ مو حرام عليهم يسوون فيني كذا ؟ .. .. أصالً هو
بيتزوج !! شايفة الرخص كيف ؟
أخفضت رأسها لتجهش ببكائِها أمام ضيء ال انها ال تعرف ُمتجِمدة في مك
ِّي حدي ٍث تُخفف وطأة الخبر على رتيل
بأ .
همست : محد رخصك ! والله أبوك مارخصك أضطر .. هم عندهم مشكلة
في الشغل و . . .
صرخت في وجه ضي لتُقاطعها : الله يلعن الشغل !! الله يلعنه ... اللله
يلعنه !! مين أهم أنا وال الشغل !
ِ رتيل لتُك
صخب البيت ب ُصراخ مل : ماصارت حياة حتى أبسط حقوقي
يتحكم فيها هالشغل !
ضي بهُدوء وقفت : أهديي ال تصحينهم .. بشرح لك الموضوع كيف صار
ِِّت وراح لشخص يبون يمسكونه
.. عبدالعزيز متنكر بإسم شخص مي
َّى
وخطر علينا وقالهم أنه عبدالعزيز العيد متزوج بنت بوسعود !! و خل
أبوك في موقف اليحسد عليه ، عبدالعزيز أجبرهم يزوجونه ! ماهو برضا
أبوك بس بعدين أبوك أقتنع وقال مانعطي خبر لعبدالعزيز وال لرتيل ألن
هذا الصح بس عبدالعزيز عرف وأن ِت الحين عرفتِي
رتيل : كيف عبدالعزيز عرف ؟ يعني بيتزوج وحدة مايعرفها !! قولي
حكي يدخل المخ
ضي ُدون أن تنتبه لخطورة ما تقُول : هو ماحدد أن ِت أو عبير يعني كان
ممكن تكون عبير زوجته فعشان كذا
أكث ُر مآسآوية من التي قبلها ! خيبةٌ
أخرى تش ِط ُر قلبها ، خيبةٌ
رتيل و خيبةٌ
ِّي ؟ ألهذه
أكبر من أن تتحملها ! يالله ألهذه الدرجة ؟ يُفضل عبير عل
الدرجة عبدالعزيز يُريد أن يقهرني بأختي ؟ يالله أني ال أتحمل هذه الدناءة





، رأ ُسها يدور وعيناها تتضب ُب برؤيتها.
ضي بهمس دافىء : صدقيني أبوك كان مجبور ومضطر ، شايفة قد أيش
ضحى عشانكم بس هالمرة ضحي عشانه وبالنهاية عبدالعزيز ماهو
بالشخص السيء ! يكفي أنه ولد سلطان العيد . . بس هالفترة لين تن َّحل
مشاكلهم بالشغل وبعدها راح تقدرين تعيشين معاه بـ . .
قاطعتها رتيل ب ُصراخ ه ِّز البيت : يالله بسهولة تقولينها كأنه شي عادي !!
تبون تذلوني وتقهروني !! أنا دايم اللي الزم أضحي أنا اللي الزم أنهان ..
بس عبير أل .. عبير تبقى معززة مكرمة محد يدوس لها بطرف بس رتيل
مين رتيل ؟ أحلف بالله أنه الشغالة ترحمونها أكثر مني
عادي .. أصألً
أتاها الصو ُت الرجولي الحاد ليقطع حديثها :
رتــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــ ــــــــل
ُمنفجرة تما ًما ، ألتفتت لوالدها الواقف عند الدرج و بأعلى الدرج
رتيل ال
عبير تسم ُع لحديثها ،
رتيل ب ُسخرية و البكاء يهط ُل كمطٍر أتى بعد جفاف : هال بأبوي هال
بالغالي اللي ذلني لعبدالعزيز وأرخصني
عبدالرحمن بغضب : أحفظي لسانك زين
رتيل بقهر : ليه تبيعني له ؟ ليه أنا بالذات ؟ ليه داي ًما تقهرني هذا وأنت
أبوي ؟ كيف تبي الناس تحترمني وأنت ترخصني للي يسوي واللي
مايسوى !!
عبدالرحمن بهُدوء : ما بعتِك وال أرخصتك ألحد !! كان راح تعرفين
بالوقت المناسب
رتيل صرخت : هذا زواج كان الزم أعرف !! عطني حريتي ولو مرة
وحدة !! حرام عليك يكفي .. يكفييي هالحياة اللي عايشة فيها حتى عن
الزواج تبي تقرر عني !! طيب آمنا بالله وقررت عني طيب أترك لي خبر
.. طيب حسسني ولو مرة بأهميتي في حياتك !! .. أنا وش ؟ قولي انا وش
بالنسبة لك ؟ من أول يوم جاء فيه عبدالعزيز خليته يقهرني ويذلني له !!
أنت بنفسك سمحت له يذلني !! لهدرجة أنا وال شيء بالنسبة لك ؟ وش
أفرق عن عبير !! قولي وش أفرق عنها ! أنا بديت حتى أشك انك أبوي





صرخ عليها : كان بيجي وقت مناسب أقولك فيه ! ولو قلتي لي ماأبيه كان
طلقتك منه وال بجبرك على شي ماتبينه بس بهالفترة أنا مضطر .. أفهمي
معنى كلمة مضطر .. الحياة ماتمشي زي مانبي أحيانا الزم نسوي أشياء
مانبيها عشان نقدر نعيش
رتيل بخفُوت و ُسخرية :إيه صح مضطر !! صح أنا نسيت أنه عندك شغل
أهم مني !
عبدالرحمن بهُدوء : مافيه شي أهم منك
رتيل بجنُون تصرخ : إال فيه .. فيه عبير .. فيه سواقنا .. فيه شغاالتنا ..
فيه عبدالعزيز .. فيه ضي .. فيه ناس كثيرة أهم مني .. أنا ويني منهم !!
مالي مكان .. بس هالعبدالعزيز اللي مصعده للسما ذ ِّل بنتك إذا يهمك أمر
بنتك ... كان يجيني ويقهرني ألنه يعرف أني زوجته بس أنا ماكنت أنام
الليل من التفكير وأنه الله بيعاقبني وأنك لو دريت بتذبحني !! بس طلعت
أنت بنفسك مسلمني لعبدالعزيز .... لو أمي حيَّة ما تجرأت تلعب فيني كذا
..
أرتفع صوتها أكثر :لو أمي موجودة ماكان لعبت فيني !! أنت حرام تكون
أبو .. حراااااااااااااااام .... مين بقى لي ؟ قولي مين بقى لي ؟ كلكم تخليتوا
عني كلكم أرخصتوني !! الله يآخذني ... الله يآخذني ....
أقترب والدها ليحت ِضنها ويُس ِكن البراكين الناعمة التي تث عدت ُور ، أبت
ليلتصق ظهُرها بالجدان المزخرف بتموجا ٍت عتيقة لتلف ُظ بصو ٍت خافت
بعد أن أستنزفت طاقتها : الله يرحمني منكم . . . وبخطوا ٍت سريعة
ركضت بها لألعلى حي ُث غرفتها.
،
في زاويـ ِة البيت ضحكاتِهم تتعالى و أحاديثُهم الخافتـة ال تُسمع ، أر َدفت
بضحكة : بتشوف بنت أبوها وش بسوي
غالية : وش ناويتن عليه ؟
وضحى بخبث : بعلمها كيف تتفاخر بزوجها المصون.. !





