الفصل 85


عبدالعزيز بثقة : ما أساومك عليها! وال راح أساومك على أحد! بساومك
على تجارتك
رائد بح َّدة : والله وطلع لك لسان وتبي تساوم بعد
عبدالعزيز بغضب : أترك الجوال !!
رائِد بإستفزاز يتجه لصو ٍر أخرى ولم ت ُكن هي صاحبتها حتى وجد صورةٍ
ِن زواج ريَّان، ق َّدم الصورة المغرية له ليُثير كل الحمم
أخرى بفستا
البركانية في داخله، أهتز كثي ًرا محاوالً كة وفك القيد حتى سحب الحر
فارس الهاتف من بين ي ِّدي والده بش َّدة ورماه على الجدار ليتفكك قطعةً
قطعة .
رائد ألتفت عليه بغضب وهو يُمسكه من ياقة قميصه : ناوي تبيعني عشان
هالكلب !!!!





فارس بعصبية : ألن هاألسلوب ما أرضاه على نفسي!
رائد يصفعه بقَّوة دون أن يقاومه فارس، ُرغم كل شيء ال يستطيع أن
يدافع عن جسِده أمام والده ولو أستطاع لق َدر أن يتوازى معه بالقوة
الجسدية. دفعه على الجدار ليصطدم رأسه فوق إصطدام العصا األولى،
ِع نفسه غيرك! للمرة المليون أحذرك ال تحاول
بح َّدة : صدقني محد بيضيِّ
تلعب من وراي معاه وال والله ما تلوم اال نفسك! ألخليك تحلم بشوفة عبير
فاهم! . . . وخرج.
فارس ع َّدل ياقته التي أنش َّدت بحركا ٍت غاضبة و عبدالعزيز ال تهدأ النار
بداخله، يشعُر بالغيرة تأكل أطرافه كدودةٍ ال تف ِّك عن تقطيع جلده
وصورتها تأ ِت كجحيٍم الذع، عيناها المكحلة بزفا ٍف يجهله تُثير في داخله
أل ف عالمة غضب وغضب .
يُتبع
،
يسجد على س َّجاد المسجد الخمِري بعد إنتها ِء صالة العشاء، لتخرج دمعة
القهر من عين يه التي ذاقت كل أنواع القهر ولم تب ِكي، ولكن هذه المَّرة
األمُر يتعلق بـ - قطعٍة من روحه - األمر و
، كيف يتح َّمل قلبي لذاعةُ
ُروحي تختطف! كيف أقف بثبات و إبنتِي بصورةٍ لم أتوقعها يو ًما تتزوج
ِّي منهما، لم استطع أن أسعد ليوٍم واحد! يالله أنت تعرف
هكذا! لم أفرح بأ
قيمة األشياء بقلبي، أن هذا العالم ال يعنيني والله ال يعنيني ولكن " بناتي "
ال ترني بهن مكروه، ال تُذيقني حزن واحدةٍ منهن، أنا والله أحترق من
بُعدهما ومن المجهول الذي ينتظرهما، يارب القضاء والقدر إن قلبي
معذ ٌب بهما فال تزي ُد من نيرانه، أني أسألك بأضعا ِف القهر والغبن الذي
ِح صدر بناتي، أن تلطف بهما وأنت عزي ٌز رحيم، يارب
بقلبي أن تُريِّ
السعادة أهطل بفرحك عليهما، يارب أنه ِّن جز ًء مني فال تزدني حرقة
عليهما أكثر، يارب يا سميع الدعاء.
ِم، سحب المنديل الذي أمامه ليغزي عين يه
ِّ
رفع رأسه ليلفظ التشهد ويُسل





المح َّمرة، من يشعُر بحرقة الرجال؟ من يُقِِّدر حزنهم؟ أكان يجب أن نستعيذُ
في كل مرة من حزنهم الذي ال يرحم.
خرج من المسجد لينحني ويُخرج حذاءه ومعها أخرج هاتفه، أتصل على
هاتف ضي وأقدامه تسير بإتجاه السيارة، أطالت حتى أجابت بصو ٍت
ناعس : ألو
عبدالرحمن : السالم عليكم
ضي بلهفة أستعدلت حتى تجلس : وعليكم السالم والرحمة . . .
عبدالرحمن بصوتِه المخنوق : كن ِت نايمة؟
ضي بربكة ضاعت كلماتها : إيه . . ال يعني مو مرة .. المهم بشرني عنك
عبدالرحمن : أنا بخير ، أنتم اللي بشروني عنكم ؟
ضي : تمام .. جو اليوم اللي أرسلتهم
عبدالرحمن : الحمدلله . . ما جاكم إتصال من أحد غريب ؟
ضي : آل كل شي تمام . . .
أستغرقُوا بصمتهما حتى تقطعها نبرة ضي الباكية : وحشتني
عبدالرحمن وعاطفته ليست بخير، قلبُه ال يحتمل أكثر ليبلع ريقه الجاف :
وأنا أكثر
ضي غرقت مالمحها بدمعها وهي تسمعه ألو ِل مرة يصارحها بكلماته
ُدون أن يلفظ برسمية – تشتاق لك الجنة - ، ُدون أن يقولها بصيغة الجمع
المستفزة .
عبدالرحمن : ضي ال تعورين قلبي ببك يك .. اللي فيني يكفي!
د على شفتيها حتى تتمالك نفسها : طيب متى تجي؟
ضي وتش ُّ
ِر لي حجز، إن شاء الله قريب
عبدالرحمن : قلت للسكرتير يدبِّ
ضي وهي تنظ ُر لرتيل الجالسة تتأملهما بهُدوء لتعاود دموعها السقوط :
أنتبه لنفسك حبيبي وأهتم لصحتك ..
عبدالرحمن : إن شاء الله .. بطاقاتكم معاكم؟
ضي : إيه
عبدالرحمن : كويس ألن حولت لكم فلوس خفت أتأخر عليكم وما ألقى
ِّي شي كلموا نايف
حجز ... إذا أحتجتوا أ





ضي : إن شاء الله . .
عاو َدا الصمت ُدون أن ينهي المكالمة أحٌد منهما، يا مشقة الوداع و الكلمة
األخيرة بعد هذه الكلمات المخبئة لعاطفة عميقة، لم أتوقع يو ًما أن تكون "
مع السالمة " شاقَّة حزينة قاسية ال يُمكن لفظها بسهولة.
ركن عبدالرحمن سيارته بجانب المستشفى لينظر بعين يه الضائعة ويد يه
مازالت تُثبت الهاتف ويستمع ألنفاسها التي تُحزنه فوق حزنه، لو كنت
ِّيِ، لو أنن
ِك وخبئتهم جميعًا ف
ِك تحزنين لخبئتُ
أملك ع َص ي ا سحريَة لما جعلتُ
أستطيع فقط.
ضي ببكاءها أنهارت : مقدر عبدالرحمن .. والله محد يقدر فينا يتح َّمل
رتيل أشاحت أنظارها بعي ًدا وهي تحتب ُس الدمع في داخلها، لتلفظ ضي
بخفُو ِت صوتها المرتبك بحزنه : مدري كيف كنت أصبر باألشهر بدون ال
اشوفك! أنا هاليومين ما أعرف كيف أعيشهم والله! مافيني حيل أصبر
أكثر
ٍق فعلي : قِِّوي نفسك وأنتبهي لصلواتك والله معك
عبدالرحمن تن َّهد بإختنا
ويحفظك .. ال تنامين وأن ِت تبكين، أنا محتاجك تكونين أقوى
ضي تلتز ُم صمتها، ال قدرة لها أكثر لتحمل فوضوية هذه األحداث بحياتها.
عبدالرحمن : أتفقنا؟
ضي : إن شاء الله
عبدالرحمن بنبرةٍ حاول أن تصل إل يها مبتسمة : تبشرين بالجنة وفردوسها
. . مع السالمة
ضي : بحفظ الرحمن .
نزل من السيارة متج ًها نحو الباب الرئيسي للمستشفى ودخوله صادف
خروج سكرتير سلطان،
:كنت راح أتصل عليك! بوبدر واصلة معه عقب ما عرف بموضوع
عبدالعزيز !
عبدالرحمن أخذ نفس عميق : طيب . . . تركه ليخ ُطو نحو غرفة سلطان،
دخل ُدون أن ينطق كلمة ليهاجمه سلطان بكلماته الالذعة : ليه ما قلت لي
عن عبدالعزيز؟ ليه خبيت عنِّ ! ِي





