الفصل 101
َسالم لكن قلت له إني أنا اللي
إيه كنت عندها طول الليل! وكان بيجيك عبدال
بجيك.
َي زفت
سلطان : كلمت دكتورها وال أ !!
محمد : كانت بالعمليات وطلعت من عندها قبل الشروق وهي للحين
سلطان : طيب يا ذكي كان تركت عندها واحد ثاني!
محمد بلع ريقه : خفت أتأخر عليك
سلطان بعصبية : بضيع لو ماجيتني يا مح َمد! لو صار شي لرتيل بح َملك
أنت ونايف المسؤولية وخلَي عندك علم
محمد بدهشة إلتفت عليه لثواني حتى عاد بأنظاره للطريق، أندهش من
نطقه إلسمها ومعرفته بها : إن شاء الله ما يصير اال كل خير
َهد بعُمق
سلطان ضغط على عين يه وهذا اإلرهاق يجلب له سوء المزاج، تن
: كلَمت سعد؟
َرد طال ُعمرك، أختفى كأن األرض أنشقت وبلعته
محمد : ما ي
سلطان : بس توصلني المستشفى تروح تشوف لي سعد وين! ألنه بباريس
َوره لي!! مفهوم ؟
مستحيل يطلع منها! و َرني شطارتك ود
محمد : إن شاء الله راح أحاول . . . . دقائِق طويلة حتى وصل وركن
السيارة أمام الباب الرئيسي للمستشفى.
َف "
ِه من هذا البرد الذي يُج َمد أطرافه، ل
نزل سلطان وأخذ معطفه ليرتدي
سكارفه " الرماِدي حول رقبته ليدخل متج ًها لإلستقبال وبجانبه مح َمد :
طال ُعمرك ماهو الزم تسألهم! الغرفة اللي كانت فيها بالدور األول
سلطان عاد ب ُخطاه ليتبع مح َمد، وقف عندما تو َسط الطابق األول ليلتفت
عليه : وينها؟
محمد بلع ريقه : آآآآ نسأل اإلستقبال يمكن طلعت من العملية
سلطان أغمض عين يه قبل أن يرتكب به جريمة : أحفظ نفسك وأبعد عن
وجهي
أخرى، نزل سلطان ليسأل عن رتيل، ثواني
محمد أبتعد ُدون ان يلفظ كلمةً
قليلة حتى سارت معه الممرضة لألعلى ناحية مكتب الدكتور .
الدكتور " بإنجليزية " : اخيها؟ أم زوجها؟
سلطان بهدوء : كيف حالها؟
الدكتور تنحنح : إلى اآلن جيَدة، خضعت لعملية ليلة األمس ضمَدنا بها
جرحها
سلطان : تعَرضت لشيء آخر؟
َي مضاعفات، أنخفض ضغطها كثي ًرا ولكنها اآلن
الدكتور : لم تحدث أ
بصحة جيَدة، لكن يجب أن تعرف أنها ستطيل المكوث هنا! إصابتها ليست
بالسهلة
سلطان وقف : أين هي اآلن؟
الدكتور : بجناح رقم
سلطان : جناح ُمشترك؟
ًوا ؟
الدكتور رفع حاجبه : عف
لت هل جناحها ُمشترك؟
سلطان : قُ
الدكتور بإبتسامة : يجب أن تعرف يا عزيزي أن المستشفى ممتلئة
بالمرضى وليست هي المريضة الوحيدة حتى . .
يُقاطعه سلطان : سأقترح عليك
دقيقة لنقلها إلى جناح خاص! وأظن أن
المصاريف تخصنا نح ُن عائلتها وال تخص طبيبها! هل وصلت لك
الفكرة؟
الدكتور : أطلب هذا الشيء من اإلستقبال وأدفع لهم وسينقلونها وهذا ال
َي أي ًضا
يضرني، تأكد إنني أريد الراحة لمرضا . . .
سلطان خرج دون أن يسمع بقية حديث الدكتور، أقترب من محمد : ليه
واقف؟ مو قلت روح شوف لي سعد!
محمد : توقعت إنك تبي ترجع عشان رائد
سلطان بح َدة يحاول ان يسيطر عليها : فيه اللي أهم منه !
محمد : طيب . .
َصة، ليقف عقرب
أنتهى سلطان من إجراءات نقل رتيل إلى غرفة خا
الساعة على الحادية عشر ظهًرا، يُريد أن يتأكد بأم عين يه أن صحة رتيل
جي َدة ولكن بنفس الوقت ال يُريد أن يكون هو من يراها.
َما رض يت أن يراها عبدالعزيز! "
لو كانت الجوهرة بمثل هذا الموقف ل
وش جاب طاري الجوهرة الحين يا أنا ؟ "
َهد بضيق، وقف بعد أن طال جلوسه
مسح على وجهه من هذه األفكار ليتن
ًوا هل بإمكاني أن أطلب شيئًا
على المقاعد، أقترب من الممرضة : عف
من ِك؟
َي الم سلطان بحالميَة : بالطبع
مرضة بإبتسامة تنظ ُر لعين
ريد أن أتأكد
ُ
ٍن طويلة، رفع بها حاجبه من نظراتها : أ
سلطان نظر إليها لثوا
من صحة إحداهن، تحدي ًدا أريد أن أعرف إن كانت مستيقظة
َي غرفة؟
الممرضة بنبرةٍ تتغنَج باإلنجليزية الركيكة : حسنًا، أ
سلطان :
َس الممرضة ارت بإتجاه الغرفة، دخلت بهُدوء لتنظر إلى جسِد رتيل النائم
بسكينة، أقتربت لترى مالمحها الشاحبة يُغطي نصفها كمام األكسجين،
َصل حالة قلبها، ثواني قليلة حتى خرجت وأقتربت
نظرت للشاشة التي تُف
من سلطان : حالتها جيَدة! ولكن هل كنت تمزح معي حين قلت ُربما
مستيقظة؟ . . بضحكة أردفت . . الفتاة تُحيطها األجهزة من كل إتجاه!
ُربما تحتاج وقت طويل حتى تستيقظ
َهد : شكرا
سلطان تن
ًوا، إذا أحتجت شيء آخر تستطيع ُمنادتي . . إسمي التي َسا
الممرضة : عف
سلطان أدخل يديَه بجيوب معطفه، أكتفى بإبتسامة ضيَقة وخرج دون أن
َي يلفظ كلمٍة اخرى، واحد يجلس
أخرج هاتفه ليتصل على مح َمد : أرسلي أ
عند رتيل
مح َمد : إن شاء الله
أغلقه سلطان لينظر لسماء باريس الماطرة، َسار على الرصيف ُدون أن
َي سيارة أجرة تنقله، أراد أن يُعالج ضيق مزاجه في هذه
يحاول أن يوقف أ
الساعة بالهواء.
أهتَز هاتفه ليُجيب على عمته الذي يبدو خبر سفره وصل لها : ألو
ح َصة : السالم عليكم يا . . أبو بدر
إبتسم سلطان : وعليكم السالم . . هذي نبرة الزعل؟
حصة : وصلت؟
سلطان : إيه قبل ساعتين تقريبا
حصة : وطبعا لو ما عرفت من السَواق ماكان وصلني خبر! يا كثر ما
تضايقني يا سلطان بأفعالك!!
سلطان : سفرة ُمفاجئة وكنت راح أتصل عليك
َي قيمة
حصة : صدقتك أنت أصالً ما تحط لي أ
سلطان : كيف نقدر نرضيك يا أم العنود؟
ح َصة بضيق : ما أبغاك تراضيني! تعَودت، أتصلت عشان أتطمن إنك
وصلت
ٍن طويلة حتى قطعها بكلمٍة تب ُدو ناِدرة أو ُربما مستحيلة
سلطان صمت لثوا
على مسامع ح َصة : آسف
حصة ألتزمت السكينة لتُغمض عين يها بمحاولة إستيعاب هذه الكلمة،
بخفُوت : وش قلت؟
سلطان : قلت آسف
ح َصة : صدمتني!