غالية أبتسمت : اليوم كل ما كلت ر ِّجعت شكلها صدق حامل
وضحى : وأن ِت صدقتيها ! إال حامل وقولي وضحى ماقالت ! .. أستغفر
الله بس مدري كيف تزوجت وأخوها ماصار له سنة !! مافي قلبها رحمة
غالية نفثت على نفسها : فكينا بس !! هي عندها إحساس أصالً
وضحى تُقلد صوتها : يـــــــــــــوسف. !!
غالية : تهقين يحبها!
وضحى : آل أهل الرياض جافين مايعرفون يحبون وال شي
غالية : تغيروا ماعادوا على خبرتس يا حظي !! .. بنات جارتنا فتُون اللي
ماينطل بوجهِهن مآخذين من الرياض ورجاجيلهن قايلين بهن هه *حرك ت
يد يها بإشارة لتدليعهن* .. تحسبينهم على زمن جدتس وجدي !
وضحى تن َّهدت : حتى عيالنا مو ناقصهم شي
غالية ب ُسخرية : أبد يصبحتس بوردة ويمسيتس بضحكة
وضحى رفعت حاجبها : أصالً وش ذا اللحوج وردة وأفالم أبيض وأسود
..
غالية بخفوت : تهقين يوسف مسوي بمهرة تسذا ؟ *كذا*
وضحى : الله يعلم بس شكله كذا .. مير مالت عليها على وش ياحظي !
شينة و ر َّجال مابها أنوثة
أكملتا األحاديث عن هيئا ِت الخلق و ن ُسوا الخالق الذي يُمهل وال يُهمل ،
ُمسلمين الل
يأكل ينـة ، كيف قبَلت أنفسهم بأ َّن ُون في ليلهم ل ُحوٍم أخوانهم ال
ُّي تقزز و قبحٍ
تغتاب و الله يراهم ؟ كيف ر ُضوا بأك ِل اللحوم اللينة ؟ أ
تكتسي أنفسهم ! و نح ُن الذين درسنا التوحيد و نعرف أن ال أحٌد يموت اال
وفعل مثل ما كان يعيبه!
،
ِه وهو الذي اليُحب الفوضى وإن أرتكبها يو ًما م
يُرتِب ُغرفتــ ا. من يراه
فقط بل هيبـة و سكينة وإن كان له
" أمامه ليس هيئةً
رائِد الجوهي
يقُول "
جان ٌب سيء ، قلي ُل الكال م صامت خافت هادىء قارئ مجنُون شغوف





عاشق ُمهيب هَو في ضد مع نفسه عندما يش َرب ويس ُكر ! ن َظر لصحيفة
األندلس التي في أعلى الرف يُتوسطها مانشيت بعنوان " عبدالرحمن آل
رماها في علبة النفايات
"
متعب ينِفي تعُرضه لمحاولة إغتيال في باريس
الصغيرة ذات النقوش العثمانية ، أبتسم ب ُسخرية وهو الذي يعلم تفاصيل
تلك الحادثة . . يعر ُف عن أدق مخططات والده في وق ٍت يشعُر والده بأ َّن
، والِدي يحسبُنِي أنني معزول كليًا
إبنه ال يعر ُف شيئًا وأنه " على نياته "
عن عمله و أنا الحا ِضر بكل زواياه ، س َرح عقله لتلك األيام.
ير ُسمها في أول لوحة لها ، يغم ُس رأس الفُرشاة الناعمة بخيُو ِط اللون
العنابِي ليُشبع شفت يها بها ، وضع سماع ِة هاتفه ليستِمع للطرف اآلخر :
بيروحون باريس وراح يخطفون بنته هناك!
فارس بهُدوء : أهم شي . . عبير
:وش يعرفني كيف شكلها ! فارس ال تورطني معك
فارس : كيف ماتعرف شكلها ! أكيد أختها الثانية واضح انها أصغر !
:أبوك بدا يشك فينا !
فارس بحدة : آخر طلب !! لو سمحت
تن َّهد اآلخر ليُردف : طيب براقبهم وبشوف مين عبير فيهم
فارس : يكون أحسن
بهُدوء : طيب دام عندك صورتها ليه ماترسلها وتريحني
فارس : نعم يا ُروح أمك!!
اآلخر بتخوف : خالص خالص ياكلمة أرجعي مكانك
عاد لواقعه وهو يُلملم قصاصات الورق البائسة حي ُث كتاباتِه الضعيفة ،
يالله كيف كان يشعُر برجولته وهو يحميها ! و سهراته اللذيذة حين يكت ُب
ألجلها و يرسُم ألجلها و يؤرخ كل األشياء الجميلة ليحتفل بميالِدها ومن
أجلها فقط.
يالله يا عبير كم كان ُحبك صبيًا في قلبي وكم كان ال ُحزن يتغلغل في قلبِي
ُّي جنُون رزقني
ِن ُغرفتِك ال ُسكريِّـة ، يالله يا عبير أ
إن ضاقت بك ُجدرا
ُّي
الله به حين أحببتك ؟ أ حب إبنة من ي ُكن ع ُدو
ُ
جنون ذاك الذي جعلني أ
والِدي ! يا حبيبتِي كما قال إبن زي ُدون " أغا ُر علي ِك من َعيني و ِمني ،