عبدالرحمن بهدوء : الموضوع ما صار له يومين!
سلطان بغضب عارم : كان الزم أعرف من أول دقيقة أنه بنتك عنده
ِّي
وعبدالعزيز معاه! أنا وش وظيفتي عشان تخبون عل
عبدالرحمن : طيب حالتك ما تسمح !
سلطان بصراخ : يخي مالكم دخل مريض وال غيره! ماني جدار عشان
أكون آخر واحد يعرف
ِّي! ماني أصغر عيالك
عبدالرحمن بعصبية: صوتك ال يعلى عل
سلطان يُبعد نظره عنه وهو يشتعل بقهره، ألتزم صمته وقلبه ينب ُض بثرثرة
ال تنقطع.
عبدالرحمن يسحب الكرسي ليجلس ب ُمقابله : وش كان بيصير لو عرفت
بوقتها؟ بتتعب زيادة فوق هالتعب !
سلطان بهُدوء غاضب : ولو! كان مفروض أعرف
عبدالرحمن : طيب هذا أنت عرفت خلنا نسكر هالموضوع .. فيني اللي
مكفيني يا سلطان كل واحد ضايع بطريق ال أدري وش صاير فيهم وال
وش جالسين يسوون معهم
سلطان صمت قليالً حتى أردف : راقبت السجالت ؟
عبدالرحمن : إيه بو منصور للحين بعد في مكتبي يرتبهم بس أطلع منك
راح أرجع له
سلطان : مسكتوا كل قضية!
عبدالرحمن : كل شي من الصبح إلى اآلن وإحنا نراجع كل إسم حتى
موظفينا الجدد قمت أراجعهم معه .. بومنصور شاك بزياد وأنا شاك معه!
بس بنتظر لين بكرا وبناديه
سلطان : زياد ما غيره؟ اللي منظم أمن الح ِّي ؟
عبدالرحمن صمت حتى يستوعب : حسبي الله! . . الثغرات اللي كانت
تصير من الحرس ونقول قضاء وقدر أثاريه يلعبها علينا . . . مسك هاتفه
ل على عبدالله اليوسف :. . عبدالله زياد عنِدك؟
يقف متصالً
عبدالله : توه طلع من عندي !
عبدالرحمن : أمسكه ال يروح !





عبدالله يقف من على كومة األوراق التي تفتحت : صار شي؟
عبدالرحمن : أمسكه باألول قبل ال يهرب! وأرجع أتصل فيني . .
عبدالله : طيب . . . أغلقه ليخرج ويُبلغ أمن البوابات أن ال يخرجوه في
جهٍة كان يركب سيارته متج ًها للخروج من مبنى العمل حتى توقفت
سيارته عند البوابة وأجتاحه اإلستغراب من عدم إستجابة األمن إل يه، فتح
الشباك حتى يُبادلونه بفتح الباب ويخرجونه.
زياد : وش قصتكم؟
دوا يد يه ودخلوا به متجهين لمكتب
ُّ
:أسأل بومنصور .. مالنا عالقة . . قي
عبدالرحمن بن خالد.
في المستشفى كانت األفكار مرمية بينهما، بتنهيدة : وال عليك أمر عطني
الورقة
مِّدها له عبدالرحمن ليكتب سلطان ويشرح على هذه الورقة البيضاء : جاء
زياد بعدها صار اإلختراق لشبكتنا قبل شهور ! و قدرت جماعة ع َّمار
تدخل بيتك رغم أن الحي مراقب! ودخلوا بيتي بعد جماعة . . . مو رائد!
ِّي! ألن ما تكلم وال بيَّن أنه مسؤول عن شي! و دام
مو رائد اللي صَّوب عل
الحرس مقدروا يلحقونه هذا معناته أنه متعاون مع الحرس!
عبدالرحمن : فيه حرس من رائد صايرين مع حرسنَا والبركة بزياد!
سلطان : اللي في بيتي أنا متأكد منهم من أول ماجيت أشوفهم! لكن اللي
معهم ما عندي خلفية عنهم!
عبدالرحمن : طيب مسكنا خيط! هو زياد لكن مين اللي وراه؟ مستحيل
رائد ألن لو رائد كان عرف بموضوع عبدالعزيز من البداية!
سلطان : الطرف الثالث مافي غيره! بس لو أعرف مين والله ألطلع حرة
سنة كاملة فيه
ِرضه وهو يتعم ُق بتفكيره : بس ليه دايم الملفات اللي
ُّك عوا
عبدالرحمن يح
نفقدها تتعلق بسليمان و صالح بس؟
سلطان : ومقرن! يقول أنه طالب أسماء ناس عشان يراقبهم! وكل
هاألسماء تتبع رائد .. فيه خونة من الطرفين
عبدالرحمن : واللي يقدر يساعدنا هو مقرن! أنا متأكد من هالشي لكنه





أختفى مدري ليه يختفي بهالوقت !
سلطان : يمكن مثل ما قال بومنصور أنه تحت التهديد!!!
عبدالرحمن تن َّهد وهو يمسح على وجهه : بس لو يخلينا نكلمه كان حليناها
بسهولة!
دخل الدكتُور مقاطعًا : السالم عليكم
:وعليكم السالم
الدكتور : شلونك يا بو بدر ؟
سلطان : تمام
الدكتور يأخذ ملفه المعلق بنهاية السرير : ال فحوصاتك تمام الحمدلله .. إن
شاء الله بكرا راح نكتب لك إذن بالخروج
سلطان : ما ينفع اليوم؟
الدكتور بإبتسامة : الصبح لو تبي عشان نسوي لك الفحوصات األخيرة
لكن خلك اليوم
سلطان : طيب
عبدالرحمن : أنا رايح .. تآمر على شي
سلطان : سالمتك وبلغني بس يصير شي
عبدالرحمن : إن شاء الله .. بحفظ الرحمن .. وخرج.
،
دخل بعد أن تلقى أقسى صفعة بحياتِه، لم يتوقع من ناصر أن يفعل به كل
هذا، حقده سيطر عليه حتى أفتعل عليه هذه المصائب ولو أنني أدرك بأن
خلف هذه المصيبة رجا ُل سليمان وليس ناصر وناصر ُمجرد إسم ليُمرر
به، كيف أح ِّل هذه الديُون اآلن التي أبتليت بها؟ نظر لوالدته ليتحامل
ويبتسم لها : مساء الخير
:مساء النور
ِل جبينها العَ ِطر، جلس
ِل رأسها وينز ُل لألسف ِل قليالً ويُقبِّ
تق َّدم نحوها ليقبِّ
عند أقدامها وهو يضع يد يه على ركبت يها : شلونك اليوم؟