سلطان بضحكة مبحوحة : كل شي عند أم العنود يختلف، هي بس تآمر
وأنا أنفَذ
َي وعلى غيري . . . . نطقت كلمتها األخيرة
حصة : يا عساك دايم ِكذا عل
تصريح مب . َط ب ن تعني به الجوهرة
سلطان بهدوء : يمكن بكرا أنشغل ومقدر اتصل عليك ويمكن أطَول، ما
َي شي وال ت وسوين ألني من الحين أقولك يمكن مقدر
أبي ينشغل بالك بأ
َي إتصال
َرد على أ
أ
حصة بضيق عقدت حاجب يها : ليه؟ يعني بتنشغل طول اليوم؟ مستحيل!!!
َرد عليك َهد : أهم
سلطان تن شي تعرفين إني ممكن مقدر أ
حصة : طيب، بس ط َمني عاد مو تخليني على أعصابي! . . متى قررت
ترجع؟
سلطان : إلى اآلن ما أدري! لكن إن شاء الله ما أطول
حصة : إن شاء الله ترجع لنا بالسالمة
سلطان : ح َصة
َ
حصة : سم
سلطان : أحفظيني ب ُدعاءك
ح َصة أنقبض قلبها من فكرة سيئة تطفو على سطحها : سلطان؟
سلطان عقد حاجب يه من ضيق محاجره التي تقب ُض على ملحه حتى تُدمعه :
مو صاير شي! بس أشتقت أسمع منك الله يحفظك
حصة : دايم في دعواتي يا سلطان ماتغيب وال لحظة، الله يحفظك
ويحميك من كل شر ومكروه
سلطان همس : آمين
ح َصة : مو صاير شي صح؟ ط َمني
َهد : ال، بس سمعت خبر سيء وضايقني
سلطان تن
ح َصة : يتعلق بالشغل؟
سلطان : ال بنت عبدالرحمن
ح َصة : إيه؟ وش صاير لها؟
سلطان : بالمستشفى! وال أحد يدري
ح َصة : يا بعد ُعمري والله! ربي يسلَمها من كل شر، أنت شفتها؟ ُهم في
باريس صح؟
َو طالع من ال
سلطان : إيه، ت مستشفى، تط َمنت عليها وخليت عندها
الحرس
ح َصة التي تنتبه لنبرة سلطان المرتجفة بالحزن : ال تقولي إنك زعالن
على بنته وبس؟ فيه شي ثاني وواضح إنك مخبي عني
سلطان إبتسم للطريق الذي يرتجف هو اآلخر بز َخات المطر والثلج الباقِي
على رصيفه لم يذوب بعد : أع َزها كثير
َي ح َص ! فيه شي ثاني قولي؟
ة : تخبي عل
سلطان : والله العظيم اع َزها وأغليها
ح َصة : وش ع َرفك فيها؟ متى شفتها؟ . . . بنبرةٍ حادة أردفت . .
سلطان!!!
سلطان بتنهيدة : أنا أف َكر وين وأن ِت وين !
ح َصة بسخرية : أبد خ َل الجوهرة تجي وتقولك والله هالر َجال أعزه وأغليه
بس ال تفهمني غلط
سلطان بإنفعال : أقطع راسها
حصة ضحكت بصخب : يارب أرحمني من هالتناقض اللي تعيشه يا عيني
سلطان بهدوء أستسلم : رتيل كـ
حصة بح َدة تُقاطعه : يا خوفي تعرفها أكثر من بنت عمها!!
سلطان : تبيني أقولك وال أس َكر؟
حصة : قول
سلطان سعَل وأبعد الهاتف، أتى صوتها الحاني : ص َحة
سلطان يُكمل : كانت معذبَة أبوها بتصرفاتها وبغت تنفصل عن الجامعة
مَرة وأنا اللي توسطت لها وأقنعت عبدالرحمن، من وقتها والبنت أع َزها
مثل أختي
حصة : خواتِك كثار وكلهم باإلسالم بعد ماشاء الله تبارك الرحمن الله
يثبتك
سلطان ضحك بضحكة مبحوحة سرقت قلب ح َصة الذي مهما يق ُسو تُصيبه
العودة لحنانه المعتاد : والله هذي السالفة، وهي زوجة عبدالعزيز ولد
بنات عبدالرحمن ماأرضى عليهم وأع َزهم من
سلطان بالمناسبة، وأصالً
غال أبوهم لكن رتيل عشان َكذا مرة أسمع عبدالرحمن يحكي عنها تكلمت
معك ِكذا
ح َصة : صدقتك
سلطان : أصالً مجبورة تصدقيني، ألني ما قد كذبت عليك
ح َصة : تعرف تح َجر لي!
سلطان : أهم شي تكونين راضية عنَي
ح َصة صمتت قليالً حتى نطقت : راضية عنَك مع إنك تضايقني كثير
عليك
سلطان : وش نسوي يا ح َصة؟ مافيه أحد بالعالم تكون قراراته صحيحة
،٪مضطرين نغلط مثل ما إحنا مضطرين نتقبَل هالغلط
ح َصة : يعني تدري إنه قرار طالق الجوهرة غلط؟
سلطان ألتزم صمته وهو يقف حتى ينتظر اإلشارة الخضراء للعبُور،
أردفت بصوتُها الذي ينام على ضفافِه ُحزن أم : تدري وش اللي فعالً
يوجعني! إنك تدري إنه غلط ومكَمل فيه! الله يآخذ هالكرامة وهالعَزة إذا
بتسوي فيك ِكذا
سلطان تنحنح حتى يُعيد صوته إتزانه بعد أن سلبه بر ُد باريس وكساه الب َحة
: لو أبي أر َجعها قدرت بدون ال أهين نفسي، بس أنا ما أبي وال هي تبي
ح َصة : ال تتكلم عنها! ألنك ما تدري أصالً وش اللي تبيه ووش اللي ما
تبيه
سلطان : تأكدي من نفسك إذا و َدك
ح َصة بهمس : ليه يا سلطان؟ ليه تغلطون دام الله عطاكم القدرة إنكم
تميَزون الغلط من الصح
سلطان : عشان نتعلم !
ح َصة : وش تبي تتعلم عقب هالعُمر؟
سلطان بهدوء ال يعكس الوجع الذي يعص ُر محاجره بالملح : إننا ما عاد
نركض ورى البدايات ونطير فيها عشان ما تصدمنا النهايات، ما و َدي
أقولك هالشي وأضايقك! بس أنا تعبت، أحس إني مخنوق من كل شي ومن
كل جهة، و َدي لو مَرة أتم َسك بشي وما يضيع مني، وهالمَرة يا حصة
ماهي راضية تجي، وإن جت أوجعت قلبي! قولي لي وش أسوي؟
ح َصة تألألت محاجرها بالدموع : ليه و َصلت هاألمور بهالطريقة؟
ة وخلني أقول إختياره وماراح يض َر فضفض لي لو مَر ه إن شاء الله، ال
تخليني أتصَور دائِ ًما إنك سلطانها وهي جوهرتك! أمحي هالفكرة من بالي
عشان أرتاح
سلطان : ما عندي جواب يا ح َصة
َي وأنت مستحيل تصارحني بشي
ح َصة بضيق : ألنك ما تقدر تكذب عل
يخ َصك!!
سلطان : أسألك سؤال؟
ح َصة : وشو؟
سلطان : لو فر ًضا ال سمح الله صار لي شي، وش الفكرة اللي بتآخذينها
من حياتي؟ واللي مستحيل أصارحك فيها؟
ح َصة إرتجفت شفت يها لتسقط دمعاتها الناعمة : ولِدي اللي ما جبته تزَوج
َما
ومقدرت أحضر زواجه وأفرح فيه، وما قالي سبب تس َرعه بهالزواج! ول
ويقرر صح! قالي ما نقدر نكَم فرحت عشانه عرف يختار ل أنا وياها وإحنا
َما حاولت أوقف ضد هالقرار عشاني أؤمن إنه
أصالً ما نصلح لبعض، ول
البداية اللي ركضت وراها بهالسرعة أنت اللي أخترعت نهايتها يا سلطان!