و . . . . أغا ُر علي ِك حتى من كلما ٍت
و ِمن ِك ومن زمان ِك والمكان ! "
ها عيناك لم أكتُبها أنا
ُ
تقرأ .
،
لم ترتاح في نومها الق ِصير حتى أستيقظت و أستيقظ غثيا ُن معدتِها ، تقيأت
ُم يسب ُح في أحشائِها ، عقلها الضائِق ُكل ما يُف ِكر به صعوبة هذه
و األل
الحمل ! إن كانت في هذه الشهور األولى هكذا إذن ماذا سيح ُصل بها في
شهورها األخيرة ، نزلت دُموعها بتف ِكيرها ، صغيرة ج ًدا على تح ُمل هذا !
صغيرة ج ًدا لتعرف كيف تتح َّمل هذا األلم ، خ َرجت من الغُرفة حتى
التزعج والدتها النائمة بجانبها ، أتجهت لغُرفة الجلوس الصغيرة في الدور
العلوي ، جلست وهاتِفها بيِدها ، حتى صديقاتِها عالقتها ب ُهن مح ُدودة و ال
تعرف كيف تتسلق الحواجز التي بين ُهن ، ال تُحب أن تتعمق بعالقاتها مع
ك هي اآلن وحيدة بعد أن كان فهد يح ُل جز ًء . أحد لذل كبي ًرا في أحاديثها
ي ، ُكنت ستُراقب تض ُخم
يالله يا فهد لو تعلم بشوقِي لك ، ُكنت ستفرح ب
بطنِي لتضحك عيناك ! ال أحد سعيد بحمِلي ، الجميع كلماتُهم منافقة ُمعتادة
! ال أشعُر بأ َّن أحد ُهم يسعُد ألجِلي. الأحد.
دخلت الواتس آب ، وقفت عند محادثة يُوسف كثي ًرا ، دقائِق طويلة ت ُمر
وهي تتأم ُل كلماته الماضية حتى رأت الـ " line on " أسفَل إسمه ، كانت
ستخرج لوال أنهُ حادثها " غريبة صاحية الحين " !
"
بلعت ريقها لتكتُب " كنت بنام
يُوسف " يعني آكل تبن وأسكت "
أبتسمت لتكتب " أل "
حجزتي لك موعد ؟ "
يُوسف "
ُمهرة " إيه بعد بُكرا العصر إن شاء الله"
"
يُوسف " طيب الحين نامي وارتاحي
ُمهرة " يوسف "





يُوسف " ؟"
ُمهرة بربكة أصابعها التي تكتُب تراجعت و أرسلت " خالص وال شيء ..
تصبح على خير "
يُوسف و اليعر ُف كيف يفهمها بهذه الساعة " ينفع أتصل عليك ؟ "
ُمهرة لم ت ُرد عليه بل ضغطت على إسمه لتتصل و يأتيه صوتُه الناعس ،
ُمهرة بصوتها الهادىء يزي ُد صوت يوسف خفُوتًا : كذبت ماكنت أبي أنام ،
قبل شوي صحيت
يُوسف : ليه ؟ تو الساعة عشان تصحين!
ُمهرة بضيق : تعبانة أحس روحي يتطلع من الترجيع وأنت بكرامة ..
يوسف : بسم الله عليك ، أتوقع هذا طبيعي وال ؟
ُمهرة : يمكن بس أنا مقدر أتحمل كذا ، يعني هاليومين ماني قادرة أنام
بشكل متواصل كل شوي أصحى . . نومي متقطع مرة
يُوسف بصمت يستِمع لها ، ألو ِل مرةٍ تُفضفض له أو ُربما ألو ِل مرة
ائِق بتمدده. يقطع الدق
تح ِكي له شيئ مطوالً
ُمهرة بنبرة توشك على البُكاء ، الحمل أضعف قلبها وبشدة ، أردفت وهي
تُخفض رأسها ويغطي مالمحها خصال ُت شعرها : مقدر أشرح لك ..
مااعرف كيف أوصلك معنى كالمي بس . . . تعبت حيل وأنا توني دخلت
الثاني كيف لو جت الشهور األخيرة !
وال يعر ُف كيف يواسيها و بنبرةٍ دافئة : أكيد بالبداية بتتعبين بعدها خالص
، يعني هذي الشهور األولى و .. أتوقع أنها عند الكل تكون كذا
ُمهرة أبتسمت بسخرية : ماشاء الله عندك خبرة
يُوسف ضحك ليُردف : اللي أعرفه أنه دايم كل شي جديد يكون صعب في
البداية
مهرة بعد صمت لثواني طويلة : خالص ماأبغى أسهرك ويخرب نومك ..
قاطعها : أصالً طار النوم
ضحكت بعفوية لتُردف : تدري يوسف !!
ِن نُعاسه : هممممم
ُمستلقي على سريره و الكاذب بشأ
يوسف ال





ُمهرة : أنك مجامل و مستفز
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ُمهرة : جد اتكلم يعني مستعدة أحلف أنك الحين متغطي بالفراش و ودك
تنام
يوسف : ههههههههههههههههه قايل من زمان شيوخ حايل يحللون
الشعوذة
ُمهرة : هههههههههههههههههههههه بسم الله على قلبك يا ولد الرياض
يوسف أبتسم حتى بانت صفة أسنانه : صدق ما قلتي لي وش تخصصك ؟
ُمهرة : رياض أطفال
. . .ساعة تلو ساعة ، دقيقة ت ُمر و تأك ُل الدقيقة األخرى ، أحادي ٍث
ُمتواصلة ال ت ِجف حتى شهد ت الشم ُس عليهما وهي تش ُرق على أصواتِهما
و تتغن ُج ببطء لتغمٌز السماء ل . ُهما بضحكة
يُتبع
ٍ عند العاشرة صبا ًحا يضُم شخصيات
أستيقظ با ِكًرا فاليوم ُمهم ج ًدا بإجتماع
ُمهمـة ، في مكتبِ تي يحتا ُجها ، يُصنف
ه يُرتب بعض األوراق و الملفا ِت ال
، تن َّهد ليسند ظهره بتعب
"
بعض الملفا ِت السوداء تحت " ُمهم ، ليس ُمهم
على ال ُكرسي و ينظ ُر للباب الذي يُفتح بهُدوء : صباح الخير
سلطان : صباح النور
حصة بإبتسامة : أهلكت نفسك
سلطان : عندي إجتماع مهم
حصة : الله يعينك
سلطان : آمين
حصة زمت شفت يها ليقرأ سلطان بسهولة ماذا تُريد و هو يُف ِكك بعينِه
ُمتشابكة : ماهقيتك تستحين مني ؟
أصابعها ال
حصة ضحكت لتُردف : آل تصدق نفسك !! آل بس كنت بسألك .. الجوهرة
نايمة عند أهلها!