والدته بإبتسامة : بخير الحمدلله .. تعشيت؟
فيصل : إيه الحمدلله . . وين ريف؟
والدته : طلعتها معي للسوق ورجعت دايخة ... زواجك ما بقى عليه شي
وللحين ما سويت شي؟
فيصل : بتسكن هنا ماراح نطلع! .. كم بقى على العيد ؟
والدته : األسبوع الجاي يا روحي
فيصل تن َّهد لتُردف والدته : مفروض تكون أسعد إنسان هاأليام
فيصل بإبتسامة : ومين قال أني ماني سعيد؟ بس ألن عندي أشغال فقمت
أحاتيها
والدته : طيب وش رايك تآخذ بريك من كل هاألشغال وتسافر مع هيفاء
تشم هوا جديد وبعيد عن كل هالمشاكل
فيصل : ليتني أقدر! بس عندي شغل مقدر أهمله
والدته بضيق : يعني يوم بغيت أفرح فيك تشغل نفسك بهالشغل اللي ما
يخلص !
ِّي أحد
ِّي وانا مااثق في أ
فيصل تن َّهد : وش أسوي! بعدين تتراكم عل
والدته : طيب أهم شي أشوفك بالبشت وأفرح فيك
فيصل بإبتسامة تسرق من تفاصيل والده الكثير : بتفرحين فيني إن شاء
الله وبتفرحين بعيالي بعد
والدته وتعيش الحلم بلهفة : يالله يا فيصل بروحي أحسبها يوم يوم والحين
بحسب بعد متى يجون عيالك
فيصل ضحك ليُردف : الله يرزقنا الذرية الصالحة
،
بإبتسامة حانيَة وقف ت بعد أن وضعت الطعام على الطاولة : يالله يا ُعمري
شِِّدي على نفسك وأكلي ..
ُمهرة بحرج : إن شاء الله .. تعبتك معي ما تقصرين
ريَّانة : هالرسمية مفروض ما تكون بين األم وبنتها
ُمهرة أبتسمت بش ُحو ِب مالمحها : الله يحفظك ويخليك لنا





ريَّانة : آمين .. يالله تصبحون على خير . .
يُوسف يقبِّ . خرج مع والدته لتلتفت إليه . ِل رأسها : وأن ِت من أهل الخير .
. أنتبه لها يا يمه
يوسف : إن شاء الله ال توصين حريص
والدته : وخلها تآكل مو زين تهمل صحتها وهي تعبانة
يوسف : إن شاء الله
والدته وهي تشعر بحز ِن إبنها ولمعة الو َجع في عين يه : الله يعوضك
بالذرية الصالحة
ُمهرة التي جلست
يوسف : آمين . . . راقبها حتى دخلت لغرفتها ليعُود ل
حتى تأكل .
جلس ب ُمقابلها : ما خبرتي أمك؟
ُمهرة : ال . . رفعت عينيها . . متى ما رحت حايل قلت لها! .. بتوديني
صح ؟
يُوسف بضيق : طيب
ُمهرة أنتبهت لنبرته : إذا مشغول هاألسبوع عاِدي بعد العيد
يُوسف ويُمرر يِده على رقبته التي ت ِضي ُق عليه : ال عاِدي
ُمهرة تركت الملعقة وهي تستشف أمًرا بعين يه : صاير شي؟
يُوسف بهُدوء : ال .. كملي أكلك ال يبرد
ُمهرة تنظر إليه بريبَة : إال صاير شي
يوسف : مو صاير شي بس ما نمت ومزاجي مش وال بُد
ُمهرة : طيب خالص نام أنا بنزل الص ُحون تحت
يوسف : آل بنتظرك
ُمهرة بهُدوء أردفت : ماتبيني أروح حايل؟
يوسف صمت لثواني طويلة حتى يُردف : أهلك ماراح أمنعك منهم !
ُمهرة : فيه أحد من خوالي مكلمك؟
يوسف بإبتسامة : مالحظة أنك تسألين اليوم كثير!
ُمهرة : مدري أنت شككتني!!
يُوسف : أنا بس ما وِدي تروحين لهم وأن ِت تعبانة! يعني أنتظري لين





ترجع لك صحتك زي أول وأحسن وبعدها روحي لهم! ألن ما أظن الجو
هناك جو صحي وأن ِت عندك مشاكل مع زوجات خوالك وبناتهم
ُمهرة عقدت حاجب يها : بس ودي أشوف أمي .
يُوسف : طيب مثل ما تبين ..
،
في مكتبِه لم يستطع أن يسيطر على أعصابه المشدودة ليصفعه بقَّوة حتى
أدَمى شفت يه، لم يُفكر عبدالله أن يوقفه تركه يفرغ قهره على عائلته به.
ليش ِّده من ياقته التي أحمَّرت : كلمة وحدة ماراح أعيدها مين اللي أرسلك؟
ال تقولي رائد عشان ما أنهي لك حياتك!!
زياد ال يُجيبه، ال ينطق بكلمة وهو مرمي على الكر ِسي ينتظ ُر الموت وال
ينتظ ُر أن تُكشف الحقيقة، بغضب عارم : واحد . . إثنين . . . ثالث . .
أربع . . . خمسة . . ستة . . . يُخرج من جيبه السالح ليوجهه لزيَّاد . . .
سبعة . . ثمانية . . . تسـ
ِق : أسامة
بصو ٍت ضيِّ
عبدالرحمن : اسامة مين ؟
زياد : أسامة محسن
عبدالرحمن بنبرته الجا َّدة المائلة للح َّدة : و إيش سويت؟ . . يتجه نحو
درجه ب ُمراقبة عبدالله الصامت، أخرج آلة التسجيل ليُشغلها . . : يالله أنا
أبغاك تقولي وش سويت من األلف إلى الياء
زياد بهُدوء : ما أعرف شي .. اللي فوق أسامة ما عندي خبر عنه
عبدالرحمن يسحب كرسي ليجلس عليه : معليه بتعرفه إن شاء الله . .
عبدالله بسخرية : نذكرك فيه
زياد : طلبت من أمين األرشيف يآخذ إجازته السنوية وإال بنلبسه سرقة
أوراق سريَة وبنورطه
عبدالرحمن : و نائبه ؟
زياد : ماعنده علم بشي ألنه يثق فيني ويخليني ادخل





عبدالرحمن يلوي شفتِه : وش عالقتك بمقرن؟
زياد : مالي عالقة فيه
عبدالرحمن : كِِّمل الكذب عشان أكمل عليك بعد
زياد بربكة : والله مالي عالقة فيه
عبدالرحمن ينظ ُر لعين يه بحدةٍ أربكته ج ًدا : وش عالقتك بمقرن؟
زياد : مالي عالقة فيه
ِر صيغة السؤال وش تعرف عن مقرن؟
عبدالرحمن : أغيِّ
زياد : وال شي
عبدالرحمن بحدة : وش تعرف عن مقرن؟
زياد : ما أعرف شي
عبدالرحمن يُكرر بطريقة مستفزة : وش تعرف عن مقرن؟
زياد بعصبية : ما أعرف شي
عبدالرحمن : وش تعرف عن مقرن ؟
زياد : ما أعرف .. ماأأأأعرررررررررررف
عبدالرحمن : وش تعرف عن مقرن يا زياد !
زياد يعود لنبرته الهادئة بعد إشتعا ُل الغضب بها : ما أعرف شي عنه
ِر الصيغة مرة ثالثة ونقولك يا زياد! مين اللي يهدد مقرن ؟
عبدالله : نغيِّ
زياد بتوتر : ما أعرف .. ما أعرف شي عن مقرن
عبدالرحمن : وش تعرف عن مقرن ؟
زياد بصراخ : ما أعرف شي
عبدالرحمن بهُدوء : وش تعرف عن مقرن ؟
زياد أخذ نف ًسا عميقً عين يه : ما أعرف شي ا وهو يغمض
عبدالرحمن : وش تعرف عن مقرن ؟
زياد بصراخه العالي : ما أعرف . . مدري عن شي
عبدالرحمن : وش اللي ما تدري عنه ؟
زياد : مدري . . مدررري
عبدالرحمن : وش اللي تبي تعرفه عن مقرن؟ . . ِكذا السؤال تمام؟
زياد يشعُر بأن الذي يجري بخالياه عبارة عن دما ًء مغلية : ما أبغى