مو هي اللي جتك!! والنهاية ما صدمتك! انت اللي صدمت الجوهرة فيها!!
أنت اللي ما عطيت الجوهرة قيمة وأنت عارف إنها حتى وهي متضايقة
منك ما تسيء لك بكلمة! أنت ُعمرك شفت بنت ال ع َصبت تحرقك
َي كلمة؟ . . . ُعمرك ما راح
بنظراتها وتترك لسانها بدون ال تنطق أ
تعرف قيمة الجوهرة يا سلطان! و مو بس ما تعرف قيمة الجوهرة! أنت ما
تعرف قيمة اللي تقوله عيونك! كيف تقسى يا سلطان على نفسك وعليها؟
ما تف َكر وش راح تخسر من بعدها؟ ماراح تخسر ترقية وال راح تخسر
مركز ووظيفة! راح تخسر قلبك اللي ما ق َدرته!!
سلطان عقد حاجب يه دون أن يلفظ كلمٍة وا ِحدة بعد حديثها الشفاَف، بهدوء
أردفت : ماراح أجبرك على شي وال أقدر أصالً! أحاول أضغط عليك بس
بالنهاية مقدر أسَوي شي غير اللي تبيه، كنت أبيك تفرح وأشوفك و أنت
تأ َذن بولِدك، بس ما أظن إنك بتشوفها إن ربي س َهل عليها وكتب لها
والدتها على خير، بتكون بالرياض وهي بالشرقية ويمكن حتى ما تكون
دَم فيه! شايف كيف أنت بعيد كل البعد حتى عن اللي يشيل ك؟ . . أدري
َي بكالِمك؟ لو أقدر أأثر عليك
وش بتقول؟ بتقول تحاولين تأثرين عل
بكالِمي كان تأثرت من زمان! بس كل مَرة أقتنع أكثر إنك قاسي وتقسى
على نفسك
سلطان بلع ُمج َمل الغ َصات التي تعب ُث بصوته : مضطر أس َكر الحين
ح َصة : سلطان
سلطان : س َمي
ح َصة بصو ٍت با ِكي أرجفت قلبه : تدري إني ما تكلمت عشان أضايقك
بشي! تكلمت من حزني عليك
سلطان : يا ُروحي، ما تضايقت وال شي! سمعت منك هالكالم كثير
وبسمعه أكثر وعارف إنه من غال َي !! في قلبك، ُمستحيل أتضايق منه
ح َصة : ينفع أقولك شي أخير وبعدها ماراح أجيب سيرة الجوهرة قدا ِمك!
وبس َكر هالموضوع؟
سلطان بخفوت زادت ب َحته وهو يجلس على الكرسي الخشبي أمام حديق ٍة
متجمَدة تما ًما : س َمي
ح َصة : أبيك تعرف إني أفكر عشان ُمستقبلك! ويهمني هالشي، أنا ماراح
أبقى لك يا سلطان! وهالبيت بيفضى وبيجي وقت وراح تتقاعد من شغلك!
مين راح يسليك؟ مين راح تشاركه فرحتك؟ ومين راح يشيل عنَك حزنك؟
مين راح يفطر وياك؟ ومين راح تنام وأنت متطمن عليه؟ أخاف عليك من
الوحدة اللي راح تجيك! مهما كابرت أنت ما تقدر تعيش بروحك يا
سلطان! إيه صح قدرت بعد وفاة بدر وأمك! وقدرت بعد وفاة ُسعاد!
وقدرت بعد وفاة أغلى شخص اللي هو بو عبدالعزيز! لكن كثرة
َرب!
هالمصايب ماهو يعني إنك تعَودت! كثرتها يعني إنه إنهيارك عليها ق
وأنا أخاف عليك من هالشي !!
بعد أن فقدت قُدرتها على تهذيب البكاء الذي يشط ُر صوتها وقلبها : بحفظ
الرحمن . . . أغلقته دون أن تسمع صوته، لتضع الهاتف على الطاولة
وتُغطي مالمحها وتتجه إلى بكا ٍء عميق عليه وعلى وجعه الذي تلمسهُ من
ُم
صوته وإن أخفى ذلك وتراه من عين يه القاسية على روحها التي تحل
بفرحه.
و هَو؟ أدخل الهاتف إلى جيبه ُدون أن يقف أو يصدر حركٍة اخرى، نظر
َمر يتالشى بغمضة عين، أخذ
َرة، وكل من ي
ُو من الما
للرصيف الذي يخل
نفس عميق وهو يُغمض عين يه حتى يُعيد لقلبه اإلتزان الذي فقده من كلمات
ع َم . ته
من ُجملتها التي تر َن في قلبه " ُعمرك شفت بنت ال ع َصبت تحرقك
َي كلمة ؟ " عاد عقله لمجموعة
بنظراتها وتترك لسانها بدون ال تنطق أ
صور ُحبست في ذاكرته، صور عين يها في أكثر من موقف، للتو أدركت
أن الجوهرة لم تعبَر بكلماتها أب ًدا مهما حاولت أن تقسو في الفترة األخيرة،
الجوهرة كانت تستعمل عين يها دائِ ًما، في فرحها، ُحزنها، بكاءها، ضيقها،
غضبها، مللها وخجلها .
وقف ليُبعد زلزلة ص ورها في ذاكرته لقلبه، أتى على باله تلك الليلة.
"أقترب منها ليُحاصرها بزاوية الغرفة، أدخل يد يه في جيو ِب بنطاله
العسكري : إيه سمعَ ! يني
رفعت عين يها إل يه وبخفُوت : وش سويت؟
سلطان : نظراتِك هذي خففي منها قدام عمتي! ألن واضح لها كل شي!!
إذا في فمك حكي قوليه ماله داعي تطالعيني وكأني سارق ُصوتِك!!
ال ُجوهرة إبتسمت بسخرية : ما أصَدق إنك قاعد تحاسبني حتى على
َي وتقولي وشو له تتنفسين؟
نظراتي! باقي شو
سلطان أقترب أكثر ليُلصق ساقها بساقِه حتى يجعلها ُرغ ًما عنها تحب ُس
أنفاسها من قُربه، تألألت عين يها من طريقته في ذلَها، ارتجف جفنها :
ممكن تبعد؟ وصلت المعلومة وفهمتها زين"
يُتبع
ر للشباك العاِلي الذي تتسلل منه منظر السماء الغائمة ويتس َر ينظ ُر ناص ب
إلى سمعه صوت المطر، وقَف ليسير بال توقف وقلبه يهت ُف بالدعاء في
، لم
"
وق ٍت ُمستجاب كهذا، أو ُل دعوةٍ أتت في باله " اللهم أحفظها وأحفظهم
يعُد عبدالعزيز ولم يأ ِت خب ُره، ُكنت أؤمن بأن األخبار السيئة أحيانًا
تستعذب قلوبنا بفسحة األ َمل حتى تُلهب سمعنا بوصوِلها، قلبي يُخبرني بأن
عزيز بخير وخرج ولكن عقِلي يُناقض هذا اإلحتمال، لو أعلم ما يح ُدث
لكنت أعرف كيف أخ َمن بأمٍر صحيح!! متى ينتهي هذا الو َجع؟ متى نغت ِسل
من هذا الحزن بعذوبَة الصالة في الرياض؟ متى يالله نترك باريس خلف
ظهرنا! يارب أرحمنا كما ترحم عباِدك الصالحين.
على بُعِد مسافات ليست بالطويلة، يقف رائد وهو يطرق الطاولة بقل ِمه :
مفروض إنه سلطان واصل من
ساعات! واضح إنه ما يبي يجي . . !!!