سلطان بهُدوء : أل
حصة : طيب .. تعال أفطر
سلطان :آل مو مشتهي شي ! بس سوي لي قهوة تصحصحني
حصة : من عيوني . . وخرج ت لتصعد بخطوا ٍت ُمباغتة لألعلى ، طرقت
باب جنا ِحهم مرةً و إثنتان و ثالث لتفتحه الجوهرة وترف ُع حاجب
اإلستغراب!
حصة : كويس أنك صاحية ، أبيك في شغلة
الجوهرة أبتسمت : وشو ؟
حصة وتتأم ُل مالِمح الجوهرة الشاحبة وشعُرها المبلل : أول شي
أستشوري شعرك اليدخلك برد وبعدها أنزلي
الجوهرة بعفوية : مالي خلق أستشوره خليه كذا
حصة بعتب : آل وش تخلينه كذا ! آل تنسين انه سلطان هنا مايصير
تطلعين له اال وأن ِت بأحلى صورة
الجوهرة بدأ ُت الحمرة تسي ُر في كامل وجهها ،
حصة بإبتسامة شقية ال تُثبت ُعمرها أب ًدا : يالله بسرعة ورانا شغل ..
ونزل ت تاركة الجوهرة في حيرة من أمرها ،
أتجهت ال ُجوهرة للمرآة لتتأم ُل نفسها و تتذكُر الليلة الماضيـة التي طرقت
بها بابًا للخو ف عندما أحت َّد مع واِلدها ،
ليلة األمس ، الساعة الحاد ي عشر و ست ٍة وأربعون دقيقة ُمربِ ( ) كة
فتح الجنا ُح ليُشير لها بعين يه أن تدخل أوالً ، سارت بخطوا ٍت ُمرتجفة
كقلبها الذي اليهدأ من ال ِحراك والتمُدِد والتقلص .
ا وكأنه
ألتفتت إليه و طرحتها تسقط على كتِفها ، سلطان أخذ نف ًسا عميقً
يتمَّرن على الالغضب!
،
ُمِّر بصعوبة وهي تنظ ُر إل يه لحظةً و تُشتت أنظارها دقيقةً
بلعت ريقها ال
سلطان بهُدوء : قلتي ألبوك شي ؟
الجوهرة : أل





سلطان : ما سأل عن إيدك ؟
الجوهرة برجف ِة حروفها : محد أنتبه
سلطان و أنظاره تطوف حول جسِدها النحيل ، أمال بفمه قليالً وكأنه يُفكر
بشيء ما
ُط صدِرها ويرتفُع ،
وتلك األنثى التي تُقابله و تبل ُغ أ ه ُدوئِه َّو ُج أنوثتها يهب
فترةٍ طويلة لم أشهدهُ بهذه الصورة
ِّي منذُ
هذا غري ٌب عل !
ِر سلطان على فِمها الصغي ر ، أردفت
ال ُجوهرة بللت شفت يها لتُثبت أنظا
بربكة : تآمر على شي ؟
سلطان تنهد : أل
ُمظِلم يتراقص على كتف يها ،
بعد دقائِق قصيرة نزلت وشعُرها األسَود ال
تي ُن الناعمة الخاصة بالبيت الذي ي ِص أرتدت من الفسا ل لمنتصف ساقها ،
كان عاديًا ج ًدا ذو لو ٍن وا ِحد " بصِلي " ،
دخلت المطبخ : آمريني
حصة بإحباط : يالله يالجوهرة على األقل كحل!!
ضحكت لتُردف : ماأحب المكياج كثير
حصة : طيب كحل بس خط صغير على األقل ... عيوش حياتي
عائشة : نأم ماما
حصة : جيبي لي كحل من غرفتـ .. لم تُكمل وهي ترى عائشة تُخرج من
جيبها كح ُل القلم األسود
حصة : منتي بهينة والله تتكحلين بعد
عائشة ترم ُش بعين يها بخجل : بأد شنو يسوي الزم يسير أنا هلو
ان تُناقش وهي
حصة أبتسمت لتقترب من الجوهرة ولم تجعل لها مجاالً
تُكِحل عين يها التي تأخذُ من تُركي الكثير و أي ًضا واِلدها و األكيد عبير التي
تُشبه تركي كثي ًرا!
حصة بإبتسامة رضا : إيه كذا شكلك تمام ، طيب أخذي .. مَّدت فنجا ُن
لقهوة ذو الحجِم ا الكبير .. : سلطان بمكتبه ووديه له





الجوهرة بربكة : ألأل ..
حصة تُقلد صوتها الخجول : وش ألأل .. أقول روحي بس
الجوهرة : يعني يمكن مايبي قهوة
حصة : إال هو طالبها مني
الجوهرة وتبح ُث عن مخرج : طيب يمكن مشغول يعني مايصير أزعجه
بشغله
حصة بنفاِذ صبر : ال إله اال الله .. أقولك هو طالبها يعني يبيها
الجوهرة : الله يخليك حصة والله مـ
حصة لم تتركها تُكمل كلمتها وهي تسح ُب بيدها لتخر ُج من المطبخ
متوجهة لمكت ِب سلطان ، أمام مكتبه وضعت الفنجا ُن بين يد يها وهي تهمس
: ترى ماأبيك يعني عادي تكيفين هنا .. وتركتها بضحكة.
ُطل برأسها ، لم تلف ُظ كلمة وهو
ا لتط ُرق الباب وت
الجوهرة أخذت نف ًسا عميقً
ُمبعثرة على الطاولة ،
اآلخر لم يرفع رأسه من األوراق ال
أتجهت بخطوا ٍت خافتة نحو مكتبه لتضع الفنجان بجانبه و صوته الهادىء
ال ينه وتوقفت ُمربك يخرج ُدون أن ينتبه لها : الله اليحرمنـ .. رفع ع
الكلما ُت عن اإلندفاع من عتب ِة فِمه ! رائحة عطرها أسكرتهُ.
ُّي كلمة تُحبطها منه : حصة هي اللي
الجوهرة و أرادت أن تقطع عليه أ
قالت لي أنك تبي قهوة !!
سلطان برفعِة حاجب : وش إسمها ؟
الجوهرة بلعت ريقها : عمتك حصة
سلطان : و تقدرين تنادينها بعد عمتي أو أم العنود ! بس ماهو حصة حاف
كذا .. يعني ماهو معقول أعلمك األدب
الجوهرة شعرت بأن األكسجين ينفذ من الغرفة ، أرتجفت أهدابُها وهي
تُثبت أنظارها عل يه
سلطان بسيا ِط حروفِه : والله مصيبة إذا بربيك من جديد!!!!
الجوهرة : حقك عل و أنه مابيننا رسمية ي بس هي قالت لي أني أناديها كذا
..
سلطان يرمي عليها الالإهتمام وهو يضع عينه على األوراق ويتجاه ُل