اعرف شي
عبدالرحمن : مين اللي هدد مقرن ؟ . . عسى دخل مخك هالسؤال!
زياد بو َجع يِّود لو يضرب رأسه بالجدار، هذا اإلستفزاز ال يتحمله وهو
رج ٌل هادىء األعصاب ال يستطيع أحٍد بسهولة أن يستفزه، كان يعرف أن
الوقوع بقبضة عبدالرحمن أمٌر أشبه بالعذاب النفسي الذي ال ينتهي.
عبدالرحمن : مين اللي هدده؟
زياد : ما أعرف
ِب! راح نش ِِّهر
عبدالرحمن صفعه بقَّوة : كذبة ثانية وماراح يصير لك طيِّ
فيك عشان تكون عضة وعبرة لغيرك! . . أستوعب الموضوع مخك وال
للحين ؟
زيَّاد تن َّهد : ما أعرف
عبدالرحمن : واحد . . إثنين . . ثالث . . أربع . . خمس . . ست . .
زياد يصرخ بقهر : سليماااااااااااان
عبدالله ضحك بش َّدة حتى أتضحت أسنانه ليردف : برااافو يعني تذكرت
الحين!
عبدالرحمن أبتسم بهُدوء : سليمان الفهد، طيب يا عيال اللي مانيب قايل! .
. وقف ليلتفت لعبدالله . . يا فرحة سلطان . . أخرج هاتفه : طبعًا يا زياد
الحين اللي بيتوالِّك سلطان مالي عالقة فيك
نظر إل يه بربكة وهو يعرف أن الجحيم اآلخر إسمه – سلطان بن بدر –
عبدالرحمن : ألو
سلطان : هال
عبدالرحمن : لك عندي بشارة!
سلطان بلهفة : وشو؟ .. عرفتوا مين ؟
عبدالرحمن : سليمان الفهد ورى كل هذا ! ومهدد مقرن زي ما توقعنا
سلطان شعر بأن كل شيء يبتسم له بدقيقة واحدة : وش ينطرني لبكرا! أبي
أجيكم
عبدالرحمن ضحك ليُردف : موعدنا بكرا إن شاء الله .. بدت تمشي
أمورنا





سلطان : اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجالل وجهه وعظيم سلطانه
عبدالرحمن بإنتصار حقيقي ولذة هذه اإلنتصار تسري بأوردته المقهورة :
الحمدلله .. نام زين عشان تصحصح بكرا
سلطان أبتسم : وين يجيني النوم! أبي أشوف بس زياد أطلع حرتي فيه
بعدها يصير خير
عبدالرحمن : آل أفا عليك ما قصرت فيه
سلطان : كفو والله . .
عبدالرحمن : يالله تصبح على خير .. بشوف هالبلوة اللي قدامي !
سلطان : وأنت من أهله ، مع السالمة . .
ا
عبدالرحمن ينظر إل يه : تدري وش جرايمك! أوال إحتيال ثانيًا إفساد ثالثً
زرع الفتنة . . عاد الله أعلم القاضي كم بيصكك سنة! وأدعي ما يكون
فيها تشهير بعد!
زياد برهبة : أنا بس. .
عبدالرحمن بقهر : أنت بس إيش؟ هذي بلدك! مفروض تخاف عليها أكثر
من نفسك! وش أستفدت؟ شوية فلوس طيب تعال لنا نوظفك وكل سنة
تستلم زيادة وعالوات! قولي وش اللذة بأنك تخون بلدك! فيه أحد يخون
ِّي تبرير
نفسه؟ فيه أحد يخون األرض اللي رفعته؟ . . ال تبرر ما فيه أ
يخليني أقول حرام مسكين! أنا بناتي الحين ما أدري وش صاير فيهم
والبركة في مين؟ فيك! تعرف ليش؟ ألنك سكت وألنك ساعدت! واللي
يسكت عن شي فهو مجرم! فما بالك باللي فعل؟ . . صدقني أقسى
العقوبات راح تكون على ظهرك وبتعرف ضريبة الخيانة زين! أنك تخون
أشخاص ممكن نقول نعفُو ونسامح! لكن أنك تخون وطن ال والله ال تذوق
ح ِّر الخيانة بعيُونك!
،
بإبتسامة صافيَة أستلقت ليتناثر شعرها في حجِر ح َّصـة، خلخلت أصابعها
بخصالتها الطويلة، ح َصة : تعرفين فيه أغنية كنا نغنيها دايم .. على





هالجو يبي لنا نسمعها .. بس ترى الكلمات مضروبة ألن ماهي ألحد يعني
إحنا أخترعناها
الجوهرة وهي تنظ ُر للفراغ الذي أمامها : وشو .. سمعيني
ي
ح َّصة بصو ٍت خافت عذب تُالعب شعرها : هذا األسمر يا ميمه رَّوح ل
قلبي . .
الجوهرة بضحكة تُقاطعها : أعرفها أعرفها هي عراقية أذكر يوم طحنا في
اللهجة العراقية كانوا يغنونها البنات بالمدرسة . .
وبصو ٍت هادىء مبحوح تُكمل الجوهرة : هذا األسمر يا ميمه رِّوح لي
قلبي ، ضليت أعِِّد له الجيِّة وهو كاتلني بعينه
ح َصة بإبتسامة شاسعة : يا ميمه عيونه كتَّالة . .
ال ُجوهرة ويأ ِت على بالها سلطان ب ُسمرته الوا – القتالة – ِضحة و عيناه
فعليًا، تُغني ح َّصة وتدخل هي في دوامته، أتالحظ أني أشتقتُك؟ وأن يو ًما
ُدونك ال يجب أن يُدرج في أوراق التقويم! تبًا لوسامتك يا سلطان
كامالً
كيف أتجاهلك؟
:وأنا لعيونه هذا األسمر يا ميمه أروح له فدوة . .
الجوهرة ألتفتت عليها لتقف وشعرها متناثر لتندفع بعاطفتها : بروح أكلم
سلطان . . .
ح َّصة بضحكة : مين اللي قال ماراح أكلمه خل يحس على دمه!
الجوهرة : أنا كذابة وشكًرا ألنك تذكريني بهالشي
حصة أبتسمت : يارب يارب يارب يا الجوهرة يا بنت عبدالمحسن أسمعك
اليوم قبل بكرا تبشريني بالبيبي
الجوهرة تجمَّدت أصابعها على الهاتف لتلتفت إل يها والحمرة تهرول
بجسِدها : وشو!!
حصة : أدعي لك ..
الجوهرة أرتبكت بتوتر شديد : طيب . . رفعت السماعة . . تهقين نايم ؟
حصة : دقي بس مهو نايم
الجوهرة : إذا رد وصوته مليان نوم بخليك تكلمينه
حصة : طيب وال يهمك الحين دقي





الجوهرة بهُدوء تضغط على أرقامه لتُطيل الثواني الشاهقة ولم تسمع
صوته : شكله نايم
ح َصة : ال أنتظري مستحيل ينام بهالوقت!
رفع الهاتف سلطان وصمت بهُدوء وسكينة الجدران التي حوله وهو يسمع
أحاديثهما، غرقت الجوهرة بنبرةِ حصة ونست الهاتف عند أذنها تنتظر
إجابته.
حصة : وش دعوى ينام الحين! هو ما ينام اال بعد صالة الفجر
الجوهرة : يمكن نام بدري اليوم أو تعبان !
حصة : بسم الله عليه مو تقولين صار أحسن وعمك قال بعد
الجوهرة : إيه بس أخاف يخبون علينا ....
حصة بهُدوء : ال تخليني أوسوس الحين
الجوهرة بضحكة : هذي من أغنيتك ما يجي منها خير
حصة بإبتسامة : حافظتها أكثر مني يالخير
الجوهرة بمثل إبتسامتها تُدندن بمجاراةٍ لها : هذا األسمر يا ميمه عيونه
كتلتني
حصة بخبث : هذا سلطان لو سمح ِت
الجوهرة :
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههه
:والله الضحكة قتلتني
الجوهرة بربكة عارمة عادت للوراء ليسقط الهاتف وتدفع المزهريَة التي
تتوسط الطاولة حتى تناثر زجاجها حولها.
حصة كادت تموت من ضحكاتها الصاخبة، ُمجرد صوته فعل بها كل هذا،
رفعت الهاتف لتُجيب سلطان : هال بالغالي
سلطان بإبتسامة : هالبك . . وينها؟
حصة : ذابت
سلطان بضحكة أردف : وش تغنون ؟ خربتيها
حصة : ما خربتها والله! أصال مهي أغنية يعني كذا قصيدة مغناة. .
سلطان : طيب عطيني إياها