عبدالرحمن : ما توقعت إنه الحكي يهَمك لهدرجة؟
ًوا؟
رائد رفع عينه : عف
َرد حرتك بالحكي مع
عبدالرحمن : حاجتِك فعليًا عنِدي لكن أنت و َدك تب
سلطان ال أكثر!! صح وال أنا غلطان ؟
رائد بإبتسامة يسند ظهره على الطاولة : يعني كاشفني! طيب أنا ماعندي
َي بمنظر سلطان وهو خايب
ُمشكلة بأني أقول و َدي أستلذ شو !
عبدالرحمن عقد حاجب يه : طيب ناصر وش موقعه؟ . . بح َدة أردف . . ال
تحاول تبتزنا فيه!!
رائد يُلحن بصوته ال ُجملة : أبتزكم فييييييه !
عبدالعزيز ببرود ضحك ليقف بعد أن طال جلوسه على األريكة : سايكو!
قسم بالله
إلتفت عليه عبدالرحمن بإبتسامة لم يستطع أن يحبسها، همس : ال تستفزه!!
رائد الذي سمع همس عبدالرحمن : ال خلَه يجرب يستفزني
عبدالعزيز بإبتسامة يحك ذقنه ويُلحن بمثل صوتِه : أوقاات يآخذنا الحكي
وننسى بالحكي أوقات وأوقات ياليت الكالم سكات يجرحنا الحكي . . .
رائد رفع حاجبِه : فاهم وش قصِدك! سبحان الله الخبث فيك أنت وسلطان
بن بدر واحد
عبدالعزيز صخب بضحكته المستفزة ليُردف : هذا وإحنا متعَوذين منك
يتأمل جملته التي يقصد بها أنه " الخبث " بعينه، أقترب
رائد صمت قليالً
بخطواتِه ناحيته، أدخل يِده بجيبه : شايف كم واحد حولي؟ بإشارة مني
تنتهي، حاول تحفظ نفسك!
عبدالرحمن يقف أمامه : خ َل حك يك معي
عبدالعزيز بسخرية أبتعد ليقف أمام النافذة وهو يعطيهم ظهره، نظر
برتيل، نظر
ألجواء باريس الغائمة وبدأت أفكاره تميل ناحيَة غادة نهايةً
للنافذة األخرى لتسقط عيناه على قطعة صغيرة أدرك أنها / متفجرات .
َهد وهو ال يملك القدرة على ق ول
فهم تما ًما ما يُريد أن ي ِصل إليه رائد، تن
شيء، أعطى النافذة ظهره ليتكئ عليها وبدأت عيناه تتأمل الغرفة بتفح ٍص
شديد، سقطت عيناه على أكثر من قطعة متصلَة ببعضها وصغيرة ج ًدا،
غاب عقله في هذا المنظر لحِديث سلطان بن بدر .
"طبعًا حساسيتها تختلف، لكن باألغلب إذا ماكان المجرم يبي يلفت اإلنتباه
أو يدَمر المكان يستخدم المتفجرات اللي تعتمد على الغاز! يعني تنفجر
وتطلق غاز فقط ونطاقها ماهو واسع! مجرد نطاق غرفة يمكن أو غرفتين
بالمكان نفسه حتى ما توصل لل ُدور كله، و المتفجرات اللي نطاقها واسع
تكون متكَو " . . . . نة من
بتَر حديث سلطان الذي يغزو عقله وعيناه تتأمل القطعة الموضوعه في
زاوية السقف، أخفض نظره ليرى التي بجانب النافذة.
لو كانت متفجرات قويَة يُقصد منها التدمير لم يكن سيحتاج إلى أكثر من
َهد ليلتفت بح َدة صوته : أترك
قطعة! هذا يعني أنها غازيَة ال أكثر، تن
نا ِصر يجي هنا
رائد بإستفزاز : خايف عليه؟ ال تخاف ماراح تآكله الفيران تحت
عبدالعزيز بإبتسامة جانبيَه تُخفي غضبه من وجود نا ِصر باألسفل، خاف
أن يختنق إن طبَق رائد خطته الذي خ َم . نها بعقله
رائد ينظ ُر للساعة : في حال وصل آسلي و سلطان ماجاء تر َحموا على
ناصر . . . آممم نسيت شي ما قلته لكم
عبدالرحمن تمتم : صبَرنا يا رب
رائد بإبتسامة : أمس أرسلت رجاِلي لفندق ِري فاِلين
تجمَدت أقدام عبدالرحمن في وقت لم يفهم عبدالعزيز مقصده وال علم لديه
بأن عائلة عبدالرحمن بما فيهم غادة ُهناك.
َي عبدالرحمن المتوجسة : بس حبَيت أحط عندكم علم
رائد ينظ ُر لعين
عبدالرحمن بغضب لم يسيطر عليه : أقسم لك بالله لو يصير لبناتي أو
زوجتي شيء! ماراح تتر َحم اال على نفسك
عبدالعزيز إلتفت على عبدالرحمن : ُهم هناك؟ . . أختي معاهم؟
رائد : أختِك وزوجتك
َف حول حنجرته : و
ٍق يل
عبدالعزيز ضاعت أنظاره بينهما ليلفظ بضي
رجاِلك؟
ِهك يا رائد!!! أ
عبدالرحمن : موجودين . . بس أنا أنب ظن أننا إحنا قدامك
نكفي ونزود، أبعد عن أهلي
رائد : والله عاد على حسب أفعالكم! إذا عكَرتوا مزاجي تح َملوا بوقتها
نتايجكم
عبدالعزيز عقد حاجب يه ليركل األريكة بقدِمه : حسبي الله ونعم الوكيل
،
َمه من ك
يجل ُس بجانبه بعد أن دخل وأطمئنت عيناه برؤيته : يارب تسل ل
شر ويقوم لنا بالسالمة
يوسف : آمين
إلتفت رافعًا حاجبه : فيك شي؟ مالحظ عليك من جيت وأنت يا سرحان يا
َهد
تتن !!
يُوسف : وش بيكون فيني يعني؟ ضيقة وتروح
منصور عقد حاجب يه : وهالضيقة وش مصدرها؟
يُوسف : ال تخليها تحقيق واللي يرحم لي والديك!!
منصور بح َدة : يوسف! جاوبني،
ٍن طويلة حتى لفظ : ُمهرة طلبت الطالق
يوسف صمت لثوا
منصور : ليه؟ سبب فيك؟
يوسف بعصبية : فينا كلنا! تقول مقدر أحط عيني في عينكم ومن
هالخرابيط
منصور : يعني عرفت بموضوع أخوها؟
يوسف : إيه أكيد أمها قالت لها لما وصلت لحايل
منصور تن ا، بالتليفون ما تضبط هالمواضيع َهد : روح لها وكلَمه
يُوسف بضيق : تقول إنها مالها حق تكون زوجتي وأنه منصور ماله ذنب
وإني ضايقت أهلك ومدري أيش! طلَعت مليون سبب عشان نتطلق وما
كلَفت نفسها تطلع سبب واحد عشان نستمر
منصور : أنسب شي إنك تروح لها وتفهمها، وش دخلها فينا! أهم شي إنك
َه أنت مها هالشي
وياها متفاهمين ومالها عالقة فيني أو في أمي وأبوي . . ف
أخوها! هي وش دخلها في أخوها
َ
ألنه واضح إنها شايلة هم !!
َهمها يا منصور! حتى أمها نفسها تضغط عليها
يوسف بإنفعال : وش يف
ُمشكلة إنه
والحين بيوصل الموضوع لخوالها وبيوقفون كلهم بوجهي! وال
هي واقفة معهم ضد نفسها!! قهرتني وهي تس َكرها في وجهي من كل
جهة، قلت لها إذا مستحية من أهلي ومتفشلة نطلع و نسكن بعيد عنهم،
َي واحد
وماتشوفينهم اال بالمناسبات! قلت لها مالك عالقة بأهلي وال بأ
فيهم! بس ما رضت
منصور : أصالً كلنا نسينا كيف وضع الزواج في بدايته! وما أهتمينا
لهالموضوع، وحتى أمي معتبرتها مثل نجال وتغليها وأبوي بعد! ليه
مصعبَة االمور ومطلعتنا كأننا متمنين بُعدها ونكرهها، إذا كرهنا أفعال
أخوها ماهو معناته إننا كرهناها بعد!! وهذي أمها مدري كيف وضعها!