حديثها
الجوهرة الواقفة بجانبه شعرت باإلحراج من طريقته بتجاهله ،
ُه الظاهري يوحي تركيزه وهو المشتت ال يعر ُف أين يقرأ و
سلطان و شكل
ُف عينه
بأيِ سطٍر . . تلتَّ
ُمكابِ أطالت وقوفه رة التي ال تنزل ، ُرغم
ا حتى تألألت عيناها بالدُموع ال
ضعفها إال أن نزعا ُت الجرأة تُحاصرها و هي تقترب أكثر منه لتجعل
عيناه ُرغ ًما عنها ترتفع ناحيتها ،
ِّي ؟ أنت تدري
ٍن أكثر ُرغم لمعة محاجرها : ليه تقسى عل
الجوهرة بإتزا
بقرارة نفسك ماأستاهل هالقساوة منك
سلطان ح َّرك ُكرس يه ذو العجالت إلى الخلف ُمبتعًدا عن المكتب و أنظاره
ًوا ؟
الشامتة تهذي بأحادي ٍث كثيرة : عف
ِج حرارةِ
ال ُجوهرة أصطدمت فكوكها و صم ُت ثواني طويلة كفيل بأن يُهيِّ
دمعها : نسيت األسئلة بعقيدتك حرام ... عن إذنك ... و توجهت للباب لوال
وقوفه و هو يتجه من خلفها ويُمرر ذراعه بجانِب خدها ليُغلق الباب ،
سلطان : و نسيتي أن األسئلة بدون جواب بعقيدتي حرام!
الجوهرة ألتفتت وال يفص ُل بين ُهما شيء ، يمل ُك السطوة في ُكل شيء !!
يالله يا سلطان طاغي أنت حتى في ر ُجولتِك العنيفة ،
ادخل كفوفه في جيبه لينتظ ُر عند حاف ِة شفت يها جوابًا ، من قال لهذا الثغُر
أن يعصي يالجوهرة ؟ من قال له أن يد ُس نفسه بقب ُر الحياة الذي يُعلق بين
السماء و األرض!
المالحة التي بقيت غارقة في المحاجر حتى نجت !
الجوهرة نزلت الدمعةُ
، أردفت بربكة : وال شيء
سلطان و هو الذي يقرأ تفاصيلها كما يقرأ موظفيه : فهميني وش يعني وال
شيء!
الجوهرة بقي ت ثواني طويلة تتمدُد بها الكلمات وال تخرج ، أردفت بضيق :
ليه تسألني بهالطريقة ؟ عشان تقهرني وبس!!
سلطان بهُدوء : مين أن ِت عشان أقهرك ؟ تبيني أذكرك مين أن ِت !
ال ُجوهرة بدأت دُموعها تهطل لتُدافع عن بقايا عزةِ نفسها : مصلية و





ماأفوت فرض وأكرم الله علي بحفظ كتابه .. هذي أنا أما اللي أنت تشوفه
فهو نظرتك لنفسك ومالي عالقة فيها
سلطان أشتَّد غضبُه الذي كان هاد ٌئ في بدايته ، أمسكها من زندها ُمتعجبًا
من قدرتها على الرد : وش قصِدك ؟ يعني كيف نظرتي لنفسي!
شعرت بأن ذراعها تذوب بقبضته : أترك إيدي
بغضب رفع صوته : قلت وش تقصدين ؟
الجوهرة بربكة : ماراح أناقشك وأنت معصب
سلطان بحدة : آل أنا أبيك تناقشيني بشوف وين بتوصلين له!
تألمت ، بهمس وهي ال تنظ ُر إال لكتفه : عورتني
ال ُجوهرة و فعالً
سلطان و زاد مرةً أخرى قبض ِة أصابعه وهو يغرزها في جلِدها اللين :
أشوف لسانك طايل وترمين حكي بعد !! التختبرين صبري في شيء ألن
محد بيخسر غيرك!
الجوهرة بألم : حتى الحكي حرام
سلطان بإمتعاض : معاي حرام
ِر غضبه
الجوهرة كالطفل ِة أخفضت رأسها لينسح ب شعرها ويكش ُف عن آثا
على ُعنقها ، بكت وهو يفل ُت يدها من قبضته ، وضعت كفَّها األيمن على
زندها وهي تضغ ُط عليه من حرارةِ األلم ،
سلطان عينه تُراقب البنفسج الذي يُعانق جوانب رقبتها و يتسل ُل قليالً حتى
ِها ، لم يبقى بجسِدها قطعة إال و َسم عليها بغضبه
يُطيل النظر في با ِطن كفِّ
!
رفعت عيناها له و شطرت قلبه بلمعتها ، من قال لها أن ت ُكن طفلة هكذا ؟
أشعُر بحاجة ذراع ي بأن
َ
أشعُر باألبَّوةِ نحوها ؟ ال هذه ليست أبَّوة ، ِلم
َ
ِلم
تح ُضنها!
الجوهرة و كأنها تتعَّمد وهي تخن ُق الدمعات الشفافة في عينها وتزي ُد من
لهفة خدها !
ِ
بتوتر عميق : باقي شي ثاني تبي تقوله ؟ أخاف أطلع و تطلع روحي ِّ
بعدها!
ُك سبب لإلبتسامة التي غزت شفت يه في حين رأتها الجوهرة
سلطان و اليمل