حصة : أول قول لنا وش أخبارك؟
سلطان : عال العال
حصة : عسى دوم .. طيب فرحنا معك
سلطان : متى يصير مزاجي عال العال ؟
حصة : إذا مشى شغلك . . طيب خذها خربت لنا الصالة . .
الجوهرة ووجهها يصخب بال ُحمرة والحرارة، تنحنحت وهي تهمس :
مدري كيف ما حسيت فيه . . ألو
سلطان أطال بثواني صامتة حتى أردف : السالم عليكم ورحمة الله
وبركاته
شعرت بأنه يستهزأ بها لتُردف بهُدوء : وعليكم السالم ورحمة الله
وبركاته
سلطان بخفُوت : مين اللي عيونه قتلتك ؟
ث بها
الجوهرة أبتسمت وهي تالحظ نظرات ح َصة التي تب شغف الخبث : ُّ
أسأل عمتك وش يعرفني فيه
سلطان : طيب غنيها خليني أسمعها كاملة
الجوهرة : ماني حافظتها
سلطان : يا كذبك !
الجوهرة بتضييع للموضوع : كيف حالك اليوم ؟
سلطان : بكرا إن شاء الله بطلع
الجوهرة : الحمدلله .. مو قالوا اسبوع؟
سلطان : آل الفحوصات تمام
هرة : بتنِِّو الجو ر بيتك
حصة همست : بيطلع ؟
الجوهرة هزت رأسها باإليجاب لتُردف : طيب ما أعطلك .. تآمر على
شي
ي يا بخيلة
سلطان : غنيها ل
الجوهرة : صوت عمتك أحلى
سلطان : أبي أسمع بصوتك !!





لت بصوتها الخافت : إذ يغشيكم النعاس آمنة منه
الجوهرة بإستلعان رتَّ
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان
وليربط على قلوبكم ويثبت به األقدام.
سلطان : تصبحين على خير
الجوهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههه وأنت من أهله
سلطان : تعرفين تحجرين للواحد
الجوهرة : أتعلم منك
سلطان بوعيٍد خافت : الحقين الحقين .. أنتظريني بكرا
الجوهرة بتوتر : طيب تبغى شي ثاني
سلطان أنهاها بضحكته التي ال تسمعها كثي ًرا ليغلقه ُدون أن ينطق شيئًا،
الجوهرة : سكره بوجهي
حصة : هههههههههههههههههههههههههههههههه تصير بأحسن العوائل
،
في أطرا ِف الليل كانت تستلقي عند المدفئة الجداريَة وهي تتأم ُل بالنار التي
تحرق الحطب، وتشعُر أنها تصعد بها حتى تحرقها، تتناثر دموعها وقد
أعتادت الدمع في األيام األخيرة، مَّددت أكمامها لكفيِّها الباردة وهي تُب ِصر
الالشيء، كل األشياء تتواف ُد من خيالها المبحوح بحزنه، كل األشياء تقف
عند قلب عزيز و نبرته مازالت تتردد في عقلها " أنتبهي لي " ، كيف
تتطمئن عليه؟ كيف تعرف أخباره؟ كيف تشعُر به بعم ٍق أكثر! عادت
ذاكرتها لأليام التي غادرت بها أثير باريس لتخرج معه بهدو ٍء ُدون
إستفزاز، كانت الري ُح ته ِّب من كل جانب حتى وضع ذراعه على كتف يها.
أبسط األشياء منك ت ُكون حميمية بصورةٍ كارثية لقل ٍب بكر حين ج َّرب
ال ُحب كنت أول تجاربه ويب ُدو أنك آخرها . . . تلك الحديقة موبوءة بك . .
،





ثبَّت كتف يها لتصرخ بآآآٍه مقتولة، تحاول أن تقاومه و الدموع ال تنفَّك من
تشتي ِت بصرها، شعرت بأن يد يها تنكسران وهما تحاوالن دفعه، ضاقت
أنفاسها لتهمس بو َجع : ال
،
ُّي
ٍق تُوصلها لشيء، و عن أرقاٍم تكشف لها أ
تبحث بكل زاويَة عن أورا
شيء، كانت تُفتش أوراقه بلهفة لمعرفة ما يحد ُث بحياتها وتجهله، سمعت
صرخته لتتج َّمد أصابعها على الطاولة الخشبيَة . .
ِرز السكي ُن حتى شعَر بأن ال ُروح تصعد
ُغ . . .
،
أنتهى
إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم()$:
التحرمونِي من صدق دعواتك م و جنَّة حضورك م.
ب
ُّ
ُمستضعفين في ُكل مكان أن يرحمهم ر
و ال ننسى أخواننا المسلمين ال
ِط علينا
ِّ
العباد و يرف ُع عنهم ُظلمهم و أن يُب ِشرنـا بنصر ُهم ، اللهم ال تسل
ِوك وعدونـا و أحفظ ب
ُمسلمين.
عد الِدنا وبالد ال





أستغفر الله العظيم وأتُوب إل يه
ال تشغلكم عن الصالة
*بحفظ الرحمن
الجزء )

)
المدخل لـ سعد علوش.
اطغي اطغي .. خلي الغابات تتسلف خضارك..
بس تترك اصفرارك..
لـ ابتسامات المجامل ولوقارك
واتركي لعشاقك الموتى حمارك
او باالحرى... احمرارك
التلومينا مجانينك نحبك
ال طغيتي .. الزعلتي .. الحكيتي .. المشيتي
انتي مسكينه ومظلومه ومعذوره ليامنك نسيتي
النك انتي اللي فقط...
ماشفتي نفسك الحكيتي
النك انتي اللي فقط
ماشفتي نفسك ال مشيتي





يادمــارك
ياوقوف العالم الثالث على شرفة زرارك
انتي مثل الظلم واالجحاف بس انتي لئيمه
هم طبيعتهم عدائيين بس انتي رحيمه
مابدر منك جريمة
انتي بالفطرة بدون سالح ومقاتل جريمة
وانا بالفطره احبك ياعظيمه...
بذبولك وازدهارك...وانصهارك
تلك الحديقة موبوءة بك، بصدِري يتغن ُج الحب ويثمل، بصدِري ي ُموت
الحب ويُح َمل على نعشه، إني أحبك على الرغم من كل شيء، كيف
الحب في
أصبر؟ علمني أن أصبر على عين يك و نظرةُ عينيك ولمعةُ
عين يك، أعتر ُف بشناع ِة حقدي عليك من تلك األنثى التي كنت أراها بك،
ولكنني أعر ُف أنك تحبني، لن أنكر أنك لم تُحبني يا عزيز، مهما حاولت
أن تقُول لن تستطي ِل عيناك وهي تراقبني في كل لحظة أشر ُد بها،
ِّ
ع أن تُظل
ٍن ُمعجبة، لن
ِقة وأنت تنظ ُر لي بعي
لن تستطيع أن تُخفي إبتسامتك الضيِّ
ِي وتس ُكن، لن تستطيع يا
تستطيع أب ًدا أن تُخفي أمر يد يك وهي ترتع ُش بكفِّ
ِي، أنا التي لم أفعل شي
م ئًا الذي يجِري بعروقك منِّ
عزيز أن تخفي الدُّ
بحياتي يستح ُق الذكر سوى أنني أعطيتُك من دِِّمي و أحببتُك بكل
جوارحي، أنا واقعة بك، واقعة ج ًدا يا عبدالعزيز .
يكفيني من هذه الدنيا أن ت ِِّضل بجواري، يالله! على الندم المهرو ُل بي،
يالله على كل اللحظات التي ضاعت بيننا!، مَّرة أخرى أنا أحبك بكل شتائِم
" أحبك كثي ًرا
هذا الكون التي تبادلناها، بكل كلمة سيئة نابية خرجت منِّي،
ُ شخ ٍص نُمارس معه الحياة ويا أجملهم بال ُحب " أحبك بطريق ٍة
يا أسوأ
عشوائية خالية من التهذيب، أحبك بفوضوية لن أفكر يو ًما بأن أرتبها، تبًا
لوسامتك لن تترك لي فر َصة بأن أتخلى عنك، هذا الهواء الذي يعبرني،
ي ألتخيلك، أتخي ُل
هذا البرد الذي ترتع ُش معه أطرافي يُغمض عينا