عندها خلل في عقلها مو طبيعي! بالبداية حاولت تهين بنتها والحين تهينها
بعد مرة ثانية!!
يوسف يمسح على وجهه بكفيَه الباردة وهو يُثني ظهره قليالً : و عسى أن
تكرهوا شيئًا وهو خي ٌر لكم، كنت متضايق في بداية زواجي و كرهت
ُعمري اللي خالني أتزَوج بهالطريقة! بس كانت أحلى شي صار لي يا
َما عرفت بحم
َما سقطت ما
منصور، ح َسيت الدنيا مو شايلتني ل لها ول
حاولت أضايقها وأقولها وش كثر تضايقت وح َسيت روحي تطلع من
هالخبر! بس قلت قدامنا ُعمر! وهي أنهته، أختنقت من إني دايم أراعي
هالناس وال واحد ف َكر يراعيني!! وأمها ما ف َكرت أبد بأنه فيه بني آدم
متزَوج بنتها ماهو آلة بتزَوجها وقت ما تبي ويطل بأمر منها!! َقها
منصور أقترب منه ليضع يِده على كت ِف أخيه : وش ِلك بالناس؟ أنا معك
َ مين؟ بكرا نروح أنا وياك لحايل
يا يوسف، إن ما شلت ه َمك أشيل هم
ونشرح لها
يوسف بح َدة دون أن يرفع عين يه : ماني رايح مكان! ماراح أركض وراها
وهي ماحاولت حتى تلتفت !!
منصور : ال تف َكر بهالسلبية!! يمكن هي متضايقة أكثر منك! هذا بالنهاية
أخوها مو واحد من الشارع، ومقهورة عليه ومنه، وعشان ِكذا تصرفت
معك بهالصورة! بكرا نروح ون َحل الموضوع وإن الله كتب ترجع معك
يُوسف أخذ نفس عميق ليرفع ظهره ويستنَد على الكرسي، إلتفت ألخيه :
لو كنت مكاني ما رحت!! أنا ترجيتها يا منصور، كل فكرة جت في بالي
إنها ترضيها قلتها لها وقالت مقدر! سكَرتها بوجهي!!! وش باقي أسَوي
عشان أقنعها؟ أجيها عشان تقهرني أكثر هي وأمها! والله العالم إذا وصل
الخبر لخوالها بعد
،
تفت ُح عيناها على سق ٍف أبيض ال تُحدد تفاصيله إثر الضباب الذي يُخيط
ليؤذيها الكمام الموضوع على
نفسه في محاجرها، مالت برأسها قليالً
ٍن قليلة حتى
ال ُجزء األسفل من وجهها، أغمضت عيناها لتفتحها بعد ثوا
تستوعب الحالة التي وصلت إل يها، رفعت يدها لتنظر إلى األنبُوب الضيَق
المغروز في وس ِطها، بحثت بنظراتها كثي ًرا عن ظ ٍل يُشاركها السقف ولم
تجد أح ًدا بجوارها، عادت للعُتمة وهي تُغمض عين يها مرةً أخرى، لتسيل
دمعةً رقيقة من طرف عينها اليُمنى، دخلت الممرضة لتلحظ هذه الدمعة،
ٍن بسيطة
عادت للخلف حتى تُنادي الدكتور المسؤول عن حالتها، مَرت ثوا
حتى أتاها الدكتور، فتحت عين يها برجف ٍة يرتع ُش بها قلبها، تُريد أن تنادي
أح ًدا تعرفه، أن ترى مالمحه بالقرب منها، هذه العُتمة تُدمع قلبي.
وضع الدكتور يِده على عين يها ليفحصها جي ًدا ويتأكد من وع يها التام،
َرد عليه بشيء
بالفرنسية تح َدث معها ولم ت .
الممرضة : ُربما ال تتحدث الفرنسية.
ُم الدكتور عاد كلمات دة ليست بالقصيرة،
ه باإلنجليزية : ستلزمين الِفراش ل
تحتاجين الجلوس لفترة حتى يلتئم جرحك، طوال هذه الفترة أن ِت ممنوعة
ا
من ع َدة أشياء سنُخبرك بها الحقً
الممرضة نزعت الكمام الِذي يُساعدها على التنفس : تب ُدو جيَدة أكثر مما
هي عليه في الصباح
َودي
الدكتور : هل ت ن قول شيء؟
رتيل نظرت إليه لتُبلل شفت يها بلسانها ودمعُها يصعد لمحاجرها، الدكتور
ينظ ُر للممرضة : أين الذي أتى في الصباح؟
الممرضة : ر َحل! ال يوجود أحد ُهنا
رتيل أخفضت نظرها من كلمات الممرضة، يستحيل أن تُصَدق أن ال أحد
بجانبها ُدون سبب! تقشعر بدنها من فكرة أن أمًرا سيئًا حدث لوالدها أو
لضيء و عبير .
الدكتور : أهدئي! البُكاء سيُرهقك ونح ُن بحاجة إلى راحتك النفسية حتى
َواك الجسدية
تستعيدي ق
كانت تب ِكي دون صوت، عيناها وح ُدها من تُسقط الدمع تبا ًعا.
الحمُدلله حمًدا كثي ًرا طيبًا ُمبار ًكا فيه، و في كل مرةٍ أق ُع تحملني يالله
ِ رحمتك، وتُذكرني بفضلك العظيم الذي ال أدِري مالصوا ُب إتجاهه!
بجناح
ُظ َل هذا اإلتجاه، ليتني يالله أفهُم أنني أعي ُش بعد
أو ُربما أدري ولكنني أ
تجاوز فرصة الموت لكي ينصلح حالي، و ليتني أي ًضا أفهُم كيف أترك
ُط األشياء لتعَوضني عنها، صفة التملك الفظيعة التي ت قلبي بأفعالي
رب
ُمخطئة، وليست أحيانًا بل بالغالب هي التي تُخطئني
أحيانًا تُشعرني بأنني ال
التقدير والتصرف، لو أنني أتخل ُص من هذه الصفة الحا َدة ُربما تركت
ُحبها وتغيَرت، ولكنني يالله أشعُر في كل مَرة أنني أضع ُف
أشيا ًء كثيرة أ
ي، أنا
من التغيير وأنني أسوأ من كل هذا وال أستحق كل الفرص المتاحة ل
أضيع! وهذا " يوجعني ! "
سألها عن الذي أتى في الصباح! من المستحيل أن يرضى أبي بتَركي! ال
َي ظني،
يرضاها إال شخ ٌص واحد، مهما ظنن ُت بك ح َسنًا يا عزيز تُسيء إل
ماذا أفعل؟ أنا ال أقدر والله على أن ال أرى أح ًدا من عائلتي! ال أستطيع أن
أتنفس بصورةٍ منتظمة بغيا ِب أحدهم، أنا لو ُم َت لن أموت من َوج ِعي و
مرضي، سأ ُموت من ُحبي و ُحزني عليه، ُحبي الذي ال يرتبط بشخ ٍص
ُها أبي الرج ُل
ٌط أزلي تترتب عليه أغل ُب جوانبي النفسيَة، أول
واحد، هو ربا
الذي أحمل قلبه في نهايَة إسمي، وآخرهُ الرجل الذي يحم ُل قلبي معه،
يالله! لو أنني ال أب ِكي نفسي.
لتستذكر المشهد األخير، طال اإلستذكا ُر الذي
أغمضت عيناها طويالً
يحيط عقلها، ليختلط عر ُق جبينها بدمعها، غرزت أصابعها على مفرش
َوة من الدماء
السرير وهي تشعُر بأن حج ًرا يح َط على صدرها، شهقت بق
التي تراها، ح َركت رأسها كثي ًرا حتى تُبعد الذكرى من أمامها ولم تقِدر!