شماتة و ُسخرية ،
الجوهرة عقدت حاجب يها : أروح ؟
سلطان وأعطاها ظهرها ُمتج ًها لمكتبه ، خرجت الجوهرة و البُكاء يهطل
عليها ويغرقها
حصة الجالسة في الصالة ضربت صدرها بخفة من منظرها : أعوذ بالله
من وعثاء سلطان ..
ِن ح َّصــة ، : ماعليك
بسالسة أتجهت الجوهرة لها لترمي نفسها في أحضا
منه ! وال تزعلين نفسك وتبكين !! والله من قرادة الحظ والله وأنا من اليوم
أقول الحمدلله نجحت الخطة األولى مير وين الرجا مع ولد بدر!
الجوهرة بضيق : متضايقة من نفسي كثير
حصة تمس ُح على شعرها : حسبي الله على عدوه بس !!
الجوهرة تُبعد نفسها لتمسح دموعها بكِفها : أنا عارفة أنك تحاولين
تصلحين اللي بيننا بس اللي ماتعرفينه أنه مافيه شي تقدرين تصلحينه ..
َّح
فيه شي بيننا مكسور و ُعمره ماراح يتصل
َّح .. غصبًا عنك أن ِت وياه يتصلح
حصة بإنفعال : مافيه شي إسمه مايتصل
!!! يا بنت التنكدين عمرك عشانه ، الرجال مايعرفون يعيشون بدون حريم
وال يغِِّرك سلطان مر َّده بيرجع لك وقولي حصوص ماقالت
الجوهرة أبتسمت من طريقة حديثها لتُردف وبحة البكاء بدأت تتضح :
سلطان مستحيل يتراجع عن أفعاله ،
تُقاطعه : أن ِت ماعليك منه هم كذا يحبون ينفخون ريشهم علينا إحنا
الضعيِّفات ، شوفي أنا زواجاتي ماراحت عبث .. عندي خبرة بهالمواضيع
.. طنشيه وأثقليه عليه وبتشوفينه كيف يركض وراك !! ألن كنت بجرب
الطريقة الثانية معه بس شكله مايفيد إذا من أولها بكاك
الجوهرة : و ترضينها على ولد أخوك ؟
حصة : إال من مصلحته ومصلحتك ، أبي أنبسط فيه وأشوف عياله بس
قلتها من قبل وين الرجا وهو ولد بدر
الجوهرة أبتسمت بحزن : أصالً ماتفرق معي ألن بعد عرس ريان برجع
الشرقية





حصة شهقت : نعععم !! أنتي ناوية تخربين بيتك
َّ الجوهرة : قلت لك بيننا شي ح
مكسور مستحيل يتصل
ِين بالمواضيع ، أذكر سلطان
ِّ
حصة : كل مشكلة ولها حل مدري وراه مهول
يبسط اعظم األمور
الجوهرة أخفضت رأسها : صعب
حصة صمتت لثواني لتر ُدف : وش فيها رقبتك ؟
الجوهرة ُسرعان مارفعت رأسها وهي تُغطي رقبتها بشعرها ،
حصة : يضربك ؟ .. .. بحدة أردفت .. سلطان ضربك!!!!
الجوهرة بربكة : أل ..
حصة بغضب : حسبي الله ونعم الوكيل .. مد إيده عليك ؟
الجوهرة : تكفين ماأبي مشاكل ثانية هو مـ
قاطعتها : مجنونة أن ِت و ساكتة!!!
خرج سلطان من مكتبه ومعه الملفات ، ألتفت على جلستهم بنظرات حادة
حصة تقف : أنت وش مسوي ؟
سلطان رفع حاجبه و نظراتِه تحتد ناحية الجوهرة ،
الجوهرة وقفت وبصوت خافت : تكفين ماله داعي تتكلمين بموضوع راح
وأنتهى ..
حصة بصرخة أسكتت الجوهرة : على وش تتسترين عليه ! ان ِت تدرين لو
تشتكين على حضرته تآخذين عليه تعهد يعلمه كيف يحترم نفسه
سلطان ضحك ب ُسخرية : مين هذا إن شاء الله ؟
حصة بغضب : طبعًا أنت ! آخر واحد توقعته يمد إيده على بنت هو أنت !
معقولة سلطان تضربها ؟ أنهبلت وال وش صار لك!!
سلطان بنظرة أربكت الجوهرة : أمدى تقولين لها تاريخك يا آنسة
حصة : مالك دخل فيها كلمني أنا
سلطان : لو سمح ِت يا حصة ال تتدخلين
حصة : إال بتدخل دام أشوف الغلط بعيني
الجوهرة و عادت دموعها لس يرها : ما قلت لها هي اللي شافت رقبتي





ِي .. وإذا يعني قالت لي ؟ وش بتسوي
ِّ
حصة : وشو له تبررين ! خليه يول
مثالً !! عيب عليك وش كبرك وش عرضك تضرب !! هذا وأنت الفاهم
ا بالقوارير .. كل شيء أختفي مع الجوهرة
بالدين وعارف أصوله !! و رفقً
سلطان ترك الملفات على الطاولة ليُردف بغضب : حصــــــــة !!! ماني
ِّي ! و أن ِت حسابك بعدين
أصغر عيالك وال عاد تكلميني كأنك وصي عل
حصة : حسابها بعدين !! يعني وش بتسوي ؟ مصدومة منك ماني
مستوعبة أنك تمد إيدك عليها وتستقوي !! دام كذا ماراح تنام عندك عشان
تعرف كيف تقِِّدر قيمتها يا قليل الخاتمة
سلطان بحدة : خالااص انتهينا العاد تزيدين بهالموضوع!
ُمتطايرة براكينه بين ُهما : خالص يا حصة
الجوهرة قطعت الحوار ال
موضوع وأنتهى من زمان
سلطان ب ُسخرية الغضب : بسم الله عليك !! تشعلين األمور بعدين تسوين
نفسك مالك عالقة
الجوهرة أتسعت محاجرها بصدمة منه
ِر مالبسه ويتجه
سلطان : الله يكفيني من شر خبثك .... وصعد لألعلى ليُغيِّ
لعمله.
حصة ألتفتت عليها : آل عاد تسكتين له إن مِّد إيدك ! كلميني على األقل !
،

ــه ، بعد لكمِة أبوسعود في فجِر أمام المرآة يمسح على جرح األمس ِ عينيــ
له لم ينام ، تفكيره ينحصر بعدةِ زوايـــا ُمعتمة!
لم يحاول أن يدافع عن نفسه و أحترمه أشد إحترام وهو يقف بثبات أمام
ُم لكمة
غضبه بعد أن دخل صاخبًا و ما إن ألتفت عليه إال و هو يستِل
بالقُرب من عينه ،
أخذ نفَس عميق ، األشياء السيئة ال تتردد بأن تظهر أمامه وتسي ُر ببطء
أي ًضا لتغيضه ، يُف ِكر أن يعتذر له ولكن هناك كبرياء يقف بالمنتصف ولكن
" تُشعره بالتقزز من نفسه إن لم يعتذر إل يه ،
صديق والده
مسألة أنه "