تفاصيلك وأنسى وحدتي، أنسى الفراغات التي تو ِّزِ عني بقوالبها ُدون أن
ُل
َّ
تعطف على قلبي، كلماتُك تستعي ُد نبرتها في صدري، ضحكاتُك تتمث
أمامي و " وين تبين تروحين ؟ - جهنم. كويس بطريقي " و الشوكالته
والمقهى الذي لن أنساه أب ًدا وإبتسامتك التي أسقطتني بف ِخها ولم أستطع أن
" فيه شي هنا *تُشير
لتها بكل ه ُدوء ولم تعلم أنك سلبت قلبي
أغضب! قُ
ألنفك* " يالله يا عزيز كم كانت األيام بيننا تض ِّج بالعفويَة والضحكات
المستفزة، كنت على األقل " ال أحبك بهذه الصورة المسرفة."
ِل ال ُصوف لينام عل يها بخ ُمو ِل الدفء الذي تس َّرب بين
غ َّطت جسدها بالشا
الجدران، ألقت نظرة أخيرة من بعيد على ضي السا ِكنة بهُدوء، التع ُب
واضح على مالمحها والشو ُق لوالدها واضح ج ًدا، من قال أن ال ُحب يتقيِّد
بعُمر؟
،
ٍو فتح الباب ليتجه نحوها بخطوا ٍت س شديد
ريعة مهرولة، صدرها يرتف ُع بعل
و أنفاسها تضطر ُب ببكاء مصعو ٍق كغيمت ين تكهربتَا بالبرق، ثبَّت كتف يها
لتصرخ بآآآٍه مقتولة، تحاول أن تقاومه و الدموع ال تنفَّك من تشتي ِت
بصرها، شعرت بأن يد يها تنكسران وهما تحاوالن دفعه، ضاقت أنفاسها
لتهمس بو َجع : ال
شعَر بحتمية الحزن وهو يحاول أن يوقظها من كوابيسها الرماديَة، تمنى
ِلها على جبينها، كم من السكينة تفوتني وأنا ال أحفظ شيئًا
لو يحفظ آية يرتِّ
من القرآن المن َّزل؟ كم من حياةٍ ضائِعة وأنا ال أحفظ شيئًا أرتله على جبين
ُروحي. لو آية فقط تشهُد لي يوم ال ِظل إال ظله ؟ ال أعر ُف على من
أحزن بالتحديد؟ على نفسي أم على ُحبي أم على حظي أم على والِدي أم
على . . عبير ؟
فارس بضيق يبلل يِده ليمسح على وجهها، تلفظ كلما ٍت متداخلة لم يفهم
، وأشعُر بِك! صدقيني أشعُر بالحزن الذي تتفوهُ به
منها سوى " يــبه "
شفت يك و بكلمة – يبه – التي تتشب ُث بلسانك، أشعُر بالوجع الذي يجعلك





تشعرين بالوحدة الشاهقة، أنا الذي لم أعر ُف معنى لـ - أب – وال – أم - ،
ولم أعر ُف شيئًا إال أنني فهم ُت كيف أحب، في اللحظة التي تخلص ُت بها
من وحدتي عرفت أنني وقع ُت بك وب ُحبك، عرف ُت لحظتها معنى للعالم،
ُطو ِر للورِد األبيض، للع الناعمة و الليالي الباردة، عرف ُت كيف للدفء أن
ِّي أنثى! و عرف ُت كيف للحياة أن تأ ِت
يأ ِت من عين – عبي ًرا.-
أن
ي أبي؟ من يُعيدني إليه؟ أنا التي لم أعرف اإلنسالخ منه منذُ
من يُعيد ل
عرفت ميالِدي، نضج ُت على يد يه وعرفتهُ أبي وأمي وأخي وصديقي و
ِن – أبوي – ماهي
" عي
حبيبي وحياتي وكل حياتي، كيف أنام بهناء و
هنا؟."
ِت
لم تستغرق بنومها كثي ًرا، هي ساعة وأقل حتى أستيقظت بشعو ٍر ميِّ
يُرثي نفسه بالدمع، نظرت لفارس بعد أن أستيقظت تما ًما بعين يها
الالمعت ين، و إن برعت بشيٍء هذه األنثى! ست ُكون براعتها في عين يها والله
العظيم، هذه اللؤلؤتان مصيبة والشواه ُد إن أعددتهن ُكثر.
بقهٍر لم تعرف كيف تسيطر على عقلها الذي بدآ يعي ُش أرق الغياب عن
عائلتها، لم يعد لها قدرة أن تتحمل كل هذا وأن تُبقي هذه األعصاب
المشدودة بحا ٍل أفض ُل من هذا، ضربته على صدرها بيد يها وهي تصرخ :
أبعد عننني ما أبغى أشووووفك
أبعدت كفيِّها بعد أن شعرت بأنها تضر ُب حدي ًدا وليس جسد، لت ِّشِد بقبضة
يد يها على الفراش وهي تحاول أن تمتص حزنها، أن تمتص كل هذه
الشحنات وتعي ُش ببروٍد فقط، أن تنعم ببعض البرود والالمباالة، أنحنى
رأسها وشعُرها الطويل من كل ناحية يواسيها.
فارس الذي يجل ُس على طر ِف السرير بقربها ألتزم صمته وأكتفى
بمراقبتها، ب ُمراقبة قطرا ُت الندى بين هدب يها.
ُمشتعلة بالغضب، وبنبرةٍ مختلطة بالبكاء : ممكن تطلع؟
رفعت عيناها ال
فارس : ال
ُمح َّمرة بده َشة و ال يفص ُل بينهما سوى سنتيمترا ٍت
أتسعت محاجرها ال
قليلة، أبعدت وجهها للجهِة األخرى وهي تُردف : الله ال يسامحك
فارس لوى شفتِه السفليَة بأسنانه ليُردف : الله يسامحك على قلبك الحين !





عبير وضعت يد يها على رأسها وهي تحاول أن تضغط عليه من كال
الجانب ين حتى تخ ُّف ح ِّدة الحزن الذي يتوس ُطها، تشعُر بحاجة تقطيع
شعرها، تكره هذا الشعر األسود في هذه اللحظة وهذا الجس ُد بأكمله، تكره
نفسها التي تُحبه : كرهتني بنفسي بكل اللي حولي خليتني أحس بالنقص
من الكل وأخاف من الكل حتى من ظلي .. وعقب كل هذا تستغلني بس
عشان إسمي ماهو عشاني عبير! . . أنا أكرهك .. منقرفة منك .. ومنقرفة
من حالي . . وماني طايقة أشوفك وال طايقة أسمع صوتك . . أبيك تبعد
عنِّ ! ِي وعن حياتي
فارس : تصدقين الكذبة اللي أن ِت مخترعتها! وقلت لك للمرة المليون لو ما
كنت جبتك راح يجيبك أبوي! بكال الحالتين كان راح يكون مكانك هنا لكن
أنا . . . وال ما يهمك تعرفين وش أبي ؟
عبير بحدة : ما يهمني
فارس يقف وهو يُشير إليها بالسبابة : تعرفين والله تعرفين أنك قاعدة
ِّي شي عشان تقهرين فيه نفسك قبل ال
تكذبين وتحاولين تصدقين أ
تقهريني!
عبير تنظر إليه ولنبرته الغاضبة، لصوتِه الثقي ُل عليها وثقي ٌل على قلبها،
بنبرةٍ خافتة عنيفة : مهما خليتوني هنا ومهما صار! في الوقت اللي أشوف
فيه ابوي صدقني ماراح يكون مالك وجود في حياتي هذا إن كان لك وجود
من األساس !
فارس بإستفزاز لقلبها : طبيعي ماراح يكون لك حياة ثانية عشان يكون لي
وجود فيها ! بتكونين مشغولة في حياتــــــــــنــــــا *نطق كلمته األخيرة
ببطٍء شديد.*
عبير : أطلع برآ . . أطلع . . *علت نبرتها بصرخها* أطللللللللع
فارس بثبا ٍت يقف ويُريد أن يرِِّوضها اآلن : تفهمين شي وا ِحد أنه هذا
الشي مو بإرادتي !
عبير ببكاء تُردد : أطلع . . أطلع . . ماأبغى أشوفك
فارس بتجاهل لكل توسالتها : ما أستاهل منك كل هذا يا عبير! تذكري
هالشي . . . . سحب المفتاح على السرير ليش ِّد خطواته نحو الباب، وقف