عجزت عن ط َي المشهد أسفل قدم النسيان، تح َركت كثي ًرا حتى بدأ صو ُت
الجهاز الذي بجانبها يتصاعد بتصاعد أنفاسها المضطربة، دخلت
ُمساعد في التنفس وتُعيده إليها،
الممرضة سريعًا لتقترب من الجهاز ال
نظرت إلى أصابعها التي تغر ُزها في السرير لتُدرك أنها تغيب عن
الوعي، همست بصو ٍت حانِي : ال أحد ُهنا يُمكنه أن يؤذيك، رتيل؟ . . .
وضعت يدها البيضاء فوق ك َف رتيل لتضغط عليها بلطف : أهدئي،
ستض َرين نفسك بالتوتر!! وهذا ال يُساعدك على الشفاء سريعًا
لم تفتح عيناها بعد، أرتخت أصابعها من على المفرش، شعرت بالمنديل
الذي يمس ُح وجهها قبل أن تدخل في نوٍم عميق.
،
طلَت على والدتِه التي تعتكف على سجادتها، تأملتها لدقائِق طويلة دون أن
تُزعزع سكينتها، خرجت لتتجه ناحية غرفتها، بدأت عيناها تُدقق النظر في
رآها، اقتربت ب ُخطى مبعثرة ناحية مكتبه،
كل قطعٍة تعلم أن " فيصل "
ُها وتحم ُل فوقها دمٌع ال يج َف، أتكأت بيدها على
هذه ال ُخطى التي تحمل
الطاولة لتُمسك بيدها االخرى قلمه، وضعتهُ بمكانه لتجلس على ُكرس يه،
وضعت جبينها على الطاولة لتنجرف بسي ٍل من الدمع.
َصل! كيف تحب ُس روحي معك في فترةٍ قصيرة مثل
يالله يا في هذه! لن
" أحبك "
أقُول " أحبك " بكل ما تحم ُل الكلمة من معنى و صفَة، ولكنني
َمك دقيقة
ريدك بجانبِي وبصفَة أنني زوجتُك، لم يرتاح قل ُب أ
ُ
بمعنى أنني أ
" بمالمحٍ
أن عرفت بأمِر مرضك، إنها تُعاني وتمض ُغ كل " آه
واحدة منذُ
، و ريف أي ًضا! تب ِكيك
ريف "
سا ِكنة ال تجرؤ أن تنهار وبين يد يها "
َي بشفقة، وكأنها
بطريقتها، هي ال تعرف معنى أن ترحل! ولكنها تنظ ُر إل
تعلم بأمرك .
رفعت عين يها لتنظر إلى الكتب المصفَفة بترتيب وتنسيق تام، أخذت إحدى
إلى،
/
/
قرأته"
الكتب لتفتح الصفحة األولى، قرأت بخ ِط يده
" أغلقته لتقف وتفتح ال ُكتب األخرى
الذين ما زالوا يُمارسون الحياة بفقدهم
"
ني؟ " فتحت اآلخر
برجف ِة يد يها " كيف السبي ُل إلى وصالك يا أبي، ُدلَ
أأشتاقُك؟."
أدركت تما ًما أنه يكتب بعد إنتهاءه من القراءة سط ًرا على صفحة كل
كتاب، بخطوا ٍت مرتبكة نزلت لتتجه ناحية الغرفة التي أذهلتها أو ُل مرة
بتصميمها، اقتربت من ال ُكتب وببعثرة كانت بعض الكتب تسق ُط من يدها،
تسق ُط من عين يها على الورق
ً
بدأت تقرأ الكلمات التي تُذيبها دمعة .
ج َربت أنوا ًعا عديدة من ال ُحب، كان أولَ " ها أبي و آخ ُرها ريف، ولكن لم
أ ريد ان ُحب بعد أنثى تحب ُس العالم في عين يها وأساف ُر إليه
ُ
ا بصوتها، أ
أج َرب كيف يح َمر قلبي بقُربها قبل أن أموت "
"أخطأت كثي ًرا" . . . . . .
"و اكث ُر المسميات ُحبًا لقلبي : رائحة الجنة، هذه الجنَة التي أراها في
َي أمي كل صباح
عين "
"كيف أتُوب دون أن أؤذي أح ًدا بمعصيتي ؟ "
"ت ع ب ا ن "
جلست على األرض لتفتح ال ُكتب بأكملها وتقرأ الصفحات األولى سط ًرا
سط ًرا وأغلبها كانت كلمت ين ال أكثر.
"أحيانًا يأ ِت القدر بصورةٍ موجعة ولكننا نتقبله ألننا نعي تما ًما من يح ُكمنا!
الذي يحكمنا / العزيز الرحيم "
"كيف أخبره؟ أنني موجو ٌع اكثر منه، اليوم فهمت تما ًما فداحة خطأي وأنا
أن زوجته لم ت ُمت
أ " ُخبر رجالً
"قلة الحيلة هي أكث ُر األشياء وجعًا "
"أخبرتهُ " !
سيأ ِت شخ ٌص آخر يعرفني عن قُ " " رب، وسيفهم تما ًما أنه مخدوع فيني
"لم يكن أمُر وفاتِك يا أبي عاديًا، أمُر وفاتِك بحِد ذاته جعلني سيء أكث ُر
مما أظن "
وقفت هيفاء والكتب مبعثرة على األرض، غ َصت بالوجع الذي تقرأه بكل
َ كان يكت ُب على صفحات الكتب المخصصة لإلهداءا ِت
كلمة يكتبها، ِلم
للتعبير عن
َ جعلها مساحةً
دائِ ًما والمخصصة أي ًضا للكلمات الجميلة، ِلم
ُحزنه! هل فعلها كي ال يقرأها أحد؟ ولكن كيف وهو جعلني ادخلها متى ما
شئت! ما الخطأ الذي أوجعهُ بهذه الصورة؟ ومن الرجل الذي أخبرهُ عن
حياة زوجته؟ اقتربت من الطاولة األخرى لتسح َب الرف ال ُسفلي، نظرت
لألوراق التي لم يُجذبها بها شيء، أغلقته بح َدة لتصعد مرةً اخرى نحو
الغرفة، بدأت بالبحث في كل جهة عن شيء تجهله، أرادت أن تفهم فقط ما
س َر كلماته التي قرأتها، نظرت لمل ٍف شفَاف يحتوي ع َدة اوراق بجانب
الخزينة، جلست على ركبت يها لتفتحها، قرأت الورقة األولى ولم تفهم شيئًا
سوى " السيد فيصل عبدالله القايد " تركتها لتقرأ األخرى وعين يها تثبت
، عادت ذاكرتها بعد دقائق طويلة من ا
"
عند " عبدالمجيد بن س َط لتأمل ام
ٍر ضيَق تتذكُر تفاصيله
لحوا .
"منصور : هيفا مو وقتك أبد!!
هيفاء : يخي بس وصلني للمشغل ومن هناك انا أرجع مع صديقتي
يوسف إلتفت لوالده : و بو سطام عبدالمجيد وينه فيه الحين ؟
والده : حصلت له مشكلة في القلب وأضطر يتقاعد ويتعالج في باريس
الحين
هيفاء بحلطمة : ياربي! في كل مكان الزم تسولفون عن نفس السالفة!
تعبت وأنا أسمعها! الله يرحمهم بس عاد مو ِكذا
َهد : يوسف بالله روح و َدها ال ترفع ضغطي
والِده تن
يوسف رفع عينه إل يها : عناٍد فيك ماني مو َديك وال راح تروحين مع أحد
ماهو الزم !
هيفاء ضربت قدمها على األرض : أستغفر الله بس!!! مدري على أيش
أنتم أخواني !