خرج و عيناه تبح ُث عن ِظل عبدالرحمن ، أتجه للسائق : بابا طلع ؟
السائق هز رأسه بالنفي ،
أمال بفِمه وأفكاره تتلخبَط ، قرر أن يتحدث إليه و يضع النقاط على
الحروف ، أنتظر قليال حتى يخ ُرج فاألكيد أن وقت عمله لن يفوته ، دقيقة
ُمتهاِلكة أسسه الروحيـة ،
تلو دقيقة حتى خرج من با ِب قصره ال
تق َّدم عبدالعزيز له في لحظ ٍة كانت نظرات الغضب الممزوج بالزعل
واضحة ،
عبدالعزيز : قبل ال تروح الشغل أبي أكلمك شوي
عبدالرحمن بهُدوء : ماعندي وقت
عبدالعزيز : لو سمحت !! بس
دقايق
عبدالرحمن وقف : عبدالعزيز هالموضوع ال تكلمني فيه ، جننت رتيل
وش بقى شي ثاني تشرحه لي ؟
عبدالعزيز : طبيعي بتكون ردة فعلها قوية ألنها ماتدري بالموضوع
عبدالرحمن بحدة : كان ممكن أفهمها لكن أنت منت راضي تعترف وش
صاير بينك وبينها!!
عبدالعزيز : والله ... *صمت بعد أن حلف ال يستطيع الكذب*
عبدالرحمن أبتسم بضيق و ُسخرية : والله أيش ؟ أمنتك على بيتي و
صدمتني ... وسار بإتجاه السيارة ولكن عاد عبدالعزيز للوقوف أمامه
عبدالعزيز : والله العظيم ما حاولت أغضب الله في وحدة من بناتك !!
عبدالرحمن يضع نظاراتِه الشمسية ويفتح الباب : خيبت ظني كثير يا ولد
ِركهُ
سلطان ...... ودخل سيارته الفُورد تا .
عبدالعزيز بغضب ضرب سيارته البي آم بقدمه :
أوووووووووووووووووووووووووووف .... مسك رأسه ليُردف بتمتمة :
أستغفر الله العظيم وأتُوب إليه .....
الليلة سيتجه لباريس ، الليلة سيرى باريس بعد فترةٍ طويلة ، أأشتا ُق لها ؟
إ َّن األما ِكن ال قيمة لها ولكن قيمتُها في أصحابها ، يالله لو ُصدفـة أرى بها
أحٌد يشبه ُطهر أمي و بيا ُض أبي و صخب هديل و خج ُل غادة ، لو ُصدفـة
ُهم ،
ُشبع عطشي ل
أ





،
ُمطلة على الشاطىء ، جاِلسة وبين يد يها كتا ُب الزهايمر
في ال ُشرفـة ال
لغازي القصيبي ، من خلفها أتى وسحب الكتاب ليُغلقه وبهُدوء : ماهو
ناقصك نكد !! ال تقرين هالكتب
رؤى أبتسمت لتلتفت إل يه و بين محاجرها تلمع الدُموع : هذي رابع مرة
أقرآها فيه
وليد يجل ُس بمقابلها : تحبين تضيقين على روحك ؟
رؤى بحزن : كم شخص زي يعقوب العريان ؟
وليد : و كم شخص زي نرمين ينتظر !!
رؤى نزلت دمعتُها الشفافة : تخيَّل لو كان عندي زوج و أحبه وأنسى أسمه
وليد شتت أنظاره بألم شديد ،
رؤى أكملت بإختناق : يالله .. كيف بعرف كيف الواحد يقدر يتح َّمل أنه
مايتذكر شخص يحبه ؟ بيجي يوم يسألني أحد عن إسمك يا وليد و أنساه ؟
ياربي رحمتك كيف الناس عايشة كذا
وليد : رؤى ال تفكرين بغيرك ، الله أرحم مننا على عباده
رؤى : ماأفرق كثير عنهم .. هم فقدوا األمل بالرجوع و أنا إلى اآلن فيه
أمل !! تهقى يتذكروني ؟
قها عليها و ال ُحزن يطوف حولها
َّ
وليد رفع عينه و عل
تجيهم رسالة تخبرهم عني !! كيف بيتقبلونها ؟
رؤى بهمس : لو مثالً
وليد بإندفاع : بسم الله عليك من اللي صار ليعقوب .. بسم الله عليك يا
رؤى التفكرين بالموت ! التكونين سوداوية
رؤى ببكاء : محد بيحس فيك !! ليت هالعالم تعرف كيف نحس !! ووش
نحس فيه لما مانتذكر أسماء نحبها ! مانتذكر أشكالهم ! محد والله محد
يعرف كيف نف ِكر وكيف نتألم !! يالله يا وليد أحس بنار و أنا أعرف
بقرارة نفسي أنه عندي أهل ضايعيين .. عندي اهل ماأعرفهم ... ماأعرف
اال أصواتهم





،
و َّزع عدة مصاحف من القرآن على مساجٍد كثيرة في الرياض ، منذُ
الصباح وهو يدخ ُل المساجد وا ِحٌد تلو اآلخر ، كل هذا يا غادة بني ٍة ل ِك
ُها الله ، يالله أجعل كل من قرأ لها يد ُعو لها و يشفع لها
عسى أن يتقبل
ب ُدعائه ، يالله يا رحمن و ِِّسع قبرها وآنس وحشتها ، يالله يا رحمن يا
ِزها عن الحسنات إحسانًا وعن
غفُور يا رحيم أغفر لها ذنُوبها و جا
ًوا و ُغفرانًا ،
السيئات عف
ُسسها تُظهر و العُمال
جلس في سيارته أمام األرض البيضاء التي بدأت أ
ذوي القمصان الصفراء ينتشرون حولها ، نزل ل ا ُهم من المياه ُهم و أعط
ُهم !
الباردة عدًدا ال بأس به و بفرحتهم فتح محفظته و و َّزع نقوِده صدقة ل
أعمال الخير تتكاث ُر به ُدون أن يعلم قري ٌب منه بها ، ال أحد يظم ُن الجنة ال
أحد يثق بشيء يشف ُع له ليُخفف عن عذابه ، و أنت يا ناصر ؟
ها تُقبل و تشفع لي يوم ِي إال بصد
َّ
ال أعر ُف كيف أخفف العذاب عنِّ قا ٍت عل
ال ِظل إال ظله.
عاد لسيارته مودعهم ُمبتس ًما ، اللهم ال إعتراض على أقدارك ، يالله خفف
ِّي عذا ُب شوقها ، لم أعد أحتم ُل كل هذا ! والله لم أعد أحتمل بُعدها ،
عل
ُحبب من النساء
يارب يارب أجعلني ممتلىء بك وعوضني ، يارب إني لم أ
إالها فال تجع ُل أنثى من بعِدها تقع في قلبي ، يارب ُخذني إل يك و قلبي
ي و غادرت ! يالله أرحمني
تسكنهُ أنثى وا ِحدة أستوطنت ب .
،
مسا ٌء أسَود قبل عام ، في مكتبه بعد ان أغلق الهاتف و هو يستقب ُل
إتصاالت ال . ُمعزين
مقرن : بنته الكبيرة متعرضة لجروح كثيرة لكن حالتها ُمطمئنة و الباقي
راحوا مثل ما راح الله يرحمهم ويسكنهم الفردوس