ُدون أن يلتفت إل يها، أطال بلحظاته حتى فتح الباب وخرج .
أنفجرت ببكائِها، ال تحتمل أن تراه بعد كل هذه الفترة التي كانت تترق ُب بها
فقط حر ٌف من إسمه، يأ ِت اآلن بكل ضراوةٍ وعنف لقل ٍب بكى عليه ومنه
ألشهر ال تُنسى بسهولة .
،
ُّي
ٍق تُوصلها لشيء، و عن أرقاٍم تكشف لها أ
تبحث بكل زاويَة عن أورا
شيء، كانت تُفتش أوراقه بلهفة لمعرفة ما يحد ُث بحياتها وتجهله، سمعت
ِّي حنجرةٍ خرجت، هذه الصرخة التي ال تُوحي إال بأنها
تجهل من أ
صرخةُ
تنتمي إليه، لتتج َّمد أصابعها على الطاولة الخشبيَة التي وضعت بها
ِّي قل ٍب كانت
ِّي شعو ٍر كانت تحمل، وبأ
صورها معه، صو ٌر ال تعلم بأ
تنبض.
ُغِرز السكين حتى شعَر أن ال ُروح تصعَد لعنقه، سقط على بطنه حتى
تناثرت الدماء حوله، سارت بخطوا ٍت بطيئة متوجسة لتقف عند با ِب
الغرفَة بقدم ين ثقيلة تيبَّست على أر ٍض ال تتز ُن بهذه اللحظات وهي تنظ ُر
للجسِد الملقى، بلعت غصتها لترتبك أسنانها المتعاركة فيما بينها، تنظ ُر
بعي ! ٍن تتس ُع بالده َشة، بالخوف، وهي تهم ُس بدمعٍة هزيلة : ناصر
نظر للدماء بالالشعُور! قتل شخ ًصا هذا ما يأ ِت في باله اآلن، قتل نَف ًسا،
رو ًحا، عين ين و حوا ٌس آخر، قتلها بيد يه، هل يسامحني الله بحجة الدفاع
عن نفسي؟ هل هذا صحيح؟ هل ما أفعله اآلن صحيح !
تعَّدت أقدامه جسده ليسي ُر بخطوا ٍت سريعة بإتجاه غادة : راح نطلع الحين
.. بسرعة ألبسي
غادة بصدمة : قتلته ؟
ناصر يلتفت إليها بعين ين مح َّمرة وأطرافه ترتعش من كلمة "قتل " : مافيه
وقت .. بسرعة
غادة تتراجع بخطواتها لتنظ ُر إليه كيف يُخرج الشنطة الصغيرة ويضع بها
بعض القطع ويُخرج الجواز ين، بإستغراب : هذا جوازي؟ كيف طلعت لي





جواز؟
يتجاهل أسئلتها ليُغلق حقيبته ُدون أن يرتب شيئًا بها بعد أن وضع مالبسها
ده نحوها : ثلث ساعة قدامنا عشان
ُّ
أي ًضا، رفع عينه لها ليسحب معطفًا ويم
نوصل للمترو . .
ِّي مجهو ٍل ينتظرها، كيف
غادة تُضيء عين يها بالدمع وهي ال تعر ُف أ
تتكه ُن بمستقب ٍل إن لم يوجد لها حاض ٌر من األساس.
أرتدت معطفها لتنظ ُر له وهو يض ُع بجي ِب حقيبته صورهم و األقراص
التي حبست أصواتهم و صورهم، نزلت دمعتُها وهو يُعطيها ظهرها ليُدخل
في جي ِب جاكيته –
ٌ
طها يتوز ُع بها .
ُّ
ورقة – كان خ
ِر ًكا الشقة و باريس و الحياةُ
ألتفت عليها ليطِِّوقها من يِدها ويخر ُج معها تا
التي كان من الالزم أن يعي ُشها هنا، مثل ما تُريدين يا هذه األرض، تركتنِي
ًم أعي ُش على ُحزنِي أيا ا ولم تغتسلي بعد من وعثا ِء ذنبي، مثل ما تُريدين
أنا راحل ولن أختار ِك مرةً أخرى! لن تكوني في جدول ُعمري مرةً أخرى
وأنا الذي ظنن ُت أسفل غطا ُء ِك قبر حبيبتي وأنا الذي ظنن ُت أني كتب ُت على
سما ِءك في ليلة البكا ِء تلك " بحف ِظ الرحمن يا غادة يا قصيدتي األبديَة،
، أنا الذي لم أنض ُج ِشعًرا إال عندما
"
الشعُر من بعد ِك رثا ٌء ال يتزن شط َر ف ه
ِّي
، واآلن؟ أ
" قصيدة "
كتب ُت لها ومنذُ رحيلها لم أكتب شيئًا يستح ُق معنى
رثا ٍء ينتظرني؟ هل أرثي نف ِسي بعدما أستلم ُت الصفعات تبا ًعا من يٍد
باردة.
ٍر أوقفهُ التاكسي عند محطة القطار، ليدخال سيأ ِت
ِّي قطا
ن وهو يراقب أ
لندن، ألتفت عليها
اآلن، وقف أمام شاشة الرحالت، بعد ساعة ستأ ِت رحلةُ
: أجلسي هنا بس أحجز وأرجع لك . . . تراقب مالم ُح الراحلين و الما َّرة
ِك بها
المسافرين، يا مدينتنا القديمة أن ِت يا باريس، هي المَّرا ُت التي غادرتُ
لم أجد سوى بر ُد باريس الذي كان يغطينا أن ف
ي قليلة، منذُ
تحت بها عين
في هرولتنا الدائمة على شوارعها بين المدر َس ِة و شقتنا، لم أ ُكن أعرف
د األيام لمجيء أبي إل ينا، كنت أرتف ُع
ُّ
شيئًا عاطفيًا ويستنز ُف قلبي سوى ع
إليه في كل مرةٍ أراهُ بها، ُكنَّا نحس ُب اإلجازات السنويَة من أجل أبي، ُكنَّا
نعي ُش في الرياض بأرواحنا من أجل أبي، ُكنَّا نقرأ أخبا ُر الرياض لنروي