منصور دون أن يلتفت إل يها : والحين عبدالمجيد بروحه هناك! يعني أهله
ما ُهم فيه ؟"
عادت لإلسم مرةً اخرى، وهي تُعيد األوراق إلى مكانها، خرجت لتنظر
إلى والدته أمامها، أم فيصل عقدت حاجب يها على رجفتها غير الطبيعية :
هيفا؟
هيفاء بلعت ريقها لتقترب منها : خالتي بسألك سؤال، وأدري إنه مو وقته
بس..
أم فيصل بإبتسامة : أسألي باللي تبين، وش فيه مشغول بالك؟
هيفاء : فيصل كان موجود بالرياض قبل سنة؟
أم فيصل : ال، كان في باريس يشتغل عشان يو َسع أعماله اللي بالرياض
َي هيفاء نظرت إلى عي والدته : عن إذنك خالتي بنام ساعتين من أمس ما
ن
نمت
أم فيصل : بحفظ الرحمن وأنتبهي على نفسك وال تحملينها فوق طاقتها
هيفاء : إن شاء الله . . . صعدت لألعلى وب ُمجرد أن أعطت والدته ظهرها
حتى أنهارت عيناها بالبكاء وير َن في عقلها الذي قرأته قبل قليل، كتَب في
الصفحة األولى من كتاب " حديقة الغروب " ) كيف أنسى أنني قتلتهم
أحيا ًء ؟ (
دخلت الغرفة لتُغلق الباب، لم تستطع الس ير أكثر، سقطت على ركبت يها
وهي تُحيط رأسها بيد يها .
يارب ال تجعل له ي ًدا بما حدث العام الماضي في باريس، يارب ال تجعل
له ي ًدا بما حدث .
هل كان خطأؤه يتعلق بأمرهم؟ من الرجل الذي أغتال زوجته وهي حيَة؟
يارب أر ُجوك ال أريد أن أنصدم بما يحدث، أخرجت هاتفها من ج يبها
ُمتعب : ألو
ٍن قليلة حتى أتى صوته ال
لتتصل على والدها، ثوا
هيفاء بنبرةٍ باكية : يبه
والدها : لبيه يا عيون أبوك
هيفاء : مين عبدالمجيد ؟
والدها بدهشة : وشو؟
هيفاء : مين عبدالمجيد ؟ وش عالقته بفيصل ؟
والدها : بسم الله عليك وش صاير لك؟ ماني فاهم وال شي
هيفاء : العام اللي فات كنت أنت ومنصور ويوسف تحكون فيه! مين ه و ؟
والدها : هيفا! وش سمعتي عشان تسألين عنه؟
هيفاء ببكاء : ما سمعت شي! أبي أعرف مين عبدالمجيد هذا ؟
والدها : زميل لنا بالشغل
َي
هيفاء برجاء : يبه تكفى! تكفى ال تكذب عل
والدها : أول شي أهدي وفهميني، ليه كل هالبكي؟
هيفاء : راسي بينفجر من األفكار اللي تجيني، فيصل يقول أنه غلط وماهو
َرت فيه و أنه خبَى عن شخ
قادر يصحح غلطه ويقول إنه وفاة أبوه أث ص
أنه زوجته حيَة وأنه ماهو قادر يسامح حاله و أنه ذبح أشخاص كثييير ..
َو سألت خالتي تقولي إنه كان في باريس ذيك الفترة! يبه تكفى قولي بس
وت
وش عالقة فيصل فيه؟
والدها بدهشة حقيقة جعلته يصمت.
هيفاء بصو ٍت يتعالى بالبكاء : يعني صح؟ اللي عرفته صح؟ فيصل له يد
باللي صار لعايلة سلطان العيد !!! قولي يبهه صح
والدها : لو شاك بفيصل
٪ما زَوجتك إياه! يبه أن ِت فاهمة غلط
هيفاء : ال ماني فاهمة غلط، أنا قريت كل شي! عشان ِكذا جَو بيتنا
وأعتدوا عليه . . بس مين ؟ إذا العايلة نفسها ماتوا !
َهد : هيفا حبيبتي فيه أشياء كثي
والدها تن ر ما تكون واضحة قدامك وهالشي
يخليك تخمنين بأشياء كثيرة ممكن توجعك وهي غلط!!
هيفاء بتو َسل يهَز غصن أبيها : أبي أشوفه طيَب! ليه تمنعونا نروح له!!
بموت يا يبه من التفكيير والله بموت
والدها : هيفا . . أتر َجاك! أهدي
هيفاء : تكفى يبه، تكفى بس بشوفه . .
والدها بضيق : طيب، الحين أمَرك بس ال تقولين ألمه عشان ما تتضايق
هيفاء مسحت بكفَها دموعها : إن شاء الله . .
يُتبع
باريس قبل الجليد و ال ُحزن والبكاء، يجل ُس بمقابله .
فارس : وش قررت؟
عبدالعزيز نظر إلى عين يه التي ال تشي بأمٍر حسن وال سيء : وش
يض َمني يا فارس؟
فارس : أنت عارف إني قادر بسهولة أقول ألبوي وش تخططون من
وراه! كل هذا ما يخليك تثق فيني؟
َهد : مهما تصرف أبوك مستحيل توقف ضَده
عبدالعزيز تن
فارس : صحيح، مستحيل أوقف ضَده لكن ممكن أوقف مع غيره وهذا ما
يعني إني ضَده
عبدالعزيز : وإن حصل شي لعبير من أبوك؟
ما حفظت س َر فارس : مثل ك عنده بحفظها
عبدالعزيز فهم تهديده المب َطن : يعني؟
فارس : حاليًا أنا أكثر تمسك بعبير، وماراح أرضى إنها تروح لغيري
عبدالعزيز إبتسم : تهددني؟
فارس : ما أهدَدك! لكن مثل ما تبي مصلحتك أنا أبي مصلحتي
عبدالعزيز : يعني أفهم من كالمك إنه مطلوب مني أروح وأقنع بوسعود
بمشعل اللي هو أن ت !! وبتتوقع إنه راح يصَدق ويبارك لك!! مستحيل أنا
أعرف بو سعود إذا ما سَوا لك بحث شامل عن أصولك ما يرتاح
فارس : وأنا ليه أبيك؟
عبدالعزيز ضحك بسخريَة : تبيني أبيَن له إنه ما على عبير خوف معاك!!
مجنون؟
َهد بح َدة : عبدا
فارس تن لعزيز!!
عبدالعزيز : هذا زواج ماهو لعبة !
فارس : على أساس إنك تزوجت بصورة طبيعية؟
ًوا؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : عف
فارس : قدام أبوي قلت إنك متزَوج وحطيت بوسعود أمام األمر الواقع!
صح كالمي وال معلوماتي خطأ؟
عبدالعزيز نظر إليه بج ُمود : أنا غير وأنت غير!!
َي فارس : ت وحدة فيهم لكن سألت نفسك ليه أبوها
زوجت وأنت ما تعرف أ
ما أختار عبير ُرغم أنها األنسب في ظروفك ؟
عبدالعزيز : ال يكون هذي من تخاريف أبوك اللي مصَدرها لك
فارس : أبوي ماعنده خبر!! أنا اللي أتصلت، وبعالقاتي قدرت أهددهم لو
تزَوجت عبير ماراح يحصلهم خير!! و هالكالم وصل لمقرن وبعدها
وصل لبوسعود، وأنجبروا يختارون الثانية
عبدالعزيز بإبتسامة باردة : هذا الخبر ما كان يدري فيه . .
يُقاطعه : أبوي وأنت و بوسعود و مقرن و سلطان، كيف تس َرب لي؟ هذا
اللي تبي توصله . . قلت لك من قبل أعرف أكثر من اللي تعرفونه ولو
رت من زمان لكن هالشي راجع لعقلي اللي ما يف َكر يض َر أبي أهددكم قد كم
بشي
ٍن طويلة حتى نطق : وش اللي تعرفه؟
عبدالعزيز صمت لثوا
فارس : أبوي مو غبي! حط هالشي في بالك! إذا ما كشفك اليوم، بيكشفك
بوقت ثاني وراح يمثَل عليك ويمثَل على غيرك، أنا أكثر شخص أعرف
أبوي وطريقته، سبق وسَواها بأبوك و بومنصور، على آخر لحظة قلب
كل شغلهم وكشف معرفته بكل األمور في الوقت اللي كانوا يحسبون فيه
إنه محد داري !!!