مه أ ُصول القتال و كان لهُ
َّ
سلطان األش ُد تأثي ًرا بموت سلطان العيد ، من عل
ُمعِلم ، أخفض نظره ُدون ان يلف ُظ بكلمة ،
المو ِِّجه وال
مقرن : تطمنت على عبدالعزيز و قالي سعد أنه مآخذ إجازة ومايطلع من
شقته حتى مايزور أخته في المستشفى
سلطان بهُدوء موجع : كان الله في عونهم ، الله يصبر قليبه
دخل بوسعود و الصدمة ترتسم على مالمحه و أنفاسه غير ُمتزنة
ويضطر ُب صوته : مين قال أنه زوجة ناصر حيَّة ؟
مقرن بإستغراب وقف : أنا شفتها بنفسي و سعد كان هناك !!
بوسعود بتشابُ ِك أفكاره : عبدالعزيز دفنهم األربعة!!!
سلطان وقف اآلخر وصدمة تش ُطره نصف ين : كيييف ؟
بوسعود : ماني قادر أفهم !! فيه أحد له مصلحة من هالموضوع !
سلطان ضرب بيده على الطاولة بغضب وهو يجزم بمن خلف كل هذا . . .
.
بوسعود بنبرة خافتة و يخشى ما يُفكر بأن يكون صحيح : يا خوفي أنه ما
دفن أهله ؟
سلطان رفع عينه : كيف يعني ؟
ُهما ما عرف للتِّو و أدهش ُكالً من
ُمتزن المتوتر يشرح ل
بوسعود بصوتِه ال
سلطان و مقرن بما يقُول ،
،
تُغلق حقيبتها الثالثـة بعد أن وضعت آخ ُر قطعها النا ِعمة ، أخذت نف ًسا
عميقً ألأل : الحمدلله ا و دُموعها السعيدة تت
هيفاء كابرت كثي ًرا حتى ال تب ِكي معها ولكن سقطت ح ُصون سخريتها
و ُمزاحها التي تُخفي به ألمها بالفراق : الله يوفقك يارب
ريم مسحت دمعتها قبل أن تالمس خدها : خالاص ال تبكيني ،
هيفاء أبتسمت لتمنع دُموعها : ما بقى شي ربي يتمم على خير .. *أتجهت
أنظ ستان الزفاف األبيض* ياربي ياريوم صدق أنك خايسة
ارها نحَو فُ





يعني الزم تبكيني ..... ومسحت دُموعها التي هطلت بغزارة.
ريم ضحكت بين دُموعها لترفع بصرها لألعلى وتمن ُع سيال ِن البقية : هذي
حالة طبيعية أننا ننهبل
هيفاء بإبتسامة : أظن كذا
طل برأسه : وش تسوون ؟
هيفاء ألتفتت : ترتب أغراضها
من ُصور بإبتسامة : وكيف عروسنا ؟
ريم لم تتحمل عندما رأت منصور لتغرق في بُكائها ،
منصور : أفآآ يالعلم بنت عبدالله تبكي !! ... أقترب منها ليعانقها و تُبلل
بدُموعها ثوبه ،
أقترب وهو يتثاءب بعد أن صحى ُمتأ ِخ ًرا : يالله صباح خير عسانا من
الحييِّ !! ِن
هيفاء بضيق : كنا نرتب مالبس ريوم
يوسف أبتسم إلى أن بانت صفة أسنانه : وش جِِّوك ريوم تبكين ؟ مفروض
تنبسطين وتفرحين و ترقصين بعد !! األمور فلة وراه التأزيم بس!
منصور بسخرية : تعرف تواسي والله
يوسف ينظ ُر للفستان األبيض الواضع من ال ُدوالب ، ضحك ليُردف : والله
وكبرتي
منصور بجدية : يوسف!!
يوسف أبتسم : تعالي
ريم أبتعدت عن صدِر منصور بحرج وهي تمسح دُموعها
يوسف أقترب منها ليحضنها ويرفعها عن مستوى األرض بمساف ٍة كبيرة و
ينز ُل بها ليخر ُج صوت ريم : نزلنييي تراني كبرت مايصير تشيلني كذا
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههه ... مين اللي كبر ؟
ريم بخجل : ما عد ت بزر تشيلني
ِه : روقي الحقة على
يوسف يضعها على األرض وهو يمسح دموعها بكفِّ
الهم تحسبين الزواج وناسة ! كلها شهر وبعدها تآكلين تبن





منصور : نعنبا ذا الوجه يا يوسف
يوسف : أنا أقول بناء على التجارب طبعًا أنت معفي من هالتجارب يا
بوعبدالله *أردف كلمته األخيرة بخبث شديد*
منصور : وش قصدك ؟
يوسف : ههههههههههههههههه سالمة قلبك ماأقصد شي
يوسف جلس لتأتي أمه ويُقبل رأسها : وشلونها ريـانة قلبي ؟
أم منصور : بخير وينك ماتنشاف !! وال قمت مع الناس وال رحت تصلي
الظهر
يوسف : والله مانمت اال الصبح
أم منصور : وش مسهرك!!
يوسف : أشتغل
منصور ب ُسخرية : عسى ماتعبت ؟


إعدادات القراءة


لون الخلفية