عطشنا ألبي، كنَّا نسي ُر في شان دو مارس لنقُول " نفتقد جس ًدا آخ ًرا " ُكنا
ًما يعلمنا العربيَة التي
ننتظ ُر أبي، أدخلنا المدار ُس الفرنسيَة ليجلب لنَا معل
أصبحت ركيكة على لساننا، في كل مرةٍ تُضيء باريس في عين أبي كان
يعلمنا الفصاحة و إدارةُ أعمالنا، هذه باريس التي ال تعني شيئًا ألحد هي
تعني لي الحياة والعُمر الذي مضى في كنف أبي، في ُخبزها المنتفخ و
َّون، في جدائِل الزهر على طريقها و أغنيا ِت الليل بها، كنَّا
َماكُرون المل
ال
نلتقي كثي ًرا مع أبِي في دعاء الصباح.
أتى إل يها ليجلس بجانبها : راح ننتظر ساعة
ا : مين هذا ؟
غادة أخذت نف ًسا عميقً
ِّي
ناصر : شخص تهجم عل
غادة : دام تهجم عليك ليه خفت؟ ليه هربت!
ناصر : غادة ممكن ما تسأليني وال سؤال! تعبان وماني متحمل وال كلمة
غادة تلتفت إليه لتتجمُد عين يها أمام قطرات الدم التي تسي ُر من إذنه،
ِّي عاطف ٍة
بمنديلها التي مسحت به دمعها وضعته على دِمه، ال تعر ُف أ
َي ينظ ُر للما َّرةٍ أمامه
جرت نحوه في هذه اللحظات، لم يلتفت إل يها بق .
بهمس : تنزف!
وضع يِده على مكان جرحه بجان ِب أصابعها بعد أن خدشهُ بالباب، سحب
المندي ُل من أصابعها ليضغط به على مكان نزيفه، دقائِق حتى توقف
النزي ُف بضغطه، ألتفت عليها : بردانة ؟
هزت رأسها بالنفي لتُردف بضيق : وين بنضيع هالمَّرة ؟
ناصر : لندن
غادة : ممكن أطلب طلب؟
ناصر ألتفت عليها بكامل جسِده وهو يعك ُف سا ٌق واحدة أسف َل فخِذه، نظر
إل يها بعين ين تنتظ ُر طلبها.
غادة : ليه ما تفكر ببكرا؟ وش ممكن يصير! . . يعني حياتنا !
ناصر بهُدوء موجع : لما فكرت ببكَرا جتني فجيعتي بك، لما فكرت بأيش
يصير جت خيبتي من هالدنيا فظيعة! لما قلت بعيش كنت أقول ب ُموت بس
بصيغة ثانية . . عشان كذا ال تطلبين مني أني أفكر بأشياء بعيدة ألني





جربتها والمؤمن ال يلدغ من جحره مرتين!
غادة تنز ُل دمعةٌ حا َّرة على خِدها لتُردف بخفُوت : طيب وأنا؟ كيف
تخليني كذا بدون مستقبل بدون شي! كيف أعيش !
ناصر : ال تسأليني! . . كنت أبيك ُعمر يا غادة ما طلبتك موت !
غادة : و انا ما أسألك كيف تبي ت ُموت! أنا جدية بكالمي وبحياتي معك! أنا
ماأقولك أتركني وما أبغى أشوفك! أنا مالي غيرك الحين بس أبغى أعرف
عن الحياة اللي تنتظرني
ِل إحدى رجاال ِت ُعمر : ماني
ناصر يش ِّد على شفتيه بعد أن تورط بقت
متشائم كثير لكن ال تنتظرين شي . . وأسند ظهره على الكرسي ليراقب
من جديد الالشيء الذي أمامه.
غادة : وال أنتظرك؟
ناصر بضيق يشعُر بأن روحه تلتهب بحرقتها : تنتظريني؟ بدري حيل
غادة تمس ُح دموعها التي أنسابت على خدها بطر ِف أصبعها : يعني ما
أنتظرك تجي على بالي مثل ما أنت متصِِّور؟
ناصر بتبلٍد إتجاه الموت : في الوقت اللي راح تحسين فيه أنك تذكرتيني
ي
بيكون الوقت اللي تشبعت فيه من إحساسي بخيانتك ل !
ٍق يتحشر ُج بصوتها : ما خنتك! مو أنا اللي دعيت الله عشان
غادة بضي
أفقد ذكرياتي معك! أنا خايفة منك ومن هالصور اللي في جيبك . . أنا
أحس أني ما أعرفك .. ليه ما تحس بوجعي من هالشي؟ ماني مبسوطة أبد
بحالتي هذي عشان تقولي أني أخونك
ناصر يزف ُر بأنفاسه المشتعلة وعينِه تثبت في الشاشة التي أمامه : يرحم
الله أوجاعي يوم ألجلك عشت في كنفها
غادة ببكاء لم تحتمل كلماته التي تجل ُد قلبها بقسوتها : تظلمني
ناصر : الله يسامحني
غادة أسندت ظهرها على الكرسي ِلتُبعد أنظارها عنه وهي تغتس ُل بدمعها
د حتى ال يخر ُج صوت أنينها.
بصم ٍت أجبرت عليه، تكتفت وشفت يها تنش ُّ
،





يق ُف بكل هيب ٍة أمامهم، و الثقة تُز َرع في قلبه بطريق ٍة مستفزة لكل من
حوله، ينظ ُر لألوراق التي بين يد يه، للتطورات التي حصلت بالفترة
األخيرة ليُردف ببرود : و بنته الثانية ؟
أسامة : مختفية هي و مرت أبوها
لتهدأ عين يه على األسطر التي يقرأها، بخفُوت يح ُك
سليمان صمت قليالً
ذقنه : وفارس؟ وش نيته؟
أسامة : ما راح يأذي أبوه هذا اللي أنا متأكد منه وماراح يأذي عبدالعزيز
سليمان تن َّهد وهو يُميل فِمه : طيب! . . شف لك صرفة معه
أسامة رفع حاجبه : يعني ؟
سليمان : تفكك رجال رائد اللي حوله ماراح يتم وفارس موجود! دام
ها
َّ
ماراح نقدر نستغله ضد أبوه، الزم يبعد .. عاد كيف يبعد أنت حل
أسامة برهبة : بس فارس . .
سليمان بحدة : فارس وغير فارس! قلت أبعده
أسامة بلع ريقه : عارف لكن فيه طريقة ثانية نقدر نبعده فيه بدون ال نأذيه
. . أقصد بدون ال نأذيه جسديًا
سليمان يجلس ليرقد قدًما على قدم : أتكلم هندي؟
أسامة بخ ُضوع : مثل ما تآمر
سليمان ينظ ُر لعمر الغارق بتفاصيل الحسابات ليُردف : أتصلت على
مقرن؟
عمر ُدون أن يرفع عينه : مثل ما طلبت! بعيد عنهم
يدخ ُل األبي ُض المنمش بخطوا ٍت سريعة وبين شفت يه خب ٌر معلق : امسكوا
زياد!
رفع عينه ُعمر بده َشة تسب ُق دهشة أعين سليمان التي توجهت نحوه.
ا بعد أن أستنزف طاقته: و أعترف من أبوسعود و عبدالله
أخذ نف ًسا عميقً
اليوسف! ماني متأكد من هالشي لكن جواله صادروه
سليمان : قلت لي عبدالله اليوسف؟ رجع لهم؟
يهُز كتفيه بعدم المعرفة ليُردف سليمان : حتى عبدالله يبي له قرصة





إذن!!!!!
ُعمر : وصلهم خبر ناصر؟
أسامة : آل .. آخر مكالمة مع زياد قالي أنه ما يدرون عن شي
سليمان بإبتسامة : حلو .. أنا أعرف كيف أحرق قلوبهم . . . الحين
عبدالعزيز مع بنته كيف لو عرف بموضوع غادة ؟ شكله مافهم الرسالة
كويس ويبي لنا نعيدها له بطريقة ثانية . . . !
ُعمر : وزياد ؟
سليمان بضحكة إستهتار : السجن للرجال !
،
ُمشمس تتالع ُب الري ُح بورقا ِت االشجار، بأغنيا ِت الزهر الجا ِّف
في صباحٍ
المهمل على الطريق، تلتف ُت بجسِدها عليه لتتأم ُل عينيه النائمة بهُدوء و
شعُر وجهه المهمل بجاذبي ٍة تتكىء على أبنا ِء نجد الذين ينت ُمون لجلِدها
األسمر، هل أصِِّدق ُحبك يا يُوسف من اج ِل الجنين الذي ضاع


إعدادات القراءة


لون الخلفية