عبدالعزيز عقد حاجب يه : ليه تقولي هالحكي؟ ما تخاف أروح لهم وأقولهم
ونغيَر كل خططنا!!
فارس بهُدوء ُمهيب : واثق فيك
عبدالعزيز : فارس . . .
َس فيك، إذا أنت تحس إنك منت مناسب
فارس : أنا فاهم وش تفكر فيه وحا
لهالشغل أنا أحس كل يوم إني في بيئة ما تناسبني!! ال تتوقع وال في لحظة
إني بغدر فيك، عبدالعزيز بقولك شي وما أظن راح أتجرأ أقوله ألحد
غيرك
عبدالعزيز رفع عينه إل يه، كانت عينا فارس شر َسة بالشفافية والوضوح
الذي بدآ يغُزوها، بلع ريقه : وشو؟
فارس : أنا مراقب بيت بوسعود من قبل ال تجي الرياض، وأعرف كل
شي يصير فيه، ألن السَواق اللي عنده كان يشتغل عندنا من زمان و
َما حصل
ي، و ل
َوصل للسَواق األخبار وهو يو َصلها ل
الشغالة نفسها كانت ت
أمر زواجك تس َمع على بوسعود ومقرن وكانوا يخططون على عبير،
وقالوا أنه ر َدة فعلها بالمستقبل ماراح تكون إنفعالية مثل . . أختها
َما كلمت اللي أتعامل معه واللي يربطني بأبوي قالي عن
الصغيرة، و ل
الموقف اللي حصل وإنك تكلمت وقلت إنك متزَوج بنته . . . وطبعًا كل
هذا أقوله لك بدون فخر
عبدالعزيز بدهشة : وكل هذا عشان أيش؟ كيف عرفتها؟ وشلون عرفتها
أصالً؟ أنا من جيتهم طلعاتهم تنعَد على األصابع بالشهر الواحد، كان مشدد
عليهم بوسعود كثير!!! كيف . .
فارس : هذي سالفة طويلة
عبدالعزيز : ال تف َكر تقوله ألحد غيري ألن فعالً فيه قلة رجولة! كيف
تسمح لنفسك إنك تراقب بنت؟
فارس بضيق : ما راقبتها بعيوني! اللهم أخبارها هي اللي كانت توصلي
عبدالعزيز : ووش السالفة الطويلة؟
فارس : أبوي كان يبي مزرعة بوسعود وأستغلني ألني مبتعد عن األجواء
ومحد يعرفني، وكلمت صديق لي إسمه عبدالمحسن اللي كان يعرف أحد
معارف بوسعود و بعزيمة أجتمعوا كلهم وضبطوا وضع المزرعة إننا
نأجرها منه لكن بوسعود رفض وقال إنها حاللنا نجلس فيها متى مانبي
َما جيتها أول يوم كانت أغلب الغرف مقفلة لكن فيه غرفة لقينا مفتاحها
ول
بالوقت اللي راح عبدالمحسن فيه، ومن فضولي فتحتها وكانت غرفة عبير
عبدالعزيز بغضب تتسارع كلماته : وش لقيت فيها؟ كيف عرفت إنها
عبير؟ يعني شفتها؟
َي عزيز : لقيت صورها موجودة
دون أن يضع عينه بعين
عبدالعزيز بسخرية غاضبة : وطبعًا مشيت على مبدأ شفتها وخذت قلبي
َهد بضيق : ال طبعًا! بس ألني محبوس وزين أطالع الس َما قامت
فارس تن
تشغل عقلي وقررت أبحث عن رقمها وأشغل وقتي فيها، يعني كانت
مجرد تسلية
عبدالعزيز بح َدة أعتلت نبرته بشتيمٍة قاسية في وجه فارس.
َي؟
فارس نظر إل يه بغضب : ممكن تخليني أكَمل قبل ال تحكم عل
عبدالعزيز : ال تتوقع إنه عقب حك يك بأقتنع وأقول والله كفو راح أقنع
بوسعود فيك وأنت تراقب بنته من سنة وأكثر!!
فارس : حبَيتها يا عزيز، بس تدري وش عقابي من هال ُحب؟ ُعمرها
ماحاولت تعطيني فرصة كانت دايم تبتر الطرق اللي توصلني لها!! كان
َي فعل
إيمانها أقوى من إني أزعزعه بأ !!
عبدالعزيز: األساس غلط وزواجك منها الحين غلط وكل شي مبني على
غلط ال تف َكر تصححه
ي فار قوله لنفسك وال أنا غلطان؟
س : هالكالم بدل ماتقوله ل
عبدالعزيز : قلت لك ال تقارني فيك!! زواجي وإن كان ممتلي أغالط لكن
هي عندها علم فيني وبإسمي أما أنت تبي تخدعهم كلهم! إلى متى؟
فارس : أنا عارف والله العظيم إنه محد يرضى على بنته بهالشي! وأنت
لك عبير بشي ع َص اللي ما تقرب بت!! لكن هذا شي حصل مقدر أكذب
وأقولك بمثالية إنه أموري تمام وأنا خالي من العيوب، أنا غلطت وأعترف
ِلك إني غلطت عشان أكون واضح قدامك بدل ما أكون واضح قدام
عبدالرحمن و تخرب كل أشغالكم المتعلقة بأبوي
عبدالعزيز يُبلل ريقه بمياٍه باردة، نظر إل يه بح َدة : كلنا نغلط! لكن غلطك
يجلط القلب
فارس إبتسم : والنتيجة؟
عبدالعزيز : النتيجة الله يسلمك تب َطل مراقبة بيت بوسعود!! وأهله
فارس بضحكة : وبعدها؟
َهد : الله ال يبارك في العدو . . طيب
عبدالعزيز تن
فارس صخبت ضحكته ليلفظ : الثقة ماهي شي إرادي تذ َكر هالشي، وأنا
داري ومتأكد إنك واثق فيني لكن ما يساعدك صوتك باإلعتراف
عبدالعزيز إبتسم ُرغ ًما عنه : بس والله لو حصل شي غير اللي اتفقنا عليه
بوقَف بوجه هالزواج وماراح ت َشم ريحته
عاد لوجه رائد ولعين يه، كانت كلمات فارس ُمنبَهة منذُ ذلك اليوم ولكن
نح ُن الذين طمعنا بإستغفاله حتى ُصدمنا، إلتفت إلتجاه صوت رائد
الساخر/الشامت : تأخرت يا بوبدر؟ هذا وأنت دقيق في مواعيدك
، نزلت أياِدي
"
تأمل الوضع وهو يبحث بعين يه عن الفرِد المفقود " ناصر
رجاله الذين يفتشونه ألقدامه، سلطان تجاوزهم وهو يخ ُطو على يِد إحدى
ًوا
الرجال بتعَمد : عف
رائد وضع قدًما على قدم فوق الطاولة ببرود : إتفاقنا ماشي وال ناوي
تخربَه عشان أخربه معك
سلطان تنحنح حتى لفظ : وين ناصر؟
رائد بإبتسامة مستفزة : ب َح!!
سلطان ببرود يجلس بجانب بوسعود : إذا تبي تتعامل بهاألسلوب أبش َرك
عندي أسلوب همجي يليق فيك
رائد : طيب خلنا نحط عبدالعزيز بالصورة، مين ورى حادث سلطان العيد
يا بو بدر؟
عبدالعزيز أطلق ضحكة قصيرة من جو ِف قهره ليقف وهو يقترب من
النافذة ويضع يد يه بجيوبه
عبدالرحمن : أظن إنه ماهو موضوعنا! والحين جاء وقت يطلع ناصر
رائد بهدوء : مين اللي قال نبي عبدالعزيز ألن ما وراه أهل!!
سلط